أكد المفكر الليبي محمد عبدالمطلب الهوني أن العلاقة بين الإخوان المسلمين والنظام القطري “علاقة عضوية”، كاشفاً عن أن سيف الإسلام القذافي أبلغه “بأنّ الشيخ حمد كان قد أسرّ له بأنّه عضو في هذه الجماعة”.
وشدد الهوني (المستشار السابق لسيف الإسلام القذافي) على أن القيادة القطرية حاولت “الاستيلاء على المملكة العربية السعودية، وسعت إلى إسقاط النظام فيها” من أجل بناء “دولة الخلافة الإسلامية الجديدة”، لافتاً إلى أن الدوحة تضع على خريطة أهدافها الأساسية “الاستيلاء على ليبيا ومحاولة زعزعة أمن مصر”.
واعتبر الهوني في حوار مع مركز المسبار أن “التحالف القطري- التركي قائم” وأن عودة قطر إلى “الحضن الخليجي غير ممكنة إلا في حالة واحدة وهي سقوط القيادة القطرية” الراهنة و”هذا السقوط لن يقع إلاّ عبر تمرد داخلي”. وفي ما يلي تفاصيل الحوار:
* أشرت في مقالك “دولة قطر: المقاول الفضولي والسياسات القروسطية” الذي نشر في كتاب المسبار الشهري، العدد (132) إلى العلاقة العميقة العضوية بين قطر منذ مجيء الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى الحكم والإخوان المسلمين. كيف تُترجم هذه العلاقة العضوية خليجياً وإقليمياً؟
– العلاقة ما بين الإخوان المسلمين والشيخ حمد بن خليفة علاقة عضوية وحقيقية، وقد أبلغني سيف الإسلام القذافي بأنّ الشيخ حمد كان قد أسرّ له بأنّه عضو في هذه الجماعة، وكان ذلك في فترة بداية التآمر القطري على النظام الليبي، عندما أقنع سيف الإسلام بإطلاق سراح الإخوان من السجون على أن يكونوا حلفاءه في مسعاه الإصلاحي، وأنّه الضامن في عدم قيامهم بأيّ عمل عدواني ضدّ النظام. وإذا صحت هذه الرواية فهذا يعني أن العلاقة بين الطرفين علاقة استراتيجية، ويعني أيضاً أن الإخوان المسلمين يبحثون عن دولة تحتضنهم، وهذه دولة تملك أموالاً ومستعدة للإنفاق. يرى الشيخ حمد أن الإخوان المسلمين هم التنظيم الحزبي الوحيد المتماسك في المنطقة العربية ككل، وهو يريد الإفادة منه من أجل تحقيق أهدافه في بناء دولة الخلافة الجديدة التي يريد أن يتزعمها. مشكلة الشيخ مشكلة كبيرة؛ هو يعتقد في قرارة نفسه أنه زعيم، بل زعيم كبير، وأنه قادر على حكم العالم العربي، ويسعى إلى أن يكون خليفة ويعمل على استعمال الإخوان كما هم يستعملونه من أجل أغراضهم، فالعلاقة بين الطرفين مبنية على المصالح المتبادلة. وفي رأيي أن الدليل على أن الشيخ حمد واثق بأنه زعيم كبير حين تنازل عن الحكم لابنه، ولم يكن التنازل السياسي لأنه لا يريد السلطة، بل لأن الظروف التي مرت بها المنطقة العربية في تلك الفترة بعد عام 2011 برهنت على أن الإخوان المسلمين سيكون لهم النفوذ السياسي الأكبر في مصر وتونس وليبيا ودول أخرى، لذلك استقال لأن عليه أن يهيئ نفسه من أجل الزعامة الكبرى.
* برزت قطر على الساحة الإقليمية بعد تراجع الدول العميقة تاريخياً كمصر والعراق وسوريا، أي إنها حلت في الفراغ العربي الإقليمي. كيف تقيّمون هذا الحضور القطري في الملفات العربية تحديداً منذ انفجار ثورات الربيع العربي؟
– قطر كانت حاضرة على المستوى الإقليمي قبل الربيع العربي 2011. وكان للشيخ حمد محاولة للاستيلاء على المملكة العربية السعودية، وسعى إلى إسقاط النظام فيها، وقد وجد الشيخ حمد أن ثمة فرصة كبيرة لتحقيق ذلك. لا تستطيع قطر أن تحل مكان العراق أو سوريا أو مصر، هي تستفيد من الاضطرابات الدائرة في العالم العربي من أجل تحقيق طموحها السياسي، وتضع على خريطة أهدافها الأساسية حصار السعودية والاستيلاء على ليبيا ومحاولة زعزعة أمن مصر. وإذا استطاع النظام القطري إسقاط النظام السعودي، فهذا يعني أنه سيتمكن من بناء الخلافة الإسلامية الجديدة، ولن يتمكن من إقامتها إلا بالسيطرة على المملكة، ولذلك اعتبر أن تقسيم السعودية إلى دويلات من شأنه أن يمهد له الطريق لتقوية زعامته وتحقيق هدفه. السعودية بهذا الحجم بالنسبة للنظام القطري من غير الممكن التعايش معها لأنها دولة كبيرة.
* هل ثمة احتمال لتشكل محور قطري- تركي مقابل المحور الخليجي- المصري؟
– هذا ممكن، التحالف القطري- التركي قائم، وإلا ما معنى أن ترسل تركيا جيشاً وتؤسس قاعدة عسكرية لها في قطر؟. هذه القاعدة العسكرية التركية ليست ضد إيران، هي ضد السعودية والإمارات والبحرين. أما إذا انسحبت الولايات المتحدة من قاعدة العديد فإن قطر ستأتي بقوة رمزية من الحرس الثوري الإيراني من أجل ملء هذا الفراغ العسكري.
* كيف تنظرون إلى الأزمة الخليجية بعد مرور أقل من عام عليها؟ وما مدى تأثير المقاطعة الخليجية على قطر؟
– قطر بما تملكه من أموال ضخمة قادرة على أن تستمر إلى فترة معينة في مقاومة المقاطعة الخليجية. وأعتقد أن عودة قطر إلى الحضن الخليجي غير ممكنة إلا في حالة واحدة وهي سقوط القيادة القطرية التي تتحكم اليوم في قطر، وهي مكونة من الحمدين وتميم بن حمد ومن الإخوان المسلمين، وهذا السقوط لن يقع إلاّ عبر تمرد داخلي. أما في ما يتعلق بمدى تأثير المقاطعة على قطر، فأعتقد أن قطر تكابر في تقليل النتائج، وتعتبر أن الذي يجري لن يؤثر على مستقبل الشعب والدولة، وهذا شيء غير صحيح؛ لأن الإحصاءات تشير إلى أن الاقتصاد القطري تأثر إلى حد كبير، وأن الشعب القطري يعيش تحت ضغوطات كبيرة.