تقع دولة موزمبيق على المحيط الهندي في الجنوب الشرقي من قارة أفريقيا، وتُعد واحدة من الدول الأكثر فقرًا في العالم، حيث يبلغ متوسط دخل الفرد من الدخل القومي (420) دولاراً أمريكياً (وفق تقديرات البنك الدولي لعام 2017)، وخاض الشعب الموزمبيقي بقيادة جبهة تحرير موزمبيق «فريليمو» حربًا ممتدة لأكثر من عشر سنوات ضد الاحتلال الاستيطاني البرتغالي، أسفرت عن نيلها للاستقلال عام 1975، لتأخذ الدولة بالتوجه الاشتراكي في الحكم، وتعلن حركة فريليمو حزبًا وحيدًا وحاكمًا للبلاد، لتنخرط البلاد بعدها في صراعٍ سياسي بين حزب فريليمو الحاكم وحركة المقاومة الوطنية الموزمبيقية «رينامو»، وجر هذا الصراع البلاد إلى حرب أهلية استمرت من عام 1977 حتى توقيع اتفاقية السلام في روما عام 1992.
وتوالت الانتخابات بشكل مستمر ومنتظم في ظل تعددية حزبية، والتي هيمن عليها الحزب الحاكم (فريليمو) سواء في الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية، فيما تأتي رينامو ثانيًا في كل الانتخابات السابقة.
في 2012 أعلن عن اكتشاف الغاز الطبيعي في الشمال الموزمبيقي مع توقعات بأن تصبح موزمبيق في المرتبة الثالثة عالميًا في استخراج الغاز وتصديره، ومعها بدأت المشكلات تبرز من جديد، ومحاولات المشاركة في نصيب من السلطة والثروة، واقتراحات من رينامو بتقاسم الحكم مع الحزب الحاكم، في الوقت الذي تأثر فيه الاقتصاد الموزمبيقي من الأزمة الاقتصادية التي ضربت الجنوب الأفريقي بالكامل بسبب أزمة جنوب أفريقيا الاقتصادية، حيث تراجع الناتج القومي ومتوسط نصيب الفرد منه بنسبة تقترب من (30%)، والتي فاقمت من أزمات البطالة والفقر في البلاد لتزيد معدلات السخط على الأداء الحكومي.
مع عجز رينامو عن الوصول للسلطة من جانب، واتهامات متزايدة لفريليمو بتزوير الانتخابات، وعدم قدرة الطرفين على الوصول إلى حل وسط، اندلعت الاشتباكات المسلحة بين الطرفين على نطاق واسع، وأعلنت رينامو إنهاء اتفاقية السلام 1992 من جانب واحد، وكادت أن تجر البلاد إلى حرب أهلية واسعة النطاق مثل سابقتها، ولولا تدخل الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي لاندلعت الحرب على نطاق واسع بين الجانبين. وعلى إثر عدم وجود ضمانات كافية لرينامو قاطعت انتخابات 2014 ورفضت الاعتراف بنتائجها.
مع 2015 ظهر متغير جديد في الحياة السياسية الموزمبيقية، بتنامي التطرف بين أوساط الإسلاميين، وانتشار الأفكار الإرهابية، تبع ذلك عمليات عدة نُسبت إلى متطرفين إسلامويين، وفي 2018 أعلن تنظيم داعش عن وجوده في الشمال الموزمبيقي. في هذا الإطار تطرح الدراسة الإشكالية التالية: إلى أي مدى أثر البُعد الديني في الصراع السياسي في موزمبيق؟ تسعى هذه الدراسة إلى تناول البعد الديني في الصراع السياسي في موزمبيق من خلال ثلاثة محاور:
جذور الصراع السياسي والحرب الأهلية في موزمبيق
تكونت دولة موزمبيق من تلاقي حضارات وثقافات شتى، ففي جنوب البلاد تعيش جماعات البانتو الأفريقية منذ القرن الأول الميلادي، واستوطن العرب الساحل الشرقي للبلاد في القرنين الحادي عشر والثاني عشر، وامتزجت الثقافات التقليدية المحلية مع الثقافة العربية والإسلامية (عرب وهنود وفُرس) التي هيمنت على هذه المنطقة والمحيط الهندي لفترات تاريخية طويلة[2]، بالإضافة إلى الاحتلال البرتغالي، والذي بدأ مع وصول المستكشف البرتغالي فاسكو دا جاما عام 1498 [3]، وشيئًا فشيئًا تزايد النفوذ البرتغالي في موزمبيق وبدؤوا في إخضاع المدن والممالك والقبائل واحدة تلو الأخرى بغرض الهيمنة التجارية ومحاصرة المسلمين والعرب، حتى وصلت للاحتلال العسكري الكامل لها في أواخر القرن التاسع عشر[4].
الكفاح من أجل الاستقلال وتولي فريليمو الحكم
في خضم نزوع الدول الأفريقية نحو الاستقلال في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، تكون عدد من حركات التحرير في موزمبيق، أبرزها ثلاث: «الاتحاد الديمقراطي الوطني لموزمبيق»، «الاتحاد الوطني الأفريقي الموزمبيقي»، و«الاتحاد الأفريقي لاستقلال موزمبيق»، وفي 1962 ومع جهود «منظمة الوحدة الأفريقية» آنذاك -والتي تحولت للاتحاد الأفريقي- اتحدت حركات التحرير الثلاث في حركة واحدة هي «جبهة تحرير موزمبيق» والتي تعرف بـ«فريليمو» (Frente de Libertaçao de Moçambique- Frelimo) بزعامة إدواردو موندلاني، وحصلت على تأييد المنظمة القارية كممثل لشعب موزمبيق، وخاضت الجبهة حرب تحرير مسلحة ضد الاستعمار البرتغالي منذ سبتمبر (أيلول) 1964 ولأكثر من عشر سنوات حتى حصولها على الاستقلال في 25 يونيو (حزيران) 1975 [5]. وتولت فريليمو الحكم عقب الاستقلال مباشرة.
اندلاع الحرب الأهلية في موزمبيق (1992-1977)
شكلت فريليمو الحكومة، إلا أنها لم تكن قادرة على إدارة الدولة نظرًا لافتقارها للكوادر الوطنية بسبب السياسات الاستعمارية[6]، والتزمت فريليمو بإعلان دار السلام الصادر عن قمة «منظمة الوحدة الأفريقية» في أبريل (نيسان) 1975، فيما يخص مكافحة النظم العنصرية في روديسيا الجنوبية (زيمبابوي حاليًا) وجنوب أفريقيا، وخصوصاً من دول المواجهة (تنزانيا، زامبيا، موزمبيق، أنجولا، بوتسوانا) وأصبحت الأراضي الموزمبيقية قاعدة انطلاق لعناصر حركات التحرير والمساعدات إلى روديسيا الجنوبية[7]. وعليه تشكلت حركة المقاومة الوطنية الموزمبيقية (رينامو) من المنشقين السابقين من حركة فريليمو وبدعم من جهاز الاستخبارات في روديسيا الجنوبية عام 1976، وفي 1977 تحولت البلاد إلى نظام الحزب الواحد انطلاقًا من أيديولوجية ماركسية اشتراكية -على غرار الاتحاد السوفيتي آنذاك- لتندلع الحرب الأهلية بين فريليمو (الحزب الحاكم) وبين المعارضة (رينامو) منذ 1977، والتي استمرت لأكثر من (16) عامًا، وأودت بحياة قرابة المليون شخص[8].
