يقول المؤرخ الفرنسي المتخصص في تاريخ الروهنجيا “جاك ليدر” في دراسته التي حملت عنوان “الهويّات المتنافسة والتاريخ المهجّن للروهنجيين” ضمن كتاب (أزمات المسلمين الكبرى: التاريخ – الذاكرات – التوظيف) (الكتاب التاسع عشر بعد المئة، نوفمبر/ تشرين الثاني 2016): إن المخاطر الملازمة للتحوّل السياسي في ميانمار، هي ما أطلق التوترات التي قمعها النظام الاستبدادي لمدّة عقود.
يلفت الانتباه إلى دور التاريخ وكتابة التاريخ الناقصة في التمثيل الراهن للصراع. وهي تدعم الحجّة بأن المسلمين والبوذيين يتمسّكون اليوم بمجموعتين من الهويات، تستبعد إحداهما الأخرى بناء على ادّعاءات متنافسة تتعلّق بتاريخ البلد وجغرافيته. ولا تتقاسم الطائفتان رواية وطنية عن أراكان بوصفها موطنهما، إذ لا تقرّ الرواية البوذية بدور المسلمين، ويُتجاهل دور الحضارة البوذية السائدة في أراكان في التاريخ الذي يعيد «الروهنجيون» المسلمون روايته.
يستعرض القسم الأول من الورقة إنشاء هوية إسلامية محدّدة في شمال أراكان وظهور الحركة الروهنجية. ويركّز القسم الثاني على استخدام التاريخ مصدراً للشرعية من قبل البوذيين والمسلمين على حدٍّ سواء. ويليه تفحّص نقدي لبيانات الروهنجيين بشأن أصولهم، ويقود إلى مراجعة للمصادر التاريخية عن نموّ المجتمع المسلم في الفترة الاستعمارية. وتختتم المقالة ببعض التعليقات على الحاجة إلى إدراج الخطاب عن الماضي المتصوّر في النقاش، بشأن الحقوق السياسية والقضايا الإنسانية.
يخلص الباحث إلى استنتاج قاتم حول مستقبل المشكلة الراهنة في ميانمار، ويعتقد أن الخلفية التاريخية للصراع حول الهوية، أمر ثانوي في تحديد حل للقضية. فيقول:
“لا توجد أرض مشتركة تتعايش فيها الطوائف في البيت الواحد الذي يدعى أراكان، حتى إذا قامت حكومة ميانمار بسجن كل مرتكبي أعمال العنف في سنتي 2012 و2013 كما يفترض بها من الناحية المثالية، وحتى إذا احترمت قوّات الأمن بعد إصلاحها مبادئ حقوق الإنسان، وأقيم حوار لصنع السلام في أراكان”.