نادر ألفي ذكري[1]*
اعتاد الفنان القبطي على استخدام الرمزية التصويرية للإشارة إلى بعض الدلالات الدينية، مثل الصليب الذي يرمز إلى المسيحية، وحرفي الألفا والأوميجا في اللغة اليونانية، للإشارة إلى السيد المسيح نفسه، وغيرها من الرموز التي صُورت على شواهد القبور، وخصوصاً خلال الثلاثة قرون الميلادية الأولى، والتي ربما كان السبب الرئيس في استخدامها (الرمزية) هو بداية انتشار المسيحية التي اصطدمت مع الإمبراطورية الرومانية في تلك الفترة.
وبعد الاعتراف بالديانة المسيحية من قبل أباطرة القسطنطينية، استمرت طريقة استخدام الرمزية في بعض الرسوم، ولكن هذه المرة لتصوير وتجسيد فضائل على هيئة آدمية، يصاحبها تعليق باسم الفضيلة المراد الإشارة إليها، مثل: المحبة، والسلام، وطول الأناة، والتعفف، والفرح، وغيرها من الفضائل المختلفة. وظهرت رمزية الفضائل في البداية مرسومة على جدران المقابر المسيحية، مثل: مقبرة السلام في جبانة البجوات (القرن 4-5م) حيث تضم بعض المناظر التي تمثل أشكالاً آدمية تشير لبعض القيم والفضائل، مثل: السلام، والمحبة، والعدل، وكتب أعلاها بالحروف القبطية هذه المعاني. ورسمت بطريقة وأسلوب مبتكرين داخل قلايات رهبانية بسقارة وباويط (القرن 6-7م).
وعندما نقدم تعريفاً للفضائل على المستوى العام، نجد أنها تعبر عن مجموعة الصفات الإيجابية والمبادئ والقيم، التي تشير إلى الأخلاق الحميدة في كل الثقافات والحضارات المختلفة للبشرية كلها[2].
بينما التعريف الكتابي يصف الفضائل باعتبارها ثماراً للروح القدس، ولك من خلال الإشارة إلى وصف بولس الرسول إلى أهل غلاطية (5: 22-23، 22) “وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان (23) وداعة تعفف. ضد أمثال هذه ليس ناموس…”.
يركز هذا البحث على ظاهرة تستحق البحث والدراسة، وهي مناظر لأشكال آدمية مُجنحة، وجدت ضمن رسوم منطقتي سقارة وباويط، وترجعان إلى الفترة ما بين القرنين السادس والسابع الميلاديين، والتي تبدو من الوهلة الأولى، كما لو كانت رسوماً للملائكة بسبب الأجنحة، أو تبدو كمناظر لرؤساء الملائكة؛ وذلك لأنها تمسك بشكلٍ مستدير في اليد، أو ما يطلق عليه مصطلح جلوب (glob) وهو ما يقابل الجامة كمصطلح كتابي، وتتميز هذه الرسوم بظهور الأقراط في الآذان. وهذه المناظر لم يتم العثور عليها إلا في منطقتي باويط وسقارة فقط.
نطرح السؤال التالي: لماذا ظهر هذا النوع من الرسوم في هاتين المنطقتين بصفة خاصة (قلايات سقارة أرقام “607”، و”7989″، وقلايات باويط أرقام III، XII، [3]XVIII)؟ قد يشير هذا التشابه إلى علاقة فنية بين الفنانين الرهبان في المنطقتين.
ولكي نستطيع الإجابة عن هذه السؤال، نلاحظ أن نمط استخدام الأشكال الآدمية كرمز لفضيلة معينة، ظهر سابقاً في مقبرة السلام في جبانة البجوات، التي ترجع إلى الفترة ما بين القرنين الرابع والخامس الميلاديين، تضم بعض المناظر التي تمثل أشكالاً آدمية، ولكن غير مجنحة (كما هو الحال في سقارة وباويط) تمثل بعض القيم والفضائل مثل: السلام، والمحبة، والعدل، حيث كتب أعلاها باللغة القبطية أحد هذه المعاني[4].
