جايشري باجوريا كبيرة محرري موقع مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية مقدمة جماعة الإخوان المسلمين والتي تأسست في عام 1928 من قبل حسن البنا، تعتبر أقدم وأكبر منظمة إسلامية ذات نفوذ على نطاق واسع في العالم وذلك عبر العديد من الفروع و من خلال المنتسبين إليها.
إن جماعة الإخوان المسلمين هي “أم كل الحركات الإسلامية” ، على حسب وصف شادي حامد ، خبير شؤون الشرق الاوسط لمعهد بروكينجز في الدوحة، وظهرت كأكبر الحركات المعارضة في مصر ويتوقع كثير من المحللين أنها سوف تلعب دورا كبيرا في مستقبل مصر وذلك في أعقاب الاحتجاجات المناهضة للحكومة عام 2011 والتي كان فيها مئات الآلاف من المصريين الذين نزلوا للشوارع، للمطالبة بإصلاحات وتغييرات سياسية وإقتصادية، ولإسقاط نظام الرئيس حسني مبارك الإستبدادي. “بدون جماعة الإخوان المسلمين ، ليس هناك شرعية في كل ما يحدث في مصر بعد الآن” ، هو ما قاله عيد حسين ، زميل بارز في مجلس العلاقات الخارجية، ولكن هنالك مخاوف من هدف المجموعة لإقامة دولة تحكمها الشريعة أو القانون الإسلامي، وأيضا لا تغيب التساؤلات حول تأييد الجماعة لعملية السلام في الشرق الاوسط وسياستها تجاه إسرائيل والولايات المتحدة، وأيضاً الغموض السائد حول احترامها لحقوق الإنسان. تاريخ العنف
إن مهمة الإخوان المسلمين الأصلية هي أسلمة المجتمع من خلال الترويج للشريعة الإسلامية والقيم والأخلاق وكانت عبارة عن حركة صحوة دينية إسلامية من أيامها الأولى جمعت بين الدين والنشاط السياسي ، والرعاية الاجتماعي في أنشطتها وعملها. لقداعتمدت جماعة الإخوان المسلمين شعارات مثل “الإسلام هو الحل” و “الجهاد سبيلنا” ولعبت دوراً في الحرب ضد الحكم الاستعماري البريطاني، وقد حُظِرت لفترة قصيرة في 1948 بسبب تدبير تفجيرات داخل مصر واغتيال رئيس الوزراء محمود النقراشي. بعد ذلك كان هنالك فترة قصيرة من العلاقات الجيدة مع الحكومة التي جاءت إلى السلطة عن طريق الانقلاب العسكري الذي أنهى الحكم البريطاني في عام 1952، ولكن سرعان ما انتهنت العلاقة الطيبة بعد المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس جمال عبد الناصر عام 1954 ،وتم حظر الجماعة مرة أخرى. في هذا الوقت قام سيد قطب العضو البارز في جماعة الاخوان المسلمين بإرساء القواعد الأيديولوجية وتمهيد الأرض الخصبة للجهاد أو الكفاح المسلح ضد النظام في مصر وخارجها. لقد وفرت كتابات سيد قطب في عام 1964 بعنوان ” المعالم”، الأسس الفكرية واللاهوتية لمؤسسي الجماعات الاسلامية المتشددة وللعديد من المتشددين بما في ذلك تنظيم القاعدة، حيث إن قادة التطرف في كثير من الأحيان يقتدون بقطب في قولهم واعتبارهم الحكومات التي لا تحكم بالشريعة مرتدة ، وبالتالي أهدافا مشروعة للجهاد. وعلى حسب قول عيد حسين “بدون الإخوان المسلمين ليس هناك شرعية في كل ما يحدث في مصر الآن.” لقد أوجدت جماعة الاخوان المسلمين فروعاُ في جميع أنحاء العالم، وهي عبارة عن منظمات تحمل اسم جماعة الاخوان المسلمين، ولكن تختلف اتصالاتها مع جماعة الإخوان المسلمين المؤسسة لها. إن جماعة الإخوان المسلمين على حسب رأي البعض تحتفظ بروابط مستمرة وعلاقات مباشرة مع حماس ، وهي جماعة