إيهاب نافع[1]*
عاشت مصر ولا تزال معركة حقيقية مع الإرهاب والتطرف، وذلك منذ قرابة قرن من الزمان، اختلفت الأجواء السياسية، وتبدلت الأنظمة الحاكمة وبقي الإرهاب تهديداً قائماً، لكن الموجة الأخيرة من الإرهاب فاقت كل ما سبقها، لتصل فعلياً لحرب عصابات وظفت فيها دول وأنظمة إقليمية إمكاناتها كافة في مواجهة الدولة المصرية، دفاعاً عن أيديولوجيا بعينها، وبحثاً عن انتقام من دولة تسعى لاستعادة مكانتها المفقودة، متسلحة بجيشها الأقوى إقليمياً، والصاعد لمراكز قوية ضمن الجيوش الأقوى في العالم.
استطاعت الحرب المصرية على الإرهاب وفقاً للإحصاءات والأرقام أن تنتصر فيها الدولة أمنياً، لكن التحديات الفكرية لا تزال قائمة، ولا يزال العالم يراقب التجربة المصرية داعياً لاستنفار قواها الفكرية لتقديم فكر جديد قادر على المواجهة مع دعاة الفكر الظلامي المحرف لحقيقة الدين الإسلامي، انطلاقاً من وجود الأزهر، أهم قلاع الدفاع عن صحيح الدين، ورمز الإسلام الوسطي السمح في العالم.
فهل تخطت مصر السبع سنوات العجاف في مواجهتها مع الإرهاب؟ وهل حان الوقت لأن تقود تجربة فكرية رائدة في تصحيح صورة الدين الإسلامي أمام العالم؟ أم إن الطموح الغربي الساعي لاستنفار قوى مصر الناعمة لن يجد من يتلقفه ويسعى للتصدر لمواجهة فكرية قوية مع الإرهاب ودعاته، والفكر المتطرف ومن يحملون لواءه، ليصوروا للعالم أن ذلك هو الإسلام.
الموجات الثلاث
عاشت مصر ولا تزال معركة حقيقية مع الإرهاب والتطرف، وذلك منذ نشأة بذوره الأولى مع تأسيس جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية عام 1928، وذلك في موجات ثلاث بدأت أولاها مع نشأة التنظيم الخاص لجماعة الإخوان، وما ارتكبه من جرائم قبل ثورة 1952 وامتدت حتى نهاية عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر وحادث محاولة اغتياله في المنشية بالإسكندرية عام 1954، ثم موجته الثانية التي كانت الجماعة الإسلامية الإرهابية بطلته بامتياز، وهي الموجة التي حققت أكبر جريمة إرهابية في تاريخ مصر استشهد فيها الرئيس محمد أنور السادات وسط احتفالات بذكرى نصر أكتوبر (تشرين الأول) المجيد عام 1981، ولتتواصل المواجهات بعدها بين الدولة والجماعة طوال فترة حكم الرئيس الراحل حسني مبارك وحتى إعلان الجماعة الإسلامية مراجعاتها عام 2004، ثم تلك الموجة الثالثة التي تعد الأعنف والأقوى في تاريخ مصر؛ إذ تعددت الجماعات الإرهابية المنتشرة على الأراضي المصرية، والتي جاء في القلب منها جماعة الإخوان الإرهابية، بحسب القوائم المعلنة من (21) دولة على رأسها مصر، و كذلك أذرعها المسلحة، التي نجحت الدولة المصرية بقواتها المسلحة وأجهزتها الأمنية في توجيه ضربات استباقية عدة قضت على التنظيمات الإرهابية واللجان النوعية للجماعة. وتوجت مصر جهودها عام 2020 بإسقاط الرجل الأول في التنظيم خارج السجن محمود عزت بعد سبع سنوات من التخفي داخل مصر، ليفتح خزائن أسرار الجماعة، ويحسم كثيراً من الأمور التي لم تكن خارج دائرة الشبهات، خصوصاً اقتصاد الجماعة وحجمه الحقيقي وكيف مولت أعمالها واخترقت مفاصل الاقتصاد المصري.
