أجرى مركز المسبار للدراسات والبحوث في دبي حواراً مع الفنان وعازف السنطور الإيراني سعيد كوردمافي، تحدث فيه عن أهمية الموسيقى في التقريب بين الشعوب والثقافات، مشيراً إلى أن الدول العربية وتركيا وإيران تمتلك تاريخاً غنياً في الموسيقى الكلاسيكية، التي تحتاج إلى اهتمام أكبر من قبل المعاهد والجامعات والهيئات المعنية لإظهار هذا التاريخ والتعريف به على المستويين المكتوب والمسجل.
يتابع كوردمافي أطروحة الدكتوراه في “مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية” (School of Oriental and African Studies) التابعة لجامعة لندن في حقل “علم موسيقى الأعراق” (Ethnomusicology). تهتم أبحاثه بالموسيقى في الشرق الأوسط وخصوصاً الموسيقى الإيرانية، وتاريخ الموسيقى والنظريات الموسيقية في العالم الإسلامي، وأنماط أداء الـ”سنطور” في الموسيقى الإيرانية الكلاسيكية. وتجدر الإشارة إلى أن السنطور الذي تعود أصوله إلى إيران، آلة موسيقية تُشبِه القانون، لها مئة وترٍ، وكلُّ أربعة أوتار تطلق صَوْتاً واحداً، يُنْقَرُ عليها بواسطة مِضْرَبَيْنِ خَشَبِيَّيْنِ. شارك كوردمافي في حفلات ومهرجانات موسيقية في لندن وطهران ولوس أنجلوس وواشنطن كان آخرها عام 2016. حصل على جوائز عدة من بينها “جائزة المنتدى البريطاني لعلم موسيقى الأعراق” (British Forum for Ethnomusicology) عام 2016.
وفي ما يلي تفاصيل الحوار:
- هل يمكن أن تحدثنا عن الفكرة الأساسية التي تدرسها في أطروحتك كطالب دكتوراه؟
_ عنوان أطروحتي هو “الضروب الإيقاعية في الموسيقى الفصحى العربية”. أنا كموسيقي ومن زاوية تخصصي الجامعي أسعى إلى استرجاع الأشكال المنسية من الموسيقى في منطقتنا، وهذا يتطلب دراسة الثقافات والموسيقى في جوارنا؛ لأن الموسيقى العربية والفارسية والعثمانية لها الجذور التاريخية نفسها، وكذلك تستند إلى الأطر التنظيرية نفسها. على سبيل المثال أعمال الموسيقي المصري مصطفى سعيد تقوم على ثقافات موسيقية عدة في عمل واحد، فهو يحاول أن يدمج كل شيء في إطار واحد. وأعتقد أن هذا المزج بين هذه الأنواع يساعد على التقريب بين شعوب المنطقة، بحيث إنه ينتج لغة موسيقية مشتركة.
- أشرت إلى أن الدمج بين أنواع الموسيقى يساعد على التقريب بين الشعوب، وكما تعلم تشهد منطقة الشرق الأوسط ارتفاعاً في وتيرة العنف السياسي والديني. كيف تساعد الموسيقى على تحجيم العنف؟
_ من واجبات الفن المساعدة على إرساء السلام. ثمة عصبيات عند بعض القوميات والأكيد أن مصدرها سياسي، وقد انعكست على مجالات الحياة؛ ولكن بمعزل عن المشاكل السياسية، فإن الموسيقى لا شك هي عامل تقريب بين الشعوب، وتساعد على تخفيف التوتر والعنف، غير أن الموسيقى لا تتمكن وحدها من تحجيم العنف؛ فلا بد من حلول عادلة للقضايا الرئيسة.
- كيف تلقف المستمع الأوروبي أو الغربي آلة السنطور الآتية من خارج عالمه؟
_ يختلف التفاعل مع آلة السنطور من مكان إلى آخر ومن جمهور إلى آخر في أوروبا أو بريطانيا. بدأت هذه الآلة الموسيقية تسجل حضورها كجزء أصيل من الموسيقى الكلاسيكية الإيرانية والعربية، وخصوصاً بعدما عرفت فئات واسعة من محبي الموسيقى الكلاسيكية أن الكلاسيكيات لا تقتصر على أوروبا، بل تتوافر أيضاً عند العرب والإيرانيين والأتراك.
- إلى أي حد يعاني الباحثون المتخصصون في الموسيقى العربية الكلاسيكية من ندرة المصادر أو الأرشيف لاستكمال عملهم؟
_ الأرشيف المكتوب للموسيقى الكلاسيكية العربية متوافر خصوصاً في المكتبات البريطانية والأوروبية. نستطيع أن نقسم المصادر إلى قسمين: المكتوب والمسجل، لا نواجه أي مشكلة في الأول، أما في المصدر الثاني فنواجه صعوبات عدة، وقد ساعدتني كثيراً “مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية” في إيجاد الطرائق المناسبة لاستكمال بحوثي.