كان لهجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) آثار اقتصادية قصيرة وطويلة الأجل، بعضها مستمر حتى يومنا هذا، حيث تسببت الهجمات في تعميق الركود عام 2001. كما أدى ذلك إلى الحرب على الإرهاب، أحد أبرز أسباب ارتفاع الإنفاق الحكومي في تاريخ الولايات المتحدة. وفي غضون بضع سنوات فقط، تلاشت المكاسب التي تحققت -بشق الأنفس- في العقد الأخير من الألفية الثانية، وبدلاً من فوائض الميزانية، بدأت الولايات المتحدة تشهد مزيداً من التدهور ليس على مستوى الميزانية الفيدرالية فحسب، ولكنه حدث أيضاً على مستوى الولايات والحكومات المحلية. ونتيجة لذلك، أصبح العجز الحكومي العام الأمريكي الآن من بين أعلى المعدلات في العالم الصناعي، وتقترب مستويات الدين العام من تلك الموجودة في البلدان الصناعية الكبرى الأخرى.
وحذرت الحكومة –حينذاك- من خطر استمرار العجز في الموازنة، خاصة وأن الكونجرس والرئيس بوش خططا وقتها لإنفاق مليارات الدولارات لمحاربة الإرهاب وتحفيز النمو الاقتصادي في أعقاب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) على مركز التجارة العالمي والبنتاجون([1]).
وقدّر تقرير صدر عام 2002 من مكتب المراقبين في نيويورك تكلفة الأضرار المادية التي حدثت في 11 سبتمبر (أيلول) بنحو (55) مليار دولار. من ذلك، (24) مليار دولار هو الدخل المتوقع من الأرواح المفقودة. وبلغت قيمة مباني التجارة العالمية وحدها (8) مليارات دولار، وتكلفة أجهزة الكمبيوتر والأثاث والسيارات (6) مليارات دولار. وبلغت الأضرار التي لحقت بالمرافق العامة ونظام المترو (6) مليارات دولار. فيما بلغت تكلفة الأضرار التي لحقت بالمباني الأخرى (5) مليارات دولار. كذلك أنفقت المدينة (5) مليارات دولار لعلاج الإصابات([2]).
ونتيجة للأحداث، أغلقت البورصة الأمريكية لمدة أربعة أيام بعد الهجمات، وهي المرة الأولى منذ الكساد العظيم، عندما أغلق الرئيس روزفلت البورصات لمدة يومين في مارس (آذار) من عام 1933 لإيقاف تشغيل البنوك. وأعيد فتح سوق الأسهم في 17 سبتمبر (أيلول) 2001، لينخفض مؤشر داو جونز على الفور بنسبة (7.13%) بخسارة بلغت (617.78) نقطة وهي أسوأ انخفاض لمؤشر داو جونز في يوم واحد في ذلك الوقت.
وتُعرف الميزانية الفيدرالية للولايات المتحدة على أنها مقدار الإنفاق والإيرادات للسنة المالية المقبلة للحكومة الأمريكية، والتي تمتد من 1 أكتوبر (تشرين الأول) حتى 30 سبتمبر (أيلول). وتتضمن الميزانية فئتين من الإنفاق غير عادية. تدفع الميزانية الإلزامية مقابل المزايا التي حددتها قوانين الكونغرس السابقة. وتشمل هذه الضمان الاجتماعي، والرعاية الطبية، والمساعدات الطبية، وغيرها من الفوائد. وتقدر هذه الميزانية تكاليف إدارة الفوائد، ولا يمكن تغييره بدون قانون آخر للكونجرس.
والفئة الأخرى هي الإنفاق التقديري؛ ويذهب معظم هذا الإنفاق إلى الميزانية العسكرية، وهي ثاني أكبر ميزانية بعد الضمان الاجتماعي. ثم يتم إدارة الأموال المتبقية من جميع الإدارات والخدمات الحكومية الأخرى. وتشمل هذه الخدمات الصحية والإنسانية، وزارة العدل، ووزارة الخزانة الأمريكية. ويحدد الكونجرس الإنفاق التقديري الحالي لكل سنة مالية.
ويُقدر مكتب الإدارة والميزانية الأمريكي بلوغ الإيرادات (3.438) تريليونات دولار بنهاية 30 سبتمبر (أيلول) 2019، وهذا أقل من الإنفاق المخطط له البالغ (4.529) تريليونات دولار، بما سيخلق عجزًا في الميزانية قدره (1.092) تريليون دولار([3]).
