قال الكاتب والباحث السعودي عبدالله بجاد العتيبي إن المملكة العربية السعودية هدفت لاستقطاب العقول النابهة من جماعة الإخوان المسلمين في الستينيات من القرن الماضي، بهدف مواجهة المدّ الناصري الثوري ولتطوير الخطاب الديني المحلي، وقال عبدالله بجاد العتيبي في دراسته (السعودية والإخوان المسلمون الهجرة والعلاقة) والتي نشرت في الكتاب الثالث والأربعين لمركز المسبار ،
لللدراسات والبحوث بدبي إن السعودية استجابت باستقطاب الإخوان المسلمين لتحديات داخلية تمثّلت في حركة المتشددين فاستُخدم الإخوان لتحجيم الفكر المتشدد ومقارعة الحجة بالحجة في إطار سعي المملكة المشروع لإثبات نفسها كدولةٍ قائدةٍ ورائدةٍ.
وحاول صاحب الدراسة التي نشرت ضمن كتاب(الإخوان المسلمون والسلفيون في الخليج)، واعتمدت على ستين مصدراً تضمنت مراجع نادرة، حاول فك طلاسم العلاقة التي أحاط بها الغموض، وبدأها الكاتب بسرد تاريخي تناول بدايات تأسيس المملكة ودواعي هجرة الإخوان إليها، وهي حسب الباحث هجرة اضطرارية بالنسبة للإخوان المسلمين، اختيارية وسياسية بالنسبة للسعودية. وتلمست الدراسة جذور تلك العلاقة وتحدثت عن وعي الملك عبدالعزيز وانفتاحه وقدرته السياسية، فأشارت إلى علاقاته بالمفكرين العرب الذين كان يستفيد من بعضهم للردّ على بعض تشدّدات علماء نجد. وفَسر الباحث بدايات علاقة حسن البنّا بالمملكة بأنها جاءت ضمن هذا السياق، وأشار إلى دور حافظ وهبه ومحمد رشيد رضا في توطيد هذه العلاقة.
وتضمنت دراسة العتيبي قائمة بثمانية وستين اسماً من الإخوان المسلمين من العلماء وأساتذة الجامعات والخطباء والتربويين من السعوديين أو من الذين وفدوا إلى السعودية وعاشوا فيها ومنهم من حصل على جنسيتها، موثقاً انتسابهم إلى فكر الإخوان عبر سيرهم الذاتية أو شهادات رفقائهم الذين تحدثوا عن تاريخ الجماعة في منطقة الخليج.
وقام العتيبي بتفنيد ماذكره عمر التلمساني في مذكراته من أن للسعودية دوراً مزعوماً في اغتيال البنا، وأكد الباحث أنه بشهادة الإخوان أنفسهم فإن السعودية فرضت حراسة مشددة حول البنا أثناء تنقله عند زيارته السعودية للحج خشية عليه من الاغتيال.
وذكر الباحث أن حسن البنا ملأته فكرة الهجرة بدعوته إلى بلد آخر إلا أنه عدل عنها عقب الحج الذي التقى خلاله الملك عبدالعزيز، وذكرلقاءه الشهير بالملك في هذه السنة 1936 والذي رد فيه الملك على طلب فتح الإخوان فرعاً في السعودية بقوله: “كلّنا إخوان مسلمون”.
وفي رحلة البنّا للحج في العام 1946 أقام الملك مأدبة له، وقد كان حسن البنّا معجباً بالملك عبدالعزيز وحين زار الملك مصر عام 1945 استقبله الإخوان المسلمون في مطار القاهرة بحفاوة بالغة. ولمّا عقد الإخوان مؤتمر فلسطين، وجهوا الدعوة للملك فأوفد لهم الأمير فيصل بن عبدالعزيز. ولما “طلبت –إنجلترا- عقد مؤتمر من أجل فلسطين في لندن للعرب واليهود الإنجليز، مثَل العرب الأميران فيصل بن عبدالعزيز وأحمد بن إمام اليمن يحيى حميد الدين، واشترك الإخوان في المؤتمر باعتبارهم سكرتيراً للأميرين ومترجماً لهما.
مثلت ثورة اليمن 1948 بداية توتّر العلاقة بين السعودية والإخوان المسلمين، وأظهر الإخوان تبجحهم بأنهم ” يقيمون الدول ويسقطونها”، وأبدى الإخوان غضبهم من الملك عبدالعزيز لوقوفه ضدّ هذه الثورة، ويؤكد عبدالله بجاد أنه ابتداء من هذا الموقف، أصبحت السعودية حذرةً في تعاملها مع حسن البنّا.
وجاء الكاتب على ذكر العلاقة بين الطرفين بعد وفاة البنا وتعاقب مرشدي الإخوان وعلاقاتهم مع السعودية، وبتقدير عام فإن العلاقة فترت إلى أن تلاشت أو تكاد.
وحصر العتيبي أهداف الإخوان في السعودية في السيطرة على العملية التربوية، والسيطرة على الجمعيات الخيرية، ثم السيطرة على المؤسسات ذات الطابع الشمولي، كالمؤسسات الإسلامية الكبرى ذات الأدوار السياسية ثم التغلغل في أعصاب المجتمع بشتى السبل. وذكر التأثير السلفي على الإخوان بعد تحول البعض إلى السلفية وتشبعهم بالمنهج التعليمي العقائدي السلفي.
وتساءل الباحث هل أنشأ الإخوان تنظيماً سعودياً؟ ونقل طرح بعض المراقبين تقسيماتٍ للإخوان المسلمين في السعودية فكرياً باعتبار بعضهم بنائيين نسبةً للبنّا وقطبيين نسبة لسيد قطب، وتقسيمهم حركياً لثلاثة أقسامٍ إخوان الحجاز، إخوان الرياض أو القيادة العامة و إخوان الزبير.
و ذكر موقف الإخوان من غزو الكويت والسعودية، وقصص تنكرهم للجميل، وختم بإحصئيات وأرقام تناول فيها وجود الإخوان والرموز المؤثرة.
المسبار
المصدر: جريدة الحياة
التاريخ: 29 سبتمبر2010
http://international.daralhayat.com/internationalarticle/185903