عاد اسم الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد إلى البروز في الساحة السياسية والإعلامية الإيرانية، بعد توجيهه الشهر الماضي رسالة إلى المرشد الأعلى علي خامنئي، طالبه فيها بإجراء انتخابات رئاسية ونيابية مبكرة للخروج من الأزمة السياسية، وإقالة رئيس السلطة القضائية والإفراج عن المتظاهرين من المعتقلات.
فقد رد عليه الأمين العام “للجمعية الإسلامية للمهندسين” المحافظة، وعضو مجلس تشخيص مصلحة النظام، محمد رضا باهنر، بالقول: إن السلطات القضائية أعلنت أن أحمدي نجاد “ارتكب جرائم تستدعي اعتقاله وأن القضاء مستعد لمواجهته”، مشيراً إلى أن تحركات الرئيس السابق “أصبحت متطرفة إلى حد ما، وكانت في البداية نقداً لسلوك بعض السلطات لكنها بدأت تنتقد النظام برمته”.
الرئيس السابق ندد بانتهاك السلطات الإيرانية حقوق الإنسان وقمع الحريات، واقترح تنحي رئيس القضاء صادق لاريجاني، متهمًا إياه بانتهاك الدستور والقوانين. كما طالب بعدم تدخل القوات المسلحة والأجهزة الأمنية في الانتخابات وإنهاء “هندسة الانتخابات” من قبل مجلس صيانة الدستور.
جاء الرد هذه المرة من المتحدث باسم المجلس الدستوري، عباس كدخدايي، فقال: إن اتهام أحمدي نجاد للمجلس بهندسة الانتخابات مردود عليه؛ إذ حاول هو الضغط على المجلس لإعلان مبكر لنتائج الانتخابات الرئاسية عام 2009 قبل البت بالطعون والشكاوى حول التزوير.
وكان زعيما “الحركة الخضراء” مير حسين موسوي ومهدي كروبي، قد اتهما السلطات بتزوير نتائج انتخابات عام 2009 لصالح أحمدي نجاد، وهو ما أدى إلى حركة اعتراضية على النتائج قمعتها السلطات.
ولعل أحمدي نجاد أراد أن يستغل تصريحات لخامنئي في 18 فبراير (شباط) الماضي اعتذر فيها للشعب عن سوء إدارة البلاد، وأقر بأن شرائح من الشعب لديها انتقادات على أدائه وأداء السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، واعداً بأنه سيضع حداً لذلك وسيعيد الأمور إلى مجراها الصحيح. فقد شدد نجاد على أهمية تصريحات خامنئي مقترحاً إجراء انتخابات حرة، وأنه يجب القيام بإصلاحات جوهرية في السلطات الثلاث لتفادي تدهور الأوضاع إلى أسوأ مما هي عليه الآن، وذلك للحفاظ على النظام.
وقد أفاد موقع “آماد نيوز” الإصلاحي بأن خامنئي رفض طلب رئيس القضاء صادق لاريجاني محاكمة أحمدي نجاد وحلقة مستشاريه، وذلك خلال لقاء بينهما، إذ وصف لاريجاني تصرفات نجاد بأنها هوجاء وتضر بالنظام. فيما أوصى خامنئي لاريجاني بأن يركز على إصلاح القضاء من الفساد، ومعاقبة القضاة الفاسدين الذين يصدرون أحكاماً بعيدة عن العدالة والإنصاف.
ونقل موقع “دولت بهار” الناطق باسم تيار أحمدي نجاد تصريحات له بمناسبة ذكرى الثورة الشهر الماضي انتقد فيها أوضاع البلاد، وقال فيها: “لا نشك أن الثورة كانت لها إنجازات كبيرة وغير مسبوقة وقيّمة للشعب الإيراني (…) لكن مقارنة الأوضاع الحالية للبلد وأهداف الثورة تظهر شرخاً كبيراً هناك بينهما؛ وهو ما يشكل مصدر قلق للجميع”.
ورأى الرئيس السابق أن الغالبية العظمى من الشعب تتساءل عن “غياب العدالة والحرية والصدق والنزاهة، وسبب النهب والفقر والشرخ الطبقي”، متسائلاً: “كيف لشعب يملك ثروات هائلة، أن يعاني في الوقت نفسه من مشكلات كبيرة، بينها الفقر؟”، مشيراً إلى أن المرشد خامنئي قد “أقر بأن الناس مستاؤون من الفساد والتمييز والظلم وعدم العدالة”.
وأشار نجاد إلى موجة الاعتقالات بعد الاحتجاجات الشعبية في أكثر من (80) مدينة إيرانية مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي، وقال: إن “الثورة جاءت لكي لا يكون السجن مصير الشباب المحتج على سوء الأوضاع”.
وكان قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري قد صرّح بأن مسؤولاً رفيعاً سابقاً يقف وراء تظاهرات مشهد التي كانت شرارة الاحتجاجات في اتهام ضمني لأحمدي نجاد.
وكان خامنئي قد جدد عضوية أحمدي نجاد في مجلس تشخيص مصلحة النظام في سبتمبر (أيلول) 2017 بعدما رفض مجلس صيانة الدستور طلبه لدخول سباق الانتخابات الرئاسية.
يشار إلى أنه في 2011، برزت أزمة داخلية بين أحمدي نجاد وخامنئي، حيث خالف الرئيس المرشد ولي الفقيه، كما خالف رأي خامنئي عام 2017 بعدم الترشح للرئاسة. ويزعم نجاد أنه على صلة مباشرة بالإمام المهدي، وهو ما يثير حفيظة خامنئي الذي يعتبر نائباً للإمام الغائب بحسب نظرية ولاية الفقيه.