سامح عيد [1]
ما عُرف عن الإخوان، قبل ثلاث سنوات، أنها جماعة نشأت في عهد الملكية واصطدمت بكل الأنظمة بدءاً من نظام الملك فاروق وكذلك عبدالناصر والسادات وحسني مبارك. وأنها جماعة تدعو إلى الإسلام، وتمّ التنكيل بها دوماً وأعدم عدد كبير من قادتها، أشهرهم: سيد قطب صاحب «في ظلال القرآن»، والمستشار عبدالقادر عودة.
اغتيل مؤسسها حسن البنَّا وكان يظهر زعماؤها الجدد أمثال: عصام العريان وحلمي الجزار وغيرهما يتحدثون بأنهم لا يفعلون شيئاً غير الدعوة إلى الله وأنهم ضحية الأنظمة المتتابعة، حتى جاءت الثورة والانتخابات البرلمانية، وكذلك الرئاسية ليتصدروا المشهد السياسي ويكونوا محط أنظار العالم أجمع، ومحور جميع البرامج الحوارية لتناقش الأفكار والأحداث بصورة يومية، وتجلس الجموع أمام التلفاز متابعة، ويتحرك مقياس الحرارة الشعبي العاطفي بصورة سريعة سواء بالإيجاب أو بالسلب تجاه الجماعة وأفكارها ومواقفها، وتشتعل مواقع التواصل الاجتماعي مدحاً أو ذماً وسخرية، ووسط هذا الصخب الكبير يظهر مصطلح «التمكين» ليحتل مكانه، مما يلزم معه محاولة تحليله والوقوف على معناه وأصوله ونتائجه.
التمكين: لغوياً وقرآنياً
التمكين هو مصدر للفعل «مكَّن»، والمكان عند أهل اللغة هو الموضع الحاوي للشيء، وقد وردت مادة (م، ك، ن) بمعان متعددة، منها: مكن الشيءُ: قوي ومتن ورسخ واطمأَنَّ فهو ماكِن، ومكَّنه من الشيء وأمكنهُ منهُ: جعل لهُ عليهِ سلطانا وقدرة، وأمكن فلاناً الأمر: سهل عليهِ وتيسَّر وقدر عليه. وتمكن من الأمر واستمكن منهُ: قدر عليهِ وظفر بهِ. ويقال: مَكَّنْتُه وأمكنتُ له فَتَمَكَّنَ، وأمكنتُ فلانًا من فلانِ([2]).
من التمكين المَكِنَة تقول العرب: إن بني فلان لذو مَكِنة من السلطان أي تمكَّن، وتسمي العرب موضع الطير مكنة لتمكن الطير فيه، والمكانة هي المنزلة عند الملك، والجمع مكانات، وقد مَكُن مَكانة فهو مَكين، والجمع مُكنَاء, ونُمكّن- تمكُّن.
وقد وردت كلمة التمكين بمشتقاتها في القرآن الكريم في ثمانية عشر موضعاً، وغلبت عليها الصيغة الفعلية التي يبدو فيها التمكين وكأنه صيرورة وليس مفهوماً ساكناً، وفيها ينسب الله تعالى التمكين إلى ذاته العليا فهو وحده من يمكن للإنسان وليس الإنسان من يمكن لذاته فرداً كان أم جماعة. وتظهر الآيات القرآنية وجود علاقة ارتباطية وثيقة بين مفهومي التمكين والاستخلاف، فالله تعالى يقول: «وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنًا» (النور: 55)، وفيها يبدو الاستخلاف في الأرض بوصفه سبباً لعملية التمكين في الدين على حين يأتي التمكين باعتباره النتيجة المترتبة على عملية الاستخلاف، وتشير الآيات القرآنية كذلك إلى أن التمكين مثلما يتحقق في المستوى الجمعي فإنه قد يتحقق في المستوى الفردي؛ فالله عز وجل يقول: «وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء» (يوسف: 56).
ويمكن التمييز بين صيغتين قرآنيتين من صيغ التمكين؛ الأولى: التمكين للإنسان في الأرض، والثانية: التمكين للشيء (الدين، والقوة، والمال…) في الصيغة الأولى يتم التمكين عبر المستوى الحسي المادي، وفيه يتم تمكين الإنسان من التصرف في الأرض ويُمنح القدرة على أن يجعل منها مستقراً ومعاشاً (الوظيفة الاستخلافية)، فيقول الله تعالى: «وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلا مَّا تَشْكُرُونَ» (الأعراف:10). ويندرج ضمن هذا المستوى تمكين المال والقوة والنسل وهو ما أشار إليه قوله تعالى: «وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ» (الأحقاف، 26). وفي الصيغة الثانية يتم التمكين عبر المستوى الروحي حيث يفضي التمكين للدين إلى تحقيق الأمن للإنسان وهو ما يتجلى في قوله تعالى: «وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا»([3]) (النور: 55).
بتضافر هذين المستويين تتحقق تكاملية عملية التمكين في بعديها المادي والروحي. فالتمكين ليس عملية مادية محضة يتحقق فيها إعمار الأرض بالوسائل المادية، وإنما هو أيضاً ضمان الأمن النفسي والروحي للإنسان الممكَّن له في الأرض.
مفهوم القوة وعلاقته بالتمكين
تتأسس قدرة التمكين على نقطتين أساسيتين: الأولى: أنها تتطلب القوة التي يمكنها أن تفرض التغيير، فإذا كانت القوة متوارثة بين عدد من الأفراد أو المواقع فعندئذ يتعذر حدوثها، أما الثانية: فهي افتراض أن القوة قابلة للتمدد وليست محدودة بطبيعتها، ومن ثم يغدو بمقدور البشر جميعاً حيازتها. ولتوضيح تلك النقطة ينبغي أن نعرض لماهية القوة وبعض تعريفاتها.
هناك عدد كبير من التعريفات لمفهوم القوة تتفاوت فيما بينها، فهناك التعريف التقليدي الذي يشير إلى أنها تعني السيطرة على الموارد المادية والأصول المالية والفكرية والأيديولوجية وما إلى ذلك، وهناك تعريف ماكس فيبر (Max Weber) (1864-1920) الذي يرى أنها «قدرتنا على جعل الآخرين يفعلون ما نريد بغض النظر عن اهتماماتهم أو رغباتهم». وقريب من هذا تعريف كارلسبرج للقوة باعتبارها «القدرة على التنفيذ»، وتذهب جين بيكر ميللر ( Jean Baker Miller) ( 1927-2006) إلى وجهة مغايرة حين تعرفها بأنها «القدرة على التحرك صوب التغيير أو إنتاجه»([4]).
