دبي
يواكب كتاب المسبار “إيران والإخوان (3): الشيعة القطبيون” (الكتاب الرابع والعشرون بعد المئة، أبريل/ نيسان 2017) السياقات التاريخية والأطر المفاهيمية والنصوص التأسيسية والتقاطعات الأيديولوجية التي تستند إليها أكبر كتلتين حركيتين، أي: «الإخوان المسلمين» في مصر و«الخمينية» في إيران. ويواصل مركز المسبار بذلك سلسلة كتبه التي تتناول جناحي الإسلام السياسي الإخواني والخميني الإيراني. توضح الدراسات حدود التقارب بين الطرفين، وقد عملت على رصد وحدة القواعد المعرفية المشتركة في طبيعة الخطاب الراديكالي، وتحليل النصوص العقائدية لا سيما نظرية الحاكمية، والتلازم بين الدين والدولة، والمسار السياسي والعملي. كشف المنهج المقارن المعتمد عن أبرز نقاط الاتفاق والافتراق بين أكبر حركتين إسلامويتين.
صناعة الإسلام الثوري.. الخطاب والتَّشكُّل لدى الإخوان المسلمين وولاية الفقيه
الباحث العُماني أحمد الإسماعيلي، يتناول في دراسته تحليل سياقات التحول لدى الإخوان في مصر، ويقدم مقاربات معرفية بين الحركتين في صناعة الإسلام الثوري، تُعنى بطبيعة الخطاب وسياقات التشكل التي فرضتها الإيقاعات السياسية والاجتماعية على كلتيهما، ويناقش ثلاث أطروحات تتمحور حول طبيعة صناعة الإسلام الثوري وسياقاته؛ حيث تعنى أولاها بطبيعة الخطاب الثوري لكلا الحركتين، مركزا على شبكة المفاهيم التي وظفها الإسلام الثوري، في سبيل استقطاب الجماهير المتعطشة للخروج من وحل الفقر كظاهرة اجتماعية، والديكتاتورية كظاهرة سياسية، وهو إشكال يهتم بتفكيك البنى اللغوية لخطاب الإسلام الثوري. ثم يقوم الباحث برصد سياقات التحول السياسية والاجتماعية وتحليلها، التي مرت بها هاتان الحركتان، وعلاقتهما بالحركات الثورية الأخرى، وبالمركزية السياسية، وبالقضايا العالمية، وقدرة رموز هاتين الحركتين على استيعاب الأطراف الأخرى في دوائر الصراع السياسي. ويقدم الباحث تصورا حول مآلات صناعة الإسلام الثوري لدى هاتين الحركتين؛ لماذا نجحت في إيران وأخفقت في مصر؟ كما يرى أن الإسلام الراديكالي لا يمكن أن يظهر إلا في فضاءات اجتماعية مختنقة بالفقر والجهل والظلم ومليئة بالتناقضات الفوضوية، وفي ظل حكم أنظمة سياسية خانقة للحريات والعدالة والمساواة، وموغلة في البطش والظلم والفساد. هذا هو المناخ الذي يهيئ لصناعة الإسلامات الثورية في الوطن العربي والإسلامي بشكل عام، وبدون هذا المناخ لا يمكن لهذا النوع من الإسلامات الراديكالية أن يتأسس؛ لأنه لن يجد ما يقتات عليه في بناء فضائه الخاص.
نظرية الحاكمية بين سيد قطب وعلي خامنئي
يدرس الباحث اللبناني هيثم مزاحم -المتخصص في الحركات الإسلامية المعاصرة- مدى تأثير نظرية الحاكمية، التي طوّرها سيّد قطب وشكّلت لاحقاً العمود الفقري للبناء النظري للحركات الإسلامية والجهادية في العالم الإسلامي، على الخميني وتلميذه وخليفته علي الخامنئي، مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران. ويشير إلى أن رؤية الخامنئي لحاكمية الشعب جاءت في مقابل الديمقراطية في الغرب، والفرق الأساسي بينهما أن حاكمية الشعب هي أن يقرر الشعب ما يريد تحت سقف الإسلام. أما الديمقراطية فهي أن يقرر الشعب ما يريد دون ضوابط أو سقف يحكمه. ويقول: إن هذا البعد الشعبي لا نجده عند المودودي وسيد قطب، اللذين جعلا الحاكمية الإلهية متمثلة في الخلافة، بحيث جعلا خليفة الله أشبه بالطرح الكاثوليكي لسلطة الكنيسة على الأمة، من دون أن يكون للشعب أي دور اجتماعي أو سياسي يذكر. وبالرغم من الفوارق الشكلية بين أطروحة المودودي– قطب، وأطروحة الخميني– الخامنئي، فإن الجانبين يتفقان في أن الحاكم الحقيقي في الإسلام هو الله وحده، وأن الدولة الإسلامية سواء أكانت جمهورية أم إمارة أم خلافة، فهي كما يقول المودودي «دولة مهيمنة أو مطلقة، محيطة بجميع فروع الحياة ونواحيها، ولكن أساس هذه الهيمنة والإحاطة التامة، إنما هو القانون الإلهي الجامع الواسع، الذي وكل إلى الحاكم المسلم تنفيذه في الناس». كان جلّ تركيز الخميني هو على البرهنة على صحة نظرية ولاية الفقيه المطلقة في عصر غيبة الإمام الثاني عشر، وامتداد ولاية الفقيه إلى الأمور السياسية، بمعنى قيادة المسلمين وتولّي السلطة وتفرعاتها. كما أن البنية الفقهية والعرفانية لدراسة الخميني، ومن بعده الخامنئي، تجعله –كفقيه- دقيقاً جداً في إطلاق أي حكم فقهي أو فتوى بتكفير مجتمع مسلم، بخلاف المودودي وسيد قطب اللذين لم يتخرجا في المدرسة الدينية التقليدية كالحوزة أو الأزهر.
