يستعرض هذا الإيجاز اليومي، منتخبات من الأخبار والمقالات والتقارير، التي تعكس وجهات نظر بعض دوائر التفكير الغربية، وما نُشر فيها، حول التظاهرات والتحركات الشعبية في إيران، ومحاولة فهمها، وتأثيرها على طموحات إيران الإقليمية، وتقييم تعامل المفكرين والساسة الغربيين مع أخبارها.
- السياسات الإيرانية مسؤولة عن الغضب الشعبي الواسع
نشر “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”، موجزاً أعدته إيريكا نيجيلي، جاء بعنوان “التظاهرات في إيران: أسبابها ووقعها وكيف يجب أن تكون”. واحتوى الملخص على جهد عدة باحثين، هم: مايكل سينغ، باتريك كلاوسون، مايكل آيزنشتات، وحنين غدار.
أشار مايكل سينغ إلى أن الولايات المتحدة تود رؤية المجتمع الدولي يُعبّر عن دعم أوسع للمتظاهرين، إلا أن الردود الأوروبية بقيت باهتة؛ نتيجة الاستثمار الأوروبي الضخم في رأس المال المادي والسياسي والدبلوماسي في الاتفاق النووي.
ويؤكد باتريك كلاوسون بدوره “أن الاقتصاد الإيراني بحالة لا بأس بها، إذ إن (الناتج المحلي الإجمالي) في إيران سوف ينمو هذا العام بنسبة تفوق نسبته في الولايات المتحدة، وسيكون عجز الميزانية الإيرانية أصغر من العجز الأمريكي بالتناسب مع حجم الاقتصاد في كلا البلدين”. ومع ذلك فإن وضع الغالبية العظمى من الشعب الإيراني رديء للغاية. مشيراً إلى مسألتين مهمتين، فيما يتعلق بسوء الوضع الاقتصادي للشعب الذي أثر على اندلاع الاحتجاجات. كانت المسألة الأولى حول تكلفة السلوك الإيراني المخل بالاستقرار الذي تمارسه في الخارج. والمسألة الثانية نتيجة تداعي النظام المصرفي الإيراني، الذي تفاقم نتيجة الجمود الحزبي السياسي الإيراني، وعدم اللجوء إلى خبرات المؤسسات الدولية الاقتصادية.
من جهته أكد مايكل آيزنشتات، أن قادة إيران الحاليين تعلموا عدداً من الدروس من خلال جهودهم السابقة في قمع التحركات الثورية المضادة. كان من ضمنها الحاجة إلى قيادات قوية وحازمة.
وأعربت حنين غدار عن أن الغضب من سياسات إيران الإقليمية لم تُغضب الشعب الإيراني فقط، بل وصلت علامات السخط إلى لبنان، التي قالت: إنها شبيهة جداً بعلامات الاستياء الملحوظة في إيران. وذلك من شأنه أن يدفع الناس إلى إعادة النظر في الدور المهيمن لإيران وحزب الله في المنطقة، خاصة في ظل الانكماش الاقتصادي في لبنان.
- هل الاحتجاجات عززت الاتفاق النووي؟
يعتقد إيشان ثارور، المتخصص في الشؤون الخارجية في صحيفة “واشنطن بوست”، أن الاحتجاجات قد عززت قضية الحفاظ على الاتفاق النووي. ويُشير إلى أن الرئيس دونالد ترمب امتلك فرصة في الحفاظ عليه. حيث يعتقد الكاتب أن إبطال الصفقة وفرض العقوبات على إيران، لا تصب في مصلحة الولايات المتحدة ولا شركائها الأوروبيين. ويُضيف أنها ستؤدي إلى خلق شقاق فيما بينهم، كما ستسهم في تشتيت النظر عن قضية المتظاهرين، وتُعطي إيران فرصة في استكمال نشاطها النووي فوراً.
- الحديث بصوت عالٍ والعصا الصغيرة
في مقالة مطولة نشرها موقع war on the rocks ، كتب الباحث آرون ستاين، عن الموقفين الأمريكيين من المظاهرات في إيران. مبينا أن هنالك من يؤمن بأن النظام الإيراني منقسم إلى معتدلين ومتشددين، وأن الإصلاح يمكن في إيران. أما أصحاب الموقف الثاني، فيرون أنه لا مجال لإصلاح النظام الديني المعقد، ولن تكون للولايات المتحدة فرصة للتواصل مع إيران في ظل هذا النظام. من الواضح أن الإدارة الأمريكية الحالية تميل إلى الرأي الثاني، ولكنها عاجزة عن تنفيذ أي من أمنياتها.
يقدم الباحث نظرية لافتة للانتباه حول الاتفاقية النووية، التي يراها أيضا وسيلة لقلب النظام. معتقدا أنه “عندما توصلت إدارة أوباما إلى اتفاقية مع إيران، قدمت تنازلات بما فيها الحظر المفروض على برامج إيران النووية، حيث إن الاتفاقية بتفاصيلها المعقدة لا تنتهي حقا حتى عام 2040، وإن عمر مرشد إيران الأعلى علي خامنئي (78) سنة، وقد تشعل وفاته نقاشات حادة عن النظام الإيراني، وعن فكرة ولاية الفقيه ذاتها”. ويرى الباحث أن هذا السجال الإيراني الذي لا مفر منه سوف يجري بين الجيل الجديد من الشباب، الذي ظهر نمطه في التفكير في المظاهرات، وصار بيناً أنهم يعطون أولوية لاقتصاد البلاد ورفاهيتها على الحروب الخارجية. ووفاة المرشد الأعلى –المفترضة- قد تكون فرصة لتبديل النظام، ولكن من دون إطلاق رصاصة واحدة.
- رضا بهلوي: لم أكن متفائلاً أبداً كالآن منذ أربعة عقود
كتب أمير تيبون في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، حول المقابلة مع رضا بهلوي الابن الأكبر للشاه الراحل، الذي أشار إلى أنه “منفي خارج البلاد منذ أربعة عقود، ولم أكن متفائلاً أبداً مثل الآن”.
ويُشير بهلوي إلى أن الاحتجاجات الأخيرة أظهرت ما يشكل أكثر من مجرد قضايا وأزمات اقتصادية. وفي ظهور علني له يؤكد بهلوي أنه يقاتل من أجل إقامة حكم ديمقراطي في إيران، من شأنه أن يحافظ على حقوق الإنسان وسيادة القانون. معتقداً أن عليه التركيز على المستقبل وليس على الماضي، والعمل بشكل أفضل من أجل إيران.
خلاصة
لا يزال النقاش حول المواقف من الاحتجاجات هو السائد، ويتردد الباحثون في تحليل موقف الحكومات الغربية، ويراقب الجميع الداخل الإيراني، في وقتٍ لا يعاني نظامها من الاحتجاجات العارمة فحسب، بل تتهاوى نظرياته التي كان يسوقها خلال سنوات، فلم يعد أحد يأبه بالحديث عن الإصلاحيين والمتشددين. ولم تعد المعارك الانصرافية ناجعة في تحويل الأنظار عن فشل النظام في إدارة الاقتصاد، وتهاوي هالة النظرية الدينية وعداء دول الجوار!