عمر البشير الترابي
توقع المراقبون([1]) انتهاء الصعود الإسلاموي بصبغته الأصولية في الخليج العربي؛ في العشرية الأولى من القرن الحالي، وفقًا لعوامل فشل النموذج الإسلاموي في التجربة العملية؛ وفقدانه مساحات التنظير الفضفاضة الافتراضية والمفتوحة، حين دخل في التجربة الواقعية المحددة والضيّقة؛ في (إيران والسودان وأفغانستان والصومال وفلسطين)([2])،
وقدّم نموذجًا شموليًا مستبدًا فاق كل النماذج المؤدلجة السابقة. وأثبتت العجز عن مسايرة النموذج الحداثي العصري لحياة الفرد؛ وحاول الاستغناء عنها بالتكسّب من الرابطة الاجتماعية التقليدية الأممية الدينية؛ مستمدًا الشعبية من الارتباط بقضايا مصيرية أممية الصبغة، ورافعًا شعارات فضفاضة لنصرتها على حساب التكوينات المدنية الحديثة مثل المواطنة والدولة، والتعاقدات الاجتماعية الحديثة كالعقد الاجتماعي و الحريات الشخصية الفردية.
إلا أن هذا التوقع بانتهاء الفورة انقلب في العام (2011)، الذي جاء في أعقاب أزمة مالية أضرّت بالكثير من الدول، و تسرّب وثائق ويكي ليكس التي أثارت الحنق الشعبي، و غيره من بلايا “جمّعن المصابينا” فانفجرت فيه ثورات الغضب، الموجه وغير الموجه. فتوقع المراقبون بعدها عودة الدماء للتيارات الإسلامية، وفقًا لاستغلالها للأحداث وتفاعلها معها، واستفادتها من المساحات الجديدة للمراوغة، فأُفق الواقع الآن يسمح بالتنظير في البلاد التي ثارت (مصر، اليمن، ليبيا، تونس، سوريا ..)، و الواقع يسمح للجماعات بممارسة المعارضة في البلاد التي تمنّعت مثل دول الخليج، على حسّاب التيارات الليبرالية والمدنية و اليسارية الأخرى
فالدفاع عن شرعية المقاومة، وفوز جماعات إسلامية – توسم بالاعتدال وتحظى بثقة جماهير غفيرة في الكويت والبحرين والمملكة العربية السعودية – عبر القنوات الشرعية، أو من خلال العمل السرِّي ونجاحها في تقديم نفسها كبديل مُفترض، و استدرارها العطف بتقديم ذاتها ضحية([3])، لاضطهاد التمييز الديني في العالم العربي؛ و إلحاح الإسلاميين على حقهم في نيل فرصتهم، وافتراض شعبويتهم بأمرٍ من الثورات في الدول الثائرة، واستغلال التجاهل الغربي للنفحة الإسلاموية الجديدة (المتجاهلة) في الثورات العربية([4]). هذا كله يشير بحسب البعض إلى عودة التيار الإسلاموي إلى الساحة؛ على الرغم من أن هذه العناصر لا ترتبط بشكل مباشر بالإسلاميين فحركة “المقاومة” في العالم العربي لم تقتصر يومًا على الإسلاميين فقط. ويوجد ضحايا يساريون وليبراليون، للأنظمة في العالم العربي. ولكنّ قُدرة الإسلاميين على إنتاج خطاب براغماتي يتلون بلون المصلحة، مكنهم من الادعاء. كما جدد الإسلاميون خطابهم السياسي ورفعوا شعارات جديدة –أو منسية، أو يحملها جيل كان منبوذًا منهم- مثل الدولة المدنية، الديمقراطية، الحريات، وغيرها. أصبحوا يرددونها في العالم العربي كله بما فيه الخليج بصوت قويّ مطلبي مُتكسِّب.
ترصد هذه الورقة سيرة الإسلاميين في الخليج، وتقلبها مع الأحداث، وموقفها أثناء وبعد الاحتجاجات العربية الأخيرة (2011)، وتحاول رسم الخطاب الإسلاموي الجديد، وتختبر قدرته على الاستجابة لأسئلة الواقع في ظلّ التعدد الموجود في بيئته؛ و الخصوصية التي في منبته، ومواءمته لتاريخه، ومصادماته لأولويات الولاء، كما تشير الدراسة إلى التباين، في مواقف الإسلاميين بتوزعهم الجغرافي وتجاوبهم المختلف مع الخطابات.
جماعة تقود أخواتها
هذه الورقة ليست مقصورة على دراسة جماعة واحدة بالضرورة، ولكننا نقصد أن واحدة من الجماعات زاد أثرها بما زاد حظوة المجموع الإسلاموي، فقد تتفرّغ سلفية أهل الحديث في سلفية جهادية، أو يتوزع السرورية إلى إخوان مسلمين صرف، أو غير ذلك، فذلك تعدّه الدراسة إعادة تشكيل لا تغير من المعنى الكثير، فالمقصود بهم كل من استخدم الإيديولوجية الإسلامية للوصول إلى السلطة الاجتماعية أو الرسميّة.
و تُركّز الدراسة على الخطاب الإخواني، أو الامتداد الإخواني، لأنه هو الذي يمثل الصبغة السياسية في الغرض والهدف والمضمون بشكل واضح من بين الخطابات الإسلاموية الأخرى، وهو الأحظى بالرواج والأقدر على التجنيد([5])، لأنه لا يخاطب الآخرين وفقًا لما يملك بل وفقًا لما يملكون، و يشكل الدور الأهم في المجموعة الإسلاموية كاملة، وهو الأقدر على رسم الخطاب الإسلاموي بعد اللحظات المفصلية العظيمة؛ ولعله يكون المسئول الذي ينساق وراءه غيره من الإسلاميين ولو بعد حين، وذلك يمكن رصده في العقود الأخيرة. فاتفق أن يكون الآخرون مرآة متأخرة عنهم، يتبعون براغماتية الإخوان، وفي كل الخطى يتبعونهم بعد تأخّر، فحينما يقبل الإخوان بالديمقراطية على مضض تتبعهم السلفية، وإن دخل الإخوان البرلمان اقتفوا أثرهم ، و إن رفعوا مطالب حقوق المرأة قاربوهم، فلا فرق جوهريا سوى أن الإخوان يتقدمونهم بضع خطوات في الطريق ذاته.