لماذا ظهرت هذه المناظر للفضائل ترتدي أقراطا؟ ولماذا أيضاً تحمل الملامح الأنثوية كفتاة وسيمة المظهر والهيئة؟ ربما أراد الفنان القبطي تمييز الفضائل الملائكية، وتأكيد كونها ليست كالملائكة العادية، ولكنها مجرد صفات رسمت في هيئة رمزية. حيث رغب الفنان في رسمها كملائكة، ولكن مع تميزها ببعض الصفات الخاصة، التي أضفت عليها الملامح الأنثوية، والتي ربما قصد بها الفنان رسم منظر مميز ورمزي للفضائل[5].
ورسمت الفضائل من خلال أفريز من الأشكال النصفية المجنحة للفضائل، بشعر طويل وأقراط تأخذ شكل علامة العنخ المصرية، والتي تعني الحياة، ممسكين في أيديهم قرصاً مستديراً. وبجانب المنظر نجد نقشاً باللغة القبطية يدل على صفة المنظر كفضيلة ممثلة في شكلٍ آدمي مجنح. فنجد على الحائط الجنوبي لإحدى قلايات سقارة رقم (607) ثلاثاً من الفضائل التي وردت في رسائل بولس الرسول إلى أهل غلاطية، الإصحاح الخامس، العددان (22) و(23): “إن ثمار الروح القدس هي الإيمان والرجاء والمحبة، طول أناة، صلاح”، وتصاحبها كتابات أخرى ليست واضحة، ويزين أسفل هذه المناظر شريط ممتد من الزخارف النباتية المتداخلة بشكل جمالي[6]. وما يؤكد اقتباس الفنان القبطي هذه الفضائل النص التالي باللغة القبطية:
“22 poutah de nte pipna vai pe ouagapy ourasi ouhiryny oumetrefwounhyt oumet،rc oumetaga;oc ounah] 23 oumetremraus ouegkratia[7] nai mpairy] mmon nomoc ]oubyou”[8]
ترجمة النص القبطي باللغة العربية:
“22 وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان، 23 وداعة تعفف. ضد أمثال هذه ليس ناموس…”
فالملائكة -طبقاً للعقيدة المسيحية- ليست مذكرة أو مؤنثة، أي لا تحمل أي ملامح ذكورية أو أنثوية، ولكنها تأخذ الهيئة البشرية لكي يستطيع البشر إدراكها، حيث لا يذكر الكتاب المقدس جنس الملائكة. ولكننا نرى أنه يتم الإشارة إليهم بصيغة المذكر[9]، ويذكر “المزمور 104“: “الذي خلق ملائكته أرواحاً وخدامه نارًا تلتهب”، (المزامير 104: 4)، أي من خلال أرواح أي: ليس لها أجساد، وبالتالي لا يوجد فيها الجنس – بمعنى ليس فيها (Gender) أي ليس فيها ذكر وأنثى. وهذا ما يتطابق مع ما ذكره السيد المسيح عن حال المؤمنين في السماء: “لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةِ اللهِ فِي السَّمَاءِ” (متى 22: 30). وكما أنه لم يكن الإنجاب جزءاً من حياة الملائكة، فلا يوجد هناك داعٍ لوجود جنس لهم.
بينما أشار محمود زيباوي في كتابه إلى أن الملامح الأنثوية للفضائل بين الملائكة والشكل الأنثوي تعبر عن رمز مجازي للفضيلة نفسها[10]. ومثلها الفنان القبطي ببعض التفاصيل الفنية مثل الشعر المضفر المحاط بزخارف، والأقراط التي قد تعطي انطباعاً برقة الهيئة للمظهر، ويرتدي ملابس مزخرفة ذات حلايات، وبالرغم من تكرار الشكل، لكن الوجوه تعكس تميزاً بين كل وجه والآخر من مناظر الفضائل[11].
وبالرغم من أن مناظر السيدات في رسوم المرأة في دير الأنبا إرميا بسقارة ظهرت رؤوسهن مغطاة بغطاء يسمى في الملابس اليونانية والرومانية مافوريم[12] (Maphorium) وكذلك ظهر الغطاء نفسه في مناظر السيدة العذراء مريم، بينما مناظر الفضائل لم تظهر بهذا الغطاء بالرغم من وجود الأقراط في آذانهن، والتي ترمز بشكل مباشر إلى المظهر الأنثوي.