إرهابية -على حسب وصف كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وإسرائيل – تعتبر حماس في الأصل فرعا لجماعة الإخوان المسلمين في الأراضي الفلسطينية. لكن محللين آخرين يقولون إن طبيعة الصلات بين جماعة الإخوان المسلمين وحماس غير واضحة تماما، حيث إن بعضاً من أخطر الإرهابيين في العالم كانوا أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين مثل الرجل الثاني في القاعدة ونائب أسامة بن لادن أيمن الظواهري. إن عيد حسين يقول إنه من الخطأ تحميل الإخوان المسلمين “المسؤولية عن الأنشطة والتصرفات المتولدة من إنتاجهم الفكري”، حيث تخلى الأعضاء البارزون في جماعة الإخوان المسلمين منذ 11 سبتمبر عن العنف علنا وحاولوا أن يبتعدوا عن ممارسات تنظيم القاعدة العنيفة. إن غزو الإخوان المسلمين في السياسة الانتخابية أدى أيضا إلى اتساع في الانقسام بينهم وبين جماعات أخرى مثل تنظيم القاعدة، والذي انتقد علنا عن طريق أيمن الظواهريي مشاركة الإخوان المسلمين في الإنتخابات البرلمانية عام 2005 . إن خبيرة الإرهاب ليديا خليل تجد أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر مثل غيرها من الحركات الاجتماعية الكبيرة والشاملة، فهي بالكاد متراصة ومتوحدة وذلك لضمها شرائح مختلفة من متشددين وإصلاحيين ووسطيين. وأبدى بعض الزعماء المتشددين دعمهم لتنظيم القاعدة أو استخدام الجهاد العنيف، فعلى سبيل المثال قام عضو في جماعة الاخوان المسلمين المنتخب في البرلمان عام 2006 ، راغبهلال حميدة ، بدعم الإرهاب في مواجهة الاحتلال الغربي، ومثل هذه الحالات تثير التساؤلات حول التزام جماعة الإخوان المسلمين باللاعنف. نحو سياسة براغماتية إن عدد أعضاء جماعة الاخوان المسلمين المصرية يبلغ أكثر من ثلاثمائة ألف عضو و تقوم الجماعة من خلال أعضائها بإدارة العديد من المؤسسات مثل المستشفيات والمدارس والبنوك والشركات ومراكز الرعاية ومحلات الادخار، والنوادي الاجتماعية ومرافق للمعوقين. منذ السبعينيات من القرن التاسع عشر لم تشارك الجماعة في نشاط عنيف وعلى الرغم من حظرها رسمياً في مصر ، سمحت الحكومة لها أن تزاول نشاطها ضمن حدود وقيود متمثلة في المتابعة المستمرة لها ومن خلال الاعتقالات المتكررة وعمليات القمع. في العقود الثلاثة الماضية، زاد تقدمها الى الساحة السياسية من خلال تحالفات مختلفة مع أحزاب المعارضة الأخرى وتحالفات أخرى مع أعضاء مترشحين للبرلمان كمستقلين. يرى بعض المحللين أن الجماعة قد تطورت بأن أصبحت أكثر اعتدالا من خلال تبني مبادئ الديمقراطية والليبرالية مثل الشفافية والمسؤولية والمساءلة، وقام المحللان (سامر شحاتة) ، و(جشوا ستاشر) بالإشارة في تقرير الشرق الأوسط لعام 2006 حول كيفية قيام الجماعة بإحداث “تسوية بشأن استراتيجية المشاركة السياسية”. إن الأفراد المترشحين من جماعة الإخوان المسلمين، شاركوا لأول مرة في الانتخابات المحلية والبرلمانية كمستقلين في عام 1984 ، وكان أكبر نجاح لهم في انتخابات عام 2005 ، عندما فاز مرشحوها بثمانية وثمانين مقعداً أو 20 % من مجلس الشورى. وعلى حسب رأي شادي حامد من معهد بروكينجز “انهم يهتمون بالشريعة الإسلامية لكنهم لا يعلمون حقاً ما يعني ذلك”. وجاء في