قدمت هيئة التحرير بمركز المسبار للدراسات والبحوث مراجعة لهذا الكتاب، الذي ألفه كل من “جينيفر كافاناغ” -كبير علماء السياسة في مؤسسة راند، و”مايكل دي رتش” -الرئيس والمدير التنفيذي لمؤسسة راند.
يسعى الكتاب إلى تقديم تعريفٍ واضح حول «تصدّع الحقيقة»، وفحص دوافعها وعواقبها؛ وكل ذلك بهدف إرساء أساسٍ لمناقشةٍ أكثرَ فائدة عن التحديات التي تواجه الخطاب السياسي والحقوقي في الولايات المتحدة. يقول المؤلفان: إنهما سعيا لتقديم أساس لصنّاع السياسات والباحثين والمثقفين والصحافيين والأطراف المعنية الأخرى؛ بُغية تحليل المفاهيم والعلاقات التي ربما قد تكون مساهمة في «تصدّع الحقيقة».
يقدم المؤلفان تعريفاً عملياً لتصدّع الحقيقة. ويستكشفان بالتفصيل الاتجاهات الأربعة ذات الصلة، ويفحصان الدوافع والعواقب المحتملة. يعرّف الباحثان تصدّع الحقيقة على أنه؛ مجموعة من أربعة اتجاهات متصلة: الخلاف المتزايد بشأن الحقائق والتفسيرات التحليلية للحقائق والبيانات؛ عدم وضوح الخط الفاصل بين الرأي والحقيقة؛ الحجم النسبي المتزايد، والتأثير الناجم لتفضيل الرأي والتجربة الشخصية على حساب الحقيقة؛ انخفاض الثقة في مصادر المعلومات الواقعية، التي كانت تحظى بالاحترام في السابق. ويستعرض الباحثان ثلاثة من العصور التاريخية التي شهدت سمات تصدّع الحقيقة، وهي: ثمانينيات، وتسعينيات القرن التاسع عشر، أو العصر المذهّب، المعروف بصراعات انتشار الصحف و«الصحافة الصفراء»؛ عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، أو عقد العشرينيات الصاخبة وفترة الكساد الكبير، وظهور صحافة الإثارة وبداية البث الإذاعي؛ ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، أو عقد مشاركة الولايات المتحدة في حرب فيتنام وانسحابها منها، والمشهورة بـ«الصحافة الجديدة»، والانشغال بالدعاية الحكومية والإعلامية، ونهضة الصحافة الاستقصائية.
ومن ثمّ حدّد الباحثان أربعة دوافع أو أسباب محتملة لتصدّع الحقيقة: سِمات «المعالجة المعرفية» مثل: الانحياز المعرفي؛ التغيرات في نظام المعلومات (مثل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي)؛ المطالب التنافسية المفروضة على النظام التعليمي، التي تحدّ من قدرته على مواكبة التغييرات في نظام المعلومات؛ الاستقطاب السياسي والاجتماعي والسكاني والاقتصادي.
على الرغم من أن هذه الدوافع الأربعة لتصدّع الحقيقة ليست متعمدة في الغالب؛ فهي تمثّل وظيفة للطبيعة البشرية، أو وليدةَ ظرفٍ معيّن وليست عملاً متعمّداً؛ فإنه بإمكان الجهات المضلّلة تأدية دورٍ متعمد أو غير متعمد في تفاقم ظاهرة تصدّع الحقيقة من أجل مكسبها السياسي أو الاقتصادي.
أما عواقب تصدّع الحقيقة، فتظهر في الكثير من الجوانب، وأبرزها: تراجع الخطاب المدني؛ الجمود السياسي؛ عزل الأفراد من المؤسسات المدنية والسياسية وفصلهم؛ سياسة الشك على المستوى الوطني (عدم اليقين).
بعد ذلك يحدّد الباحثان أربعة مسارات للبحث ضمن جدول وضعاه لحلّ مشكلة النظام المعقّد لتصدّع الحقيقة. وهذه المسارات هي: المسار الأول: النماذج المماثلة: الأميركية السابقة والدولية؛ المسار الثاني: البيانات والاتجاهات؛ المسار الثالث: الآليات والعمليات؛ المسار الرابع: الحلول والاستجابات.
يخلص المؤلفان في كتابهما إلى أنه يبقى تناول سياسة ما بعد الحقيقة، والتلاعب بها، واستخدامها الحقيقة لخدمة الدعاية السياسية، واحدة من الموضوعات التي زاد الاهتمام بها، بعد صعود الشعبوية، والحملة المضادة للإعلام الأميركي المضاد للرئيس السابق دونالد ترمب، والذي وصفه بأنه يقتات على الأخبار الكاذبة. وهي الأخبار التي تعتمد على سياسة ما بعد الحقيقة، واستغلال آلياتها، في تطويرٍ للبروبجاندا القديمة.
شرح الكتاب
جدول المحتويات
45 د.إ
400 د.إ