إعداد وترجمة: هيئة التحرير
في الثالث عشر من أبريل الماضي قدمت مجموعة من الخبراء والمختصين بالفكر الإسلامي شهاداتهم أمام “لجنة الاختيار الدائمة الخاصة بالاستخبارات، اللجنة الفرعية حول الإرهاب والاستخبارات البشرية والتحليل والاستخبارات المضادة” في مجلس النواب الأمريكي. وكانت الشهادات حول دور الإخوان المسلمين في الثورات التي تشهدها المنطقة العربية، ومدى تأثيرهم أو تأثرهم بها والاحتمالات المستقبلية بعد أن أصبحوا أحد صناع السياسة في مصر بعد سقوط نظام الرئيس مبارك.ينشر مركز المسبار في هذا الكتاب ترجمة لأربع شهادات، وقد آثرنا أن تكون الخامسة وهي إحدى أهم الشهادات في كتابنا القادم للباحث في مؤسسة راند لورينزو فيدينو، وذلك لطولها مقارنة بشهادات الآخرين.
على واشنطن أن تتوخى الحذر من دمج الإخوان في اللعبة السياسية
روربرت ستالوف[1]
يبدأ روبرت ستالوف بإلقاء شهادته بذكر أنه قد عاد من محادثات مكثفة مع مجموعة من الفاعلين السياسييين في المجتمع المصري ومن بينهم أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين، ويذكر أن شهادته سوف تكون حول الدور المحتمل الذي سيلعبه الإسلاميون في “مصر الجديدة”، وتداعيات هذا التطور على العلاقات الأمريكية – المصرية والمصالح الأمريكية في المنطقة.
يضيف، أنه ليس بوسع المرء سوى أن يشيد بشجاعة وحماسة وجرأة الشعب وغالبيتهم من الشباب الذي أطاح بنظام مبارك. “أعتقد أن التزامهم وعزمهم سوف يُعزز في النهاية من خلال تطوّر مصر تكون فيه البلاد أكثر أملاً وأكثر انفتاحاً واستشرافاً للمستقبل. وبمعنى آخر، فإن الاحتمالات طويلة المدى تبدو إيجابية.
ومع ذلك يضيف ستالوف ولأسباب عديدة، فإن الاحتمالات قصيرة الأجل تبدو إشكالية. إن أفضل الحالات ستنطوي على مصاعب، مع تحرك العلاقة غير المؤكدة بين الجيش والقوى المدنية في مسارات متعرجة بل في مسارات دموية غالباً، بل إن الأكثر احتمالاً هو ظهور أوضاع هي الأسوأ تكون أكثر صعوبة واضطراباً وخطورة على مصر والعلاقات الأمريكية – المصرية والمصالح الإقليمية الأمريكية عما شهدناه خلال عشرة أسابيع منذ بداية أحداث الثورة في “ميدان التحرير”.
يتطرق روبرت إلى التحدي الماثل أمام الولايات المتحدة وهو مساعدة مصر على تحمل فترة من عدم اليقين العميق؛ وتوفير الدعم الممكن والمشورة والشراكة لدعم أولئك الراغبين في اتخاذ مسار ليبرالي وديمقراطي وشامل ومسئول وسلمي للتغيير السياسي؛ وعزل مصالح أمريكا الإقليمية الأوسع نطاقاً عن التأثير السلبي المحتمل للسيناريوهات السيئة والأكثر سوءاً.
من الثورة إلى التحول
يقول ستالوف إن الحقيقة البديهية في سياسات مصر بعد مبارك هي أن النشطاء الليبراليين كانوا مسئولين عن انطلاق الثورة، لكن حتى الآن فإن الإسلاميين والجيش هم من كانوا يضعون النهايات. وهذا يعني أن شرارة النشاط الثوري انطلقت بصفة كبيرة من الشباب العلماني، الذي نظّم احتجاجات هائلة ببراعة فاجأت نظام مبارك في 25 يناير.
على الرغم من أن انخراط الإسلاميين في الأحداث كان متأخراً، إلا أنهم حينما شعروا بفرصة سانحة انتهزوها. وعندما اختبر النظام على مدار الأيام العشرة التالية خيار استخدام القوة العسكرية الحقيقية لسحق الاحتجاجات، جاءت القدرة البشرية الأكثر فعالية والأفضل تنظيماً للمحتجين من مصدرين الأول: جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها الإسلاميين، والثاني: الآليات المدربة جيداً لأندية مشجعي كرة القدم وقوات الأمن الخاصة بفرق كرة القدم. وبطبيعة الحال فإن الجماعة فقط هي التي كانت لها أجندة سياسية استراتيجية، وكان هدفهم هو الاستحواذ على الثورة واستغلالها وإرثها من لحظة دخول الإسلاميين في المعركة والتزامهم بها.
بالنسبة لجماعة الإخوان فإنها قد أدركت أن مصر ما بعد مبارك توفر فرصة لها لاستئناف نشاطها السياسي المشروع بعد عقود من العلاقات المتوترة مع القيادة العسكرية في البلاد. ويتطرق ستالوف بعد ذلك إلى تاريخ الجماعة منذ تأسيسها في عام 1928 ودخولها في المضمار السياسي في مصر.
