العثمانيون على شواطئ الخليج .. مجددًا
بعد أزمة الخليج وقطع كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين العلاقات مع قطر، وإصدارها قائمة تضم أفرادا وكيانات صنفت “إرهابية”، تناولت الصحف العربية والغربية أهم الردود الإقليمية والدولية على تلك التطورات، التي تفاوتت بين إجراءات احترازية، وقطع العلاقات وسحب السفراء، أو تقليل التمثيل أو حجم البعثة الدبلوماسية، قامت به دول عربية وإسلامية، بالإضافة للدول الخليجية مثل دول: مصر، والأردن وجزر القمر وموريشيوس، وموريتانيا، والنيجر، وحكومة ليبيا الشرقية، والحكومة اليمنية. فيما تمّ تسجيل مواقف دوليّة متفاوتة في ظل النشاط الدبلوماسي الكبير الذي تقوم به الدول الخليجية، وأهم المواقف التي نسبت إلى تركيا والباكستان، عوضًا عن الموقف الأميركي الذي يتأرجح بين حزم الرئيس الأميركي، والتردد المنسوب للقيود المفروضة على المؤسسات .
هل تورّطت قطر بدعم الإرهاب؟
كان واضحًا خلال شهر مايو (أيار) ٢٠١٧؛ أن المملكة العربية السعودية تقود حملةً واسعة ضد الإرهاب، وتبدو أشد حزمًا، فبعد أن أنشأت التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب، ووضعته ضمن أجندة الملك سلمان بن عبدالعزيز في زياراته الخارجية؛ أعلنت عن نيتها إنشاء مركز اعتدال العالمي، والذي بادر المسؤولون عنه التصريح بأنّهم لن يتوانوا في نشر الوثائق التي تثبت تورّط أيّ جهة، أو امتناعها عن إجراءات وقائية. وحينما تفجّرت الأزمة بعد افتتاح المركز بساعات بين دول الخليج وقطر، كان الإرهاب هو كلمة السر التي تتبعتها الصحافة ومراكز الدراسات التي تريد فهم سبب تسارع وتيرة الأمور، دون فصلها عن جذورها. وكل هذا يأتي للحفاظ على موقع الخليج في المحطات العالمية كجزيرة استقرار في بحر من الفوضى.
صحيفة فاينانشيال تايمز |1| وفي تقرير لها تحدثت عن توتر العلاقات بين قطر وجيرانها، حيث ترى هذه الدولُ الدوحة قريبة جداً من الحركات الإرهابية التى تهدد استقرار المنطقة، وفي مقدمتها جماعة “الإخوان”. بالإضافة إلى ما يعتبرونه تحريض قناة الجزيرة ضد الأنظمة الخليجية ومصر، وهي القناة التي تمولها الحكومة القطرية، وذلك بعد أيام من حجب القناة بالفعل في العديد من الدول الخليجية الكبرى. وبحسب تقرير الصحيفة البريطانية، طالما كانت الدوحة على خلاف مع غيرها من الدول العربية بشأن دعمها لجماعة الإخوان، التي تصنفها كل من مصر والإمارات العربية المتحدة جماعة إرهابية، ولفتت الصحيفة إلى أنه في العام 2014 قامت كل من السعودية والإمارات والبحرين بسحب سفرائهم من الدوحة احتجاجا على الدعم القطري للإخوان. وأضافت أن المسؤولين الأمريكيين أصبحوا منتقدين علنا، على نحو متزايد، لقطر وقد أعربوا عن قلق عميق بشأن مزاعم قيامها بتمويل الجماعات الإسلامية المتطرفة في سوريا. وأشارت الفاينانشيال تايمز إلى أن كلا من تركيا وقطر قامتا بدعم “الإخوان” خلال الانتفاضات العربية في 2011. ونقلت تصريحات أدلى بها وزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت جيتس، قال فيها إن الولايات المتحدة ينبغي أن تطلب من الدوحة أن تكون أكثر صرامة في منع تمويل الإرهاب، أو أن تقوم واشنطن بتقليص التواجد العسكري الأمريكي في بلادها، في إشارة إلى القاعدة
العسكرية الأمريكية التي توجد في منطقة “العديد”، التي أشار أمير قطر في تصريحاته المثيرة إلى أنها تحمي بلاده من أطماع دول الجوار. ويأتي ذلك في الوقت الذي تدرس فيه واشنطن بالفعل نقل قاعدة “العديد” العسكرية من قطر إلى بلد آخر، بحسب ما صرح به رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي أد رويس، بسبب الممارسات القطرية الداعمة للإرهاب|2|.
