اهمها الاسلامية اليمنية والكردية وحركة حماس
إصدارات بحثية حول الحركات الإسلاميةضمن إطار اهتماماته البحثية المتعلقة بالحركات الإسلامية في العالمين العربي والإسلامي، أصدر مركز “المسبار” للدراسات والأبحاث بدبي، خلال الأشهر الثلاثة الماضية، عددا من الأبحاث والدراسات الهامة تركزت حول الجماعات الإسلامية في كل من فلسطين واليمن وكردستان العراق. ففي يونيو (حزيران) 2008 أصدر المركز كتابه الثامن عشر بعنوان “الإسلامية الكردية”، تناول فيه واحدة من الحركات التي لم تزل منزوية بين جبال ووديان كردستان، ألا وهي الحركة الإسلامية الكردية، تلك التي لم تلق اهتماما عربيا ولا دوليا، بعد أن استولت الجماعات الأخرى، من مصر إلى أفغانستان على جهد الباحثين والكتاب.وفي يوليو أصدر المركز كتابه التاسع عشر بعنوان “الإسلامية اليمنية”، يتناول خارطة التيارات والحركات الإسلامية في اليمن، السلمية منها والعنفية، تاريخها وأهدافها ووسائلها التنظيمية، وعلاقاتها بالسلطة والمجتمع، وذلك من خلال عشر دراسات.
وفي أغسطس أصدر “المسبار” كتابه العشرين بعنوان “حركة حماس”، يتناول حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية، إلى أي مدى هي حقا “إسلامية” الطابع والهوية؟ وكيف تعمل فعليا أجهزتها؟ ومن هي تلك الشخصيات المتخفية وراء تلك البزات المرقطة؟ وكيف تمتد شبكات علاقاتها الداخلية والخارجية؟أما دراسة العدد المستقلة، فهي تأتي ضمن سلسلة “في العقل الأصولي”، وحملت عنوان “الإسلام الليبرالي.. إشكالات نظرية” للدكتور أحمد البغدادي الذي يرى أن الإسلام بمرجعيته الدينية المقدسة، والليبرالية بمرجعيتها البشرية النسبية، يجعلان من الحديث حول الدعوة لـ”الإسلام الليبرالي”، مادة لا تخلو من الطرافة والتعجب
الحركة الإسلامية في كردستان العراقجاء الكتاب الأول توثيقا لما أهمل وما اختلط مع الأحداث العراقية والإيرانية، ويضم بين دفاته ثماني دراسات وافية عن الحركة الإسلامية الكردية، فضلا عن عرضين وافيين لكتابين يتعلقان بالموضوع، وقد ساهم فيه نخبة من الباحثين والكُتاب، من المنتسبين للحركة الإسلامية أو المراقبين من خارجها، الذين ينتمون إلى منطقة كردستان.ففي بحثه “التيارات الإسلامية في كردستان العراق” توقف الكاتب إدريس سيويلي أمام تاريخ نشأة الحركة الإسلامية بشكل عام، ثم استكمل الكاتب والناشط الإسلامي مسعود عبد الخالق ما طرحه إدريس فكريا لا سياسيا، في دراسته المعنونة: “الحركة الإسلامية الكردستانية.. الأسس والمبررات”، ليتحدث عن مبررات الحركة بكردستان، لكنه لا يريد لهذه الحركة أن تستقر بأهدافها على الدولة العراقية، والفيدرالية، مثلما هو الحال عليه بعد سقوط النظام العراقي، بل يريدها تتسع مع اتساع الإسلام.
ويقدم الكاتب كاوه نادر عبد القادر ورقة بعنوان: “الإسلام السياسي في كردستان بين الاعتدال والتطرف”، وتجده يتناول الحركة الإسلامية تحديدا في جنوب كردستان، محاولا التعريف بالحركات التي لم تظهر إلا في هذا القسم من الأرض التي يقطنها الكرد.
