علي محمد علي صبرة [1]
أحمد النغيثر[2]
لقي انتشار المسيحية في الجزيرة العربية صعوبات جمة في القرون الثلاثة الأولى للميلاد، لمعارضة الوثنيين من جهة وعلى رأسهم أباطرة روما، والعبرانيين (اليهود) من جهة أخرى، وقد ساح أحد معلمي الإسكندرية واسمه «أوريجان» واعظاً ومبشراً، وكان من جملة من وعظهم أحد أمراء العرب. ونتيجة إصدار مرسوم إمبراطوري من قسطنطين الكبير (عام 313) استتب الأمن والسلام للمسيحية، وانتشرت بين العرب الغساسنة في بلاد الشام وفي الشمال الشرقي من الجزيرة العربية، وتحول الكثير من عرب الحيرة إلى المسيحية.
في القرنين الرابع والخامس للميلاد امتدت جذور المسيحية إلى أقصى جنوبي غرب الجزيرة، إلى اليمن، ونجح تيوفل الهندي أن يُنَصِّر رئيس القبيلة على الطريقة الآريوسية. واستطاع الرهبان تنصير الكثير من القبائل العربية البدوية، بالإضافة إلى دور رهبان جبل سيناء وما قاموا به من تبشير عدد من القبائل العربية. والناسك «سمعان العمودي» (Simeon Stylites) ناسك حلب نصر الكثيرين من أهل حلب.
بدأت المسيحية تتسرب من الشمال والجنوب الغربي إلى أواسط الجزيرة العربية عن طريق المبشرين والتجار النصارى. وفي منتصف القرن السادس كانت مدينة يثرب ومكة يسكنها بعض المسيحيين، وكان في مدينة الطائف نفر من الموالي النصارى منهم «عداس» النينوي الأصل، والذي كان مملوكاً لعتبة بن ربيعة، أما اليمامة والتي عدها ياقوت الحموي من نجد، فقد دخلتها المسيحية ووصلت إلى حكامها، وهكذا انتقل الإيمان بالمسيحية إلى جزيرة العرب. ويخبرنا ابن هشام: أن عاقب نجران في منتصف القرن السادس الميلادي هو «عبدالمسيح» رجل من كندة[3]، وسيد نجران «الأيهم»، والأسقف هو «ابن حارث» أحد بني بكر بن وائل[4]، كانوا من أعلام المسيحية.
كان لوجود المسيحيين والاتصال بالعرب ما ترك بصماته في عرب الجاهلية، في الفكر واللغة والعقيدة وفي الخلفية الاجتماعية والفنية أيضاً. وسوف نلقي مزيداً من الضوء على حكام الممالك العربية وأعلامها المسيحيين في شمال الجزيرة العربية ووسطها في تلك الفترة خلال القرون: الرابع والخامس والسادس الميلادية ودورهم الديني والسياسي والاجتماعي.
الأديرة وانتشار المسيحية في الجزيرة العربية
لعبت الأديرة دوراً مهماً في تعريف التجار العرب والأعراب بالمسيحية، وفي نشر المسيحية والتعريف بها، حيث وجد التجار في الأديرة ملاجئ يرتاحون فيها، وما ذكر عنهم أنهم كانوا يأخذون المصابيح بأيديهم لهداية القوافل في ظلمات الليل[5]. وأصبحت الحركة الرهبانية أهم الأسباب والعوامل التي «حملت المسيحية إلى الجزيرة العربية بل ومكة ذاتها»[6].
كانت الأديرة بيوت العبادة والانقطاع للتعبد، ولقد انتشرت في مواطن قصية من البوادي، ونشطت في نشر الدعوة، ونجد لها ذكراً في الحجاز ونجد والجزيرة العربية وشرقيها، وذكر بن قتيبة الدينوري: «أن النصرانية كانت في ربيعة وغسان وبعضهم قضاعة»[7].
ونجد بعض المفكرين يتحدثون عن دور الأديرة في نشر المسيحية بين العرب: «كان لا بد لكل آتٍ من الشام أو راجع منها أن يمر بها لبعض الوقت، يقضيه بضيافتهم في جو من التعبئة النفسية والتثقيف النصراني (…) ولا يسعنا إلاّ الاعتراف بأنه كان للرهبان فضل كبير بتحويل أولئك الشباب عن عبادة الأصنام إلى عبادة قوة أخرى»[8].
المسيحية في وسط الجزيرة العربية وشمالها
دخلت المسيحية وسط الجزيرة العربية، قبل القرن السادس، كما تدل على ذلك الأبنية التي بناها النصارى هناك. وقد كان لبني المرار الكنديين سيطرة على مناطق وسط الجزيرة العربية أي نجد واليمامة. وقد ساهم هؤلاء الكنديون في نشر المسيحية بعد اعتناقهم إياها. ولعل نقش دير هند الكبرى الذي بنته هند بنت الحارث الكندية (أم عمرو بن هند) أكبر دليل على انتشار المسيحية بين عرب كندة، حيث كانت تفخر بكونها «أمة المسيح وأم عبده». وقد تنصرت كذلك بطون من قبائل طي وغطفان وحنيفة وغيرهم. وكانت المسيحية قد دخلت اليمامة من الشمال عبر نجد، ولكن لم يقم أي تنظيم كنسي بين عرب نجد واليمامة.
المسيحية في نجد
مملكة كندة والمسيحية
مملكة عربية قديمة في إقليم نجد، قبيلة قحطانية قديمة يعود ذكرها في نصوص خط المسند للقرن الثاني ق.م عُرفت هذه القبيلة باسم «كندة الملوك»، قامت مملكة كندة الأولى في القرن الرابع قبل الميلاد، وسقطت في أوائل القرن الرابع بعد الميلاد، وكانت عاصمتها قرية ذات الكهل (الفاو حاليا) قامت كندة الثانية في الفترة (480-529) وسقطت هذه المملكة بعد تدمير المناذرة لها، ولكن ظلت بعض الأماكن بيد ملوك من كندة حتى ظهور الإسلام، حكمت معظم نجد والجزء الشمالي من شبة الجزيرة منها غمر ذي كندة ودومة الجندل.
ملوك كندة المسيحيون في نجد بين 425–528
قامت مملكة كندة في نجد وكانت مستعمرة سبئية، وكانوا وثنيين وأكبر آلهتهم الإله «كاهل» وكان جزء منهم في جيش يوسف أسأر الحِميَري خلال حملات الأخير ضد المسيحيين في اليمن في القرن السادس الميلادي.
قامت مملكة كِندّة في نجد وبادية الحجاز وانتزعت ملك البحرين من المناذرة في ما عُرف بالعصر الجاهلي، يعود ذكرها إلى القرن الثاني ق.م على أقل تقدير، ولعبت دوراً مفصلياً في تاريخ الجزيرة العربية وخصوصاً في اليمن وعبر العصور التي تلته. ذكرتهم نصوص المسند باسم «كندت» و«آل ثور» وأقاموا أول مملكة لهم في قرية الفاو، فأقامت كندة مملكة تابعة لمملكة سبأ في وسط الجزيرة العربية.
