تقديم
بعد أن قدّمنا التصوف الشعبي في نسخته البكتاشية، فإنّ تناول المولوية يمثل الركن الثاني في الحياة الروحية في الأناضول، التي وصفت إبان القرن السابع الهجري بأنها تمحورت حول مولانا جلال الدين الرومي. ومنذ ذلك الحين، ظلت طريقته الصوفيّة مثار نقاش دائم، بما تقدمه من حضورٍ فلسفي وفني، حتى استطاعت التفوّق برمزيتها على ما سواها، فبرزت في سائر النقاشات حول الإسلام بوصفها عنصراً مهماً، فكان لا بد من الإحاطة بها، ووضع الأسس لمن يريد فهم مجالها السياسي والديني.
يدرس هذا الكتاب المولوية في إطارها التاريخي، والمناخ الذي ظهرت فيه، مروراً بنشوء حواضر عرفانية حاضنة لثقافة إسلامية في العصر السلجوقي، وتفاعلاتها مع الدولة العثمانية، وانتشارها خارج الأناضول وصولاً للهند والعراق ومصر وغيرها. لا يحاول الكتاب الخروج بخلاصات نهائية حول المولوية بقدر ما يفسح المجال أمام الإضاءة على التراث الصوفي الثقافي والإسلام الشعبي ورصيده التاريخي المتراكم، والمستغل –حالياً- من الأحزاب والحركات السياسية الإسلامية، ومن تركيا الدولة وتركيا الطموح.
رئيس التحرير
عمر البشير الترابي