يلاحظ أوليفييه روا (Olivier Roy) [1] في كتابه «الجهاد والموت» (Le Djihad et La Mort) الصادر بالفرنسية عام 2016 ( ( Seuil) باريس، (167 صفحة)) حدة الترابط بين الإرهاب الجهادي والبحث المتعمد عن الموت؛ فما هو جديد بالنسبة له «التلازم النسقي أو (الممنهج) بين بعض مظاهر الإرهاب في أوروبا والموت، مما يشكل أحد مفاتيح الراديكالية المعاصرة؛ فالمعطى العدمي أساسي و(مركزي)»؛ والجذب الجهادي أو «الاستقطاب الجهادي» يعكس التمرد العبثي ولا يهدف إلى بناء أمة إسلامية متخيلة، بمعنى أن العنف الإسلاموي في بعض نماذجه الأوروبية، ليس الوسيلة وإنما هو النهاية، أي إنه «عنف لا مستقبلي» فاقدٌ للمعنى السياسي.
جاء الكتاب في أربعة فصول وزعت على النحو الآتي: «الجهادية والإرهاب: سعياً إلى الموت»، «من هم الراديكاليون؟»، «خيال الجهاديين: أسلمة الراديكالية»، «من ظل بن لادن إلى شمس داعش». يناقش المؤلف فكرتين رئيستين: الأولى، أن الإرهاب لا ينشأ من «راديكالية الإسلام»، بل من «أسلمة الراديكاليّة»؛ والثانية، تحليل لبعض نماذج الإرهابيين الفرنسيين من أصول عربية أو شرق أوسطية، من الذين تورطوا في عمليات إرهابية داخل الأراضي الفرنسية خصوصاً بعد الهجوم على صحيفة «شارلي إيبدو» (Charlie Hebdo) الساخرة وهجمات باريس الدامية في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015.
الاختيار النسقي للموت
يبين روا أن «الاختيار النسقي للموت» مقصود من قبل الإرهابيين المتورطين بالعمليات الإرهابية من أبناء الجيل الثاني من الجالية المسلمة في فرنسا. لقد قاموا بتفجير أنفسهم أو دفعوا الشرطة إلى قتلهم وهذا مؤشر جديد أو طريقة جديدة يتقصّدها هؤلاء. تفجرت هذه الظاهرة مع خالد قلقال منفذ تفجيرات مترو باريس عام 1995، وظهرت مع انتحاريي مسرح باتكلان عام 2015. يقول روا: «إن مقتل الإرهابي اليوم لم يعد مجرد احتمال من ضمن احتمالات أخرى أو نتيجة مؤسفة لأفعاله، بل صار جزءاً مركزياً من خطته. ويسود هذا الافتتان بالموت صفوف الجهاديين الملتحقين بتنظيم الدولة الإسلاميّة «داعش»، حيث ينظرون إلى الهجمات الانتحارية على أنها الهدف النهائي لانخراطهم فيه. يُعدّ هذا الاختيار النسقي للموت تطوراً حديثاً. فقد كان مرتكبو الهجمات الإرهابية في فرنسا في السبعينيات والثمانينيات، سواء ارتبطوا بالشرق الأوسط أو لا، يخططون لهربهم بعناية. ولئن كان التراث الإسلاميّ يُقرّ برفعة الشهيد الذي يموت في المعركة، فهو لا يُثيب المهاجِمين سعياً وراء الموت، لأنّ ذلك يُعدّ بمثابة تدخل في مشيئة الله. فلماذا اختار إرهابيون، على امتداد العقدين الماضيين، الموت على نحو منتظم؟ ماذا يعني ذلك للراديكالية الإسلاميّة المعاصرة؟ وماذا يعني لمجتمعاتنا اليوم؟ السؤال الأخير وثيق الصلة بالموضوع، إذ يرتبط هذا الموقف من الموت على نحو لا فكاك منه بكون الجهادية المعاصرة، على الأقل في الغرب وفي المغرب العربي وتركيا، حركة شبابيّة قائمة على الاستقلال عن مرجعيات الآباء الدينية والثقافية، لكنها متجذرة في «ثقافة شباب» مجتمعاتنا. وهذا ملمح أساسيّ من ملامح الجهاديّة الراهنة»[2] (ص8-9).