أسباب الحرب الأهلية في موزمبيق
على الرغم من الخصوصية الموزمبيقية، فإن هناك العديد من الأسباب العامة للصراعات السياسية والحروب الأهلية في أفريقيا بشكل عام -والتي تنطبق على الحالة الموزمبيقية- والتي اندلعت عقب استقلال العديد من الدول الأفريقية، منها: الميراث الاستعماري وطريقة ترسيم الحدود بين الدول الأفريقية، وطبيعة تكوين حركات التحرير المسلحة، ومشكلة الاندماج الوطني، الحرب الباردة، وسوء الأداء الاقتصادي لحكومات ما بعد الاستقلال وغيرها، أما خصوصية الحالة الموزمبيقية فيمكن تناولها فيما يلي:
الهيمنة السياسية لحزب فريليمو، وتأميم الحياة السياسية واعتبار حزب فريليمو الحزب الشرعي والوحيد في البلاد، وتبني أيديولوجية ماركسية لينينية. واتباع سياسات تمييزية لصالح أعضائها في تولي المناصب القيادية، وسياسات أخرى قمعية ضد المعارضة[9].
فشل فريليمو في معالجة أزمة الاندماج الوطني، فقد كان للحرب أبعاد إثنية وإقليمية وثقافية، حيث تتسم موزمبيق بتعددية إثنية ولغوية ودينية، حيث يوجد بها (7) جماعات رئيسة كبرى، بالإضافة لجماعات أخرى صغيرة، وحوالي (10) لغات محلية، فضلًا عن تعددية دينية (23%) كاثوليك، (18%) بروتستانت، (17%) مسلمون، وحوالي (42%) ديانات تقليدية أفريقية متعددة. في الوقت الذي -ينتمي أغلب أعضاء فريليمو لجنوب البلاد، بينما ينتمي غالبية أعضاء رينامو لشمال ووسط البلاد- اتبعت فيه فريليمو نمط تنمية غير متوازن بين الشمال والجنوب.
اضطهاد فريليمو لرجال الدين والمتدينين في البلاد، ورفض جميع أشكال التدين واعتبارها جزءًا من أسباب تخلف المجتمع، وخصوصاً الكنيسة الكاثوليكية، والتي اعتبرها جزءًا من الاستعمار البرتغالي، وصادر ممتلكاتهم واعتقل العديد من رجال الدين في معسكرات إعادة التأهيل «معسكرات اعتقال»، وعمل على إقناع السكان أن الإلحاد خيار أفضل من الإيمان، ودورات الإلحاد كانت تدرس في الإذاعة الوطنية، بالإضافة إلى الحملات الموجهة إلى الريف، وأي اعتراض يقابل بمزيد من العنف واعتباره معاداة للثورة والاستقلال والاشتراكية[10]. كانت هذه السياسات سببًا رئيسًا لتأجيج الأوضاع وانفجار الحرب في مجتمع لعب فيه الدين -على اختلاف الدين سواء المسيحي أو الإسلامي أو الديانات التقليدية- دورًا تاريخيًا[11].
سوء الأداء الاقتصادي لحكومة فريليمو؛ والتي لم تتناسب مع كل الوعود والآمال التي أعلنت للجماهير لتجييشهم لقتال المستعمر، واتباعها نهجًا اشتراكيًا، وعملت على تأميم الصناعات والمزارع، وطريقة إدراة وتخطيط مركزي على الرغم من افتقارها للكوادر القادرة على إدارة البلاد، مما فاقم من الأزمة الاقتصادية للبلاد، في الوقت الذي ارتبطت فيه التنمية في الجنوب الموزمبيقي بتنمية جنوب أفريقيا، مما خلق نمط تنمية غير متوازن، وترك شمال البلاد (معقل عناصر رينامو) بلا تنمية حقيقية[12].
الحرب الباردة، والصراع بين المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي منذ الخمسينيات، وسياسات فريليمو التدخلية في دول الجوار (ذات النظم العنصرية) كانت أحد أهم أسباب تصاعد واستمرار الحرب الأهلية في موزمبيق، حيث وفر النظام العنصري في روديسيا الجنوبية الملاذ والمساعدات لرينامو، ومع استقلالها عام 1980 -وتصبح دولة زيمبابوي- تولت جنوب أفريقيا دعم رينامو في حربها ضد فريليمو[13].
توقيع اتفاقية السلام وانتهاء الحرب الأهلية
اعترفت حكومة فريليمو في وثيقة رسمية داخلية صادرة أواخر عام 1979 بأن حملتها ضد الأديان لم تؤت ثمارها، وإنما جعلت المواطنين يتحدون الحكومة والحزب بشكل مباشر، ونفور العديد من المؤيدين للحكومة، بالإضافة إلى استعداء المجتمع الدولي، ومنذ عام 1981 بدأت العلاقة تتحسن بين الحكومة والكنيسة الكاثوليكية نسبيًا، وفي 1984 وقعت موزمبيق وجنوب أفريقيا اتفاق نكوماتي (Nkomati) أو ميثاق عدم الاعتداء، وبه تمتنع الأولى عن دعم المؤتمر الوطني الجنوب أفريقي، وتمتنع الثانية عن دعم رينامو، إلا أن كلا الدولتين لم يلتزما بالاتفاق[14]. ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية في منتصف الثمانينيات وطلب الحكومة لمساعدات اقتصادية من الحكومات الغربية، بالإضافة إلى تولي جواكيم تشيسانو (Joaquim Chissano) الحكم في 1986، شرعت الحكومة في تنفيذ برنامج واسع النطاق من التكييف الهيكلي والتحرر الاقتصادي، وقلصت الحكومة علاقتها مع الكتلة الاشتراكية وتخلت تمامًا عن الاشتراكية وحذفت كلمة الشعبية من اسم الدولة رسميًا في 1989 [15].
بذلت الكنيسة الكاثوليكية في موزمبيق جهودًا حثيثة لحث الطرفين على السلام وإنهاء الحرب، مستعينة بعلاقاتها الدولية مع المؤسسات الكاثوليكية العالمية، كما جرت محاولات كثيرة من أطراف دولية عدة للوساطة وإنهاء الحرب، ودعت كينيا وزيمبابوي إلى عقد اجتماع في نيروبي بين فريليمو ورينامو، وبالفعل عُقد الاجتماع في أغسطس (آب) 1989 بحضور الطرفين والعديد من الزعماء الدينيين في موزمبيق، ومنذ عام 1990 دخلت الحكومة الإيطالية بقوة على خط الوساطة، واستضافت سلسلة من المحادثات المباشرة لطرفي الصراع وذلك برعاية المنظمة الكاثوليكية في روما، وجماعة سانت إيديجو (Sant› Edigo) (وهي منظمة كاثوليكية خيرية). وبادرت الحكومة بإصدار دستور جديد في نوفمبر (تشرين الثاني) 1990، يقر بالتعددية السياسية وحرية تكوين الأحزاب السياسية في البلاد، وبعد عامين من المفاوضات استضافت روما توقيع اتفاق السلام الشامل بين رئيسي البلاد وحركة رينامو في 4 أكتوبر (تشرين الأول) 1992، لينهي حربًا أهلية استمرت لأكثر من (15) عاماً، وتضمن الاتفاق تطبيق وقف إطلاق النار، وانسحاب القوات الأجنبية، ونزع الأسلحة وتسريح القوات وإعادة إنشاء جيش وطني جديد، وإعادة دمج المقاتلين السابقين في الحياة المدنية، وحرية تكوين التنظيمات والجمعيات، وحرية أدوات الإعلام، واحترام سلطة زعماء القبائل والهياكل التقليدية، وإجراء انتخابات تعددية حرة ونزيهة، ومشاركة الأمم المتحدة في الرقابة على تنفيذ بنود الاتفاق فأُنْشِئت بعثة من الأمم المتحدة لهذا الشأن[16].
المتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية وأثرها على تجدد الصراع في موزمبيق
حدثت العديد من المتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية منذ توقيع اتفاقية السلام عام 1992، حتى تجدد الاشتباكات في 2013، مع توقعات بتجددها مستقبليًا، ويمكن تناول هذه المتغيرات كما يلي:
استمرار هيمنة فريليمو (الحزب الحاكم) على مجريات الحياة السياسية في البلاد، وكانت هذه الهيمنة إحدى السمات المميزة لرئاسة أرماندو جويبوزا (Armando Guebuza) (2004-2013) هي إعادة تأكيد سيطرة الحزب على بيروقراطية الدولة وإدارتها الإقليمية والقوات المسلحة وإعادة تأكيدها، وعرقلة الأطراف الأخرى وتقليص أي فرصة للمعارضة في المشاركة في السلطة أو الحكم المحلي (وخصوصاً حزب رينامو)، حيث هيمن على أجهزة الحكم المحلي، والمجالس المحلية، ومؤسسات المجتمع المدني، والمجالس التقليدية، فضلًا عن احتكار توزيع الموارد، وتمثل بعض هذه السياسات نكوصًا عن بعض البنود الإجرائية في اتفاق السلام 1992 مع رينامو[17].
وذلك لأن اللا مركزية وتقاسم السلطة كانتا إحدى المكونات الرئيسة في اتفاق السلام. وفي 1994 صدر تشريع قانوني يقضي بتحويل المقاطعات (128 مقاطعة) إلى هيئات حكومية محلية تتمتع بقيادة منتخبة. إلا أن نتائج الانتخابات -في وقت لاحق- من ذلك العام أخافت قيادة فريليمو، التي أدركت أنه إذا تم تحويل نتائج الانتخابات العامة إلى انتخابات محلية، لكانت رينامو قد فازت بالسلطة في غالبية مناطق البلاد. وبالتالي، لم يتم تنفيذ قانون 1994. وبدلاً من ذلك أُعلن عدم دستوريته، وفي 1997 تم سن قانون جديد (القانون 2/97)، والذي أكد مبدأ التدرجية.. وبهذا أقر فريليمو بالانتخابات في البداية في (10) مدن (بلديات) كان متأكدًا من قدرة فريليمو على الفوز فيها باستثناء (بييرا)، ثم زادت إلى (33) مدينة (بلدية)، وذلك عقب إعادة التقسيم بما يسمح بتفكيك الكتل التصويتية لرينامو، مما دفع رينامو لمقاطعة الانتخابات المحلية 1997، وعقب ذلك صدر قانون يعطي للرئيس فقط حق تعيين حكام المقاطعات. وكون اللا مركزية وتقاسم السلطة مطلبين متجددين لرينامو، وكانا سببًا لاندلاع الحرب الأهلية، اندلعت المظاهرات في 2002 للأمر نفسه، ومات فيها ما يقرب من مئة شخص من رينامو من بينهم حوالي (80) شخصًا في سجن كابو دلجادو، وقامت أيضًا رينامو بمقاطعة الانتخابات في 2014 وكان هذا أحد الأسباب، وتجادل فريليمو بأن هذا الأمر امتياز رئاسي[18].
فقدان الثقة والأمل لدى حزب رينامو بالوصول للسلطة أو المشاركة فيها بعد محاولات مستمرة لأكثر من ربع قرن، وذلك في ضوء هذه الهيمنة الشاملة لفريليمو على مجريات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. بالإضافة إلى احتفاظ رينامو بقوة متمردة ومسلحة طوال مدة السلام، مما جعل الحرب الأهلية خيارًا متاحًا، وخصوصاً أن أفونسو دلاكاما (Afonso Dhlakama) (زعيم رينامو) لم تتغير عقليته كثيرًا من المتمرد المحارب والقائد العسكري المنخرط في حرب أهلية، إلى سياسي يدرك ويقبل قواعد «اللعبة الديمقراطية»[19].
لعنة الموارد: في السنوات الأخيرة أُعلن عن اكتشاف كميات هائلة من الغاز الطبيعي في حوض روفوما قبالة ساحل مقاطعة كابو دلغادو (شمال موزمبيق)، وتقدر احتياطيات الغاز المؤكدة بنحو (150) تريليون قدم مكعب، مما يجعلها ثالث أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال خلف قطر وأستراليا، مما جعل الشركات القطرية والاسترالية والإيطالية تتسابق للحصول على الغاز في موزمبيق[20]، وأشار تقرير صندوق النقد الدولي إلى أن نسبة النمو الاقتصادي المتوقع في موزمبيق سترتفع إلى (24%) وذلك خلال الفترة من 2021 حتى 2025، أي بعد استخراج وإنتاج الغاز الطبيعي المسال والذي سيبدأ في 2020، صاحب هذا اتهام من حركة رينامو لحزب فريليمو بالاستحواذ والسيطرة على ثروات البلاد، وطالبت رينامو بزيادة تمثيلها في مستوى اللجنة الانتخابية والقوات المسلحة، بالإضافة إلى تغيير القانون الانتخابي بما يتيح لها تمثيلاً مساويًا للحزب الحاكم، وصعدت الحركة من موقفها وقاطعت انتخابات 2014، ورفضت الاعتراف بنتائجها، وتجددت الاشتباكات وهاجم عناصر رينامو مراكز الشرطة، وحاولت الحكومة القضاء على حركة رينامو نهائيًا مما عمل على اتساع نطاق العنف ليطال المدنيين، واستعانت الحكومة بقوات من زيمبابوي، ولولا تدخل الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي (السادك) التي رفضت قرار رينامو بإنهاء اتفاق السلام، وأن هذا بمثابة إعلان حرب على دول الجنوب الأفريقي بالكامل، لينحصر الصراع عام 2016 [21].
الأزمة الاقتصادية: مرت منطقة الجنوب الأفريقي بالكامل بأزمة اقتصادية متأثرة بأزمة جمهورية جنوب أفريقيا -والتي بدأت بها منذ 2011- وذلك للترابط العضوي بين اقتصادات هذه الدول واقتصاد جنوب أفريقيا[22]، حيث تأثرت كل من زيمبابوي وزامبيا وليسوتو وسوازيلاند وموريشيوس ومالاوي وأنجولا وموزمبيق ومدغشقر وناميبيا. وأدت هذه الأزمة إلى انخفاض الناتج القومي الموزمبيقي من (16.9) مليار دولار (2014 البنك الدولي) إلى (12.3) مليار دولار (2017 البنك الدولي)، كما انخفض متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي من (620) دولارًا (2014 البنك الدولي) إلى (420) دولارًا (2017 البنك الدولي).
