يستعرض هذا الإيجاز اليومي منتخبات من الأخبار والمقالات والتقارير، التي تعكس وجهات نظر بعض دوائر التفكير الغربية، وما نُشر فيها، حول التظاهرات والتحركات الشعبية في إيران، ومحاولة فهمها، وتأثيرها على طموحات إيران الإقليمية، وتقييم تعامل المفكرين والساسة الغربيين مع أخبارها.
كما يحاول تتبع أهم الخلافات في الوسائط الغربية، ومسارات فهم دوافعها. ويحمل وجهات نظر متباينة تكشف الاختلاف حول تصور وتقييم الاحتجاجات التي عمت مدنا إيرانية عدة. ويلفت إلى صعود أصوات تفنّد كون التظاهرات الحالية تواجه قمعًا أقل مما جرى عام 2009، إذ كشفت إحدى المقالات أن (10%) من المتظاهرين جرى اعتقالهم، حسب الرواية الرسمية!
• الحقيقة واضحة: العبث الإقليمي الإيراني يغضب الجميع
كتب وزير الدفاع البريطاني السابق جيفري هون، في “Irish Examiner”، حول فشل رعاة الدولة الدينية في إيران في توقع عدم رضا الغالبية من الشعب حيال سياساتهم.
ويُشير المقال إلى الاحتجاجات الأخيرة، التي جاءت تبعاً للتضخم في الأسعار، وعدم تحقق وعود روحاني في إنعاش الاقتصاد. وبالتالي عبرت عن غضب شعبي واسع، مدفوعة من طبقات الشعب الفقيرة والوسطى. إلا أن الحراك قد تصادم مع قوة الردع الحكومية التي واجهته.
المقالة تلفت إلى أن هذا لا يعني تعذر إحداث تغييرات. إذ من الممكن إحداث التغييرات والعمل على إعادة هيكلة الاقتصاد وأولويات الدولة، كردة فعل على هذه الاحتجاجات. وهذا ممكن، من خلال إدراك تكلفة السياسات الخارجية التوسعية في الشرق الأوسط، كالتدخلات في اليمن ولبنان وسوريا.
يؤكد الكاتب أن الشعب الإيراني ليس الشعب الوحيد القلق من السياسات الخارجية لدولته. إذ إن معظم الدول العربية والغربية على حد سواء، قلقة إزاء السلوك الإيراني. معتبرا أن أزمة السياسة الخارجية الإيرانية تعود إلى الأيديولوجيا المسممة التي تتبناها، والتي ترتكز على فكرة أن لديها الحق الإلهي في توحيد الشعوب الشيعية تحت الخلافة.
في خضم هذه الاحتجاجات، لدى الغرب الآن فرصة في دفع إيران لتعديل طموحاتها الإقليمية، وتوجيه اهتمامها إلى الداخل. ويرى الكاتب أنه في حال رفضت إيران ذلك، سيكون من الضروري فرض مزيد من العقوبات عليها.
• هدوء المظاهرات لا يعني نهاية الثورة
أشار الباحث في الشؤون الدولية أليكسندر سميث، إلى احتمالية أن تكون الاحتجاجات الأخيرة هي الأهم في إيران منذ حوالي عقد من الزمان، وبالرغم من أنها قد هدأت، لكن الغضب الذي غذى المظاهرات في جميع أنحاء البلاد يُمكن أن ينفجر مرة أخرى فى أي وقت وفقاً لما ذكره الخبراء. وأشار الكاتب إلى ما لفتت إليه سوزان مالوني نائبة مدير برنامج السياسة الخارجية في مؤسسة بروكنجز، والتي وصفت الاحتجاجات الأخيرة بـ”أنها واحدة من أخطر الأزمات التي واجهتها إيران خلال الـ(25) عاما الماضية”. وقد أكد الكاتب أنَّ أزمة الشعب الإيراني حقيقية، وإن هدأت الاحتجاجات حالياً، فإنها ستنفجر مرة أخرى، وإن مسألة التغيير عدها الكاتب مسألة وقت ليس إلا.
• هجوم على موغريني بسبب استهانتها بالمظاهرات
علقت صحيفة “فاينانشال تايمز”، على خبر زيارة وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف إلى بروكسل، للقاء مسؤولين في الاتحاد الأوروبي. وجاء ضمن تعليق الصحيفة إشارة إلى تغريدة المستشارة الخاصة لفيديريكا موغريني، ناتالي توكي، والتي قالت فيها بأنّها عادت توّاً من إيران، وأنّ ما يشاع عن المظاهرات في إيران مضخم ومختلف على أرض الواقع، عما تقوله وسائل الإعلام. هذه التغريدة أثارت موجة من الاستياء بين النشطاء الإيرانيين، الذين رأوا أنّ التغريدة كانت مسيئة للمعتقلين وللمتظاهرين الـ(21) الذين لقوا حتفهم، ولعشرات الآلاف الذين لا يزالون يتظاهرون كل يوم.
