جوزيف براودي*
عشرة أيام انصرمت منذ بدء الاحتجاجات ضد النظام البعثي في سوريا، قابل ذلك تضاعفت نسبة اهتمام واشنطن بتفاصيل مايحدث على الأراضي السورية. في درعا جنوب سوريا كانت شرارة الأحداث التي تسببت بالمظاهرات، ثم اتسعت دائرة المواجهة الى مدن الغرب بما في ذلك حمص واللاذقية وحماة والعاصمة دمشقُ نفسُها. ومع أن بثينة شعبان المستشارة السياسية للرئيس بشار الأسد قد أعلنت بأنه لن تُستخدم الذخيرة الحية ضد المتظاهرين،
فقد أكدت تقارير إعلامية أن قوات الأمن أطلقت النار مباشرة على حشود المحتجين، وحتى يوم السبت الماضي كانت أعداد القتلى قد بلغت خمسة وخمسين.عاني نظام الأسد من مشكلة هيكلية لاتعرفها مصر ولا تونس، ولكنها تشبه إلى حد ما الوضع في مملكة البحرين. فالحزب الحاكم في سوريا هو حزب البعث الذي تهيمن عليه الطائفة العلوية، في حين أن الغالبية العظمى من السوريين هم من المسلمين السنة. تُبرَّرُ هذه الحالةُ غير المتوازنة بأيديولوجية القومية العربية لحزب البعث، الذي يسلط الضوء على الصراعات الخارجية كالحرب ضد إسرائيل والصراع مع الغرب، ويستخدم هذا الظرف لتسويغ الاستمرار في حالة الطوارئ التي وصلت الآن سنتها السابعة والأربعين. قبل عشر سنوات تعهدت قيادة حزب البعث برفع حالة الطوارئ من البلاد، وبعد أكثر من عقد لاتزال الأمور على حالها. حكومة الولايات المتحدة على خلاف مع النظام السوري منذ فترة طويلة، على الرغم من إحجامها عن التدخل لإسقاط النظام. فرغم قيام النظام بإعلان حرب على إسرائيل منذ فترة طويلة، إلا أن سوريا حافظت على الهدوء في الجولان المتنازع عليها منذ حرب أكتوبر عام 1973. ومع ذلك فقد أخذت الأصوات ترتفع في واشنطن بضرورة سقوط نظام الأسد، وعلى على عكس الحال في مصر فليس لدى الولايات المتحدة إلا وسائل ضعيفة للتأثير على نتائج الصراع الداخلي الحالي في سوريا. فسوريا ليست مستفيدة من المساعدات الخارجية الأميركية، كما أنه ليس بين البلدين أي تعاون عسكري، وفي الوقت نفسه تتمتع سوريا بعلاقات جيدة مع إيران التي تدعمها بالنفط وغيره من المساعدات. وبالتالي فالخيار السياسي الوحيد لدى الولايات المتحدة هو فرض عقوبات على سوريا، ومن المشكوك فيه أن يكون للعقوبات أي تأثير يذكر. وهكذا يبدو. فبقدر ما إن الولايات المتحدة هي المعنية بما يحدث في سوريا، فإن المعارضة للرئيس السوري بشار الأسد انبعثت من تلقاء نفسها.
*صحفي أمريكي