< اختار مركز «المسبار للدراسات والبحوث» موضوع التعددية الدينية والثقافية في خمسة بلدان عربية، لتكون عنواناً لإصداره الـ108. وناقش الكتاب سؤال الهوية، والمسألة الأمازيغية، وخصوصاً أن ثلاثة من البلدان الخمسة تنتشر فيها هذه القومية (تونس، والمغرب، والجزائر، إضافة إلى سورية والسودان)، ورؤية الإسلاميين تجاه مجالات التعددية على أرض الواقع، وفي تجليات الثقافة، وتشكلات المجتمع بأنسجته المختلفة، وتعدد المشارب والاتجاهات والتيارات.
وتوقف الإصدار عند موقف حزب «العدالة والتنمية» من المشاركة السياسية، وتمايزه عن مواقف جماعة «العدل والإحسان»، والمجالات المحفّزة على إثارة موضوع التعددية، رفضاً وتأييداً. وذلك بمشاركة عدد من الباحثين والمختصين.
وشارك الباحث المغربي فؤاد بوعلي في الكتاب بدراسة عن «الهوية الأمازيغية في خطاب الحركة الإسلامية في المغرب»، لافتاً إلى أن تناول الحركة الإسلامية مطبوعاً بمحاولات التمييز الدائم بين الأمازيغية، باعتبارها لغة وثقافة مشتركة للمواطنين المغاربة، والحركة الثقافية الأمازيغية، باعتبارها حركة سياسية ذات ولاءات غير وطنية في مجملها. وتوصل بوعلي إلى أن الجواب عن الأمازيغية كان جواباً عن أهميتها في بناء الوطن داخل إطار المشترك الجمعي. واستوقف الباحث عبدالكريم أبواللوز موقف الإسلاميين في المغرب من التعددية السياسية، موضحاً أنه «وإن كان الخطاب الإسلامي الحديث في غالبيته لا يتنكر للتعددية الحزبية في الدائرة الإسلامية، فإن مستوى الطموح والتطلع يفضل الوحدة وينشدها، إلا أنه لا يعني في أي شكل من الأشكال خلو الساحة من مواقف توصف بالرافضة، وإن بدرجات متفاوتة تتوزع بين أطراف توصف بالتحرر والتجديد». ودرس الأكاديمي العراقي خيري عبدالرزاق جاسم النموذجين المغربي والجزائري في «إدماج الأعراق وإدارة التنوع»، متوصلاً إلى أن «الحكومات الجزائرية المتعاقبة لم تنشئ مؤسسات سياسية قائمة على أساس الكفاية، وحرمت الدولة والمواطن من حق الانتماء إليها والشعور بالمواطنة فيها، وظلت الروابط بينهما قائمة على أسسٍ آيديولوجية. فضلاً على غلبة الصراعات السياسية بين مؤسسات الدولة الرئيسة، وظلت الغلبة للمؤسسة العسكرية وخضوع المؤسسات الأخرى لها، وظلت إدارة التنوع والالتفات إليها أسفل قائمة السياسات الحكومية المتعاقبة».
من جهتها، تعتقد الباحثة التونسية هالة الحبيب أن حركة «النهضة» قوة اجتماعية وسياسية مهمة في تونس، سواء أكانت في السلطة أم المعارضة. ولهذا لا يمكن للحياة السياسية أو لمؤسسات الدولة العمل بشكل جيد من دون وجود هذه القوة، والاعتراف بها وإدماجها في النظام السياسي. واهتم الباحث العراقي عبدالسلام بغدادي بموضوع «إدارة التنوع الثقافي في السودان»، موضحاً أن أية محاولة للخروج من المعضلة السودانية الراهنة، المتمثلة بسوء إدارة التنوع أو الاختلاف أو التعددية الثقافية في السودان الكبير (شماله وجنوبه)، ولا سيما شماله، والتي تهدد البلاد، التي انشطرت إلى نصفين عام 2011، بمزيد من التفتت والانقسام، تشترط أولاً عقد مؤتمر دستوري وطني شامل وجامع.
ومن أولويات هذا المؤتمر، بحسب بغدادي، «الاتفاق على وضع يشترط أية محاولة للخروج من الأزمة السودانية الراهنة، والتي تهدد البلاد بمزيد من التفتت والانقسامات، وعقد مؤتمر دستوري قومي شامل وجامع».
كما قارب الموضوع السوداني الباحث عبده مختار موسى، منطلقاً من فرضية أساسية هي: أن فشل النخبة السودانية في إدارة التنوع يشكل سبباً أساسياً في أزماته وعدم استقراره، ساعياً إلى الإجابة على سؤال: كيف فشلت النخبة السياسية في تحقيق الاستقرار في بلد متنوع؟ وضم الكتاب أيضاً قراءة في كتاب «التعددية الثقافية وحقوق الأقليّات في العالم العربي»، أعدها الباحث السعودي عبدالله حميد الدين. ودراسة لعبدالحميد العيد الموساوي، بعنوان: «العمل المنظم كمانع للاحتكار السياسي للإسلاميين في تونس».