الثورة العدمية وأسلمة الراديكالية
إن هذه «الثورة العدمية» التي تظهر لدى بعض أبناء الجالية المسلمة في أوروبا، من المناصرين للمنظمات الإرهابية، تأخذ مظاهر مختلفة، فإلى جانب الانفصال عن الجذور الأيديولوجية الإسلاموية، أي الانفصال عن «الجهاد باسم الأمة»، تتطور نزعة «الحقد الجيلي» الجهادي من خلال محاربة «الأيقونات الثقافية»؛ ولا يهدف التدمير إلى إسقاط الضحايا فحسب، بل إلى تحطيم التماثيل وأماكن العبادة والكتب، ومحو الذاكرة. إنّ «فسخ الماضي» هدف مشترك بين الحرس الأحمر لماو تسي تونغ، والخمير الحُمر في كمبوديا ومقاتلي «داعش». وكما كتب أحد الجهاديين البريطانيين في بيان تجنيد للمنظمة: «حين نحطّ الرحال في شوارع لندن وباريس وواشنطن… لن نكتفي بسفك دمائكم، بل سندمّر أيضاً تماثيلكم، ونمحو تاريخكم، والأكثر إيلاماً، سنُهدي أطفالكم الذين سيناصروننا أسماءنا ونجعلهم يلعنون أسلافهم».
تنعكس هذه العدمية –وفقاً لقراءة روا- في غياب الرابط بين محركات الإرهاب والاحباطات الاجتماعية والسياسية والدينية، فليس بالضرورة أن تشكل هذه المعطيات عاملاً دافعاً نحو ارتكاب أعمال إرهابية. لقيت وجهة النظر هذه انتقادات من قبل عدد من الباحثين الفرنسيين من بينهم مدير الأبحاث في معهد البحوث والدراسات حول العالم العربي والإسلامي (IREMAM): فرانسوا بورغا (François Burgat) الذي أخذ عليه تغييب الدوافع المتعلقة بالإرث الاستعماري والتدخل العسكري الغربي ضد شعوب الشرق الأوسط، والصد الاجتماعي للمهاجرين وأطفالهم. في حين عاب عليه جيل كيبيل[3] (Gilles Kepel)، الباحث الفرنسي المتخصص في الحركات الإسلامية، تجاهله للراديكالية الدينية[4] في الإسلام بشكلها السلفي. غير أن صاحب «نحو إسلام أوروبي» لا ينفي هذه الأبعاد، لكنها برأيه غير كافية لفهم الظاهرة التي يدرسها، قاصداً بذلك الجهاديين الفرنسيين منفذي الهجمات الإرهابية في فرنسا بين عامي 2015–2016 حيث «إننا لا نجد أي رابط سببي انطلاقاً من المؤشرات التجريبية التي نطرحها» والتي توسع بها في الفصل الثاني من الكتاب. هل تشكل الراديكالية الدينية لدى بعض الشباب المسلم في الضواحي رداً على العلمانية الفرنسية الصلبة بغية الحفاظ على الهوية الدينية أم لا صلة مباشرة بينهما؟ لا يقدم روا جواباً مباشراً على هذا السؤال لكنه في كتابه «الإسلام والعلمانية» يرفض التوجهات التي تعيد أزمة الضواحي إلى الواقع الديني، أي الإسلام. فالآراء الفرنسية –وكذلك العربية- الداعية إلى تفعيل الإصلاح في الإسلام بغية التوافق مع العلمانية، لا تلقى تأييداً من قبله؛ فالأمر عنده لا يرتبط بنزعة إصلاحية، لاهوتية، بقدر التكيّف العملي الذي يؤول إلى قبول الدَّنْيَوة (Sécularisation) عبر الممارسة الحسية للمسلمين[5].