وجود الإسلاميين في الخليج:
كان وجود الإسلاميين في الخليج في النصف الأول من خمسينيات القرن الماضي ضعيفًا جدًا([6])، إلا أنّ هذا الوجود بدأ يتقوى تدريجيًا، شأنه شأن التيارات الأيديولوجية الأخرى التي حاولت التعاطي مع إنشاء الدولة في أعقاب الاستقلال من المستعمر، طروء القضية الفلسطينية -كقضية قومية أممية تستدعي حشدًا جماهيريًا، استغل الإسلاميون لحظات تاريخية ساهمت في انتشارهم، فالتيار الإسلاموي في الخليج بدأ يتقوى ويتنامى في أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات، إذ كان يتغذى في النصف الأول منها على رغبة السلطات –وإن كانت رغبة مستترة- في مجابهة التيار اليساري أو القومي لأغراض أمنية ولإحداث توازن فكري يحول دون تحول الجماعات الفكرية إلى جماعات ضغط حقيقية؛ فتمت رعاية الواجهات الإسلاموية (السلفية-الإخوانية)([7]) رعاية شبه رسمية لأنها كانت الجناح الأضعف حينها([8]) والجناح الذي لاخوف منه، فبدأت تتشكل الجماعات كتيار في السعودية، وكجمعيات تعمل في الأنشطة الخيرية في البحرين والكويت والإمارات([9])، و اهتمت بالنشاطات الثقافية، وجاءت ذروة النشاط التجنيدي والكسب الكبير للتيارات الإسلامية “إثر هزيمة الأنظمة العربية القومية في حرب الخامس من حزيران 1967 التي نتج عنها تراجع الطروحات القومية، وتزامن مع ذلك التراجع حدوث انشقاقات داخل التنظيمات القومية”([10])، و شكّل فشل الأطروحة القومية وجفاء النموذج اليساري لمتطلبات أو التركيبة الاجتماعية في الخليج دافعًا للارتداد نحو الخيارات التقليدية والانكفاء إلى الروابط الدينية، والإيغال فيها بوصفها حبلاً يُتّصبر بوعده وأملا ًللخلاص من الإحباط الروحي الذي عمّ بعد الهزيمة. تنضاف إليه عوامل أخرى ساهمت في الفورة الإسلاموية ونمو التيارات الأصولية، كانت تلك من أوضح الفترات التي انتعشت فيها التيارات الإسلامية، وكانت الواجهات السياسية للإخوان في الخليج ممثلة في جمعية الإصلاح في البحرين (تأسست 1941؛ والآن ذراعها السياسي جمعية المنبر الوطني الإسلامي)، وجمعية الإرشاد الإسلامية في الكويت (تأسست 1952، وأغلقت في 1961) وأنشئت على أعقابها جمعية الإصلاح الاجتماعي (في 1963) وانتهت إلى الحركة الدستورية الإسلامية بعد التحرير، و جمعية الإصلاح في الإمارات (تأسست 1974 في دبي، و رأس الخيمة)([11])، و غير هذه التجمعات التي لم تقتصر على التيارات الإخوانية، بل كان للسلفيين والشيعة حضورهم أيضًا، وفق تجمعات مشابهة وواجهات.
نَشط الإخوان المسلمون في العمل الدعوي، ونجحوا في استقطاب شرائح مختلفة من المجتمع الخليجي من خلال توغلهم في المؤسسات والجمعيات الشعبية، وشأن الإخوان في التشَّكل بحسب البيئة فقد كيّفوا([12]) جهودهم بحسب المساحات التي تتاح لهم؛ ففي المملكة العربية السعودية، ركّز الإخوان على التعليم والاهتمام “بطلبة العلم”، وإقامة المهرجانات والمسابقات العلمية، وتنظيم السفرات السياحية، وغالبًا ينحسر نشاط الإخوان في السعودية ضمن مؤسسات المجتمع (المدني)، ومن دون التدخل المباشر في الشؤون السياسية.([13]) جاءت الموجة الثانية من الانتعاش مرتبطة بعدة أحداث في ثمانينيات القرن الماضي منها الثورة النفطية، و حادث احتلال الحرم المكي إذ استغل ما عُرف بتيّار الصحوة الترتيبات الحكومية في المملكة العربية السعودية في أعقاب الحادث الذي قامت به جماعة جهيمان العتيبي، فتكثفت نشاطات الصحوة الدينية في تلك البيئة، بل وحظيت بعناية شبه رسمية ونالت “رعاية أبوية من الحكومة والعلماء الرسميين” ([14]) ذلك في بداية الثمانينيات([15])، ينضاف إليها الأثر الكبير للحرب الأفغانية السوفيتية أو ماعرف حينها بالجهاد الأفغاني (1979- 1989)، فقد صعدت بالشعارات الإسلامية إلى الواجهة رافق ذلك نشاط إخواني كبير في الخليج،وتأثّر ذلك -إلى حد ما- بالحراك الإسلامي النشط في الأقطار العربية والإسلامية الأخرى التي شهدت صراعات النماذج الحداثية والإسلامية في أطروحات الحكم، وكان الحراك الإسلامي في العالم كله –تقريبًا- يعتمد على المال الخليجي بشكل خاص،تضافر لذلك عاملان: الأول أبوية المملكة العربية السعودية للإسلام السُّني، والثاني رغبة التنظيمات الخارجية الإسلامية في استمرار تلقي المال من المملكة والخليج وما يحتاجه ذلك([16])، فبُذل لأجل تأمين هذا المال نشاط (تسويقي- ترويجي- تجنيدي –دعوي)محموم، ساهم فيه الوافدون من الإخوان المسلمين العرب إلى الخليج (بخاصة السعودية و قطر)، أو المتسلّفون من العرب في بلدانهم خارج الخليج،استغلالاً لمنهج بعض الدول السلفية بخاصة المملكة العربية السعودية التي أصبحت في الربع الأخير من القرن الماضي محضنَ ومنبع و معين السلفية فكرًا ومالًا، و الداعم الأول لكل صوت إسلامي عالٍ حتى ولو كان خارج الإطار السلفي، وغالبًا ما يكون إخوانيًا مماهيًا السلفية في طرحه.
متسابق وحيد
في الوقت الذي ضُيّق فيه على التيارات الأخرى: المسلمة كالصوفية، الأشعرية، وغيرهم، اليسارية الليبرالية، العلمانية، وغيرها، استطاع الإسلاميون بذكاء الوصول إلى أكبر الأندية الإعلامية ومنابر النفوذ، فبدلًا من أن يستمع المراهق إلى شرح الأربعين حديثًا للنووي في المساجد، يقدم الصحويون له معها جرعة من فقه الأحكام السلطانية، و تعاليم سيد قطب في معالم في الطريق، فكانت بيدهم آلة الإعلام الأقوى في المجتمع المسلم–حينها-، وتحظى رحلاتهم السياحية في البراري والصحاري برعاية من مؤسسات وجمعيات حكومية وأهلية ومتبرعين، وتلك آلة للتجنيد لا غبار عليها عند السلطات، ولا غرابة من فوز المتسابق الوحيد في الحلبة.إذ كان المثقف الوطني أو اليساري أوالليبرالي أو الصوفي والمسلم غير المؤدلج عمومًا محصورًا خارج المضمار، يحاول أن يستخدم الوسائل النخبوية –حينها- في الصحافة وغيرها دون طائل أو كثير رجاء. أمام إسلاميين شباب ملئوا بالحماسة، ووجدوا الوافدين الإخوان المليئين بالخبرة و الحاجة والشوق إلى العمل التنظيمي.([17])
المد والجزر..
إجمالاً يمكن القول بأن حركات الإسلام السياسي والإخوان في المنطقة عاشوا(ربيعًا) تضافرت له العوامل، إلى أن جاءت حرب الخليج الأولى، بين العراق وإيران إذ وقفت فيها الدول العربية والخليجية مع العراق بقوّة وانخذل الإخوان وتنظيمهم الدولي فأدانوا العراق في البداية وحمّلوه “مسئولية اندلاع الحرب، بهدف القضاء على الثورة الإسلاموية الإيرانية”([18])،فوافقتهم التنظيمات المرتبطة بهم في الخليج –عدا جمعية الإصلاح في البحرين فقد ساندت العراق- وبعد فترة لامَ الإخوان المسلمون الإيرانيين وحملوهم وزر استمرار الحرب، التنافر مع الموقف الرسمي كان بداية علنية جدًا من التباين والتضاد و إيذانًا بالجزر بعد المد، ومع حرب الخليج الثانية بدأت خلخلة العلاقة التنظيمية، كان موقف الجماعة ضد تحرير الكويت، مما سبب حرجًا للإخوان الخليجيين، أمام شعوبهم وحكوماتهم، مما تسبب في خروج الإخوان في الكويت جزئيًا من التنظيم الدولي([19]) والبقاء على مبادئه والصلات الودية.