ويتضح من المعلومات المتوافرة عن القبائل العربية بنجد أن بني آكل المرار الكنديين النصارى، قاموا بدور تبشيري مهم بوسط شبه الجزيرة العربية وشمالها، خلال فترة سيطرتهم على هذه المناطق من منتصف القرن الخامس إلى منتصف القرن السادس. ومن شواهد تنصر بني آكل المرار الكتابة التي وضعتها هند الكبرى بنت الحارث الكندية في صدر ديرها؛ حيث تفتخر بكونها أمة المسيح وأم عبده (عمرو بن هند) وبنت عبيدة (الحارث بن عمرو بن حجر، ملوك كندة)[9].
المسيحية في طي
تشهد المصادر العربية على تنصر أحياء من طي طبقاً لما ذكره اليعقوبي[10] في تاريخه إذ قال: تنصرت من أحياء العرب طي[11]. كما أوضح الجاحظ في رسالته الرد على النصارى قائلاً: «كانت النصرانية غالبة على ملوك العرب وقبائلها (…) وطي في قبائل كثيرة أحياء معروفة»[12].
وكان عدي بن حاتم سيد طي من جملة الداخلين في المسيحية، وهذا لا يعني أن المسيحية كانت غالبة في جبلي أجأ وسلمى، إذ كان الطائيون في هذين الجبلين معروفين بعبادتهم للصنم الفلس[13].
المسيحية في اليمامة
عدها ياقوت الحموي من نجد وسماها جواً، ويرى دوشاسن أن الحملات التبشيرية إلى نجد وصلت في فترة متأخرة ليست قبل القرن السادس[14]. والوجود المسيحي في اليمامة دخلها انطلاقاً من الشمال، مروراً بنجد لصعوبة التنقل بين السواحل الشرقية لوجود حواجز طبيعية تتمثل في عروق صخرية تتخللها كثبان رملية جرداء، تجعل التنقل بين الجهتين صعباً للغاية[15].
وقام الكنديون بدور المبشرين للديانة المسيحية باليمامة، حتى دخلتها النصرانية[16]، ووصلت إلى حكّامها، ونستدل من شعر للأعشى يمدح فيه حاكمها (هوذة بن علي) الذي منّ على الشاعر ففك وثاق قوم من تميم يوم الفصح تقرباً لإلهه[17]:
بهم تَقرَّبَ يومَ الفِصْح ضاحيةً يَرجو الإِلَهَ بِما سَدّى وَما صَنَعا
ونجد أن انتشار المسيحية في وسط الجزيرة العربية كان عن طريق اعتناء كندة واهتمامهم بنشر المسيحية داخل بلادهم، وأن المذهب الذي تم نشره هو النسطورية طبقاً لما جاء على لسان الهاشمي في رسالته إلى عبدالمسيح بن إسحق الكندي، التي أشار فيها إلى عراقة نصرانية كندة. هذه المعتقدات التي انتقلت من الكنيسة النسطورية العراقية والكنائس السورية اليعقوبية والملكانية بواسطة أساقفة الخيام أو أساقفة المضارب الذين وجدوا من مدن شمال الحجاز ووسطه بيئات آمنة لنشر الطقوس المسيحية بين القبائل العربية الوثنية[18].
المسيحية في الحجاز
تؤكد المصادر الإسلامية انتشار المسيحية في قلب الجزيرة بيد تلميذ المسيح برثلماوس، أو ابن ثلماء كما يسميه البعض. يقول ابن خلدون: إن برثلماوس بُعث إلى الحجاز، وفي السيرة لابن هشام: «قال ابن إسحق: وكان من بعث عيسى ابن مريم (عليه السلا) من الحواريين والأتباع… وابن ثلماء إلى الأعرابية، وهي أرض الحجاز». وعن المقريزي، أن متَّى العشار: «سار إلى فلسطين، وصور، وصيدا، وبصرى»[19].
ورد في كتاب أعمال الرسل أنه في يوم العنصرة كان يوجد في مدينة أورشليم عرب…[20]، وهؤلاء العرب كانوا إما يهودا أو مهتدين جدداً من أصل عربي. وانتشرت المسيحية في شرق الحجاز وهضبة نجد، في دومة الجندل، ومعان، وتيماء، وتبوك، وفي كل وادي القرى بين الشام والمدينة، المنطقة التي سكنتها قبائل قضاعة وكان فيها قوم من الرهبان ذكرهم الشاعر جفر بن سراقة:
فريقانِ رُهْبَانٌ بأسفَلِ ذي القُرَى وبالشام عَرَّافون فيمن تنَصَّرَا [21]
وقد نشر المسيحية في بادئ الأمر مسيحيون غير عرب قدموا من بلاد ما بين النهرين والشام، ثم قامت بعض قبائل العرب المبشرين بالمساهمة في نشر المسيحية في وسط الجزيرة وشمالها مثل بني آكل المرار من قبيلة كندة[22].
ندرك أن التبشير المسيحي في الحجاز كان غائباً. وأن المسيحيين هناك كانوا من الأجانب، أما مسيحيو أهل البلاد فكانوا حالات نادرة، وكان وجود بعض المسيحيين من بني كلب في تبوك. وكانت إشارات القرآن الكريم إلى النصارى، إشارات عامة تتحدث عن طبيعة المسيح والمسيحية لا عن نصارى يثرب بالذات. ومما يدل على الحضور الضعيف للنصارى في الحجاز أن أهل السير لم يشيروا إلى مقاومة نصارى يثرب للرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) كما فعل اليهود. وعلى الرغم من وجود الرهبان والأديرة في وادي القرى وعلى طول الطرق المؤدية إلى الشام، ظل الحجاز خالياً من أي حضور لنظام ديني مسيحي ولأسقفيات. وهكذا على الرغم من الحضور المسيحي واليهودي في الجزيرة العربية، يرى جون سبنسر ترمنغهام (John Spencer Trimingham) أن الوثنية ظلت هي المعتقد الغالب على السكان هناك[23].
تطبعت المسيحية في الحجاز بطبيعة البادية، وأصبح للعرب أساقفة يرحلون معهم سموهم «أساقفة المضارب». واشترك بعضهم بالمجامع الكنسية ووقعوا على أعمالها بهذه الألقاب «فلان أسقف أهل الوبر»، و«فلان أسقف القبائل الشرقية المتحالفة». وقد ذكر المؤرخ سوزمنوس منذ القرن الرابع «أن في بعض قرى العرب أساقفة»[24]. ونجد بمحيط مدن يثرب وخيبر والطائف وفدك وتيماء، وعلى طول الطريق التجاري المؤدي إلى الشام رهباناً نصارى وأديرة، وبرز من بينهم رهبان بني عذرة، وعلى الرغم من ذلك فإن المسيحية لم تكن ممثلة تمثيلاً مهماً من حيث العدد ومن حيث التنظيم[25].