ويأتي ما يقرب من نصف إيرادات السنة المالية 2019 من ضرائب الدخل، التي تُسهم بنحو (1.698) تريليون دولار. وتُضيف ضرائب الرواتب (1.242) تريليون دولار، وتشمل الضمان الاجتماعي والضرائب الطبية، في حين تضيف ضرائب الشركات (216) مليار دولار، وتأتي الـ(280) مليار دولار المتبقية من الضرائب غير المباشرة، والضرائب العقارية، والفوائد على ودائع الاحتياطي الفيدرالي، وغيرها من المصادر المتنوعة.
أولاً: التحول من الفائض إلى العجز إثر أحداث 2001
تميزت تسعينيات القرن العشرين بانتعاش مالي كبير؛ حيث خرج الاقتصاد من ركود عام 1991 وشهد أحد أطول التوسعات في التاريخ الحديث. نتيجة لذلك، بعد عدة سنوات من المحاولات الفاشلة لممارسة الانضباط المالي، انتقلت الميزانية الفيدرالية -بما في ذلك فائض الضمان الاجتماعي- من عجز قدره (4%) من الناتج المحلي الإجمالي إلى فوائض بلغت (2%) من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2000. ولعبت كل من تطورات الاقتصاد الكلي وإجراءات السياسة العامة دوراً هاماً في تحقيق هذا التصحيح. حيث عزز النمو الاقتصادي القوي إيرادات الضرائب، وأدت طفرة سوق الأسهم إلى زيادة غير مسبوقة في ضرائب أرباح رأس المال.
لكن منذ عام 2000، تآكل الوضع المالي الأمريكي بسرعة، مع تجاوز العجز (4%) من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2004، واختفت جميع المكاسب التي تحققت خلال العقد السابق. كما أثر بطء نمو العمالة على تحصيل ضرائب الدخل الشخصية وزيادة المدفوعات لدعم الدخل والبرامج ذات الصلة. بالإضافة إلى ذلك، أدى انفجار فقاعة الأسهم إلى انخفاض كبير في مجموعات ضريبة الأرباح الرأسمالية، مما عكس تماماً الزيادات غير العادية التي تحققت خلال التسعينيات.
وفي 2001، انخفض الإنفاق الفيدرالي إلى أدنى مستوى له كحصة من الاقتصاد منذ عام 1966، حيث نما الإنفاق الفيدرالي بنسبة (0.5%)، وهو أقل بكثير من المتوسط التاريخي البالغ (2.8%) (خلال الفترة 1962-2001) وحتى أقل من معدل النمو البالغ (3.9%) الذي توقعته إدارة بوش لعام 2002([4]).
وتقلص فائض ميزانية الحكومة الأمريكية عام 2001، متأثرًا بالاقتصاد البطيء وتراجع عائدات الضرائب وتأثير الهجمات الإرهابية التي وقعت في 11 سبتمبر (أيلول) من العام ذاته. ووفق ما أعلنته وزارة الخزانة الأمريكية آنذاك، تقلص فائض الميزانية للسنة المالية المنتهية في 30 سبتمبر (أيلول) 2001، إلى (127) مليار دولار من (237) مليار دولار عام 2000. وخلال العام 2001 حققت الحكومة إيرادات بلغت (1.99) تريليون دولار مُقابل مصروفات بلغت (1.86) تريليون دولار، في حين تم سداد حوالي (90) مليار دولار من الديون، وكانت تلك هي المرة الأولى منذ عام 1992 التي تتفاقم فيها الميزانية.
كذلك أدت هجمات 11 سبتمبر (أيلول) والحرب التي تلت ذلك على الإرهاب، وكذلك الجهود المبذولة لتحفيز الاقتصاد، إلى زيادات كبيرة في الإنفاق على الدفاع والأمن الداخلي، والبرامج الصحية والاجتماعية الأخرى. وإجمالاً، زاد الإنفاق التقديري من (5%) إلى (6%) من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2000 إلى (7%) من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2003، وهو ما يمثل حوالي ربع التحول المالي الإجمالي في ذلك الوقت([5]).
ومنذ الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر (أيلول) 2001، خصص الكونجرس الأمريكي أكثر من تريليون دولار للعمليات العسكرية في أفغانستان والعراق وأماكن أخرى حول العالم. وجاءت تلك المخصصات في معظمها في صورة ديون من الأفراد والشركات في شكل سندات وأذون خزانة بمعدلات فائدة مرتفعة نسبياً، مما أدى إلى زيادة مدفوعات الفوائد على الديون.
