هذه الدراسة قد نشرت في كتاب المسبار الشهري (115) “إيران ودول المغرب: المسألة الشيعية، يوليو/ تموز 2016”.
نتوخى من خلال هذه الورقة إبراز تحولات الموقف المغربي من التشيّع، بداية من سنة 1981 وانتهاء بالعام 2014.إنها فترة تاريخية مهمة جداً من تاريخ المغرب المعاصر، شهدت قضايا وأحداثاً ووقائع سياسية، ثقافية، اقتصادية واجتماعية…إلخ، أسهمت في تشكيل ملامح مغرب اليوم، وفي بناء علاقاته الخارجية.
أثناء البحث في هذه الفترة التاريخية نجد أن موضوع التشيّع حاضر فيها بقوة، في مقابل ندرة الإنتاج الأكاديمي المهتم بالقضية، إلاّ بعض الكتابات الصحفية والتقارير الدولية، وعليه تأتي هذه المحاولة للوقوف عند أبرز هذه الأحداث وتناولها بالتحليل؛ قصد استخلاص الكيفية التي تشكل بها الموقف المغربي من التشيّع.
سنعتمد –إذاً-في هذا البحث على المنهج التاريخي دون أن نترك أي مجال للأحكام المسبقة للتدخل في الموضوع أثناء استعراض أو تحليل هذه الأحداث، إذ سنعمل مند البداية على تبني الحياد القيمي بالمعنى الفيبري (نسبة إلى عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر (M. Weber))، كما سنتخذ كذلك من النقد المزدوج -كما يسميه عبدالكبير الخطيبي-أداة أساسية أثناء تحليلنا لمضمون النصوص الإعلامية.
نركز في هذا البحث على الأحداث السياسية والدبلوماسية بين المغرب وإيران، وبشكل خاص تلك الأحداث التي جاءت مباشرة بعد الثورة الإيرانية 1979، والمقصود هنا بالضبط هو ما وقع بين الملك الحسن الثاني والخميني سنة 1981 [2]، حيث شكلت واقعة إصدار الحسن الثاني فتوى يكفر فيها الخميني المنطلق الأساسي للتوتر الحاصل في العلاقات بين إيران والمغرب، ومصدراً لبلورة المواقف المغربية من التشيّع في فترات لاحقة.لكن هل هذا الحدث هو الوحيد الذي تحكم في العلاقات المغربية-الإيرانية؟ وهل هو المبرر الوحيد للموقف المغربي من التشيّع؟ أم إن الأمر يتجاوز ما هو دبلوماسي إلى أشياء أخرى قد يكشفها البحث في الموضوع؟ ثم ما دور متغير العلاقات بين المغرب ودول الخليج العربي في صوغ هذا الموقف؟
يطرح الموضوع أسئلة أخرى تتعلق بالتشيّع، فمبدئياً ينص الدستور على حرية المعتقد والممارسة الدينية، لكن ما موقع التشيّع ضمن هذه الحرية؟ وما واقع الطائفة الشيعية بالمغرب؟ وكيف أسهمت الأحداث الداخلية في المغرب في بلورة موقفه من التشيّع؟ وأخيراً، ما العلاقة الرابطة بين الحركات الإسلامية المغربية والطائفة الشيعية؟ هل تبنت موقف النظام المغربي نفسه؟
إن طرح هذه الأسئلة يدفعنا إلى بناء فرضية أن الموقف الرسمي المغربي من التشيّع كان على الدوام موقفاً سلبياً ورافضاً، لكن تفسير ذلك لا يتوقف عند الأبعاد الجيوسياسية التي ما فتئت الدبلوماسية المغربية تعبر عنها، وإنما نفترض أن للأمر دوافع أخرى داخلية وخارجية.أما بخصوص العلاقة بين الحركات الإسلامية المغربية، فنفترض أن الموقف المغربي قد تسرب إلى الحركات الإسلامية، وهذا الأمر يجد تفسيره في العمق السني المشترك لكلا الطرفين.
توضيح مفاهيمي.. الشيعة والطائفة
مفهوم الشيعة لغة واصطلاحاً
يقول ابن دريد: شايعتُ الرجل على الأمر مشايعة وشياعاً… وشيعت الرجل على الأمر تشييعاً، إذا أعنته عليه.وفلان من شيعة فلان، أي ممن يرى رأيه [3].
وقال ابن منظور: والشيعة أتباع الرجل وأنصاره، وجمعها شيع وأشياع جمع الجمع، ويقال: شايعه كما يقال والاهُ من الوَلْي.وأصل الشيعة الفرقة من الناس، ويقع على الواحد والاثنين والجمع، والمذكر والمؤنث، بلفظ واحد ومعنى واحد.وقد غلب هذا الاسم على من يتولى عَلِيًّا وأهلَ بيته (رضوان الله عليهم أجمعين)حتى صار لهم اسم خاص، فإذا قيل فلان من الشيعة عُرف أنه منهم، وفي مذهب الشيعة كذا، أي عندهم، وأصل ذلك المُشايَعةِ وهي المُتابعة والمُطاوَعة [4].
فالشيعة والتشيّع والمشايعة في اللغة تدور حول معنى المتابعة والمناصرة والموافقة بالرأي والإجماع على الأمر أو الممالأة عليه.
أما اصطلاحاً؛ فيقول الشهرستاني: الشيعة هم الذين شايعوا علياً (رضي الله عنه)على الخصوص، وقالوا بإمامته وخلافته نصاً ووصية، إما جلياً، وإما خفياً، واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاده، وإن خرجت فبظلم يكون من غيره، أو بتقية من عنده.وقالوا:ليست الإمامة قضية مصلحة تناط باختيار العامة وينتصب الإمام بنصبهم، بل هي قضية أصولية، وهي ركن الدين لا يجوز للرسل (عليهم الصلاة والسلام)إغفاله وإهماله، ولا تفويضه إلى العامة [5].
يتضح أن هذا التعريف يتصف، من جهة، بانطلاقه من المعطى التاريخي، ومن جهة أخرى، يظهر أن البروز التاريخي للشيعة هو في العمق قضية سياسية.إن الشيعة كفكر وعقيدة لم تولد فجأة، بل إنها أخذت طوراً زمنياً ومرت بمراحل عديدة.
وتنقسم الشيعة إلى فرق عدة؛ لكن عادة ما أرجع فرق الشيعة إلى أربع فرق:زيدية، إمامية، كيسانية وغلاة، وكل فرقة من هذه الفرق افترقت بدورها إلى فرق أخرى [6] حسب تقديري.
لقب الشيعة في الأصل يطلق على فرق الشيعة كلها، ولكن هذا المصطلح اليوم إذا أطلق –في نظري–لا ينصرف إلا إلى طائفة الاثني عشر، التي غالباً ما يتم وصفها بمثابة النهر الذي انسكب فيه كل الجداول والروافد الشيعية المختلفة، فقد استوعبت جل الآراء والعقائد التي قالت بها الفرق الشيعية الأخرى، ولذلك فإن هذا البحث بمجمله يقتصر على هذه الطائفة.
على أساس المعتقد الشيعي، ظهر التشيّع كنمط من التدين كتهديدات خارجية تكرس بها المعتقد بشكل عياني قابل للملاحظة، إنها مجموع تمظهرات تشمل تصوراً خاصاً للمعتقد، على الرغم من ادعاء الحاملين له الأحقية في ثمثيله والاستماتة في الدفاع عنه، وفي مراجعة طوائف أخرى تدعي الأحقية نفسها.
الطائفة في اللغة والمصطلح
تظهر كلمة «طائفة» في المعاجم اللغوية، على أنها «القطعة» من أي شيء أو من أي مجموع، وعليه لا تشترط نسبة الطائفة إلى العاقل.فإنما يسعها أن تكون «طائفة من الليل» ويسعها أن تكون «طائفة من الحكماء».وهي حين تميل إلى معنى المجموع، يجيز لها هذا الميل أن تكون بمعنى «الطواف» أي الاقتراب والمحايثة، وهو يشتمل على معنى الدوران حول شيء واحد والخروج من الذات نحو هذا الشيء أو الموضع.فيصبح «طواف» المعتمر بالبيت الحرام أو طواف الخاطرة بالبال نوعاً من الإلمام ينطوي على طلب انتساب إلى المطوف به من الطائف أو على قبول لهذا في ذاك.ويتبين أن المفاهيم المتعاقبة أو المتزامنة لكلمة «طائفة» العربية ولجمعها «طوائف»، انصرافها إلى إفادة معنى الاختلاط والتشعب والتمايز [7]، ولكن باتت تنفرد بوصف بالفرق الدينية أكثر من غيرها.