الفساد والديون: على الرغم من التفاؤل التي أبدته كريستين لاجارد (رئيسة صندوق النقد الدولي) في كلمتها إلى مؤتمر أفريقيا الصاعد المنعقد في مابوتو في مايو (أيار) 2014 عن الأداء المذهل لموزمبيق وتحقيقها لمعدلات نمو مرتفعة جدًا في العقد الأخير، وصلت إلى (10%) في بعض السنوات، والحفاظ على معدلات تضخم متوسطة، مع توقعات بأن تنتقل موزمبيق إلى الدول متوسطة الدخل في المدى القريب، وفي هذا السياق سمح صندوق النقد الدولي رسميًا لموزمبيق بالحصول على قروض جديدة، إلا أن لاجارد علقت برنامج صندوق النقد الدولي بعد عامين بسبب فضيحة القروض، وقالت: إن موزمبيق «تخفي الفساد بشكل واضح». وأشارت إلى اكتشاف القروض السرية الثلاثة التي اتخذتها الشركات المملوكة للدولة -المرتبطة بالأجهزة الأمنية- والتي تسمى (Ematum, Proindicus and MAM)، وشكوك كبيرة في أن جزءًا من الأموال المقترضة انتهى به المطاف في جيوب فاسدة قريبة جدًا للقيادة السياسية الحالية، مما خلق أزمة ثقة كبيرة بين حكومة موزمبيق والمانحين، وأكد تقرير مؤسسة كرول للاستشارات هذا الفساد المتعلق بالشركات الثلاث[23].
أدى هذا لتراجع المنح الأجنبية بنسبة (28%)، وانخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة (40%)، وفقدت العملة ما يقرب من نصف قيمتها إلى الدولار الأمريكي، وارتفاع معدلات التضخم ليصل إلى (26.35%)، وازدياد عجز الميزانية، وتفاقم أزمة الديون المحلية والأجنبية التي بلغت (109.7%) من الناتج المحلي الإجمالي (فبراير/ شباط 2017)، كما عجزت الدولة عن الوفاء بسداد ثلاثة أقساط من ديونها، مما فاقم من الأزمة[24].
استمرار الاستقطاب طوال ربع قرن بين فريليمو ورينامو ولم يعملا على معالجة مشكلة الاندماج الوطني، ويقع العبء الأكبر في هذا الشأن على فريليمو لما يمتلك من سلطة وقدرة على التغيير. حيث كان فريليمو يلبي مطالب أنصاره، وأصبح الانضمام للحزب الحاكم يعني المشاركة في السلطة والثروة، وكثيرًا ما اشتكى مقاتلو رينامو السابقون من عدم إمكانية الوصول إلى الوظائف، الأمر الذي جعلهم يأملون في الحصول على الدعم من قيادة رينامو[25].
ظهور داعش، تزايدت معدلات التطرف الإسلامي في شمال موزمبيق، وفي 2018 أعلن تنظيم داعش عن وجوده، وهذا ما سيتم تناوله تفصيلًا في المحور التالي.
البعد الديني في الصراع السياسي وتطوره
إن محاولات الحد من الممارسات الدينية التي اتبعها الحزب الحاكم فريليمو عقب توليه السلطة فور الاستقلال -على الرغم من مبرراته حول علاقة الكنيسة الكاثوليكية بالاستعمار البرتغالي- عملت على تغذية الصراع السياسي القائم بين أفريقيا الساعية للاستقلال (وموزمبيق كإحدى دول المواجهة) مع النظم العنصرية من جانب، ومع خصوم حركة فريليمو الداخليين من جانب آخر، فما كان من اجتماع الخصوم (رينامو والنظم العنصرية في روديسيا الجنوبية وجنوب أفريقيا)، وأن ممارسات فريليمو أضفت الشرعية على المتمردين الوطنيين من موزمبيق بقيادة «رينامو»، الذين ادعوا «أنهم يقاتلون من أجل الحريات الدينية»، فكما كان للدين دور في تأجيج الصراع والحرب الأهلية في موزمبيق، فقد لعب دورًا مهمًا وكان قوة من أجل السلام، حيث شجعت القيادات الدينية (وخاصة الكنيسة الكاثوليكية) بعض الجماعات على العمل من أجل السلام بطرق متنوعة، وخاصة في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي.
الرق والتطرف في موزمبيق
إن الطريقة التي بدأت بها البرتغال استعمارها لأفريقيا، وفتحت بها الباب على مصراعيه للاستعمار والتجارة في الرقيق مستترة خلف مبررات دينية، حيث يدعي البرتغاليون أن بعض الملاحين البرتغاليين أسروا في إحدى رحلاتهم البحرية مجموعة من الأفارقة، فأخذوهم لتعليمهم مبادئ المسيحية حتى يعودوا رسلًا لنشر المسيحية في أفريقيا، إلا أنهم اتجهوا إلى بيعهم في لشبونه، وهكذا بدأت البرتغال صفحة الرق الحديث والذي أصبح قرينًا بالبشرة السوداء مع الاستعمار الأوروبي للقارة[26]. ثم بررت الكنيسة الكاثوليكية الاتجار في العبيد مستندة إلى -الأسطورة الحامية- ما ورد في العهد القديم عن لعنة حام بن نوح[27]، وأن السود يجب أن يخضعوا للبيض وفق ما ورد في الكتاب المقدس، حيث قسم المسيحيون -على اختلاف مذاهبهم الكبرى- العالم إلى «شعب الله، والآخرين»، شعب الله هم المؤمنون بالمسيحية والمذهب الديني نفسه، والآخرون لا يدخلون الملكوت في الآخرة، وبناء على هذه الرؤية بررت الكنيسة الكاثوليكية موقفها، وأن الاسترقاق هو السبيل الوحيد لهداية الأفارقة، ودارت عجلة الاستعمار «المقدس» في العالم وخصوصاً في أفريقيا وآسيا والأمريكتين، انطلاقًا من مسؤولية المؤمنين المسيحيين بهداية الآخرين الكافرين، حيث يتوجب على الراعي «المسيحي المؤمن» أن يهدي خراف الرب «الآخرين»، وتم إلصاق لعنة حام باللون الأسود، وعليه كان التبرير لجريمة الاتجار في الرقيق الأسود (العبودية) التي مارسها الأوروبيون (وبخاصة القوى الاستعمارية)[28].
