رشيد الخيُّون: كتاب “أثر السود في الحضارة الإسلامية” شامل ومبرز لدور السود في مختلف المجالات
حاز الباحث العراقي في التراث والفلسفة الإسلاميين الدكتور رشيد الخيُّون على جائزة الملك عبدالعزيز للكتاب في دورتها الثالثة، وذلك في فرع الكتب المتعلقة بدراسات التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية، عن كتابه “أثر السود في الحضارة الإسلامية” (مكتبة الملك عبدالعزيز، الطبعة الأولى، 2015، 609 صفحات).
جاء الكتاب في بابين اشتملا على عشرة فصول، وبدأ في دراسة المصادر التي تناولت السود ووضع السُّود والعبودية قبل الإسلام. وشكّل الباب الثاني المادة الأساسية حيث تضمن ترجمات السُّود المسلمين، في مختلف عهود الإسلام، منذ فترة النَّبوة والخلافة الرَّاشدية، مرورًا بالعهد الأموي فالعبّاسي، حتى سقوط الخلافة العبّاسية ببغداد (656هـ، 1258م).
وبهذه المناسبة أجرى مركز المسبار للدراسات والبحوث في دبي حواراً مع المؤلف فيما يلي تفاصيله:
بداية، ماذا يعني لك الفوز بجائزة الملك عبدالعزيز للدراسات التاريخية عن كتابك “أثر السود في الحضارة الإسلامية”؟
– الجائزة بلا شك، تثمين للجهد المبذول في الكتاب، ناهيك عن أهمية الجائزة كونها تصدر من مركز بحثي وثائقي، وهي دارة الملك عبد العزيز، لكن ما زاد سروري أن الكتاب قُدّم إلى الجائزة وفُحص وقُيم ولم أعرف بذلك، وكان إعلان الفوز مفاجأة لي ولأصدقائي أيضاً، وحصل أن اتّصل بي الإعلامي الصديق تركي الدخيل في الصباح الباكر يعلمني بالخبر الذي قرأه في الصحف ووسائل الإعلام.
لماذا اخترت العمل على دور السود في الحضارة الإسلامية؟ وما هي الأسباب المعرفية التي دفعتك للكتابة في هذا الموضوع الذي لم يحظ بالاهتمام الكافي من قبل الباحثين؟
كان للكتاب قصة تعود إلى العام 2004، أن بعث لي الأستاذ فيصل المعمر المشرف العام على مكتبة الملك عبد العزيز رسالة يبلغني بترشيحي لتـأليف كتاب عن السود في الحضارة الإسلامية، وبعد فترة وصلتني رسالة يبلغونني فيها بتأجيل تأليف الكتاب كونه سيكون عملاً أشمل، وصرفت النظر عن الموضوع، وما وددت البدء به كونه موضوع يخص المكتبة المذكورة، وبعد سنوات التقيت بمشرف المكتبة واستفسر عن الكتاب فقلتُ له، أنتم أجلتم الموضوع! إلا أنني وجدته متحمساً جداً، وحصل الاتفاق وانتهيت منه بعد عمل عام كامل. وافقتُ على التأليف كونه يدخل في صميم اهتمامي، أي التراث الإسلامي، ومثل هذه الدراسات تجذبني كثيراً، وأجد نفسي منسجماً معها، ناهيك عن أهمية الموضوع، والذي بدأ إظهاره ولفت الأنظار إليه الجاحظ، المتوفى 255هــ في رسالته “فخر السودان على البيضان”، هذه الفئة الواسعة من البشر وحتى بعد سقوط العبودية وإلغاء الرق وأسواقه ظل التمييز باللون يطاردهم إلى يومنا هذا. ما يميز كتاب “أثر السود في الحضارة الإسلامية” أنه كان شاملاً، ومبرزاً لدور السود في مختلف المجالات، موضحاً أن اللون الأسود كان راية للدولة العباسية، وهو لون السيادة والفخر والجمال أيضاً، على خلاف ما يُشار لهذا اللون بالسلب.
إلى أي حد يمكن إدراج كتابك في خانة “تاريخ المهمشين” أي المنسيين خصوصاً أنك أرخت لفئات غير مدروسة بما فيه الكفاية؟
صحيح، برز من السود الشعراء الكبار والفقهاء والسلاطين أيضاً، فدولة كافور الإخشيدي ودولة آل نجاح باليمن معروفتان، لكن بقيت هذه الفئة مهمشة بسبب التمييز باللون، بل أبعد من هذا صار البياض لون الجنة والسواد لون النار، ولهذا ربطت الخُرافة بين حام بن نوح والحرارة أو (الحماوة)، وبالتالي لونه الأسود، كرمز للعبودية، ولهذا حاول ابن الجوزي، المتوفى 597هـ، الكشف عن دور الفقهاء والحكماء السود، مشيراً إلى سخافة هذه الخرافة، وذلك في كتاب “تنوير الغبش في فضل السودان والحبش”. فهل هناك تهميش أفظع من تقييد وربط ملايين البشر بمجرد خُرافة.