هكذا أصبحت النصرانية معروفة، قبل دخول الإسلام، في كل جزيرة العرب، وكان أمراؤهم يحكمون مواضع كثيرة من أرض الحجاز[26]، ويذكر ابن هشام أن زعيم تميم واسمه الزبرقان بن بدر كان يتفاخر بكثرة بناء قبيلته للكنائس. ومن تميم أيضاً أسقف مسيحي يدعى محمد بن سفيان بن مجاشع، هو أحد الثلاثة الذين سمّوا محمداً قبل مولد الرسول العربي، وتقول المصادر الإسلامية: إن تسميتهم جاءت بناءً على نبوءة أحد الرهبان بمبعث رسول الإسلام[27].
المسيحية في مكة
كان هناك تجار مسيحيون يترددون على حوانيت مكة وتهامة، وعدد من العبيد وبائعي النبيذ يسكنون في مكة بطريقة مؤقتة، أو يمرون في عاصمة تهامة، أو جاؤوا للخدمة وللقيام بالأعمال اللازمة لسراة مكة، وكان بعضهم على علم بالقراءة والكتابة، وقاموا بتنصير بعض من أهل مكة، ولقد كانت مكة عند ظهور الإسلام تحتوي على عدد كبير من العبيد، من جملتهم الأحباش النصارى[28].
أقر هنري لامنس في بحثه عن جذور المسيحية في مكة، بأن العدد الكبير للمسيحيين فيها ليسوا سوى أجانب من عرب الحيرة ونجران وأحباش وعبيد أفارقة[29]. أما المسيحيون من أهالي مكة فهم حالات نادرة على الرغم من إشارة اليعقوبي إلى وجود النصرانية بين قريش إذ قال: «أما من تنصر من أحياء العرب فقوم من قريش» ولكنه لا يذكر سوى اثنين فقط من القريشيين هما: ورقة بن نوفل، وعثمان بن الحويرث[30].
وورد في الأخبار أن بعض الرهبان والشمامسة جاءت إلى مكة. وقد كان بينهم من يقوم بالتطبيب[31].
من مشاهير العرب المسيحيين في أواخر العصر الجاهلي وبداية ظهور الإسلام «قس بن ساعدة»، الذي يعد من أشهر الخطباء في زمانه، والذي كان يعظ في سوق عكاظ قرب مكة[32].
هبت على مكة رياح فكرية من الشام تحمل الديانة المسيحية، التي انتشرت في أنحاء مكة، حتى إنها استطاعت أن تصل إلى جوف الكعبة ذاتها[33]، بعد أن اعتنقها بعض من بطون قريش[34]، وورقة هذا كان ابن عم السيدة خديجة (رضى الله عنها) زوجة سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وقد أصبح ورقة قساً ثم أسقفاً[35] على شيعة النصارى الأيونيين[36]. ومن أشعاره[37]:
أدِينُ لربٍّ يستجيبُ ولا أرى أدين لمَنْ لا يسمع الدهر واعياً
أَقُولُ إِذَا صَلَّيْتُ فِي كُلِّ بَيْعَةٍ تَبَارَكْتَ قَدْ أَكْثَرْتُ بِاسْمِكَ دَاعِيًا
يذكر أن أهل مكة لما جددوا بناء الكعبة، رسموا على جدرانها صور الملائكة، والأنبياء، مع صور المسيح وأمه. وعند فتح مكّة، أمر سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) بطمس تلك الصور، لكنه وضع كفيه على صورة عيسى ابن مريم وأمه وقال: «امحوا جميع الصور إلا ما تحت يدي»[38]. حيث سجلت تلك الواقعة في بيت شعري لعدي بن زيد يقول فيه:
سَعى الأَعداءُ لا يَألونَ شَرّاً عَلَيكَ وَرَبِّ مَكَّةَ وَالصَليبِ
أن البيت المقصود به الكعبة وقد كانوا يحّجون إليها ويقدسونها. ولذا أقسم بها عدي، وأقسم بها الأعشى قائلا:[39]
حلفتُ بثَوْبَيْ راهب الدير والتي بناها قصيٌّ والمُضَاضُ بن جُرْهُمِ
وقصي بن كلاب هو أول من جدَّد بناء الكعبة من قريش. وعن وهب بن منبه قال: «بناها إبراهيم (عليه السلام) ثم العمالقة ثم جرهم ثم قصي بن كلاب»[40].
المسيحية في الطائف
كان فيها نفر من الموالي النصارى منهم عداس النينوي الأصل، كان مملوكاً لعتبة بن ربيعة[41].
المسيحية في يثرب
وجد في يثرب جماعات مسيحية نزحت إليها إما للتجارة أو للتبشير، أو جماعات من الرقيق والموالي يقومون بخدمة ساداتهم، وهذا مما يفهم من قول الشاعر حسان بن ثابت في قصيدة رثى بها النبي (صلى الله عليه وسلم):
فرِحتْ نصارى يَثربٍ ويهودُها لمّا تَوَارَى في الضَريحِ المُلحَدِ [42]
وتوثق الكنيسة النسطورية أنهم أقاموا مطراناً في يثرب وبنوا فيها ثلاث كنائس بأسماء الأنبياء (إبراهيم الخليل وموسى الكليم وأيوب الصديق)، وكان الكثير من قبيلتي الأوس والخزرج في يثرب مسيحيين ينتسبون إلى الحارث بن ثعلبة من بني غسان[43].
المسيحية في دومة الجندل
تذكر المصادر الإسلامية أن الأكيدر بن عبدالملك السكوني الكندي ملك دومة الجندل كان نصرانياً، وأغلبية سكان دومة الجندل أهلها من بني السكون ومن بني كلب يدينون بالنصرانية وينتمون إلى قبائل قيدار الإسماعيلية وقبيلة سبأ وقبيلة كلب من قبائل قضاعة وهي من أثبت القبائل النصرانية، وكان النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) قد تصالح معها على الجزية بعد أن فتحها خالد بن الوليد[44].
المسيحية في أيله (العقبة)
وكان لمدينة أيله (العقبة) «آخر بلاد الحجاز» شمالاً أسقف اسمه يوحنا بن رؤبة، لقب بأسقف أيله[45]. وكانت أيله نصرانية، ويذكر أن «يوحنا بن رؤبة كان أسقف أيله وأنه قدم لسيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) وهو في تبوك فصالحه على أن لكل حالم بها ديناراً في السنة»[46].
ونذكر من بين أعلام وملوك ورؤساء القبائل العرب المسيحيين:
أكيدر دومة الجندل: تذكر أمهات الكتب الإسلامية أن الأكيدر ملك دومة الجندل كان نصرانياً، ومعظم سكان دومة الجندل ينتمون إلى قبائل قيدار الإسماعيلية وقبيلة سبأ وقبيلة كلب من قضاعة[47]. كان عليها أسقف. قال ابن هشام في حديثه عن غزوة تبوك: «ثم إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دعا خالد بن الوليد فبعثه إلى أكيدر دومة. وهو أكيدر بن عبدالملك. رجل من كندة، وكان ملكاً عليها، وكان نصرانياً»[48]، وكان النبي قد تصالح معه على الجزية بعد أن فتحها خالد[49].