انعدام الإجراءات الوقائية في قطر…هل تحسب دليلا؟
أفاد تقرير لصحيفة “نيويورك بوست”|3| أن قطر تسمح لشخصيات تجمع الأموال للجماعات المتطرفة بالعمل بشكل علني، وبعضهم يتمتعون بحصانة قانونية في الدوحة. وقد خلص تقرير للصحيفة إلى أن “أهمية قاعدة العديد الجوية في قطر ليس سبباً كافياً لغض النظر الأميركي عن دعم الدوحة للإرهاب”. ونقل التقرير عن خبير سابق في تمويل الإرهاب في وزارة الخزانة الأميركية قوله إن قطر “بكل بساطة ترفض فرض معايير قوانين (الخزانة) ضد تمويل الجماعات الإرهابية”. وأضاف المسؤول السابق في الخزانة الأميركية أن شخصيات مدرجة دولياً كممولين للإرهاب يعملون بشكل علني في قطر. وهذه الاتهامات يؤكدها تقرير لـ”مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات” الأميركية الذي يرى أن قطر لم تبادر في ملاحقة أي ممول للإرهاب حتى ولو كان مدرجاً على قوائم دولية. ويذهب التقرير إلى أبعد من ذلك بالقول إن شخصيات مختصة بجمع الأموال لـ (جفش في سوريا) “جبهة فتح الشام”، التي كانت معروفة سابقاً بجبهة النصر يتمتعون بحصانة قانونية في الدوحة. وفي سياق متصل، سلّط تقرير “نيويورك بوست” الضوء أيضا على الشخصيات التي تستضيفهم قطر رغم صلتهم بالإرهاب. وقد سبب الوجود الرسمي لجماعة طالبان في قطر، المتمثل بمكتب دبلوماسي، قلقاً أميركياً بأن الجماعة قد تستخدم قطر |4|كمركز تمويلها.
في سياق متصل يتحدث موقع “البواية” المصري عن جذور تأسيس جبهة النصرة، ليؤكد أنها كانت مبادرة من جهة تعلم تفاصيل العمل الجهادي، وقال بأنّ جماعات موجودة في قطر، كان لها دور كبير في التنسيق لإنشائها، وقيادة انشقاق الجولاني عن البغدادي، وربطه بـ”القاعدة”، مؤكدًا أن التمويل لم يكن مشكلة بفضل هذا التنسيق. ويضيف المصدر أنه “بوساطة إخوانية قام بها حزب الأمة الكويتي السلفي بين جبهة النصرة الموالية للقاعدة في سوريا والمنشقة عن “داعش” وبين جماعات تابعة للدوحة، خلعت النصرة بيعتها صورياً للقاعدة مقابل رفعها عن قوائم الإرهاب”. يضيف الموقع “زعيم الجبهة أبو محمد الجولاني، قال لأتباعه إنه يرغب في إعلان إمارة، وخلع بيعة القاعدة منذ وقت طويل، لأنها بيعة قتال وليست بيعة عامة وبعدها أرسلت الدوحة مندوباً للنصرة، حيث التقى بقادتها ومنهم أبو الفرج المصري للترتيب لعقد لقاء تلفزيوني مع الجولاني، وتسويق الأخير، كمعتدل، وهذا ما حصل، حيث ذهب مذيع قناة الجزيرة القطرية أحمد منصور للقاء أمير الجبهة. المقابلة صورت في محافظة إدلب في الداخل السوري، وجلس الجولاني على نفس مقعد المحافظ السابق للمدينة، ورغم أن المكان والزمان معلوم، إلا أن الأمريكان لم يقصفوا الموقع|5|.
