يستعرض هذا الإيجاز اليومي، منتخبات من الأخبار والمقالات والتقارير، التي تعكس وجهات نظر بعض دوائر التفكير الغربية، وما نُشر فيها، حول التظاهرات والتحركات الشعبية في إيران، ومحاولة فهمها، وتأثيرها على طموحات إيران الإقليمية، وتقييم تعامل المفكرين والساسة الغربيين مع أخبارها. وآثار قرار ترمب بفرض عقوبات على بعض المسؤولين عن القمع داخل طهران.
- كاتبان عبر ناشونال انترست: تغيير النظام في إيران ما هو إلأ مسألة وقت
كتب ريمون تانتر وإيفان شيهان مقالاً عبر “ناشونال انترتست” يؤكدان أن الائتلاف المتنوع للمتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع يوضح أن حكم الثيوقراطية في إيران ليس له مستقبل.
ولفت المقال إلى ما صرحه به مايكل بومبيو رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية الحالي، الذي قال أن النظام الإيراني نظام ثيوقراطي يتطلع إلى الوراء بدلاً من التوجه إلى تحسين حياة شعبه، متوقعاً أن يواصل الشعب الإيراني تمرده ضد النظام.
ويتوقع الكاتبان أن الاحتجاجات الحالية لن تغير النظام، إلا أنهما يعتقدان بتغير الأمور مع الوقت، ذلك أن الشعب لن يرضخ لهذا النظام وسيثور ويحقق التغيرات التي يريدها.
- تُظهر الاحتجاجات فشل النظام في إيران ورغبة الشعب بالتغيير
يعتقد الكاتب الإيراني محمود دلخستيه عبر مقاله على “The Iranian” أن الاحتجاجات كشفت عن ظهور خطاب جديد يجمع بين التقاليد القديمة والأفكار الجديدة. الخطاب لمسه الكاتب من خلال الشعارات التي يرددها المتظاهرون، مؤكداً أن قطاعات كبيرة من الجمهور الإيراني لم يعد لديهم الأمل في الإصلاح، وعلى عكس الحركة الخضراء، فإن المتظاهرين يستهدفون النظام السياسي بشكل مباشر. رغبةً منهم في الإطاحة بالثيوقراطية الإيرانية، وتحقيق “الاستقلال والحرية” في جمهورية إيرانية جديدة دون “الإسلامية”. ويعتقد الكاتب أن المتظاهرين يؤيدون المبادئ التوجيهية لثورة 1979، ولكنهم يطالبون الآن بنسخة علمانية منها.
ويلفت الكاتب إلى أن النظام الإيراني الذي دمج ما بين الدين والدولة فشل بشكل فادح، حيث سلبت الدولة روحية الدين، الذي استخدمته الدولة لتبرير أفعالها المروعة، كما سلبت المسارات التي تقدم بدائل للعنف والكراهية والخوف. ويؤكد الكاتب أن ما يحدث في إيران عامة ينم عن ظهور خطاب جديد سيكون له تداعيات إقليمية وعالمية.
- اقتصادي إيراني: المظالم الاقتصادية والاجتماعية التي أشعلت الاحتجاجات مردها الفساد وسوء الإدارة
كتب الاقتصادي الإيراني Bijan Khajehpour أن التقدير الكامل للأسباب الجذرية للاحتجاجات الأخيرة في إيران تتطلب تحليلاً عميقاً للحقائق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. إلا أنه يؤكد وجود علامات سابقة وكافية توضح وجود السخط الشعبي حول المظالم الاجتماعية والاقتصادية. وإلى جانب تلك المظالم، هناك تنامي في الشعور الشعبي بالظلم الذي يتغذى على الفساد وسوء الإدارة. وفي الواقع، فإن النقاشات المتلفزة لمرشحي الرئاسة قبل انتخابات مايو (أيار) 2017، قدمت أدلة كافية على وجود فساد وسوء إدارة في مؤسسات الدولة المختلفة. كما كانت محاربة الفساد واحدة من أهداف إدارة الرئيس حسن روحاني الذي ادعى وجوب تحقيقها منذ توليه منصبه لأول مرة في عام 2013. وكان هناك دعوات مختلفة سابقة لذلك؛ لصياغة وتنفيذ القوانين واللوائح اللازمة لمنع الصفقات الفاسدة. وفي بلد مثل إيران، يُشير الكاتب إلى أن مليارات الدولارات تُصرف من ميزانية الدولة على مشاريع لن يتم الانتهاء منها أبداً.