وقد تعني الطائفة القطعة أو الجزء من الجماعة كما جاء في الآية الكريمة: «وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ» [8].كما قد تعني المجموعة ككل، كما هو الحال في الآية التالية:«أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ» [9]، تشير هذه الآية إلى أن الطائفة هنا عبارة عن جماعة معروفة بمعتقدها الديني على غرار قريب مما هي عليه في اصطلاحنا اليوم.
اصطلاحاً، فالمُلاحظ أنه لا يوجد تعريف دقيق حتى الآن، وأن هناك خلطاً بين مفهوم الطائفة وبعض المفاهيم القريبة منه، هذا بالرغم من أن هناك بعض الكتابات العربية التي تحاول تناول هذه الإشكالية، وتقديم تعاريف متنوعة تختلف من باحث لآخر، إلا أنها في الغالب تسقط في تناقضات نتيجة تعدد أشكال وأنواع وظروف ومكونات الطوائف.الطائفة –إذاً-مفهوم مركب معقد تتداخل فيه المصطلحات والمكونات والمتغيرات، مثلما تتداخل فيه الأبعاد السياسية والدينية والاجتماعية.
التعريفات المختلفة لمفهوم الطائفة
يحدد المفكر أرينسبن (C.M.Arensbn) الطائفة على أنها وحدة بنيوية تنظيمية ثقافية واجتماعية.لكن هذا التعريف الشاسع والواسع دفع ببعض علماء الاجتماع الغربيين إلى التدقيق في المفهوم وتمييزه عن باقي الوحدات البنيوية، فمنهم من اعتبر أن كل جماعة مختلفة بمثابة جماعة طائفية، سواء كانت جماعة دينية أو مذهبية أو لغوية، أو حتى جماعة ذات نمط معيشي متميز مثل البدو والغجر [10].ويعرفها بيتر بيرجر (Peter. L. Berger)على أنها شكل من أشكال الرابطة الدينية بلا منازع، وأن الطائفة هي الشكل ذاته الذي يظهر نتيجة التأثير المباشر للدين، فانتقل هذا المفهوم من مجرد وحدة بنيوية تنظيمية ثقافية واجتماعية إلى شكل من أشكال الرابطة الدينية.
يذهب آخرون في تعريفهم للطائفية إلى أنها جماعة حصرية مغلقة تتحدى البيئة التي نشأت فيها، وينظرون إلى أنفسهم على أنهم نخب، مهمتهم الحفاظ على نقائهم الأخلاقي، وتغيير العالم وإعادة صوغه وفقاً لمبادئ دينهم التي يعتقدون في صحتها[11].
أما ماكس فيبر (M. Weber) وإرنست ترولتش (E. Troeltsh)فيريان أن الطائفة هي مجموعة من المؤمنين بمبادئ معينة ذات عضوية اختيارية أو تعاقدية، ويخرج ماكس فيبر بهذا التعريف عن الطائفية من حدود الإطار الديني إلى الإطار الفكري [12].
ومن خلال ما تم عرضه من تحديدات متعددة لمفهوم الطائفة، يمكننا تحديد سمات الطائفة من خلال العناصر التالية:
أنها جماعة منظمة لها تقاليدها وثقافتها المميزة.
أن أعضاء الطائفة ينحدرون من روابط التعاضد ويشاركون فعلياً في حياة الجماعة.
الطائفة عبارة عن مجموعة مغلقة.
تسعى الطائفة إلى نشر معتقداتها وتعميمها.
في اللغات الأخرى تحدث كلمة «الطائفة» هوساً شديداً على اعتبار أنها شر مطلق، وذلك على خلفية بعض حوادث الانتحار الجماعي وما شابه ذلك، واليوم يطرح الموضوع في صلة مع الدولة القومية، وذلك عندما يدار ملف الطوائف بشكل خاطئ من قبل الدولة، بشكل تصبح معه خطراً يستفحل في الواقع الاجتماعي، بل إن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فالآثار السلبية التي تخلفها إدارة الطائفية لا تقف عند الحدود الاجتماعية والسياسية؛ بل تمثل عقبة أمام التغيير الجذري والتقدم الحضاري، فيصبح الأمر في صورة نزاعات دموية تهدد بتفتت الدولة.
تطور العلاقات الإيرانية- المغربية
مرت العلاقة الدولية بين إيران والمغرب بمجموعة من المراحل المتسلسلة، بدءاً من التوافق السياسي، ثم القطيعة بين البلدين، إلى الانفراج السياسي.
ففي فترة ما قبل الثورة، وتحديداً في فترة حكم الشاه محمد رضا بهلوي، كانت العلاقة وطيدة جداً بين الحسن الثاني والشاه، تم تصويرها على أنها علاقة بين مملكتين عريقتين تربطهما علاقة شخصية [13]، لكن بعد الثورة سنة 1981أعلن المغرب منح حق اللجوء السياسي للشاه، الذي وصل إلى المغرب في 22 يناير (كانون الثاني) 1981قادماً من القاهرة التي كانت محطته الأولى على طريق المنفى، وحطت طائرته بمدينة مراكش التي كان الملك الحسن الثاني يقيم فيها، وفي يوم 30مارس (آذار) 1981، غادر الشاه المغرب بعد إقامة دامت بالضبط شهرين وثمانية أيام، سال خلالها مداد كثير، وحفلت بتحركات دبلوماسية وأمنية واسعة بحثا عن ملاذ آمن للشاه، من شأنه أن يحرر المغرب من عبء كان يزداد ثقلاً وخطورةً يوماً بعد يوم[14].
كانت إقامة الشاه محط انتقادات للعاهل الحسن الثاني، وخصوصاً أن الثورة الإيرانية كانت تحظى في فتراتها الأولى بإعجاب وتقدير من طرف شريحة واسعة من الشعب المغربي.لذلك كان الموقف المغربي محرجاً، وانتهى القرار الرسمي إلى ترجيح ترحيل الضيف الإيراني، خصوصاً مع بدء وصول بعض شظايا الانفجار الشعبي في إيران إلى المغرب، حيث هوجمت السفارة المغربية في طهران من طرف «الثوار» آنذاك [15].
وظلت الضجة التي أحدثتها الدعاية الإيرانية والمطالبة بتسليم الشاه وإعدامه، إلى أن تسلمته الولايات المتحدة الأمريكية بداعي العلاج من مرض السرطان، وفشلت محاولات تسليمه للمحاكمة والإعدام إلى أن توفي في مصر بعد أن منحه الرئيس المصري أنور السادات حق اللجوء.
ثورة نوعية
أحدثت الثورة الإيرانية زلزالاً كبيراً في العالم الإسلامي، فقد نجحت في تحويل النظام الملكي الإيراني إلى جمهورية إسلامية.وتطورت لتمر عبر مرحلتين:
الأولى كانت في منتصف سنة 1977إلى منتصف 1979، وعرفت تحالفاً بين الاتجاه الليبرالي والاتجاه الماركسي والجماعات الدينية، وذلك من أجل إسقاط الشاه محمد رضا بهلوي، وجاءت المرحلة الثانية التي حملت تسميتها «الثورة الخمينية» رسمياً، وانتهت إلى تأسيس الجمهورية الإيرانية الإسلامية بزعامة «الخميني»، واتسمت بقمع قوي لصفوف المعارضة من طرف جهاز المخابرات «السافاك»، خاصة أثناء تنظيم المظاهرات ضد الشاه.
لقد تعددت التفسيرات التي روجت لنجاح الثورة على الشاه:
حملات المعارضة ضد سياسة التغريب التي نهجها الشاه.
استعانته بأمريكا لمواجهة الثورة.
نهجه سياسة التقشف وسوء تقدير قوة المعارضة.