الخلاصة أن وجود الإخوان بدأ يتضعضع منذ تلك الفترة أو بعدها بقليل. هذا التضعضع كان لصالح السلفية الذين انطلقوا نحو رؤية سياسية مستفيدين من أدبيات الإخوان في كسر جمود الفقه السياسي السلفي،وقد استفادوا من مساحات الحراك الصحوي، وتعدد المدارس السلفية، التي توالدت من الحماسة والاختلاط بالعناصر الإخوانية.
وكانت العلامة الفارقة في المسيرة الإسلاموية، هي أحداث 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية فقد أعادت الإخوان المسلمين –بخجل- إلى الواجهة، بوصفهم “إسلامًا معتدلاً”، ولقدرتهم على محو التاريخ العنيف للجماعة، و تنميق العبارات الحديثة، وبالرغم من أن الحكومات كانت على علم بخطورة هذه الخطوة إلا أنّ التعاون كان تعاونًا اضطراريًا، فالرد على الانفجار السلفي الفكري والحركي، يحتاج خبرة التجربة الحركية الإسلامية([20])، وإلى الخطاب الخالي أو (المتخلي)من/عن العنف، وإلى المعلومة الاستخبارية، أيّا كان صواب هذا التعاون من عدمه، و قد دعمت رغبة الحكومات و براغماتية الإخوان هذا التحول. فصعد بعد ذلك نجم الإخوان، وحققوا النجاحات تلو النجاحات في الخليج وغيره، وفازوا في غزة، وحققوا إنجازًا انتخابيًا في الكويت، ربما كان ذلك فرحة من الناخبين بوجود خطاب إسلامي معتدل، ولكن تلك الفرحة لم تكتمل، بحسب نتائج الانتخابات التالية، فمالذي حدث!
هل ضعف نفوذ الإخوان الشعبي؟
الكويت:واجهة الإخوان المسلمين الأخيرة “الحركة الدستورية الإسلامية” (حدس) التي استطاعت الاندماج في العملية السياسية البرلمانية وبرزت كلاعب أصيل أحرز الكثير من الدرجات، مُقارنة بغيرها من حركات الإخوان، فبعد إنجازات 2006 الانتخابية، تراجع الإسلاميون عامة و”حدس” خاصة في انتخابات 2008 و 2009([21])؛ وأشارت النتائج إلى انحسار شعبيتها؛ إذ فقدت الجماعة نصف حظوتها البرلمانية وأكثر، وشكل ذلك في نظر المراقبين مصداقا لدعوات تراجع المد الإخواني؛ لصالح التكوينات الأخرى إما المبنية على القبائلية والرابطة الاجتماعية التقليدية (القبيلة، الطائفة)([22]) أو الليبرالية الجديدة والمرأة و غيرها.
في البحرين سجّلت انتخابات 2010 خسارة كبيرة للإخوان المسلمين،([23]) وسجّل الخطاب العام للإخوان المسلمين في الدول الأخرى انحسارًا وميلاً للدخول في العمل الانعزالي بعد الرفض الجماهيري والرسمي لأطروحات الجماعة، كما نقلت بعض التحليلات أن الجماعة حلّت نفسها في قطر و السعودية، وانحسر مدها في الإمارات في الفترة ذاتها.
وتؤرّخ دراسة نقدية–ربما يصح تصنيفها بأنها نقد داخلي- انتشرت في مواقع الإخوان ومنتدياتهم الإلكترونية للناشط السعودي -مهنا الحبيل-يشير فيها لأسباب تراجع الإخوان في الخليج ويشرح الظاهرة فيقول:”لقد شهدت الساحة الشعبية وتوجهات القاعدة الإسلامية لفكر الإخوان تحولات كبيرة في العهد الأخير وصلت إلى حد التصفية السلمية الطوعية في بعض المناطق كوسط المملكة العربية السعودية و جزئياً في بعض مناطقها الأخرى وبعض أقطار الخليج أي إن المفاهيم الأساسية لمدرسة الإخوان لم تعد قائمة لدى هذه الجماعات ولكنها قررت بالفعل التحول نحو فكر التيار السلفي المحافظ في الغالب، ولو بشيء من الاختلاف في النظرة إلى قيم الحياة والمجتمع.وهذا التحول إنما نقصد به أركان الفهم الأساسي لمدرسة الإخوان، كون أنها كانت أبرز مدرسة فكرية معاصرة تحتضن منهاج أهل السنة وتنطلق للتبشير بالمشروع الإسلامي الحديث بغض النظر عن انحرافات هذا التنظيم أو ذلك التنظيم من أقطار الوطن العربي، ولذا فإن بعض الصراعات إنما تتم في أحيان كثيرة على مصالح حزبية وليس على خلافات فكرية مع التيار السلفي.”وبعد أن أكّد الحبيل تراجع الإخوان في الكويت والبحرين والإمارات والسعودية وعُمان، أرجّع الكاتب ذلك إلى تأثيرات الخارج(التنظيم الدولي والإخوان في مصر والأردن وسوريا) على الخليج، إذ أثّرت بشكل سلبي–بحسب المهنا- “المواقف السياسية المعلنة من التنظيم وقياداته حول القضايا الإقليمية والعربية والدولية” “على الشارع المتعاطف معَ الإخوان في كل الخليج ” مثل: “موقف التنظيم الدولي من مشاركة الحزب الإسلامي العراقي في مجلس الحكم الذي أسسه بول بريمر، فقد أكد الإخوان الدوليون أكثر من مرة على أن هذا التنظيم وبقيادته الحالية أي د. طارق الهاشمي والمكتب السياسي للحزب يمثلون جماعة الإخوان المسلمين”. و “فوجئ الرأي العام الإسلامي في الخليج من أن حجم التأييد لحزب الله في لبنان كان أقوى بمراحل من تأييد حركة حماس وكان تجييش الشارعْ لمصلحة حزب الله أقوى من تجييشه لحركة حماس”، وأضاف أيضًا أن أسباب النفور من الإخوان : “قمع الإبداع الفكري والمبادرة الفردية”، و “غياب الشورى الداخلية الحقيقية” ([24])
الثابت أن الإخوان بدأوا يفقدون، والخلاف في أن هذا الفقد يتجه نحو السلفية التقليدية أو غيرها، أي أن الانتقال كان إلى السلفية السياسية الجديدة الخليجية أو إلى التيارات القريبة الدينية،لا تعدو هذه الظاهرة أن تكون تفسيرًا مضطربًا لاضطراب الجماعات ودقة الفوارق بينها، ربما هي ظاهرة تسلّف الإخوان.([25])
أيًّا كان مؤدى هذا النقد الداخلي، فقد بدت على السطح بعض الأسباب أدت إلى عزوف الجماهير عن الجماعة حسب رصدنا، أختصرها في النقاط التالية:
من جرّب المجرَّب ندم :
يشير الباحثون إلى أن العديد من التجارب الإسلامية في الحكم، سواء على المستوى التنفيذي (إيران- طالبان السودان، غزّة) و على المستوى التشريعي (الكويت، مصر، الأردن، البحرين، المغرب)، لم يثبت الإسلاميون أنهم يحملون برنامجًا واضحًا، ففي الجانب التنفيذي قدموا نماذج للاستبداد السياسي الديني في الدول التي انفردوا بها، فلم يتداولوا فيها السلطة مع غيرهم، وتقزّمت مشاريعهم الحضارية الكبرى لتنحصر طروحاتهم حول اللباس واللحى والبنطال والحجاب والاختلاط والنقاب، وتراجعت دائرة الحريات في هذه البلدان، وتردى الاقتصاد. كان لهذا انعكاسه على المواطن الخليجي وهو يشاهد هذه النماذج، وهي تُفقد النموذج الإسلامي مثاليته.