يشدد عالِم السياسة روا على فرضية أساسية شكلت عماد كتابه «الإرهاب لا يأتي من «راديكالية الإسلام» (Radicalisation de l’islam ) ولكن من «أسلمة الراديكالية» (Islamisation de la Radicalité)». وقد طور هذه الفرضية منذ عام 2008 في مقاله «Al Qaeda in the West as a Youth Movement: The Power of a Narrative»[6]. ومن الخلاصات الدالة التي يبرهن عليها أن التطرف الإسلاموي في طابعه الأوروبي ليس له علاقة مباشرة بإشكاليات الاندماج في مجتمعات الهجرة الأوروبية. وفي حوار أُجري معه بعد هجمات بروكسيل أكد خلاصته هذه قائلاً: «أنا لا أعتقد أنَّ التطرُّف الإسلامي هو نتيجة لفشل الاندماج. هذه مشكلةٌ صوريةٌ. والكثيرون من الشباب، الذين يذهبون إلى الجهاد، هم مندمجون ويتحدَّثون اللغة الفرنسية أو الإنجليزية أو الألمانية. وتنظيم «الدولة الإسلامية» أسَّس كتيبة ناطقة باللغة الفرنسية، وذلك لأنَّ الفرنسيين أو البلجيكيين الشباب لا يجيدون اللغة العربية. والمشكلة ليست في عدم الاندماج الثقافي. فحتى في قطيعتهم مع المجتمع الأوروبي يبقى الجهاديون الأوروبيون مرتبطين بأنموذج غربي. وهذه عدمية لا تتَّفق مطلقاً مع التقاليد الإسلامية، لأنَّهم يُطوِّرون جاذبية لجمالية العنف، الذي يعرفونه من الأفلام وأشرطة الفيديو. وبهذا فهم يشبهون كثيراً القتلة المسلحين (الأمريكيين) في مدرسة كولومباين أو القاتل الجماعي (النرويجي) أَنْدِرْس بيرينغ بريفيك»[7].
حين ألغت الجهادية الجهاد
يميز روا بين نوعين من الجهاد في تاريخ الإسلام الحديث والمعاصر: الأول: «جهاد الأمة» أو «الجهاد الجماعي» والذي خاضه المسلمون حول القضايا الكبرى لا سيما عام 1948؛ و«الجهاد الثوري» بعد عام 1950 بوصفه فريضة فردية، وقد شكلت تنظيرات أبي الأعلى المودودي وسيد قطب وعبدالسلام فرج القاعدة النظرية لانطلاق الجهادية الثورية العنيفة. واستناداً إلى قراءة وتحليل عالِم الاجتماع الفرنسي- الإيراني فرهاد خسروخاور[8] (Farhad Khosrokhavar) يفسر روا الكيفية التي نقل فيها هؤلاء الراديكاليون الجهاد من مضمونه التقليدي إلى سياق ثوري فردي؛ أي إن الجهادية الثورية أزاحت مفهوم الجهاد عن أصوله ووضعته في إطار العنف الثوري ضد الأنظمة والمجتمع والدولة. «تميّزت السبعينيات –كما يلفت خسروخاور- بانبعاث الإسلام الأصولي، خصوصاً بعد فشل التجارب القومية العلمانية في البلدين المسلمين الرئيسين في الشرق الأوسط، أي مصر وإيران. تمّت دعوة الإسلام في نسخته المُناضلة في كلّ مكان تحت تأثير المُثقّفين المسلمين المحسوبين على الإخوان المسلمين، مثل سيد قطب ونظيره الباكستاني المودودي. ونمت في إيران شيعيّة ثوريّة، لا سيّما تحت رعاية علي شريعتي، بينما أنشأ جيل جديد من المثقّفين والمُفكّرين الإسلاميّين، الذين يعتبرون أنّ (الإسلام هو الحل)، حركات في مصر مثل التكفير والهجرة»[9].