العراق: غير داعش… فدية أم تمويل؟
يرصد هذا القسم ما جاء في الإعلام العراقي والإقليمي والدولي، عن نشاطات دولة قطر في العراق، ودعمها للجماعات المسلحة السنّية أو الشيعية. فقد حظي موضوع التوتر الخليجي باهتمام كبير في الشارع العراقي، كما رصد التناول ميولا إيجابية تجاه الموقف القطري، كما كتب بعض الصحفيين |6| والمدونين العراقيين |7| الذين يعزون هذا التحول في الموقف إلى تصريحات الشيخ تميم آل ثاني حول إيران وحزب الله.
بعد يوم من المقاطعة الخليجية، زار رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري العاصمة القطرية الدوحة، والتقى بالأمير تميم آل ثاني ووزير الخارجية القطري محمد آل ثاني يوم الأحد الماضي. ركزت الزيارة على سبل تعزيز التعاون بين البلدين، ولم يصدر في التصريحات الرسمية التي أعقبت الزيارة والصادرة من الوفد الزائر والحكومة القطرية شيئاً خارج عن سياقات البروتوكولات الخاصة بالبيانات. ولكن النائب العراقية نهلة الهبابي عن تحالف “دولة القانون”، الذي يتزعمه نوري المالكي، قالت بأنّ الزيارة كانت “غير معلنة ولم نكن نعلم بها وإن كانت رسمية”، كما انتقدت مثل هذه الزيارات التي حملتها سبب “تدمير العراق”، ووصفتها بالدعوات إلى لتدخل في شؤون البلاد. كما طالبت سليم الجبوري أن يتحدث باسم “بيت الشعب وليس باسم طائفة أو جهة سياسية معينة”. أمّا وزير الخارجية السابق هوشيار زيباري، فقد شنّ هجوماً على الجبوري، ووصفه بالــ”إخوانجي” وبأنّ “التوقيت سيئ لزيارة مفضوحة”. وواصل زيباري هجومه في سلسلة تغريدات على موقع تويتر، والذي أصبح ينشط فيه كثيراً منذ إقالته من منصب وزير الخارجية، كاتبًا: “السؤال المشروع ماذا كان يعمل الجبوري في الدوحة؟ هل للتوسط في تخفيف الأزمة الخليجية؟ أم لإجراء اتصالات مع عراقيين لأغراض المصالحة؟ أم لطلب الدعم المالي له ولحزبه في الانتخابات القادمة”؟. وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي قد أكّد بأنّ العراق ليس طرفاً في النزاع الخليجي وأنه يقف على الحياد في الخلافات الحالية وإنّ العراق يسعى لعلاقات تعاون وصداقة مع كافة دول الجوار.
وفي سياق متصل، صرّح المحلل السياسي العراقي سمير عبيد بأنّ هناك “مباحثات سرية بين قطر وإيران حول أنابيب النفط عبر العراق” ، وإنّ هذا هو أساس الخلاف السعودي القطري في السياسات تجاه بغداد. وأشار المحلل إلى أنّ الحزب الإسلامي العراقي، وهو الفرع العراقي لتنظيم الإخوان المسلمين، يدعم مشروع قطري في غرب العراق لمد أنابيب غاز..|11|
الفدية… معقدة جدًا: ومولت الإرهاب بطرفيه الشيعي والسني
نقلت قناة “الغدير” التلفزيونية العراقية|12|،عن المتحدث الرسمي، باسم الحشد الشعبي، أحمد الأسدي، الاثنين، تعليقا حول الأنباء التي تحدثت عن تلقي قوات الحشد هدية مالية بـ 500 مليون دولار من دولة قطر، قوله أنها “لا تستحق الرد” وأضاف الأسدي، في تصريح صحافي، نقلته وكالة “نون” الإخبارية، إنه “لا صحة لأنباء دعم أمير قطر بمبلغ مالي إلى قوات الحشد الشعبي”، واصفاً تلك الأنباء بـ”الأكاذيب الواضحة جدا، وأنها لا تستحق الرد عليها”|13|.