وعلى المستوى التشريعي، كان الأداء دون الطموحات والشعارات، ففي البحرين لم تدعم الجماعة الحقوق المدنية بل دعمت بعض الاتجاهات السلفية المقيدة للحريات كالفصل بين الجنسين، وإقامة هيئة الأمر بالمعروف، ومنع تصوير برنامج “الأخ الأكبر”في البحرين([26])، غيره من قضايا هامشية، لم تعد تستدر العاطفة الدينية.
الخليجي أوعى من التخويف بالغرب والشرق
اعتمد خطاب الإسلاموي قديما على تخويف المجتمع من الغزو الفكري، والدعوة للتحصّن منه، وبشكل خاص الخطاب السلفي والصحوي بني على التحذير من الغزو الخارجي أو ما سمته الحركة الإسلامية الإيرانية (التسمم بالغرب) ([27]) أو ما يسمى الآن حمى التحذير من التغربيين والمشروع التغريبي، وهذه فريضة تخرج مع كل حادثة ، وتزيد التحصين الذي يتبرع الإسلاميون برسم خارطته الشعاراتية. الآن لم يعد هذا التحذير مفيداً.
الإسلام هو الحل ولكن ما المشكلة؟
قضية المواطن العربي والخليجي بالضرورة، هي كيف يأكل ويؤمن قوته، وكيف يتعلم بما يحقق رقيّه المعرفي والإنساني والمادي، وكيف تتحقق التنمية المتوازنة بحسب الموارد، وكيف تتحقق العدالة، وحينما سمع بشعار (الإسلام هو الحل) وانخرط معه؛ تفاجأ بأن السؤال يجيب–عند الإسلاميين- عن: ماذا يأكل وماذا يشرب، وماذا يلبس، وماذا يُنمي، ولم يحل الإشكالات التي عناها المواطن، ولم يقدم لها طرحًا مناسبًا للفرد، ولم يمس قضايا الفساد بل حوّرها، فبدلاً من أن يتوسط الأخ لأخيه من دمه، فهو يتوسط لأخيه من التنظيم، وبدلاً من أن يناضل لقبيلته فهو يناضل لحزبه. وهذا كله لا يفيد المواطن ولم يعد يجذبه.
الإخوان تيار المعارضة فعّال وفقط
يرى البعض أن الإخوان يكونون في حالة إبداع لا منهجي ما داموا خارج السلطة، وهي طبائع غالب الجماعات التي تحمل هدفًا مقدسًا، و التي ترى أن الوصول لما يبسط سلطان فكرتها يبرر الوسيلة له وبعد الوصول يبدأ المنهج الثابت. وعليه يُقدم الإخوان إبداعًا تنظيريًا يضطرد و بريق السلطة، إذ لا يحتاج إلى مبادئ راسخة بقدر ما يحتاج مراوغات ذكية، فإن رأوا أن المداهنة والممالأة أقرب للنفع سلكوها واعتمدوها، وزرعوا أجندتهم ولبناتهم، ووجهوا السهام للخطاب المعادي، من داخل السلطة بالاستفادة منها والاستثمار فيها، وإلا تاجروا بالمعارضة وشعاراتها، يتزامن مع ذلك كله روح وثابة نحو استغلال المتغيرات وتوظيفها بما يضمن، مقابض قوية.
أيًا كانت الاختلافات فالنتيجة واحدة، ضمور في جسم الإسلام السياسي وشعبيته. ونأتي الآن على الاحتجاجات العربية، وارتفاع الصوت الإسلاموي من جديد.
الاحتجاجات العربية وموقف الإسلاميين في الخليج
لم يتفاجأ العرب وحدهم بالتصاعد الغريب للأحداث في شمال إفريقيا، المفكرون و السياسيون على حد سواء، في الغرب كانوا على نفس القدر من المفاجأة، فالصحافة الفرنسية اللصيقة بتونس، كانت تُورد أخبار الاحتاجاجات التونسية في الصفحات الداخلية تحت عنوان الاضطرابات الاجتماعية([28]).
أسباب الاضطرابات ارتبطت بشكل أو بآخر بالدعوة إلى الإصلاح، والضائقة المالية، وزيادة الحنق بعد تسرّب وثائق ويكيليكس، مع غضب متنامي، بالإضافة إلى احتجاج حقوقي، يمكن اعتباره خارج التيارات والمرجعيات السياسية التقليدية.([29]) تونس بدأت بقصة شخصية لامست معاناة جمع من المواطنين ضاقوا ذرعًا بالحالة الاقتصادية المرحلية و المخاوف من سياسات الدولة في مواجهة الجائحة الاقتصادية المقبلة بسبب ارتدادات الأزمة المالية العالمية. تزامن ذلك مع حراك حقوقي و سياسي طمعًا في مزيد من الحريات ومطالبة بإصلاحات حقيقية في النظام السياسي، و رافق ذلك حنق متراكم أذكته وثائق ويكليكس التي كشفت عددا من البرقيات الدبلوماسية تناولت جوانبَ سياسية و فسادا و غطاءات متعددة.
تأخّر اليمين الإسلامي في اللحاق بالثورة في بدايتها خوفًا من القمع، ولكنه حافظ على تأييد مطالبها. أما قوى اليسار فقد أيدتها إلى حد كبير منذ اللحظة الأولى، و حركتها قوى اتحاد الشغل، والقوى المدنية الأخرى، وانتهت برحيل الرئيس التونسي زين العابدين بن علي.اعتبر الإسلاميون في الخليج الثورة دليلاً على هبّة إسلامية([30])، ورأى بعضهم أنها عبرة لمن لم يتخذ الإسلام، كما أشار إلى ذلك الإسلاميون الإيرانيون([31]).
في مصر، في 11 شباط/فبراير 2011، استجاب مبارك للمطالبات الواسعة وأعلن تخليه عن منصب الرئاسة عبر نائبه عمر سليمان، بعد مظاهرات بدأت من شكاوى اقتصادية، واحتجاجاً على الفساد وسوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، خاصة بعد زيادة عدد السكان وزيادة معدلات الفقر بالإضافة لانتخابات مجلس الشعب التي شهدت تجاوزات متعددة ساهمت في تشكيل جبهة معارضة قوية استفادت من الحراك الاحتجاجي الاجتماعي، وحلول ذكرى مقتل الشاب خالد سعيد بعد تعذيبه على يد أفراد من الشرطة، والحشد الإلكتروني الكبير الذي تطوّعت به مجموعاته لتعبئة الشارع المصري ضد الشرطة، استغلالاً لما عرف بالإعلام الشعبي.