في سبيل ذلك تعاون المستعمر البرتغالي مع بعض الزعامات التقليدية على الساحل الأفريقي من العرب والأفارقة، ومع الثورة الصناعية واستغناء الأوروبيين عن الرقيق الأفريقي، شرعوا في إلغاء الرق في أوائل القرن التاسع عشر، واتخذوا من إلغاء الرق ذريعة أخرى للاحتلال العسكري للقارة. وفي رسالة الماجستير للباحثة لورنا مونجير (Lorna Mungur)، أشارت إلى أنه على الرغم من بداية البرتغال الاتجار في الرقيق، وأنها اتبعت الدول الأوروبية في إلغاء الرق ومحاربته عام 1839، فإن التجارة في الرقيق استمرت في قناة موزمبيق حتى نهاية القرن التاسع عشر من العرب، وتعاون مع التجار الأوروبيين وخاصة البرتغاليين والفرنسيين[29]. وعلى الرغم من مشاركة الجميع وخاصة الأوروبيين في استرقاق الأفارقة -وبمشاركة بعض الأفارقة أنفسهم- فإن الإعلام الغربي عمل على إلصاق هذه التجارة غير الإنسانية بالعرب، وقد ربط الأفارقة بين العرب كجنس وبين الإسلام كديانة وبين العربية كلسان ولغة، مما دفع بعض النظم الأفريقية عقب الاستقلال لاضطهاد المسلمين الأفارقة[30].
الكنيسة الكاثوليكية والاستعمار
إن وصف المؤرخ البريطاني ويليام ماكميلان لعلاقة المسيحية بالاستعمار في قوله: «العَلَمْ يَتَبِعُ المُبَشر»، كما وصف هذه العلاقة ساسة ومؤرخون آخرون بأنها «العَلَمْ يَتَبِعُ الصليب»، حيث كان الإنجيل يبرر ما تفعله البندقية. وفي هذا السياق وصف ديزموند توتو (كبير أساقفة جنوب أفريقيا) كيف كان للمسيحية دور في الاستعمار قائلًا: «عندما جاء المبشرون إلى أفريقيا، كنا نملك الأرض، وكانوا يملكون الإنجيل، فقالوا لنا أغمضوا عيونكم كي نصلي، وعندما فتحنا عيوننا، وجدنا أنفسنا نمتلك الإنجيل، بينما هم يمتلكون الأرض»[31].
ارتبطت البعثات التبشيرية بالاستعمار بشكل مباشر، وفي هذا السياق رفض الرواد الأفارقة الأوائل في الجامعة الأفريقية مثل ماركوس جارفي (الذي لُقب بموسى الأسود) المسيحية الأوروبية بصيغتها الاستعمارية، وأسس حركة الصهيونية السوداء، واعتبر جارفي أن السود شعب الله المختار، وأنشأ كنيسة أفريقية مستقلة رسم فيها الملاك باللون الأسود، وصور الشيطان باللون الأبيض، كما أنشأ شركة بواخر النجم الأسود لنقل أفارقة المهجر إلى القارة الأفريقية، وأنشأ جمعية ممرضات الصليب الأسود[32]، فيما رفض تيار المركزية الأفريقية الشكل الأبيض من المسيحية، لأنه أحادي العالم، حيث يرى أنصار المركزية الأفريقية أن الجريمة الكبرى التي اقترفتها المسيحية هي نزع القداسة والأبعاد الروحية عن الأفارقة وحياتهم الروحية، على الرغم من أهمية الأبعاد الروحية والغيبيات في حياة السود[33]، بينما أكد ستيف بيكو رائد حركة الوعي الأسود في الجنوب الأفريقي؛ أن الهوية الأفريقية تتأتى بأن يُعيد الأفريقي النظر في العديد من جوانب حياته لتصبح عليها الصبغة الأفريقية، وأن المعتقدات الدينية يجب أن توضح قيمة المعتقدات الدينية التقليدية للأفارقة وأفضليتها على المسيحية البيضاء، حيث رفض بيكو المسيحية البيضاء التي قدمتها الإرساليات والبعثات التبشيرية الغربية، ورفض لاهوتها السلبي، وكان يريد مسيحية جديدة ولاهوتًا كفاحيًا يهتم بالنواحي الواقعية والمعيشية، كما يهتم بالنواحي الروحية، ولذا كان يحث رجال الدين على أن يتحدثوا عن التغيير والحق والعدل، وألا يصبح حديثهم عما بعد الموت، وكان يرى أن المعتقدات الطبيعية تتميز بالسمات الإيجابية في هذا الصدد، لأنها كانت تدفع للعمل، ودعا بيكو رجال الدين المسيحي إلى الاستفادة من هذه المعتقدات في بعض الأبعاد[34].
ارتبطت الكنيسة الكاثوليكية بالحركة الكشفية البرتغالية في أفريقيا وبدأت نشاطها في النصف الثاني من القرن الخامس عشر، وإن كان نشاطها محدودًا نسبيًا، وانخفض بشكل ملحوظ خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ومع النشاط الملحوظ للبعثات التبشيرية الأوروبية إبان مؤتمر برلين (1884-1885)، وتسارعت الدول الأوروبية على استعمار أفريقيا، نشطت الكنيسة الكاثوليكية بشكل فاعل مع الوجود العسكري البرتغالي القوي في موزمبيق في أواخر القرن التاسع عشر. وفي 1940، أرسى اتفاق كونكورد التبشيري (Concordat and the Missionary Agreement) العلاقة المؤسسية بين الفاتيكان والبرتغال، وأرسى مبادئ التعاون المشترك للمشروع الاستعماري. وينظم النظام الأساسي التبشيري لعام 1941 الاتفاق المبرم مع الكرسي الرسولي ويعزز الدور الحضاري للبعثات، وجعل الكنيسة الكاثوليكية مسؤولة عن تثقيف شعوب المستعمرات. وعقب هذا الاتفاق ازداد التمييز ضد المؤسسات الدينية غير الكاثوليكية، وتم تقييد أنشطة البروتستانت وتنظيمها، خصوصاً في مجالات التعليم والعمل الاجتماعي، فكانوا يعتقدون أن الأولى تعمل لصالح قوى أوروبية استعمارية منافسة. وفي الوقت نفسه سُمح للبعثات الكاثوليكية بالتوسع، وساعدتها الامتيازات الممنوحة لها بموجب النظام الأساسي التبشيري في زيادة انتشارها، وأصبحت الكاثوليكية الدين الرسمي للدولة، واللغة البرتغالية هي اللغة الرسمية وأصبحت شرطًا للالتحاق بالكنيسة[35]، كما عملوا أيضًا على التضييق على المسلمين، حيث كانت بداية الحركة الاستعمارية البرتغالية بالأساس منطلقة لتطويق العالم الإسلامي وحرب المسلمين عقب سقوط غرناطة 1492م[36].
في هذا الإطار ارتبطت الكنيسة الكاثوليكية بالاستعمار، وعملت على تبرير الاحتلال البرتغالي عبر مزاعم دينية وإنسانية، وأنه السبيل الوحيد لتخليص أرواح (غير المسيحيين) عبر نقل المسيحية إليهم ودمجهم في الحضارة الإنسانية.
كل هذه الأسباب جعلت من العديد من الدول الأفريقية تأخذ موقفًا من المسيحية الأوروبية وظهرت الكنائس المستقلة، وعقب استقلال الدول الأفريقية، وخصوصاً المستعمرات البرتغالية كأنجولا وموزمبيق، شرعت في اتباع سياسات من شأنها تحجيم دور الكنيسة وتأميم ممتلكاتها من المدارس والمستشفيات والأراضي، وفي أتون الحرب الأهلية ومحاولة حكومة فريليمو استخدام الدين تشكلت حركة دينية جديدة «نابرماس موزمبيق» (Napramas of Mozambique) كرد فعل على الكنائس الرئيسة التي كانت تدعم الحكومات الاستعمارية، وهي ميليشيا موالية للحكومة تشكلت بزعامة أنطونيو مانويل (Antonio Manuel) عام 1990، ادعى أنطونيو أنه توفي شابًا عن عمر (12) عامًا، وقام لإنهاء الحرب الأهلية بين الحكومة ورينامو، وبالفعل استطاع أنطونيو فتنة أتباعه وتجييشهم خلفه، وذلك بالادعاء أنه يستطيع تحييد رصاصات رينامو برماد الشجرة المقدسة، الأمر الذي منحهم شجاعة غبية، ثم هُزم في وقت لاحق[37].