مواجهة الإرهاب بالأرقام
إن القراءة الدقيقة للأرقام المتاحة عن حجم العمليات الإرهابية التي شهدتها مصر منذ عام 2014 حيث اندلاع المواجهة مع جماعة الإخوان الإرهابية عقب الإطاحة بها من الحكم، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك نجاح الدولة المصرية في القضاء على الإرهاب من خلال ضربات استباقية، وتجفيف لمنابع التمويل، والرؤوس التي تدير وتمرر العمليات الإرهابية، وهو ما يمكن تلخيصه في الأرقام الآتية: [2]
1- بعد (15) يوماً على سقوط نظام الإخوان في 2013 وقع (39) هجومًا إرهابيًا فى شمال سيناء.
2- شهدت مصر عام 2014 نحو (222) عملية إرهابية.
3- كانت ذروة العمليات الإرهابية عام 2015 بـ(594) عملية إرهابية.
4- جاءت الحصيلة عام 2016 بـ(199) عملية إرهابية.
5- جاءت الحصيلة عام 2017 بـ(50) عملية إرهابية.
6- سجل عام 2018 أقل حصيلة بثماني عمليات إرهابية .
7- جاءت الحصيلة عام 2019 بـ(4) عمليات إرهابية أبرزها عملية معهد الأروام[3].
8- عام 2020 جاءت الحصيلة بـعمليتين إرهابيتين في بئر العبد في أبريل (نيسان) ويوليو (تموز) .
شهداء مكافحة الإرهاب
منذ سقوط نظام الإخوان في ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، خاضت القوات المسلحة المصرية، وقوات الأمن حرباً ضروساً ضد الجماعات الإرهابية في مختلف المحاور الاستراتيجية شرقاً وغرباً. ومع تزايد حجم المواجهة، ارتفع عدد التضحيات داخل صفوف القوات الأمنية، كما صرح رئيس مجلس إدارة “صندوق تكريم شهداء ومفقودي وضحايا ومصابي العمليات الإرهابية والأمنية والحربية” اللواء السيد علي غالي، في فبراير (شباط) 2020، حيث بلغ عدد الشهداء من القوات المسلحة (986) شهيدًا و(847) مصابًا. أما في وزارة الداخلية فبلغ عدد الشهداء (1123) شهيدًا و(872) مصابًا، ليصبح بذلك عدد الشهداء من العسكريين ورجال الشرطة (2109) شهداء، وعدد المصابين (1719) مصابا، وذلك بحسب الأرقام الموثقة من قبل وزارتي الدفاع والداخلية، فيما بلغ عدد الشهداء المدنيين، حسب الإحصاءات الموثقة من قبل رئاسة مجلس الوزراء، (1388) شهيدًا وعدد المصابين (2412) مصابًا من المدنيين.. ليبلغ بذلك إجمالي عدد الشهداء من العسكريين والشرطة والمدنيين (3497) شهيداً، وإجمالي عدد المصابين من العسكريين والشرطة والمدنيين (4131)[4]. هذه الأرقام جاءت وفقا للبيانات المعلنة في مجلس النواب المصري من قبل اللواء السيد علي غالي رئيس مجلس إدارة صندوق تكريم شهداء ومفقودي وضحايا ومصابي العمليات الإرهابية والأمنية والحربية.
محطات مصر في مواجهة الإرهاب
مرت المواجهات بين الدولة المصرية والإرهاب بمحطات مهمة يأتي في مقدمتها عام 2015 الذي شهد أكبر عدد من العمليات، وسجل السابع من يوليو (تموز) عام 2017 حدثين هما: هجوم كمين البرث الذي أوقع الضحية أحمد المنسي ورفاقه، بعد معركة تعتبر الأشرس في المواجهة بين الدولة والجماعات الإرهابية التكفيرية، فضلاً عن حادث مسجد الروضة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، الذي خلف أكبر عدد من الضحايا من المدنيين أثناء أداء صلاة الجمعة بلغ نحو (350) شهيداً فضلا عن المصابين، كما ترتب على كل ذلك انطلاق العملية (سيناء 2018) التي استطاعت تمشيط وتطهير سيناء، حيث تمكنت من ذلك خلال عامها الأول، كما أجبرت العملية الشاملة التي يقودها الجيش المصري التنظيمات والجماعات الإرهابية على التراجع الكبير في نشاطاتها، وبالتالي في عدد عملياتها الإرهابية، فالحصيلة النهائية لها في عام 2018 كانت الأقل طيلة السنوات الخمس السابقة، حيث وقعت خلال 2018 ثماني عمليات إرهابية فقط، جاءت خمس منها بعبوات ناسفة غير متطورة الصنع، وفشل عدد منها في تحقيق أهدافه الدنيئة، ويظهر هذا مدى التراجع الكبير لعدد العمليات الإرهابية عام 2018 مقارنة بالأعوام الماضية.
