يستعرض هذا الإيجاز اليومي، منتخبات من الأخبار والمقالات والتقارير، التي تعكس وجهات نظر بعض دوائر التفكير الغربية، وما نُشر فيها، حول التظاهرات والتحركات الشعبية في إيران، ومحاولة فهمها، وتأثيرها على طموحات إيران الإقليمية، وتقييم تعامل المفكرين والساسة الغربيين مع أخبارها. وتفسيرهم لما انتهت إليه، مع استشراف لمستقبل إيران بعدها.
- رجال الدين يحصدون نصيبًا وافرًا من ميزانية الشعب الفقير!
تُشير مقالة كتبتها الصحافية الإيرانية نجمة بوزور غمر، في صحيفة “فاينانشال تايمز”، إلى أن قيام الرئيس حسن روحاني بالكشف عن ميزانية الدولة لهذا العام، أدى إلى اشتعال غضب شعبي واسع. حيث كشفت الميزانية عن مبالغ كبيرة من أموال دافعي الضرائب مخصصة للمؤسسات الدينية، ولكيانات أخرى تابعة للفصائل داخل النظام الإسلامي. ومن الأمثلة التي وردت في كشف ميزانية الدولة، حوالي (853) مليون دولار اقترحت لأكثر من (12) مؤسسة دينية تروج للإسلام، والأسس الأيديولوجية للنظام الإسلامي.
وكشفت الأبحاث التي أجرتها صحيفة “فاينانشال تايمز” أنه منذ أن حل الرئيس روحاني مكان سلفه محمود أحمدي نجاد عام 2013، زاد الإنفاق المدرج في الميزانية على الدفاع والأمن بنسبة (18%)، وارتفعت مخصصات مكاتب الانتشار الإسلامي بنسبة (26%). وخلال نفس الفترة ارتفع الإنفاق على التعليم والصحة بنسبة (17%)، في حين انخفضت ميزانية وزارة الثقافة بنسبة (12%).
وقد تم تخصيص نحو خُمس ميزانية ديسمبر (كانون الأول)، أي (22.1) بليون دولار للدفاع، أي ما يعادل المخصصات المشتركة للتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية تقريباً. ومن هذا المبلغ تم تخصيص (7.7) مليارات دولار للحرس الثوري. وتُشير الكاتبة إلى أن كل ما سبق، يُضاف إليه المليارات التي صرفتها إيران على الصراعات في الخارج.
- آلاف المعتقلين في سجون النظام معرضون لخطر التعذيب بينما يحتفظ الغرب بالصمت حيال هذه التجاوزات!
كتب الصحافي الأمريكي روان سكاربورو، في صحيفة “واشنطن تايمز”، مقالا أوضح فيه أن جماعة المعارضة الإيرانية أشارت إلى أن القادة الإيرانيين قمعوا المتظاهرين في حملة استمرت منذ انطلاق التظاهرات في 28 ديسمبر (كانون الثاني) 2017. وذكر المجلس الوطني للمقاومة في إيران أن حوالي (8000) مواطن معتقل، وما لا يقل عن (50) مواطناً قد قُتل خلال التظاهرات، ويشير المجلس إلى أن خمسة أشخاص على الأقل من المعتقلين، قد قتلوا تحت التعذيب، بينما ظل الغرب صامتاً.
وأشار الكاتب إلى ما قاله جيم فيليبس، وهو محلل في الشرق الأوسط في مؤسسة “هيرتاج” الأمريكية، إلى أن رد فعل حلفاء الولايات المتحدة، في إشارة إلى الأوروبيين، نابع من رغبتهم في الحفاظ على الاتفاق النووي الإيراني، للحفاظ على مصالحهم التجارية مع طهران. وأكد الكاتب أن حقيقة الاحتجاجات التي نشأت في مناطق عدة من إيران تشكل دلالة على أن القاعدة الضيقة من الدعم السياسي للنظام قد تآكلت بشكل متزايد؛ بسبب ضعف أدائها الاقتصادي واستمرارها في ممارسة القمع الشعبي.
- النظام مدعوم من الخارج لذا يحافظ على سياسته الخارجية رغم الاحتجاجات!