إلا أن علاقة جماعة الإخوان مع النظام المصري كانت أكثر تعقيداً من ذلك لفترة طويلة. ففي ظل رئاسة مبارك، على سبيل المثال، ظلت الجماعة كياناً سياسياً محظوراً وكان النظام يزج بأعداد كبيرة من نشطاء الجماعة في السجون بصفة منتظمة. إلا أنه في الوقت ذاته، توصل النظام إلى ترتيبات تكتيكية مع الجماعة أتاحت لها إدارة العديد من برامج الرفاهية الاجتماعية واسعة النطاق، لا سيما في المناطق التي اتسمت بسوء الأداء الوظيفي للحكومة المدنية، بل إن النظام سمح للجماعة بالمنافسة على نحو محدود في الانتخابات التشريعية، مادام مرشحو الإخوان يديرون حملاتهم بصفتهم “مستقلين”. وكانت هناك أسس منطقية متباينة انطوت عليها هذه السياسة تمثلت في
• توفير منفذ من أجل السماح للتيار الإسلامي المؤثر في المجتمع بالتنفيس عن نفسه
• حتمية أمنية داخلية لإيجاد طريقة ما لإيصال الخدمات الاجتماعية إلى المواطنين حيث لا تستطيع الحكومة تقديم خدماتها
• سياسة التأمين التي اشتراها النظام لحماية نفسه من الهجوم الشعبي مقابل حفاظه على السلام مع إسرائيل وشراكة مكافحة الإرهاب مع الولايات المتحدة
• إرسال رسالة للداخل والخارج بأن الإسلاميين يشكلون تهديداً محتملاً لدرجة أن قبول شمولية نظام مبارك كان ثمناً صغيراً لضمان الاستقرار في دولة حيوية كمصر.
ثم يشير ستالوف إلى أن جماعة الإخوان كانت دائماً حركة دولية بصفة أساسية، حيث رفضت فكرة الدولة القومية وسعت في النهاية إلى إحياء الخلافة الإسلامية. ورغم أنه لا توجد منظمة “أممية إسلاموية”، -إذ توجد-فقط- لجنة مركزية توجه أنشطة فروع جماعة الإخوان المحلية في بلدان مترامية الأطراف حول العالم-إلا أن هناك روابط عقائدية وأيديولوجية وسياسية وإستراتيجية وشخصية هامة تربط جماعة الإخوان في مصر والحركات والمنظمات الشقيقة حول العالم. ومن ثمّ، فإن حركة المقاومة الإسلامية مثلاً والتي تُعرف أيضاً باسم حماس تُعرِّف نفسها بأنها الجناح الفلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين .إن رحيل حسني مبارك أوجد لـجماعة “الإخوان” احتمالية العودة إلى الساحة السياسية كفاعل شرعي بصورة كاملة.
وقد تطلَّب هذا من الجماعة تبني موقف متوازن شديد الحساسية بين اعتناق مبادئ التغيير والديمقراطية والثورة من جانب، وبين إعادة تعريف وتحديث الترتيبات الضمنية مع الجيش من جانب آخر، حيث يظل الجيش -وإن بصعوبة-هو المتحكم في إيقاع ومحتوى واتجاه التغيير السياسي في مصر. والنتيجة هي التعقيد والتعارض والتناقض. وقد اشترك أعضاء الجماعة والمتعاطفون معها بشكل متعمق في كافة الحوارات السياسية مع الحكومة العسكرية بعد مبارك؛ وكان قادة الجماعة هم الداعمون الأكثر قوة للتعديلات الدستورية التي أدخلها الجيش، وهو ما دلل عليه دعمهم للتصويت بـ “نعم” في الاستفتاء الأخير؛ وكان قادة الجماعة من المؤيدين بقوة لوضع جدول زمني انتخابي سريع، من شأنه أن يتيح لهم استغلال ميزتهم التنظيمية التي يتفوقون بها على منافسيهم السياسيين من الليبراليين واليساريين. وفي الوقت ذاته، قامت عناصر داخل جماعة “الإخوان” بتشكيل تحالفات سياسية هامة مع نشطاء ليبراليين ويساريين رئيسيين؛ وقاتلت بشجاعة ضد قوات الأمن المصرية عندما استخدم النظام القوة والعنف ضد المحتجين في “ميدان التحرير” أثناء أحداث يناير- فبراير وما بعدها؛ ودعت إلى تطبيق العدالة السريعة ضد بقايا نظام مبارك. وإذا كانت هذه المواقف متعارضة في بعض الأحيان، فهذه هي طبيعة السياسات في مصر ما بعد مبارك.
ومما زاد من تعقيد الوضع أن الجماعة لا تشغل وحدها المساحة الإسلامية في الطيف السياسي المصري. فهناك ستة عناصر مختلفة على الأقل داخل التيار الإسلامي الكلي. وانتقالاً من الأكثر تطرفاً إلى الأكثر ليبرالية، فإن هذه العناصر تشمل: الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد الإسلامي والتي ينظمها مدانون سابقون تم سجنهم بسبب دورهم في اغتيال السادات؛ والجماعة السلفية المتطرفة، التي تورطت في تدمير أضرحة الصوفية والعنف الطائفي ضد الأقباط؛ و جماعة الإخوان وحزبها السياسي الجديد، حزب الحرية والعدالة؛ الجناح الليبرالي للجماعة (يمثله المرشح الرئاسي المحتمل عبد المنعم أبو الفتوح وحزبه الخاضع للتأسيس حزب النهضة)؛ وشباب الإخوان، الذين يتحالفون أحياناً مع الشباب الليبراليين واليساريين؛ وحزب الوسط، بقيادة الأعضاء المنشقين عن الجماعة.