وكان التأثير الاقتصادي الأكثر أهمية لهجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) هو كيف أدى الإنفاق الدفاعي المتزايد إلى أزمة الديون الأمريكية. حيث يعتبر الدين هو أكبر التزام للحكومة الفيدرالية. وفي نهاية عام 2017، كانت الحكومة مدينة بمبلغ (14.664) تريليون دولار للأفراد والمؤسسات الذين أقرضوها المال لتمويل العجز السابق. وخلال تلك السنة، دفعت الحكومة للجمهور حوالي (310) مليارات دولار من الفائدة على هذا الدين.
بالإضافة إلى ذلك، أصدرت وزارة الخزانة نهاية عام 2017 مبلغ (5.540) تريليونات دولار كديون مستحقة للحسابات الحكومية. ونتيجة لذلك، بلغ إجمالي الدين الفيدرالي، وهو مجموع الديون التي يحتفظ بها الجمهور والديون التي تحتفظ بها الحسابات الحكومية، نحو (20.206) تريليون دولار. وبلغت الفائدة على إجمالي الدين الفيدرالي (457) مليار دولار عام 2017.
وتمثل الديون البالغة (14.665) تريليون دولار التي تحملها الجمهور في نهاية عام 2017 زيادة قدرها (498) مليار دولار عن المستوى المُتحقق في نهاية عام 2016. وهذه الزيادة هي نتيجة لعجز قدره (665) مليار دولار عام 2017 ومعاملات تمويل أخرى قلصت من الحاجة إلى الاقتراض بمقدار (168) مليار دولار. وانخفضت الديون التي يحتفظ بها الجمهور من (76.7%) من إجمالي الناتج المحلي في نهاية عام 2016 إلى (76.5%) من إجمالي الناتج المحلي في نهاية عام 2017.
وفي السنة المالية 2020، تقدر مدفوعات الفوائد على الدين الوطني بمبلغ (479) مليار دولار. وبحلول عام 2029 ، سيتضاعف المبلغ إلى (823) مليار دولار، ليصبح ثالث أكبر بند في الميزانية بعد الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية([6]).
ووجد البنك الدولي أنه إذا تجاوزت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي هذه النقطة الحرجة لفترة طويلة من الزمن، فإنها تبطئ الاقتصاد، علماً بأن كل نقطة مئوية من الدين أعلى من هذا المستوى يكلف الولايات المتحدة تراجعاً في النمو بنسبة (1.7%).
ثانياً: ركود ما قبل الأزمة المالية العالمية
بعد ركود 2001، انخفض العجز الفيدرالي خلال السنوات اللاحقة، ثم تعرضت أمريكا لركود آخر ابتداءً من العام 2009. وكان التراجع الاقتصادي الحاد واضحًا في صيف وخريف عام 2008، حيث اقتربت رئاسة بوش من نهايتها. وكانت معالم ذلك الركود متمثلة في هبوط قطاع الإسكان، انهيار الأسواق المالية، وفقدان الوظائف. وضرب الركود الميزانية، مما قلل من عائدات الضرائب وتضخم نفقات التأمين ضد البطالة والطوابع الغذائية وغيرها من برامج شبكة الأمان. وهو ما أدى إلى ارتفاع العجز عام 2009 بأكثر من (700) مليار دولار في خضم مزيد من عمليات الإنقاذ المصرفية بموجب برنامج التوسع الاقتصادي. وبعد انهيار السوق عام 2008، ظل العجز الفيدرالي أعلى من (1) تريليون دولار حتى عام 2013([7]).
وتعاني الحكومة الفيدرالية من عجز منذ عام 2002. ويعود العجز الكبير الحالي في ميزانية الولايات المتحدة إلى خمسة عوامل رئيسة([8]):
- ارتفاع الإنفاق الإلزامي على الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية وما شابه ذلك.
- زيادة الإنفاق العسكري الذي بدأته حرب الرئيس بوش على الإرهاب من أحداث سبتمبر (أيلول) 2001.
- أدى تباطؤ عام 2001 والأزمة المالية عام 2008 إلى تباطؤ النمو وخفض إيرادات الضرائب.
