يركّز عظيم إبراهيم (الزميل في كلية مانسفيلد بجامعة أكسفورد) في دراسته التي حملت عنوان “المتطرّفون البوذيون في ميانمار… حركة (969)” والتي جاءت في كتاب (أزمات المسلمين الكبرى: التاريخ – الذاكرات – التوظيف) (الكتاب التاسع عشر بعد المئة، نوفمبر/ تشرين الثاني 2016) على الجماعات البوذية التي تقف خلف كثير من العنف الممارس ضدّ المسلمين في ميانمار الحديثة. ويشير الباحث إلى أنهم لا يعملون في فراغ. فللجماعات البوذية صلات واسعة مع «الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية» والنظام العسكري القديم على حدٍّ سواء. وهم يؤثّرون في معتقدات معظم البورميين العاديين، بسيطرتهم على قسم كبير من النظام التعليمي في البلد. وفي ميانمار الحديثة، لا يجرؤ إلا القليل على الوقوف في وجه تعصّبهم أو تحدّي مقولاتهم.
قبل النظر بالتفصيل في حركة (969)، وحلفائهم ما با ثا (MaBaTha) (رابطة ميانمار الوطنية)، لا بدّ من إظهار كيف تنهل أيديولوجيتهم من المقولات التاريخية التي تشتمل عليها بوذية التيرفاد (Theravada). وصل هذا الضرب من البوذية مما يعرف حديثاً باسم سريلانكا، إلى وسط بورما ابتداء من القرن السابع الميلادي فما يليه. ومن الافتراضات الهيّنة أن البوذية دين مسالم، لا يظهر أي علامة على عدم التسامح مع المعتقدات الأخرى، التي تسم المسيحية والهندوسية والإسلام. لكن الحال ليس كذلك للأسف.
وكما يرى الباحث، تنهل حركة (969) من السوابق التاريخية (للمواجهة بين المسلمين والبوذيين) وتضيف إليها تحريفاتها الأكثر حداثة. لكنها في جوهرها تحتج بأن أي تخفيف للثقافة البوذية الصافية في ميانمار سيعرّض الدين بأكمله للخطر. وهي تحدّد في الوقت الحاضر أن الإسلام يشكّل تهديداً وجودياً (مع أن «5%» فقط من السكان مسلمون). وتشيع أيضاً فكرة شرعية ارتكاب العنف لحماية التعاليم وانعدام المسؤولية عن تبعات أعمالهم. وقد أطلق على أشين ويراثو، وهو أحد قادة حركة (969) المهمّين، اسم «ابن لادن البوذية» ؛ بسبب تطرّف آرائه. ويدّعي المدافعون عنه –أحياناً- أن هذه التسمية ترجع إلى أكاذيب وسائل الإعلام لأن «المسلمين يمتلكون كل وسائل الإعلام، ولا يقدّمون إلا صورة سلبية عنه».
تستمدّ حركة (969) كثيراً من الإلهام من أقرانهم في الدين في سريلانكا، الذين يحاجّون بأن العنف والتمييز مشروع ما دام ذا غاية مقبولة. وذلك مثير للقلق بسبب مستوى عدم التسامح الذي تظهره الدولة التي يسيطر عليها البوذيون في سريلانكا.
يعتقد الباحث أنه ربما يكون لحركة (969) جذورها في الحركة المؤيّدة للديمقراطية في السنوات (1988-1990)، لكن عندما عاودت الظهور سنة 2008، لم يكن هناك كبير شكّ في أن الجيش متواطئ في إنشاء حركة (969) أولاً ثم ما با ثا لاحقاً.
أفاد بعض الرهبان بأن الضباط العسكريين عرضوا عليهم عند إطلاق سراحهم من السجن معاشاً ومكاناً في أحد الأديرة إذا ساندوا حركة (969). لكن في الفترة المبكّرة التي تلت سنة 2008 كانت حركة (969) لا تزال تساند «الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية» إلى حدّ كبير، بل إنها جدّدت في الواقع التحالف الذي كان قائماً بين سنتي 1988 و1991.
يخلص الباحث إلى أن التحامل على المسلمين عميق الجذور في ميانمار الآن. ومع أن الحلفاء المتطرّفين لـ«الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية» انقلبوا عليها في انتخابات 2015، فإن قيادة الرابطة تظل متواطئة بإنكارها على الروهنجيين حقوق الإنسان الأساسية. وكما هي الحال في الإبادات الجماعية الحديثة الأخرى، فإن العالم يريد أن يتجاهل الإشارات التحذيرية. ويرى إبراهيم أن على العالم الوقوف إلى جانب الروهنجيين، وإلا سنشهد تكراراً للإبادة الجماعية، كما حدث في دارفور ورواندا.