المقدمة
يقدم مركز المسبار للدراسات والبحوث عبر سلسلة (قيادات طالبان)، بورتريه لوجوه قيادة الحركة البارزة، فتعرّف بهم، وتسلط الضوء على المراحل التي مرت خلالها، والمواقع والمناصب التي تبوّأتها في الحركة، متتبعة السيّر الخاصة بهم ضمن السياقات السياسية المختلفة، والتغيُّرات الميدانية والعسكرية التي مرت بها تلك القيادة، مبرزة الأحداث والمواقف المرتبطة بحضورهم المؤثر على قضايا متعددة رسمتها التصادمات والاختلافات داخليًا وخارجيًا. نستعرض، عبر هذه السلسلة، أبرز تلك الوجوه التي بدأناها بزعيم حركة طالبان: هبة الله أخوند زاده.
تاريخ الميلاد: 1973
مكان الميلاد: هلمند
هو نجل الملا ليوني، من قرية قاضي خيل بمديرية كجكي في ولاية هلمند، جنوبي البلاد، درس العلوم الدينية في مدرسة دينية في حي زميندار في قرية دي بابا، قبل أن يهاجر إلى باكستان ويلتحق بمدرسة دينية واقعة في منطقة كجلاك بمدينة كويتا، جنوب غربي باكستان. أكمل ذاكر العلوم الدينية في باكستان في مدرسة دينية تابعة لأحد الأحزاب الأفغانية التي كانت تقاتل الروس وتسمى الحركة الإسلامية، وكان يقودها الملا محمد نبي محمدي. وعندما ظهرت حركة “طالبان” بقيادة الملا عمر، أمر المولوي محمد نبي محمدي كلا من: الملا عبدالقيوم ذاكر والملا نعمت الله بالانضمام إليها.
يدير ذاكر جميع الشؤون الأمنية في البلاد. ويساعده في هذه المهمة وفي مهمة ضبط الأمن والاستقرار قياديون آخرون، منهم: عبدالرحمن منصور حاكم “طالبان” على ولاية كابُل العاصمة، شقيق سيف الإسلام منصور القيادي الأهم في الحركة، وهو نجل القائد الجهادي ضد السوفيت المولوي نصر الله منصور، الذي ينتمي عرقياً إلى قبائل البشتون، من مديرية زرمت بولاية بكتيا الجنوبية.
شهدت حركة طالبان صراعا بين قياداتها حول خلافة عبدالغني برادر، الذي اعتقلته المخابرات الباكستانية في فبراير (شباط) 2010، مشيرة إلى أن الحركة اختارت الملا عبدالقيوم ذاكر والملا أختر محمد منصور لخلافة برادر. وأوكلت الحركة للملا عبدالقيوم ذاكر مهمة تنفيذ وتنسيق العمليات العسكرية، وأوكلت للملا أختر محمد منصور مهمة الدعم اللوجستي.
يعد الملا ذاكر، الذي خدم في اللجنة العسكرية في طالبان بعد أن أفرج عنه من معتقل غوانتانامو، أبرز القيادات العسكرية لطالبان. كما شغل منصب رئيس المجلس العسكري للحركة، فكان دوره بمثابة وزير الدفاع. له نفوذ قوي في أوساط الحركة والقبائل في جنوب أفغانستان.
ذاكر الذي اعتقلته القوات الأمريكية أثناء غزو أفغانستان في قاعدة باغرام؛ نُقل إلى غوانتانامو، ثم نُقل مهاناً إلى الحجز الأفغاني، في الجناح الأمريكي بسجن بول الشرقي، حيث أطلق سراحه بعد ذلك.
بعد إطلاق سراحه عاد ذاكر إلى مقدمة صفوف طالبان، حيث أدار عمليات عسكرية في ولاية هلمند قبل أن يصبح القائد العسكري العام لطالبان. وفي 2014 تقاعد بعد خلاف داخلي مع القيادة، بعد صراع استمر لسنوات عدة مع أختر منصور، أسفر في النهاية عن إعلان ذاكر تقاعده “لأسباب صحية” في ذلك العام. لكن عاد ذاكر والتحــق مجــددا بمجلس القيادة لدى طالبان منــذ ينـاير (كانون الثاني) 2015.
فقد ظهر اسم ذاكر في الخلاف الداخلي لقادة طالبان حول خلافة الملا عمر، بموقفه المتحفظ. حيث دعمت بعض الشخصيات القيادية البارزة في الحركة، من المعارضين لتعيين الملا منصور، أسرة الملا عمر، وأرادت هذه الشخصيات أن يتولى الملا يعقوب خلافة والده في منصب القائد الأعلى.
فبعد إعلان وفاة مؤسس الحركة وتولي الملا أختر محمد منصور القيادة، تعرضت الحركة للانشقاقات، وأعلن الملا محمد رسول ونائبه الملا عبدالمنان نيازي فصيلا آخر استقر في ولاية هرات، وكان هذا احتجاجا على تولي الملا أختر منصور زعامة الحركة، إضافة إلى خروج بعض القيادات العسكرية المهمة مثل الملا عبدالقيوم ذاكر، وهذا أدى إلى شق صف طالبان وإضعافها آنذاك.
أرسلت طالبان رسالة بالبريد الإلكتروني، في 30 مارس (آذار) 2016، مكتوبة بخط اليد وموقعة من الملا ذاكر إلى وسائل الإعلام ونشرتها على موقعها الإلكتروني، جاء فيها: إن “تحفظه” السابق انتهى، وإنه يتعهد حاليا بالولاء للملا أختر منصور.
قلص ذاكر، هوة الشقاق داخل صفوف الحركة، كما عزز مركز الملا منصور، آنذاك، الذي قاد الحركة سرا باسم الملا عمر لمدة أكثر من عامين بعد وفاته.
فقد كان ذاكر صاحب خلاف دائم مع الملا أختر منصور. حيث عارض منذ فترة طويلة الدخول في مفاوضات مع الحكومة الأفغانية.
في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، نفت حركة طالبان الأفغانية أن يكون أحد قيادييها «الملا عبدالقيوم ذاكر» قد انضم لتنظيم «داعش» الإرهابي. واعتبر المتحدث باسم الحركة، ذبيح الله مجاهد، أن ما تردد من تقارير في هذا الشأن: هو محاولات “مختلقة لاختراق وحدة المجاهدين وإيجاد التفرقة بينهم”.
دخل الملا عبدالقيوم ذاكر، القيادي المؤسس في الحركة ومسؤول اللجنة العسكرية، إلى القصر الرئاسي الأفغاني ليدير الشؤون منه، وذلك يوم الأحد 15 أغسطس (آب) 2021.