ملامح الإرهابيين والاختلاف عن إسلام الآباء
يشير روا إلى بعض السمات أو الخصائص المشتركة بين الإرهابيين الفرنسيين الذين درسهم، وقد اختار نماذج عدة من بينها: خالد قلقال 1995، والأخوان شريف وسعيد كواشي منفذا الهجوم على صحيفة شارلي إيبدو وانتحاريو اعتداءات باريس 2015، ومنفذ هجوم نيس 2016. يسجل المؤلف جملة من الملاحظات يمكن إدراجها على النحو الآتي:
- الانتماء إلى الجيل الثاني من المهاجرين.
- الانخراط في الحياة الليلية الغربية (شرب الكحول، الذهاب إلى علب الليل، معاشرة النساء).
- غياب نمط التدين المتطرف.
- عدم تبني الأيديولوجية السلفية.
- الترابط بين الشبكات الإرهابية.
- الاختلاف مع إسلام الآباء المندمج -إلى حد ما- في الحياة الفرنسية؛ والتأسيس لإسلام المهجر المقاوم والمقاتل والدموي.
في ختام تحليله يحاجج المؤلف الاتجاهات والآراء السياسية السائدة حول تأثير البعد الديني في التأسيس للتطرف عند هؤلاء الإرهابيين، ويرى أن الثقافة الدينية ليس لها أي أثر ملحوظ عليهم؛ وبكلمة، الراديكالية تشكل انقطاعاً غير مفهوم مع المحيط الديني، هذا عدا عن أن منفذي العمليات الإرهابية بدءاً من عام 1995 في فرنسا ودول أوروبية أخرى ليس لهم أي علاقة مع الصراعات الدائرة في الشرق الأوسط.
أسلمة الراديكالية ونهاية العالم وداعش «عدو من؟»
يرى المؤلف أن السلفيين ليسوا كلهم جهاديين، ولكن كل الجهاديين يعتمدون على الأيديولوجية السلفية، وبذلك تعد السلفية الوعاء الذي تنفجر منه الجهادية. ولكن عن أي إسلام جهادي نتحدث طبقاً للحالات الجديدة في فرنسا؟ إن الراديكاليين لا شك أنهم مؤمنون، ولكن من الخطأ التركيز على التفسير الديني الذي تقدمه النصوص المرتبطة بالجهاد، والتي غالباً ما يلجأ إليها تنظيم «داعش» في سبيل فهم تطرفهم؛ فالجهاديون الفرنسيون لم ينخرطوا في العنف بعد تفكير في النصوص، وهم لا يملكون الثقافة الدينية، ولم يصبحوا راديكاليين لأنهم أرادوا ذلك، بل لأن الراديكالية وحدها تبدو لهم فاتنة، والحال: ما الذي يحركهم؟ وفقاً لروا، الثورة العدمية التي تضع الموت كهدف ووسيلة حتمية، تشكّل قلب المشروع الجهادي لمرتكبي الهجمات في أوروبا. هؤلاء الشباب ليسوا طوباويين، إنما عدميون، والمستقبل لا يشكل شيئاً بالنسبة إليهم، إنهم جيل اللامستقبل.
يتبنى «داعش» خطاب نهاية العالم الذي غاب عن تنظيم القاعدة وعن المرجعيات الجهادية الأخرى قبل عام 2015. إن هذا الخطاب يشكل قوة جذب لعدد من «الجهاديين الأوروبيين» الذين ليس لديهم أي مشكلة في تقبل هذه الرؤية الأسطورية، لأن نهاية العالم تحول العدمية الفردية عندهم إلى مصير جماعي: «إنهم لا يفعلون سوى استباق الذي سيجري، إنهم الطليعة التي ستموت قبل المعركة الكبرى في دابق[10] في سورية».
يتساءل روا: الشباب الراديكاليون هل هم سلفيون؟ في سياق دراسته للحالة الفرنسية يؤكد أن هؤلاء ليسوا سلفيين، فهم لا يعيرون أي أهمية للعادات والتقاليد الي #1608;مية المرتبطة بالحلال، والصلوات الخمس. «وكما قلنا، علاقتهم مع أسرهم وأصحابهم وأولادهم ليس فيها أي ملمح سلفي (…) إنهم مؤمنون ولكنهم ليسوا حقاً سلفيين».