أصبح الخميني تقريباً رئيساً للدولة ومرشداً روحياً أعلى، وصرح بأن الحكومة الجديدة يجب أن تكون قائمة على المذهب الشيعي فقط.وبادرت قيادة الثورة بإعدام كبار الجنرالات وأكثر من (200) من مسؤولي الشاه بهدف إزالة خطر أي انقلاب محتمل[16].
وقد اعتبر الخميني إنشاء الحكومة الإسلامية في إيران مجرد خطوة أولى تجاه إنشاء الدولة الإسلامية العالمية [17]، لذا كان صدى الثورة الإيرانية قوياً:فعلى مستوى العالم العربي، أزعجت الثورة الإيرانية زعماء دول الخليج العربي، فظهور التيار الراديكالي الشيعي وسيطرته على بلد غني بالموارد الطبيعية، ودعوته التحريضية إلى إسقاط الأنظمة الملكية واستبدالها بجمهوريات إسلامية مزعومة، والدعوة إلى فوضى بحجة تحرر الدول من الظلم الاجتماعي والتأثير الغربي، رافقتها خطوات عملية تروم تصدير الثورة الخمينية إلى الدول المجاورة.ومع ارتفاع ملحوظ في تمدد التدين الشيعي بالبلدان العربية.
وفي هذا السياق عمل النظام المغربي على التصدي لكل ما اعتبره محاولات إيرانية لتصدير الثورة إليه[18] .خصوصاً مع توارد الأخبار عن وجود حملة للتشيّع بالمغرب مدعومة من طرف إيران، الشيء الذي تم اعتباره تدخلاً في الشؤون الدينية المغربية، ومساساً بالأساس الديني الذي تقوم عليه مشروعية نظام الحكم في المغرب (تمثيل أهل السنة)مما جعل النظام مضطراً إلى قطع العلاقات مع إيران سنة 1981.
أما النخب الدينية المغربية، فقد كان موقفها مسانداً لمعالم الثورة، ففي فبراير (شباط) 1979، بعثت رابطة علماء المغرب رسالة بتوقيع الأمين العام عبدالله كنون، إلى الخميني تحيي فيها ما اسمته انتصار الحركة الإسلامية في إيران.وتقول الرسالة:«إنها لحركة مباركة هذه التي تقودونها بحكمة وتبصر في نطاق البعث الإسلامي، والتحرر من الهيمنة الأجنبية التي فرضها الغرب والشرق على الساسة والشعوب العربية والإسلامية» [19].
لكن هذا الموقف لم يستمر طويلاً، بحيث لم تمض إلا فترة وجيزة لتظهر توترات بين إيران والمغرب، لكن التهم المتبادلة جعلت هذا الموقف يتغير، فكثيراً ما اعتبر الخميني نظام الحسن الثاني عميلاً لأمريكا، خصوصاً بعد استقباله الشاه أيام الثورة.ومن جانبه، لم يتأخر الحسن الثاني في الرد، حيث جمع مجلس العلماء وأصدر فتوى بتكفير الخميني، حيث قرر العاهل المغربي توظيف سلطاته الدينية باعتباره أميراً للمؤمنين (الفصل «19» من دستور سنة 1972)فقد ورد في واحد من أبرز خطاباته: «الخميني الذي كفّره المغرب، وكفّرناه رسمياً، لأنه يقول -الخميني–الإمام هو أقرب إلى الله من الملائكة المقربين ومن الرسل وحتى النبي (صلى الله عليه وسلم)».وفي مؤتمر القمة العربية الثاني عشر المنعقد بفاس في المغرب عام 1982، أعلن الملك استعداده لتنفيذ التزاماته بجانب باقي الدول العربية، نحو العراق بموجب معاهدة الدفاع المشترك العربية، ونتج عن حدة رد الفعل المغربي رد فعل آخر قوي جداً من إيران، إذ تمثل في اعترافها بالبولیساریو ولاتخاذها لموقف يدعم استقلال «الشعب الصحراوي» بالمغرب.فبقيت القطيعة مستمرة على مدى عقدين من الزمن، عبر عنها بمواقف حادة بين البلدين إزاء القضايا الدولية والإقليمية [20]، تطالها بين الحين والآخر حملات إعلامية موجهة إلى حدود وفاة الخميني، وإبداء النظام السياسي الإيراني الجديد نوعاً من الانفتاح والتقارب مع الدول العربية، مما سيفسح المجال لانفراج العلاقات بين الجانبين [21].
شكل قرار إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام1991منعطفاً مهماً في مسار العلاقات الثنائية، بحيث دخلت الدولتان في مرحلة جديدة من الانفتاح بفعل مجموعة من العوامل الدولية والإقليمية والمحلية، فقد كان لانهيار المعسكر الشرقي، وانتهاء الحرب الباردة تداعيات واضحة على المصالح القومية الإيرانية، دفعها إلى إعادة ترتيب أولوياتها من جديد، سواء في منطقة الشرق الأوسط أو في العالم العربي والإسلامي عموما [22].
لكن الانفراج السياسي بين البلدين لم يكن ليشهد النور لولا تغيير مواقف إيران من قضية الصحراء الغربية، حيث سحبت إيران اعترافها بالجمهورية الصحراوية سنة 1991، وفي السنة نفسها افتتحت السفارة الإيرانية بالرباط، ومن جانبها أقرت الرباط بحق إيران في استعمال الطاقة النووية في الأغراض السلمية، وفي هذه الفترة شهدت العلاقات نشاطاً متعدد الوجوه، وشكل البعد الثقافي والفكري النشاط الأكثر بروزاً، من خلال تنظيم معارض ثقافية إيرانية في المغرب، وإبرام اتفاقيات التعاون العلمي بين الجامعات المغربية والإيرانية.
العلاقة المغربية مع دول الخليج
عام 2009قطع المغرب من جديد علاقاته مع إيران، تماشياً مع موقف دول الخليج العربي من سياسة إيران الرامية إلى نشر التشيّع في هذه الدول وغيرها، فقد بدأ هذا الموقف الجديد يتبلور من خلال إعلان المغرب تضامنه المطلق مع البحرين، إثر احتداد العلاقة بين النظام الرسمي هناك وبين مواطنيه المحسوبين على تيار الولي الفقيه، فقد خرج المسؤول الإيراني «علي ناطق نوري»، رئيس مكتب المساءلة في مكتب المرشد الأعلى، والمتحدث السابق باسم مجلس الشورى لإيران، بتصريح اعتبر فيه أن البحرين محافظة إيرانية بحكم العدد الكبير من المواطنين المتشيّعين بالبحرين.وأدى هذا الموقف إلى إغلاق كل من السفارتين في المغرب وإيران، لكن الرابطة أرجعت هذا القرار إلى اتهام السفارة الإيرانية بممارستها الأنشطة الدعوية للتشييع بالمغرب، والدعم للبوليساريو على نحو غير رسمي.
لقد كان النظام المغربي ذا حساسية شديدة تجاه القوى الدينية الصاعدة في الثمانينيات، فكما رفضت الحركات الإسلامية الوليدة آنذاك، رفضت وجوداً مذهبياً قد يخل بما يحتله الدين من مكانة وأولوية في مشروعية الحكم، وهو ما دفع بالآلة الإعلامية المحلية إلى مساندة الحكم وكشف المخططات الإيرانية وخصوصاً تجاه القضية الوطنية للصحراء، والذي وصفته بأنه يتسم بالضبابية وعدم الوضوح.
وفي هذا الصدد يلزمنا أن نتناول علاقة المغرب بدول الخليج، خصوصاً دولة السعودية، فبالرغم من بعد البلدين جغرافياً، فهناك خصائص مشتركة بينهما من حيث الدين واللغة، كما أن كليهما عضوان في منظمات دولية، فعلاقة البلدين قوية جداً، حيث يحرص قادة الدولتين على تبادل الزيارات.
وتتجلى هذه العلاقة في مستويات عدة.سياسياً، نجد السعودية تدعم المغرب في قضية الصحراء، وبذلك أسهمت السعودية في تسوية العلاقة بين الجزائر والمغرب حول ملف الصحراء، وعلى المستوى العسكري شاركت المغرب بست طائرات حربية من نوع (F16)تحت قيادة السعودية في اليمن ضد الحوثيين في شهر مارس (آذار) سنة 2015.