مقال الشؤون الخارجية لعام 2007 لخبراء الشرق الأوسط روبرت ليكين و ستيفين بروك أن” جماعة الإخوان قاموا باتباع مسار التسامح وتوصلوا في نهاية المطاف إلى أن الديمقراطية تتوافق مع مفهوم أو نظرية الأسلمة البطيئة”. وذكروا بأن العديد من المحللين “يتساءلون عما إذا كان التزام الإخوان المسلمين بالديمقراطية هو مجرد مناورة تكتيكية وانتهازية عابرة، من أجل تحقيق منافع في السياسة الانتخابية”. إن من العلامات الأخرى حول سياسة الإخوان المنفعية على حد قول بعض الخبراء ،كانت في وقت مبكر من احتجاجات عام 2011 عندما أعربوا عن تأييدهم لمديروكالة الطاقة الدولية الطاقة السابق والحائز على جائزة نوبل د. محمد البرادعي كزعيم للمعارضة. ويشير حامد إلى أن دور الجماعة المنخفض في الاحتجاجات أيضا يعكس سياسات التسوية التي تتبناها الجماعة من أجل البقاء على الساحة، ويقول “يعرفون أن العالم يخاف من صعود الإسلاميين في مصر، ولا يريدون أن يعطوا النظام ذريعة للتحجج بهم لقمع المتظاهرين” ، كما يضيف “إن جماعة الإخوان المسلمين في نواتها وجوهرها هي منظمة براغماتية ” ومن أجل مواصلة عملها الاجتماعي والخيري مع حرية نسبية في الحركة ، تحرص الجماعة على تفادي جميع المواجهات المباشرة مع النظام المصري. في مارس 2007 ، قامت حكومة مبارك بتعديل الدستور لحظر الأحزاب السياسية على أساس الدين ، وهي الخطوة التي تصفها واشنطن “استمرار كبت وقمع الإخوان المسلمين.” دولة إسلامية إنشاء الدولة الإسلامية مبنية على مبدأ الشريعة، هو مركز و قلب فكر الإخوان المسلمين في مصر وفروع التنظيم الخارجية، لكن جماعة الإخوان المسلمين في مصر قد قيل عنها و عرف عنها الالتزام بإسلام متدرج و سلمي مع توافق الآراء بين مواطني مصر . في الآونة الأخيرة ابتعد بعض الزعماء و القادة العرب عن فكرة الدولة الاسلامية وعبروا عن فكرة الالتزام والعمل مع الأحزاب العلمانية و الليبرالية . قادة هذه الجماعة قللوا من صب تركيزهم حول الشريعة في السنوات الأخيرة و على خلفية هذا الأمر هنالك غموض كبير حول طريقتهم في تشريع الإسلام إذا ما اعطيت الجماعة الفرصة، كما قال عنهم حامد ايضا :” انهم يتحدثون عن الشريعة والقوانين الإسلامية دون معرفة ما يعنيه هذا”! كما أن هناك غموضا مشابهاً في طريقة سعيهم إلى مزيد من حقوق الإنسان وخاصة في نطاق حقوق المرأة.إن شبح ثورة عام 1979 الإيرانية يلوح في الأفق بشكل واسع في الغرب، والذي يخشى من النظام الإسلامي في مصر اذا ما استلم الاخوان المسلمون الحكم. ممثل مجلس العلاقات الخارجية ستيفن كوك أوضح كيف أن مبارك استخدم الإخوان “فزاعة” على مدار ثلاثة عقود لتأجيج المخاوف في الإدارات الأمريكية المتعاقبة و بالمقابل ضمان الدعم المالي و السياسي والدبلوماسي السخي من واشنطن . وهذه المخاوف عادت للظهور مجددا في عام 2011 بعد الثورة الشعبية المصرية التي حدثت للإطاحة بمبارك ، كذلك كان حال القادة الاسرائيليين الذين قلقوا من تكرار ما حدث في عام 1979 . و في غضون ذلك أشاد رجال الدين في إيران بهذه الاحتجاجات الثورية، في محاولة منهم لرسم دعوة لحشد إسلامي يعود إلهامه للثورة الإيرانية . بعض المحللين يرفضون المقارنة ويدفعون هذه المخاوف نظرا إلى الاختلاف