القاعدة على مشرحة كتاب المسبار الشهري
ضمن نشاط ضخم في مجال دراسة الحركات الإسلامية في كافة أنحاء العالم صدر في شهر أصدر مركز المسبار للدراسات والأبحاث بدبي كتابه الرابع والعشرين في ديسمبر (كانون الأول) 2008 بعنوان (القاعدة 1- التشكل) يأتي الكتاب ضمن سياقٍ ضخم كان المركز قد بدأه عبر إنتاجه لأوسع وأشمل دراسة عن الحركات الإسلامية صدرت في أربعة وعشرين مجلداً. يضم الكتاب دراساتٍ مختلفة يبدأ بدراسةٍ أيمن البدوي يتناول فيها، قضية عولمة الإرهاب، أو “عولمة الطوارئ” كما يتتبع يتتبع مراحل القاعدة في بانوراما تاريخية منذ مرحلة الجهاد في أفغانستان، إلى تأسيس “الجبهة الإسلامية العالمية لجهاد اليهود والصليبيين”
وفي دراسة تالية يتناول عامر رجب ملف الأفغان العرب وكيف كانوا كانوا النواة الصلبة للقاعدة وكيف حملت على عاتقها تجسيد شعارات سيد قطب وعبد الله عزام، أبرز منظري الفكر الجهادي، فكان الجهاد الأفغاني هو طريقهم من الفكرة المتخيلة إلى الفكرة المتجسدة الحية على الأرض.
أما الباحث د. كارلو ماسالا، فيرصد التحولات التي طرأت على تنظيم القاعدة، أو بمعنى أدق، القدرة على التكيف مع المتغيرات، خصوصا بعد تعرضه لضربات متتالية في ظل ما يعرف بـ”الحرب على الإرهاب”، في دراسة حملت عنوان “الوجه المتغير للقاعدة من شبكة مركزية إلى أسراب ذكية”، فالتنظيم تغير بسرعة، وتكيف مع بيئته العملياتية الجديدة، ولذلك يعتقد أن آليات تلك الحرب قد أخفقت في القضاء عليه نهائيا.
ويستعرض الباحث هاشم صالح تداعيات حدث 11 سبتمبر/أيلول على الفكرين العربي والغربي، وهو يصف ذلك الحدث بـ”الفلسفي”، الذي كان ينبغي أن يحصل، من وجهة نظره، لكي يفهم المثقفون العرب حجم المهمة الملقاة على عاتقهم، والمتمثلة في رؤية الحقيقة الماثلة في وجود خلل في الواقع العربي والإسلامي.
أما قدري حفني فيتصدى لمحاولة تفسير انتشار “فكر القاعدة” في دراسته “فكر القاعدة: روافد القبول وإمكانات الانتشار” منطلقا من القوانين التي تحكم نشأة وانتشار الأفكار عموماً، وشروط تحول أفكار بعينها لتتحول إلى “تيار عالمي”، في حين يتقلص انتشار بعضها الآخر.أما هدى الصالح فتعرض بالتفصيل جماعات التجنيد الإلكتروني، في إطار “جهاد” القاعدة عبر الإنترنت، وهي ترصد ما يمكن اعتباره “منهجاً إعلاميا علميا جهاديا” حسب اعتقاد القائمين عليه.
وكمثال على انتساب الجماعات الجهادية المسلحة إلى القاعدة، يتناول د. محمد مجاهد الزياد “القاعدة في بلاد الرافدين”، إحدى أبرز التنظيمات الفرعية للقاعدة الأم، حيث يعرض للنشأة والاستراتيجيات المختلفة في تنفيذ العمليات في العراق، والتحولات التي طرأت على مسيرتها، على الرغم من أن قاعدة العراق لم تخرج مباشرة من رحم القاعدة الأم، وإنما انتسبت إليها بعد سلسلة من العمليات القتالية.
ولأن العلاقة مع إيران تعد أحد أهم الأسئلة الإشكالية في سجل تنظيم القاعدة، يقترب محمد عباس ناجي من هذه العلاقة في دراسته “إيران والقاعدة: الولوج في خيارات صعبة”، في ضوء بعض المعطيات، منها أن إيران لم تكن في أي وقت مضى هدفا للعمليات التي قام بها هذا التنظيم، كما أن قادة القاعدة في الخارج، وعلى رأسهم أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، لم يتطرقوا، حتى وقت قريب، لهذه الإشكالية في خطابهم إلا من باب التلميح، وفي المقابل تميزت السياسة الإيرانية تجاه القاعدة بتباين مواقف القوى السياسية المختلفة على الساحة.
ويقدم أحمد حسني قراءة لكتاب الصحافي البريطاني جاسون بيرك بعنوان: “القاعدة: القصة الحقيقية للإسلام الراديكالي”، وفيه يطرح بيرك أن القاعدة لم تعد تنظيما بالمعنى المادي، كما يقدم تفكيكا مفصلاً لفكر واستراتيجيات القاعدة، ويضع أسامة بن لادن في سياق الإسلام الراديكالي الحديث، بدرجة ما، ويقتفي آثار جذور التنظيم.
ويخلص إلى رسم النتائج حول طبيعة ما يصفه بالتهديد الذي يواجهنا اليوم.
أما دراسة العدد المستقلة التي تخصص في كل عدد تحت عنوان سلسلة “في العقل الأصولي”، فقد خصصها د. عبد الحكيم أبو اللوز للعلاقة بين الدين والسياسة، ذلك أن إعادة التوظيف الإيجابي للقيم الأخلاقية والتربوية –أي تحويلها إلى مؤسسات سياسية، مضبوطة، وهادفة، ومسؤولة- تعتبر تحدياً حاسماً أمام الفكر الأصولي الإسلامي المعاصر.
ايلاف 2008.12.