نجحت العملية العسكرية الشاملة (سيناء 2018) في تدمير البنية التحتية للعناصر الإرهابية من الأوكار والخنادق والأنفاق ومخازن الأسلحة والذخائر والعبوات الناسفة والاحتياجات الإدارية والمراكز الإعلامية ومراكز الإرسال، واكتشاف وضبط وتدمير أعداد كبيرة من العربات والدراجات النارية وكميات كبيرة من المواد المتفجرة، والأسلحة، والذخائر، والقنابل، والعبوات الناسفة، والقضاء على أكثر من (500) إرهابي، وإلقاء القبض على أعداد كبيرة من الأفراد ما بين عناصر إرهابية وداعمة للإرهاب أو مشتبه فيها بذلك، وعناصر جنائية هاربة من تنفيذ أحكام صادرة عليها، وتم إحالة العناصر الأولى لجهات التحقيق القضائية المسؤولة، بينما سلمت العناصر الثانية لجهات تنفيذ الأحكام القضائية.
كما تم تدمير العديد من الأوكار والمخابئ التي تستخدمها عناصر الإرهاب للاختباء بها وإخفاء أسلحتهم، واكتشاف وتدمير أكثر من (1200) عبوة ناسفة وأكثر من (1086) عربة و(1000) دراجة نارية و(420) مزرعة للنباتات المخدرة و(120) طناً من المواد المخدرة و(25) مليون قرص مخدر، فضلاً عن اكتشاف وتدمير أكثر من (16) فتحة نفق على الشريط الحدودي بشمال سيناء، فضلاً عن الحد من محاولات التسلل والهجرة غير الشرعية، وقد شملت عملية سيناء الشاملة (سيناء 2018) ليس فقط سيناء، ولكنها امتدت إلى المحاور الثلاثة الاستراتيجية على الحدود الشرقية والغربية والجنوبية للبلاد[5].
وعلى مدار عشرة أشهر من بدء العملية العسكرية الشاملة (سيناء 2018)، تمكنت القوات المسلحة من تحقيق أهداف استراتيجية عدة، والتي لها علاقة بالمحاور الثلاثة الخاصة باستراتيجية مكافحة الإرهاب، فعلى مستوى الرصد والقضاء على قيادات التنظيمات الإرهابية، تمكنت العملية الشاملة من استهداف العديد من قيادات الصفين الأول والثاني بتنظيم بيت المقدس “ولاية سيناء” الإرهابي منذ بدايتها في فبراير (شباط) 2018، وكان آخر نجاح لها في هذا المجال القضاء على قائد التنظيم أبي أسامة المصري والعديد من قيادات الصف الأول ومنهم خيرت سامي السبكي المسؤول الإداري بتنظيم بيت المقدس، والإرهابي محمد جمال مسؤول الهيئة الإعلامية للتنظيم، والإرهابي إسلام وئام مسؤول جهاز الحسبة، بجانب العديد من العناصر الإرهابية بالتنظيم، وهو ما أثر بشكل مباشر على بنية التنظيم الإرهابي من حيث الفاعلية والقدرة على تنفيذ عمليات إرهابية.