بين رجال الدين الشيعة في إيران وجماعة الإخوان المسلمين السنية “المسلمون السنة طاعتهم ضمنية لرجال الدين والذين ليس لهم أهمية في الحياة السياسية ، خلافا ما هو الحال في الحياة الدينية الشيعية مع آيات الله في إيران”. هذا ما كتبه خوان كول ، بروفسير في التاريخ بجامعة متشيغان . يؤكد الخبراء ان الإخوان المسلمين هم أهم جماعة دينية في البلاد، وأن الحركة الصوفية و السلفية هي جزء من المجموعات الدينية في البلاد. في المقابل، يقول حسين إن سير مصر على خطى إيران هو خوف حقيقي “أثار الديمقراطيون ثورة علمانية الى أن أبعد جانب من الاصوليون ، واليوم يقوم بالثورة مصريون عاديون والإخوان ينتظرون في الوراء وهم قوى وطنية عظمى ، ويقول إن الولايات المتحدة يجب أن تبدأ بالتواصل مع الاخوان المسلمين اليوم. الآثار المترتبة على الولايات المتحدة الأمريكية تعد مصر حليفا إستراتيجيا مهما للولايات المتحدة في المنطقة ، و تحديدا بسبب السعي لعملية السلام العربية الإسرائيلية . كما يوضح تقرير خدمة أبحاث الكونغرس في عام 2011 أنه منذ العام 1979 كانت مصر ثاني أكبر دولة متلقية للمعونات الأمريكية للأجانب بعد إسرائيل . بالنسبة للولايات المتحدة تعد أهم أهداف السياسة الأجنبية في مصر هي: سلام مصر مع إسرائيل ، تسهيل دخول الولايات المتحدة إلى قناة السويس، التعاون العسكري، و لهذه الأسباب فإن واشنطن تريد إقامة حكومة في القاهرة لدعم أهدافها. يقول ليزلي غيلب وهو رئيس فخري في مجلس العلاقات الخارجية، “سيكون من الوهم و الخديعة أن تؤخذ احتجاجات الإخوان المسلمون الديمقراطية على وجه التقدير”. إن موقف جماعة الإخوان المسلمين من العديد من هذه المشكلات يجعل الولايات المتحدة في حالة قلق بالنسبة للموقف الديني للجماعة ، وذلك على حسب وصف معظم المحللين . “هي لا تشارك نظرة الولايات المتحدة سياسات الأمن في المنطقة ، كما يقول حامد و يضيف “إنها و بقوة ضد إسرائيل مما لا يدعم عملية السلام” .”كما قالت الحركة بإنها ستجري استفتاء على اتفاقية عام 1979 لمؤتمر كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل، اذا وصلت الجماعة للحكم. ليزلي غيلب والذي خدم كمسؤول رسمي في الولايات المتحدة الأمريكية وفي إدارات الدفاع الأمركية ، يقول ان جماعة الاخوان قد ظهرت في مصر و انها ستكون بمثابة العنصر الكارثي والفاجع على امن الولايات المتحدة . بروس ريدل ضابط السي آي أيه السابق و الخبير في الشرق الأوسط و جنوب أفريقيا يضيف “العيش معها لن يكون سهلا ولكن أيضا لا يجب النظر إليها كعدو “ كما يوصي “لا يجب علينا تشويه سمعتها ولا تأييدها”. و لكن بعض المحللين يشيرون إلى تغيير الأوضاع و الحقائق دعوة للتواصل مع التنظيم . عزل الجماعة كما يجادل البعض يعني أن واشنطن قد تخسر نفوذها مع أي حكومة مستقبلية تنتمي إليها الجماعة . حسين من مجلس العلاقات الخارجية يحذر أنه ليس على الولايات المتحدة عزل الجماعة ولا تعزيز قواهم بشكل عفوي. إن التواصل كما يقول يجب أن يكون مبنياً على أمور وقضايا “لتعددية ، حقوق الانسان “، ولهذا لابد لإسرائيل ان تكون قلبا للحوار مع مسلمي مصر.
رابط المقالة التاريخ: 3 فبراير 2011 ترجمة :منتصر مختار المصدر:مركز المسبار