يتطرق روا إلى قضايا عدة على اتساق بـ«الجهاد المعولم». يلفت إلى أن تنظيم «داعش» أيديولوجياً تجاوز تنظيرات القاعدة، كما أنه أحدث «القطيعة» معها على المستوى التنظيري. وعلى صعيد الفوضى الدائرة في الشرق الأوسط تمكّن التنظيم من الإفادة من الصراعات السياسية والمذهبية ومن النفاذ في الفراغ الذي خلفه الانسحاب الأمريكي التدريجي، موظفاً إحباطات العالم العربي السني.
من الخلاصات اللافتة التي يخرج بها روا قوله: إن القوى الإقليمية الأساسية والعالمية لا ترى في تنظيم «داعش» عدواً أساسياً: يسعى الأكراد إلى رسم حدود دولتهم مع العرب وهم لا يتمنون أن تعود الموصل إلى الدولة العراقية؛ أما تركيا فلا تخفي أبداً أن التهديد الأول الذي تواجهه هو حزب العمال الكردستاني، والانتصار على «داعش» سيقوي الأكراد والنظام السوري، وبالنسبة للمملكة العربية السعودية العدو الأساسي هو إيران، وهزيمة «داعش» تكرس قيام الهلال الشيعي الممتد من بغداد مروراً ببيروت وصولاً إلى دمشق. أما إيران فالأشياء أكثر تعقيداً بالنسبة إليها: «داعش» لا تشكل تهديداً لها، ولكن علاقاتها مع النظامين السوري والعراقي تجبرها على محاربة التنظيم.
قدم أوليفييه روا في كتابه «الجهاد والموت» مقاربات جديدة لا سيما حين اعتبر أنّ الإرهاب لا ينشأ من «راديكالية الإسلام»، بل من «أسلمة الراديكالية». والأهم في ما طرح تحليله ملامح الإرهابيين الفرنسيين بعد عام 1995، ونجاحه في نزع الصفات السلفية عنهم لصالح الثورة العدمية. يبقى أن النماذج الجهادية التي فجرها تنظيم «داعش» في العالم متفاوتة في طبيعتها وخلفياتها وأهدافها، مما يدفع المتخصصين في الحركات الإسلامية إلى مراجعة العديد من الأطروحات السائدة، والنظر إلى الظاهرة الإرهابية في مستوياتها الأشد تعقيداً.
[1] كاتب وباحث فرنسي متخصّص في الإسلام السياسي. مدير الأبحاث في المركز الوطني
الفرنسي للبحث العلمي (Centre national de la recherche scientifique) (CNRS) في فرنسا، وأستاذ جامعي في معهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا (إيطاليا). صدر له مجموعة من الكتب المعنية بقضايا الشرق الأوسط والحركات الإسلامية والإسلام في أوروبا،
تُرجم بعضها إلى العربية، من بينها: «عولمة الإسلام»، «تجربة الإسلام السياسي»، «الجهل المقدس: زمن الدين بلا ثقافة»، و«الإسلام والعلمانية».
[2] يمكن مراجعة مقتطفات معربة من الفصل الأول من الكتاب: روا، أوليفييه، من هم الجهاديون الجدد؟ ترجمة: حبيب الحاج سالم، جريدة الأخبار اللبنانية، العدد (3158)، السبت 22 أبريل (نيسان) 2017، على الرابط التالي:
http://www.al-akhbar.com/node/276114
[3] أصدر جيل كيبيل عام 2015 بعد اعتداءات باريس كتاباً حمل عنوان: الرعب يحوم حول فرنسا، نشأة الجهاد الفرنسي، أشار فيه إلى أن هدف المتطرفين هو إثارة حرب أهلية في فرنسا. انظر:
Kepel, Gilles, Terreur dans l›Hexagone: Genèse du djihad français, Gallimard, 2015.