من الجدير بالذكر أنّ رئيسة الاتحاد الأوروبي موغريني، تعرضت لشتى الانتقادات بسبب موقفها الصامت جراء المظاهرات في إيران، وأنّ تغريدة مستشارتها الخاصة كانت أشبه بتأكيد ما تقوله الصحف ويقوله النقّاد –خصوصاً من مؤيدي ترمب– عن اصطفاف وانحياز أوروبي لصالح القيادة الإيرانية في سبيل الحفاظ على الاتفاقية النووية.
• وفاة معتقل تفتح ملف السجون الإيرانية سيئة السمعة
نشرت مدونة Lobelog الواسعة القراءة، مقالة عن التداعيات الأمنية للمظاهرات والاعتقالات المنتشرة في إيران. حيث أشارت إلى غضب يسيطر على الشارع بعد تأكّد خبر وفاة أحد المعتقلين، وإن كانت التصريحات الرسمية قد أكّدت أنه انتحر، ولكن هناك مطالب بإجراء تحقيق شامل والإجابة عن الأسئلة.
ووفقاً للتقارير الرسمية، هناك (450) معتقلاً في طهران وحدها، وأكثر من (1200) في المدن الأخرى، في سجون تفتقد للظروف المعتمدة دوليًا. وقالت عضو برلمان بأنّ أعمار المعتقلين من مدينة أيزا تتراوح بين (16) و(24) عامًا، ويعتقد أنهم غير متورطين في المظاهرات، بل انجرفوا إليها أثناء العودة من الدراسة.
هناك مخاوف كبيرة من انعدام السجون والمعتقلات المناسبة في مدن الضواحي البعيدة عن المدن الكبيرة، واحتمالية إقامة القوات الأمنية سجوناً مؤقتة تفتقد لأبسط المقومات الضرورية.
• عقوبات جديدة مرتبطة بانتهاكات إيران لحقوق الإنسان
كتب آن جيران، وكارول موريلو، وكارون ديميرجيان، في صحيفة “واشنطن بوست”، تقريراً مشتركاً، جاء فيه أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يتوقع الاستمرار في تخفيف العقوبات الاقتصادية على إيران في إطار الاتفاق النووي. ولكنه من المتوقع أن يُعلن عن عقوبات جديدة مرتبطة بحقوق الإنسان، وغيرها من القضايا، التي لن تؤثر بشكل مباشر على الاتفاق النووي. مشيرين إلى ما ذكرته سارا ساندرز المتحدثة باسم البيت الأبيض على تويتر، حول إدانة اعتقال الإيرانيين المتظاهرين، حيث قالت: إن “واشنطن لن تلتزم الصمت تجاه قيام إيران بقمع الحقوق الأساسية لمواطنيها، وستحمِّل القادة الإيرانيين المسؤولية عن أية انتهاكات”.
• في الحقيقة القمع تفوق على 2009… اعتقال واحد من بين كل (10)!
قالت صحيفة Times of India بأنّ ما لا يقل (3700) متظاهر تمّ اعتقالهم في الأسبوعين الأخيرين. ويقترب العدد من عدد المعتقلين عام 2009، والذين قاربوا آنذاك (4500) معتقل. وقال وزير الداخلية الإيراني عبدالرضا رحماني فضلي: إنّ عدد المتظاهرين لا يتجاوز (42) ألفاً. وإذا صح الرقم الذي تقدمه الجمعيات الحقوقية لعدد المعتقلين، فهذا يعني أنّ (1) من كل (10) متظاهرين يتم اعتقاله، وهي نسبة تفوق المعتقلين في مظاهرات 2009.
خلاصة
يظهر اليوم انقسام في صفوف المؤيدين للاتفاقية النووية، حيث برز صف “موغريني” الذي يقلل أساساً من شأن المظاهرات ويصفها بالمبالغات الإعلامية، بينما يؤكد صف “سوزان مالوني” أنّ المحافظة على الاتفاقية النووية يجب ألّا تؤثر أبداً على فرصة القيام بإصلاحات حقيقية في إيران.
من ناحية أخرى، بدأ يظهر توجه إحصائي جديد ينفي المزاعم التي كانت تؤكد أن القمع الحالي أقل من حاله قبل تسع سنوات. وبدا واضحًا أن عدد المعتقلين الآن في تصاعد مخيف. ويبقى الفضل في توجيه النقد للسجون الإيرانية لمأساة موت معتقل داخلها، ادعت السلطات الإيرانية أنه انتحر. الأمر الذي جعل البعض يتحدث عن عقوبات قريبة.