يستعرض هذا الإيجاز منتخبات من الأخبار والمقالات والتقارير التي تعكس وجهات نظر بعض دوائر التفكير الغربية حول الأسبوع الأول من المظاهرات في إيران، ومحاولة فهمها، وينتهي بخلاصة.
رصد صحافي
- الاحتجاجات ليست مؤامرة.. و2018 ليس 1953!
تُشير المقالة التي جاءت بعنوان “من يثير المتاعب في إيران” المنشورة في الصحيفة التركية (Yenisafak) إلى أن إيران تمول الصراع في أربع دول -على الأقل- وهي: سوريا والعراق واليمن ولبنان. كما تنظم المعارضة في دولتين -على الأقل- مُشيراً إلى البحرين، ونيجيريا. حيث يعتقد الكاتب أن هذه السياسة التوسعية وضعت عبئاً مالياً على الناس، وخلقت مظالم اقتصادية كبيرة. يضاف إلى ذلك تقييد الحريات تحت ذريعة الدين والفساد. لافتاً إلى أن تفسير الوضع في إيران على أساس انقلاب 1953 قد يضللنا. لأن التحيز الذي تخلقه الولايات المتحدة دائماً مع من يعارضها قد تم إبطاله بإسقاط الشاه عام 1979. حيث أطيح به على الرغم من دعم الولايات المتحدة الأمريكية. مبينا أن ليس كل احتجاج “مؤامرة”. ومختتما مقاله بتأكيد أن استخدام كلمة المؤامرة لكل حدث قد يكون “مؤامرة” في حد ذاتها.
- نائب برلماني إيراني: الاحتجاجات شعبية ومسببة وعلينا الاستجابة
في تقرير نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية، جاء بعنوان “الاحتجاجات الإيرانية: كيف بدأت وإلى أين ستتجه؟”. لفت إلى أنه من السابق لأوانه القول ما إذا كانت الاحتجاجات ستستمر أم لا. وفيما يتعلق بالتدخلات الخارجية، أشار التقرير إلى أن السلطات الإيرانية قد سارعت بإلقاء اللوم على القوى الأجنبية، متهمة السعودية بالمشاركة في تأجيجها. ويؤكد التقرير أن هناك القليل من الأدلة حتى الآن لإثبات أن الاضطرابات تُحرك من الخارج، على الرغم من أن واشنطن والرياض عبرتا صراحة عن رغبتهما في تغيير النظام. ولفت التقرير إلى ما أشار إليه من جهته، محمود صادقي (أحد نواب البرلمان الإيرانيين) الذي حث وزارة الداخلية على عدم ربط الاحتجاجات بالقوى الأجنبية، وبدلا من ذلك على إيران تحسين الوضع الاقتصادي، وفتح التلفزيون الحكومي على مختلف الآراء ورفع القيود.
- الدوافع اقتصادية.. وخبراء إسرائيليون لا يتوقعون نجاحها!
نشر مركز “أطلس” للدراسات الإسرائيلية، تقريراً بعنوان “احتجاجات إيران تساهم بضبط النفس الإسرائيلي في غزة”. يُشير التقرير إلى أن القيادة في إيران تواجه في هذه المرحلة التهديد الأخطر على النظام منذ الثورة الخضراء، التي فشلت في 2009. ويُبين التقرير أن رجال استخبارات في إسرائيل طُلب منهم تقدير ما الذي يمكن أن يحدث في إيران في الفترة القادمة، لكنهم رفضوا المخاطرة في التقدير. لافتاً إلى أن السلطات عرفت كيف تقمع الاحتجاجات بنجاعة. ويُضيف أن الاحتجاجات ما زالت توجد في مرحلة مبكرة جداً حتى تتمكن جهة معينة من توقع اتجاه تطوره. ثم يذهب التقرير لتناول أسباب الاحتجاجات الإيرانية، الذي لفت إلى أنه بالاستناد إلى تقارير أولية تصل مباشرة من إيران، يتبين أن الدوافع الرئيسة للغضب الحالي هي دوافع اقتصادية. مُشيراً إلى أنه على الرغم من رفع العقوبات عن إيران، فإن ذلك لم يؤد إلى إعادة إصلاح الاقتصاد الإيراني بسرعة وبقوة كما توقعت التقديرات. هذا بالإضافة إلى أن البيروقراطية المتشعبة والفساد الحكومي وتردد المجتمع الدولي، كلها عوامل اجتمعت وأعاقت الازدهار الذي توقعوه في طهران. ويلفت التقرير في الخاتمة إلى أن احتمالات حدوث ثورة إيرانية جديدة لا تبدو عالية، لكننا نأمل ذلك في بداية السنة الميلادية الجديدة.
- وكالات: مظاهرات الموالين للنظام تتهم المحتجين بالعمالة
قالت وسائل الإعلام الإيرانية: إن تظاهرات موالية للنظام خرجت في أرجاء إيران بعد أيام من الاحتجاجات على السلطات. وبثت محطات التلفزيون الرسمي تغطية حية لخروج عشرات الآلاف في مسيرات في شوارع عدد من المدن والبلدات، من بينها الأحواز، ونشرت لقطات لهتافات رجال دين شيعة في قم. ويبدو أن الليلة الماضية شهدت احتجاجات مناوئة للحكومة أقل مما حدث في الأيام الستة الماضية. وقالت وسائل الإعلام الإيرانية الناطقة بالإنجليزية: إن المظاهرات ترد على الاحتجاجات العنيفة التي قام بها من وصفتهم بـ”عبيد أميركا”.