جماعة الإخوان والانتخابات والقوة السياسية
يعتقد ستالوف أن هناك ما يبرر القلق العميق بشأن الظهور المحتمل لجماعة الإخوان المسلمين كلاعب رئيسي أو حتى وسيط مؤثر. إن جماعة الإخوان ليست كما يشير البعض مجرد نسخة مصرية لـ “منظمة مارش أوف دايمز” الخيرية، أي منظمة رعاية اجتماعية أهدافها إنسانية بصفة أساسية. بل على النقيض من ذلك، إن جماعة الإخوان هي منظمة سياسية إلى حد كبير تسعى إلى إعادة تنظيم المجتمع المصري بطريقة إسلامية. ومن الناحية التكتيكية، يضيف ستالوف أن المنظمة سوف تستغل أي فرص تسنح لها؛ فهي قد تخلت عن أهدافها الأكثر طموحاً والأساليب العنيفة لتحقيقها وذلك فقط نتيجة إلزام النظام لها بذلك، وليس بمحض اختيارها. ولو حققت جماعة الإخوان قوة سياسية، فمن المؤكد أنها ستستخدمها لتحويل مصر إلى مكان مختلف تماماً.
والقياس الأفضل هو تركيا في ظل حكم أردوغان، حيث تتحول تدريجياً الدولة العلمانية إلى دولة إسلامية. إن الوضع الأكثر واقعية سيشهد تحولاً إسلامياً للمجتمع يكون أكثر عمقاً ومنهجية، بما في ذلك احتمالية النمو المخيف للطائفية بين المسلمين والأقباط وحتى الصراع الأكثر عمقاً داخل المسلمين بين السلفيين والصوفيين.
ورغم وجود ما يبرر الحذر والحيطة البالغين، إلا أنه سيكون من الخطأ أن تعمل الولايات المتحدة وفقاً للافتراض بأن صعود الإخوان إلى السلطة هو أمر حتمي، بالنظر إلى مجموعة البدائل السياسية الواسعة النطاق القائمة في البلاد. وحقيقة الأمر أنه من خلال تسليط الضوء على انتخابات 2005 ونتائج استفتاء مارس، فإن النتائج تشير إلى وجود أسباب هائلة للاعتقاد بأن جماعة الإخوان لا تحظى بدعم الأغلبية بين جمهور المصريين. وعلاوة على ذلك، فإن الإجراءات الأخيرة التي قام بها المجلس الأعلى للقوات المسلحة تشير إلى أن الجيش المصري لا ينوي أن يغير النظام الانتخابي والذي يمنع جماعة الإخوان فعلياً من تحقيق قوة سياسية من خلال صناديق الاقتراع.
ومع ذلك، فمن المهم بالنسبة لواشنطن أن تتوخى الحيطة والحذر من دمج جماعة الإخوان في الطيف السائد في الحياة السياسية المصرية وما سيمنحه ذلك من قوة دفع للتوجه الإسلامي للسياسات الداخلية والسياسة الخارجية. ويتطرق بعد ذلك للحديث عن تداعيات مصر الأكثر إسلاموية والتي على حسب رأيه ستكون ضارة وخطيرة على العلاقات الأمريكية المصرية.
المصالح الأمريكية والسياسة الأمريكية
يقول ستالوف بأنه يجب على الإدارة الأمريكية أن تتعاطى مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية حول المخاوف الأمريكية بحيث لا يتم اتخاذ قرارات فنية حول صياغة عملية انتخابية من شأنها أن تقوي دون قصد الاحتمالات السياسية للجماعة. إضافة إلى ذلك، يجب علينا أن نشاطرهم المعلومات حول التمويل الأجنبي للجماعات والأحزاب والحركات الإسلامية مع الانتباه إلى عزل التجربة الديمقراطية في مصر عن المصالح الشائنة للقوى الخارجية.
من المهم أن تبعث الإدارة الأمريكية برسالة واضحة إلى النخبة السياسية وجمهور الناخبين في مصر بشأن شكل مصر التي يمكن أن نتصورها شريكاً للولايات المتحدة الأمريكية. وعلى نطاق واسع، يمكن خدمة المصالح الأمريكية على أفضل وجه من خلال دعم التحول إلى حكومة مصرية:
– تُظهر من خلال الأفعال التزامها بالحريات العالمية المتعلقة بالتعبير والتجمع والفكر والدين والصحافة الحرة.
– تمثِّل من خلال الأعراف والممارسات الديمقراطية (بما في ذلك الانتخابات الحرة والنزيهة للرئيس والبرلمان) ، الطموحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المشروعة لشعبها وتسعى جاهدة، بكافة الطرق العملية إلى الوفاء بها.
– تحترم سيادة القانون ومؤسسات العدالة؛ وتعترف بالأهمية الحيوية للقضاء المستقل؛ وتكافح الفساد على كافة مستويات الحكومة.