أما على المستوى الاقتصادي، فيتضح أن العلاقة الاقتصادية بين البلدين في تحسن وتطور، فنجد انتقال التبادل التجاري من مليار دولار عام 2000إلى ملياري دولار سنة2011، وارتفعت الصادرات المغربية إلى السعودية من (62) مليون دولار سنة 2006 إلى (260)مليون دولار عام 2011، فيما ارتفعت الصادرات السعودية إلى المغرب لتبلغ نحو (1.75) مليار دولار سنة2011 [23].وكذلك على المستوى الثقافي والعلمي.
ويتضح –إذن-أن هناك تعاوناً واتفاقاً بين الأطراف في عديد من الموضوعات، فكان موقف كلتا الدولتين يعارض إيران، فقوة النظام الإيراني والمشكلة النووية الإيرانية تشكلان تهديداً رئيساً لدول العالم العربي حسب تقديراتهما.
وفي هذا السياق اتهمت البحرين، مجدداً، إيران بدعم التخريب والإرهاب، والتحريض على العنف عبر الحملات الإعلامية المضللة، ودعم الجماعات الإرهابية، من خلال المساعدة في تهريب الأسلحة والمتفجرات، وتدريب عناصرها، وإيواء المجرمين الفارين من العدالة[24].
ويذكرنا هذا بالتضامن المغربي مع البحرين، في المرحلة التي قطعت فيها المملكة المغربية علاقاتها مع الجمهورية الإيرانية، بسبب الخلاف الحاد الذي نشب بينهما وبين البحرين، فيما اختارت المملكة حينها إغلاق سفارتها في طهران وإقفال نظيرتها في الرباط كرد فعل [25].
كما أن إيران تحاول فرض الهيمنة على هذه الدول عن طريق المد الشيعي، أو ما بات يعرف بأساليب الاختراق الشيعي الذي يعتمد على عديد من الوسائل، أهمها الإعلام والمنظمات والجمعيات، وأصبحت معظم دول العالم العربي، خصوصاً دول الخليج، تعاني من التغلغل الشيعي.لذلك بدأت هذه الدول تضع إجراءات قوية ضد التشيّع، وهذا ما يزيد من اضطراب العلاقات بين إيران والخليج.
أما العلاقة بين المغرب ودول الخليج، فهي علاقة تكامل، فقد جاء انضمام المغرب والأردن إلى مجلس التعاون الخليجي سنة 2011، متخذة في الوقت ذاته موقفاً متشدداً حيال طهران، ومتهمة إياها بمواصلة التدخل في شؤونها الداخلية، من خلال ما وصفته بـ«التآمر على أمنها الوطني، وبث الفرقة والفتنة الطائفية بين مواطنيها»[26].
بعث الملك محمد السادس وزير خارجيته الطيب الفاسي الفهري عام 2008، بعد ارتفاع فاتورة النفط، التي أصبحت تثقل كاهل الميزانية المغربية في ظرفية اقتصادية حساسة جداً.جاء الرد سريعاً من دول الخليج ولم يتأخر، حيث حصلت الرباط في تلك السنة على دعم مناسب[27]، يدل على أن التقدير المتبادل والوقوف في الملمات هو ديدن العلاقة.
موقع التشيّع في المغرب: النسق السياسي والقانوني
يتسم الحقل السياسي المغربي بالتعددية والتنوع، إذ شكل منذ الاستقلال محط أحداث عديدة رسمت ملامح الفضاء العام المغربي المعاصر، وفي هذا الإطار سنحاول رصد بعض الأحداث ذات الصلة بمغرب اليوم، والتي برز فيها موقع التشيّع سياسياً أو عارضاً.
لقد شهد المغرب في السنوات الأخيرة من حياة الملك الراحل الحسن الثاني مرحلة انفتاح سياسي وثقافي، اتسمت بالانفتاح على أحزاب المعارضة، كما اتجه النظام إلى تمكين بعض الحركات الإسلاموية من الدخول في الحقل السياسي الرسمي، فتأسس حزب العدالة والتنمية لإضفاء الشرعية على الحركة الدعوية مثل «حركة التوحيد والإصلاح» هذا فضلاً عن الحرية التي أعطيت للفاعلين الجدد «كالتنظيمات السلفية» التي تشتغل في عمق المجتمع المغربي، لم يخرج المكون الشيعي عن هذا الإطار بحيث ظهرت بعض الحساسيات الشيعية تشتغل على المستوى الثقافي المتمثل في إقامة معارض خاصة للكتب الشيعية، وظهرت ليونة في التعامل مع هذه الظاهرة الجديدة، من خلال السماح بدخول وبيع الكتب العقائدية الشيعية.
استمر الملف الشيعي يراوح المجال الثقافي والنظام السياسي المغربي بشكل أكبر بعد تكوين حكومة التناوب، التي تقودها أحزاب الكتلة الديمقراطية [28]، انفتاح عززه انتقال العرش إلى الملك محمد السادس.لكن مع بداية سنة 2002شهدت المرحلة تحولاً سياسياً من حكومة حزبية عبرت عنها أحزاب الكتلة الديمقراطية إلى إسناد رئاسة الحكومة إلى التكنوقراط، لكن التحول الذي سيؤثر في الملف الشيعي هو التفجيرات الإرهابية يوم 16مايو (أيار) 2003بالدار البيضاء، لينتقل التركيز مما أسمته أحزاب الكتلة بـ«الانقلاب على المنهجية الديمقراطية» إلى كل ما هو ديني، حيث دشنت السلطات موجة كبيرة من الاعتقالات في صفوف الأحزاب السلفية، واتسعت دائرة العملية لتشمل الشيعة المغاربة، فقد كانت القائمة الأولى تضم أفراداً شيعة من المقيمين في المدن الواقعة شمال المغرب (طنجة، تطوان، الفنيدق)، بتهمة كانت من بين سلسلة التهم التي وجهت إلى السلفيين المعتقلين، وهي زعزعة عقيدة المغاربة المنصوص عليها في القانون الجنائي المغربي (الفصل «220» من القانون الجنائي المغربي).لقد شكلت هذه الأحداث إعلاناً صريحاً عن دخول المغرب في مرحلة أخرى من التدبير السياسي والديني، تضرر منها مختلف الفاعلين ذوي المرجعيات الدينية المختلفة التي لا تتوافق مع الأسس الدينية للشعب المغربي وتقوم عليها الدولة المغربية، والتي أعلن عنها الخطاب الملكي بتاريخ 30أبريل (نيسان) 2014 (العقيدة الأشعرية، المذهب المالكي، التصوف السني).
وعلى مستوى الممارسة، اتجهت المقاربة الرسمية نحو محاولة تأميم الحقل الديني، وسد المنافذ على الأفكار والتصورات الدينية المغايرة للوجهة الدينية الرسمية، في مسعى سريع نحو الانفراد بالحقل الديني وإقصاء الفاعلين فيه، أو منعهم إلى حين تجاوبهم مع التوجهات الجديدة للسلطة.
لقد أدت إجراءات السلطة المتخذة طوال الفترة ما بين (2002-2007)إلى تشكل حالة انكماش سياسي وديني وثقافي، رشدت فيه الكثير من الأنشطة الدينية بمختلف مرجعياتها، وبالمقابل تصاعدت أصوات أخرى تنوه بإشعاع المبادرات الأخرى التي كانت تسعى إلى تعزيز صورة الملك (ملك الفقراء) [29].
أريد للمحطة الانتخابية لسنة 2007أن تكون انطلاقة جديدة نحو أوسع مشاركة انتخابية تقوي القاعدة السياسية للاستقرار الداخلي.لكن اللحظة أفصحت عن وجود أزمة في المشاركة السياسية، وأفرز هذا حكومة ضعيفة، بمختلف التلاوين السياسية والأيديولوجية، حيث اليمين واليسار أفقدا وحدة التصور السياسي للحكومة التي لم تطرح بدائل حقيقية عن الفترة السابقة، ومنها المجال الديني الذي لم ينفلت من الضبط تحت شعار ما سمي في الخطاب الرسمي بالحفاظ على «الأنموذج المغربي في التدين»[30].