يستشف من وراء هذه التعريفات أن القوة ليست مفهوماً إيجابياً أو حتى حيادي الدلالة، وإنما هي مفهوم محمل بالدلالات السلبية المؤسسة على الصراع من أجل الاستيلاء على الموارد والمحاولات القسرية لإحداث التغيير من دون توضيح لكيفيته أو تحديد وسائله وأدواته، وتكاد تجمع الأدبيات التي تناولت القوة على أنها تؤسس على ثلاثة مفاهيم أو معانٍ أساسية، هي: التحكم، والهيمنة، والتأثير، ويضيف البعض إليها السلطة، وهذه المعاني مستبطنة بدورها ضمن مفهوم التقوية أو التمكين باعتبار القوة المفردة الأساسية في المفهوم. كما ترفض هذه الأدبيات النظر إلى القوة بوصفها بنية ثابتة يسهل الاستحواذ عليها، وإنما ينظر إليها وفق التعريفات الموسعة والمرنة بوصفها مخرجاً لعملية التفاعل بين البشر بعضهم البعض وبينهم وبين الأشياء، وبهذا المعنى هي عملية متغيرة في حد ذاتها وبمقدورها إحداث التغير في حياة الأفراد والمجتمعات([5]).
عندما نعود بالزمن إلى الوراء، ونتذكر عصر الملكية في مصر الذي أنشأه محمد علي العام 1805، بعد أن تجمع مشايخ الأزهر مع الأعيان ليطلبوا من القائد الألباني محمد علي باشا (1769-1849) أن يحكمهم بعد صراع على الملك بين المماليك والعثمانيين، وبسببه حدث الاحتلال الفرنسي لمدة ثلاث سنوات، والإنجليزي سنتين، وسنتين اضطرابات، وجاء محمد علي ليؤسس دولته الحديثة ويرسل البعثات ويتوارث الملك أولاده ويأتي المتعلمون في الخارج مثل رفاعة رافع الطهطاوي (1801-1873 ) وعلي باشا مبارك (1823-1893) وغيرهما لينقلوا كثيراً من العلوم ويترجموا كثيراً من الكتب وينقلوا أيضاً النظم السياسية بما فيها النظام الديمقراطي ليؤسس أول برلمان في مصر في منتصف القرن التاسع عشر (1866) ودون الدخول في تفاصيل كثيرة. ولكن يشب حسن البنَّا (1906-1949) في مصر وفيها نظام ملكي ونظام برلماني غير مستقر وأحزاب سياسية مثل الوفد والحزب الوطني ومصر الفتاة، وعلاقة الدولة المصرية بالخلافة العثمانية في الأستانة هي علاقة معنوية وأدبية لا أكثر، بل كانت تحمل معاني سلبية عند البعض وتسقط الخلافة الإسلامية (العثمانية) في تركيا على يد مصطفى كمال أتاتورك (1881-1938) ليحولها إلى علمانية متطرفة تعادي الدين. يأتي حسن البنَّا بأفكاره وقد تعلم من أستاذه محمد رشيد رضا (1865-1935) وكذلك قرأ لمحمد عبده (1849-1905) وجمال الدين الأفغاني (1838-1897) وكذلك المودودي (1903-1979)، ويؤسس جمعيته العام 1928 ويبدأ في بث رسائله وخطبه التي تدعو إلى فكرة الخلافة الإسلامية التي فُقدت والعمل على إعادتها، ويتحدث في رسائله، عن خطوات طريقه: الفرد المسلم، والأسرة المسلمة، والمجتمع المسلم، والدولة المسلمة، والخلافة الإسلامية، وأستاذية العالم. ويركز في الحالة: نظام ملكي يشبه بالمنظور السياسي الملكية الدستورية، ونظام حزبي، وشعب في غالبه متدين، بل شعب يميل إلى الصوفية وحب آل البيت وزيارتهم في الموالد ليستخلص جزءاً من هذا الشعب ويضع أمامهم أهدافاً كبرى، أهمها إقامة دولة إسلامية، هم نواتها، وبعدها خلافة وبعدها أستاذية العالم، مع تدعيم تلك الفكرة بكثير من النصوص والآيات دون الدخول إلى تفاصيل الدلالات الظنية لهذه الآيات، وأيضاً النصوص الظنية من أحاديث الآحاد، فاختيار مجموعة صغرت أو كبرت ودعوتهم إلى إقامة دولة غير هذه الدولة المقامة هو تغيير لنظام الدولة سواء كان بانقلاب أو ثورة أو أي طريق آخر، ولكنه عين التمكين لمجموعة في الحكم على نظام مخالف للنظام القائم. كان شعار الجماعة في البداية هلالاً ومصحفاً، وتحول بعد ذلك إلى مصحف وسيفين وكلمة «وأعدوا» نسبة إلى الآية الكريمة: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوا الله وعدوكم» (الأنفال الأية 60).
يقول حسن البنَّا في رسالة المؤتمر الخامس تحت عنوان الإخوان والقوة:
أما القوة فشعار الإسلام في كل نظمه وتشريعاته، فالقرآن الكريم ينادي في وضوح وجلاء «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوا الله وعدوكم». واستطرد ذاكراً أحاديث عدة في معنى القوة، ولكن الإخوان المسلمين أعمق فكراً وأبعد نظراً من أن تستهويهم سطحية الأعمال والفكر، فلا يغوصون في أعماقها ولا يزنون نتائجها وما يقصد منها وما يراد بها، فهم يعلمون أن أول درجة من درجات القوة هي قوة العقيدة والإيمان، ثم يلي ذلك قوة الوحدة والارتباط، ثم بعدهما قوة الساعد والسلاح، ولا يصح أن توصف جماعة بالقوة حتى تتوافر لها هذه المعاني جميعاً، وأنها إذا استخدمت قوة الساعد والسلاح وهي مفككة الأوصال مضطربة النظام أو ضعيفة العقيدة خامدة الإيمان فسيكون مصيرها الفناء والهلاك. ويستطرد بعد ذلك بقوله: وبعد كل هذه النظرات والتقديرات أقول لهؤلاء المتسائلين: إن الإخوان المسلمين سيستخدمون القوة العملية حيث لا يجدي غيرها، وحيث يثقون أنهم قد استكملوا عدة الإيمان والوحدة، وهم حين يستخدمون هذه القوة سيكونون شرفاء صرحاء وسينذرون أولاً، وينتظرون بعد ذلك ثم يقدمون في كرامة وعزة ويحتملون كل نتائج موقفهم هذا بكل رضا وارتياح([6]).
ويستطرد البنَّا في رسالة المؤتمر الخامس:
وفي الوقت الذي يكون فيه منكم (معشر الإخوان المسلمين) ثلاثمئة كتيبة قد جهزت كل منها نفسياً روحياً بالإيمان والعقيدة، وفكرياً بالعلم والثقافة، وجسمياً بالتدريب والرياضة، في هذا الوقت طالبوني بأن أخوض بكم لجج البحار، وأقتحم بكم عنان السماء، وأغزو بكم كل عنيد جبار، فإني فاعل إن شاء الله، وصدق رسول الله القائل: «ولن يغلب اثنا عشر ألفاً من قلة»، وقد يظن من يسمع هذا أن الإخوان المسلمين قليل عددهم أو ضعيف مجهودهم، ولست أقصد هذا، وليس هذا هو مفهوم كلامي، فالإخوان المسلمون والحمد لله كثيرون، وإن جماعة يمثلها في هذا الاجتماع آلاف من أعضائها كل منهم ينوب عن شعبة كاملة لأكثر من أن يستقل عددها أو ينسى مجهودها أو يغمط حقها، ولكن أقصد إلى ما ذكرت أولاً من أن رجل القول غير رجل العمل، ورجل العمل غير رجل الجهاد، ورجل الجهاد فقط غير رجل الجهاد المنتج الحكيم الذي يؤدي إلى أعظم الربح بأقل التضحيات([7]).