التيارات العابرة للوطنية بين الثورة والدولة: الإخوان المسلمون وإيران
يقول الباحث البحريني عباس المرشد في دراسته هذه: إنه على الرغم من مرور أكثر من نصف قرن على علاقات الإخوان المسلمين بالحركات الإسلامية الشيعية في إيران؛ فإن هذه العلاقة التاريخية لم تكن على وتيرة واحدة، لا من حيث طبيعة الأطراف، ولا من حيث المنحى الذي سارت عليه، الأمر الذي أحاطها بالغموض تارة، والخصومة تارة أخرى، والازدواجية تارة ثالثة. وشهدت هذه العلاقة حالات مد وجزر، ولكن بدا واضحاً، من سياق تطورها، أن الطرفين قد تجنّبا القطيعة التامة، على الرغم من أن التطورات السياسية المتعاقبة قد أثّرت في طبيعة هذه العلاقة، وأن الانتقال من وضعية الثورة إلى وضعية الدولة أو (استلام الحكم أو المشاركة فيه بدرجة ما) من شأنه أن يؤدي إلى تعزيز العلاقة العابرة «المتجاوزة» للوطنية، بل وتسخير ثروات الدولة ومقدراتها لخدمة هوية العبور المتجاوز للوطنية. وهذا يعني أن الحدود بين الثورة والدولة في التيارات العابرة للوطنية، هي حدود تخضع لحسابات ذات وجهين، الأول: هو العقلانية النفعية، كبروز حالات لم تكن موجودة من قبل، كما في حالتي حركة حماس الفلسطينية، مقابل حركة الجهاد الإسلامي، والجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر، مقابل العلاقة الوثيقة بين نظام الحكم في الجزائر وإيران. والثاني: ما يطلق عليه «أخلاق التكييف» وما تفرضه من ممارسات لا تتفق تماماً والرؤية العقائدية للجماعة أو الدولة، فتلجأ إلى إجراء تغيير في درجة القيمة المعطاة لبعض الرؤى العقدية، بما يتلاءم ومتطلبات الواقع العملي والفعلي، كما في حالة وجود اختلاف مذهبي قابل للتوتر الطائفي. ويشير الباحث إلى أن المتغير المستقل في دراسته هو الاختلاف المذهبي، خلافاً لحالات أخرى يكون التجانس المذهبي فيها هو المتغير المستقل. ويتتبع الباحث في دراسته البدايات الأولى لعلاقة الإخوان المسلمين بالحركة الإسلامية الشيعية في إيران في مرحلتين، الأولى: مرحلة التنظيم، والثانية: مرحلة الدولة. وذلك من خلال استعراض التراكمي التاريخي للمواقف بين كلا الطرفين، لدراسة حالات التيارات العابرة للوطنية، وكيف تتشكل داخل إطار الدولة الوطنية.
