لطالما كانت الإمارات العربية المتحدة حاضرة في اليمن وقت الأزمات، فمنذ بداية إرهاصات الوجود الإيراني هناك، وما تبعه من خراب على يد ميليشيات إيران الحوثية، كانت الإمارات إلى جوار شقيقتها السعودية في طلائع من وقفوا بحزم وصرامة لإفساد خطة التمدد الفارسي في المنطقة، واصطفوا بالمال والرجال والعتاد إلى جوار الشعب اليمني في محنته التي خلقتها الميليشيات الحوثية.
لم يكن الوجود الإماراتي الداعم للإرادة اليمنية وجوداً عسكريا فحسب، ولم يقتصر على تقديم شهداء من أبناء الدولة دفاعا عن عروبة اليمن الذي كانت تحاك له مؤامرة اختطاف وتغيير هوية، بل كان الوجود دائما ومستمرا، والعطاء لم يقتصر على إصلاح ما أفسده الحوثيون، بل تجاوزه إلى الاستثمار في الإنسان اليمني وخلق المبادرات والفرص للتعليم والتدريب والتطوير، إذ حين تحضر هذه العناصر تتضاءل فرص انتشار التطرف والعنف. ولأن اليمن تنتشر فيه التحديات (الحوثيون، القاعدة، الإخوان المسلمون) فإن التعويل يكون على إنقاذ الإنسان من خطورة الفقر والجهل وتوفير أساسيات العيش الكريم.
ليست مجرد مساعدات
يتصدر هذه الأيام وسم “الإمارات_ صمام_ أمان” موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، في إطار قيام دولة الإمارات العربية المتحدة بالتصريح عن نيتها في تعزيز مساعداتها الإنسانية وعمليات التنمية والإعمار في اليمن، التزاماً منها برسالتها الإنسانية العالمية، وتعزيز المبادرات التي تخفف من وطأة معاناة الشعب اليمني؛ إذ أعلن الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان في 24 فبراير (شباط) الجاري في تصريح له بمناسبة صدور تقرير إنجازات هيئة الهلال الأحمر الإماراتي في اليمن، وتوسيع نطاق عملياتها الإغاثية في المحافظات، خلال العامين الماضيين، أعن أن الهيئة ستستمر بتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية والتنموية لدعم استقرار سكان المحافظات اليمنية ومساعدتهم على إعادة الحياة إلى طبيعتها، إلى جانب المساهمة في عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية التي هجروها نتيجة تصاعد التوترات السياسية والأمنية فيها.
وكانت هيئة الأمم المتحدة قد أطلقت خلال العام الماضي مناشدة لجمع )1.2) مليار دولار أمريكي لتوفير الغذاء، وتقديم مساعدات ضرورية أخرى يحتاجها )12( مليون شخص يمني. لقد استجاب للمناشدة عدد من الدول الداعمة، وكانت دولة الإمارات في صدارتها، كما تمثل هيئة الهلال الأحمر الإماراتي أبرز المؤسسات التي تقدم الدعم، إلى جانب مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، ومؤسسة الأوقاف وشؤون القصر.
يُذكر أن المساعدات الإنسانية التي قدمتها الإمارات لليمن في الفترة ما بين أبريل (نيسان) 2014 إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 قد بلغت (9.4) مليارات درهم إماراتي (ملياران و”560″ مليون دولار) وكانت قد استهدفت أهم القطاعات لتنهض بمستوى الخدمات الأساسية، مثل: قطاع التعليم، وقطاع الطاقة، وقطاع البناء، وقطاع المياه، وقطاع الصحة؛ بالإضافة إلى تقديم مساعدات أخرى للمجتمع المدني. هذا إلى جانب رصد (20) مليوناً و(900) ألف درهم إماراتي (“5.7” ملايين دولار) توزعت على دعم قطاعات أخرى متنوعة.