يعتقد حميد رضا عزيزي، الأستاذ المساعد في الدراسات الإقليمية في جامعة “شهيد بهشيتي” الإيرانية، يعتقد أنه بالرغم من تراجع الاضطرابات الأخيرة في إيران، فإن المناقشات حول مختلف جوانبها، بما في ذلك أسبابها وآثارها، ما زالت ساخنة ومتواصلة بين المحللين والمراقبين. وكانت “السياسة الخارجية الإيرانية” جزءاً مهماً من النقاش، كواحدة من أسباب الاحتجاجات. والسبب يعود إلى أن شعارات رفعها المتظاهرون خلال الاحتجاجات في طهران ومدن أخرى، كشفت استياء الشعب الإيراني تجاه السياسة الخارجية لبلادهم، ومستوى مشاركتها في الأزمات الإقليمية. وعلى هذا النحو، فإن المتظاهرين يحثون الحكومة على إعادة توجيه مصادرها المالية نحو تلبية احتياجاتهم الاقتصادية.
على المستوى المحلي، يؤكد الكاتب ظهور قلق متزايد مع استمرار الاضطرابات على نفس المسار، لأنها من الممكن أن تؤدي إلى انتشار الفوضى، أو حتى تحويل إيران إلى “سوريا أخرى”. كما أنه نظراً لمشاركة إيران الواسعة في الصراع السوري، وارتباطها بالمشاعر الدينية والوطنية الإيرانية، خاصة أن عدد الجنود الإيرانيين الذين فقدوا أرواحهم في القتال في سوريا كبير، فإنه ليس من السهل الحديث عن رأي عام موحد يعارض مشاركة إيران الإقليمية بالمعنى الدقيق للكلمة.
ويُضيف الكاتب أن إيران تتمتع بعلاقات وثيقة مع اثنين من القوى الصاعدة في النظام الدولي، وهما روسيا والصين. وعندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط، يبدو الآن أن دور روسيا كشريك وثيق لإيران في سوريا، جعل موسكو أكثر حساسية لأي عامل مزعزع للاستقرار داخل إيران، من شأنه أن يؤثر على خطط الكرملين في المنطقة. وفي الختام يُشير الكاتب إلى أن نتائج ما سبق واضحة، إذ إن إيران ستكون أكثر ثقة في السعي لتحقيق أهدافها الثابتة في المنطقة.
- خطر الانهيار أم حقيقة الغضب؟
تجيب جين كينينمونت (رئيسة الأبحاث في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “تشاتام هاوس”)، تجيب في صحيفة “The Times of India”، عن السؤال: “هل تظهر الاحتجاجات الأخيرة في إيران أن النظام في خطر الانهيار؟”، معتقدة أنه لا يبدو أن الاحتجاجات في إيران تهدد النظام بشكل مباشر، ولكنها تسلط الضوء على الإحباط العام إزاء حالة الاقتصاد، والانقسامات داخل المؤسسة الحاكمة. وتضيف: على الرغم من أن الاحتجاجات لا تتعلق مباشرة بالاتفاق النووي، فإنها تعكس خيبة أمل واسعة النطاق حيال الصفقة التي لم تسفر عن عائد اقتصادي للكثير من الإيرانيين.
- احتجاجات إيران: تغييرات الميزانية المحبطة
أشار تقرير نشر في “The Globalist” إلى عشر حقائق حول الاحتجاجات الإيرانية. كان أهمها، أن إعلان ميزانية ديسمبر (كانون الأول) 2017 قد أسهم في إثارة الاحتجاجات الأخيرة في إيران. وقد شملت الميزانية زيادة كبيرة في الإنفاق العسكري، وارتفاع الضرائب، وخفض الإعانات الحكومية. كما ستنخفض نسبة السيولة النقدية بنسبة (45%). وفي الوقت نفسه، تعتزم إيران إنفاق ما مجموعه (8) بلايين دولار على الحرس الثوري. وتمول إيران الميليشيات في العراق وكذلك حزب الله في لبنان وسوريا. كما أنفقت المليارات لدعم الحكومة السورية كجزء من سياستها الإقليمية. ويشير المقال إلى أن هذا ما قد دفع بعض المتظاهرين إلى التساؤل عن سبب إنفاق الكثير من الأموال في الخارج بدلاً من إنفاقها أو استثمارها في الدولة.
خلاصة
تواصل التحليلات العالمية تفسير ما جرى في إيران من احتجاجات، ويتابعون الإحباط الذي اجتاح كثيرين بعد إعلان الميزانية التي كشفت عن سوء في توزيع الثروة وأولويات تقوي أنصار النظام، ورجال الدين، وحراس الأيديولوجيا، على حساب قوت الشعب.
كما يتم التطرق إلى تفسير بقاء سياسة إيران الخارجية ثابتة بالرغم من تسببها ببعض الغضب، ويتوجه التفسير إلى توصيف تحالف موقف إيران الخارجي بالتحالف الذي يصعب الفكاك منه، وكأنه دَين يجب سداده.