«تحولات خطاب الإسلام السياسي السعودي من الخلافة إلى الحقوق»، هو عنوان الكتاب الشهري الـ109، الصادر عن مركز «المسبار للدراسات والبحوث»، في الإمارات. ويتناول الكتاب التحولات في الخطاب الديني والسياسي عند الإسلاميين في الخليج عموماً، والسعودية خصوصاً.
وتهتم الدراسات المدرجة بالمتغيرات التي عرفها خطاب الحركات الإسلامية الخليجية، وتسعى إلى فهم مستوى التبدل لديها، من خلال التركيز على مسائل مركزية، ومنها العلاقة المتوترة مع الدولة، وموقع التنمية والحقوق عند التيارات الدينية، وتحولات الإخوان المسلمين في البيئة السلفية السعودية، إلى جانب مواضيع أخرى، بمشاركة كتاب مختصين.
وسعى الباحث السعودي عبدالله الرشيد، في دراسة بعنوان «خطاب التنمية والحقوق بين التيارات الدينية في السعودية»، عبر قراءة هذا الخطاب إلى الانطلاق منه إلى فهم الصورة الشمولية، والعقل المركزي لدى هذه التيارات في تعاطيها مع قضايا التنمية والحقوق، من خلال المسارين التاريخي والفكري.
وقال: «إن الصحويين راهنوا على استغلال ما اعتبروه ضعف الدولة، في مرحلة ما بعد أزمة حرب الخليج، ولكن الدولة فاجأتهم برفضها الرضوخ. وفاجأهم التيار الديني التقليدي أيضاً برفضه هذا التحالف، وجدد ولاءه للدولة ووقف معها في وجه الصحويين».
وناقش الباحث الأردني علي البلوي موضوع «الإخوان المسلمون وتحولاتهم في البيئة السلفية»، مبيناً أن السلفية التقليدية ظلت أمينة لمراجعها وتراثها ولعلاقتها مع الدولة، وحتى وإن تغيرت الأوضاع والظروف السياسية والثقافية، ثم أنتجت سلفية جديدة كلامية أقرب إلى المنهج الإخواني، غير أنها ظلت أمينة لمشروعها وتأصيلاتها الدينية، ولهذا لم يجد التنويريون الإسلاميون من يواجهونهم سوى التيار الليبرالي، على اعتبار أنه القوة المنافسة.
واعتبر البلوي التحولات التي يعيشها الإخوان المسلمون في السعودية والخليج واحدة، فهي جماعة ما زالت فاقدة الإرادة كبقية الأفرع التابعة للإخوان المسلمين في القاهرة.
وجعل اختلاف الظروف السياسية إخوان السعودية يظهرون على شكل إقطاعيات نخبوية جديدة، ولهذا كانت مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية هدفهم الرئيس.
وتطرق الكاتب محمد حسين الدوسري إلى موضوع «الدستور عند الإسلاميين السعوديين»، مبيناً أن كثيراً من الحركات التي أخرجت بيانات تدعو فيها إلى «الدستورية» أو إلى «حراك دستوري»، تحتاج إلى إعادة نظر في مفهومها للدستورية، إذ إن جميع مرجعياتهم نصية نقلية ولا يختلفون كثيراً عن المسار التاريخي للدولة السعودية.
«صعود الهوية» هو ما سعى إلى مناقشته الباحث في الفكر الإسلامي المعاصر حمّود حمّود، واضعاً «الهوية» أحد الأعمدة البنيوية للنسيج الأصولي، في حين يصف الطائفية بأنها أرض النبات الأصولي، وأن الطائفية والهوية لا تنفصلان، ويرى أن الصراع مع إيران سيمدّ في عمر الأصولية والأصوليين في المنطقة، وأن صراع الأصوليات هو نفسه صراع الهويات وعلى معناها. ويقسم الباحث أطراف الصراع إلى: أصوليي السنة وأصوليي الشيعة، ويخصص دراسة حاله لنماذج الطرفين من الخليجيين في الخارج.
وضم الكتاب أيضاً شهادات عدة على تحولات فكرية مر بها ثلاثة من الكتاب السعوديين، وهم: شتيوي الغيثي، عبدالله المطيري، سكينة المشيخص.
شتيوي الغيثي من جهته، يرى أن التجربة التي مر بها كانت أقل شهرة وحدة، لكن تبقى التجربة ذات بُعد يمكن من خلاله فهم انتشار ظاهرة التحولات في أكثر من مكان في السعودية، ولا يرى فيها تلك التحولات العنيفة، لا في فترة الصحوة، ولا في المرحلة اللاحقة لها.
ويعتقد عبدالله المطيري، في سياق سرده لتجربته، أن مراحل التدين الذي عاشه ويعيشه بدءاً من التدين البسيط، لحقتها خصومة عميقة معقدة مع العنف والسلطة، ثم القراءة سيلاً ضد الجهالة، والكتابة رفيقاً لها، وبفعل دراسته الشرعية، شرح المطيري كيف انتقل إلى مزاوجة الدين والفلسفة وميله للمذاهب العقلانية والمعتزلة، وحلل قراءاته في الفلسفة الغربية الحديثة والقديمة وكيف أنها صارت فرصة لتحويل الغضب والألم من المشكلات حولنا إلى بحث معرفي صحي ومفيد. يروي بعدها الكاتب دور أسفاره وعبرها في إثراء تجربته حول الآخر، وكيف تعلم من أسرته وزوجته أثناء عيشه في أميركا أنه يمكن أن نعيش حياتنا من دون كراهية وحقد على أحد، وأن نملأ بيوتنا بالمحبة بدلاً من الكراهية.