ورفض الإخوان المسلمون في البداية المشاركة في الاحتجاجات في بدايتها واعتمدوا إستراتيجية براغماتية([32])، خشية من النظام وخوفاً من أن لا تنجح الاحتجاجات في تحقيق تغيير حقيقي. ولكنهم لحقوا بها شأنهم شأن مكونات الشعب المصري بعد أن تخلخل وجود النظام، وتدخل الجيش لصالح المحتجين. فهم لم يكونوا يريدون الانضمام إلى حركة شبابية لا تتبنى أية أيديولوجيا، يمكن لها أن تخرج منتصرة ولكنهم بالمقابل كانوا يخشون التعرّض لقمع شديد في حال أخفقت هذه الحركة الشبابية.كان موقف الإسلاميين في الخليج التأييد التام والاستلهام.([33])
ليبيا ما تزال إلى الآن تعيش لظى ثورة 17 فبراير في يوم غضب على شكل انتفاضة شعبية شملت معظم المدن الليبية محاكية بذلك ثورة تونس ومصر. ما تزال الشكوك في وجود عناصر من القاعدة، فيها من عدمه. والموقف هو ذاته، التأييد للاحتجاجات.
في البحرين، انسجم الإسلاميون الخليجيون مع الحس الإخواني البحريني، في تصنيف الحراك على أنه حراك طائفي.ولكنهم يستغلون ذلك للمناداة بإصلاحاتهم التي يرونها؛ من منع للخمور ومسارعة في الإصلاح وغيره([34]).
في اليمن أيد الإخوان المسلمون الموقف الداعي إلى رحيل الرئيس صالح الفوري. وقد اتهم الرئيس علي عبدالله صالح الإخوان في الخليج العربي بدعم احتجاجات الشباب والتخطيط لها وقال ” الجميع يعرف من أين هذا المال الذي يتدفق من الخارج، ونعرف أنه جزء منه رسمي وجزء منه غير رسمي ما يسمى بالجمعيات الخيرية لحركة الإخوان المسلمين، وعلى وجه الخصوص المال الذي يتدفق من حركة الإخوان المسلمين في دول مجلس التعاون الخليجي، وليس للأنظمة ضلع في هذا الأمر” ([35])
هل أنقذت الثورات شعبية الإخوان؟
مبادئ كراهية الظلم، والعدل، والانحياز للفقراء؛ مبادئ أخلاقية فاضلة، ولون الفضيلة عند عامة الشعوب الإسلامية والعربية لون ديني، لذلك لا يتورع الناس في صبغ كل داعية لهذه الشعارت بأنه داعية ديني والشعوب العربية سريعة الاستجابة لدعاة الأدلجة، وهو ما استغله الإسلاميون.
شعر الإسلاميون وهم يرون الغنوشي يعود إلى تونس والرؤساء يزورون مرشد الإخوان في مصر ويرون العالم يتصرف وكأن مصر أصبحت بعد ثورتها إخوانية، بعودة الألق، والشعبية، مع شعور بقوة ستؤول لها الأمور قريبًا.([36])
سمات عامة رسمت خطاب الإسلاميين
الفرضية المنتشرة لتفسير مجريات الاستبداد العربي “أصبح الوطن العربي واقعًا بين مطرقة الدول التسلطية وسندان الحركات الإسلامية الأصولية، الأمر الذي قاد إلى إجهاض الطموحات لإنجاز ثورة ديمقراطية حقيقة. وقادت نهاية الحركات الأيديولوجية الكبيرة التي عرفها الوطن العربي في مرحلة ما بعد نهاية الكولونيالية: القومية، والاشتراكية، إلى الصدام بين الدولة التسلطية العربية والإسلام السياسي المستقوي بانتصار الثورة الإسلامية الإيرانية في 1979. قادت هذه المواجهات إلى حدوث حروب أهلية في أكثر من بلد عربي. وفي ظل هزيمة الإسلام السياسي، تغوّلت الدولة التسلطية العربية على المجتمع المدني، ورفضت انتهاج سياسة الانفتاح الديمقراطي، مخافة -حسب رأيها- أن تُعبد الديمقراطية الطريق لوصول الإسلاميين إلى السلطة”([37])، بناء على ذلك جعل الإسلاميون من أنفسهم ضحايا الأمس واعتبروا زوال حكم أكبر المضيقين عليهم في تونس ومصر، دليلا على أن دولتهم دالت، و دنت ساعة نصرهم فعادت إليهم الروح الثورية التي تكمن في نفس كل التيارات الأيديولوجية متحيّنة ساعة من ساعات النصر أو أشباهها، وعاد إليهم الكثير ممن انشقوا عليهم واعتنقوا أفكارًا وإيديولوجيات أخرى، على حد تعبير عوض القرني([38]).
لم يغفل الإسلاميون في الخليج الكلمات المفتاحية التي صنعت التغيير في تونس ومصر، الديمقراطية الإصلاح، المجتمع المدني، الفساد،..إلخ، لكن ذكاء الآباء المؤسسين للإخوان في الخليج خانهم، حينما كانوا يراعون خصوصية الخليج. حيث حاول الإخوان في الخليج استنساخ نفس المطالب، لا لسبب غير أن الشعوب الأخرى ثارت.
يجدر التنبيه إلى أن المجتمع الخليجي لم ينشأ على تكوينات سياسية واتجاهات متضادة فكرية، بل ما زال يحمل لبنات المجتمع القبلي العشائري في مستوياته الكبيرة، دخلت عليه قيم المواطنة دون أن تمر عبر مراحل المدنية، فشكلت النظم الكبيرة القائمة على الولاء، الوعاء الذي تسير فيه المدنية، فبنيت المدنية لا من جلد الشعب، بل من جلد الدولة، وفي هذا الإطار يُفهم تعليق عبدالإله بلقزيز “لا غرابة من انعدام معارضة في بلاد المجال التقليدي- وبخاصة منطقة الخليج- ما خلا بلدين هما الكويت والبحرين”([39])، فالمعارضة السياسية الصريحة، تنشأ لدواعي “فكرية” و عن بنيوية ربما غابت عن المجتمع الخليجي وهذه ليست محمدة أو مذمة بقدر ما هي توصيف، ومحاولة فهم، فالعقد الاجتماعي الخليجي مركب ومبني على علاقة خاصة بين القاعدة والقمة، وإسقاط القراءة التاريخية الأوروبية في القرن الثامن عشر لصيرورة الأنظمة الملكية على دول الخليج، تسطيح مبالغ فيه.
موقف دول الخليج من الاحتجاجات العربية بين حفظ النظام، والدعم لخيارات الشعوب المُحتجة، محل بحث، فالتخوّف من سقوط النظم الجمهورية ظلّ ماثلاً في المقالات والدراسات التي حلّلت موقف دول الخليج، فالبعض نقل أن التخوّف مرده إلى “أن فقدان دعم حلفاء النظام الجمهوري العربي قد يصبُ في مصلحة إيران. وربما كان هناك مبعث قلق آخر للأسر الحاكمة في الخليج يتمثل في إمكانية بروز حركة الإخوان المسلمين لتمثل تهديداً جديداً في عقر دار الدول الخليجية” ([40])
وهو ما تجلى في محاولة الإخوان البروز بشكل غريب في الخليج بقيام ” 133 من الأكاديميين والصحفيين و نشطاء المجتمع المدني الإماراتي بتوقيع عريضة تطالب رئيس الدولة بإنشاء برلمان منتخب ومنحه الصلاحيات التشريعية. وعلّق المراقبون الإماراتيون بأن هذه العريضة لن تحظى على الأغلب بالدعم والإقبال الكافي للمشاركة فيها نظراً لكونها تضم أسماء عدد من الشخصيات التي يشتبه بانتمائها إلى جناح حركة الإخوان المسلمين في الإمارات.