– تفي بالتزاماتها الدولية، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر حرية الإبحار عبر قناة السويس؛ والسلام مع إسرائيل وتوسيع نطاق السلام عبر المنطقة؛ ومكافحة التطرف والإرهاب؛ واتخاذ قرار سلمي لحل الصراع في السودان (بما في ذلك الاعتراف بالتقسيم) وكافة الالتزامات والواجبات الأخرى الواردة في المعاهدات الواقعة على عاتق عضو في الأمم المتحدة مُحب للسلام.
– تأكيد شراكتها الثنائية مع الولايات المتحدة لدعم الأمن والسلام في الشرق الأوسط وأفريقيا والبحر المتوسط.
يختتم ستالوف شهادته بأن هذه هي مصر التي تستحق الدعم السياسي الكامل والمساعدات المالية من الولايات المتحدة، بما في ذلك المساعدات الاقتصادية والعسكرية. ومع بدء المصريين اتخاذ خيارات سياسية بشأن قيادتهم المستقبلية وتوجههم الاستراتيجي، يجب على واشنطن أن تبعث برسالة واضحة مفادها أنها تقف مستعدة لتوفير تلك المساعدات لحكومة يمكنها تعزيز هذه المبادئ والعمل تجاه تنفيذها على أرض الواقع. إن الحكومة المصرية التي تقودها أو توجهها أو تكون مصدر إلهامها جماعة الإخوان لن تفي بهذا الغرض.
ولإعطاء هذه المبادئ السياسية تأثيراً سياسياً حقيقياً، سيكون من المهم أن تعمل الإدارة الأمريكية الآن على خلق حوافز لتشجيع المصريين على اختيار القيادة التي تمكن الولايات المتحدة أن تبني معها علاقة خاصة، أي مصر التي توجهها المبادئ المبينة أعلاه.
للجماعة رؤية رجعية سبيلها الانتخابات
شهادة طارق مسعود[2]
طارق مسعود هو بروفسور بجامعة هارفارد الأمريكية في كلية جون كينيدي، ويذكر في أثناء تقديمه لشهادته أنه درس جماعة الإخوان المسلمين وموقعها في السياسة العربية منذ 2004 ، منذ أن بدأ العمل في أطروحته للدكتوراه عن الجماعة في جامعة يال.
يوضح مسعود أنه قام بإجراء مقابلات عديدة مع أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين ودرس تاريخهم، وقرأ الكثير عن مفكريهم وأوضح أنه يختلف مع أجندة جماعة الإخوان المسلمين ولكن مجمل تركيزه كان ينصب على محاولة فهم التنظيم وأهدافه نحو المصريين.
إن مجمل هذه الشهادة يركز على من هم الإخوان المسلمون، وهل هم ملتزمون بالديمقراطية وهل الجماعة عنيفة، وعن حظوظهم في الانتخابات في مصر الديمقراطية، وما هي الأشياء التي سوف يفعلونها لو تم انتخابهم، وأخيراً وليس آخرا، هل لنا أن نشعر بالقلق تجاه هذه الجماعة أم لا.
من هم الإخوان المسلمون في مصر؟
يقول طارق مسعود إنها مؤسسة دينية وحزب سياسي في بلد مستقل وفقير. قام بعد ذلك بالحديث عن تاريخ الجماعة منذ تأسيسها في عام 1928 عن طريق حسن البنا والذي كان يعتبر بمثابة الأب الروحي وقلب الأمة بالنسبة لأتباع جماعة الإخوان المسلمين.
تطرق في شهادته إلى فترة الخمسينيات بعد تخلص مصر من النظام الملكي وقيادة عبدالناصر للبلاد والذي لم يتوافق معهم وبعد ذلك انتقل لفترة السبعينيات والتي شهدت احتضان أنور السادات للإخوان ومشاركتهم في السياسة المصرية التي تم حرمانهم منها باعتبارهم جماعة محظورة في عهد مبارك، بالرغم من أن أغلب المراقبين يتوقعون أن يتم رفع الحظر عن الجماعة لتخوض سباق التنافس في المضمار السياسي عبر الانتخابات البرلمانية في سبتمبر المقبل.
أيديولوجياً، تعتبر الجماعة دينية ومحافظة وترغب بالفوز بمقاعد برلمانية لكي تقوم بالتشريع وفق ما تعتقده الجماعة بأنه ما يريده الله. إن من أهم أهداف الجماعة هو الوصول إلى وحدة المسلمين، ولذلك فهم يعتبرون ناقدين للغرب نظراً لنواياه تجاه العرب وأيضاً لثقافته وعاداته وتقاليده التي لا تتوافق والشريعة الإسلامية.
هل هم ملتزمون بالديمقراطية؟
يذهب طارق مسعود إلى أنه يمكن القول بذلك ولكنهم لا يعتبرون ليبراليين. لقد شارك الإخوان المسلمون منذ عام 1984 في جميع الانتخابات المصرية ما عدا انتخابات عام 1990 التي تم مقاطعتها من قبل الجماعة مع أحزاب المعارضة الأخرى.
قام بعد ذلك بضرب مثال حول تحول أيدلوجية الجماعة والمتمثل في تصريح مهدي عاكف مرشد جماعة الإخوان المسلمين السابق حين قال إن الانتقال السلمي للسلطة يجب أن يكون عبر صناديق الاقتراع وفي إطار الجمهورية البرلمانية الدستورية. هذا التصريح يمثل الانتقال من تعاليم سيد قطب في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين والذي كان يرى أن الديمقراطية هي من صنع البشر وأنها لا تتماشي مع حكم الله وقانونه.