[4] ما يطرحه روا «هو أن التطرف العنيف ليس نتيجة الراديكالية الدينية، حتى ولو سلك في كثير من
الأحيان الدروب نفسها أو استعار النماذج نفسها. فالأصولية الدينية موجودة بالطبع، وهي تطرح مشاكل اجتماعية معتبرة، لأنّها ترفض القيم المؤسسة
على الخيار الفردي والحرية الشخصية، لكنّها لا تقود بالضرورة إلى العنف السياسي. أما الاعتراض
القائل بأن الراديكاليين تحرّضهم «المعاناة» التي عرفها المسلمون المستعمَرون سابقاً، أو ضحايا العنصرية
أو أيّ شكل آخر من أشكال التمييز،
أو القصف الأمريكي أو الطائرات من دون طيار، أو الاستشراق… إلخ، فهو يعني ضمناً أنّ الثورة يقودها الضحايا. لكن العلاقة بين الراديكاليين والضحايا خيالية أكثر ممّا هي واقعية. فمرتكبو الهجمات في أوروبا لا ينتمون إلى قطاع غزّة أو ليبيا أو أفغانستان، وليسوا بالضرورة الأكثر فقراً،
والأكثر إهانة أو الأقل اندماجاً. وتُظهر حقيقة أن ربع الجهاديين ممّن دخلوا الإسلام حديثاً أن
الرابط بين الراديكاليين وبين «شعبهم» هو –إلى حدّ بعيد– «بناء خيالي». انظر: روا، أوليفييه،
من هم الجهاديون الجدد؟ مرجع سابق.
[5] انظر: روا، أوليفييه، الإسلام والعلمانية، ترجمة: صالح الأشمر، دار الساقي، بيروت، الطبعة الأولى، 2016. يستخدم روا في كتابه هذا مفهومين ليسا مترادفين: الدَّنْيَوة والعلمانية. يفسر «الدَّنْيَوة» بوصفها
«ظاهرة اجتماعية لا تتطلب أي استخدام سياسي: وذلك عندما يكفّ الديني عن احتلال مكان المركز في حياة البشر، حتى وإن استمروا في وصف أنفسهم بالمؤمنين. كما أن ممارسات الناس والمعنى الذي يضفونه على العالم، لا تحمل سمة التسامي والديني.
وأعلى مراحل الدَّنْيَوة هي زوال الدين، ولكن بلُطف (…) غير أن الدَّنْيَوة ليست ضد الديني أو الإكليروس
(…) أما العلمانية، في المقابل، فهي صريحة: إنها خيار سياسي يحدّد بأسلوب سلطوي وقانوني مكان الديني» دون أن «تنبذ الديني بالضرورة في القطاع الخاص، خلافاً لما تفيد به أسطورة شائعة؛ والأحرى أنها تُعيّن،
وإذاً تحدِّد، بكل معاني الكلمة، إمكان رؤية الديني في المجال العام».
[6] Roy, Olivier, Al Qaeda in the West as a Youth Movement: The Power of a Narrative, CEPS Policy Brief, No 168, august 2008.
[7] أسلمة الراديكالية… عدمية الجهادية قوة تنسف الفجوة بين الأجيال، موقع قنطرة، 31 مارس (آذار) 2016، على الرابط المختصر التالي:
http://cutt.us/JeEB
[8] خسروخاور، فرهاد، جهادي أقدس من جهادك، مجلة (Oasis)، يوليو (تموز) 2011، العدد (13)، على الرابط المختصر التالي:
http://cutt.us/sJVN
[9] المرجع السابق.
[10] اكتسبت البلدة السورية «دابق» أهمية رمزية كبيرة عند «داعش»، وادعى التنظيم أن البلدة هي موقعة معركة نهاية الزمان مع الكفار،
مستحضراً أحاديث نبوية منسوبة إلى الرسول: «لا تقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق أو بدابِقَ».