- تشاووش أوغلو: إنها مظاهرات تعجب ترمب ونتنياهو فقط!
ادّعى وزير الخارجية التركي تشاووش أوغلو أن الأحداث التي تشهدها المدن الإيرانية تلقى تأْيِيد شخصين اثنين، وهما الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وروّج لأنّ ما يجري “وراءه قوى أخرى، لكن من الصعب القول: إنه توجد دلائل واضحة على ذلك. هل ثمة توجيه ما؟ حسناً يحتاج الأمر إلى تقييم”، راجيًا أن تنتهي الاحتجاجات ويسود الاستقرار. ورحب الوزير “بردود الفعل الإيرانية تجاه الاحتجاجات”، مشيرًا إلى أن “الرئيس الإيراني حسن روحاني أقر بحق الشعب في التظاهر وانتقاد الحكومة بشرط البعد عن العنف وتخريب الممتلكات العامة”.
- الثيوقراطية الإيرانية في مأزق: صحيفة وال ستريت جورنال
ينتمي مارك دوبويتز – Mark Dobowitz، المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات FDD، وراي تاكيه Ray Takayeh، الباحث في مجلس العلاقات الدولية Council on Foreign Relations إلى التيار المعارض للاتفاقية النووية مع إيران، ومنذ أشهر يدعوان علناً إلى الضغط على الجمهورية الإسلامية لتقييد نشاطاتها الإقليمية. وسبق أنْ لمّحا بإمكانية تغيير نظام الحكم في إيران.
يتبنى الكاتبان اليوم موقفًا مؤيدًا وداعمًا للحركات الاحتجاجية، ويعتقدان أنّ العامل الاقتصادي وصعوبة العيش في إيران كانتا محرّكًا للاحتجاجات. ولكن المطالب تحوّلت إلى رفض نظام الملالي والدعوة لسقوطه. ويشيران في المقالة إلى أنّ “الموت لخامنئي” هو شعار بارز، وأنّ “التمدد الإقليمي” لم يشفع لنظام الحكم، حيث يردد المتظاهرون: “لا غزة ولا لبنان، فقط إيران”.
ومما جاء في المقالة: إن “الضحية الأولى لما يحصل في الشارع اليوم ستكون بالتأكيد رئاسة روحاني واستراتيجيته البراغماتيكية التي فشلت. إنّ السجال الذي شاع في الغرب بعد قمع الثورة الخضراء عام 2009 ووصول المعتدل روحاني إلى الحكم هو أنّ الإيرانيين يريدون التغيير الممنهج، وإنّ خامنئي أدرك ذلك فأخذ يدعم المعتدلين والوسطيين”.
ويشير المقال إلى أنّ الثروة الهائلة التي دخلت إلى إيران جراء الاتفاقية النووية لم تستثمر لصالح التنمية الاقتصادية، بل استغلها روحاني في دعم الحرس الثوري ومغامراته خارج الحدود الإيرانية، وإنّ ذنب روحاني في ذلك هو أنّه سعى إلى تعويض المتشددين بالأموال مقابل قبولهم بالاتفاقية النووية، إلى جانب الوعود التي قدمها لشعبه بالإصلاح الاقتصادي والسياسي، والتي لم يتحقق منها شيء.
ويحذر الكاتبان من بقاء الولايات المتحدة على الحياد، بتأكيد أنه “في الأسابيع القادمة، ستنصح التعليقات والتحليلات الرئيس ترمب بعدم الحراك والنأي عن الانحياز لأحد الجانبين، ليصير موقفه شبيهاً بما فعلته إدارة أوباما عام 2009. سيقولون: إنّ هذا أفضل ما يمكن تقديمه بينما تحلّ الدراما الإيرانية نفسها بنفسها، لأنه إذا أعطى المسؤولون الأمريكيون رأياً، سوف يصم النظام المتظاهرين بالوكلاء والعملاء. إنّ مثل هذه النصائح العقيمة لا تأخذ بالحسبان أنّ الإيرانيين يتطلعون إلى دعم أمريكي، فهم لا يختلفون عن السوفيتيين والصينيين الذي قاوموا الاستبداد ورحبوا بالدعم الأمريكي”.
خلاصة
يواصل الباحثون والصحافيون محاولة فهم أسباب اندلاع الاحتجاجات، وترتيب الشعارات التي ظهرت، فهل هي بدأت اقتصادية المطالب، ثم تسبب القمع برفض الجماهير لكل النظام، مما أسهم في تصاعد للمطالب؟
وتشير الأخبار إلى بداية الحكومة في تقديم حشد مؤيد مقابل لحشد المحتجين، والعمل على تضييق الخناق على المتظاهرين المناوئين. في ظل مخاوف من المستقبل، حتى بالنسبة لمن يؤمنون بضرورة سقوط نظام الملالي، يضعون اعتبارات لأهمية استيعاب ما يحمله المستقبل.
الخبراء المتحمسون ضد نظام طهران في الغرب، لا يثقون بأنّ إدارة ترمب ستواصل حماستها لدعم التظاهرات السلمية. بينما يرى الخبراء في إسرائيل أنّ الغضب العارم لن ينجح وحده في نجاح هذه التظاهرات.