وفي ظل العمليات الإرهابية التي شهدت نشاطاً على المستوى العالمي، أصبح الفاعلون في المجال الديني والسياسي محط اهتمام واسع، وفي هذا الإطار سُلّط الضوء على المكون الشيعي في الأوساط الإعلامية إذ تصوره على شكل قوة سياسية واجتماعية، يمكن أن يسحب البساط من القوى الإسلامية الحزبية التقليدية.في 2008ارتأت بعض القوى القريبة من القصر في تأسيس حركة سياسية تمتص نخب الأحزاب التقليدية، وتعتمد شعاراً جديداً وهو مواجهة الإسلاميين بمختلف تلاوينهم المذهبية والسياسية، وقد تأسس هذا التيار عام 2008على شكل جمعية «لكل الديمقراطيين»، وسرعان ما تحولت إلى حزب سياسي باسم الأصالة والمعاصرة، تمكن من جلب شريحة واسعة من النخب السياسية، وحشد أعداء عديد من الإسلاميين تحث شعار «الشيعة أعداؤنا والإسلاميون خصومنا» والذي كان يجد صدى كبيراً عند الإعلانات التي أصبحت الدورية تكشف «خلية إرهابية» خصوصاً ما سمي بخلية «بلعيرج»[31] الإرهابية في فبراير (شباط) 2008 وما أحدثته من نقاش حول الامتدادات الدولية بهذه الخلية [32].
وجد الشيعة المغاربة في أحداث الربيع المغربي (20 فبراير (شباط) 2011)فرصة للدفاع عن أنفسهم فأيدوا وانخرطوا في الحراك تأييداً ومشاركة، من دون أن يشيروا إلى هويتهم الدينية، إذ غلب على خطابهم الانتصار لقيم الحرية والإصلاح والديمقراطية التي رفعها ما عرف بـ«الربيع العربي» في بعض الدول العربية المنكوبة[33].
لقد كان دستور 30 مارس (آذار) 2011متفاعلاً مع الحراك الشعبي، فقد ترافق مع الترويج لخطاب الاستثناء الذي يتم الحديث عنه بالمغرب، الانتصار «للأنموذج المغربي في التدين»، في تجسيد واضح لانفراد الملك بالسلطة الدينية (الفصل «41» من دستور 2011).
إن كل هذه الأحداث دفعت بالمغرب إلى تمييز فضاء خاص بالملك ضمن المجال العام، فمن حيث المبدأ نص الدستور المغربي على حرية المعتقد والممارسة الدينية (الفصل «3» من دستور 2011)، لكنه خصّ الملك (أمير المؤمنين)بالسلطة في مجال الدين.وعلى هذا الأساس استمر العمل في حصر المجال الديني ومراقبته عبر ترسانة من القوانين والإجراءات؛ تقوم على توجهات ومرتكزات عامة، تضمنها الخطاب الملكي ليوم 27سبتمبر (أيلول) 2008بتطوان، في افتتاحه للدورة السابعة للمجلس العلمي الأعلى سميت بـ«ميثاق العلماء»، ثم بعد ذلك «الخطة المندمجة لتأهيل الحقل الديني» تهدف إلى الحفاظ على المقدسات الدينية العقائدية منها والمذهبية للبلاد ومحاربة التطرف والغلو الديني، وتكريس الاحترام المتبادل بين مختلف الأديان والمعتقدات والثقافات السماوية الأخرى، كما تم إدخال اللامركزية وعدم التركيز في المجال الديني، واعتماد سياسة القرب من خلال إنشاء ما يسمى بالعامية العلمية في كل أقاليم المغرب، وكذلك الاهتمام بتكوين رسمي للأئمة وتفعيل دور المرشدين وتقوية التأطير الديني.
يثير الدستور الجديد جدلاً حقيقياً حول مدى التزام المغرب بالحريات والحقوق الشخصية للأفراد والجماعات، فمن خلال منطوق الفصل الثالث من الدستور، فإن الحرية في المجال الديني مكفولة دستورياً، لكنه يحدد المعتقدات المقصودة.
يسمح المنطوق الدستوري بالتسليم بأن الدولة تضمن الاعتقاد والممارسة الدينية، لكن تذييل المواد الدستورية بمبدأ احترام ثوابت البلاد، ينتج تأويلاً آخر يجعل مسألة ضمان حرية ممارسة الشؤون الدينية لا ينصرف إلا بمفهومها العام والشامل كما يبدو لأول وهلة، بل إن الأمر يتعلق فقط «بأهل الكتاب»، أي اليهود والمسيحيين، فهم المشمولون فقط بهذه الحماية الدستورية في ممارسة شؤونهم الدينية.إن اعتبار الإسلام دين الدولة، يعني أن هذه الأخيرة تضمن فقط حرية ممارسة العقائد التي يعترف بها الدين الإسلامي، أما ما سواها من المعتقدات الدينية والمذهبية، فغير معترف بها وغير مسموح بها [34].
ومع السياسة الجديدة لتأهيل الحقل الديني، اتضح ما يعنيه النظام من قوله:الإسلام دين الدولة، فمنذ خطاب الملك في أبريل (نيسان) 2004وإلى اليوم، واصلت الدولة المغربية عملية تقنين الدين عبر ثلاثة مستويات متداخلة مع بعضها البعض:العقيدة، الطقس الديني، والتنظيم، فقد أصبحت الدولة تحيل في ترسيخ هويتها الدينية على تقليد ديني عام متكون من عناصر ثلاثة:العقيدة الأشعرية، المذهب المالكي، والسلوك الصوفي.
لقد نتجت عملية التقنين هذه انطلاقاً من الحاجة إلى الاستقرار والاستمرارية، وسط وضع يتسم بالصراع الداخلي، الذي اتخذ أشكالاً أكثر وضوحاً بعد أحداث 16مايو (أيار) 2003الإرهابية، وما نتج عنها من تساؤلات حول مضامين العقيدة الرسمية، ومدى القدرة على تفسير مضامين الطقوس التقليدية، بحيث تجعلها مناسبة للأوضاع الجديدة، وقادرة على مقاومة المؤثرات الخارجية.مما جعل المذاهب الأخرى إلى جانب المذهب الشيعي خارج دائرة الاعتراف، فقد درج القضاء على تكييفها كجنحة «زعزعة عقيدة مسلم» المنصوص على عقوبتها في الفصل (220)من القانون الجنائي، بغض النظر عن حجم وجود الشيعة المتنامي في المغرب.
انتشار الطائفة الشيعية في المغرب
لا يمكن إغفال حقيقة انتشار التشيّع في المغرب الذي يقوده الأفراد المغاربة في كثير من المدن المغربية، ويمكن اعتبار ذلك أمراً طبيعياً بحكم حركية الأفكار وانتقالها الذي لا يقبل الحصر والتنميط، ما دمنا نعيش في عالم صغير تتحرك فيه المعلومة بسرعة فائقة عبر وسائط متعددة منفلتة عن قدرة السلطات على تأميمها والتحكم فيها، فلقد نجح المد الشيعي في التغلغل في المجتمع المغربي السّني المالكي نتيجة تفوقه في توظيف كامل طاقاته المذهبية، وعنفوان الشباب وجسارة الطرح في جذب فئة تعيش ظروفاً خاصة جعلها أكثر قابلية من غيرها للتوجه منذ فترة يصعب تحديدها، لكن الظاهرة سجلت وجوداً سوسيولوجياً للتشيّع بالمغرب قبل الثورة الإسلامية في إيران بسنوات طويلة.
ومع بروز التيار السلفي بدأ التعاطي رسمياً مع الظاهرة باعتبارها حالة سياسية منظمة تخالف التقليد المحلي، الذي يتكفل الملك بالحفاظ عليه وحمايته من «المذاهب الدخيلة»، بعد ذلك بدأت بوادر استيعاب الملف من خلال توجه السلطة إلى ترك التشيّع مع مراقبته على خلفية الخشية من أن تستثمر من دول أخرى، وخصوصاً أن السياق في دول الخليج يرجح هذا الإمكان.
تبين الحالات أن المتدين الشيعي لم يكن ليظهر سوى ضمن حاملي المعرفة الدينية الذين أقنعهم التوجه الجديد، وقد ذكر للباحث أحد قادة المذهب «عصام احميدان الحسني»، أنه كان مالكياً بالوراثة كما هو حال معظم الشعب المغربي، ثم انفتح على الحركة الإسلامية في سن مبكرة (14سنة) وعاش في صفوفها إلى أن تحول إلى المذهب الجعفري.وكان لبعض كتب المرجع الشيعي محمد حسين فضل الله الدور الأكبر في انتقاله إلى المذهب الجعفري [35].