ويتحدث البنَّا في الرسالة نفسها تحت عنوان «الإخوان المسلمون والحكم».
فالإخوان المسلمون يسيرون في جميع خطواتهم وآمالهم وأعمالهم على هدي الإسلام الحنيف كما فهموه، وكما أبانوا عن فهمهم هذا في أول هذه الكلمة. وهذا الإسلام الذي يؤمن به الإخوان المسلمون يجعل الحكومة ركناً من أركانه، ويعتمد على التنفيذ كما يعتمد على الإرشاد. وقديماً قال الخليفة الثالث (رضي الله عنه): «إن الله ليزغ بالسلطان ما لا يزغ بالقرآن»، وقد جعل النبي(صلى الله عليه وسلم) الحكم عروة من عرى الإسلام. والحكم معدود في كتبنا الفقهية من العقائد والأصول، لا من الفقهيات والفروع، فالإسلام حكم وتنفيذ، كما هو تشريع وتعليم.
وعلى هذا، فالإخوان المسلمون لا يطلبون الحكم لأنفسهم، فإن وجدوا من الأمة من يستعد لحمل العبء وأداء هذه الأمانة والحكم بمنهاج إسلامي قرآني، فهم جنوده وأنصاره وأعوانه، وإن لم يجدوا فالحكم من منهاجهم وسيعملون لاستخلاصه من أيدي كل حكومة لا تنفذ أوامر الله. وكلمة لابد أن نقولها في هذا الموقف: هي أن الإخوان المسلمين لم يروا في حكومة من الحكومات التي عاصروها ولا الحكومة القائمة ولا الحكومة السابقة ولا غيرهما من الحكومات الحزبية من ينهض بهذا العبء أو من يبدي الاستعداد الصحيح لمناصرة الفكرة الإسلامي([8]).
واضح من كلام حسن البنَّا أنه يطلب الحكم تحت مزاعم الحكم الإسلامي الذي لا تنفذه الحكومات وأنه أصل من الأصول وأنه عروة من عرى الإسلام، وما التمكين إلا الحكم والسيطرة والسطوة، وهذا ما أكده بوضوح حسن البنَّا، ولكنه كان يؤكد دائماً على الوقت المناسب، وعلى العدد المجهز لذلك، وأيضاً يقول «وسيعملون لاستخلاصه» بما تحتوي عليه هذه الكلمة من قوة وانتزاع بادعاء أن الحكومة لا تنفذ أوامر الله، ويؤكد بعد ذلك أنهم لم يروا في الحكومات السابقة والحالية من يقوم بهذا العبء، مما يؤكد أن الحكومة والدولة هي هدفهم الكبير، وهو قادم لا محالة. هذا الكلام قيل العام 1938. ونحن نؤكد بذلك أن فكرة التمكين لم تكن فكرة مستحدثة أسس لها خيرت الشاطر وأعوانه، ولكنها فكرة قديمة موجودة لدى المؤسس الأول حسن البنَّا.
يقول مسعد خيري إنه في العام 1945 كان قد بلغ عدد الأعضاء العاملين في مصر وحدها نصف مليون، والأعضاء المنتسبين والمؤازرين أضعاف هذا العدد، أما عدد شعبهم في مصر وحدها فبلغ ألفي شعبة، وفي السودان حوالي خمسين شعبة، عدا شعبهم في معظم البلدان العربية والبلاد الإسلامية وفي أوروبا وأمريكا، ولهذا لقيت الجماعة مقاومة في غاية العنف من قبل الحكومات التي وليت الحكم بعد الحرب العالمية الثانية([9]).
مع العلم بأن الجمعية في هذا الوقت كانت مُشهرة، ويعني ذلك أن هذا الرقم ربما يكون أقرب إلى الدقة من واقع السجلات، وليس أمراً تقديرياً كالذي نتحدث عنه اليوم.
وفي رسالة التعاليم يتحدث البنَّا عن الفرد المسلم والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم وإصلاح الحكومة حتى تكون إسلامية بحق وبذلك تؤدي مهمتها كخادم للأمة وأجير عندها وعامل على مصلحتها، والحكومة إسلامية ما كان أعضاؤها مسلمين مؤدين لفرائض الإسلام غير متجاهرين بعصيان، وكانت منفذة لأحكام الإسلام وتعاليمه ولا عبرة بالشكل الذي تتخذه ولا بالنوع، مادام موافقاً للقواعد العامة في نظام الحكم الإسلامي.
يتحدث أيضاً عن إعادة الكيان الدولي للأمة الإسلامية، بتحرير أوطانها وإحياء مجدها وتقريب ثقافتها وجمع كلمتها، حتى يؤدي ذلك كله إلى إعادة الخلافة المفقودة والوحدة المنشودة.
ويتحدث أيضاً عن أستاذية العالم بنشر دعوة الإسلام في ربوعه: «وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله» (الأنفال – 39)، «ويأبي الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون» (التوبة – 32). وليس في الدنيا جهاد لا تضحية معه، ولا تضيع في سبيل فكرتنا تضحية، وإنما هو الأجر الجزيل والثواب الجميل ومن قعد عن التضحية معنا فهو آثم «إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم…» (التوبة – 111)، «قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم…» (التوبة – 24)، «ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب» (التوبة – 120)، «فإن تطيعوا يؤتكم الله أجراً» (الفتح – 16).
هكذا، وكأن حسن البنَّا يتحدث عن دين جديد، ويستدعي آيات قرآنية ذكرت للرسول (عليه الصلاة والسلام) عن الإسلام الأول الذي كان يدعو إليه، ويقول بكل وضوح: من قعد عن التضحية معنا فهو آثم. فهو –إذن- لا يتحدث عن فكرة عابرة لشخص أو لداعية يدعو إلى الله في العموم، ولكنه يتحدث عن دعوة خاصة، من أصولها الحكم، وأنها تتطلب جهاداً وقتالاً: «ومن لا يقاتل معنا فهو آثم»! وكأنه يتحدث عن دين جديد هو مكلف بتبليغه للعالم، بل ليس التبليغ فقط، بل السيطرة السياسية والعسكرية على العالم أجمع ليجبره على هذا الأمر، وهي فكرة «أستاذية العالم» بعد الخلافة الإسلامية، وكأن الدين لم يكتمل بموت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا». ولكن الخلافة أكملت المشوار إلى نقطة (من وجهة نظره) ولكنها لم تكملها، وكأن الله انتدبه ليعيد الخلافة ثم يكمل المشوار الذي لم يكمله الصحابة والتابعون وتابعوهم ليحقق هو مراد الإسلام -كما يظن- للسيطرة على العالم أجمع.