كما نجحت العملية الشاملة في تأمين الحدود وتجفيف منابع التمويل المادي والدعم اللوجستي للجماعات الإرهابية، حيث تتشكل العملية الشاملة (سيناء 2018) من الأسلحة الرئيسة كافة والأفرع العاملة بالقوات المسلحة مع جهاز الشرطة المصرية، وهو ما جعل هذه العملية تشمل أبعاداً مختلفة بجانب عملية المواجهة المباشرة مع العناصر والتنظيمات الإرهابية، حيث تمكنت قوات حرس الحدود والبحرية المصرية من إحكام السيطرة على الحدود البرية والبحرية سواء المرتبطة بنطاق العملية شرقي البلاد أو على الحدود الغربية والجنوبية لها، مما أدى إلى إغلاق مسارات نقل الأموال والأسلحة والمعدات والأفراد للمجموعات الإرهابية بشمال سيناء.
شهد عام 2019 ضربات موجعة من الأمن للجماعات الإرهابية، من خلال الضربات الاستباقية التي شنّتها القوات المسلحة ضمن ما يسمى «العملية العسكرية الشاملة» في سيناء، إذ قُضِي خلالها على (353) عنصرًا تكفيريًا «شديدي الخطورة»، وتم ضبط (791) سيارة تستخدمها تلك العناصر، وتدمير (268) عربة دفع رباعي و(78) مخبأ، فضلًا عن ضبط (461) من العناصر الإجرامية خلال تلك العملية.[6]
كما استهدفت لجنة التحفظ على أموال الإخوان (19) شركة وكيانًا اقتصاديًا تديرها قيادات الجماعة الهاربة خارج البلاد، إضافة إلى ذلك، أحبط قطاع الأمن الوطنى بوزارة الداخلية مخططًا عدائيًا يستهدف مؤسسات الدولة، بالتزامن مع ذكرى ثورة 30 يونيو (حزيران)، وتم الكشف عما يسمى بـ«خطة الأمل»، التي تقوم على توحيد صفوف قيادات العناصر الإثارية والموالين لعدد من القوى المدنية، وتوفير الدعم المالي من عوائد وأرباح بعض الكيانات التي تديرها الجماعة بهدف التخطيط لأعمال عدائية.
القضاء على التنظيمات الإرهابية الإخوانية
شهدت السنوات الخمس الأولى من المواجهة بين الدولة والجماعة الإرهابية عمليات عدة منسوبة لتنظيمات تابعة للإخوان، تمركزت داخل المدن والقرى في إقليم القاهرة الكبرى وصحراء الجيزة الظهير الصحراوي الغربي وبعض المدن الجديدة على أطراف القاهرة، وبعض مناطق الصعيد والأحياء الشعبية والمناطق غير المأهولة في المدن العمرانية الجديدة. ولكن أجهزة الأمن المصري استطاعت القضاء عليها والقضاء على بنيتها التحتية والإطاحة برأسها المدبر محمد كمال قائد اللجان النوعية في الجماعة وكان من بين تلك التنظيمات (حسم ولواء الثورة)، كما تم القضاء على عمليات استهداف بنية الدولة مثل (شبكات الكهرباء والمياه… إلخ) والمنشآت الاقتصادية خلال عام 2018 وخصوصا في العمق المصري (الوادي والدلتا)، كما كان يحدث من قبل التنظيمات الإرهابية خلال الأعوام السابقة عليه، كما اعتمدت أغلب العمليات الإرهابية عام 2018 على العناصر العشوائية أو ما يطلق عليه (الذئاب المنفردة).
تجفيف منابع تمويل الإخوان
نجحت الدولة المصرية في الربع الأخير من 2020 في القبض على القائم بأعمال مرشد جماعة الإخوان محمود عزت (ثعلب الجماعة العجوز) الذي كشف عن خزائن من الأسرار التي تجعل منه كنزاً استراتيجياً من المعلومات للدولة المصرية؛ إذ أرشدت التحقيقات معه لمبنى شهير في منطقة المهندسين، جنوب القاهرة، فيه ثلاثة طوابق مغلقة مليئة بالمستندات كشفت كما هائلا من الشركات الكبرى المتجذرة في مفاصل الاقتصاد المصري.