ومن هنا ذهب بعض المراقبين إلى أنه في حال اعترفت الإمارات بمطالب العريضة التي وقع عليها هؤلاء الأشخاص، فإن ذلك يعني بطبيعة الحال تأكيداً واعترافاً بشرعية مطالب أعضاء حركة الإخوان المسلمين.” ([41])
ربما عُدت تلك المحاولة محاولة لاقتناص الفرصة، وهي أبرز سمات الخطاب الإسلاموي الراهن. وإن كان لم يخل من التناقض فالرسالة الإخوانية كانت: ثورات الآخرين أدوات ضغط، يمكن الاستفادة منها والمناداة بالإصلاح الآني، كانت جانبا من عمل الإخوان، تبدّى في دعوة رموز جمعية الإصلاح المحسوبة على الإخوان في الإمارات.و ربما كان احتياج الإخوان في مصر للإيمان بالدولة المدنية، إشارة أخرى أبرزت انعكاسها في الخطاب الإسلاموي في الخليج، فكانت دعوة الإصلاح مرصعة بالمطالبات المدنية ومزينة بالديمقراطية، ومحلاة بالعدالة. وهي ما أتوقع أن تظل نغمةً عالية في الخطاب الإخواني، لفترة من الزمن.
بادر إسلاميو المملكة العربية السعودية إلى دعم السلطات في ما أشيع أنه حرّاك شعبي، على غرّار الحِّراك الشعبي، في الدول الأخرى، فكان موقف الإسلاميون “كالعادة”، الترقب، للتأكد من نجاح الحركة، ولكن نجاحها لم يكن محسومًا فاجتنبوها، بل وقفوا ضدها، وطالبوا لوقوفهم بالثمن: فتفرّغ قِسمٌ منهم للاستنصار بالدولة على المخالفين في الرأي، وخوَّن من خوّن، وشنّ حملة شعواء على التغريبين. ولا أدري وجاهة استشهاد البعض بتلويح عوض القرني بملف الإصلاح ومحاربة التغريبين، تزامنًا مع الدعوات العربية للثورة([42]).
تهوين الإشكاليات الحقيقية
يُركِّز الإسلاميون في خطاباتهم الجماهيرية، على أن الإشكالات التي تواجهها الدولة إشكالات بسيطة وهيِّنة، ويمكن حلها ببساطة، فقضية البطالة هيّن أمرها :”نقوم فقط بتخفيض العبء الوظيفي لنصف العاملين. ونوظف مثلهم ونكلف الدولة فقط نصف العاملين” ([43]) فقط، و يقترح آخر أن حل البطالة هو بالتهييج و الوقفات الاحتجاجية على غرار مصر وتونس([44]) ، أمام الموارد البشرية، فتنحَل المشكلة.
وهو خطابٌ يحتاج لمراجعة حقيقية، فتعقيدات الاقتصاد الكلي، و فرضيات التنمية، والموازنات العامة والقرارات الكبرى، لا تحتاج لمنابر وعظية، ولا تحتمل المزايدات السياسية، قد يكون الخطاب ناجحًا لوهلة في الإيعاز –الوقتي- بضعف الفكر الإداري للسلطة الفلانية، وقد يوضح الرسالة في رغبة التيار الإسلامي لتمثيل البديل، ولكن هذا الخطاب الوقتي، ينحسر عنه السحر والبريق، حينما يُخضع للمنطق.
المزايدة على الديمقراطية، والمدنية
بالرغم من أن الحِس الديمقراطي في الثورات كان حِسًّا مدنيًّا([45])، وبالرغم من مشاكل الإسلاميين مع النظام الديمقراطي؛ فالنهج الديمقراطي يعتمد الدستور الذي تراضت عليه الأمة، بينما يُخضعه الإسلاميون لتفسيرهم للنص الشرعي، وتقوم المثل الديمقراطية بإعطاء الشعب حق صياغة القوانين عبر نوّابه، بينما يحتكر خبراء الحركات الإسلامية ذلك، ولا تزال العديد من القيم كالفردية، والمعاني كالعقد الاجتماعي وغيره محل بحث ومراوغة. فالإسلاميون “لم ينظروا إلى الهوية الاجتماعية والمصلحة العامة كترتيب لمجموع الهويات والمصالح الفردية، بل كوحدة مستقلة بذاتها”([46])، وبحسب توفيق السيف، فالإسلاميون إلى الآن ينتجون مناقشة الإشكالات الأصلية، مثل إشكالية المجتمع التعاقدي ونظام الحكم الذي يقوم على أساسه.([47])
إلا أنّ تبني إخوان مصر، لخيار الدولة المدنية والديمقراطية، صعّد من أسهم الديمقراطية، على ما فيها من لغط، فالمصريون يرفعون الشعار بألوان متغيرة، إذ الديمقراطية والمدنية هي الخيار الأحظى بالشعبية، والقبول العالمي، إلا أنهم أنفسهم عادوا بعد أيام وأكدوا أن مصر دولة مدنية بمرجعية إسلامية،([48]) ثم أكدوا أن الديمقراطية لا تحلُ حلالًا و لا تحرِّم حراماً.([49]) وتراجعوا إلى أنهم لن يقبلوا أبدا أن ترتفع أصوات المواطنة والديمقراطية والحرية على صوت الدين والشريعة([50]). هذا تلوّن بلون المرحلة. وكله سيكون له انعكاسه على إخوان الخليج.
إذا كان الإسلاميون بدؤوا جدياً في تحديد موقفهم المعقد من قضية الديمقراطية، فإن هذا التعاطي الإيجابي لا يعني أن الإسلاميين أصبحوا ديمقراطيين أو تخلوا عن تحفظاتهم العديدة عن بعض المفاهيم الغربية فالتيار الإسلامي الأصولي الذي فرض نفسه أفقياً وعمودياً في الوطن العربي، لا يزال متحفظاً على الديمقراطية كمشروع سياسي متكامل، وإن اختلفت مستويات التحفظ على هذا المشروع([51])
تغيير في الخطاب
المسرح السياسي الجديد، يستلزم تبني الخيارات المدنية لأمان غضب الغرب ولضمان رضى الشعب ويجتهد في إثبات ذلك الإسلاميون، تتنازعهم الإيديولوجيا ومتاريس سلفية اندمجت مع الجيل الجديد، ربما يستفيدون من التنوع الداخلي، ليدفعوا بأكثرهم لياقة لتبني الخيارات الجديدة. الخطاب الجديد يجب أن يتناسب مع الديمقراطية، و التصالح مع الغرب، والكثير من القضايا الهامشية. ولكن السؤال الحقيقي الذي سيتهرب منه الإسلاميون: هل يستطيع الإخوان تبني الهوية الوطنية؟ وهل يستطيعون الانسجام مع التعدد والاختلاف الطبيعي والفكري الذي يعيشه الخليج، ورعاية الإثنيات والطوائف والتعامل معها بميثاق وطني؟ فالتحدي المركزي الذي يواجهه الفكر الإسلامي هو مفهوم التعددية بمظاهرها المختلفة الفكرية والدينية والسياسية والثقافية واللغوية والعرقية، واحتكار الحقيقة المعرفية، وانعدام التسامح الحقيقي. ولن تستطيع ثورة “غضب” أن ترسم جوابًا لهذا السؤال، ولا يُمكن لعمليات التجميل، والسياسات البراغماتية تقديم حل للتحدي، فهل سيجدي الخطاب الجديد، المتهرب من المشاكل في إقناع الرأي العام، أو الحفاظ على المكتسبات الجماهيرية؟.