أما الباحثان الآخران، وهما أبو بكر علي، وزانا سعيد روستاي فعالجا الإسلام السياسي والصحوة الإسلامية من منظور حزبين رئيسيين في الحركة، ومشاركين بالعملية السياسية، هما: حزب الاتحاد الكردستاني، والجماعة الإسلامية، ويبدو الأول أكثر انفتاحا وصلة بالمجتمع وببقية القوى السياسية، أما الجماعة التي يتزعمها الشيخ علي بابير، فعلى الرغم من ممارستها المعقولة، والمسايرة للواقع العراقي والكردستاني، فإنها لا تخفي سلفيتها، وتغييب الديمقراطية في خطابها، أو قبولها فكريا بشرطها الإسلامي.ومن جانبه يتطرق الباحث محمد سيد نوري في دراسته “الإسلاميون في كردستان والمشاركة السياسية” إلى تجاوب الإسلاميين الكرد مع أجواء الديمقراطية، حيث يبدو من متابعة الدورات الانتخابية والحكومات المتعاقبة أن تمثيل الإسلاميين في تصاعد، ويترسخ تأثيرهم في المجتمع والدولة، على الرغم من المحاذير السياسية والفكرية التي يواجهون بها بين الحين والآخر.
تنوع الحركات الإسلامية في اليمنويوضح الكتاب الثاني “الإسلامية اليمنية” كيف برز ملف الحركات في اليمن بقوة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، وإن كان حاضرا قبلها عبر تفجير المدمرة الأمريكية كول بالقرب من شواطئ صنعاء العام 2000، وحوادث خطف السياح المتكررة، كما كان اليمن من أكثر الدول التي ذهب أبناؤها للجهاد في أفغانستان منذ ثمانينيات القرن الماضي، ليعودوا بعدها محملين بأفكار وشحنات تدريبية قتالية عالية، ثم برز ملف الحوثية في اليمن إلى السطح منذ اتخذ هذا التيار منهجا عنفيا ضد الدولة.
وفضلا عن ذلك فإن المتأمل للخارطة الإسلامية اليمنية يلحظ تنوعا جديرا بالبحث والتنقيب، وهذا ما يقدمه كتاب “المسبار”، ففي بداية الدراسات يأخذنا محمد عبد الصمد الهجري في بحثه “السلفية المعاصرة في اليمن، التكوُّن والصيرورة” إلى فضاءات التأصيل لنظرية “التورخة” أي أدوات وآليات التأريخ للجماعات الدينية، لينتقل بعد ذلك إلى الاستفاضة في تعريف معنى السلفية من حيث الدلالة اللغوية، ويؤكد الهجري أن المرحلة الفعلية لتأسيس السلفية المعاصرة في اليمن بدأت بدار الحديث بدماج 1980 التي أسسها الشيخ مقبل الوادعي -عراب السلفية اليمنية المعاصرة- ويستعرض المحاور المهمة في حياة الوادعي بين السعودية واليمن، كما يتعرض الباحث بالتحليل لقضية الانفصال والاتصال بين السلفية وجماعة الإخوان، ولا ينسى أن يستعرض موقف السلفية اليمنية من قضايا مثيرة وشائكة: كالديمقراطية، والتعددية السياسية، والموقف من الدستور والبرلمان.
وفي بحث موازٍ، يستكشف موسى النمراني ماضي وحاضر جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، معتبرا أن ثورة 1948 التي ساهم فيها الفضيل الورتلاني مبعوث الأستاذ حسن البنا إلى اليمن، هي البداية الحقيقية لدخول الإخوان المعترك السياسي في اليمن، لكن بعد مرحلة 1954، والأحداث المأساوية التي تعرضت لها الجماعة في مصر، ساهمت اليمن وكذا السعودية في دعم الجماعة، وذلك من خلال احتواء الشيخ عبد الله الأحمر، الذي كانت تربطه علاقات قوية مع شخصيات إخوانية بارزة.ثم يستعرض الكاتب بعد ذلك الحضور الإخواني في المشهد السياسي اليمني، وصولا إلى مرحلة المشاركة الفعلية بالعملية السياسية منذ أن أعلن عن تأسيس حزب التجمع اليمني للإصلاح، والذي ساهم في تقوية الحالة الإخوانية، بل وضع بصماته على الحراك السياسي برمته، عقب مشاركته في الوحدة بالقتال جنبا إلى جنب مع القوات الحكومية.