ننتقل لكلام سيد قطب (1906- 1966) في كتابه «في ظلال القرآن». في مقدمة سورة الأنفال، وللعلم فهي من السور المهمة التي تدرس في أسر الإخوان وكتائبهم وربما يُعاد دراستها مرات عدة لتأكيد ما بها من معان وأفكار، يقول قطب: «إن هذا الدين ليس إعلاناً لتحرير الإنسان العربي! وليس رسالة خاصة بالعرب! إن موضوعه هو الإنسان ومجاله هو الأرض، كل الأرض، وهذا الدين يريد أن يرد العالمين إلى الله، وأن ينتزعهم من العبودية لغيره، والعبودية الكبرى في نظر الإسلام هي خضوع البشر لأحكام يشرعها لهم ناس من البشر. وهذه هي العبادة التي يقرر أنها لا تكون إلا لله، وأن من يتوجه بها لغير الله يخرج من دين الله مهما ادعى أنه في هذا الدين»([10]).
لاحظ قوة العبارات التي يستخدمها سيد قطب «من يخضع لأحكام» (يقصد قوانين أو نظماً أياً كانت) فهي عبودية لغير الله، وأنه يخرج من دين الله مهما ادعى أنه من هذا الدين.
يستطرد قطب «إن الإسلام كما قلنا إعلان عام لتحرير الإنسان من العبودية للعباد. فهو يهدف ابتداء إلى إزالة الأنظمة والحكومات التي تقوم على أساس حاكمية البشر للبشر وعبودية الإنسان للإنسان… ثم يطلق الأفراد بعد ذلك أحراراً… ولكن هذه الحرية ليس معناها أن يجعلوا إلههم هواهم، أو أن يختاروا بأنفسهم أن يكونوا عبيداً للعباد! وأن يتخذوا بعضهم بعضاً أرباباً من دون الله. إن النظام الذي يحكم البشر في الأرض يجب أن تكون قاعدته العبودية لله وحده، وذلك بتلقي الشرائع منه وحده([11]).
علامات التعجب ليست من عندي، ولكنها من عند سيد قطب، والكلمات بما تحتوي من غموض، وعدم وضوح معنى الحاكمية للبشر والحاكمية لله، وما هو النظام الذي يحكم البشر وقاعدته العبودية لله وحده، وتلقي الشرائع منه وحده، ففي النهاية نحن بشر استخلفنا الله في هذه الأرض لنعمرها وأعطانا عقولاً نفكر بها، وأرسل لنا رسلاً وأنبياء لهدايتنا، وانتهى عصر الرسل بالرسالة الخاتمة، وتركنا ننظم أمورنا الدنيوية من منطلق «أنتم أعلم بشؤون دنياكم» نضع قوانين للمرور، ونظاماً للتعليم، ونظاماً للصحة، ونظاماً للزراعة، وكذلك الصناعة والسياحة والنظام البنكي والبورصة وقوانين تحكم وتنظم دواوين الدولة المختلفة، وربما نأخذ بنظام برلماني أو رئاسي أو ملكي أو مختلط كل حسب ظروفه وأحواله، وابتكرت الحضارة الغربية فكرة السلطات الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية وربما جعلوهم بعد ذلك أربعة بعد أن أضافوا الإعلام والصحافة كجهة رقابية أيضاً مؤثرة وأخذت بها دول كثيرة ومنها مصر، وفي النهاية سيظل البشر يفكرون ويحاولون الوصول للأفضل والتجربة والخطأ هي سبيلنا في الحياة لتلمس الطريق.
ويستطرد سيد قطب قائلاً: «على النحو المتقدم. ندرك حتمية الانطلاق الحركي للإسلام في صورة الجهاد بالسيف إلى جانب الجهاد بالبيان، وندرك أن ذلك لم يكن حركة دفاعية -بالمعنى الضيق الذي يفهم اليوم من اصطلاح (الحرب الدفاعية)ـ كما يريد المهزومون أمام ضغط الواقع الحاضر… وإذا لم يكن بد من أن نسمي حركة الإسلام الجهادية حركة دفاعية، فلابد أن نغير مفهوم كلمة (دفاع) ونعتبره دفاعاً عن الإنسان ذاته ضد جميع العوامل التي تقيد حريته وتعوق تحرره… وبهذا التوسع في مفهوم كملة (الدفاع) نستطيع أن نواجه حقيقة بواعث الانطلاق الإسلامي في الأرض بالجهاد، ونواجه طبيعة الإسلام ذاتها، وهي إعلان عام لتحرير الإنسان من العبودية للعباد، وتقرير ألوهية الله وحده وربوبيته للعالمين، وتحطيم مملكة الهوى البشري في الأرض، وإقامة مملكة الشريعة الإلهية في عالم الإنسان.
فالإسلام حين يسعى إلى السلم، لا يقصد تلك السلم الرخيصة، وهي مجرد أن يأمن على الرقعة الخاصة التي يعتنق أهلها العقيدة الإسلامية، إنما هو يريد السلم التي يكون الدين فيها كله لله، أي تكون عبودية الناس كلهم فيها لله.
المهزومون هم من يقفون عند حدود الدفاع لتأمين الحدود قال تعالى: «قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون». ويفسر سيد قطب هذه المعاني قائلاً: «إنها مبررات تقرير ألوهية الله في الأرض، وتحقيق منهجه في حياة الناس. ومطاردة الشياطين ومناهج الشياطين، وتحطيم سلطان البشر الذي يتعبد الناس، والناس عبيد لله وحده، ولا يجوز أن يحكمهم أحد من عباده بسلطان من عند نفسه وبشريعة من هواه ورأيه»([12]).
ما يقوله سيد قطب في قمة الخطورة، فهو يتحدث عن شريعة الله وكأنها نصوص واضحة جلية قطعية الثبوت والدلالة، تتحدث في كل شؤون الحياة، وعلينا أن نتبعها وإلا أصبحنا عبيداً للبشر من دون الله، وهو يتجاوز فكرة المحكم والمتشابه، ويتجاوز العام والخاص، والمطلق والمقيد، والضرورات والحاجيات، والتحسينات التي تحدث عنها الشاطبي، ويتجاوز فكرة القطعي والظني من حيث الثبوت والدلالة، ويتجاوز أموراً كثيرة تجعل للبشر مساحة كبيرة من الحركة لتحديد مسارهم البشري، مما يجبرنا على تسليم أنفسنا له ولمجموعته لاستنطاق الآيات والنصوص وتمكنه وجماعته من احتكار فكرة تفسير الدين تحت شعار «حاكمية الله وشريعة الله» لا آراؤه الشخصية وتفسيره الشخصي لتلك الشرائع. ويستنطق آية: «قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر» على أنها أمر من الله بمحاربة العالم أجمع حتى يخضع لمجموعة تحتكر حاكمية الله، وهو استدعاء في قمة الخطورة، وفيه إساءة كبيرة للدين الإسلامي تخرجه من كونه رحمة للعالمين إلى حرب وقتال وقتل للعالمين.
ويستطرد سيد قطب: «الانطلاق بالمنهج الإلهي تقوم في وجهه عقبات مادية من سلطة الدولة، ونظام المجتمع وأوضاع البيئة… وهذه كلها هي التي ينطلق الإسلام ليحطمها بالقوة. كي يخلو له وجه الأفراد من الناس.
يتمثل هذا الوجود في تجمع تنظيمي حركي تحت قيادة جديدة غير قيادات الجاهلية، وميلاد مجتمع مستقل متميز لا يعترف لأحد من البشر بالحاكمية، لأن الحاكمية فيه لله وحده… وهذا صراع طبيعي بين وجودين لا يمكن التعايش بينهما طويلاً([13]).