ويجدر بنا الإشارة إلى أن هذه الدول التي قاومت المستعمر، اتخذت من لغته لغة رسمية للبلاد، فتم اعتماد اللغة البرتغالية لغةً رسمية لموزمبيق، وذلك لتعدد اللغات المحلية بتعدد الجماعات.
التطرف الإسلاموي
ارتبط وجود الإسلام في موزمبيق بوجوده في شرق أفريقيا والثقافة السواحيلية في تنزانيا وكينيا ومدغشقر وجزر القمر والصومال، وخصوصاً في سلطنة كلوة (تقع بتنزانيا حاليًا) والتي امتد نفوذها إلى سوفالا بوسط موزمبيق، إلا أن انتشار الإسلام تزايد مع القرن التاسع عشر، وارتبط الإسلام بالطرق الصوفية ولا سيما الشيرازية والقادرية، وعلى الرغم من محاربة البرتغال للعرب والمسلمين ومحاولة إخضاعهم والعداء الشديد لهم، ومحاربة انتشار الإسلام، وخصوصاً أن الطرق الصوفية كانت تقدم دعمًا كبيرًا لحركات التحرير، فإنه لم يسع للتدخل في شؤؤونهم الخاصة. كما أن التركيبة الإسلامية في موزمبيق لم تكن متجانسة، فهناك كان الشيرازيون (وهم مهاجرون من فارس -إيران الآن-)، بالإضافة إلى بعض العرب، والأفارقة، ومجموعة من الهنود الذين احتفظوا لأنفسهم بخصوصية دينية وإثنية، بالإضافة إلى مجموعة من المخلطين من تزاوج الأفارقة والهنود، وكانت تتنوع طوائفهم بين الصوفية والشيعية الإسماعيلية[38].
لم يتأثر الإسلام الأفريقي بالهجرات العربية والتقاليد الأبوية والبدوية، حيث استقرت أكثر الهجرات في زنجبار (تنزانيا)، وظلت موزمبيق بعيدة وتتسم بالسمت الأفريقي المتسامح، واحتفظت بالشكل الأمومي في النسب والميراث وتقلد بعض النساء مناصب اجتماعية وسياسية مرموقة[39]. ومع ستينيات القرن العشرين ظهرت مجموعات متشددة من الذين التحقوا بالدراسة الإسلامية في الخارج، البعض درس في المدارس الديوبندية[40] بالهند وباكستان، والبعض الآخر درس في المملكة العربية السعودية والسودان، ومع عودتهم بدأ يظهر نمط متشدد من الإسلام وسموا أنفسهم «أهل السنة» أو «جماعة السنة»، واختلطت هذه الجماعة بالمخلطين «الهنود» والذين أصبحوا أكثر تشددًا[41].
في أواخر الستينيات ومع تصاعد حرب التحرير، وبسبب مساندة الطرق الصوفية لجبهة تحرير موزمبيق (فريليمو) عملت الإدارة البرتغالية الاستعمارية على اضطهاد الصوفيين وقتلت عددًا من زعمائهم، واستبدلتهم بغيرهم، ومع تنامي التيار الإسلاموي الأصولي المتشدد، أعادت الإدارة البرتغالية نظرها في اضطهاد الصوفيين وعملت على تقريبهم إليها ليكونوا ممثلين للإسلام في موزمبيق وتهميش المتشددين.
أما فيما يخص التعليم إبان الإدارة الاستعمارية، فقد اعتمدت نمطًا تعليميًا مسيحيًا غربيًا، مع التعليم الإلزامي لمبادئ الكاثوليكية، وأحجم المسلمون عن الالتحاق بهذه المدارس، في الوقت الذي انتشر الإسلام بشكل ملحوظ، وفي 1961 صدر قانون يُعطي حقوقًا متساوية لجميع المواطنين، إلا أنه لم يكن فعالاً بشكل حقيقي، ولم تتعاون الإدارة الاستعمارية مع الصوفيين إلا تخوفًا من المتشددين[42].
وخلال السنوات الأولى التي تلت الاستقلال، لا سيما عام 1977، تبنى فريليمو الماركسية، وسعى إلى القضاء على الممارسات والمعتقدات الاجتماعية بما فيها الأديان، التي اُعتبرت «ظلامية ومتخلفة»، وبالتالي مخالفة «القواعد الثورية الحداثية»، وحظرت الحكومة التعاليم الدينية من المدارس، وأضعفت المؤسسات الدينية، وقامت بمضايقة القادة الدينيين واضطهادهم. عانى المسلمون بشكل كبير عندما تم حظر الحج والاحتفال برمضان وغيره من الأعياد الإسلامية، وجمع التبرعات النقدية وإعادة تأهيل المساجد وعمل المدارس القرآنية[43]. وتعلل النظام التعليمي بأن «الصلاة والصيام يجعلان الطفل هزيلًا ولا ينجح في دراسته» على الرغم من أن هناك أطفالاً غير مسلمين فاشلون، كما أنه عقب التحول إلى التعددية تعرض المسلمون إلى التهميش تمامًا، وعادة ما يتم حذف مساهماتهم من روايات موزمبيق وفريليمو الكبرى للنضال القومي. بالكاد يذكر أي مسلم في المناسبات التذكارية الوطنية، وليس هناك شخصيات عامة مسلمة مرئية يحتفل بها كأبطال التحرير[44].
أدت هذه السياسات إلى حرمان الأطفال من التعليم، ومن ثم افتقاد الفرصة في التطوير وتحسين مستوى المعيشة، وفي هذا السياق تنامى المد الأصولي في موزمبيق، بالإضافة إلى التغيرات الدولية أواخر السبعينيات والثمانينيات كنجاح الثورة الإيرانية، وما أطلق عليه «الجهاد الأفغاني» ضد الاتحاد السوفيتي «الشيوعي» وتنامي الأفكار المتطرفة، وظاهرة الأفغان العرب وانتقال التطرف إلى بلدان عدة، وتصدير الثورة الإيرانية «التشيع»، كل هذه المتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية ساعدت على ظهور التطرف الإسلاموي في موزمبيق.