وبعد ذلك توالت المحاولات التي تروم البحث عن أصول المذهب في الثقافة المغربية، من خلال تكييف معطيات التدين الشعبي لتصبح معبرة عن تشيّع عميق، والمقصود هنا انتشار الزوايا والأضرحة والأولياء وثقافة النسب الشريف والانتماء لآل البيت.وبذلك شكل نمط التدين الشعبي السائد في المغرب إحدى أبرز الوسائل التي تم استغلالها من طرف الطائفة الشيعية لأجل تكوين قاعدة شعبية شيعية، إذ شكل تقديس النسب الشريف في التدين الشعبي المغربي سنداً لمجموعة من المبحوثين لتأكيد ضرورة تبنيهم المذهب الشيعي!
وقد كان للإعلام دور أساسي في تقوية التوجه العقدي، وتحويله إلى اعتقادات شخصية طائفية دينية مغلقة تعبر عن نفسها طقسياً في مناسبات المذهب المعروفة، ساعد على ذلك النقل المباشر الذي تحظى به هذه المناسبات من طرف القنوات الفضائية الشيعية والمواقع الإلكترونية، التي حولت عديد الفئات إلى أبناء مفترضين للمذهب.لقد تكّرس كذلك خطاب مذهبي يُعَدّ الإحالة الدائمة التي تفسر ما درج المغاربة على ممارسته من طقوس واحتفالات ما فتئوا يعبرون عنها بالطقوس، ولو لم يقع إدراك مستندها المذهبي، إذ تشكل الطقوس المصاحبة للاحتفال بـ«عاشوراء» –مثلا- أحد معالم هذا الأمر.
تصور المنابر الإعلامية الشيعية المغرب بلداً ذا تدين شيعي في العمق.يعتقد إدريس هاني المثقف المنسوب إلى المذهب المعروف في مقال له بعنوان «التشيّع كمكون سوسيو-ثقافي مغربي» نشر في موقع «هسبريس» [36] أن تاريخ المغرب أسهم في تكون هوية مغربية مركبة، فبقدر ما اتسع المغرب للتسنن اتسع كذلك للتشيّع.ويؤكد أن قدر التسنن المغربي أن يعبر عن نفسه شيعياً، ويتجلى هذا الأمر بشكل واضح في نظره في الخصوصية الدستورية المغربية ويقول:«إذ لا أحد ينفي استنادها إلى الإسلام السني، غير أنها تعبر عن نفسها شيعياً من الناحية الشكلانية».[37] لكن استعارة رموز التشيّع وشكلانيته في التعبيرات الوظيفية لا تعني وجود مرجعية شيعية.وفي العمق يعتقد أن التشيّع هنا حاضر بوصفه احتياطاً يتم اللجوء إليه متى لم يعد في استطاعة الإسلام السني أن يفي بالغرض.فداخل الإسلام السني يصبح للتعبيرية الشيعية خصوصية وظيفية محضة [38].
وقد جاء في التقرير الذي نشره معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى سنة 2014حول الحريات الدينية في العالم، أن الحكومة المغربية تتجه إلى التمييز بين الشيعة الذين اعتنقوا المذهب الشيعي، بدافع الشعور بقناعة دينية، وأولئك الشيعة الذين يعتنقون هذا المذهب دعماً لقضايا الشيعة الدولية.وقد تجلى ذلك في حجم المساحة النسبية الممنوحة للقادة الشيعة البارزين في المغرب، ومن بينهم إدريس هاني، مقارنة بالرقابة القريبة للمغربيين العاديين الذين يبدون اهتماماً بالمذهب الشيعي[39].
ويتزايد صخب النقاش والآراء حول التشيّع في المجتمع المغربي يوماً بعد يوم، تارة على هامش التصريحات التي يطلقها القادة الدينيون، أو عند صدور تقارير دولية حول الموضوع (تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية في العالم)بشكل يضفي مزيداً من اللبس في التمييز المشار إليه أعلاه بين الشيعة المتدينين بالمذهب الذين تميل الدولة بصورة أكثر إلى التغاضي عنهم، وأولئك الذي يدعمون «حزب لله» أو إيران الواقعين تحت المراقبة الدائمة.بل أكثر من ذلك، وأحياناً يعمق تحرير النقاش ليمتد إلى تناول سلوك الدولة في التعاطي لحرية الممارسة الدينية، وعلى الخصوص عندما تكون منضوية في إطار جمعية حائزة على الشرعية القانونية، وتقديرنا يكون تحول هذه العلاقة إلى شكل سياسي عقائدي، مع تمدد العقائد السلفية المكفرة للشيعة [40] والتي ما فتئت تحذر من خطر الطائفية وتدعو إلى الوحدة الدينية التي هي من أهم مرتكزات النظام السياسي الحالي[41].وبالفعل فقد وجد هذا النقاش وقعه عندما رفضت السلطات المغربية سنة 2013تقديم الاعتراف الرسمي لتأسيس جمعية شيعية باسم «الخط الرسالي [42]»، في حين لجأ هذا التنظيم الجديد إلى المشروعية الخاصة، فتسجل وفق القانون التجاري لأجل الحصول على مشروعيته القانونية كمؤسسة للأبحاث [43].
جاء الاعتراف اللاحق سنة 2015بصيغة الشيعة المغاربة المنتظمين بالمؤسسة التجارية بدل الجمعية المدنية، في سياق تفاوض توافقي حول حلول وسطى، بين السلطات والشيعة، الممثلة في الخط الرسالي، استبعدت فيه صيغة الجمعية التي اتخذت عبرها عديد التجارب حاملاً تنظيمياً ووسيطة ثقافية في مسعى انتقالي نحو تأسيس كيان سياسي.
ويؤكد الشيعة المغاربة أن علاقة بلادهم التي تزداد فتوراً يوماً بعد يوم مع إيران، تنبع من تحالفها مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، فضلاً عن الخوف من تكوين طائفة شيعية موحدة ومتماسكة في المغرب، لا سيما في الدار البيضاء وطنجة.وفي الواقع، قطع المغرب علاقاته مع إيران عام 2009عندما اتهم الجمهورية الإسلامية بنشر التشيّع داخل المغرب، في محاولة منها لزعزعة استقرار وحدتها الدينية الداخلية.كما كان ذلك رد فعل على النزاع الحدودي الإيراني-البحريني، على الرغم مما يقوله بعض النقاد بأن ذلك مجرد ذريعة للمواقف الصريحة التي اتخذت [44].
يبدو أنه ليس هناك إرادة من لدن السلطة السياسية لإلغاء التشيّع، كما عبرت عن ذلك السياسة الرسمية إبان الثورة الإيرانية، ولكنها تريد تياراً واضحاً لها تجعله قابلاً للتأقلم وفق إمكاناتها الأمنية والاستراتيجية، حيث نعثر على علامات ذلك في عبارات على هامش الخطاب الرسمي الذي يدفع بين الحين والآخر إلى ضرورة فهم فلسفة إمارة المؤمنين، من حيث كونها إمارة ترعى مختلف أنماط التدين، وتقتضي أن تشمل كل المواطنين المغاربة أياً كان دينهم، بشكل يتوافق والإلحاح الدستوري على حرية الاعتقاد، وما هو مصادق عليه من مواثيق دولية، كالاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان، التي تلزم الدولة وتجرم الإكراه الديني.
إن الدولة المغربية تدرك، بحكم تجاربها السابقة مع الحركات الدينية والسياسية، أن محاولة استئصال تيار ما، في دولة كبيرة مثل المغرب، قد يُحدث خللاً على موازين القوى، تؤول نتائجه إلى ظهور قوة منافسة أخرى.لذلك يمكن الرجم بأن ما تفعله الدولة اليوم هو قياس الحجم الحقيقي الكمي والنوعي للتيار الشيعي من أجل ترويضه، والإبقاء عليه كطائفة دينية يمتنع عليها الخوض في ما يعكر صفو المزاج العام للدولة.