خلية الإخوان المسلمين لإنقاذ نواب صفوي من الإعدام
رشيد الخيُّون -الباحث العراقي المتخصص في التراث الإسلامي والفلسفة الإسلامية، وعضو هيئة التحرير بمركز المسبار للدراسات والبحوث- تناول العلاقة بين الإخوان المسلمين وحركة «فدائيان إسلام» بزعامة نواب صفوي (أعدم 1955)، التي لم تُكتب. يشير الخيون إلى تفاصيل ذلك الحدث من خلال أحد المحسوبين على الإخوان العراقيين -آنذاك- الشَّيخ معن شناع العجلي، الذي التقاه الباحث شخصيا، فيقدم الخيون للموضوع بتعريفين للشيخ العجلي ولصفوي، ثم يستعرض ما تحقق مِن اتصال بين فرعي الإخوان المسلمين وحزب التَّحرير بالعراق والشباب الإسلاميين الشِّيعية. ويشير الباحث إلى أن ما كتبه الشَّيخ العجلي في فصل «محطم العرش البهلوي»، مِن كتابه «الفكر الصَّحيح في الكلام الصَّريح» حديث مطول ألقاه في جمعية الأخوة الإسلامية ببغداد، دار الإخوان المسلمين، بعد ثلاثة أشهر مِن إعدام صفوي. ويستغرب الباحث من عدم التنويه لهذه الحادثة في كُتب الإخوان وتاريخهم، فمِن المؤكد أن جل الحاضرين تلك المناسبة في الجمعية -إن لم يكن كافتهم- كانوا مِن الإخوان المسلمين.
منابع الإرهاب الإسلاموي المعاصر
الباحث السعودي عماد المديفر تناول في دراسته ظاهرة «الإرهاب الإسلاموي» في العصر الحديث، بشيء من التفصيل، وتكاد تجمع الدراسات على أن تيارات العنف الإسلاموي السياسي، التي أنتجت هذا النوع من الإرهاب في العصر الحديث؛ لم تبرز على السطح إلا مع ظهور الثورة الإسلامية في إيران «ثورة الخميني» التي بلغت أوجها في محرم عام 1398هـ الموافق للثاني عشر من ديسمبر (كانون الأول) عام 1978، واستيلائها –باسم الثورة الدينية الشعبية، ثم عبر صناديق الانتخاب- على زمام الأمور هناك عام 1979؛ حيث بدأت الأعمال الإرهابية العدائية باسم «الإسلام والإسلاميين» بالانتشار تحت شعار: «محاربة الإمبريالية الغربية»، وأن ذلك لا يتأتى إلا بـ«تحطيم حكم الطغاة عملاء الغرب في البلدان العربية والإسلامية، وإقامة الحكومة الإسلامية والدولة الإسلامية»، حينها شرع «الإرهاب الإسلاموي المعاصر» في ضرب البشرية هنا وهناك، وبدأ أول ما بدأ في العام ذاته الذي قامت فيه الثورة. ويشير إلى أن البعض وصف العلاقة بين إيران والإخوان المسلمين بعلاقة «الاعتماد المتبادل»، فيما يراها آخرون «علاقة بنيوية من الجذور»، وتوظيفهما للجماعات والتنظيمات الإرهابية المتطرفة لتحقيق مصالحهما وأهدافهما، حيث تعتبر إيران أن الإرهاب أحد أدوات تنفيذ السياسة الخارجية الإيرانية؛ لتحقيق التوسع الإيراني، ومد سيطرتها من خلال زعزعة أمن المنطقة، وتفتيت الدول التي تقف حائلاً أمام مشروعها التوسعي، وهو ما دعا عديد الباحثين الغربيين للقول بأن: «الإرهاب أداة لتنفيذ السياسة الخارجية الإيرانية»، فيما يوظف تنظيم الإخوان هذه التنظيمات لتحقيق هدفين؛ الأول: ضرب وإضعاف الأنظمة العربية القائمة التي تقف حائلاً دون تحقيق طموح الإخوان في الحكم (إقامة دولة الخلافة)، والثاني: أنهم يقدمون أنفسهم كبديل معتدل، ويقولون: إنهم إذا ما حكموا ووصلوا للسلطة فإنه لن يكون لهذه التنظيمات أي رغبة في العنف، فمتى ما وصل الإسلاميون للحكم بالطرق الديمقراطية أو بغيرها، فإنهم بذلك سيسحبون ذريعة العنف والإرهاب من هذه التنظيمات المتطرفة، وستنتهي وتضمحل هذه الأعمال، فيما أنه لو تم إبعادهم عن ذلك، وأغلق الطريق أمام تصدرهم للحكم والسلطة، فإن ذلك سيكون دافعاً لمزيد من الإرهاب والعنف والقتل والتفجير والدمار.