هانئ بن قبيصة بن هانئ بن مسعود الشيباني: كان على النصرانية وهو من سادات بنى شيبان ومات على هذا الدين، أحد الشجعان الفصحاء في أواخر القرن الجاهلي، كان سيد بني شيبان. قيل: أدرك هانئ الإسلام ومات بالكوفة، ولكن لم يصح ذلك، قال المصرفي: (هو) «جاهلي لم يدرك الإسلام، وإنما المتوفى بالكوفة هانئ بن العروة»[50].
ذكر الأصفهاني في كتابه «الأغاني» أنه حدث في زمن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)[51]، وقع فيه القتال بين العرب والفرس في العراق وانتصر فيه العرب. وكان سببه أن كسرى أبرويز غضب على النعمان بن المنذر ملك الحيرة، وقد أوغر صدره عليه زيد بن عدي العباديّ لأنه قتل أباه عدي بن زيد، فلجأ النعمان إلى هانئ بن مسعود الشيباني فاستودعه أهله وماله وسلاحه، ثم عاد فاستسلم لكسرى، فسجنه ثم قتله. وأرسل كسرى إلى هانئ بن مسعود يطلب إليه تسليمه وديعة النعمان، فأبى هانئ دفعها إليه دفعاً للمذمة، فغضب كسرى على بني شيبان وعزم على استئصالهم، فجهّز لذلك جيشاً ضخماً من الأساورة الفرس يقودهم الهامرز وجلابزين، ومن قبائل العرب الموالية له، من تغلب والنمر بن قاسط وقضاعة وإياد[52]، وولي قيادة هذه القبائل إياس بن قبيصة الطائي، وبعث معهم كتيبتيه الشهباء والدوسر[53]. فلما بلغ النبأ بني شيبان استجاروا بقبائل بكر بن وائل، فوافتهم طوائف منهم، واستشاروا في أمرهم حنظلة بن سيّار العجلي، واستقر رأيهم على البروز إلى بطحاء ذي قار، وهو ماء لبكر بن وائل قريب من موضع الكوفة[54].
كليب بن ربيعة التغلبي: ولد عام 440، وتوفي عام 494 حسب الكتب التاريخية، وهو شقيق المهلهل عدي بن ربيعة التغلبي (الزير سالم)، وأول من ملك قومه تغلب وبكر أبناء وائل وبعضاً من قبائل ربيعة من العدنانيين، ولقب بملك العرب ولفظ «الملك» لم يكن معروفاً بالعرب إلا قليلاً، وبعهده استطاعت العرب العدنانية حكم مناطقها في الجزيرة العربية، بعيداً عن السيطرة القحطانية التي كانت سائدة في الجزيرة العربية.
تزوج كليب جليلة بنت مرة بن ذهل بن شيبان، وكان كليب من خيرة فرسان بلاد العرب وكان ذكياً وقوياً، واستطاع النهوض بقبائل معد التي تعود لعدنان أو العرب العدنانية، وهي القبائل الأكبر من عدنان. ذلك بعد أن سيطرت القبائل القحطانية على العرب سنين عديدة، وبعد هزيمة مذحج القحطانية من قبل قبائل معد بقيادة كليب استطاعت معد مقاسمة السيطرة على بعض أجزاء الجزيرة. وحين فض كليب جموع مذحج في خزاز -وهو اسم لجبل ما زال يعرف باسم خزاز في نجد- وهزمهم فاجتمعت عليه معد كلها، وجعلوا له قسم الملك وتاجه وطاعته، ثم بغى على قومه لما هو فيه من عزة وانقياد معدّ له، وكان ينزل القوم منازلهم ويرحلهم، فضرب به المثل في العز فقيل: أعز من كليب وائل. وكانت ديانته المسيحية.
حاتم الطائي: هو حاتم بن عبدالله بن سعد بن طي، يقال (أجود من حاتم)، حيث اشتهر بالجود والكرم، كما عرف حاتم بشعره البليغ والمتقن[55]، ولد حاتم الطائي وتوفي في الفترة التي سبقت انتشار الدين الإسلامي، فيعتقد أنه يعتنق الديانة المسيحية، وقد أعلن أبناؤه عدي وسفانة إسلامهما[56].
الثابت أنّ حاتم الطائي لم يسلم، وذلك استدلالاً لحديث الرسول مع سفانة ابنة حاتم الطائي، حيث روى عديّ بن حاتم عن الرسول (عليه الصلاة والسلام)، حيث قال: يا رسولَ اللهِ إنَّ أبي كان يصِلُ الرَّحِمَ وكان يفعَلُ ويفعَلُ قال: إنَّ أباك أراد أمرًا فأدرَكه -يعني الذِّكْرَ.
استقر حاتم الطائي في بلاد الجبلين أجا وسلمى، وهذه البلاد تسمى في الوقت الحاضر بمنطقة حائل، الموجودة في الجهة الشمالية من المملكة العربية السعودية، ويوجد له في هذه المنطقة العديد من البقايا التي تعود للقصر الخاص به، وللقبر الذي دفن فيه، بالإضافة إلى موقدته المشهورة في منطقة توران.
حيث ذُكِرَ أنّه توفي عام ثمانية للهجرة ولكنه قول غير دقيق؛ أمّا الرأي الأقرب إلى الصواب فهو أنّ حاتم عاش حتّى ولادة رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) وتوفي قبل البعثة النبويّة الشريفة؛ أي قبل عام 610 للميلاد، ودفن بحائل[57].
الحارث بن كلدة (طبيب العرب): كان من الطائف وسافر في البلاد وتعلم الطب بناحية فارس[58]، وتمرن هناك وعرف الداء والدواء[59]، وبقي أيام رسول اللَّه (صلى الله علية وسلم) وأيام أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان (رضي اللَّه عنهم) وكان طبيب العرب.
يروى عن سعد بن أبي وقاص (رضي اللَّه عنه) أنه مرض بمكة مرضاً فعاده رسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم) فقال: ادعوا له الحارث بن كلدة، فإنه رجل يتطبب، فلما عاده الحارث نظر إليه وقال: ليس عليه بأس، اتخذوا له فريقة بشيء من تمر عجوة وحلبة يطبخان فتحسّاها فبرئ[60]. وكانت للحارث معالجات كثيرة ومعرفة بما كانت العرب تعتاده وتحتاج إليه من المداواة. والحارث بن كلدة الثقفي له العديد من الكتب منها: كتاب المحاورة في الطب بينه وبين كسرى أنوشروان، كانت وفاة الحارث بن كلدة بسبب السم، وأقرب ما جاء في سبب وفاته أنه مات مسموماً[61]، فقد روى ابن جرير الطبري والحاكم وابن سعد في سبب وفاة أبي بكر الصديق أول الخلفاء الراشدين، أهدي لأبي بكر طعام مسموم فأكل منه هو والحارث بن كلدة فماتا بعد سنة بسببه[62].