تطرق في شهادته بعد ذلك إلى دورهم المتمثل في الكتمان في الآونة الأخيرة، والذي حسب رأي المحللين يخبئ وراءه العديد من الأجندات السرية التي تهدف إلى الوصول إلى السلطة والحكم بشريعة الإسلام.
يرى مسعود أن الجماعة تستخدم تطبيقات الديمقراطية داخلياً بين صفوفها في انتخاب المناصب القيادية عبر مجلس الجماعة العام، وهذا بمثابة الدليل على التزام الجماعة بالديمقراطية على الرغم من أن منصب المرشد العام والذي كان من نصيب حسن البنا لم يدخل ضمن دائرة الانتخابات نظراً لولاء الجماعة له آنذاك. ويذكر أن الانتخابات الداخلية للجماعة كان بها العديد من الإشكالات والانقسامات خصوصاً في الفترة الأخيرة.
هل تعتبر الجماعة عنيفة؟
حسب طارق مسعود فإن لجوء الجماعة إلى العنف لن يقع. وكما يقول”ليس بعد الآن”، ولكن الإخوان يرون العنف ضد إسرائيل بمثابة المقاومة للاحتلال. وضرب مثالاً عن ما قاموا به في الأربعينيات من تكوين لما كان يسمى بالجهاز الخاص الذي اتهم بقتل رئيس الوزراء فتحي النقراشي في عام 1984.
اليوم تقوم الجماعة بتسليح الجماعات المرتبطة بها في لبنان وفلسطين اقتداء بشعارها ” الجهاد في سبيل الله غايتنا”.
يعود مجددا للحديث عن تاريخ الجماعة فيذكر أنه في الأربعينيات من القرن التاسع عشر كان كل من حزب شباب مصر والوفد ملهمين بالفاشيين في ألمانيا وإيطاليا، الذين أسسوا مؤسسات برلمانية كالقمصان الزرقاء في ألمانيا والقمصان الخضراء في إيطاليا.
يكمل شهادته بالحديث عن أنور السادات والذي يعتبر اليوم رجل السلام ، حيث يذكر تورطه في عام 1945 و 1946 في محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى النحاس، ووزير المالية أمين عثمان.
يجادل الإخوان المسلمون عند الحديث عن تاريخهم المتسم بالعنف أنه مجرد تاريخ، وكتأكيد لمفهوم العنف لديهم كمقاومة للاحتلال، قام مهدي عاكف في أغسطس 2006 بالإعلان عن استعداد الجماعة إرسال10, 000 مقاتل ضد إسرائيل.
يذكر أيضاً ما قامت به الجماعة في 14 سبتمبر 2001 عن طريق قادتها مثل مصطفى مشهور مرشد الجماعة في ذلك الوقت من إصدار بيان أدانت فيه الجماعة الهجمات على مركز التجارة العالمي والبنتاجون.
ويلامس في شهادته بعد ذلك دور جماعة الإخوان المسلمين المحافظ والمسالم في مظاهرات وثورة مصر التي أدت بالإطاحة بالرئيس حسني مبارك ونظامه الحاكم.
هل سيفوز الإخوان المسلمون في الانتخابات الديمقراطية؟
يضيف مسعود أن مما لاشك فيه أنهم سيفوزون بعدد كبير من المقاعد، ولكن لا يمكن تحديد هذا العدد. بعد ذلك قام بالمرور على تاريخ مشاركتهم في الانتخابات البرلمانية وخصوصاً انتخابات عام 2005 والتي شهدت فوزهم ب 88 مقعداً من 444 والذي يعني تصويت ما يقارب 3 مليون مصري لهم.
لقد وعدت الجماعة بأنها لن تبحث عن مقعد رئاسي أو غالبية برلمانية، وهذا يثير الغموض فيما يتعلق بالأعضاء الذين ستقوم الجماعة بترشيحهم ليخوضوا الانتخابات، وذلك في ظل التحدي الكبير الذي تواجهه الجماعة من انقسامات داخلية بين الليبراليين والمحافظين والشباب والأعضاء والقادة الكبار فيها.
ما هي الأشياء التي يمكن للجماعة القيام بها في البرلمان؟
يقول طارق مسعود إنهم يرغبون في تطبيق الأخلاق وسن التشريعات المقاومة للفساد، حيث يعتبرون أنفسهم ضليعين في هذا الجانب. يتطرق في حديثه إلى القضايا التي كانت تثار من جانب الجماعة في البرلمان منذ عام 1984 وحتى 2005.
بتحليل القضايا يجد أن القضايا الدينية تمت إثارتها في 1984 و 1987، أما من عام 2000 إلى 2005 فقد تم التطرق إلى مسائل وقضايا تتعلق بالفساد والبيروقراطية.
وانتقل أيضاً للمواضيع التي قامت الجماعة بطرحها في البرلمان مثل ختان الإناث ورفع سن الزواج وما قد يترتب عليه من عادات تتنافى والشريعة الإسلامية مثل إزالة اسم الأب من شهادة الميلاد وقضايا الجنس وغيره.