الإخوان المسلمون وإيران: القاسم المشترك في الخليج
الإعلامية والكاتبة السعودية سكينة المشيخص، ترى أن علاقة جماعة الإخوان المسلمين بالدولة الإيرانية، تكتيكية أكثر منها استراتيجية، فثمّة قواسم مشتركة تجعل طرفي العلاقة في حاجة حيوية لتنفيذ مشروعات وأجندة توسعية، تلتقي عند فكرة عامة حول الخلافة التي تتطلب انتشاراً دينامياً في الأوساط الشعبية للدول الإسلامية، وذلك ينطوي على استغلال منهجي للمشاعر الدينية للناس، وتوظيف أشواقهم الدينية للوحدة والذهاب بها في مسارات مضللة، تصنع زيفاً كثيفاً حول الأجندة الخفية لخطط التوسع واختراق الحكومات والمجتمعات. ويأتي هذا البحث في إطار دراسة جدوى مشروعات الطرفين. فالعلاقة بين جماعة الإخوان والدولة الإيرانية عقب الثورة الإسلامية قائمة على مصالح مشتركة قوية، فالجماعة ترى أن الثورة الإسلامية في إيران انتصار لرؤيتهم ومشروعهم العالمي، فهي أول حكومة إسلامية في الزمن المعاصر، مما يعزز البرامج والخطط المشتركة بينهما، ولذلك فإنهما في حال انسجام لم تتعرض لأي ضغط أو تصدّع، حيث نجحا في كثير من المواقف والأحداث في تأكيد اتفاقهما، وخلق مزيد من عناصر العداء المشترك لدول المحيط العربي والإسلامي. وتجيب الباحثة على عدد من التساؤلات: كيف استطاع الطرفان توحيد أهدافهما على الرغم من التمايز المذهبي؟ ما المحفزات التي تجعل الجماعة وإيران يبقيان على تماسك علاقتهما؟ كيف أفادا من تعزيز الطائفية في تمرير الأجندة المتطرفة في المجتمعات الإسلامية؟ ما فرص استقرار العلاقة بين الجماعة والدولة الإيرانية وتحقيق أهدافهما؟ ما دور الطرفين في تأزيم العلاقات المجتمعية الداخلية في الدول المحيطة؟
موقف القاعدة وداعش من إيران.. دراسة مقارنة
الباحث المصري المتخصص في الحركات الإسلامية علي عبدالعال، يقول في دراسته: إن العلاقة المفترضة بين إيران وتنظيمي «القاعدة» و«الدولة الإسلامية» شغلت الكثيرين من الساسة وصناع القرار، والمنظرين الإسلاميين، كما شغلت مساحات ليست قليلة من اهتمامات وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة. ويرى أن التوظيف السياسي، وزاوية التناول الخاصة، واتهامات العمالة، قواسم مشتركة بين كل هذه الأطراف، ضاعت معها الحقيقة التي يمكن أن يطمئن لها الباحث تجاه قضية سياسية وفكرية مهمة كهذه؛ إذ لم تخل معظم الكتابات التي تناولتها من التحيز والميل (مع أو ضد). ومع خلو الساحة من دراسة موضوعية جادة تشفي غليل البحث، يحاول الباحث في هذه الإطلالة سبر أغوار هذه العلاقة من مصادرها وشهود العيان عليها، من خلال رصد الخطابات والتصريحات والبيانات الرسمية، والمساجلات التي خرجت تعلق على الأحداث وقت وقوعها من قبل أطرافها والمشاركين فيها.
إيران وحماس: ما بعد انتخابات المكتب السياسي
أستاذ الإعلام بجامعة بيرزيت في فلسطين محمد أبو الرب، تناول خطاب حركة حماس، والتحولات المحتملة على منظومة علاقات الحركة بإيران وحلفائها في المنطقة، كحزب الله وسوريا بعيد انتخاب هيئة قيادية جديدة لها في فبراير (شباط) 2017، والتي أفرزت أسماء جديدة لقيادة المكتب السياسي لحماس لم تكن ضمن عضوية المجلس السابق. وتستعرض هذه الورقة المحطات الكبرى في علاقة إيران بحماس، في محاولة لاستشراف طبيعة العلاقة التي ستحكم الطرفين، خصوصاً بعد انتخاب يحيى السنوار لقيادة الحركة في قطاع غزة، فإلى أي حد ستقترب حماس من إيران أكثر في ظل قيادته؟ وإلى أي حد ستتفاوت رؤى قيادتي حماس السياسية والعسكرية من العلاقة مع إيران وملفات المنطقة الساخنة كالأزمة السورية؟ يرى الباحث أن انتخاب السنوار كان مفاجأة للمتابعين للشأن الحمساوي، خصوصاً أن الأخير خرج من سجون الاحتلال عام 2011 في صفقة تبادل الأسرى، كما أنه لأول مرة تنتخب حماس قائداً لها بخلفية عسكرية، فإسماعيل هنية وعبدالعزيز الرنتيسي والمؤسس أحمد ياسين، جميعهم من التيار المدني الدعوي لحركة حماس. كما أن انتخاب قيادة جديدة لحركة حماس وفوز يحيى السنوار فيها ينبئ -دون شك- بتقارب جديد بين الحركة وإيران، وخصوصاً أن السنوار محسوب على التيار العسكري لحماس، الذي لم يبارح مواقفه من إيران وسوريا وحزب الله، خلافا للمواقف السياسية الدبلوماسية لحماس.