أعلام الشعراء العرب المسيحيين
ليس من يعلم يقينا كيف ومتى نشأت اللغة العربية، ولا يوجد ما يرصد بالتحديد تطورها إلى ما هي عليه اليوم. ويقول بروكلمان: «يبدو أن أوائل علم اللغة العربية ستبقى دائماً محاطة بالغموض والظلام، لأنه لا يكاد ينتظر أن يكشف النقاب بعد عن مصادر جديدة تعين على بحثها ومعرفتها[63].
أثرى الشعراء المسيحيون آداب ولغة العرب بتعبيرات لم يسبقهم إليها أحد، ومنهم من لمع وأضحى بطلاً لروايات أدبية اشتهرت في المشرق كافة. وقد تركت قصائد بعضهم أثراً بالغاً في التاريخ العربي، إذ حملت إشارات إلى حوادث ونزاعات سياسية وحروب قبلية، وسوف نتناول بعضهم[64]:
امرؤ القيس: بن جحر بن الحارث بن عمرو المقصور، من أشهر شعراء العرب المسيحيين قبل الإسلام، تعلم الشعر على يد خاله المهلهل وتفوق في زمانه على سائر الشعراء واشتهر بمعلقته[65]:
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُول فَحَوْمَلِ
فَتُوْضِحَ فَالمِقْراةِ لمْ يَعْفُ رَسْمُها لِمَا نَسَجَتْهَــــا مِنْ جَنُوبٍ وشَمْـــــألِ
عدي بن زيد العبادي: أول من كتب بالعربية في ديوان كسرى ملك الفرس. «المقدم على جميع شعراء الحيرة… كان نصرانياً هو وأهله»[66] يقول الجاحظ: «سأنشدك لعدي بن زيد، وكان نصرانياً دياناً، وتَرجماناً، وصاحب كتب، وكان من دهاة أَهل ذلك الدهر» ثم يذكر له أبياتاً فيها مختصر خلق الله لآدم، فيقول[67]:
قَضَى لِسِتَّةِ أَيَّــــــــــامٍ خَلِيقَتَهُ وَكَــــانَ آخِرَهَــــــا أَنْ صَوَّرَ الرَّجُلَ
دَعَــاهُ آدمَ صَـوتاً فَاستَجـــَابَ لَهُ بِنَفـخَةِ الرُّوحِ فِي الجِسمِ الَّذِي جَبَــلا
ثُّمَــتَ أَورَثَـهُ الفِــردَوسَ يَعمُــرُهَا وَزَوجَـهُ صَنعَـةً مِن ضِلعِهِ جَعَــــلا
لَمْ يَنْهَهُ رَبُّهُ عَنْ غَيْرِ وَاحِـــــــدَةٍ مِنْ شَجَرٍ طَيِّبٍ: أَنْ شَمَّ أَوْ أَكَلَا
زهير بن أبي سلمى المزني: وهو أحد الثلاثة المقدمين على سائر الشعراء، وهم امرؤ القيس وزهير والنابغة. اشتهر زهير بأنه بعيد عن السخف ولا يمدح أحداً إلا بما كان فيه.
النابغة الذُبياني: واسمهُ زياد بن معاوية، وهو من الطبقة الأولى المقدمين على سائر الشعراء. قيل فيه: «أشعر شعراء قومه وأشعر الناس وأشعر العرب».
الحارث بن عوف بن ضب: تميز شعره بمفردات صعبة زادت من غنى معاجم اللغة، كقوله:
كالأسوَد الحبَشيِ الحمش يتبعهُ سود طماطم في آذانها النطُف
هاب هبــــل مدل يعمــــل هـــــزج طفطافُهُ ذو عفاء نِقنق جنف
عبد يَغوث: بن صلاءة بن الحارث بن وقّاص، أسر في معركة مع بني تميم، ولما هموا بقتله قال قصيدة فيها يطلب إطلاق سراحه معللا أنه لم يقتل فارسهم النعمان بن جساس، يقول فيها:
أَقُولُ وقد شَدُّوا لســــــــانِي بِنِسْعَةٍ أَمَعْشَرَ تَيْمٍ أَطْلِقُوا عن لِسَانِيَا
أَمَعشَرَ تَيمٍ قَد مَلَكتُم فَأَسجِحـوا فَإِنَّ أَخاكُم لَم يَكُن مِن بَوائِيا
فَإِن تَقتُلوني تَقتُلـــــــــــوا بِيَ سَيِّداً وَإِن تُطلِقوني تَحرُبوني بِمالِيا
يقول عنه الجاحظ: «وليس في الأرض أعجب من طرفة بن العبد وعبد يغوث، وذلك أنه إذا قسنا جودة أشعارهما في وقت إحاطة الموت بهما، لم تكن دون سائر أشعارهما في حال الأمن والرفاهية».
دريد بن الصمة: واسمه معاوية بن الحارث. كان فارساً شجاعاً، سيد بني جشم وفارسهم وقائدهم، وأدرك الإسلام فلم يسلم.
أعشى قَيس المعروف بالأعشى الأكبر: هو ميمون بن جَنْدل بن شراحيل، من نصارى اليمامة. اشتهر بمعلقته «ودع هريرةَ إن الركب مرتحل». قالوا: «أشعر الشعراء أربعة: زهير إذا طرب، والنابغة إذا رهب، والأعشى إذا غضب، وعنترة إذا كلب[68]. وقد ذهب كاسكل (Caskel) إلى أن الأعشى كان نصرانياً، وذهب الأب شيخو هذا المذهب أيضاً، وأجاز بروكلمان تنصره، ولكن في الغالب الأعم أنه لم يكن متعمقاً في النصرانية[69].
عمرو بن قميئَة بن ذريج: سيرته فيها الكثير من الشبه بقصة يوسف. مات أبوه وتركه صغيراً فاحتضنه عمه ابن سعد وكان يحبه حباً شديداً. ولما راودته يوما امرأة عمه عن نفسه أبى وخرج من عندها، ثم هرب إلى الحيرة خوفاً على حياته، إذ كانت قد وشت به إلى زوجها. وبعد زمن طويل غفر عمرو لمضطهديه ظلمهم.
الحسن بن وهب بن سعيد: كاتب شاعر مترسل فصيح أديب.. ولأولاده نجابة مشهورة، وكانوا يقولون: إنهم من بني الحارث بن كعب، وأصلهم نصارى[70].
حنظلة بن أبي عفراء الطائي، بن النعمان بن الحارث: يقال: لما ضاق حاله يوما ذهب إلى الحيرة ليطلب عون المنذر. فصدف وصوله يوم بؤس الملك. ويروي ياقوت الحموي: «قال له المنذر: لا بد من قتلك فسل حاجتك تُقض لك قبل موتك فقال: تؤجلني سنة أرجع فيها إلى أهلي فأحكم فيهم بما أريد ثم أسير إليك فينفذ في أمرك». فقام في المجلس رجل يقال له: شريك بن عمرو وكفل حنظلة. ولما قرب اليوم وحنظلة لم يزل غائباً قال المنذر لشريك: «ما أراك إلا هالكاً غداً فداء لحنظلة». فقال شريك، وقوله صار مثلا يضرب:
فإنْ يكُ صدرُ هذا اليومِ ولَّى فإنَّ غداً لِناظرِهِ قريبُ
لكن قبل أن يُقتل شريك قدم حنظلة، وإذ رأى المنذر ذلك فعجب من ولائه، فأطلقهما.