- معضلة روحاني أمام الاحتجاجات
تلفت مقالة كتبها عومير كرمي وهو زميل عسكري زائر في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إلى أن روحاني يستطيع استخدام نفوذه المحدود للتأثير على حسابات خامنئي. في جهود لتحقيق إصلاح اقتصادي يؤدي إلى إنعاشه. يتطلب ذلك كما أشار الكاتب إيجاد تسوية ما بين نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط وما بين رغبتها في تحسين الوضع الاقتصادي. خصوصاً وأن روحاني كان قد انتخب نتيجة برنامجه الذي ركز على تحقيق إصلاحات اقتصادية وتمكين حقوق الإنسان وغيرها من الوعود. ويُشير الكاتب هنا إلى أهمية دور روحاني بالتنسيق مع دور المجتمع الدولي في الضغط على خامنئي حول سياساته المتعلقة بالشرق الأوسط ومنظومة الصواريخ الباليستية. ويعتقد الكاتب أن هذا ممكناً في ظل تنامي هتافات المتظاهرين. حيث من الممكن أن تساعد الضغوط الخارجية في إقناع روحاني على ضرورة استخدام أدواته الرئاسية المحدودة من أجل تقليص أنشطة الحرس الثوري في المنطقة، وتقليص ميزانية الدفاع. يلفت الكاتب إلى أن هذه المقاربة لن تغير سياسات إيران في الشرق الأوسط، ولكنها قد تتصدى لبعض خطط الحرس الثوري.
- إيران تتوجه لفتح جامعات في سوريا والعراق بالرغم من السخط الشعبي الواسع
كتب أحمد ماجديار عبر مؤسسة الشرق الأوسط أنه في الوقت الذي تتصدر الصحف عناوين التدخل العسكري الإيراني في الصراعات الإقليمية ودعم الجماعات المسلحة، فإن السلطات الإيرانية تستمر أيضاً في تعزيز الأهداف الأيديولوجية والسياسية للجمهورية الإسلامية في المنطقة.
ويعد إنشاء جامعة آزاد الإسلامية في العراق وسوريا وتوسيع الفرع الرئيسي في لبنان مثالاً على استراتيجيتها في توسيع نفوذها في المنطقة. جنباً إلى جنب مع المنظمات التعليمية والثقافية والخيرية الإيرانية التي تكمل الاستراتيجية الإيرانية “كقوة ناعمة” وتوفير غطاء مدني لنشطاء الحرس الثوري للقيام بأنشطتهم التخريبية على حساب الاستقرار الإقليمي.
كان قد أعلن علي أكبر ولايتي، كبير مستشاري السياسة الخارجية الإيرانية، أن الرئيس السوري بشار الأسد قد وافق على اقتراح من جامعة آزاد الإيرانية الإسلامية على فتح فروع فيها. وكذلك تم الاتفاق مع همام حمودي العضو في مجلس النواب العراقي على فتح فروع للجامعة نفسها في كربلاء والنجف والبصرة وأربيل. وفي لبنان، سيتم العمل على توسيع الفروع الموجودة فيها سابقاً.
ولفت ولايتي إلى أن تأثير إيران باستخدام القوة الناعمة سيساعد على “توسيع الإسلام” في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الصين والهند والعالم العربي، مع التركيز بشكل خاص على الإسلام الشيعي.
يلفت الكاتب إلى أن ولايتي قد أكد خلال كلمته في يوليو الماضي على الحاجة إلى إنشاء فروع جامعة آزاد الإسلامية في الدول العربية، معتقداً أن فروع الجامعة الجديدة ستساعد المزيد من الشباب العرب في الحصول على التعليم العالي، كما ستقوم بتدريب الجيل القادم على “المقاومة”. كما أكد على أن منظمة الباسيج يجب أن يكون لها “حضور شامل في الأنشطة الثقافية والأيديولوجية والاجتماعية لجامعة آزاد”. ذلك أن الباسيج هي المنظمة الأكثر قدرة في المجالات الثقافية والأيديولوجية.