صحيفة الفايننشال تايمز نشرت في صفحتها الأولى تقريرا بعنوان “فدية بمليار دولار أججت الخلاف بين قطر ومنافسيها الخليجيين”|14| لمراسلها سيمون كير، قال فيه أن ما حرك السعودية ومصر ودولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين لقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وإغلاق الحدود معها والأجواء والموانئ بوجه وسائل نقلها|15|، كان فدية بمبلغ مليار دولار قدمتها قطر لتحرير أعضاء في عائلتها الحاكمة كانوا في رحلة لصيد الصقور واختطفوا في العراق. وينقل المراسل عن أشخاص، يقول إنهم على صلة بالصفقة التي تمت في أبريل (نيسان)، قولهم إن ما أغضب السعودية وحلفاءها هو دفع الدوحة لفدية الى جماعة إرهابية. ويشير البعض بأنّ الفدية كانت ضمن صفقة كبيرة لم تقتصر على العراق فقط، بل تمددت آثارها لانسحابات تمت بسوريا.
وتقول الصحيفة|16| إنها تحدثت إلى أشخاص من كل الأطراف المشتركة في صفقة إطلاق سراح الرهائن، من بينهم مسؤولان حكوميان وثلاثة قياديين من الميليشيات الشيعية العراقية وشخصيتان قياديتان في المعارضة السورية. وتضيف أن مبلغ 700 مليون دولار دفع إلى شخصيات إيرانية وميليشيات محلية تدعمها إيران، لتحرير القطريين الـ 26 المختطفين في العراق. كما دفعت الدوحة من 200 إلى 300 مليون دولار إلى جماعات إسلامية في سوريا، ذهب معظمها إلى جماعة فتح الشام المرتبطة بتنظيم القاعدة مقابل إطلاق سراح 50 مسلحا شيعيا كانوا في قبضتهم. ويوضح التقرير أن القضية بدأت مع قيام ميليشيا كتائب حزب الله في العراق باختطاف القطريين في ديسمبر(كانون الأول) 2015، ويضيف أن ثلاثة من قادة الميليشيا العراقية قالوا إن الرهائن نقلوا إلى إيران. وترى الصحيفة أن هذه الميليشيا على صلة بجماعة حزب الله اللبنانية، التي تقاتل لدعم نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا. وتنقل الصحيفة عن دبلوماسيين لم تسمهما قولهما إنهما يعتقدان أن محفز اختطاف القطريين كان لإعطاء حزب الله وإيران ذريعة للتفاوض لإطلاق سراح مقاتلين شيعة محتجزين لدى جماعة “فتح الشام” السنية المتشددة في سوريا، التي كانت تعرف سابقا باسم “جبهة النصرة” وتمثل فرع تنظيم “القاعدة” في سوريا. ويضيف الدبلوماسيان أن الصفقة شملت اتفاقا منفصلا لتسهيل إجلاء بلدتين يحاصرها مسلحو المعارضة السورية مقابل أخرتين يحاصرهما مسلحون شيعة. وتنقل الصحيفة عن دبلوماسي غربي قوله “لقد ظلت قطر وإيران تبحثان لوقت طويل عن غطاء لعقد هذه الصفقة، وقد وجدتا ذلك أخيرا”. كما تنقل عن شخصيات قيادية في المعارضة السورية قولها إن قطر استخدمت ترتيبات الإجلاء لدفع مبلغ 120 إلى 140 مليون دولار لجماعة “فتح الشام”، فضلا عن 80 مليون أخرى لجماعة إسلامية أخرى هي “أحرار الشام”.