البرّاق أبو النصر: وهو تغلبي من قرابة المهلهل. كان في صغره يتبع رعاة الإبل ويحلب اللبن، ويُؤتي به إلى راهب حول المراعي فيتعلّم منه تلاوة الإنجيل. أحب البراق ليلى ابنة عمه، وكانت هي الأخرى شاعرة مسيحية تامة الحسن كثيرة الأدب[71]. أسرها ابن لكسرى ملك العجم ونقلها إلى فارس، فبقيت هناك أسيرة متعففة لا ترضى بزواج إلى أن انتزعها البراق من يد غاصبيها واستحق أن يتزوج بها. ولهذا سميت «ليلى العفيفة».
عنترة بن شداد العبسي: الذي اشتهر بشجاعته وحبه لابنة عمه عبلة. كانت العرب كثيراً ما تعيره بالسواد لكنه كان يرد بالشعر الرائع:
لئن أكُ أسوداً فالمسكُ لوني ومَا لِسوادِ جِلدي منْ دواء
وَلَكِنْ تَبْعُدُ الفَحْشاءُ عَنــــي كَبُعْدِ الأَرْضِ عَنْ جوِّ السَّماء
قس بن ساعدة بن عمرو بن عدي: خطيب العرب وشاعرها وحليمها. أول من قال في كلامه: «أما بعد»، وأول من قال: «البيّنة على المدعي»، و«اليمين على من أنكر» و«من فلان إلى فلان». أورد له ابن كثير الأبيات:
يا ناعِيَ المَوتِ وَالمَلحودُ في جَدَثٍ عَلَيهِمِ مِن بَقايا خَزِّهِم خِرَقُ
دَعهُم فَإِنَّ لَهُم يَوماً يُصاحُ بِهِم فَهُم إِذا اِنتَبَهوا مِن نَومِهِم فُرُقُ
حَتّى يَعودوا بِحالٍ غَيرِ حـــــــالِهِم خَلقاً جَديداً كَما مِن قَبلِها خُلِقوا
مِنهُم عُراةٌ وَمِنهُم في ثِيابِهِم مِنها الجَديدُ وِمِنها المَنهَجُ الخَلَقُ
قيس بن زهير بن جذيمة بن رواحة العبسي: يُضرب به المثل، فيُقال: «أدهى من قيس» وكان يتبادل الشعر مع النابغة الذُبياني.
سلامة بن جْندل بن عمرو: كان من فرسان تميم في أيام عمرو بن هند والنعمان أبي قابوس.
أوس بن حجر بن مالك: شاعر تميم من شعراء الجاهلية وفحولها.
المثِقّب العبدي، العائذ بن محصن بن ثعلبة: من بني قيس بن ربيعة في شرق الجزيرة العربية[72]، من أقواله:
لَلمَوتُ خيرٌ للفتى من حيــــــــــاتِه إذا لم يَثِبْ للأمرِ إلاّ بقائدِ
فعالجْ جسيماتِ الأمورِ ولا تكنْ هبيتَ الفؤادِ همهُ للوسائدِ
أسد بن ناعسة التنوخي: من شعراء تنوخ وكان معاصراً لعنترة.
طرفة، وهو أبو عمرو طرفة بن العبد بن سفيان: له معلّقة معروفة باسمه، يعد من مشاهير الشعراء ومن ذوي الطبقة الأولى. قُتل وهو صغير السن.
المرقِّش الأكبر وهو عمرو بن سعد بن مالك بن ضبيعة: كان أديباً شاعراً تعلم الكتابة.
المتلمس وهو جرير بن عبدالمسيح بن عبدالله، من فحول شعراء أهل البحرين.
إياس بن قبيصة بن أبي عفراء بن النعمان، وهو ابن أخي حنظلة.
كليب وائل بن ربيعة: وأخوه عدي المعروف بالمهلهل.
عدي بن ربيعة الملقب بـ«المهلهل»: من شعراء الطبقة الأولى، وهو أخو كليب بن ربيعة التغلبي وخال امرؤ القيس بن حجر، وأبو ليلى أم عمرو بن كلثوم. قال الأصمعي[73]: «إنه أول من يروى له كلمة تبلغ ثلاثين بيتاً من الشعر، ولعلها الكلمة التي قام بها على قبر أخيه كليب الذي قُتل بسبب ناقة البسوس، وتقول:
أَهاجَ قَذاءَ عَينِيَ الإِذِّكارُ هُدُوّاً فَالدُموعُ لَها اِنحِدارُ
وَصارَ اللَيلُ مُشتَمِلاً عَلَينا كَأَنَّ اللَيلَ لَيسَ لَهُ نَهارُ
عمرو بن كلثوم: شاعر الطبقة الأولى وصاحب المعلقة:
أَلاَ هُبِّي بِصَحْنِكِ فَاصْبَحِيْنَـا وَلاَ تُبْقِي خُمُـوْرَ الأَنْدَرِيْنَـا
مُشَعْشَعَةً كَأَنَّ الحُصَّ فِيْهَـا إِذَا مَا المَاءَ خَالَطَهَا سَخِيْنَـا
زهير بن جناب بن هبل الكلبي: من بني كنانة بن بكر، هو خطيب قبيلة قضاعة وسيدها وشاعرها.
أمية بن أبي الصْلت: كان من رؤساء ثقيف وفصحائهم المشهورين، وقد لبس المسوح تعبداً.
المسيحيون العرب ونهضة اللغة العربية
استمدت اللغة العربية جذورها من النبطية، شقيقة السريانية. يذهب بروكلمان إلى أن الخليل بن أحمد مؤسس النحو العربي، هو الذي ابتكر شكل الحروف، وعلامات القراءة، استناداً على نماذج سريانية[74].
وكان أهل اليمن يكتبون بالخط المسند، وفي مناطق أخرى من الجزيرة عرفت الكتابة النبطية التي اشتق منها الخط العربي. ومع الزمن اختفى المسند وظهر الخط المتطور عن النبطي. ذلك أن النصارى العرب عملوا على إحياء الخط النبطي باستخدامه في كنائس العرب في العراق ودومة الجندل وبلاد الشام. فهو الخط الذي ساهم في نشره المسيحيون العرب وكتب به القرآن[75].
وهناك نظريتان حول نشأة وتطور الخط العربي:
الأولى: يرى فريق أنه نشأ في الحيرة والأنبار أهم معاقل المسيحية، ثم انتقل إلى الحجاز ومكة.
الثانية: الفريق الآخر يرى بنشأته وتطوره في الحجاز.