- الاستراتيجية الجديدة نحو إيران
كتبت أليكسا كورس المتخصصة في الأمن القومي حول إعلان ريكس تيلرسون وزير الخارجية الأمريكي يوم الأربعاء، الذي صرح في خطاب له حول نقل الاستراتيجية الأمريكية في سوريا من التركيز على داعش إلى إيران؛ ونظراً لتزايد الخطر الإيراني وتراجع خطر داعش، تهدف الاستراتيجية إلى تقليص النفوذ الإيراني هناك، وسيتم ذلك من خلال ممارسة الجهود الدبلوماسية، إلى جانب الإبقاء على وجود عسكري طويل الأمد فيها.
- “القبضة الحديدية لم تكن الاستجابة الوحيدة لإيران هذه المرة”
ترى لادان نصيري الكاتبة في مجلة بلومبيرغ بأنّ انعكاسات مظاهرات 2017 الأخيرة في إيران مختلفة كثيرا عن سابقتها في عام 2009. وهناك بالتأكيد تشابه من حيث الاعتقالات وعدد الوفيات، ولكن على عكس حكومة أحمدي نجاد، لا تتقبل هذه الحكومة الاعتقالات الجماعية وقد صرّحت علناً بذلك. لا يسيطر الرئيس روحاني على أغلب الأجهزة الأمنية، كما انتقد الحظر الذي فرضته السلطات على تطبيق تلغرام. إنّ التسامح الطفيف الذي أبدته القوات الأمنية والحكومة أتاح للناس التحدث بحرية عن مظالمهم: “يكره الناس هذا التقييد في حريتهم الثقافية والاجتماعية وهم يستخدمون ما هو متاح أمامهم للتنفيس”. اعتمد الرئيس روحاني على دعم الطبقة الوسطى في إعادة انتخابه العام الماضي، ويدرك أبناء هذه الطبقات مدى الفوضى التي تخلفها التحركات ضد الحكومات في سوريا وبلدان عربية أخرى. كما يدرك النظام أنّ الضرب بيد من نار على المتظاهرين قد يقلب ضده، كما وقع في سوريا أيضاً عام 2011 وفي ليبيا.
تعيد الكاتبة السجال الذي اعتمدته الجماعات المؤيدة لروحاني وظريف في أنّ الاتفاقية النووية التي دعمها روحاني جاءت بوعود لقلب الاقتصاد الايراني وإيجاد فرص العمل، ومع أنّ الاقتصاد تحسن جزئياً إلّا أن الوعود التي قدمها روحاني للشعب لم تجد تمثيلاً حقيقيًا لها، وهذا أحد أسباب غضب الجماهير.
ومع الإدارة الأمريكية الجديدة التي يهدد رئيسها ترمب بتمزيق الاتفاقية النووية “إلى أجزاء”، أصبحت هذه الوعود محض خيال. يتخذ ترمب موقف صارم من إيران وقد عمل على عزل إيران وفرض المزيد من العقوبات عليها، والآن تأتي المظاهرات على أنها سبب آخر لمواصلة هذه السياسة الجديدة.
وفي إشارة أخرى إلى الموقف الحكومي المختلف في هذه المظاهرات، تحدثت الكاتبة عن قيام التلفزيون الرسمي الإيراني بعرض مقاطع من شكاوى الناس، ولكن باستخدام رواية الحكومة: العديد من هذه المطالب مشروعة، ولكن هناك “مندسين” مع المتظاهرين هتفوا ضد الحكومة.
الخلاصة
تستمر التغطية عن مرحلة ما بعد المظاهرات، والحديث عن أسبابها وكيفية تعامل الحكومة والقوات الأمنية معها وموقف دول الجوار الإقليمية منها. ويتوحد التوجه الذي يقول بأن أسباب الاحتجاجات قائمة، وتكرراها ممكن.