وهذه المناظر التي أخذت في تصويرها بعض تفاصيل الملائكة مثل الأجنحة والهالات والملابس الرومانية، ظهرت على جدران القلاية بجانب التعليق النصي بوصف كل منظر تعبيراً عن رمز لفضيلة معينة.
وظاهرة التعبير عن فضائل ظهرت كذلك في آسيا الصغرى، وعلى وجه التحديد في مدينة هاليكارناسوس (Halicarnassus)، حيث تناولت لوحة لأرضية منفذة بطريقة الفسيفساء، ويرجع تاريخها إلى القرن الرابع الميلادي، ومحفوظة بالمتحف البريطاني بلندن، واحتوت على إكليل من الغار الشهير لاستخدامه كرمز من رموز النصر في الفنون اليونانية، وكتبت بداخله باللغة اليونانية بعض الصفات الحميدة، التي تشير إلى فضائل مثل: الصحة، الحياة، الفرح، السلام، المحبة، والرجاء، وربما استخدم الفنان هذه الصفات داخل نطاق أو محتوى أخلاقي أو ديني أو جنائزي، ولا يلزم بالضرورة الاستخدام الديني البحت.
منظر رقم (1) أرضية من الفسيفساء عليها نقش باللغة اليونانية لبعض الأمنيات أو الفضائل، عثر عليها في هاليكرناسوس بآسيا الصغرى، محفوظة بالمتحف البريطاني بلندن، سجل رقم: no. 1857، 1220.434 (أبعاد طول: 1.14م، عرض: 1.14 م) نقلاً عن
http://www.lifo.gr/team/evrymata/45067
وبدأ الفنان القبطي يصور الأشكال الآدمية كرمز لفضيلة أو صفة لأول مرة في مقبرة السلام في البجوات بالواحات الخارجة، والتي يرجع تأريخها إلى الفترة ما بين القرنين الرابع والخامس الميلاديين، ولم يرسموا بهيئة مجنحة، ولكنهم يحملون قيماً مختلفة مثل السلام والصلاة والعدالة، حيث أشار بكتابة باللغة القبطية أعلى رؤوسهم[13].
منظررقم (3) لهيئة أنثوية لفضيلة الصلاة السلام، بمقبرة السلام، جبانة البجوات، القرن الرابع الميلادي. |
منظر رقم (2) لهيئة أنثوية لفضيلة الصلاة والعدالة، مقبرة السلام، جبانة البجوات، القرن الرابع الميلادي. |
شكل رقم (1) أنثوي يرمز إلى العدالة، نقلاً عن (A. Fakhry، 1951)، p. 77، fig. 70، pl. xxiv. |
منظر رقم (5) إحدى الفضائل مرسومة داخل دائرة، باويط، القرن السادس- السابع الميلادي، صالة رقم XVIII، نقلاً عن: ( J. Clédat 1904 pl LXVI) |
منظر رقم (4) إحدى الفضائل مرسومة داخل دائرة، باويط، القرن السادس- السابع الميلادي، صالة رقم XVIII، نقلاً عن: ( J. Clédat 1904 pl LXVII) |
منظر رقم (7) إحدى الفضائل مرسومة داخل دائرة، باويط، القرن السادس- السابع الميلادي، صالة رقم XVIII، نقلاً عن: ( J. Clédat 1904 pl LXVII) |
منظر رقم (6) إحدى الفضائل مرسومة داخل دائرة، باويط، القرن السادس- السابع الميلادي، صالة رقم XVIII، نقلاً عن: ( J. Clédat 1904 pl LXVIII) |
منظر رقم (9) فضيلة التعفف مرسومة داخل دائرة، باويط، القرن السادس- السابع الميلادي، صالة رقم XVIII، نقلاً عن ( J. Clédat 1904 pl LXX)
منظر رقم (11) رسم مائي لفضيلة التعفف مرسومة داخل دائرة، باويط، القرن السادس- السابع الميلادي، صالة رقم XVIII، نقلاً عن: ( J. Clédat 1904 pl LXXIII) |
