يستعرض هذا الإيجاز اليومي منتخبات من الأخبار والمقالات والتقارير التي تعكس وجهات نظر بعض دوائر التفكير الغربية، وما نُشر فيها، حول التظاهرات والتحركات الشعبية في إيران، ومحاولة فهمها، وتقييم تعامل المفكرين والساسة الغربيين مع أخبارها.
- هل حان الوقت لحكومة أكثر اعتدالاً؟
كتب توني نش وجاي هيسلر، مقالاً في موقع قناة “CNBC”، حول الاحتجاجات الأخيرة في إيران، معتبرين أنها قد جاءت مختلفة عن الاحتجاجات السابقة عام 2009، لأن الأخيرة كان وقودها المتعلمين والأغنياء، على عكس الاحتجاجات الحالية التي شملت المدن الصغيرة والأرياف والطبقات الفقيرة والوسطى.
وفيما يتعلق بالافتراضات التي تُشير إلى أن الانتفاضة الشعبية الحالية قد أُخمدت، يلفت الكاتبان إلى أن التاريخ يؤكد أن هذه الحركات غالباً ما تمثل بداية التغيير على المدى الطويل.
ويرى الكاتبان أن الاحتجاجات الحالية تنبع بشكل جزئي من عدم الرضا عن الاقتصاد، وبالنظر إلى أن هناك فرصاً جديدة لإيران، يعتقد الكاتبان أن استلام حكومة أكثر اعتدالاً بدلاً من النظام الحالي، سيؤدي إلى علاج مشكلات محلية عدة تشوب الداخل الإيراني. وعلى الصعيد الخارجي، سيؤدي استلام حكومة معتدلة، إلى تطور في علاقات إيران الخارجية، وهذا ما سينعكس على الأوضاع الدبلوماسية والاقتصادية لها، الأمر الذي يؤثر بدوره على المكانة الإقليمية والعالمية المحتملة لإيران الجديدة.
كما يعتقد الكاتبان أن ذلك من شأنه أن يُتيح لإيران أيضاً أن ترتبط بشركاء جدد، وخاصة في سوق الغاز والنفط، لافتين إلى الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، مثل كوريا الجنوبية واليابان وألمانيا.
- بين الثورة والانقلاب؟
في تقرير معمق لفيليب جيرالدي، المختص في مكافحة الإرهاب، وموظف الاستخبارات العسكرية الأمريكية سابقاً، يُشير إلى أن هناك نظريتين عامتين حول الاحتجاجات التي تجري في إيران. الأولى وهي غير مناسبة للحكومة الإيرانية، وتقول بأن الاستياء والشغب الشعبي المنتشر على نطاق واسع يعبران عن سوء إدارة للاقتصاد، التي ألحقت الضرر بشكل خاص بالفقراء من الإيرانيين. والنظرية الثانية تركز على أن إيران تشهد إعادة لأحداث 1953، والانقلاب على محمد مصدق، بتنظيم من وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) والبريطانية(MI6) .
إلا أن الكاتب أكثر ميلاً إلى النظرية الأولى؛ حيث أشار إلى أن توقعات الشعب الإيراني حيال التحسينات الاقتصادية نتيجة الاتفاق النووي، والتي أُجهضت لاحقاً، أدت إلى اندلاع الاحتجاجات. ويؤكد الكاتب أن الاتفاق النووي المتلاشي والاقتصاد المتعثر، حقق ثماره في ميزانية الحكومة لعام 2018، حيث انخفضت الإعانات والخدمات والدعم الحكومي، مما نتج عنه من ارتفاع في أسعار الوقود والسلع الأساسية.
إلا أن الكاتب يرى، وتبعاً لتاريخ التدخلات الأجنبية في الشرق الأوسط، بأن وكالة المخابرات المركزية والموساد لا تمتلكان الموارد على الأرض لتوجيه الحشود من الناس ودفعهم للتصرف، وبالتالي فإن ادعاء الحكومة الإيرانية بوجود محرضين خارجيين يُعتبر -إلى حد كبير- دعاية لجمهورها المحلي.