الحركات السلفية والشيعة المغاربة
لقد ظهرت الملامح الأولى للعلاقة بين السلفية أو الحركة الإسلامية والمغربية، وبين الحركة الشيعية منذ فترة الثورة الإيرانية، إذ كان لبعض الحركات الإسلامية المغربية مواقف متفاوتة تجاه الثورة.وكانت جل ملاحظات عبدالسلام یاسین، زعيم حركة العدل والإحسان [45] واضحةً في إعلان سنیة جماعته، بل حرصها على السلمية وعدم مخالفة مذهب السنة والجماعة، كما صرح بذلك في كتابه «المنهاج النبوي».أما عبدالكریم مطیع -مؤسس الشبیبة الإسلامیة فلم یبد طیلة عشر سنوات من تأسیس الشبیبة الإسلامیة أي موقف من الشیعة والتشیع كخیار عقائدي مذهبي، ولم یعرف له مساندة حقیقیة للثورة الإیرانیة، فقد كان موقفه متردداً بین دعمها والتهجم عليها، يفسر ذلك الوضعية التي كان يعيشها في دول الخلیج، وحيثيات طرده من المملكة السعودیة على خلفیة أحداث الحرم، وسعیه للبحث عن لجوء سیاسي، وهو مسعى يقترن بنوعية المواقف غير المحسوبة تجاه الثورة، لكنّ قيادات الشبيبة الموالين له سجلوا له موقفين:موقف داعم للثورة الإیرانیة مساند لها، ذهب إلى حد دعم الفكر الشیعي [46] والثناء على الثورة الإیرانیة ومجد قائدها الإمام الخمیني، ولعل كتابه «الثورة الإسلامیة قدر المغرب الراهن» یفسر هذا الموقف وقوة التأثير الذي تركته الثورة الإسلامیة على فكره وخطاه السیاسية.
أما الموقف الثاني فهو الموقف الذي انتهى إلیه بعد استقراره في لیبیا وإصداره مجلة المجاهد.وهو موقف الدارس المحايد المتأمل في التجربة، دون أن يُسجَّل عليه موقف سیاسي[47].
لقد كان لموقف الحكومة المغربية في دفاعها عن الوحدة المذهبية ضد التشيّع ردود فعل داخلية تراوحت بين مؤيد ومنتقد.فقد سارعت حركة التوحيد والإصلاح [48] إلى تأييد موقف الحكومة المدافع عن سنية المغرب ووحدته العقدية، مشددة [49] على أن الوحدة المذهبية للمغرب شيء ثابت ولا يجوز التفريط فيه.ومن واجبات الدولة الحزم في الدفاع عن الأمن الروحي والسياسي للمواطنين ضد التشيّع، لكنها طالبت في الوقت نفسه الحكومة بتنوير الناس بحقيقة التشيّع وحجمه، مشككة في أرقام متداولة حول عدد المغاربة.
أما جماعة العدل والإحسان فكان لها موقف آخر عبرت عنه على لسان عمر أحرشان، عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية، حيث أبدى أسفه من تسرع المغرب في قطع العلاقات مع إيران، إذ -في نظره-كان يمكن أن يتم الاقتصار على تجميد موقت أو ما شابه ذلك، دون الوصول إلى قطع العلاقة نهائياً، مؤكداً أنه من الصعب أن يلقى الخطاب الشيعي صداه في المغرب إلا لدى فئات قليلة معدودة على رؤوس الأصابع، ولن يكون لها تأثير على تدين المغاربة السني المالكي [50].
في ما يخص العلاقة بين المغرب وإيران، فقد عبرت جميع التنظيمات الإسلامية عبر بياناتها عن أسفها للدواعي التي أدت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 2009، داعين البلدين إلى استئناف العلاقة بينهما في إطار ما يقتضيه ذلك من الأخوة الإسلامية والاحترام المتبادل [51].
إن موقف جماعة العدل والإحسان أدى إلى ظهور ردود فعل قوية، وخصوصاً أن الشیخ محمد المغراوي، الذي یمثل أبرز رموز التیار السلفي التقلیدي بالمغرب، شن هجوما لاذعاً على جماعة العدل والإحسان، التي وصفها بـ«الدعوة المشؤومة» ومَثَّلها كـ«امتداد» للشیعة في إیران، ممن یطلق عليهم نعت «الروافض»، محذرًا من بدعتهم كما حذر مما أسماه «الخطر الجدید» و«المد القبیح»، في إشارة إلى الشیعة، والذي یحتاج –وفقه-إلى مواجهة، مضیفاً أن هذا التیار بات له كیان في المغرب وانتشر أصحابه في عدید من القطاعات في المدارس والأسواق والأندیة والأحزاب [52].
إن هذا الصراع الحاصل بين الطائفتين بعد انسحاب الدولة؛ التي كانت في السابق طرفاً رئيساً في هذا الصراع، أصبح اليوم أكثر حدة، وخلق مجموعة من المشادات بين مكونات هذه الطوائف.لا سيما بعد أن تمكنت الدولة من إدخال الحركات الإسلامية في المسرح السياسي فتحول الصراع بين الإسلاميين والشيعة لصالح الدولة، بشكل يقدح في الشيعة بالوكالة عنها، ومن دون أن تتورط في تدخل حقيقي، قد توصف على إثره بأنها تهضم حقوق الأقلية الشيعية.
الخاتمة
يتسم الموقف المغربي من التشيّع بالانتقالية، وبخضوعه لمجموعة من العوامل وعدد من الأحداث والقضايا، فمنذ أن شهدت فترة الثورة الإيرانية واقعة تكفير الخميني وإعلان العداء ضده، ثم في فترة لاحقة أصبح الموقف خاضعاً لمتغيرات العلاقات الإيرانية -الخليجية.كما أن سلوك الدولة كان خاضعاً لمتغيرات الساحة الداخلية، إذ أسهمت في تشكيل مواقف مختلفة حول الطائفة الشيعية بالمغرب، فبعد حراك (20)فبراير (شباط)عمل المغرب على تدبير القضايا الدينية بشكل حاسم على مستوى السياسات المعلنة، وبطريقة انتقائية في المستوى غير الرسمي، بحيث أوكل إلى قوى الحقل الديني التعبير عن مختلف المواقف الرسمية والشعبية، والتدخل باسم ذلك في الأوقات التي يفتقر فيها الملف الشيعي إلى واجهة محددة.
[1] أكاديمي في كلية الحقوق في جامعة ابن زهر، باحث في مركز جاك بيرك للعلوم الاجتماعية (المغرب).
[2] نشرت الفتوى في العدد الرابع من مجلة (دعوى الحق) الصادرة في شعبان – رمضان 1400 هـ ( تموز (يوليو) 1980 )، وذكرها الملك الحسن الثاني رحمه الله، انظر الرابط التالي:
[3] ابن دريد، جمهرة اللغة، تحقيق: رمزي منير بعلبكي، ج 2، القاهرة، دار العلم للملايين، 1987، ص872.
[4] ابن منظور، تحقيق: علي عبدالله الكبير وآخرون، لسان العرب، دار المعارف، ص2378.
[5] محمد، عبدالكريم الشهرستاني، تحقيق محمد سيد كيلاني، الملل والنحل، بيروت، دار المعرفة، ص145.
[6] عبدالقادر، البغدادي، الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية، بيروت، دار الآفاق الجديدة، 1982، ص16.
[7] أحمد، بيضون، مصطلحا «طائفة» و«طائفية» ترسيمٌ لنَسَبهما الدَلالي على نيّة المترجمين، فصلية بدايات، 13 فبراير (شباط) 2013، على الرابط التالي:
http://www.bidayatmag.com/node/244
[8] سورة النور، الآية 2.
[9] سورة الأنعام، الآية 156.
[10] عبداللطيف، فاروق، «الطائفية… قراءة في المفهوم ودلالاته»، فكر أونلاين، 17 أغسطس (آب) 2014، على الرابط التالي:
http://fekr-online.com/index.php/article
[11] المرجع السابق.
[12] عبدالحكيم، أبو اللوز، «علم الاجتماع وظاهرة الطوائف الدينية، التراث النظري»، أنفاس، 17 أغسطس (آب) 2008، على الرابط التالي:
http://www.anfasse.org
[13] الحسين، الزاوي، المغرب العربي وإيران..تحديات التاريخ وتقلبات الجغرافيا السياسية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة، يناير (كانون الثاني) 2011، ص9.