هذا الكلام يعبر فيه سيد قطب بكل صراحة عن فكرته وعن طليعته الحركية، ويتحدث عن الصراع الطبيعي بين وجودين لا يمكن التعايش بينهما طويلاً.
ويستطرد سيد قطب: إن المعسكرات المعادية للإسلام قد يجيء عليها زمان تُؤْثِرُ فيه ألا تهاجم الإسلام، إذا تركها الإسلام تزاول عبودية البشر للبشر داخل حدودها الإقليمية، ورضي أن يدعها وشأنها ولم يمد إليها دعوته وإعلانه التحريري العام… ولكن الإسلام لا يهادنها، إلا أن تعلن استسلامها لسلطانه في صورة أداء الجزية، ضماناً لفتح أبوابها لدعوته بلا عوائق مادية من السلطات القائمة.
وعبادة الله وحده لا تتحقق -في التصور الإسلامي وفي الواقع العملي- إلا في ظل النظام الإسلامي.
والإسلام ليس مجرد عقيدة، إنما هو منهج يتمثل في تجمع تنظيمي حركي يزحف لتحرير كل الناس، والتجمعات الأخرى لا تمكنه من تنظيم حياة رعاياها وفق منهجه هو، ومن ثم يتحتم على الإسلام أن يزيل هذه الأنظمة بوصفها معوقات للتحرر العام.
فإذا كف الله أيدي الجماعة المسلمة فترة عن الجهاد فهذه مسألة خطة لا مسألة مبدأ، مسألة مقتضيات حركة لا مسألة مقررات عقيدة.
بل الأمر أن الإسلام فكرة انقلابية ومنهاج انقلابي يريد أن يهدم نظام العالم الاجتماعي بأسره ويأتي بنيانه من القواعد، ويؤسس بنيانه من جديد حسب فكرته ومنهاجه العملي. ومن هنا تعرف أن لفظ «المسلم» وصف للحزب الانقلابي العالمي الذي يكونه الإسلام وينظم صفوفه ليكون أداة في إحداث ذلك البرنامج الانقلابي الذي يرمي إليه الإسلام، ويطمح إليه ببصره، والجهاد عبارة عن الكفاح الانقلابي عن تلك الحركة الدائبة المستمرة التي يقام بها للوصول إلى هذه الغاية، وإدراك هذا المبتغى([14]).
هذا الكلام يصرح به سيد قطب ويصف الإسلام بأنه جاء ليقهر الناس على عبادة الله، ولم يكن الإسلام كذلك أبداً، فقد جاء للحرية، «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، وإذا كان قد سمح بحرية الكفر فمن الأولي ما دون ذلك من شرائع، ناهيك عن اجتهادات بشر مسلمين يدّعون أن أفكارهم ورؤاهم هي من عند الله، وآيات كثيرة في القرآن تتحدث عن الحرية: «لست عليهم بمسيطر» (الغاشية – 22)، «إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ» (الشورى – 48).
ويضيف سيد قطب: إن إعلان ربوبية الله وحده للعالمين معناها: الثورة الشاملة على حاكمية البشر في كل صورها وأشكالها وأنظمتها وأوضاعها، والتمرد الكامل على كل وضع في أرجاء الأرض الحكم فيه للبشر بصورة من الصور، أو بتعبير آخر: مرادف الألوهية فيه للبشر في صورة من الصور.. ذلك أن الحكم الذي مرد الأمر فيه إلى البشر، ومصدر السلطات فيه هم البشر، هو تأليه البشر. إن هذا الإعلان معناه انتزاع سلطان الله المغتصب ورده إلى الله، وطرد المغتصبين له، الذين يحكمون الناس بشرائع من عند أنفسهم فيقومون منهم مقام الأرباب، ويقوم الناس منهم مقام العبيد… إن معناه تحطيم مملكة البشر لإقامة مملكة الله في الأرض… أو بتعبير القرآن الكريم: «وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله».
وقيام مملكة الله في الأرض، وإزالة مملكة البشر، وانتزاع السلطان من أيدي مغتصبيه من العباد ورده إلى الله وحده، وسيادة الشريعة الإلهية وحدها، وإلغاء القوانين البشرية.
والمهزومون روحياً وعقلياً ممن يكتبون عن «الجهاد الإسلامي»، ليدفعوا عن الإسلام هذا الاتهام يخلطون بين منهج هذا الدين وبين النص على استنكار الإكراه في العقيدة، وبين منهجه في تحطيم القوى السياسية المادية التي تحول بين الناس وبينه. ويتحدث عن سمات الاجتهاد الإسلامي فيقول:
السمة الأولى: للجهاد الإسلامي أنها تواجه جاهلية اعتقاد تصورية، تقوم عليها أنظمة واقعية عملية تسندها سلطات ذات قوة مادية وعلى الحركة أن تواجهه بالقوة والجهاد لإزالة الأنظمة والسلطات القائمة عليها، تلك التي تحول بين جمهرة الناس وبين التصحيح بالبيان للمعتقدات والتصورات، وتخضعهم بالقهر والتضليل وتعبدهم لغير ربهم الجليل.
السمة الثانية: بعد تحطيم الأنظمة السياسية الحاكمة، أو قهرها حتى تدفع الجزية وتعلن استسلامها والتخلية بين جماهيرها وهذه العقيدة، تعتنقها أو لا تعتنقها بكامل حريتها .
كذلك تحدث الأمين العام الأسبق للجماعة الإسلامية في لبنان فتحي يكن (1933- 2006) عن فكرة التمكين وفكرة الدعوة السرية والدعوة العلنية، وتحدث عن التمكين وعن نسب معينة لمرحلته ذكر منها 10% من الشعب تكون أسر إخوانية و60% من الشعب متعاطفة ومؤيدة للفكرة بحيث يصل بالمجموع إلى 70% من الشعب ومن الطريف أن قُبض على أحد أصدقائنا وناقشه ضابط أمن الدولة في هذه النسب. وقد كان الجيل الجديد من أمن الدولة أكثر ثقافة واطلاعاً، بل ربما يكون حفظهم لأدبيات الجماعة أكثر من أفراد الجماعة أنفسهم. المهم: سأله ضابط أمن الدولة «وصلتوا لكام دلوقتي يا أيمن؟»، فرد أيمن وقد كان خفيف الظل: «دلوقتي ياباشا وصلنا لـ80%»، مما جعل ضابط أمن الدولة ينظر له نظرات ما بين الغضب والتعجب. وفتحي يكن لمن لا يعرفه هو من أهم منظري الحركة وكانت كتبه تدرس في أسر الإخوان، ولكنه اختلف معهم وبدأ في انتقادهم في التسعينيات، مما جعلهم يخرجون كتبه من المناهج. وكتبت زينب الغزالي أيضاً في كتابها «أيام من حياتي» عن فكرة الدعوة السرية التي تمتد لثلاثة عشر عاماً كما فعل الرسول (عليه الصلاة والسلام) في الدعوة السرية([15]).
