اختار مركز «المسبار للدراسات والبحوث» مسألة التعددية الدينية والتنوع في منطقة الخليج العربي عنواناً لمناقشته في سلسلة كتابه الـ107، متابعاً الدور المؤسسي والقانوني والحكومي، عبر ملفات وأبحاث تتناول حالات التنوع وصيغ التمييز وأدبيات الحوار، ودور المؤسسات وسبل إدارة التنوّع وطرقها.
وتابع الكتاب التنوع الاجتماعي والسياسي في العراق، وطرق باب التدخلات الخارجية، ودورها في تقليص وتهديد الدور الحكومي لترسيخ قيم التعددية، كما يحدث في البحرين على سبيل المثال، مقدماً رصداً لملف التعددية الدينية في السعودية، وتخصيص أبحاث حول التعددية في اليمن والإمارات.
وقدم الباحث عبدالجبار عبدالله ورقة حول «إدارة التنوع الاجتماعي والسياسي في العراق»، راصداً فيها الفترة منذ تولية الملك فيصل الأول عرش العراق. كما تناول ظاهرة عدم التجانس الاجتماعي في هذا البلد. وقال: «إن البلاد العراقية من جملة البلدان التي ينقصها أهم عنصر من عناصر الحياة الاجتماعية، ذلك هو الوحدة الفكرية والملية والدينية.
فهي -والحالة هذه- مبعثرة القوى، منقسمة على بعضها، يحتاج ساستها إلى أن يكونوا حكماء مدبرين غير مجلوبين لحساسيات أو أغراض شخصية أو طائفية أو متطرفة».
من جهتها، تناولت الباحثة هدى النعيمي موضوع «التنوع في مملكة البحرين والتدخلات الإيرانية»، مؤكدة أن البحرين هي أكثر دول الخليج العربي تأثراً بموجة الانتفاضات العربية التي اندلعت في كانون الأول (ديسمبر) 2010؛ بالنظر إلى تاريخ طويل من الشد والجذب بين المعارضة والنظام الحاكم، الذي عززته مطالب داخلية وتدخلات خارجية. وتقع الجزيرة اليوم على خط الانقسام الطائفي، في بلد متنوع الأديان والطوائف. بدوره، رأى الباحث الإماراتي عمر عبدالرحمن الحمادي أن تحوّلاً إيجابياً حدث في الإمارات، ففي السابق كان بعض الخطباء يشطحون في خطبهم باتجاه نشر الكراهية وعدم التسامح مع أصحاب المعتقدات الأخرى. وكان المصلون في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة، يسمعون بعض الجمل والأدعية التي تنتقص من بعض الأديان السماوية، من مثل الدعاء على اليهود والنصارى بالموت وتجميد الدماء في عروقهم، ونعتهم بأنهم إخوان القردة والخنازير… إلخ، لكن في الآونة الأخيرة وضعت هيئة الأوقاف حداً لتلك الخطب الارتجالية العاطفية. وفي الشأن الإماراتي ذاته، بينت رئيس قسم التاريخ في جامعة الإمارات العربية المتحدة فاطمة الصايغ أنه «على رغم أن الغالبية الكبرى من سكان الإمارات ينتمون للمذاهب السنية على اختلاف أطيافها، فإنه وجدت أيضاً، ومنذ القرن الـ18 جالية عربية شيعية مارست شعائرها بكل يسر وسهولة».
أما الباحث السعودي حسن المصطفى، وفي ملف الرصد لهذا العدد، الذي خصص لـ«التعددية في السعودية»، فأشار إلى أنه في السعودية، وعلى رغم بروز «السلفية» كمذهب يُشكل ملامح التدين، وحتى السياسة في المملكة، فإن هناك حضوراً للمذاهب السنية بمدارسها الأربع: الحنابلة، والأحناف، والمالكية، والشافعية، يضاف إليهم المسلمون الشيعة، بثلاثة مذاهب رئيسة: الاثنا عشرية، والإسماعيلية، والزيدية. أي أن هنالك 7 مذاهب إسلامية في السعودية، ويتبع سكان المملكة أحكامها الفقهية ورؤيتها العقدية.
الكتاب ضم أيضاً بحثاً يشرح «خريطة الجماعات الدينية والمذاهب في السعودية، وبالتعددية المذهبية الفقهية»، أعده الباحث فهد الشقيران.
وقدم الباحث الفلسطيني محمد أبوالرب قراءة في كتاب المسبار «التنوع العرقي والمذهبي في الخليج: بين الواقع والتوظيف». وترافقت القراءة مع تعقيب على الدراسات المدرجة فيه. ومن المواضيع التي ركز عليها الباحثون المشاركون، حال «الاستقطاب السياسي والإقليمي والثقافي» في اليمن، للباحث الفرنسي فرانك ميرميه. وبحث آخر بعنوان: «سياسة التمييز الإيجابي والكوتا النيابية: إدارة التنوع الثقافي»، أعده الباحث حسام الدين علي مجيد.