قلق دولي وتفهم: المهم دحر الإرهاب
اعتبر تقرير لمجلة “فورين أفيرز” الأمريكية، أن أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني في موقف لا يعطيه سوى خيارين من أجل التعامل مع العزلة التي فرضت عليه بسبب سياسات بلاده. وبحسب المجلة، فإن الخيار الأول هو قبول الأمير بالمطالب والشروط الخليجية والعربية من أجل عودة العلاقات إلى سابق عهدها. ويعني ذلك تخلي قطر عن سياستها الداعمة لجماعة “الإخوان” والجماعات المتطرفة في المنطقة، والتراجع عن علاقتها المتنامية مع إيران وميليشيات “حزب الله”. وفي هذا السياق، قالت المجلة إن قطر بدلاً من الامتثال لمطالب سابقة من الجيران الخليجيين، قد دعمت المتمردين الحوثيين في اليمن وتقربت من ميليشيات “حزب الله”. هذا الخيار يشكل تحديًا داخل الأسرة الحاكمة في قطر، فقد يخاطر الأمير بخسارة علاقته بالحرس القديم وبوالده الأمير السابق حمد بن خليفة آل ثاني، ووزير الخارجية الأسبق ذي النفوذ القوي حمد بن جاسم. أما الخيار الثاني والذي لن يقل صعوبة، فهو أن يعقد الأمير تميم تحالفًا مع إيران التي تحظى بالفعل بعلاقات اقتصادية كبيرة مع الدوحة. لكن الثمن الذي سيدفعه لقاء ذلك، بحسب المجلة، سيكون مكلفًا لبلاده من حيث الخروج من مجلس التعاون الخليجي واستحالة العودة إليه مجددًا. وستمثل الدوحة تبعًا لذلك تحديًا كبيرًا بالنسبة للولايات المتحدة التي تملك أكبر قاعدة عسكرية لها في الشرق الأوسط بمنطقة “العديد” في قطر، وتعد إيران الراعي الأول للإرهاب في العالم|17|.
قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، إنه يشعر بالأسى للخلاف بين قطر ودول عربية أخرى، ودعا إلى الحوار لحل النزاع. وأضاف في مؤتمر صحفي “نعتبر استقرار منطقة الخليج من وحدتنا وتضامننا. بعض الأمور تطرأ بين الدول بالطبع، لكن الحوار يجب أن يستمر”. وصرح متحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية إن بلاده ليست لديها نية لقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر. وأضاف نفيس زكريا أن باكستان “ليست لديها مثل هذه النية”. وأن “لا شيء في الوقت الحالي يخص الشأن القطري و(سنصدر) بيانا إذا حدث تطور. وقالت سوشما سواراج وزيرة الشؤون الخارجية في الهند، إن بلادها لن تتأثر بقطع بعض دول الخليج علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. وبينت للصحفيين أنه “لا يبرز أي تحد بالنسبة لنا من هذا (الإجراء). هذا شأن داخلي لدول مجلس التعاون الخليجي. نهتم فقط بشأن الهنود هناك. نحاول اكتشاف ما إذا كان أي هندي عالقا هناك”|18|.
من جهة أخرى، استعادت جريدة عكاظ السعودية تقارير صحفية تؤكد فيها على وجود علاقة بين رموز في قطر وبين “القاعدة”، واعتمد في تقرير لها على ما نشره موقع «إيه بي سي نيوز» الإخباري في فبراير الماضي. وجاء في التقرير أن “خالد شيخ محمد العقل المدبر لأحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، التي نفذها تنظيم القاعدة الإرهابي بقيادة أسامة بن لادن، كان يخضع لحماية عبدالله بن خالد آل ثاني، ويتلقى دعما خاصا منه، ما فوت على مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية فرصة القبض عليه في حينه. ووصف هاني الظاهري، علاقة قطر بالإرهاب بـ”الزواج العرفي”، وكتب في مقال له “بدأ هذا الزواج منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي” بعد تولي الأمير حمد بن خليفة مقاليد الحكم “ومن ثم أسس قناة الجزيرة الإخبارية، التي عملت لفترة طويلة كوزارة إعلام في الظل لتنظيم القاعدة، وهو ما أكدته وثائق «أبوت أباد» التي صادرتها القوات الأمريكية خلال الهجوم على سكن زعيم التنظيم الهالك أسامة بن لادن”|19|.