من جهة أخرى، نفى الكاتب أن تكون الولايات المتحدة وإسرائيل لا تركزان بشكل كبير على إيران، لافتاً إلى ما قاله هربرت ماكماستر (مستشار الأمن القومي الأمريكي) الذي أشار إلى أن إيران تُشكل مصدر العنف الطائفي، من خلال دعمها للجماعات الجهادية في جميع أنحاء العالم العربي. ويعتقد الكاتب أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ترغبان في تغيير النظام السياسي في إيران، نتيجة أفعالها، ولكن ليس الآن، ذلك أن مثل هذه العمليات تأخذ وقتاً طويلاً، وبهذا استبعد الكاتب الدور الخارجي في الاحتجاجات الأخيرة في إيران.
- إيران تعزز تحالفها مع الإرهاب
سكوت كلارك وأدريان ليفي، كتبا في صحيفة “صنداي تايمز” مقالا عن علاقات حديثة لإيران مع تنظيم “القاعدة”، حاولا تتبع خيوطها.
يجزم الكاتبان بأن قاسم سليماني شخصيًا وفر ملاذًا لأسرة قيادي في “القاعدة” في مطلع الألفية، وأن حركة أموال حديثة تشير إلى احتمالية تلقي التنظيم لتمويل من العاصمة الإيرانية.
في الوقت ذاته قامت صحيفة “نيويورك تايمز” بنشر تقارير تؤكد تسليح إيران للحوثيين، مستندة إلى تقرير لجنة تابعة للأمم المتحدة، والذي خلص إلى أن إيران انتهكت الحظر المفروض على إرسال الأسلحة إلى اليمن، وذلك من خلال عدم منعها ميليشيا الحوثي من الاستـيـلاء علـى صواريخ إيرانية، بما في ذلك الصاروخ الذي أطلق قبل أكثر من شهرين، واستهدف العاصمة السعودية.
وبالدمج بين التقريرين يمكن الانتباه إلى أنّ عبث إيران الإقليمي مستمر، وسيكون وقوداً لثورة شعبها.
- 5 خرافات أمريكية عن إيران
تريتا بارسي، نشر مقالا في “واشنطن بوست”، حاول فيه تقديم دفاع ناعم عن النظام الإيراني، وعنونه بـ”خمس خرافات أمريكية عن إيران”.
الخرافة الأولى -بنظر الكاتب-: هي أن الاتفاق النووي لا يفعل شيئاً، إنما يؤخر امتلاك إيران لقنبلة نووية، معتقداً أن ذلك مجرد مغالطة. الخرافة الثانية: تنص على أن إنهاء الاتفاق النووي يعم المتظاهرين ويرى أن هذه غلطة. والخرافة الثالثة: تنص على أن الحركة الخضراء كانت فاشلة. والخرافة الرابعة –حسب الكاتب-: هي الظن بأن العداوة بين إيران وإسرائيل عقائدية!
يشير الكاتب إلى أن ثمة اتصالات كثيرة جرت بسرية بين تل أبيب وطهران، ملمحا إلى فضيحة “إيران كونترا”. الخرافة الخامسة –برأيه- والأخيرة: هي أن الإيرانيين يكرهون الأمريكيين.
المقال يمثل محاولة لتلطيف الصورة الإيرانية بشكل يغير من الوقائع، ونجح الكاتب في وضع نقاط تأثير بشكل ملتبس.
خلاصة
بالرغم من أن وتيرة التظاهرات قلت خلال الأيام الماضية، فإن الكثير من التحليلات أخذت مجراها محاولة الاستفادة من الأحداث لقراءة مستقبل إيران، كما حاول اللوبي الإيراني استغلال الأوضاع لرسم صورة مختلفة عن إيران، ومحاولة الدفاع عن الاتفاق النووي باعتباره ملفًا منفصلاً عن ملف التظاهرات.