منظر رقم (8) إحدى الفضائل مرسومة داخل دائرة، باويط، القرن السادس- السابع الميلادي، صالة رقم XVIII، نقلاً عن : ( J. Clédat 1904 pl LXX)
منظر رقم (10) رسم مائي لإحدى الفضائل مرسومة داخل دائرة، باويط، القرن السادس- السابع الميلادي، صالة رقم XVIII، نقلاً عن: ( J. Clédat 1904 pl LXXIV) |
شكل رقم (2) شريط زخرفي من رسوم الفضائل داخل دوائر متصلة في الجزء السفلي من تصوير يضم في أعلاه مجموعة من القديسين والشهداء، باويط، القرن السادس- السابع الميلادي، صالة رقم XII نقلاً عن:
(J. Clédat، 1904، p. 63، pl. XXXI)
التاريخ |
القرنان السادس/ السابع الميلادي |
المصدر/ المكان الحالي |
الحائط الغربي لصالة رقم (18)، دير الأنبا أبوللو- باويط |
الوصف |
المناظر السابقة تصور مجموعة من الأشكال الآدمية المجنحة داخل مجموعة من الدوائر المتصلة والمتكررة بشكل إيقاعي، التي ترمز إلى الفضائل، وتحيط برؤوسهم الهالات الصفراء، وزخرفة تشبه الأحجار الكريمة الرقيقة التي تتداخل مع خصلات الشعر لتشبه التاج، ولتزين الجزء العلوي من الوجه، أما الأجنحة فتنساب برشاقة إلى أسفل حتى الأكتاف. ورسمت ملامح الوجه في نطاق متسع يشمل العينين الوسعتين والجبين الممتد حتى الذقن، ليظهر وجه بيضاوي طويل نسبياً. |
نصوص |
على صدر المنظر رقم ( LXXIII ) كتابة باللغة القبطية كالتالي (–) tenkrati (?) ouegkratia والتي تعني فضيلة “التعفف” بعد استكمال الحروف المفقودة |
مراجع |
J. Clédat، Le monastère et la nécropole de Baouit (le caire، 1904)، pl. LXVI، LXVII، LXVIII، LXX، LXXIII، LXXIV، p. 95. |
منظر رقم (12) حنية بداخلها المسيح البندوكراتور في الجزء الأعلى، والسيدة العذراء مريم في الجزء السفلي، والإطار الخارجي يضم بداخله سلسلة من الدوائر المنفصلة، بداخلها وجوه وتصاحبها كتابة باللغة القبطية لفضائل مختلفة، باويط، القرن السادس- السابع الميلادي، صالة رقم (6)، محفوظة بالمتحف القبطي، رقم السجل 7118، نقلاً عن: (G. Gabra 2002 pl. 85 ) |
|
شكل رقم (4) رسم مائي لفضيلة داخل دائرة تحل محل الهالة ذاتها نقلاً عن: (J. Clédat، 1904، p. 23، fig.18. ) |
شكل رقم (3) رسم تخيلي لشكل الحنية يوضح وضع الفضائل في دوائر على الإطار الخارجي نقلاً عن: (J. Clédat، 1904، fig.18.) |
التاريخ |
القرنان السادس/ السابع الميلادي |
المصدر/ المكان الحالي |
حنية في الجهة الشرقية لصالة رقم (6)، دير الأنبا أبوللو- باويط، ومحفوظة بالمتحف القبطي برقم سجل (7118). |
الوصف |
المشهد الداخلي للحنية يصور السيد المسيح البندوكراتور جالساً على العرش وحوله الأربعة حيوانات غير المتجسدة، واثنان من الملائكة في وضع الانحناء باتجاه العرش، أما الجزء السفلي، فيحتوي على منظر للسيدة العذراء مريم تحمل على يديها السيد المسيح كطفل، ويحيط بها الاثنا عشر تلميذاً، بالإضافة إلى اثنين من القديسين المصريين. أما الإطار الخارجي للحنية فيصور مجموعة من الأشكال الآدمية داخل مجموعة من الدوائر منفصلة، وتصاحبها التي ترمز إلى الفضائل، وقد حلت الدائرة الصفراء محل الهالة لتحوي بداخلها الرأس بأكمله والرقبة وجزءاً ضئيلاً من بداية الصدر، وقام الفنان بزخرفة تشبه الأحجار الكريمة الرقيقة، التي تتداخل مع خصلات الشعر لتشبه التاج، وترتدي الفضائل أقراطاً بيضاوية من أسفلها ومدببة من أعلاها، ويظهر عقد مزدوج على الرقبة. |