تطور الصراع الديني وظهور داعش
على الرغم من تحذيرات المجلس الإسلامي في موزمبيق من انتشار الأفكار الإرهابية بين أوساط الشباب المسلمين في شمال موزمبيق، بالإضافة إلى محاولات الشرطة الموزمبيقية اتخاذ عدد من التدبيرات الأمنية ضد المتطرفين الإسلاميين ومن وصفتهم بحركة «الشباب» في موزمبيق، وذلك لارتباطهم بحركة «الشباب الصومالية» وببعض عناصرها الموجودين في كينيا وعلى طول الساحل الشرقي الأفريقي، وأحيانًا يُطلق عليهم «السواحيلية السنية»، فإن موزمبيق شهدت في 5 أكتوبر (تشرين الأول) 2017 هجومًا مفاجئًا من قبل جماعة إسلامية متشددة على عدة مراكز للشرطة، والمسؤولين الحكوميين، والسكان في بلدة موسيمبوا دا برايا (Mocímboa da Praia) في مقاطعة كابو دلجادو[45]. وفي 27 مايو (أيار) من العام الحالي (2018) شهدت موزمبيق جريمة إرهابية «مروعة» عبر قطع رؤوس (10) أشخاص، واستخدم المهاجمون أسلحة بيضاء وسواطير.
في الأول من يونيو (حزيران) 2018، أعلن تنظيم داعش الإرهابي عن تدشين خلية جديدة تابعة له في دولة موزمبيق، وذلك عبر نشر صور لأعضاء الخلية على قنوات «التليجرام» التابعة له. وجاء هذا الإعلان عقب الهزائم المتتالية التي لحقت بالتنظيم في سوريا والعراق، في محاولة من التنظيم لإيجاد موطئ قدم جديد في منطقة نزاع محتملة، وبيئة يمكن أن تحتضن أفكاره ويستطيع تجنيد العناصر بسهولة[46].
يُشير «مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية» إلى أن هذه الحركة تهدف إلى إقامة دولة إسلامية في المنطقة السواحيلية وذلك لاستعادة الهيمنة الإسلامية، حيث شهدت هذه المنطقة ممالك إسلامية قبل مجيء الاستعمار الأوروبي. ويُفسر المركز أن السبب الرئيس لهذا التطور هو الضغوطات الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة في مقاطعة كابو دلجادو، حيث يشعر الشباب المسلمون بالتهميش، ويسعى إلى تحقيق العدالة من خلال إقامة دولة إسلامية، فالشباب لا يعملون ولا يملكون موارد لتكوين أسرة، فبدون الزوجة والعائلة لن يصبحوا راشدين وفق ثقافتهم المحلية، ولذا وجدت الأفكار المتطرفة صدى بين قطاعات الشباب، وسهولة تجنيدهم في الميليشيات المسلحة[47].
الخاتمة
إن الإرث الاستعماري واستخدام الدين لتبرير احتلال البلدان، ونمط التنمية غير المتوازي الذي اتبعته البرتغال، مما انعكس على ممارسات فريليمو عقب الاستقلال، ثم الحرب التي خاضتها فريليمو ضد الأديان تحت دعاوى عدة -ولأسباب فُصلت في البحث- إنما عملت على اتجاه المواطنين إلى التطرف الديني من جانب، والالتجاء إلى المؤسسات والجمعيات الدينية من جانب آخر، مما عمل على تقوية دور المؤسسات والجمعيات الدينية في مقابل سلطة الدولة على المواطنين، وذلك بالإضافة إلى التوظيف الانتقائي لفريليمو والتنمية غير المتوازنة، مما زاد من الاحتقان الشعبي. وذلك بالإضافة إلى المتغيرات الدولية والإقليمية ولعنة الموارد وتنامي ظاهرة الإرهاب عالميًا، كل هذه الأسباب أسهمت في التطرف الديني في موزمبيق.
وإن كان العديد من المحللين يرى عدم احتمالية تصاعد الحرب الأهلية للتدخلات الخارجية من الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي وسيطرتها على الوضع -نسبيًا- إلا أن وضع السلام الهش في موزمبيق يُنذر بإمكانية انجرار البلاد إلى حرب أهلية أو أعمال عنف في أي وقت، وخصوصاً أن جنوب أفريقيا (أهم دول الجنوب الأفريقي وأقواها) تُعاني من أزمة اقتصادية وبعض الاضطرابات من وقت لآخر. ومن أجل حل الأزمة في موزمبيق والحيلولة دون انفجار الأوضاع نقترح التالي:
مراجعة اتفاق السلام 1992، والضغوط الدولية والإقليمية من المانحين على حكومة فريليمو لتنفيذ بعض البنود التي التفت حولها، وخاصة فيما يتعلق باللا مركزية والديمقراطية التشاركية.
إنشاء لجنة شاملة لأصحاب المصلحة بتمثيل قوي من المجتمعات المتضررة لدراسة تأثير الاستثمارات الخارجية واسعة النطاق على الاقتصاد المحلي وسبل العيش. وبهدف تعزيز الاستقرار على المدى الطويل، ينبغي على الحكومة والشركات متعددة الجنسيات أن تقوم بالاستثمار في التنمية المجتمعية -مثل المساعدة في المجال الصحي والزراعي وصيد الأسماك، والتدريب على المهارات- لضمان أن يستفيد السكان المحليون بشكل كبير من فرص العمل الجديدة. بالإضافة إلى لجنة لتحقيق المصالحة وتلقي الشكاوى والبت في المظالم.
تدريب الشرطة وقوات الأمن في القطاع الخاص على القيام بمسؤولياتها بطرق تتفق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان في أوضاع النزاع.
[1] باحث دكتوراه في العلوم السياسية، معهد البحوث والدراسات الأفريقية، جامعة القاهرة.
[2] Berkley Center for Religion, Peace, and World Affairs, «Mozambique: Religious Peacebuilders Broker End to Civil War» in Religion and Conflict Case Study Series (Washington: Georgetown University, Berkley Center for Religion, Peace, and World Affairs, August 2013) P. 5.
[3] Júlio André Vilanculos, «The role played by Church and State in the democratisation process in Mozambique, 1975-2004» in Studia Historiae Ecclesiasticae (Pretoria: University of Pretoria, Volume 39 Number 2, December 2013) P. 1.
[4] محمد عاشور مهدي، دليل الدول الأفريقية (القاهرة: جامعة القاهرة، مشروع دعم التكامل الأفريقي، 2007) ص638.
[5] إبراهيم أحمد نصر الدين، دارسات في تجارب حركات التحرير الأفريقية (القاهرة: دار المصري للنشر والتوزيع، 2010) ص66-75.
[6] أيمن السيد شبانة، «دور الأمم المتحدة في بناء السلم في أفريقيا، دراسة حالة: موزمبيق وليبيريا»، رسالة دكتوراه (القاهرة: جامعة القاهرة، معهد البحوث والدراسات الأفريقية، 2010) ص261-262.
[7] إبراهيم أحمد نصر الدين، مرجع سبق ذكره، ص245.
[8] أيمن السيد شبانة، مرجع سبق ذكره، ص262-263.
[9] نفسه، ص263-264.
[10] Eric Morier-Genoud, Anouilh Pierre, «Revolution, War And Democracy: The Catholic Church In Mozambique», in Paul Christopher Manuel, Alynna Lyon and Clyde Wilcox (Editors), Religion and Politics in a Global Society: Comparative Perspectives from the Portuguese-Speaking World (Lanham: Lexington,2013) P. 192.
[11] أيمن السيد شبانة، مرجع سبق ذكره، ص263.264.
[12] نفسه، ص264-265.
[13] Enwerem Udo, «Politics, war and religion: Reflections on Mozambique’s Civil War (1977-1992)» in Global Journal of Political Science and Election Tribunal (Swaziland: University of Swaziland, Vol. 1 No. 1, October 2013) P2.