ننتقل إلى اللحظة الراهنة ونحن بعد 30 يونيو (حزيران) 2013، وخروج الإخوان من الحكم، ودخول قياداتهم السجون، ومشهد شديد الاحتقان نحاول أن نفهمه بعد جولتنا في أفكار حسن البنَّا وكذلك سيد قطب وفتحي يكن وزينب الغزالي، وكلامهم الواضح عن الحكم والسيطرة وانتهاء هذا الكلام داخل سجون عبدالناصر. ولكن في سبعينيات القرن الماضي خرج الإخوان مرة أخرى من السجون وفتح لهم السادات المجال للعمل بالضوء الأخضر لمحاصرة الناصريين والشيوعيين في الشارع المصري، ولا أعلم لماذا لم يسمح لهم السادات بالعمل العلني الشرعي! ربما كان أفضل لو فعل ذلك على الأقل لم يكن ليؤسس جيل السبعينيات على عنقودية التنظيم الخاص لمشهور وعزت في صورته القطبية. المهم أن الجماعة انتشرت بشكل كبير وشاركت في انتخابات مجلس الشعب 1984 و1987 وكذلك 1990 وقاطعت في 1995 وشاركت في 2000 و2005 وكذلك في 2010 وتفاوتت العضوية بين 4 في العام 1984 و37 في العام 1987 وعضو واحد فقط في العام 1990، وزاد العدد في العام 2005 ليصل إلى 88 عضواً، وكذلك دخلت انتخابات اتحادات الطلاب وسيطرت على معظم الجامعات وكذلك أندية أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، ودخلت معظم النقابات وسيطرت على معظمها، بل تطرقت إلى النوادي الاجتماعية ومراكز الشباب والساحات والجمعيات وكل شيء في مصر تقريباً، واخترقت مؤسسات الدولة كلها بما فيها الجيش والشرطة والقضاء، وإن كان الجيش والشرطة بأعداد قليلة لأنهم يجب تجنيدهم قبل انتهاء الثانوية العامة، أما القضاء فأمامك فترة الجامعة وبعدها ربما بعامين أو أكثر حتى يتم ترشيحه للنيابة فكان عددهم أكثر، وربما اتضح هذا بعد ذلك في مشهد «قضاة من أجل مصر» وكذلك النائب العام طلعت عبدالله. وبالعودة قليلاً إلى العام 1991 نجد «قضية سلسبيل»، حيث تم القبض على خيرت الشاطر وضبطت تشكيلات الجماعة كلها بمستويات عضوياتها على جهاز الكمبيوتر، وكذلك بما يسمي «خطة التمكين» أو «خطة فتح مصر»، وإن كان الأمن -في حينها- أنكرها عندما نشرها الكاتب حمدي رزق في جريدة المصور، ولكني أتفهم ذلك في ضوء التنسيق الذي كان قائماً في هذا الوقت بين الإخوان والدولة ولا تريد الدولة أن يدخل الإعلام عنصرَ ضغطٍ يعوق هذا التنسيق، وإن كانوا قد قبلوا بتشويه الجماعة إعلامياً، ولكنهم لم يكونوا ليسمحوا بدور أكبر من ذلك، فهم مازالوا يحتاجون للجماعة للقيام بأدوار أخرى داخلية وخارجية، فقد كانوا فزاعة للغرب في هذا الوقت، أو كان يظن النظام ذلك، وفي الوقت نفسه كانوا مبرراً لتأجيل الديمقراطية في الداخل واستمرار قانون الطوارئ ويقومون بهدف آخر هو التمدد في الفراغ السياسي لمحاصرةٍ أكثر للأحزاب الليبرالية واليسارية في الشارع المصري، حتى لا تكون استحقاقات الديمقراطية مطلباً مهماً لدى الداخل والخارج.
وقد تطرق الكاتب حمدي رزق في كتابه «فتح مصر»، الذي كتبت مقالاته قبل ذلك في جريدة المصور، عمّا يسمي بـ«وثيقة فتح مصر»، والذي تحدثت فيه الوثيقة بوضوح عن فكرة وصول عدد الأعضاء إلى 3 ملايين عضو، ووصول المتحمسين للفكرة والمرحبين بها من الشارع المصري إلى 50% (كمستهدف للحركة وليس واقعاً على الأرض). وتحدثت بشكل واضح عن الاتحادات والنقابات والمجالس التشريعية واختراق مؤسسات الدولة بما فيها السيادية، وتحدثت الوثيقة عن الاقتصاد وضرورة الاستثمار في مؤسسات اقتصادية كبيرة، وكذلك الاستثمار خارج مصر والافادة من المصريين الموجودين بالخارج. وتحدثت الوثيقة أيضاً عن التعامل مع المسيحيين واليهود وتحييدهم. ولا ننسى كم الإرهاب الذي حدث للمسيحيين عندما جاءت حادثة الاتحادية وتم الاعتداء على شباب الثورة، وخصوصاً من كان مسيحياً منهم، وتم معرفته من طريق البطاقة الشخصية أو الصليب المدقوق على اليد، وتم التصريح من البلتاجي والشاطر بأن 80% من المتظاهرين من المسيحيين لإرهابهم ومنعهم من الخروج، وتم تحذير صريح للبابا تواضروس قبل 30 يونيو (حزيران) من على منصة رابعة من خروج المسيحيين في التظاهرات. ولا ننسى تصريح عصام العريان عن اليهود، وأن اليهود المصريين من حقهم الرجوع إلى مصر مرة أخرى، هذا التصريح الذي أثار جدلاً كبيراً، تعليقاً على ما تضمنته الوثيقة من تحييد القوى ومنها المسيحيون واليهود، وقد كتب تقرير عن الكتاب مؤخراً قبل أربعة أشهر من عزل مرسي ومما جاء فيه أيضاً:
مرحلة التمكين اقتربت، فبعد مرور ثمانية أشهر فقط على وصول الإخوان إلى سدة الحكم عيّن الرئيس مرسي خلالها بالأمر المباشر ثمانية وزراء وخمسة محافظين وثمانية في مؤسسة الرئاسة، ونجح رجال جماعته في اختراق مفاصل 20 وزارة من خلال تعيين مستشارين للوزراء ومتحدثين إعلاميين ورؤساء للقطاعات ومديرين لمكاتب الوزراء، إضافة إلى تعيين 5 نواب محافظين، و12 رئيس حي ومركز، و13 مستشاراً للمحافظين. وقد سلم الدكتور يونس مخيون رئيس حزب النور ملفاً يضم الدفعة الأولى من نحو 13 ألف وظيفة تحصّل عليها الإخوان خلال سبعة أشهر، وهو دليل كاف على تحرك قافلة التمكين في الأرض على نحو متسارع([16]).
هذا الكلام قبل شهر يونيو (حزيران)، ولا ننسى حركة المحافظين الأكثر غباء في العالم من الناحية السياسية التي صدرت قبل 30 يونيو (حزيران) بأيام لتثبت سبعة محافظين آخرين منتمين للإخوان في أخطر سبع محافظات معارضة، من بينها البحيرة والمنوفية.