نصوص |
كتابة باللغة القبطية حول الإطار الخارجي للحنية: Tpictic الإيمان، ;elpicالرجاء ، Pe;bio الاتضاع، ptbbo النقاء، tmntpmpas الصبر، tegratia العطفTagpe المحبة. |
مراجع |
J. Clédat، Le monastère et la nécropole de Baouit (le caire، 1904)، pl. LXXXI، p. 63. M. Capuani، Christian Egypt Coptic Art and Monuments Through two Millennia (Cairo، 2002)، p. 195، pl. 85. M. Zibawy، Images de l’egypte chretienne iconologie Copte (Paris، 2003)، p.80، pl. 89. |
منظر رقم (13) ثلاثة مناظر نصفية للفضائل ممسكة دوائر “الجلوب”، دير الأنبا إرميا، سقارة، صالة (607) نقلاً عن:
(J. E. Quibell، 1909، Pl. IX)
منظر رقم (14) منظر نصفي لفضيلة ممسكة دائرة “الجلوب”، دير الأنبا إرميا، سقارة، صالة (607) نقلاً عن:
( J. E. Quibell 1909، Pl. X )
منظر رقم (15) مناظر نصفية للفضائل، دير الأنبا إرميا، سقارة، صالة (1723)، محفوظة بالمتحف القبطي- سجل رقم: نقلاً عن:
(4883) (G. Gabra 2007، pl. 41)
شكل رقم (5) مناظر نصفية للفضائل، دير الأنبا إرميا، سقارة، صالة (607) نقلاً عن:
(M. Rassart-Debergh 1981 fig. 21)
التاريخ |
القرنان السادس/ السابع الميلادي |
المصدر/ المكان الحالي |
حوائط الصالة رقم (607)، (1723)، دير الأنبا إرميا- سقارة، والأخيرة محفوظة بالمتحف القبطي برقم سجل (4883). |
الوصف |
صور الفنان مجموعة من الأشكال النصفية المجنحة للفضائل الملائكية، في وضع المواجهة وتحيط برؤوسهم الهالات، وتمسك كلا اليدين لكل فضيلة القرص الدائري (glope)، ويرتدون الأقراط التي تقترب في هيئتها من علامة العنخ المصرية. |
نصوص |
كتابة باللغة القبطية بجوار رأس الفضيلة: Pictic الإيمان، ;elpic الرجاء، tagape المحبة، Hareshyt الصبر، Oumetrefwounhyt المُثابرة |
مراجع |
J. E. Quibell، Excavations at Saqqara (1907-1908) the monastery of Apa Jeremias )le Caire، 1909(، pl. X، p. 99. M. Rassart-Debergh، La décoration picturale du monastère de Saqqara (Roma 1981)، p. 55، fig. 21. G. Gabra، Coptic Monasteries (Cairo، 2002)، p. 120 –123. M. Zibawy، Images de l’egypte chretienne iconologie Copte (Paris، 2003)، p. 89. G. Gabra، M. Eaton – Krauss، The Treasures of Coptic Art: in the Coptic museum and churches of Old Cairo (Cairo، 2007)، pl. 40. |
منظر رقم (16) حنية تحمل السيدة العذراء مريم تتوسط ملاكين، ويظهر في أعلى الإطار الخارجي صف من رسوم الفضائل، دير الأنبا إرميا بسقارة نقلاً عن:
(M. Zibawy، 2003، pl. 100).