- برنامج التحفيز الاقتصادي لعام 2009 والذي أنهى الركود العظيم. وبلغ العجز في السنة المالية 2009 -الذي بدأ قبل أربعة أشهر تقريبًا من تولي الرئيس أوباما منصبه– (1.4) تريليون دولار، وكان يمثل (10%) من إجمالي الناتج المحلي، أكبر عجز بالنسبة إلى الاقتصاد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
- تأثير الثلاثة تخفيضات ضريبية من قبل الرؤساء بوش وأوباما وترمب، والتي أدت إلى تراجع الإيرادات الضريبية بشكل كبير.
وفي فبراير (شباط) 2009، سنت إدارة أوباما والكونجرس قانون التعافي وإعادة الاستثمار الأمريكي (ARRA) لوقف الانهيار الاقتصادي، وهو ما أضاف مليارات الدولارات إلى العجز. ومنذ ذلك الحين، سن صانعو السياسة العديد من التدابير الأخرى -بما في ذلك التخفيضات الضريبية للشركات، والمعونة المؤقتة للدول، وعلاوة جزئية لرواتب العمال، وتمديدات إعانات البطالة- لتحفيز الانتعاش ومساعدة العاطلين عن العمل.
ثالثاً: تطور الإنفاق العسكري منذ أحداث 2001
يُقدر الإنفاق العسكري الأمريكي للعام المالي الجديد الممتد من 1 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 حتى 30 سبتمبر (أيلول) 2020، بنحو (989) مليار دولار. ويعتبر الإنفاق العسكري ثاني أكبر عنصر في الميزانية الفيدرالية بعد الضمان الاجتماعي. وينقسم الإنفاق العسكري الأمريكي إلى أربعة مكونات:([9])
- الأول: الميزانية الأساسية البالغة (576) مليار دولار لوزارة الدفاع، وتمول استراتيجية الأمن القومي واستراتيجية الدفاع الوطني، ولا تشمل تكلفة الحرب.
- ومن المُقرر أن تنفق وزارة الدفاع (9.6) مليارات دولار على استراتيجية الإنترنت وتوسيع الذكاء الاصطناعي. كذلك ستقوم ببناء حقل صواريخ جديد في ألاسكا للدفاع ضد تهديدات الصواريخ الباليستية.
- الثاني: تخصيص (174) مليار دولار في عمليات الطوارئ الخارجية لوزارة الدفاع لمحاربة الإرهاب. ومنذ عام 2001، أنفقت الخزانة الأمريكية نحو (2) تريليون دولار لدفع ثمن الحرب على الإرهاب.
- الثالث: مجموع الوكالات الأخرى التي تحمي أمريكا، بمبلغ (212.9) مليار دولار. وتشمل وزارة شؤون المحاربين القدامى (“93.1” مليار دولار). والوكالات الأخرى هي: وزارة الأمن الداخلي (“51.7” مليار دولار)، ووزارة الخارجية (“42.8” مليار دولار)، والإدارة الوطنية للأمن النووي في وزارة الطاقة (“16.5” مليار دولار) ومكتب التحقيقات الفيدرالي والأمن السيبراني في وزارة العدل.
- الرابع: تخصيص (26.1) مليار دولار لوزارة الخارجية والأمن الداخلي والدوائر الأخرى.
- الحرب على الإرهاب
أعلن الرئيس بوش الحرب على الإرهاب في 20 سبتمبر (أيلول) 2001، في خطاب ألقاه أمام الكونجرس. وقال: “حربنا على الإرهاب تبدأ بالقاعدة، لكنها لا تنتهي عند هذا الحد. ولن تنتهي حتى يتم العثور على كل جماعة إرهابية ذات نطاق عالمي وتوقفها وهزيمتها”.
ويشمل الإنفاق على الحرب على الإرهاب ثلاثة عناصر رئيسة: أولها: الإنفاق على عمليات الطوارئ الخارجية؛ حيث يخصص الكونجرس تلك الأمول التي لا تخضع لقيود الميزانية. ثانيها: الزيادات الكبيرة في الميزانية الأساسية لوزارة الدفاع. ثالثها: الإضافات إلى ميزانية وزارة شؤون المحاربين القدامى لعلاج الجنود الجرحى.
Source: https://www.thebalance.com/war-on-terror-facts-costs-timeline-3306300.