قطاع التعليم
وصل نصيب قطاع التعليم في اليمن من المساعدات الإنسانية الإماراتية إلى (142( مليوناً و(200) ألف درهم إماراتي (“38″ مليوناً و”700” ألف دولار). إلى جانب قيام الهلال الأحمر بترميم )154) مدرسة في محافظات يمنية عدة، جاءت ضمن مشاريع المساهمة في إعادة إعمار البنية التحتية، وتم تقديم أكثر من (123) مدرسة في المحافظات الجنوبية، فضلاً عن قيامه بتأهيل تلك المدارس، وتأثيثها بكامل المعدات المكتبية والأجهزة التعليمية.
قطاع الصحة
تضمنت المساعدات التمويلية الإماراتية قيمة 611 مليوناً و300 ألف درهم لدعم قطاع الصحة في اليمن، استهدفت هذه المساعدات بناء وإعادة إعمار البنية التحتية للمنشآت الصحية، إلى جانب صيانة وترميم مراكز وعيادات صحية كانت قد تضررت من جراء الحرب. ورصد الهلال الأحمر مبالغ لشراء أدوية لمرضى السرطان وغسيل الكلى، ولشراء سيارات إسعاف وسيارات أخرى لنقل الأدوية.
يُذكر أن المساعدات الإنسانية الإماراتية قد ركزت بشكل خاص على مساعدة ضحايا مرض الكوليرا؛ من خلال تقديم مساعدات طبية عاجلة لعدد من المراكز الصحية، إلى جانب حملات تثقيف وتوعية كانت قد وُجِّهت لطلاب المدارس.
قطاع الطاقة
تبذل الإمارات جهوداً لتنفيذ مشاريع ترميم وإعادة تشغيل محطات توليد الكهرباء وشبكات التوزيع. وقد جرى تخصيص مليار و(50) مليون درهم (“286″ مليوناً و”100” ألف دولار)، لدعم قطاع الطاقة والكهرباء إذ تكفلت دولة الإمارات بدفع النفقات التشغيلية لتوليد الطاقة الكهربائية وخدمات الإمداد الكهربائي. كما وفرت المساعدات الإماراتية أنواع الطاقة المختلفة لمرافق الدولة المختلفة، كالمراكز الصحية والتعليمية، والمباني العامة في المحافظات اليمنية.
قطاع الأمن
وفي إطار حرص الإمارات على تعزيز الأمن والاستقرار في اليمن، قدمت مجموعة من المبادرات والمساعدات للأجهزة الأمنية. حيث عززت الحكومة الإماراتية قطاع الأمن اليمني، وزودته بأدوات ومعدات البحث الجنائي، وسيارات شرطة وأخرى خاصة، فضلاً عن دعم الدفاع المدني بسيارات إنقاذ، وتخريج دفعات قوات الدعم والإسناد.
لا يقتصر الدور الإماراتي في اليمن على تقديم المساعدات الإنسانية، إذ إنه يشمل المساعدة في إعادة بناء وإعمار ما خلفته الحرب. وقد بلغ نصيب قطاع البناء والتنمية المدنية قيمة (125) مليوناً و(100) ألف درهم (“34” مليون دولار)، إضافة إلى التطوير القضائي والقانوني بقيمة (466) مليون درهم (“126″ مليوناً و”900” ألف دولار)، إلى جانب الخدمات الاجتماعية العامة التي وصل نصيبها من المساعدات قيمة (483) مليوناً و(600) ألف درهم (“131″ مليوناً و”700” ألف دولار)، والمساعدات السلعية التي بلغت (1.6) مليار درهم (“436″ مليوناً و”100” ألف دولار).
وأخيرا، الأدوار الكبيرة التي تقوم بها الإمارات في اليمن تتجاوز وصف المساعدات إلى إعادة بناء الإنسان والعمران، والاستثمار في المستقبل البعيد لليمنيين وتحصين مجتمعهم ضد التطرف، وتضييق الخناق على الجماعات الراديكالية في اليمن عبر نشر التعليم ومكافحة الجهل الذي هو من النتائج التي تخلفها الحروب عادة.