فيما كشفت السلطات المصرية عن إحباط (90) محاولة إرهابية خلال عام 2020 من خلال عمليات استباقية. وأكدت أنها وجهت أقوى الضربات لجماعة الإخوان بالقبض على القائم بأعمال مرشد التنظيم الإرهابي محمود عزت «الصندوق الأسود» للجماعة. وأفادت وزارة الداخلية المصرية في بيان لها، الجمعة 25 ديسمبر (كانون الأول)، أن هذه الضربة قادت إلى اعتقال عناصر أخرى في الجماعة بينهم وزيران هما خالد الأزهري وزير القوى العاملة وحاتم عبداللطيف وزير النقل، ورجلا الأعمال رجب السويركي وصفوان ثابت، الذين يواجهون تهماً بتمويل الإرهاب ودعم جماعة الإخوان.
أكد قطاع الأمن الوطني مقتل نحو (120) من العناصر الإرهابية معظمهم في سيناء في تبادل لإطلاق النيران، وعثر بحوزة بعضهم على أوراق تنظيمية وأسلحة ومواد متفجرة في أماكن اختبائهم، وأفاد أن مصر نجحت في تقليص معدلات العنف والعمليات الإرهابية بنسبة (95%) مقارنة بـ(85%) كانت في السابق، ما يؤكد التطور الكبير في منظومة العمل.
التعاون الدولي في مواجهة مخاطر الإخوان
شهد عام 2020 تقدماً كبيراً في مجال التعاون الدولي مع مصر من حيث تقديم عناصر إخوانية متهمة ومحكوم عليها في جرائم إرهابية، وكان من بين الدول التي تعاونت مع مصر في هذا الجانب الكويت وأوكرانيا.
سلمت السلطات الكويتية ثلاثة مصريين مقيمين في البلاد إلى الإنتربول الدولي، تمهيدا لتسليمهم إلى السلطات المصرية لتورطهم في الدعوة والتحريض على التظاهر ضد الحكومة في مصر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهم ينتمون لجماعة الإخوان ويقيمون في منطقة الفروانية وأطلقوا حملة مكثَّفة مؤخراً لتحريض المصريين على الفوضى والخروج عن النظام والتظاهر ضد الحكومة خلال الأيام الماضية، وهو ما يأتي ضمن التنسيق بين السلطات الأمنية الكويتية ونظيرتها المصرية في إطار الاتفاقيات المشتركة لتبادل المجرمين[7].
وأعلنت الكويت في يوليو (تموز) 2019، ضبط خلية إخوانية يحمل أعضاؤها الجنسية المصرية، وهم عبدالرحمن محمد عبدالرحمن، وأبو بكر عاطف السيد، وعبدالرحمن إبراهيم عبدالمنعم، ومؤمن أبو الوفا متولي، وحسام محمد إبراهيم، ووليد سليمان محمد، وناجح عوض بهلول، وفالح حسن محمد، وكذا كشفت التحقيقات في حينه أن المتهمين يشكلون خلية ضمن خلايا أخرى في الكويت، ترتبط بجماعة الإخوان في مصر، ويمارسون أنشطة اقتصادية، لتمول لاحقا عبر عائداتها عمليات إرهابية في مصر. واعترف المتهمون خلال التحقيقات بتنفيذ عمليات إرهابية في عدة أماكن، استهدفت تقويض الأمن، وتبين أنهم يعملون بسوق النقد الأجنبي، ويوجهون المصريين العاملين بالخارج، لا سيما في الكويت لوقف تحويلاتهم بالدولار، وتحويل ما يكفي حاجة أسرهم بالجنيه المصري، تنفيذاً لتكليفات الجماعة[8].
ومن الكويت إلى أوكرانيا حيث ألقت السلطات الأوكرانية، القبض على مصري ورد اسمه بالقائمة السوداء، بلائحة المطلوبين دوليًا بالشرطة الدولية “الإنتربول” لتورطه في عمليات إرهابية وانضمامه لتنظيم الإخوان الإرهابي، وقام جهاز الأمن الأوكراني “إس بي أو” -شعبة بولتافا، بالتعاون مع الشرطة الأوكرانية بالقبض على المتهم مختبئًا في محافظة بولتافا شرقي البلاد، حيث كشفت شعبة بولتافا للجهاز، في بيانها الصحفي، أن المتهم ينتمي إلى جماعة الإخوان المحظورة في مصر، وكان يُروج للأفكار الأصولية المتطرفة بين المسلمين في منطقة بولتافا، وتم تسليم المتهم إلى مصر[9].