منظر رقم (17) رسم مائي لصف من الفضائل على الإطار الخارجي من الحنية السابقة نقلاً عن:
(J. E. Quibell 1912 pl. XXII)
التاريخ |
القرنان السادس/ السابع الميلادي |
المصدر/ المكان الحالي |
حنية في صالة رقم (1725)، دير الأنبا إرميا- سقارة، ومحفوظة بالمتحف القبطي برقم سجل (7987). |
الوصف |
المشهد الداخلي للحنية يصور السيدة العذراء مريم تقوم بإرضاع السيد المسيح وحولها اثنان من الملائكة أو رؤساء الملائكة. أما الإطار الخارجي للحنية فيصور مجموعة من الأشكال الآدمية داخل مجموعة من الدوائر صفراء اللون منفصلة، وتصاحبها التي ترمز إلى الفضائل، وقد حلت هذ الدائرة الصفراء محل الهالة لتحوي بداخلها الرأس بأكمله والرقبة وجزءاً ضئيلاً من بداية الصدر، وقام الفنان بزخرفة تشبه الأحجار الكريمة الرقيقة، التي تتداخل مع خصلات الشعر لتشبه التاج، وترتدي الفضائل أقراطاً تشبه علامة العنخ. ونظرات عيونهم تتخذ اتجاهات مختلفة، فنلاحظ بدءاً من اليمين، النظر يميناً، ثم اثين ينظران إلى الأمام، بينما الآخران ينظران إلى نفسيهما، مما يجعل المشهد حركي التعبير من خلال اختلاف حركة العيون. |
نصوص |
هناك بعض الحروف القبطية المكتوبة داخل الهالات، ولكنها غير واضحة بالشكل الذي يسمح بقراءتها، ومن المحتمل أنها تشير إلى أسماء الفضائل ذاتها، مثل الحروف المتبقية من الوجه الأوسط lpic والتي ربما هي جزء من كلمة الرجاء ;elpic |
مراجع |
J. E. Quibell، Excavations at Saqqara (1907-1908) the monastery of Apa Jeremias (le Caire، 1912)، pl. XXII. M. Rassart-Debergh، La décoration picturale du monastère de Saqqara (Roma، 1981)، p. 76، fig. 34. G. Gabra، Coptic Monasteries (Cairo، 2002)، p. 120 – 123. M. Zibawy، Images de l’egypte chretienne iconologieCopte (Paris، 2003)، p. 89، pl. 100 |
الفرق بين تصوير الفضائل والملائكة:
المنظر النمطي للملائكة يصورهم وهم يحيطون بمشهد السيد المسيح والسيدة العذراء مريم، وهم يقومون ببعض الأوضاع والإشارات باتجاههم، كساجدين أو منحنين، أو حاملين مباخر، وذلك طبقاً لدورهم في الفكر والعقيدة المسيحية، وفيما يلي مقارنة لإيضاح الاختلاف والتشابه الفني والتصويري بينهما.
الملائكة يرسمون بشكل آدمي مجنح، وتحيط برؤوسهم هالات القداسة. هيئة ذكورية في عمر الشباب. تصحبهم كتابة أسمائهم بجوار رؤسهم (ملائكة ورؤساء ملائكة، ملاك الرب، ملاك الله، رئيس الملائكة ميخائيل، غبريال… إلخ). يقومون بأداء أدوار مختلفة في المناظر تشمل التصنيفات التالية: كرسل سمائية، حراس، خدم الله… إلخ. |
الفضائل يرسمون بشكل آدمي مجنح، وتحيط برؤسهم هالات القداسة. هيئة ذكورية أو أنثوية في عمر الشباب. تصحبهم كتابة أسماء صفات الفضائل بجوار رؤوسهم (المحبة، الإيمان، الرجاء، طول الآناء… إلخ) يمثلون في هيئة نصفية أو في رأس فقط داخل الهالة. |
النتائج
ربما ظهر هذا النوع من الرسوم كوسيلة لمساعدة الراهب الناسك داخل القلاية، للـتأمل الروحي في الفضائل التي لابد من التمسك بها في الحياة بشكل عام، والحياة الرهبانية بشكل خاص.