[14] Eric Morier-Genoud, Anouilh Pierre, Op.Cit., Pp. 8-10.
[15] أيمن السيد شبانة، مرجع سبق ذكره، ص272.
[16] نفسه، ص272-274.
[17] Aslak Orre, Helge Rønning, «Mozambique: A Political Economy Analysis», (Hambros: Norwegian Institute of International Affairs, 2017) Pp. 28-29.
[18] Ibid., Pp. 34-37.
[19] Corinna Jentzsch, «Here are 4 reasons why Mozambique isn’t a post-war success story» in washingtonpost Washington: washingtonpost 2 February 2016:
https://goo.gl/hcb4ky
[20] Aslak Orre, Helge Rønning, Op.Cit., P. 4.
[21] مادي إبراهيم كانتي، «اضطرابات متجددة: دور المنظمات الأفريقية في الصراعات في بوروندي وموزمبيق»، في مجلة اتجاهات الأحداث (أبو ظبي: مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، العدد 17، يونيو/ حزيران 2016) ص83.
[22] بي بي سي عربي، «جنوب أفريقيا تقر بأن اقتصادها يمر في أزمة»، لندن، 24 فبراير (شباط) 2016، على الرابط التالي:
http://www.bbc.com/arabic/business/2016/02/160224_south_africa_economy
[23] Aslak Orre, Helge Rønning, Op.Cit., Pp. 11-14.
[24] Idem.
[25] Corinna Jentzsch, Op.Cit.
[26] شوقي الجمل، تاريخ كشف أفريقيا واستعمارها (القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1971) ص129.
[27] لعنة حام أو الأسطورة الحامية: هي مبنية على الآيات الواردة (18-27) في الإصحاح التاسع في سفر التكوين من الكتاب المقدس، منها «فَأَبْصَرَ حَامٌ أَبُو كَنْعَانَ عَوْرَةَ أَبِيهِ، وَأَخْبَرَ أَخَوَيْهِ خَارِجًا. فَأَخَذَ سَامٌ وَيَافَثُ الرِّدَاءَ وَوَضَعَاهُ عَلَى أَكْتَافِهِمَا وَمَشَيَا إِلَى الْوَرَاءِ، وَسَتَرَا عَوْرَةَ أَبِيهِمَا وَوَجْهَاهُمَا إِلَى الْوَرَاءِ. فَلَمْ يُبْصِرَا عَوْرَةَ أَبِيهِمَا. فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ نُوحٌ مِنْ خَمْرِهِ، عَلِمَ مَا فَعَلَ بِهِ ابْنُهُ الصَّغِيرُ، فَقَالَ: «مَلْعُونٌ كَنْعَانُ! عَبْدَ الْعَبِيدِ يَكُونُ لإِخْوَتِهِ». وَقَالَ: «مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ سَامٍ. وَلْيَكُنْ كَنْعَانُ عَبْدًا لَهُمْ. لِيَفْتَحِ اللهُ لِيَافَثَ فَيَسْكُنَ فِي مَسَاكِنِ سَامٍ، وَلْيَكُنْ كَنْعَانُ عَبْدًا لَهُمْ».
دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط، الكتاب المقدس (القاهرة: دار الكتاب المقدس، 2003) ص14-15.
وفي تفنيد ونقض الأسطورة الحامية. انظر:
شيخ أنتا ديوب، حليم طوسون (مترجم)، الأصول الزنجية للحضارة المصرية (القاهرة: دار العالم الثالث، 1995)
[28] حامد المسلمي، «أثر الدين كمدرك على العلاقات العربية- الأفريقية» بحث غير منشور ضمن أعمال مؤتمر العلاقات العربية- الأفريقية: الفرص والتحديات، المنعقد في الفترة من 11، 12 ديسمبر (كانون الأول) 2017 في المجلس الأعلى للثقافة، مصر (القاهرة: الجمعية العلمية للشؤون الأفريقية، 11،12 ديسمبر (كانون الأول) 2017) ص2.
[29] Lorna Mungur, «A Persistent Traffic: Portugal, Mozambique, And The Slave Export Trade In The Mozambique Channel At The Nd Of The Nineteenth Century» Thesis Of Master (Montreal: Mcgill University, History And Classical Studies, 2013).
[30] حامد المسلمي، مرجع سبق ذكره، ص4.
[31] نفسه، ص2-3.
[32] باسم رزق عدلي، «الهوية الأفريقية في الفكر السياسي الأفريقي: دراسة مقارنة»، رسالة دكتوراه (القاهرة: معهد البحوث والدراسات الأفريقية، جامعة القاهرة، 2014) ص83-84.
[33] المرجع السابق، ص23.
[34] نفسه، ص168-170.
[35] Teresa Cruz e Silva, «Christian Missions and the State in 19th and 20th Century Angola and Mozambique», in Oxford Research Encyclopedia of African History (New York: Oxford University Press USA, May 2017) Pp. 1-5.
[36] د. شوقي الجمل، مرجع سبق ذكره، ص121-127.
[37] Kasomo Daniel, Naila Geoffry Napoo, «The Relationship between Church and State», in International Journal of Applied Sociology (Rosemead: Scientific & Academic Publishing, Vol. 3, No. 2, 2013) P. 13.
[38] Liazzat Bonate, «Muslim Religious Leadership in Post-Colonial Mozambique», in South African Historical Journal (Pretoria: UNISA Press, Vol. 60, Issue 4, December 2008) Pp. 637-640.
[39] Liazzat Bonate, «Islam in Northern Mozambique: A Historical Overview», in History Compass (Online: Wiley-Blackwell, Vol. 8, Issue 7, July 2010) Pp. 582-583.
[40] المدارس الديوبندية: هي مدارس دينية إسلامية نسبة إلى ديوبند، وتأسست جامعة ديوبند في شبه القارة الهندية في 1867، ثم انتشرت المدارس الديوبندية في الهند وباكستان وسيرلانكا وبنجلاديش. بدأت على المذهب الحنفي والصوفية، وتأثرت فيما بعد بأفكار أبي الأعلى المودودي -مؤسس الجامعة الإسلامية- الذي تعتبر أفكاره مرجعية للتيارات التكفيرية والإرهابية.
[41] Liazzat J. K. Bonate, «Muslim Religious…», Op.Cit., Pp. 640-642.
[42] Liazzat Bonate, «Islam in….», Op.Cit., Pp. 584-585.
[43] Ibid., Pp. 586-587.
[44] Liazzat Bonate, «Muslim Memories of the Liberation War in Cabo Delgado», in Kronos (Cape Town: University of the Western Cape, Vol.39 No.1, Jan. 2013) Pp. 230,240.
[45] Gregory Pirio, Robert Pittelli, and Yussuf Adam, «The Emergence of Violent Extremism in Northern Mozambique» in Africa Center for Strategic Studies (Washington: National Defense University, March 25, 2018) Pp. 1-2.
[46] نهلة عبدالمنعم، «موزمبيق: الثروة الأفريقية الفاتنة لـ«داعش»»، المرجع (باريس: مركز دراسات الشرق الأوسط، 2 يونيو/ حزيران 2018).
[47] Gregory Pirio, Op.Cit., Pp. 3-4.