مستقبل مصر في مواجهة الإرهاب
استطاعت مصر خلال الأعوام الثمانية أن تضع حداً فاصلاً في مواجهة الإرهاب عبر استراتيجيات عدة؛ فعسكرياً ما زالت جهود القوات المسلحة المصرية متواصلة في تجفيف منابع الإرهاب ومناطق تمركز الجماعات الإرهابية وإمداداتها عبر العملية الممتدة “سيناء 2018″، في المقابل ضاعفت الأجهزة الأمنية من ضرباتها الاستباقية وأثرت بنك معلوماتها وأحكمت سيطرتها على ما بقي من تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية، والتي كان آخرها القبض على القائم بأعمال مرشد الإخوان محمود عزت، الذي كشف اللثام عن كثير من الأمور والأسماء والشخصيات والتمويلات المشتبه بها، وهي الأمور التي تخلق أرضية أكثر صلابة للدولة المصرية أمنيا في مواجهة التحديات الأمنية والإرهابية في 2021، وهي أمور عززتها الاتجاهات الإقليمية الآخذة في تفهم الرؤية المصرية لمواجهة مخاطر الإرهاب، وهي أمور لا يمكن أن تكون بمعزل عن التركيز المصري مع قضايا الأمن الإقليمي المحيطة وعلى رأسها الملف الليبي، وغزة والقضية الفلسطينية، والسودان والحراك فيها.
الخاتمة
بناء على قراءة الأرقام وتراجع معدلات الإرهاب وما رافقها من ضربات استباقية أمنية في محاربة التنظيمات الإرهابية والإطاحة بقياداتها، حققت مصر إنجازات مهمة في التصدي للإرهابيين، مما دفع دولاً كبرى مثل فرنسا للجوء إلى مصر للتعاون معها في مواجهة الإرهاب.
إن مصر ماضية في إحكام القبضة على مخاطر الجماعات المتطرفة والإرهابية وعلى رأسها جماعة الإخوان. ويمكن القول: إن الدولة المصرية بعد ثمانية أعوام من مواجهتها مع الإرهاب في موجته الثالثة، قد تخطت السنوات السبع العجاف، وستواصل مساعيها لضمان الاستقرار الأمني والإقليمي وسط منطقة شديدة الاضطراب.
[1]* كاتب وباحث مصري.
[2]– هيئة الاستعلامات: الإرهاب يحتضر في مصر خلال عام 2018، موقع مصراوي، 30 ديسمبر (كانون الأول) 2018، على الرابط الآتي:
https://www.masrawy.com/news/news_egypt/details/2018/12/30/
[3]– 2019.. الإرهاب يحتضر والجيش والشرطة يوجهان ضربات استباقية، المصري اليوم، 4 يناير (كانون الثاني) 2020، على الرابط الآتي:
https://www.almasryalyoum.com/news/details/1458360
[4] – بالأرقام.. رئيس مجلس إدارة صندوق تكريم شهداء يستعرض أمام تضامن النواب حصر “الشهداء والمصابين”، صدى العرب، 17 فبراير (شباط) 2020، على الرابط الآتي:
https://www.sada-elarab.com/333024
[5]– هيئة الاستعلامات: الإرهاب يحتضر في مصر خلال عام 2018، مرجع سابق.
[6]– 2019.. الإرهاب يحتضر والجيش والشرطة يوجهان ضربات استباقية، مرجع سابق.
[7]– أشرف عبدالحميد، الكويت تسلم القاهرة (3) من الإخوان.. حرضوا على الفوضى، العربية نت، 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2020، على الرابط الآتي:
https://www.alarabiya.net/arab-
[8]– المرجع نفسه.
[9]– أوكرانيا تضبط إخوانيا هاربا مطلوبا للإنتربول وتخطط لتسليمه إلى مصر، اليوم السابع، 8 مايو (أيار) 2020، على الرابط الآتي:
https://www.youm7.com/story/2020/5/8