جوزيف براودي*
دارت هذا الأسبوع مناقشات ساخنة بين أبناء الجالية اليهودية الأميركية في نيويورك حول ظاهرة العصيان المدني الذي اختاره بعض الناشطين الفلسطينيين حلاً بدلاً من خيار المقاومة المسلحة للاحتلال الإسرائيلي. ويُرجَّحُ أن يكون لهذا التحول تأثير على السياسات الإسرائيلية تجاه هذه الظاهرة، نتيجة للمباحثات الحالية بين الزعماء اليهود الأمريكيين في ضوء التقارير الإخبارية من الضفة الغربية.
مجلة Tablet على الإنترنت، وهي مجلة تهتم بالشأن اليهودي وذات تأثير، نشرت تقريراً عن العصيان المدني الفلسطيني أظهر نجاح هذا الخطوة وانعكساتها على الواقع المعقد بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وكشف التقرير عن السياسة القاسية التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية لمنع العصيان، وجاء فيه أنه على مدى خمس سنوات احتج نشطاء في قرية بلعين الزراعية في الضفة الغربية على بناء الجدار العازل الذي يمر بأراضيهم من دون اللجوء إلى العنف، وانضم إليهم بعض الإسرائيليين الذين عبروا عن تضامنهم مع الفلسطينيين.
لم تُسَلْ قطرة دم واحدة في هذه المظاهرات، وقد قضت المحكمة العليا الإسرائيلية لصالح المحتجين الفلسطينيين، وأعلنت أنه لم تُتَّخذْ أي إجراءات من قبل الحكومة لحل مشكلة القرية مع الجدار. ومع ذلك فإن الجيش الاسرائيلي اعتقل العديد من الناشطين الفلسطينيين الذين نظموا المظاهرات.
تجدر الإشارة إلى أن اليهود الأمريكيين، مثل أشقائهم الإسرائيليين هم منقسمون حول هذه الظاهرة الجديدة، فبعضهم يدعم حركة العصيان المدني الفلسطيني نظراً لمحدودية أهدافها داخل الأراضي الفلسطينية التي احتلت سنة 1967، ولأنهم لايرون في الاحتجاج السلمي تهديداً لحياة الإسرائيليين. بينما نظر إليها آخرون بريبة لأنهم يعتقدون أنها لاتعدو أن تكون تكتيكاً وجزءاً من حملة أوسع لاستعادة الأراضي من النهر إلى البحر، وأن الاهتمام المتنامي بهذا التحول سوف يضر بمصداقية الجيش الإسرائيلي وحكومته عند الرأي العام العالمي .
وفي كل الأحوال فيبدو أن معظم يهود أمريكا يتفقون على أن حركة العصيان المدني الفلسطيني أفضل من احتمال حدوث انتفاضة ثالثة والتي ستكون مكلفة لإسرائيل في ظل الموارد والأوضاع الإنسانية الحالية .
قد تظهر وجهات النظر اليهودية المختلفة في هذا الجدل مقلقة للجمهور العربي. ومع ذلك فإن هناك بارقة أمل بأن يكون لهذه المناقشات مع الإقبال المتزايد على الاحتجاج غير العنيف من قبل الفلسطينيين ، نتائج مثمرة تدعم ولو على المدى الطويل حل الدولتين.
* صحفي أمريكي ومؤلف كتاب (العراق الجديد)
الأحد12 ديسمبر