بدأ الإنفاق الأمريكي على الحروب بالتطور في السنة المالية 2001، بتخصيص الكونجرس (22.9) مليار دولار كتمويل طارئ للحرب في أفغانستان. ثم حول بوش تركيزه من أفغانستان إلى الحصول على موافقة الكونجرس على حرب العراق في 2002، وهو ما رفع مخصص الإنفاق العسكري إلى (59.1) مليار دولار.
وفي السنة المالية 2003 شنت الولايات المتحدة حرب العراق في 19 مارس (آذار) لتحدث طفرة في تكلفة تمويل الحرب على الإرهاب إلى (111.9) مليار دولار. وارتفعت تكاليف الحرب مرة أخرى في العام 2006 إلى (127) مليار دولار مع تكثيف الحرب في العراق، ومن ثم شهدت تكاليف الحرب في العراق لمواجهة الإرهاب طفرة في 2007 إلى (192.5) مليار دولار. وفي السنة المالية 2008 تصاعد العنف في أفغانستان، وهو ما أدى لارتفاع تكلفة الحرب على الإرهاب إلى (235.6) مليار دولار.
ومع تولي الرئيس أوباما منصبه في السنة المالية 2009، قُدرت موازنة الإنفاق على الحرب بنحو (197.1) مليار دولار بعد أن أرسل أوباما (17) ألف جندي إضافي إلى أفغانستان في أبريل (نيسان). ووعد بإرسال (30) ألف شخص آخر في ديسمبر (كانون الأول)، وركز على مهاجمة قوات طالبان والقاعدة على الحدود مع باكستان. وفي السنة المالية 2010 قام أوباما بتمويل عملية تقليص منسقة للقوات الأمريكية في العراق، وقُدرت موازنة الحرب على الإرهاب بنحو (181) مليار دولار.
وفي السنة المالية 2011 طردت القوات الخاصة أسامة بن لادن في 1 مايو (أيار) 2011، وأعلن أوباما أنه سيسحب (10) آلاف جندي من أفغانستان بحلول نهاية العام، و(23) ألفاً بحلول نهاية 2012. وهو ما رفع تكاليف الحرب على الإرهاب إلى (162.4) مليار دولار. قبل أن تنخفض مرة أخرى إلى (119.6) مليار دولار في 2012 مع إعلان أوباما سحب (23) ألف جندي آخرين من أفغانستان في الصيف، وترك (70) ألف جندي. وتقلصت الميزانية بصورة أكبر إلى (49.6) مليار دولار فقط في 2013، بعد أن تحولت القوات الأمريكية إلى دور التدريب والدعم فقط. واستعادت طالبان والولايات المتحدة مفاوضات السلام.
وعاودت ميزانية الإنفاق على الحرب الارتفاع في 2014 إلى (88) مليار دولار مع إعلان أوباما الانسحاب النهائي للقوات الأمريكية من حرب أفغانستان. وقامت إدارة أوباما بتدريب القوات الأفغانية في 2015 مع وضع ميزانية مُقدرة بنحو (65.7) مليار دولار. وارتفعت إلى
(89.7) مليار دولار في 2016 بعد أن عادت القوات الأمريكية إلى العراق لتدريب الجنود المحليين لمحاربة تنظيم داعش.
وارتفعت ميزانية ترمب للحرب على الإرهاب في 2018 إلى (142.3) مليار دولار بغرض التوسع في القوات البحرية والقوات الجوية، مع التركيز على الأمن السيبراني. واستمرت الميزانية في الارتفاع خلال السنة المالية 2019 إلى (150.8) مليار دولار بغرض منع أي عودة لتنظيم الدولة الإسلامية من خلال العمل مع القوات والوكالات الشريكة لتحقيق الاستقرار في المدن المحررة، وتأمين الحدود، والحفاظ على السيطرة الإقليمية، وتعطيل قدرتها على مهاجمة الولايات المتحدة.
- من الذي أنفق أكثر على الحرب على الإرهاب: بوش، أوباما، أم ترمب؟([10])
يُعتبر الرئيس بوش مسؤولاً عن الميزانيات من السنة المالية 2002 -السنة المالية 2009. كما أضاف (31) مليار دولار للحرب على الإرهاب إلى ميزانية الرئيس كلينتون للسنة المالية 2001. ويعتبر إجمالي تلك التسع سنوات هو (1.16) تريليون دولار.