وهذا النوع من الرسوم لم يظهر بعد القرنين السادس والسابع الميلاديين في الفن القبطي، سواء كان على الرسوم الجدارية أو على قطع فنية أخرى، حيث انتقل الفنان القبطي من رمزية القرنين الثاني والثالث الميلاديين، والذي كان سائداً في زخارف شواهد القبور الحجرية، والتي كانت متمثلة في رموز الصليب والألفا والأوميجا وأوراق وعناقيد العنب وسعف النخيل والطاووس والحمام والغزلان والأسود، حيث تحولت رمزية القرنين السادس والسابع إلى رمزية تأملية في هيئة الفضائل المتجسدة في هيئة أنثوية على جدران القلايات لتخدم الحياة النسكية لرهبان الأديرة.
وربما يشير الاشتراك الفني لمنطقتي سقارة وباويط، في هذا النوع من الرسوم، إلى علاقات قوية بين الديرين، سواء على المستوى الفني أو الروحي أو الإداري.
ويبدو أن الرهبان لم يعتبروا هذه الرسوم مجرد تجسيد للفضائل، وإنما اعتبروها ترتيباً خاصاً بين طغمات ورتب الملائكة[14].
اهتم الفنان القبطي بإبراز العنصر الرمزي الذي تجسد في رسوم آدمية مجنحة بصفات مختلفة عن رسوم الملائكة التقليدية.
تناوبت الفضائل في رسوم دير الأنبا أبوللو بباويط مع رسوم القديسين، وصورت داخل العناصر النباتية المتكررة بشكل إيقاعي، مستغلاً الفنان بعض الفرغات لوضع إصيص نبات بها، والتي ربما تشير إلى أن هذه الفضائل هي بمثابة ثمار للروح، مثلما وصفت في رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية، الإصحاح الخامس، وتميزت رسوم الفضائل على الإطار الخارجي للحنايا بدون أجنحة، بينما جاءت الفضائل مجنحة الهيئة على جدران الحوائط.
[1]* مدرس في قسم الإرشاد السياحي كلية السياحة والفنادق – جامعة مدينة السادات.
[2] -Doris، J. “Persons، situations، and virtue ethics”، Nous، 32:4، 1998، p. 504-530.
[3] J. Clédat، Le monastère et la nécropole de Baouit (le caire، 1904)، pl. LXVI، LXVII، LXVIII، LXX، LXXIII، LXXIV، XXXI، p.23، 63، 94- 95.
[4]– A. Fakhry، The Necropolis of Al Bagawat in Kharga Oasis (Cairo، 1951)، p. 77، fig. 70، pl. xxiv; M. Zibawi، El-Bagawat Penitures Paléochrétiennes D’Egypte (Paris، 2005)، p. 124 – 127.
[5]– R.E. Guilly، Encyclopedia of Angels، (New York، 1996)، p. 36، 37.
[6]– A. Badawy، Coptic art and Archaeology: The Art of the Christian Egyptians from the Late Antique to the middle Ages، (Cambridge، 1978)، p. 264.
[7]– From the Greek word ، — eng-krat’-i-ah; self-control، temperance، J. Strong، Greek Dictionary of the New Testament، (USA، 1978)، p. 138.
[8] – العهد الجديد باللغة القبطية، قام بطباعته شاكر باسيليوس ميخائيل (القاهرة، 1988)، ص418.
[9]– (سفر التكوين 10:19-12، سفر الرؤيا 2:7، 3:8، 7:10).
[10]– M. Zibawy، Images de l’egypte chrétienne iconologie Copte، (Paris، 2003)، p. 89.
[11]– M. Rassart-Debergh، “ L’image de la Femme au Couvent Saint – Jérémie à Saqqara” in Le Monde Copte، Nº 16، (Paris، 1989)، p. 50 – 51.
[12]– المرجع نفسه، ص 53.
[13]– A. Fakhry، The Necropolis of Al Bagawat in Kharga Oasis (Cairo، 1951)، p. 77، fig. 70، pl. xxiv; M. Zibawi، El-Bagawat Penitures Paléochrétiennes D’Egypte (Paris، 2005)، p. 124 – 127.
[14]– دومينيك بينازيت، “التقاليد الجنائزية”، الفن القبطي في مصر، القاهرة، 2008، ص119.