هل علينا أن نقلق من الإخوان المسلمين؟
يشير مسعود في ختام شهادته، إلى أنه علينا أن نقلق قليلاُ من قوة الإخوان ولكن علينا أن نقلق أكثر على قوة الديمقراطية المصرية، حيث إن الجماعة لا تعدو أن تكون مجرد مؤسسة دينية وحزب سياسي في بلد مستقل وفقير وهذه المؤسسة لا تتعاطى مع المجتمع الأمريكي وفي نفس الوقت لا تهدد أمريكا.
إن للجماعة رؤية في مصر وهي رؤية رجعية، وتزعم الجماعة رغبتها في الوصول لهذه الرؤية عبر العملية الانتخابية. علينا أن نقلق على الديمقراطية وعلينا أن نساعد مؤسسات الديمقراطية في مصر لكي تكون صحية وقوية ودائمة وقادرة على صد أي جماعة سواء كانت إسلامية أو غيرها تحاول إحداث الخلل أو الخراب بديمقراطية مصر وسيادتها.
بروز الإخوان قد يبعث الصداع ولكنه لن يسبب السرطان
ناثان براون[3]
ناثان براون هو بروفيسور في مجال العلوم السياسية والشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن ومساعد غير مقيم في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.
يقول أثناء تقديمه لشهادته أنه قد عمل في مجال البحث والكتابة في الحركات الإسلامية والعالم العربي منذ عام 2004، مع تركيز خاص على جماعات الإخوان المسلمين في كل من مصر والكويت وفلسطين والأردن وأيضاً المؤسسات المرتبطة بها.
يذكر د.ناثان أنه قام بعدة مقابلات مع قادة برلمانيين وناشطين وناقدين وأعضاء سابقين وصحفيين وخبراء أكاديميين، إضافة إلى الاستطلاعات التي قام بها على مواقع إلكترونية وجرائد وصحف ذات صلة وعلاقة بالجماعات الإسلامية.
يضيف أنه وجد معرفة ما يفكر به الإخوان المسلمون سهلاً بالرغم من سمعة هذه الجماعات المبنية على أنها منغلقة وغامضة ويصف قادة جماعة الإخوان المسلمين بأنهم أفراد يمكن الوصول إليهم بسهولة وأنهم صريحون ودقيقون في ملاحظاتهم ونقدهم لما حولهم. أما في ما يخص الجماعة كوحدة، فيجد أنها قادمة نحو مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية وأنها سوف تنجح في هذه المواجهة لو اندمجت واتحدت ولعبت دوراً سياسيا فاعلا في البلدان التي تعمل بها، ولذلك فإنها تعتبر تحديا سياسياً أكثر مما هي تحدياً أمنياً للولايات المتحدة الأمريكية.
يذكر بعد ذلك أن شهادته سوف ترتكز على عدة محاور وهي:
– ما هي جماعة الإخوان المسلمين؟
– ما موقف جماعة الإخوان المسلمين اليوم؟
– ما موقف جماعة الإخوان المسلمين من ثورة مصر؟
– هل هنالك مؤسسة دولية لجماعة الإخوان المسلمين؟
– كيف يمكن لسياسة أمريكا أن تشكل توجُّه وأهداف الإخوان المسلمين؟
ما هي جماعة الإخوان المسلمين؟
يشرح ناثان أن الإخوان المسلمين جماعة منخرطة اجتماعياً وموجهة نحو إصلاح الأفراد والمجتمع ككل في العالم العربي في ظل الحدود والنظم الإسلامية . يضيف، أن التحدي الذي يواجه الجماعة لا يتمثل في معارضتهم للديمقراطية ولكن يعود إلى أن تكوينهم والشاكلة التي قامت عليها الجماعة لا تتناسب والعمل في ظل سياسات ديمقراطية وأيضاً لأنه لم يتحدد مقدار الكم من عملهم الذي سيتوجه نحو السياسة.
بعد ذلك، يتطرق د.ناثان إلى توجه جماعة الإخوان المسلمين والذي يعتبره إسلاميا وهو السبب في تمييزهم-من وجهة نظره- عن غيرهم من الجماعات وينتقل إلى تاريخ الجماعة عند تأسيسها من قِبل حسن البنا في عام 1928 ، والتي كان هدفها بناء حركة تكون منخرطة بعمق في المجتمع وتخدم كمؤسسة تعليمية وقائدة في مجالها.
هذا لا يعني أن الجماعة لم تنخرط في الحياة السياسية، حيث إن المتتبع لتاريخ الجماعة في الأربعينيات يرى أنها قامت بتكوين أجنحة شبابية للبرلمان كما قام غيرها من الجماعات المصرية، وأيضاً تشكيلها لما يعرف بالجهاز الخاص الذي كان له نصيب الأسد فيما يتعلق بنشاط الجماعة المتعلق بالاغتيالات والعنف.
يذكر ناثان، أن فترة الثلاثينيات والأربعينيات شهدت انتقالا دوليا لجماعة الإخوان المسلمين خارج مصر وذلك لعكس أفكار الجماعة وأيدلوجيتها في تلك الأقطار، والجدير بالذكر أن هذا الانتقال لم يتعد حدود العالم العربي.