خلاصة
تاريخ العمل الإسلاموي في الخليج يكشف أن مهنة الإسلاميين هي اغتنام الفرص، وتطوير الخطاب إما للكسب الجماهيري أو السياسي، والآن يغتنمون فرصة نجاح الاحتجاجات العربية، واستمرار صعود نجم النموذج التركي، في محاولة لإنقاذ شعبيتهم في الخليج، للظهور بشعارات إصلاحية جديدة، تماشيًا مع المرحلة الجديدة، ويُراوحون بين التلويح بالاحتجاجات وشعارها، أو الدخول في حلفها والتصالح معها لضرب الآخرين، لا يزال البَون شاسعًا بين المدنية الحديثة والفكر الأصولي، ولم تعد المساحات تحتمل الترقيع.
يمكنك تحميل البحث كاملا في ملف وورد
([1])- راجع باقر النجار، الحركات الدينية في الخليج، دار الساقي، 2007 ، ص 116.
([2])- يقول الدكتور توفيق السيف: “إن أبرز العوامل الدافعة لفكرة المشاركة، هو تراجع فكرة البديل الإسلامي في صيغته التقليدية ولا سيما بعد تجربة إيران منذ عام 1989، وأفغانستان منذ عام 1996”. انظر: توفيق السيف، رجل السياسة دليل في الحكم الرشيد، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2010، ص43.
([3])- غالبًا ما استفاد الإسلاميون من محنهم، فمحنة الإخوان في مصر استعطفت المملكة العربية السعودية ودول الخليج، ومحنتهم في حماة السورية استعطفت قطر، وإلى الآن يعتبرون استضعافهم جاذبا للجماهير، ومهيئا لنفسياتها لتلقي الدعوة.
([4])- رو برت ستالوف، الأربعاء 18 أيار/مايو, 2011 -http://arabic.washingtoninstitute.org/templateC05.php?CID=3121&portal=ar
يقول ستالوف “ورغم أن “الربيع العربي” قد قدم فرصة لنهضة أشكال أخرى متنوعة من الإسلاموية التي ربما تكون أخف من “أسلوب أسامة بن لادن” لكنها ما تزال غير ليبرالية في جوهرها ومعادية للغرب ومعادية لأمريكا.”
([5])- باقر النجار، الحركات الدينية في الخليج العربي، 2010، ص 22. أشار لذلك بقوله “قدرتهم على تغيير مواقفهم أو تمييعها من القضايا السياسية والاجتماعية المهمة في الداخل الخليجي والقومي العربي، مما جعل منهم قوة ذات حضور لافت في لعبة التوازنات السياسية”.
([6])-انظر : منصور النقيدان وآخرون، قصة وفكر المحلتين للمسجد الحرام، مركز المسبار فبراير 2011، ص105-106، نقل شهادات كبار العلماء الذين وصفوا الحس الديني في تلك الفترة في المملكة العربية السعودية بالضعيف، وينقل عن جريدة المدينة، 20 مارس 2006: حديث عبدالمحسن العبيكان في وصف الحالة الدينية السائدة في الخمسينات” في تلك الفترة لم يكن يصلي إلا كبار السن، أما غالب الشباب فهم لا يصلون ويستهزئون بمن يصلي إلا القليل النادر منهم، كان الشباب يرون الصلاة نوعًا من التخلف”. انظر أيضًا باقر النجار، الحركات الدينية في الخليج العربي، دار الساقي، 2007، ص 34.
([7])- ظلّ الإخوان في الخليج يعملون تحت مظلات و واجهات خيرية واجتماعية وثقافية، في ظل المنع القانوني للأحزاب السياسية، واختاروا لجماعاتهم أسماء مرتبطة بالإصلاح والتنمية، مغايرين جماعة الإخوان في مصر التي اعتمدت على شعار جهادي مثل وأعدو، واختيار مسميات الإصلاح، ربما يكون عن تكيّف مبدئي من قدامى الإخوان.
([8])- عبدالله بجاد العتيبي وآخرون، الإخوان المسلمون والسلفيون في الخليج، مركز المسبار للدراسات والبحوث، 2010، الطبعة الثانية، ص33.
([9])- انظر: فلاح المديرس، جماعة الإخوان المسلمين في الكويت، دار قرطاس للنشر، الكويت، الطبعة الثانية، 1999م، ص 5-10. و مفيد الزيدي، التيارات الفكرية في الخليج العربي، مركز دراسات الوحدة العربية. وهاشم عبدالرزاق الطائي، التيار الإسلامي في الخليج، دراسة تاريخيّة دار لانتشار العربي 2010، ص131
([10])-هاشم عبدالرزاق الطائي . مصدر سابق
([11]) – منصور النقيدان،الإخوان المسلمون والسلفيون في الخليج، مركز المسبار للدراسات والبحوث، الطبعة الثانية 2011، ص 109.
([12])- لورينزو فيدينو، الإخوان المسلمون في الغرب، الخصائص، الأهداف، السياسات العامة، شهادة أمام اللجنة الفرعية الدائمة للمخابرات بمجلس النواب الأميركي، 13 أبريل: للإطلاع على النص الكامل :
http://intelligence.house.gov/sites/intelligence.house.gov/files/documents/SFR20110413Vidino.pdf
([13])- مقابلة تلفزيونية مع الكاتب السعودي جاسر الجاسر، برنامج المجلس، قناة الحرة الفضائية 22، تموز، 2005: نقلاً عن الطائي، مرجع سابق هامش 4، 189
([14])- عبدالعزيز الخضر،السعودية سيرة دولة ومجتمع –قراءة في تجربة ثلث قرن من التحولات الفكرية والسياسية والتنموية، الشبكية العربية للأبحاث، 2010، ص832.
([15])- لم تكن نشوة الإسلاميين مقصورة على السعودية؛ ففي البحرين كانت فترة الثمانينات مرحلة الانبعاث الحقيقي للحركات الدينية: انظر غسّان الشهابي، الإخوان المسلمون والسلفيون في الخليج، الطبعة الثانية، 2011، ص160.
([16])- انظر: غسان سلامة، السياسة الخارجية للسعودية منذ عام 1945، معهد الإنماء العربي، ص 648-650. نقلاً عن هاشم الطائي، التيار الإسلامي في الخليج، دار الانتشار العربي، ص 121.
([17])- إشارة شهادة لورينزو فيدينو، في شهادته أمام الكونجرس الأميركي، في 13 أبريل 2011ـ إذ كان يوصِّف نفس الحال في الغرب. التقاء الشباب المتحمس، برجال الخبرة المطاردين.:
http://intelligence.house.gov/sites/intelligence.house.gov/files/documents/SFR20110413Vidino.pdf
([18])- خامه يار، إيران والإخوان المسلمون، ص254-255.
([19])- باقر النجار، الحركات الدينية في الخليج، دار الساقي، 2010، ص 28.
([20])- في حديثه عن الحركات السلفية الخليجية، أو الإسلاموية الراديكالية الجديدة، يشير باقر سلمان النجّار إلى فرضية جديرة بالاعتبار، في رصده لعمليات انبثاق/انسلاخ الحركات السلفية من الجماعات الإخوانية فيقول “وقد جاء انسلاخ الجماعة السلفية من جمعية الإصلاح متزامنًا مع الانسلاخات التي حدثت في صفوف الجماعة الإسلامية في الكويت، وكأن هناك قرارًا مركزيًا قد اتخذته الجماعة السلفية الخليجية نحو تأسيس تنظيماتها السياسية المحلية وبداية انسلاخها من حركة الإخوان المسلمين، وهو التنظيم الذي ارتضت الجماعات والفرق السياسية السنية العمل تحت لوائه خلال الحقب السابقة. باقر النجار، الحركات الدينية في الخليج، دار الساقي، 2010، ص 54.