ثم قام الرئيس أوباما بحملة حول تخفيض الإنفاق على الدفاع، حتى إنه أسقط عبارة “الحرب على الإرهاب”. وحصل على جائزة نوبل للسلام لسحب القوات من العراق في 2011. لكن إنفاقه على حرب العراق وأفغانستان بلغ (813) مليار دولار. ويعتبر ذلك المبلغ أقل بنسبة (30%) من نفقات الرئيس بوش.
وجاء الرئيس ترمب متبنياً حملة بزيادة الإنفاق الدفاعي. وأضاف (30) مليار دولار إلى ميزانية أوباما للعام المالي 2017. وفي السنوات المالية من 2018-2020، مُتوقع أن يُضيف ترمب (402.6) مليار دولار، ليصبح المجموع (432.6) مليار دولار.
رابعاً: توقعات بمزيد من العجز
يُتوقع أن يبلغ عجز الموازنة الفيدرالية الأمريكية للعام المالي 2020 حوالي (1.103) تريليون دولار، وذلك مع ارتفاع الإنفاق الفيدرالي إلى (4.75) تريليونات دولار أعلى من إيراداتها البالغة (3.65) تريليونات دولار. ويعتبر هذا العجز أعلى بنسبة (1%) من العجز المتوقع للعام الجاري 2019. حيث يتوقع أن تُحقق ميزانية السنة المالية 2019 عجزًا قدره (1.09) تريليون دولار، وذلك بإنفاق قدره (4.53) تريليونات دولار أكثر من إيرادات متوقعة بنحو (3.44) تريليونات دولار. وفقًا لتقرير مكتب الإدارة والميزانية للسنة المالية 2020.([11])
ويأتي الارتفاع في العجز المالي نتيجة لثلاثة عوامل تراكمية على مدى السنوات الطويلة الماضية، وهي([12]):
- أولاً، هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، والتي أدت إلى زيادة الإنفاق المُوجه إلى الحرب على الإرهاب، وهو ما أدى إلى إضافة (2.4) تريليون دولار إلى الدين الفيدرالي منذ عام 2001. وضاعفت أمريكا –تقريباً- الإنفاق العسكري السنوي، ليرتفع من (111.9) مليار دولار في 2003 إلى قمة بلغت (150.8) مليار دولار خلال العام الجاري 2019. ويشمل ذلك ميزانية وزارة الدفاع والإنفاق في حالات الطوارئ خارج الميزانية، وزيادة في وزارة شؤون المحاربين القدامى.
ومن المُقرر أن تبدأ إدارة ترمب بتسجيل مخصصات جديدة للإنفاق الدفاعي مع بداية العام المالي الجديد في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2019. ويقدر أن تصل إلى (989) مليار دولار، وهذا يضيف إنفاقًا على الإدارات التي تدعم الدفاع، مثل الأمن الداخلي والإدارة الوطنية للأمن النووي.
كذلك يُعتبر الإنفاق العسكري الأمريكي هو الأكبر على مُستوى العالم، فهو أكبر أربع مرات من ميزانية الصين العسكرية البالغة (228) مليار دولار، ويوازي (10) أضعاف الإنفاق العسكري الروسي البالغ (69.4) مليار دولار([13]). لذلك من الصعب تخفيض عجز الموازنة دون خفض الإنفاق الدفاعي الأمريكي.
- ثانياً: تعتبر التخفيضات الضريبية سبباً آخر للعجز المتزايد لأنها تقلل من الإيرادات المُحققة. وفي 2013، قدّر مركز سياسات الموازنة والأولويات أن التخفيضات الضريبية التي أجراها الرئيس بوش ستضيف (5.6) تريليونات دولار إلى العجز خلال الأعوام الممتدة من 2001 إلى 2018.
- ثالثاً، الميزانيات الإلزامية التي تُضيف المزيد إلى العجز، حيث يشير بعض الناس إلى مساهمة تكلفة الضمان الاجتماعي البالغة (1) تريليون دولار في تفاقم العجز. كذلك هناك برنامج Medicaid الذي يوفر الرعاية الصحية لذوي الدخل المنخفض، والمتوقع أن يبلغ (426) مليار دولار في السنة المالية 2020.