وفي دراسته “التصوف في اليمن، قراءة تاريخية وتحليلية”، يجول صادق غانم في مسارب التصوف، متنقلا بين زواياه وشواهده المتناثرة في اليمن، الذي يعد أحد أكبر حواضر التصوف في العالم الإسلامي، ويحاول في البداية رسم خارطة إجمالية لمناطق التصوف، ليعرج على تفاصيل المشهد الصوفي، عبر استعراضه التفصيلي للتصوف في تهامة وحضرموت، وفي مبحث هام من دراسته يتناول صادق غانم التاريخ السياسي للتصوف في اليمن، حيث يحاول إيجاد علاقة ما بين انتعاش الحركات الصوفية، وعلاقة ذلك بشكل السلطة الحاكمة.وكنموذج للتشكيلات الإسلامية الشرعية في اليمن، تتناول عبير السياغي حزب التجمع اليمني للإصلاح، ويمكن اعتبار بحثها من نوع “الكتابة من الداخل”، حيث تعد من القيادات النسائية في حزب الإصلاح، لكنها تحاول أن تقدم بشكل موضوعي رؤية الحزب السياسية، ومحاولة جمعه بين الأصالة والمعاصرة، ومن ثم تنتقل لتعرف لنا أهم شخصيات حزب الإصلاح، ثم تنتقل الكاتبة للحديث عن موقف الإصلاح من التيارات الإسلامية الأخرى والذي ينطلق من موقف قوة بسبب تحالف الإصلاح من السلطة.
رصد تاريخ حركة حماسوفي كتاب “حركة حماس” الذي شارك فيه عدد من الباحثين المتخصصين بالشأن الإسلامي عموما، وفي دراسة الحركات الفلسطينية، من الداخل والخارج، يرصد “المسبار” تاريخ الحركة، ومنطلقاتها، ويقدم عرضا وتحليلا لأبرز الإشكاليات والقضايا التي أثيرت ولا تزال حول نشأة الحركة وأصول خطابها الديني والسياسي، وتطورها كحركة سياسية، ومشروع مقاومة، مع التركيز على مجالات عملها واهتماماتها ورؤيتها للصراع وأطرافه، وإن كان لا يغفل الحديث عن أبرز الشخصيات والرموز في تاريخها، مع دراسات استشرافية لمآلات المأزق الفلسطيني الراهن.
فقد تناول الباحث الدكتور حسين أبو النمل، بالعرض والتحليل والتقويم، موضوعا ساخنا ودقيقا، يقوم على فكرتين رئيسيتين هما: ميراث حركة حماس، ومكانة الإسلام في الحياة الاجتماعية لفلسطين تاريخيا، ثم تحول حماس تدريجيا نحو السياسة، بالمعنى العملي للكلمة.ومن جهته، يتابع الأكاديمي الفلسطيني الدكتور رائد نعيرات إشكاليات علاقة حماس بإسلاميي الداخل، خصوصا حركة “الجهاد الإسلامي” و”الحركة الإسلامية” في أراضي 1948، وأسباب عدم بلورة إطار تنظيمي موحد يجمع هذه القوى، على غرار ما فعلت منظمة التحرير الفلسطينية في بداياتها.