غير أن النظرية الأولى هي الأثبت عند أهل العلم. ففي قول لعباس بن هشام، أن ثلاثة من طي بمدينة بقة موطن المناذرة، الواقعة بين هيت والأنبار في العراق، وضعوا الخط وقاسوا هجاء العربية على هجاء السريانية. فتعلمه منهم قوم من الأنفار ثم تعلمه أهل الحيرة من أهل الأنبار. وكان بشر بن عبدالملك أخو أكيدر صاحب دومة الجندل «يأتي الحيرة فيقيم بها لحين وكان نصرانياً. فتعلم بشر الخط العربي من أهل الحيرة[76].
كان للتبشير يد في نقل هذا الخط إلى الحجاز، وقد كان المبشرون من أهل العراق نشطين في التبشير في جزيرة العرب، فلا يستبعد أن يكون من بينهم مبشرون من الحيرة نقلوا الكتابة إلى دومة الجندل والحجاز، ومواضع أخرى من جزيرة العرب فأهل الأنبار، والحيرة، وعين الشمس، ودومة الجندل، وبلاد الشام، كانوا من النصارى، فلا أستبعد احتمال استعمال رجال الدين للقلم السرياني المتأخر، الذي كوّن القلم النبطي في كتابة العربية، لحاجتهم إلى الكتابة في تعليم أولاد النصارى الكتابة، وتثقيفهم ثقافة دينية، فكانوا يعلمونها في المدارس الملحقة بالكنائس، أي كانت النظرية المأخوذ بها، فهي تشير إلى الأثر المسيحي الهام في تطوير ونشر الكتابة العربية التي تولد منها القلم العربي[77]. وفي إشارة إلى تأثير الخط على النهضة العربية يقول جرجي زيدان: «على أن بعض الذين رحلوا منهم إلى العراق أو الشام قبل الإسلام تخلقوا بأخلاق الحضر واقتبسوا الكتابة منهم على سبيل الاستعارة، فعادوا وبعضهم يكتب العربية بالحرف النبطي أو العبراني أو السرياني، ومعنى ذلك أن السريان في العراق كانوا يكتبون ببضعة أقلام من الخط السرياني في جملتها قلم يسمونه «السطرنجي» كانوا يكتبون به أسفار الكتاب المقدس. فاقتبسه العرب في القرن الأول قبل الإسلام، وكان من أسباب تلك النهضة عندهم[78].
من أقدم المنقوشات العربية تلك التي وجدت في أبواب كنائس العرب وأديرتهم قبل الإسلام، في دير هند الكبرى في الحيرة وما حولها وفي خرائب زبد قرب حلب، ونُقش حران[79]. ويرى البعض أن هذا يدل على أن المسيحيين العرب كانوا ناقلوها، وبها أبلغوا بشرى الإنجيل لأبناء جنسهم وتعامل المسيحيون الشرقيون مع اللغة العربية باعتبارها الوعاء الثقافي لهم، ولم يتوانوا عن استخدام اللغة العربية وتطويرها وتسخيرها لشرح معاني البشارة المسيحية.
[1] مدرس الآثار المصرية في كلية الآداب، قسم الآثار المصرية، جامعة أسيوط – مصر.
[2] مدرس في وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية.
[3] جابر عادل شابت، كندة القبيلة والمملكة (541– 461)، أطروحة دكتوراه غير منشورة، جامعة بغداد، كلية الآداب، 2008، ص119.
[4] داود جرجي داود، أديان العرب قبل الإسلام ووجهها الحضاري والاجتماعي، (المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع)، بيروت – لبنان، ط 1981، ص83.
[5] Wellhausen, Reste, S.232.
[6] محمد إبراهيم الفيومي، تاريخ الفكر الديني الجاهلي، دار الفكر العربي، مصر، الطبعة الأولى، 1994، ص91-92.
[7] شقير، نعوم بكك، تاريخ سينا القديم والحديث وجغرافيتها، تقديم: محمد إبراهيم أبو سليم، (دار الجيل، (بيروت – لبنان،) ط، 1991، ص625.
[8] شريف محمد هاشم، الإسلام والمسيحية في الميزان، مؤسسة الوفاء، الطبعة الأولى، 1988، ص36.
[9] ياقوت الحموي، معجم البلدان، ج2، ص542.
[10] اليعقوبي بالحاج، تاريخ، ج1، ص298.
[11] سلوى بالحج العايب، المسيحية العربية وتطوراتها من نشأتها حتى القرن الرابع هجري، دار الطليعة، بيروت، الطبعة الأولى، 2000، ص86.
[12] الجاحظ، الرد على النصارى، ص5.
[13] الطبري، تاريخ، ج3، ص111: 115.
[14] Mgr. Duchesne, ibid. T.III, p.574.
[15] الهمداني، صفة جزيرة العرب، ص267. سلوى بالحج، مرجع السابق، ص84.
[16] بيغوليفسكيا، مرجع سابق، ص179-180؛ سلوى بالحج، مرجع سابق، ص84.
[17] ابن الاثير، الكامل في التاريخ، الجزء 1، ص378-379.
[18] ياقوت، مرجع سابق، ج2، ص298.
[19] تاريخ ابن خلدون، ج2، ص150، السيرة لابن هشام- باب: «خروج رسل رسول الله إلى الملوك – أسماء رسل عيسى»، المقريزي، كتاب الخطط والآثار، ج 2، ص483.
[20] الكتاب المقدس، (أ ع: 4- 16).
[21] لويس شيخو، النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية، ج1، دار المشرق، بيروت، الطبعة الثانية، 1989، ص110.
[22] جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، دار الساقي، الطبعة الرابعة، 1422هـ/ 2001. الفصل (166)؛ لويس شـيخو، النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية، القسم الأول، ص109.
[23] J.S.Trimingham Christianity Among the Arabs in the PreIslamic Times, Longman, Coadon,1979.p.l.
[24] جورج قنواتي، المسيحية والحضارة العربية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، الطبعة الأولى، 1989.
[25] سلوى بالحاج صالح، المسيحية العربية وتطورها من نشأتها إلى القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي، ص86.
[26] كامل النجار، قراءة نقدية للإسلام، فصل (2).
[27] لويس شيخو، مرجع سابق، ج1، ص126، أسد الغابة في معرفة الصحابة، حرف الميم. بحث في تاريخ المسيحية العربية، بسّام فرجو:
https://www.kalimatalhayat.com/christian-life/301-arabic-christianity/4400-peninsula -and-the-middle- and-edges.html?tmpl=component&print=1
[28] جواد علي، ج3، ص606.
[29] H.Lammens, L’ Arabie occidentale avant l’hegire.
[30] اليعقوبي، تاريخ، ج1، ص298.
[31] اليعقوبي، أديان العرب، ج1، ص227.
[32] البداية والنهاية، ابن كثير، الجزء الثاني، ذكر قس بن ساعدة الإيادي.
[33] جمال الدين الخضور، قمصان الزمن فضاءات حراك الزمن، الفصل الخامس.
[34] اليعقوبي، أديان العرب، ج1، ص298؛ ذكره جواد علي، ج6، ص607.