[14] توفيق، ناديري، «ظروف وملابسات إقامة شاه إيران في المغرب بعد خروجه من بلاده بعد أن فرّ هارباً من الثورة الإسلامية بقيادة الخميني»، موقع مغرس، 13أغسطس (آب) 2011، على الرابط التالي:
http://www.maghress.com/almassae/138794
[15] المرجع السابق.
[16] الثورة الإيرانية الإسلامية، الموسوعة الحرة ويكيبيديا، 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2015، على الرابط التالي:
https://ar.wikipedia.org/wiki/
[17] عبدالعلي، حامي الدين، «العلاقات الإيرانية من القطيعة إلى الانفتاح»، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 17يناير (كانون الثاني) 2011، على الرابط المختصر التالي:
http://cutt.us/Euj0M
[18] المرجع السابق.
[19] توفيق، ناديري، مرجع سابق.
[20] عبدالعلي، حامي الدين، مرجع سابق.
[21] نفسه.
[22] محمد، الحيدري، «التحولات الجيوبوليتيكية»، الجغرافيا الجديدة للأمن الإيراني، مجلة شؤون الأوسط، العدد (121)، 2006، ص49.
[23] العلاقات المغربية- السعودية، الموسوعة الحرة ويكيبيديا، 21 أكتوبر (تشرين الأول) 2015.
[24] الشيخ اليوسي، «المغرب يجدد دعمه لدول الخليج ويبعث رسائل إلى طهران»، هسبريس، 4 يناير (كانون الثاني) 2015، على الرابط التالي:
http://www.hespress.com/politique/279425.html
[25] المصدر السابق.
[26] عواصم، «المغرب ينضم إلى مجلس التعاون الخليجي»، مغرس، 5 نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، على الرابط التالي:
http://www.maghress.com/marayapress/6938
[27] «المغرب يعود إلى سياسة طلب المساعدات الخليجية»، مغرس، 26 مايو (أيار) 2008، على الرابط التالي:
http://www.maghress.com/almassae/9790
[28] تكتل حزبي مغربي رأى النور يوم 17 مايو (أيار) 1992 كإطار من أجل تنسيق مواقف الأحزاب المكونة له:الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الاستقلال، التقدم والاشتراكية، منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، والاتحاد الوطني للقوات الشعبية.كان الهدف المعلن توحيد جهودها في نضالها الموحد من أجل تحقيق مطلب الإصلاح.
[29] يلقب الملك محمد السادس بلقب «ملك الفقراء»نتيجة اتجاه إلى الاقتراب أكثر من الفئات الفقيرة عقب كل مناسبة، وقد تكرس هذا اللقب أكثر بعد إعلانه عن مشروع «المبادرة الوطنية للتنمية البشرية»سنة 2005، وهي عبارة عن مشروع تنموي من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لسكان المغرب.يقوم على ثلاثة محاور أساسية :التصدي للعجز الاجتماعي بالأحياء الحضرية الفقيرة والجماعات القروية الأشد خصاصا، تشجيع الأنشطة المدرة للدخل القار والمتيحة لفرص الشغل، والعمل على الاستجابة للحاجيات الضرورية للأشخاص في وضعية صعبة.
[30] عصام ،احميدان، «التشيّع بالمغرب والمقاربات الرسمية الممكنة»، الإسلام في المغرب، 9 أكتوبر (تشرين الأول) 2012، على الرابط المختصر التالي:
http://cutt.us/9VbJS
[31] شبكة إرهابية بقيادة عبدالقادر بلعيرج، تم تفكيكها من طرف السلطات المغربية، وتصرح الحكومة المغربية بأنها «شبكة ذات صلة بالفكر الجهادي، كانت تعتزم تنفيذ أعمال إرهابية في عدد من المدن المغربية»، وذلك بعد أن قضت محكمة بلجيكية بعدم وجود أي دليل على ضلوع عبدالقادر بلعيرج في ست جرائم قتل وقعت بهذا البلد في الثمانينيات، والتي حكم عليه بالسجن المؤبد في المغرب بسببها.وقد ذهب ضحية هذه القضية مجموعة من الشخصيات السياسية المغربية، إلا أنه تم الإفراج عنهم سنة 2011 في أوج الربيع العربي بعفو ملكي.
[32] عصام احميدان، مرجع سابق.
[33] نفسه.
[34] عباس، بوغالم، «حرية المعتقد بالمغرب: مقاربة قانونية «، مغرس، 23 أبريل (نيسان) 2010، على الرابط التالي:
http://www.maghress.com/alhoudoude/851
[35] عماد، خضر، «ماهية الحالة الشيعية بالمغرب»، المسلم، 24 أبريل (نيسان) 2010، على الرابط التالي:
http://www.almoslim.net/node/110
[36] إدريس، هاني، «التشيّع كمكون سوسيو- ثقافي مغربي»، هسبريس، 2 سبتمبر (أيلول) 2009، على الرابط التالي:
http://www.hespress.com/writers/15002.html
[37] المرجع السابق.
[38] نفسه.
[39] فيش، سكتيفيل، «الطائفة الشيعية بالمغرب أصبحت أكثر جرأة»، معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، 14 يناير (كانون الثاني) 2014، على الرابط المختصر:
http://cutt.us/sB0Gu
[40] عبدالحكيم أبو اللوز، الحركات السلفية في المغرب (1971-2004)، بحث أنثروبولوجي سوسيولوجي، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، 2013، ص115.
[41] فيش سكتيفيل، مرجع سابق.
[42] الخط الرسالي هو خط عقائدي ينتصر لنمط من التدين الشيعي بالمغرب، فشل في الحصول على المشروعية القانونية من الدولة، فاتجه إلى إظهار نفسه في إطار قانون الشركات، حيث تأسس باعتباره مؤسسة للأبحاث في مارس (آذار) 2014. وللمزيد من التوضيح يمكن مراجعة موقع هذا التنظيم عبر الإنترنت، على الرابط التالي:
http://www.ressali.com
[43] نور الدين، لشهب، «ماذا يريد الشيعة المغاربة من وراء الاعتراف بـ«الخط الرسالي؟»، هسبريس، 19 فبراير (شباط) 2014، على الرابط التالي:
http://www.hespress.com/139451.html
[44] فيش سكتيفيل، مرجع سابق.
[45] جماعة إسلامية مغربية. وهي من أكبر التنظيمات الإسلامية بالمغرب، أسسها عبدالسلام ياسين ما بين سنة 1974و1981، وكان مرشدها العام إلى غاية وفاته سنة 2012، وخلفه محمد عبادي في 24 ديسمبر (كانون الأول) 2012 بلقب الأمين العام.
[46] وهو ما سجلته بعض الشهادات في ملف ذاكرة الحركة الإسلامیة، ومنها ما صرح به المهندس إدریس شاهين.
[47] «الحركة الإسلامية والموقف من التشيّع»، مغرس، يوم 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2008، على الرابط التالي:
http://www.maghress.com/attajdid/45292
[48] حركة دعوية مغربية؛ تهدف -حسب أدبياتها-إلى تحقيق نهضة إسلامية من خلال حركة إصلاحية معتدلة تعتمد المرجعية الإسلامية، وتتبنى خيار الشورى والديمقراطية.ويعود تاريخ نشأة حركة التوحيد والإصلاح بمشروعها الدعوي والتربوي والفكري والثقافي إلى أواسط سبعينيات القرن العشرين من خلال الفعاليات التي كانت تقيمها مجموعة من الجمعيات الإسلامية.
[49] على لسان مولاي عمر بن حماد نائب رئيس الحركة.
[50] عماد، خضر، «ماهية الحالة الشيعية بالمغرب»، المسلم، 25 أبريل (نيسان) 2010، على الرابط التالي:
http://www.almoslim.net/node/110603
[51] المرجع السابق.
[52] طارق بهندا، المغراوي، «العدل والإحسان (جماعة مشؤومة) والمغرب قابل للتشیّع»، هسبريس، 28/ مايو (أيار) 2015، على الرابط التالي:
http://www.hespress.com/orbites/265099.html