أما الدكتور محسن صالح فيسعى في دراسته إلى التأريخ لتجربة حماس، من خلال استعراض مسيرتها في الفترة 1987-2005، أي الفترة التي سبقت فوزها في انتخابات المجلس التشريعي، وهي تركز بشكل خاص على التطورات السياسية والفعاليات النضالية المتعلقة بالحركة، وتوضح كيف وصلت حماس إلى مكانة تؤهلها بأن تكون عنصرا فاعلا في الساحة الفلسطينية، ورقما صعبا لا يمكن تجاوزه في أي معادلة سياسية.وفي دراسة بعنوان “حماس.. المواقف والتحديات”، يعرض الباحث خالد فياض لتداعيات انخراط الحركة في العملية السياسية، فمنذ أن قررت الانغماس في صلب العملية السياسية الفلسطينية بشقيها؛ منظمة التحرير والسلطة الوطنية، لم ينقطع سيل التساؤلات عن مغزى هذه الخطوة، أسبابها وأهدافها القريبة والبعيدة، وتداعياتها على جوهر الحركة وخطابها الداخلي والخارجي.
من جهة أخرى، لم يحدث أن حظيت علاقة فلسطينية/عربية/إسلامية بالاهتمام والمتابعة التي لقيتها، ولا تزال علاقة حماس بكل من إيران وسوريا، وعن خلفيات هذه العلاقة وإشكالياتها يحاول الناطق باسم حماس في لبنان رأفت فهد الإجابة في بحثه “حماس وإيران وسوريا.. مصالح إستراتيجية في مناخات متوترة”، فما هي الأسباب التي تكمن خلف التحول الكبير في علاقة حماس بكل من إيران وسوريا؟ وما هي تداعيات هذه العلاقة الثلاثية على مستقبل الحركة في الداخل والخارج؟بدوره يرصد ياسر علي كيفية تشكل «صورة» كل من الشخصيتين القياديتين: المؤسس الشيخ أحمد ياسين، وخليفته الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، في نفوس الفلسطينيين عموما، وأنصار الحركة خصوصا، فأصبحتا قادة وقدوة لهم، فيرى أنه، وخلافا للاعتقاد الشائع، فإن الشيخ ياسين والدكتور الرنتيسي، هما شخصيتان غير متشابهتين، وقد تمثلت صورة «الضعيف القادر على كيد العدو» في الشيخ ياسين، وصورة «العنيد القادر على كيد العدو» في الرنتيسي.
وفي موضوع ما يزال يثير الكثير من الجدل بين الباحثين وحتى داخل الحركة نفسها، يقارب الدكتور عماد جاد جدليات السياسي والعسكري في علاقات حماس مع “الدولة” الفلسطينية، حيث يشير لمواقف وتصريحات عديدة من مستويات قيادية مختلفة، تتمحور حول إمكانية قبول الحركة بدولة فلسطينية على أراضي 1967، ما يثير التساؤل حول حقيقة موقف حماس من فكرة الدولة الفلسطينية.في المقابل، يرى الدكتور إياد البرغوثي في دراسته عن “الحسم العسكري في غزة.. المقدمات والنتائج”، أن أزمة المشروع الوطني الفلسطيني لم تبدأ في يوم 14 (يونيو) 2007، عندما فرضت حماس سيطرتها العسكرية على قطاع غزة، بل كانت تلك الأحداث إحدى حلقات تلك الأزمة.وفي زاوية عروض الكتب يعرض هذا الملف لكتابين على درجة من الأهمية لأي دارس لحركة حماس، هما كتاب الصحفي البريطاني من أصل فلسطيني زكي شهاب “حماس من الداخل.. القصة غير المروية عن المقاومين والشهداء والجواسيس”، والحوار المطول الذي أجراه رئيس تحرير صحيفة “الحياة” غسان شربل مع رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، ولاحقا أصدره على شكل كتاب حمل عنوان “حركة حماس وتحرير فلسطين”.
اسلام اون لاين 2008.9.1