خيارات قطر: تركيا عسكريًا وإيران لوجستيًا… أم الحوار؟
في الوقت الذي أصبح الحديث الإعلامي موجهًا، يمكن رسم خط إعلامي التزمته الجهات التي تولّت موقع الدفاع عن قطر وسياستها، وأهم ما يتكرر هو أنّ الاتجاه نحو إيران صار ضرورة، ليس لقطر فقط، وإنما لها وللجماعات الإسلامية التي تحالفها، كما عبّر عزام التميمي مثلا. وبالرغم من شائعات وجود اتفاقيات لوجود إيراني في الدوحة، إلا أنّ الثابت أنّ تركيا هي التي تأكد قانونيًّا احتمال إرسالها لقوات بعد اعتماد برلمانها لقرار يسمح بإرسال بضعة آلاف من الجنود إلى قطر.
الدور التركي يتراوح في المسألة القطرية، فمن الحديث عنها كأنها جزء سابق من الدولة العثمانية، كما صرّح داود أوغلو، ثم الإشارة إلى أنّ قطر هي الدولة الخليجية الوحيدة التي وقفت مع تركيا في اليوم الأسود –المقصود حركة ١٥ يوليو-، وغيره من مستويات الحشد الذي يحاول بالإضافة إلى التضامن مع الرؤية القطرية توليد موقف عدائي ضد بقية دول الخليج.
فقد وافق البرلمان التركي، على قرار يسمح بنشر قوات تركية في قطر كجزء من اتفاقية بين البلدين، خاصة بإنشاء قاعدة عسكرية تركية في قطر. وأقر البرلمان مشروع قانون يسمح بتطبيق الاتفاقية مع تعديلات تقنية للاتفاقية الأصلية، طبقا لإعادة هيكلة في الجيش التركي. وجاء في نص مشروع القانون أن الهدف من اتفاقية تأسيس القاعدة العسكرية في قطر هو “تطوير القوات المسلحة القطرية”، و”زيادة القدرات الدفاعية للقوات المسلحة التركية من خلال تدريبات مشتركة”، و”دعم جهود مواجهة الإرهاب وحفظ السلام الدولي”. وكانت الحكومة القطرية أرسلت مشروع القانون إلى البرلمان، في مارس/ أيار الماضي، وقدم أعضاء حزب “العدالة والتنمية الحاكم” طلبا لتسريع التصويت عليه ووضعه على أجندة البرلمان، الأربعاء. وجرى توقيع اتفاقية تأسيس القاعدة العسكرية عام 2014، وتتمركز بالفعل بعض القوات التركية في قطر بموجب الاتفاقية|20|.
عراقيا، نشر موقع “كنوز ميديا”، وهو موقع إعلامي عراقي معتمد من قبل نقابة الصحفيين العراقيين، خبراً عن تصريحات السفير التركي لدى العراق “عن دعم بلاده للمواقف القطرية من جماعة الإخوان المسلمين وحماس وشدد على متانة العلاقات المتجذرة بين الدوحة وأنقرة”. وقال السفير فاتح يلدز مدافعاً عن قطر في قضية دفع الأموال مقابل إطلاق سراح مختطفيهم، بأنّ السعودية دفعت مبلغاً أكبر، وإنّ اتهامها للدوحة بتحويل المبلغ إلى الحشد الشعبي هو “طمس للحقائق”. كما ندّد السفير بتصريحات الرئيس دونالد ترمب في القمة العربية الإسلامية الأخيرة، لوصفهما حماس والإخوان المسلمين بالإرهابيين، معتبراً التصريحات خيانة للعالم الإسلامي وفلسطين|21|.