إن فترة الخمسينيات والستينيات شهدت سلسلة مختلفة من حملات القمع القاسية الموجهة نحو الجماعة وأدت بطبيعة الحال إلى عدة انعكاسات تأثر بها قادة الجماعة ومن ضمنها:
– زيادة الحذر.
– ضعف الميل السياسي.
– تفادي المواجهات مع الأنظمة الحاكمة.
ثم ينتقل بعد ذلك إلى سؤال مهم وهو: كيف قامت جماعة الإخوان المسلمين بالتعامل مع خلاف قطب الذي ظهر بين صفوفها؟
والجواب هو أنها ردت بازدواجية، فهي ترفض العنف واستخدام القوة للتغيير أو في الوصول إلى أهدافها وتدعو إلى التغيير السلمي، وفي نفس الوقت ترى أن العنف مشروع في حال أنه كان لمقاومة الاحتلال.
وعن النقاش والحوار داخل الجماعة فيما يتعلق بالانخراط السياسي، فيقول إن هنالك عدة تساؤلات داخل الجماعة:
ما هي الطرق التي يمكن من خلالها الانخراط سياسياً؟ وهل على الجماعة الترشح للرئاسة؟ هل على الجماعة تشكيل ائتلافات؟ هل على الجماعة تأسيس حزب سياسي؟ وإن كانت الجماعة ناشطة سياسياً، فما هي العلاقات التي ينبغي لها أن تكون بين نشاطات الحزب والجماعة ؟
ما موقف جماعة الإخوان المسلمين اليوم؟
يوضح ناثان أن معظم الجماعات الإسلامية اليوم أكثر انفتاحاً على العامة ومن ضمنها جماعة الإخوان المسلمين التي تظهر التزاماً بالتغيير السلمي في معظم الأماكن التي تتواجد بها، ولكن هنالك استثناءات للمجتمعات التي تعتقد أنها واقعة تحت الاحتلال.
لا توجد أجندة للجماعة ومن الواضح تماماً أنه من الصعب معرفة أين تقف الجماعة اليوم وهذا غير مفهوم ليس لغموض الجماعة حيث أنها ليست كذلك، وإنما بسبب عدم أخذ الجماعة لقرار حتى الآن فيما يتعلق بالوضع الحالي.
ينتقل بعد ذلك ناثان لذِكر ما كان نظام مبارك يقوله في آخر أيامه عن الإخوان المسلمين، حيث كان يبث أفكارا تتعلق بتولي عملاء الإخوان المسلمين والصهاينة والإيرانيين والأمريكان دورا هاما في المظاهرات والثورة على نظام مبارك.
يرى ناثان أن الريبة والشك في تصريحات الإخوان المسلمين مبنية على عدم فهم أيدلوجية الجماعة وطريقة عملها، وليس بسبب أجندتها غير الواضحة كما يعتقد البعض، وبطبيعة الحال فإن قادتها يتصفون بالصراحة وقلة التحفظ في الأمور التي لا يرغب المتلقي في سماعها.
يوضح د.ناثان أنه من خلال تجربته مع الإخوان المسلمين فقد تعلم شيئين فيما يتعلق بتفسير بيانات الإخوان المسلمين وهما:
– هل يتكلم القائد لنفسه أم للجماعة؟
– ما هي دقة البيان وأهميته؟
وعندما لا تكون بياناتهم واضحة فإن ذلك يدل على أنهم لم يتوصلوا إلى موقف معين أو لأن هنالك العديد من وجهات النظر فيما بينهم.
بعد ذلك يتحدث ناثان عن معانقة جماعة الإخوان للسياسة الديمقراطية من خلال صفوفها الداخلية ومن خلال الانتخابات التي كانت تتم ضمن الجماعة على الرغم من أن أيديولوجية قطب كانت تقوم على عدم وجود الديمقراطية وأن القوة هي السبيل الوحيد لها.
ما موقف جماعة الإخوان المسلمين من ثورة مصر؟
زاد قمع الرئيس السابق حسني مبارك تجاه الجماعة مما جعلهم يفضلون البعد فيما يتعلق بالوجود داخل الساحة السياسية وقلّلَ من استعدادهم للثورة عند حدوثها. لعبة القط والفأر على حد قول د.ناثان والتي كانت سبباً في عيش جماعة الإخوان المسلمين تحت رعاية نظام معادٍ لها، والذي أتى بعد فترة من الاحتضان السياسي كان راعيها أنور السادات، والذي كان سبباً في دخول جماعة الإخوان المسلمين في الحياة السياسية قبل مجيء مبارك، الذي ضغط على الجماعة في فترة التسعينيات بعد اعتدال معها في فترة الثمانينيات.
قلَّ هذا القمع في عام 2005 وشهدت مشاركة الجماعة في الانتخابات البرلمانية، ولكن سرعان ما انقلب عليها مبارك، وقام بحبس قادتها وأعضائها، ولذلك فإن لعبة القط والفأر كانت مبنية على ترك المجال للجماعة للعمل في فترات متقطعة وعند اندماج الجماعة في الحياة السياسية يقوم مبارك بحملات عنيفة عليها، وهكذا.
عند بدء الثورة في 25 يناير كان هنالك تحفظ من قبل الجماعة وشارك شباب الجماعة في الثورة، وقاموا بدعوة كبار القادة لأخذ دور فعال بها ، ولكن لم تندمج الجماعة مع الثورة وأعلنت أنها تؤيد الانتقال السلمي للسلطة، وأنها لا ترغب في نيل أي منصب من وراء هذه الثورة وأنها جماعة سلمية.