وتتضمن الميزانية الإلزامية أيضًا (611) مليار دولار كتمويل لبرامج دعم الدخل لأولئك الذين لا يستطيعون إعالة أنفسهم. ويشمل ذلك برامج الرعاية الاجتماعية مثل TANF وEITC ومساعدة الإسكان. ويشمل أيضًا إعانات البطالة لأولئك الذين تم تسريحهم. والقروض الطلابية التي تساعد في خلق قوة عاملة أكثر مهارة. وبرامج التقاعد والإعاقة الأخرى المخصصة لأولئك الذين كانوا موظفين فيدراليين سابقين. ويشمل ذلك موظفي الخدمة المدنية وخفر السواحل والجيش.
وعلى الرغم من أن الضغوط طويلة الأجل على الإنفاق تنبع أساسًا من شيخوخة السكان وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، فإن هذه الضغوط ليست جديدة. وكان صانعو السياسة يعرفون ذلك عندما قاموا بسن التخفيضات الضريبية في عهد بوش، ووافقوا على خوض الحروب على الأموال المقترضة.
ومن المتوقع أن تتكلف الميزانية الإلزامية (2.841) تريليون دولار في السنة المالية 2020. ويتزايد الإنفاق الإلزامي بشدة لأن عدداً أكبر من مواليد الأطفال يصلون إلى سن التقاعد. وبحلول عام 2030، سيكون واحد من كل خمسة أمريكيين أكبر من (65) عامًا.
وارتفعت نسبة السكان الذين تبلغ أعمارهم (65) عامًا فما فوق من (11%) عام 1979 إلى ما يقدر بنحو (15.9%) في 2019 ومتوقع أن تصل إلى (19.5%) عام 2029. وبناءً على تقديرات مكتب الميزانية الفيدرالية، سوف تُمثل شيخوخة السكان وحدهم حوالي (7-8%) من إجمالي الزيادة في الإنفاق على الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي بين عامي 2019 و2029([14]).
وإجمالاً، أضافت الحرب على الإرهاب (2.4) تريليون دولار منذ عام 2002، إلى ديون الولايات المتحدة. كما أنه يزيد من عجز الموازنة الأمريكية. ولا تقتصر التكلفة الحقيقية للحرب على الإرهاب على ما أضافته إلى الدين، بل إنها تتضمن أيضاً الوظائف المفقودة التي كان من المُمكن أن تخلقها تلك الأموال في حال تم توجيهها للاستثمار والإنتاج. فكل مليار دولار تنفق على الدفاع يخلق (8.555) وظيفة ويضيف (565) مليون دولار إلى الاقتصاد. كذلك كل مليار دولار تم استقطاعه كخفض ضريبي كان من شأنه أن يحفز الطلب الكافي لخلق (10.779) فرصة عمل ووضع (505) ملايين دولار في الاقتصاد كإنفاق بغرض البيع بالتجزئة.
[1]– U.S. budget surplus shrinks, https://money.cnn.com/2001/10/29/economy/budget/.
[2]– How the 9/11 Attacks Affect the Economy Today, https://www.thebalance.com/, 26/1/2019.
[3]– FY 2019 Federal Budget: Trump’s Budget Request, BY KIMBERLY AMADEO , Updated August 08, 2019.
[4]– The Disappearing 2001 Surplus:Tax Cuts, Budget Increases, and the Economy. by Richard Kogan and Robert Greenstein, https://www.cbpp.org/archives/8-22-01bud3.htm#N_3_.
[5]– U.S. Fiscal Policies and Priorities for Long-Run Sustainability, https://www.imf.org/external/Pubs/NFT/Op/227/index.htm, January 7, 2004.
[6]– Current US Federal Government Spending, https://www.thebalance.com/, 25/6/2019.
[7]– Economic Downturn and Legacy of Bush Policies Continue to Drive Large Deficits, https://www.cbpp.org/, 28/2/2013.
[8]– What Is the Federal Budget?, How Does It Work?, BY KIMBERLY AMADEO, Updated September 03, 2019.
[9]– US Military Budget, Its Components, Challenges, and Growth, https://www.thebalance.com, 22/4/2019.
[10]– War on Terror Facts, Costs, and Timeline, https://www.thebalance.com/, 25/6/2019.
[11]– Current US Federal Budget Deficit, https://www.thebalance.com, 8/5/2019.
[12] -How Does Fiscal Policy Impact the Budget Deficit?, https://www.investopedia.com/, 26/8/2019.
[13]– US remains top military spender, SIPRI reports, https://www.defensenews.com, 2/5/2018.
[14]– Program Spending Outside Social Security and Medicare Historically Low as a Percent of GDP and Projected to Fall Further, https://www.cbpp.org/, 8/3/2019.