خلاصة
منذ العام ٢٠١١، تنظر المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وجهورية مصر العربية، وبقيّة محور الاعتدال العربي، للاستقرار كأحد الركائز الأساسية التي يجب الحفاظ عليها، وفي مقدمة أجندات محور الاعتدال العربي مكافحة الإرهاب الذي يزعزع استقرار الدول ويهدد الإنسانية، وتؤمن الدول بأنّ مصدر الإرهاب الأساسي يأتي من الجماعات التي تحاول سرقة دور الدولة، سواء الجماعات الانقلابية كجماعة الحوثي في اليمن، أو الجماعات التي تمثل حاضنة للإرهاب. وكانت الأزمة الخليجية في العام ٢٠١٤، تدور حول هذه المفاهيم، وتبدو في هذا الفصل من الأزمة دول الاعتدال العربي أكثر إيمانًا بفكرتها في ضرورة وقف دعم الإرهاب، وأهمية الحفاظ على الاستقرار العربي. ويبدو استيراد الجنود الأتراك بما يحملون من عدائية تجاه بعض دول الخليج، محل سؤال جديد، قد يضيف لصيف الخليج الحار، بعدًا يفخخ رماله.
|1| Simeon Kerr, Tensions rise between Qatar and Gulf neighbours, Financial Times, MAY 24, 2017
|2| المصدر السابق
|3| Jonathan Schanzer, Time for the US to stop Qatar’s support for terror, nypost, April 20, 2017
|4| المصدر السابق
|5| سجل جرائم قطر في دعم إرهاب داعش والنصرة، موقع البوابة، ديسمبر ٢٠١٦
|6| صالح السيد باقر، “التوتر القطري السعودي والتمييز بين إخوان الشياطين والملائكة”، صوت العراق، 25 مايو 2017
|7| هادي جلو مرعي، “تحتل السعودية قطر لم لا”، عراق القانون، 30 مايو 2017
|8| “كتلة المالكي تطلب من سليم الجبوري عدم التحدث باسم السنة”، صحيفة بابل، 6 يونيو 2017
|9| سليم الجبوري الإخواني يلتقي آل ثاني في زيارة مفضوحة- هوشيار زيباري”، NRT، 6 يونيو 2017
|10| العبادي: العراق ليس طرفاً في النزاع الخليجي”، رويترز، 6 يونيو 2017
|11| محلل عراقي: هناك صفقات بين قطر وإيران في العراق”، شبكة الإعلام العربية، 29 مايو 2017
|12| تصريحات أحمد الأسدي، قناة الغدير، 30 مايو 2017
|13| السعودية تحاول نقل صراعها مع قطر إلى العراق”، وكالة نون بريس، 30 مايو 2017
|14| Simeon Kerr, What is behind the Arab dispute with Qatar?, Financial times, June 5,2017
|15| أعلنت جمهورية موريتانيا رسميًّا قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر بتاريخ 7 يونيو، لتصبح بذلك الدولة العربية السابعة التي تتخذ هذا القرار على خلفية دعمها للإرهاب. كما أعلنت جمهورية موريشيوس، قطع علاقاتها مع قطر أيضا، بينما خفضت الأردن مستوى التمثيل الدبلوماسي مع قطر، وإلغاء ترخيص قناة الجزيرة في المملكة الأردنية الهاشمية، كما أُمهل السفير القطري أسبوعا لمغادرة البلاد. وعلّقت السلطات الفلبينية توجه رعاياها العمال إلى قطر
|16| Erika,Solomon – The $1bn hostage deal that enraged Qatar’s Gulf rivals, Financial times, June 5,2017
|17| فورين أفيرز”: “تميم” أمام “خيارين فقط”.. التخلي عن إيران والجماعات المتطرفة أو الخروج من مجلس “التعاون” للأبد، سبق، 6 يونيو 2017
|18| المصدر السابق
|19| إيه بي سي نيوز” تكشف أسرار العلاقة بين العائلة المالكة في قطر و”القاعدة”، عكاظ، 3 يونيو 2017
|20| البرلمان التركي يوافق على نشر قوات في قطر، سي ان ان، 7 يونيو 2017
|21| السفير التركي لدى العراق: السعودية دفعت مبلغ أكثر من قطر للعراق”، كنوز ميديا، 2 يونيو2017