يستعرض هذا الإيجاز اليومي، منتخبات من الأخبار والمقالات والتقارير، التي تعكس وجهات نظر بعض دوائر التفكير الغربية، وما نُشر فيها، حول التظاهرات والتحركات الشعبية في إيران، ومحاولة فهمها، وتأثيرها على طموحات إيران الإقليمية، وتقييم تعامل المفكرين والساسة الغربيين مع أخبارها. وتفسيرهم لما انتهت إليه، مع استشراف لمستقبل إيران بعدها.
- الشعب الإيراني يعاني نتيجة طموحات النظام الإقليمية
نشر موقع “Iran Focus” مقالاً بعنوان “يعاني الشعب الإيراني اقتصادياً نتيجة نظام سياسي فاسد”. يُوضح المقال أن الاحتجاجات قد بدأت مدفوعة بعوامل اقتصادية، نتيجة تركيز سياسات الدولة الإيرانية على التمدد الخارجي، حيث وُجهت ثروة البلاد إلى الخارج، بدلاً من تنمية الداخل، هذا ما انعكس سلباً على الأوضاع الداخلية، ولا سيما على أحوال الطبقتين الفقيرة والوسطى.
كما يلفت المقال إلى آمال الشعب التي عُلقت على الاتفاق النووي الإيراني، وما رافقه من رفع للعقوبات الدولية، التي جلبت العائدات على خزينة الدولة، إلا أنها لم تؤدِّ فعلياً إلى تحسين الظروف المعيشية للشعب. ويعزو المقال ذلك إلى قيام النظام بدعم الجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة في إطار خططه للهيمنة الإقليمية.
- التمرد لا يعني دائماً ثورة: خصوصية للتجارب العربية والإيرانية
كتب مارك لينش (أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن الأمريكية) مقالة نشرها مركز “كارنيغي” لسياسة الشرق الأوسط، بعنوان “التمرد لا يعني دائماً ثورة: مقارنة بين الاحتجاجات في إيران والانتفاضات العربية قد تسقط من الاعتبار فكرة مهمة”. يقول الكاتب: لقد بدأت الأقلام تكتب عقب اندلاع الاحتجاجات في إيران، حول العبر التي يمكن للاحتجاجات الإيرانية أن تستقيها من الانتفاضات العربية، وبدأت الكتابات تتناول المقارنات بينهما. إلا أنه لم يكن معروفاً إلى أي حد ستتمكن الاحتجاجات من تهديد النظام، أو ما إذا كان النظام سينجح في احتوائها.
يشير لينش إلى أن الوضع الراهن يُوضح للعالم أن النظام قد تمكن من احتواء الاحتجاجات الشعبية، بواسطة قوة سلطات الأمن التي مارست القمع، ومن جهة أخرى، نتيجة غياب الهيكلية التنظيمية التي تعمل على حشد وتعبئة الناس لاستمرار الاحتجاجات.
في المقال ذاته يؤكد الكاتب أنه بعد التجربتين التونسية والمصرية في إطاحة الرئيسين سلمياً، بدأ المحللون يبالغون في قدرة التمرد الثوري على التغيير. إلا أن الكاتب يعتقد أن أياً من الدول العربية لم تستطع تكرار هاتين التجربتين. وتبعاً لما سبق، ينفي الكاتب ملاءمة المقارنة ما بين الاحتجاجات الإيرانية والثورة التونسية في 2010؛ مُشيراً إلى أن ذلك بعيد جداً، وإن وجبت المقارنة، فإن الملائم أن تتم المقارنة ما بين الاحتجاجات الإيرانية والاحتجاجات التونسية الأخيرة التي بدأت عام 2018، والتي عدها الكاتب قريبة لها بشكل كبير، لافتاً إلى الاستياء الشعبي المشترك من الركود الاقتصادي والسياسي والوعود المنكوثة.
- كاتبة إيرانية: التغيير في إيران ممكن، وانعكاسه على المنطقة أمر محتمل
كتبت رويا هكاكيان (الصحافية والكاتبة الأمريكية- الإيرانية) مقالا يناقش كيف يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تدعم الاحتجاجات الإيرانية.
تؤكد الكاتبة أنه في الأسابيع الأخيرة، كانت إيران في خضم انتفاضة. وكانت الولايات المتحدة آملة في رؤية علامات تغيير النظام تلوح في الأفق، ولكنها لم تفعل شيئاً.
وتعتقد الكاتبة أن الإيرانيين يأملون الآن في إجراء استفتاء يمنحهم فرصة للتراجع عن الحكومة التي اختاروها منذ حوالي (40) عاماً. على غرار الاستفتاء الأول الذي خاضه الشعب الإيراني في مارس (آذار) 1979، والذي صوت فيه أكثر مما نسبته (90%) من الإيرانيين لصالح إقامة الجمهورية الإسلامية. وتؤكد الكاتبة أن ضبط النفس الذي أبدته الولايات المتحدة سابقاً في الامتناع عن القيام بعمل عسكري ضد إيران، هو الطريق الصحيح عندما يلوح خطر الحرب بين البلدين. ولكن بعد أن خرج الإيرانيون العزل إلى الشوارع، لم يعد الصمت الحذر هو النهج الصحيح.
- إن استمرار سياسة النظام على ما هي عليه ستؤدي إلى اشتعال الاحتجاجات مرة أُخرى
يرى الباحث علي فايز أن الاحتجاجات في إيران قد تراجعت، وفي حال فشل القادة الإيرانيون في الاعتراف بسوء الوضع الراهن، وإن لم يقوموا بإجراء إصلاحات رئيسة، فإنها مسألة وقت ليس إلا وسوف تشتعل الانتفاضة التالية، مما قد يؤدي إلى مزيد من الاضطرابات، نتيجة وجود غليان شعبي حقيقي على قضايا عدة قد برزت في الاحتجاجات، لم تكن موحدة. حيث كان المتظاهرون لا يعرفون ما يريدونه بالتحديد. فقد تنوعت الشعارات، فمنها ما هو ضد التضخم، وأخرى ضد خامنئي، وغيرها ضد الفساد، وضد الدولة الدينية وسياساتها الخارجية.
وفي الوقت الذي صرح فيه الرئيس حسن روحاني بحق الناس في الاحتجاج، مشيراً إلى أن للشعب دوافع اقتصادية، وأكثر من ذلك، مؤكداً رغبتهم في العيش بمجتمع أكثر انفتاحاً، فإن آية الله خامنئي ألقى باللوم على مثلث أعداء إيران، مشيراً إلى الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة العربية السعودية والمنشقين الإيرانيين المنفيين.
من جهة أخرى، يعتقد الكاتب أنه من غير الواضح ما إذا كانت القيادة ستجري تغييرات عميقة، لأنهم كما يعتبر الكاتب، غير مستعدين للتخلي عن طرقهم القديمة، وهذا ما سيهيئ الظروف للمواجهة التالية.
خاتمة
يفسر المحللون سبب انتهاء الاحتجاجات بالقمع الكبير الذي مارسته قوات الأمن ضد المتظاهرين، ويؤكدون أنّ إيران بعد الاحتجاجات لن تكون كما كانت قبلها، فكل شيء يؤشر لبداية مرحلة جديدة.
من تقييم المواقف الدولية تلوح تفسيرات بأنّ فهم ما يجري في الداخل الإيراني يبدو صعبًا وتوقعه مستحيل، تماماً كما كانت الأحداث قبيل اندلاع ثورة 1979، قبل (40) عاماً على التقريب. والسؤال المتاح الآن: كيف ستبدو المواجهة التالية؟