[35] اليعقوبي، أديان العرب، ج1، ص101، وأيضا السيرة، الروض الآنف، المجلد الأول، ذكر ورقة بن نوفل.
[36] الإيبونية: كلمة يونانية تنسب إلى التطويبة: «طوبى للمساكين…» تعني الفقراء باختيارهم.
[37] أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني: 3/16.
[38] الأزرقي، أخبار مكة وما جاء فيها من آثار، ج1، بناء قريش الكعبة؛ برهان الدين الحلبي في السيرة الحلبية للإمام، بنيان قريش الكعبة شرفها الله تعالى، السيرة النبوية لابن هشام، باب حجر الكعبة؛ جواد علي، فصل (74).
[39] لويس شيخو، النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية، ج1، ص117-118، مقدمة ابن خلدون، الفصل (6).
[40] جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، الفصل (82).
[41] السيرة (1،2 /421).
[42] ديوان حسان، ص64، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
[43] لويس شـيخو، النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية، القسم الأول، ص109-114.
[44] أبي الفداء، عماد الدين إسماعيل (732 هـ / 1331)، المختصر في أخبار البشر، مكتبة المتنبي (القاهرة، بلاد: ت) ص179؛ أبي داود – سليمان بن الأشعث (ت: 275هـ/ 888) سنن، ج3، راجعه وضبطه وعلق عليه: محمد محيي الدين عبدالحميد (دار إحياء السنن النبوية، ص167؛ السقاف – أبكار الدين في شبه الجزيرة العربية، الانتشار العربي، (بيروت – لبنان)، ط1، 2004، ص323؛ لويس شيخو، النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية، القسم الأول، ص109.
[45] برهان الدين دلو، جزيرة العرب قبل الإسلام، ج1، دار الفارابي، بيروت، لبنان، ط3، 2007، ص612؛ شكري فيصل، حركة الفتح الإسلامي في القرن الأول، دراسة تمهيدية لنشأة المجتمعات الإسلامية، (دار العلم للملايين، بيروت – لبنان، ط5، 1981، ص28؛ مصطفى أبو ضيف أحمد عمر، دراسات في تاريخ الدولة العربية، عصور الجاهلية والنبوة والراشدين والأمويين، ج132 – 1هـ/ 649 – 622)، دار النشر المغربية، الدار البيضاء، ط4، 1986، ص173.
[46] ابن هشام، 4: 169.
[47] جواد علي، المفصل في تاريخ العرب، الفصل (22).
[48] ابن هشام، 4: 169.
[49] البلدان 2/ 487 / ذكره الأب داود: أديان العرب قبل الإسلام.
[50] موسوعة القبائل العربية، محمد سليمان الطيب، ص137؛ قيل: إنه من العسير أن تكون بعد هذا التاريخ لأنها مرتبطة بكارثة اللخميين سنة 602. نينا ڤكتورڤنا يغوليڤسكيا، العرب على حدود بيزنطة وإيران من القرن الرابع إلى القرن السادس الميلادي، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الكويت، 1985، ص147.
[51] الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، ج24، ص66-75.
[52] أيام العرب في الجاهلية. تأليف: محمد أحمد جاد المولى بك وعلي محمد البجاوي. محمد أبو الفضل إبراهيم، ص22.
[53] الشهباء والدوسر: كتيبتان حربيتان، كان قد جعلهما يزدجرد ملك الفرس تحت تصرف النعمان بن المنذر ومن بعده، وكان رجال الشهباء من الفرس، ورجال الدوسر من عرب تنوخ، انظر: محمد أحمد جاد المولى بك وعلى محمد البجاوى ومحمد أبو الفضل إبراهيم، أيام العرب في الجاهلية، المكتبة العصرية، بيروت، د.ت، ص27.
[54] الأندلسي، العقد الفريد، الجزء السادس، ص114.
[55] يحيي شامي، أروع ما قيل في الفخر، 1992، ص10.
[56] ديوان حاتم الطائي، شرح أبي صالح بن مدرك الطائي، طبعة دار الكتاب العربي، ص7.
[57] ديوان حاتم الطائي، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، ط 1، 1968، ص64.
[58] المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، جواد علي، ج16، ص15.
[59] أسد الغابة لابن الأثير، ج1، ص218 و219.
[60] أخبار العلماء بأخيار الحكماء، جمال الدين القفطي، حرف الحاء المهملة في أسماء الحكماء، ج1، ص243.
[61] عيون الأنباء في طبقات الأطباء، أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي موفق الدين، أبو العباس ابن أبي أصيبعة (المتوفى: 668 ميلادي)، المحقق: الدكتور نزار رضا، الناشر: دار مكتبة الحياة بيروت، أطبَّاء العرب وغيرهم: الحارث بن كلدة الثقفي، ج1، ص110.
[62] تاريخ الطبري، ذكر مرض أبي بكر ووفاته، ج2، ص215.
[63] كارل بروكلمان، تاريخ الأدب العربي، ج7، ص173.
[64] لويس شيخو، شعراء النصرانية، المفصل في تاريخ العرب، جواد علي، جرجي زيدان، تاريخ آداب اللغة العربية، الجامع في تاريخ الأدب العربي، حنا الفاخوري.
[65] لويس شيخو، شعراء النصرانية، شعراء النصرانية قبل الإسلام، دار المشرق، بيروت، الطبعة الرابعة، 1991، ص8-32.
[66] جواد علي، المفصل في تاريخ العرب، فصل (101).
[67] الجاحظ، كتاب الحيوان، في أمر الحية.
[68] مصطفى الغلايني، رجال المعلقات العشر، المكتبة الأهلية، د.ت، ص12.
[69] كارل بروكلمان، تاريخ الأدب العربي (1/ 147 وما بعدها).
[70] أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني، ج73، ص72-81.
[71] الزركلي، خير الدين، «لَيْلى العَفِيفَة»، موسوعة الأعلام. موسوعة شبكة المعرفة الريفية.
[72] ياقوت الحموي، معجم البلدان، ج3، ص78؛ لويس شيخو، شعراء النصرانية.
[73] السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، ص27؛ اللغة العربية استمدت جذورها من النبطية، شقيقة السريانية. ويذهب بروكلمان إلى أن الخليل بن أحمد مؤسس النحو العربي، هو الذي ابتكر شكل الحروف، وعلامات القراءة، استناداً إلى نماذج سريانية.
[74] كارل بروكلمان، تاريخ الأدب العربي، ج7، ص137-131.
[75] جواد علي، المفصل في تاريخ العرب، فصل (87)، ص176.
[76] البلاذري، فتوح البلدان، مجلد، 7، ص22.
[77] جواد علي، المفصل في تاريخ العرب، فصل (171).
[78] جرجي زيدان، تاريخ آداب اللغة العربية، ج1، ص766.
[79] ميشال نجم، المسيحية العربية، تاريخها وتراثها، ص171؛ سمير خليل، مدخل إلى التراث العربي المسيحي، مجلة المسرة، 1781، مجلد02، ص126–107.