وعن مساعي الإخوان لـ«التمكين» قال الخبير في مركز الأهرام للدراسات محمود حمدي أبو القاسم : إن هذا المسعى ظهر واضحًا عندما قرر الرئيس «مأسسة» منصب الرئاسة، وراح يختار نوابه ومساعديه ومستشاريه، حيث اختار بعضًا من الأكاديميين والإعلاميين والخبراء، غير مدرك للفوارق الكبيرة بين السياسي المتمرس المعجون بثقافة الشارع، وبين عالم الأفكار والتنظير البعيد من واقع الناس وحياتهم ومعاشهم، وبدا غير معني بتوسيع المشاركة في المسؤولية من جانب أصحاب الثقل الجماهيري والتأثير الفعلي على الأرض، وأبعد الثوار أو زملاء المعارضة للنظام السابق عن المشاركة في السلطة في خطأ سياسي فادح ظهرت أثاره فيما بعد سواء في قراراته التي تراجع عنها أو في تهميشه لكل هؤلاء الذين اختارهم لمساعدته، ورجوعه إلى جماعته.
وأضاف أبو القاسم أن جماعة الإخوان وهي في سبيل التمكين لنفسها في السلطة ضيقت المشروع الوطني الحامل لأهداف الثورة، ومن ثم تحالفت مع بعض التيارات واستغلتها لتمرير مشروعها وأهدافها، وهذا كان له مردود على الجماعة من جهتين، الأولى: أنه لم تكن هناك حدود فاصلة لدى عموم الناس بين أي من هذه الأطراف الإسلامية، ومن ثم انعكست ممارسات بعض الدعاة وبعض غلاة الإسلاميين في ظل التوظيف الإعلامى السيئ على التيار الإسلامى ككل، وعلى الإخوان بالأخص، خصوصًا أن ضرورات التحالف فرضت عدم قدرة الإخوان على الفكاك من القيود والمواقف التي عززت الاتهامات لدى قطاعات عريضة من المصريين وأثارتهم ضد الإخوان، خصوصًا عند مناقشة بعض القوانين في مجلس الشعب المنحل أو داخل الجمعية التأسيسية عند مناقشة نصوص الدستور، كما أن هذا التحالف في اتجاه ثان مع مرور الوقت أصابه خلل لأنه كان قائمًا على الاستغلال؛ لذا انفضت الشراكة بين السلفيين أو حزب النور والإخوان مؤخرًا.
عن مستقبل الإخوان بعد عزل الرئيس محمد مرسي، يرى أبو القاسم أن الدولة العميقة الرافضة لحكم الإخوان نجحت في استغلال حال الاستياء الشعبي من أداء جماعة الإخوان المسلمين وقادت إلى عزل الرئيس «الإخوانى»، وبات المستقبل غامضًا أمام عودة الإخوان إلى المشهد السياسي وربما يمتد الوضع إلى كل فصائل تيار الإسلام السياسي، ولكن على الرغم من ذلك ما زال الإخوان أقوى فصيل سياسي في الساحة السياسية، ويجب ممارسة الضغط عليهم ليكونوا أكثر تفاعلاً وديمقراطية؛ لأن إقصاءهم وإبعادهم يضر بمصر ويضر بعملية التحول الديمقراطي المنشود([17]).
وفي العام 1991 وبالتحديد في شهر سبتمبر (أيلول)، اجتمع قادة التنظيم العالمي، المعروف إعلامياً بـ«التنظيم الدولي»، في مدينة إسطنبول بتركيا، وتقدم الحاج مصطفى مشهور المعروف حركياً آنذاك باسم «أبو هاني» باقتراح إلى هيئة المكتب حمل عنوان «إعادة تقويم المرحلة الماضية من عمر التنظيم العالمي»، والتى كانت قد وصلت إلى ما يقرب من عشر سنوات. انقسمت الورقة إلى خمسة أقسام رئيسة هي: فكرة التنظيم العالمي، أهدافه، وسائله، سلبيات العمل في الفترة الماضية، الاقتراحات والتوصيات وجاء في البند الثالث، ما يتعلق بالوسائل، ما يلي: «ويرى بعض الإخوة أنه بعد مرور ما يزيد على عشر سنوات من عمر التنظيم العالمي ومغالاة الأنظمة في حرب الجماعة والوقوف بشكل عام أمام أي توجه إسلامي صحيح (لاحظوا معي هنا أن التنظيم في مصر لم يكن قد تعرض لأي مضايقات من أي نوع بعد) فإن هناك وجهاً آخر لوسائل التغيير لابد من إعادة النظر فيه وتجليته للوصول إلى رؤية شرعية محددة لوسيلة من أهم وسائل التغيير داخل مجتمعنا، انطلاقاً من ثوابت فكر حسن البنَّا، ونستطيع أن نلحظ أن البنَّا قد اختار وسيلة بعينها في الأجواء الليبرالية التي كانت تحيط به، وهي النضال الدستوري ولكنه لم يغلق باب الخيارات الأخرى التي قد تحتاجها الحركة للتغيير النهائي، ومن أجل ذلك نستطيع أن نقول: إن المعالم النظرية للمشروع الحركي الإخواني قد تبلورت في صورة أقرب إلى النضج، ولكن ذلك لا يعني بحال من الأحوال أن أي نظرية في العلوم الإنسانية يمكن أن تصل إلى صياغتها النهائية، بل يظل الباب مفتوحا للمراجعة والتقويم.
إن البنَّا قد قام بما يلي للعمل على فكرة التمكين:
1- دراسة الواقع المحيط وتحديد المشكلة المطلوب علاجها.
2- تحديد الأهداف الاستراتيجية للحركة.
3- تحديد وسائل التغيير وحصرها في الآتي:
أ- وسائل التغيير المباشرة: النضال الدستوري – الانقلاب العسكري – الثورة المسلحة.
ب- وسائل التغيير غير المباشرة: العمل الجماهيري ونشر الفكرة.
4- بناء أجهزة الحركة المناسبة للتغيير: التنظيم الخاص، التنظيم العسكري، الشُّعَب، الجهاز التربوي، الجهاز الإعلامي، المؤسسات الاقتصادية.
وحدد لذلك ثلاث طرق هي:
1- الاحتواء: عبر توظيف أجهزة النظام لتحقيق أهداف الجماعة.
2- التعايش: بالعمل على التأثير في الواقع المحيط بما يجعل النظام حريصاً على استمرار وجود الإخوان.
3- التحييد: عبر إشعار النظام بأن الجماعة لا تمثل خطراً عليه([18]).
وقد ظهر جلياً الخطوات والطرق التي وضعها البنَّا للتمكين خلال الفترة القصيرة لحكم الإخوان وذلك من طريق:
– الانتشار في طبقات المجتمع الحيوية والقدرة على تحريكها.
– الانتشار في المؤسسات الفاعلة (ويقصدون بها الجيش والشرطة).
– التعامل مع القوى الأخرى.
– وأخيراً الافادة من البعد الخارجي([19]).
فهذه الوثيقة التي وضعها البنَّا للتمكين توضح الشكل الانقلابي الذي يعده الإخوان للسيطرة على نظام الحكم والوصول إلى مرحلة إدارة الدولة، أو ما اصطلح على تسميته في تلك الوثيقة الخطرة بـ«الاستعداد للمهام المستقبلية».