([21])-تراجعت قوة الإسلاميين السنة ومؤيديهم من 21 مقعدًا في البرلمان السابق إلى 11 مقعدًا في البرلمان المنتخب 2009، كما حل عدد من الإسلاميين في المراتب الأخيرة بين الفائزين.وتعتبر الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) هي الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات، فقد أظهرت هذه الانتخابات مدى التراجع الذي ألمَّ بها منذ انتخابات 2006، حيث انخفض عدد المقاعد التي حصلت عليها من ستة مقاعد في مجلس 2006 إلى ثلاثة في مجلس 2008، ثم واحد فقط في مجلس 2009، حصل عليه النائب “جمعان الحربش” . أما السلفيون الذين شكلوا قوة كبيرة في المجلس الماضي إلى درجة ترشح أحدهم (خالد السلطان) كنائب لرئيس البرلمان، واعتراضهم على تعيين الشيخ ناصر المحمد رئيسًا للوزراء، فقد تراجعت قوتهم وانخفض عدد نوابهم من 9 نواب في البرلمان السابق (4 بشكل رسمي وخمسة قريبين منهم)، إلى نائبين فقط في مجلس الأمة الجديد.: http://www.islamstory.com/انتخابات-الكويت-وتراجع-الإسلاميين-ملفات-ساخنة/
([22])-أشار ناثان ج. براون في دراسته التقييمية ” الانتخابات البرلمانية في الكويت عام 2008: هل تمثل تراجعًا للتيارات الإسلامية الديمقراطية” إلى أن خسارة حدس (واجهة الإخوان) كانت نجاحًا للسلفيين الإسلاميين المحافظين؛ ويُفهم من ذلك أن التراجع ضمن الإطار . Arabic.carnegieendowment.org/publications/?fa=view&id=23541
([23])- راجع موقع البيبيسيhttp://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2010/10/101031_bahrain_elections_new.shtml، وغيره من وكالات الأنباء.
([24])-الدراسة نشرت في الوطن البحرينية على أربع حلقات 26-27-28-29/5/2008.
([25])-نشر الباحث المصري حسام تمام دراسة بهذا العنوان في معالجة هذه الظاهرة : أشار فيها إلى أن جماعة الإخوان المسلمين مرّت بحالة من التحول للسلفية منذ أوائل الخمسينيات، وعن التحولات الأخيرة التي عرفتها جماعة الإخوان المسلمين، و تتناول ظاهرة تسلف الإخوان، كظاهرة اجتماعية وفكرية، ونتاج عوامل داخلية وخارجية ساهمت في تعميق تأثير السلفية في الحركة الإخوانية.المرحلة الأولى لتسلف الإخوان كانت في الحقبة الناصرية، أما الموجة الثانية ففي السبعينيات، إذ خرج الإخوان حينها من السجون في عهد السادات وبدأ موسم الهجرة إلى الخارج ، أما مرحلة الثمانينيات فهي مرحلة كمون السلفية الإخوانية، وتبين الدراسة إن التأثير المتبادل بين الإخوان والسلفية تميّز بصيغة يمكن تحديدها، فبقدر ما كان التأثير الإخواني في السلفية حركياً بقدر ما كان التأثير السلفي لدى الإخوان إيدولوجيا. فبالتأثير الأول ظهر الفرع القطبي الذي نتج عنه السلفية الجهادية عبر فرع الإخواني الفلسطيني الشيخ عبد الله عزام، ثم تيار الصحويين عبر فرع الإخواني السوري محمد سرور زين العابدين. في حين أن التلاقح الحاصل في الاتجاه الثاني، الذي اتخذ طابعاً جهادياً عبر الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد، أنتج ما يسمى (جيل السلفيين الإخوانيين).
([26]) – باقر النجار، الحركات الدينية في الخليج، دار الساقي، 2007، ص 39
([27])- فرهنك رجائي، الإسلاموية والحداثة؛ الخطاب المتغير في إيران، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية،2010، ص30.
([28])-جاك أ.قبانجي،لماذا فاجأتنا انتفاضتا تونس ومصر؟ مقاربة سوسيولوجية، مجلة إضافات، العدد الرابع عشر/ ربيع 2011. ص11.
([29])-عمرو الشوبكي، الحركات الاحتجاجية العربية، مركز دراسات الوحدة العربية، 2011.
(30)-انظر بيانات د.عوض القرني، د.سلمان العودة، وغيرهم من الصحويين في الخليج.
انظر محاضرة عوض القرني : http://www.youtube.com/watch?v=EUp0RFh5qeU
(31)-انظر لخبر أحمدي نجاد، جريدة الحياة :
http://international.daralhayat.com/internationalarticle/225391
(32)- CTC Sentinel Objective. Relevant. Rigorous The Muslim Brotherhood’s Role in the Egyptian Revolution, February 2011 .Vol4 . Issue2
([33])-انظر بيانات د.عوض القرني، د.سلمان العودة، وغيرهم من الصحويين في الخليج.
انظر محاضرة عوض القرني : http://www.youtube.com/watch?v=EUp0RFh5qeU
([34])- محاضرة عوض القرني: http://www.youtube.com/watch?v=EUp0RFh5qeU
([35])-انظر : موقع الواقع الإلكتروني : http://www.alwaqa.net/index.php?action=showNews&id=269
([36] )- محاضرة عوض القرني: http://www.youtube.com/watch?v=EUp0RFh5qeU.
([37])- توفيق المديني، مجلة المستقبل العربي (العدد 386)، 2011، ص 121.
([38])-محاضرة عوض القرني: http://www.youtube.com/watch?v=EUp0RFh5qeU.
([39])- عبدالعزيز الخضر، عبدالعزيز الخضر، السعودية سيرة دولة ومجتمع –قراءة في تجربة ثلث قرن من التحولات الفكرية والسياسية والتنموية، الشبكية العربية للأبحاث، 2010، 782.
([40])- سلطان بن سعود القاسمي : http://www.awtanalarab.com/newp/artc/4773/news//index.html
([41])- سلطان بن سعود القاسمي : http://www.awtanalarab.com/newp/artc/4773/news//index.html
([42])- عوض القرني، محاضرة بعنوان : http://www.youtube.com/watch?v=EUp0RFh5qeU
([43])- راجع المحاضرة : http://www.youtube.com/watch?v=EUp0RFh5qeU
([44])- راجع كلمة محمد المنصوري، فيالمؤتمر العاشر لاتحاد الطلبة، فبراير 2011 http://www.youtube.com/watch?v=8b0QTDaS92I&feature=related
([45])- توفيق المديني، مجلة المستقبل العربي (العدد 386)، 2011، ص 121.
([46])- توفيق السيف، رجل السِّياسة دليل في الحكم الرشيد، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2011. ص55.
([47])- توفيق السيف، رجل السِّياسة دليل في الحكم الرشيد، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2011. ص120.
([48])- الموقع الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين : على لسان المرشد العام السابق للإخوان المسلمين محمد عاكف (30 ابريل 2011):
http://www.ikhwanonline.com/new/Article.aspx?SecID=211&ArtID=83449
([49])- صحيفة الشروق، 5 مايو 2011: حديث محمد بديع : http://www.shorouknews.com/contentdata.aspx?id=447300
([50])- صحيفة الشروق، 5 مايو 2011: حديث محمد بديع : http://www.shorouknews.com/contentdata.aspx?id=447300
([51])- توفيق المديني، مجلة المستقبل العربي (العدد 386)، 2011، ص 121.