تشير الوثيقة إلى أن: «المحافظة على الحالة من التمكين التي يصل إليها المجتمع تتطلب ضرورة امتلاك القدرة على إدارة الدولة لمواجهة احتمال اضطرارنا لإدارة الدولة بأنفسنا، وفي الوقت ذاته ستؤدي حالة التمكين إلى تكالب القوى المعادية الخارجية. لذا؛ كان لابد من الاستعداد لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية من خلال أن يكون لدينا (الإخوان) رؤية لمواجهة التحديات، سواء من حيث امتلاك الإمكانات اللازمة لتحقيق هذه الرؤية والقدرة على تطويرها، وهذا يتطلب إعداد البناء الداخلي بما يتواكب مع متطلبات المرحلة، ويحقق الاستخدام الأمثل للموارد الذي اصطلحت الوثيقة على تسميته بـ«بالكفاءة».
وتضيف الوثيقة أن: «هذا يمثل التحدي العملي لتحقيق الخطة بأهدافها المختلفة؛ مما يستوجب التعامل مع جزئيات البناء الداخلي لتطويرها كي تتوافق مع طبيعة المرحلة القادمة، سواء من حيث الرؤية أو التكوين للأفراد أو البناء الهيكلي على النحو الآتي: فعلى صعيد الرؤية، وهي أحد أهم أضلاع مثلث مرحلة الكفاءة، فإن هذا يتطلب توحيد توجهات الصف في اتجاه البناء والتغيير؛ لذا لابد من استيعاب كامل من قبل الصف (العناصر الإخوانية) لقضية التغيير ووضوح كامل للتوجهات حتى لا تواجه الخطة بالمقاومة السلبية من الداخل، وضرورة البدء بطرح قضية التغيير للحوار على جميع المستويات من أجل أن يتفاعل ويكون عامل المشاركة دافعاً لإثارة كوامن الفكر والمبادرة وتجسيد القضية». وهنا يُطرح السؤال: لماذا يتوقع خيرت الشاطر مقاومة من الداخل لقضية التغيير؟ لأن ما طرح من قبل، وهو عين ما تم الاتفاق عليه بين التلمساني ومبارك فور الإفراج عن الأول من السجن، لم يكن يحتوي السعي في طريق تغيير النظام أو الانقلاب عليه، وسارت في هذا الاتجاه جميع برامج التربية داخل الجماعة، لذلك توقع الشاطر حدوث بلبلة داخل الصف (الجماعة) عندما يتم تغيير اتجاه البوصلة بشكل قد يؤدي إلى انقلاب مركب الجماعة في مغامرة غير محسوبة العواقب، وهو عين ما قال به قادة في الجماعة، من أمثال عبدالمنعم أبوالفتوح وأبوالعلا ماضي وعصام سلطان (الذين تم الإطاحة بهم واحدا تلو الآخر من الجماعة بتعليمات من خيرت الشاطر)، بعد اكتشافهم خطة التمكين، التي وضعها الشاطر «سراً» بتوجيهات خاصة من الحاج مصطفى مشهور نائب المرشد العام للتنظيم الدولي رسميا، والمرشد العام للتنظيم على صعيد الواقع الفعلي([20]).
نلاحظ بعد صعود الإخوان للسلطة وخصوصاً بعد حصولهم على منصب الرئيس واختيار هشام قنديل رئيساً للوزراء، وبعده تم اختيار عدد كبير من الوزراء وخصوصاً الوزارات الفاعلة، كمحمد عبدالمقصود وزيراً للإعلام، وأسامة ياسين وزيراً للشباب، واختيار الدكتور علاء عبدالعزيز لوزارة الثقافة، الذي أثار جدلاً كبيراً في أوساط المثقفين ودفعهم للاعتصام في وزارتهم حتى مجيء 30 يونيو (حزيران)، والموجة الثانية للثورة ضد نظام الإخوان، وكان شعارها الأساسي «يسقط يسقط حكم المرشد»، ونحن نعلم أهمية وزارة الشباب ومراكز الشباب وأيضاً ما يسمي «الساحات» في الأقاليم التي تسيطر عليها وزارة الشباب، وكذلك وزارة الثقافة وسيطرتها على قصور الثقافة والمكتبات العامة المنتشرة في أنحاء الجمهورية للتواصل مع الشباب وتجنيدهم للعمل تحت لواء التنظيم. وبدأوا في تعيين أعضاء الإخوان في مفاصل الدولة بدءاً من مديري المدارس ومديري الإدارات وانتهاء بوكلاء الوزارة في الوزارات المختلفة، وتسربوا أيضاً لمجالس المدن وبدأوا في تعيين مسؤولي الأحياء المختلفة، هذا وهم في أول عام، وهو عام مليء بالتوترات وعدم الاستقرار، فماذا كان سيحدث لو استمر الإخوان أكثر من ذلك، وخصوصاً أن الفريق عبدالفتاح السيسي كان قد صرح بأن الإخوان قالوا له: «إحنا جايين عشان نحكم 500 سنة»، ولذلك بدأوا في خطتهم للتمكين بالصورة السابقة التي أشرنا إليها، وتبعاً لما وضعه لهم المؤسس الأول حسن البنَّا من خلال رسائله ومن خلال ما رسمه لهم المؤسس الثاني منظر الحركة سيد قطب، أنهم يحكمون باسم الله.
[1] قيادي سابق في جماعة الإخوان المسلمين.
[2] أبو القاسم، الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن، تحقيق: محمد سيد كيلاني دار المعرفة، بيروت، د.ت، ص471.
[3] انظر: فريدة، زمرد، مفهوم التمكين في القرآن الكريم، (الرباط: ميثاق الرابطة)، ع 12، 21 مارس 2010.
[4] فاطمة، حافظ، مشروع التمكين ومجالاته، موقع أون إسلام، أغسطس (آب) 2011، على الرابط الآتي:
http://www.onislam.net/arabic/madarik/concepts/131945- empowerment.html
[5] المرجع نفسه.
[6] مجموعة رسائل حسن البنا، مؤسسة اقرأ، 2012، ص149.
[7] المرجع نفسه، ص151.
[8] المصدر نفسه، ص159.
[9] مسعد، خيري، الإخوان ببساطة، مؤسسة بداية، ص 29.
[10] في ظلال القرآن، دار الشروق، 1982، الطبعة العاشرة، ص1434.
[11] المرجع نفسه، ص 1435.
[12] في ظلال القرآن، دار الشروق، 1982، الطبعة العاشرة، ص1436.
[13] المرجع نفسه، ص1441.
[14] المصدر نفسه، 1434.
[15] كتاب أيام من حياتي، دراسة وتقديم عمرو فاروق، دار كنوز، ص23.
[16] حمدي رزق في كتابه يكشف خطة الإخوان للتمكن من مفاصل مصر!.
html#.uihvrdi3d-4 moheet.com/news/newdetails/663385
[17] عبدالله، حشيش، صحيفة المدينة، أغسطس (آب) 2013 ، على الرابط الآتي:
http;//www.al-madina.com/node/469855.
[18] موقع المحظورة على الرابط الآتي:
http://www.alma7zora.com/2012/05/blog-post_5998.htm l
[19] الرابط نفسه:
– http://www.alma7zora.com/2012/05/blog-post_5998.html
[20] موقع المحظورة على الرابط الآتي:
http://www.alma7zora.com/2012/05/blog-post-5998.html