إن اندماج شباب الجماعة كان له أثر كبير في جر الجماعة بما فيه قادتها نحو الثورة بعد عدة أيام من بدايتها، خصوصاً بعد دعوة نائب الرئيس المصري عمر سليمان لأحزاب المعارضة المصرية للقيام بحوار فيما يتعلق بالوضع في مصر، وكان هنالك حضور لقادة جماعة الإخوان المسلمين في الاجتماع.
هنالك اختلافات وانقسامات بين شباب الجماعة وكبار قادتها وهي اختلافات يمكن تصنيفها بأنها أيديولوجية وسياسية، والسبب فيها الفارق الثقافي بين الشباب المتحضر وقادة الجماعة من أصحاب المبادئ والأساسيات، وتقديس الهيكل الذي تقوم عليه الجماعة.
أما الشباب فهم منسجمون مع غيرهم من الائتلافات السياسية، وهم منفتحون فيما يتعلق بالأمور الداخلية وأقل خوفاً فيما يتعلق بالمخاطر. وعلى الرغم من ذلك فإن التوترات داخل الجماعة لن تكون سبباً في انشقاق الجماعة، ولكنها قد تساعد على نشوء بيئة داخلية محبطة تؤدي إلى تهميش بعض الأفراد.
يضيف ناثان أنه في حال اندماج الإخوان المسلمين في الحياة السياسية المصرية الديمقراطية، فإن ذلك سوف يؤدي إلى وجود منطق سياسي للجماعة ينتج عنه ثورة أيديولوجية مستمرة مثل ما رأينا في قضايا حقوق المرأة وحتى فيما يتعلق باتفاقية كامب ديفيد للسلام.
وفي هذا المسار، يوضح ناثان أن موقف الجماعة من السلام المصري الإسرائيلي قد تطور وبدأ بالتغير من ناحية المحتوى، ولكن تعاطف المصريين مع الفلسطينيين قديم مثل قدم جماعة الإخوان المسلمين وأيضاً اعتبار حماس جماعة الإخوان المسلمين بأنها ” الجماعة الأم” يؤدي إلى رفض الجماعة قبول هذه الاتفاقية خوفاً من الوقوع في قضايا تتعارض وأيديولوجيتها.
هل هنالك مؤسسة دولية لجماعة الإخوان المسلمين؟
يؤكد ناثان أن هنالك مؤسسة لجماعة الإخوان المسلمين دولية تقوم بالتنسيق بين الحركات في مختلف البلدان، ولكن هذه المؤسسة لاتشكل تهديدا ولا تأثيرا كبيرا. إن معظم الحركات التي تقع ضمن هذه المؤسسة الدولية لها نفس الأيديولوجية أو الفكرة العامة للجماعة، ولكن بالرغم من ذلك فإن لهم الحق في التصرف بكيفيات مختلفة عن الجماعة بما يتناسب مع بلدانهم ومجتمعاتهم.
إن هذه الحركات تتبادل الأفكار داخلياً فيما بينها وتساهم بالموارد المالية عبر البلدان المختلفة، والمؤسسة الدولية لجماعة الإخوان المسلمين لا تكون ذات علاقة في هذا الجانب. وفي الجانب الدولي فإن الإخوان المسلمين ليسوا بمافيا، بل هم عبارة عن جماعة جامدة ومنضبطة .
ذكرَ د. ناثان اجتماعه مع أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين في أحد البلدان العربية كمثال فيما يتعلق بارتباط الجماعات فيما بينها، حيث ذكر أن أحد المجتمعين معه لم يكن يعرف الاسم الثاني للمرشد العام الجديد للإخوان المسلمين محمد بديع.
إن جماعات الإخوان المسلمين عندما يصرح أعضاؤها في المقابلات واللقاءات الشخصية وغيرها، فإنهم يعكسون آراء وفكر الجماعة وطريقتها في فعل الأمور ولا يذكرون السلطة أو حتى وجود مؤسسة دولية لجماعة الإخوان المسلمين.
يضيف ناثان أن حركات جماعة الإخوان المسلمين موجودة في عدد من المجتمعات ويرأسها المرشد العام بالرغم من وجود مشرف عام مستقل في كل منها . على حسب رأي د.ناثان فإن المؤسسة الدولية خجولة ولا يمكن معرفة عملياتها الداخلية ولكن يمكن لنا أن نعلم اجتماعاتها وأفعالها عندما تتخذ رأيا عاما.
تطرق بعد ذلك إلى مناطق ضعف المؤسسة الدولية حيث توصَّل إلى الآتي:
– أنها بطيئة وضعيفة الاستجابة، بحيث لا تستطيع التنسيق بطريقة فعالة ولم تقدر على الرد الفوري عند احتلال العراق للكويت على سبيل المثال.
– أن المؤسسة الدولية للإخوان المسلمين لم تقدر حتى على معالجة مسائل وقضايا الجماعة بشكلٍ فعال.
– الهيمنة المصرية على المؤسسة الدولية لجماعة الإخوان المسلمين وأن المناصب القيادية مرتبطة ومحصورة بمن يؤيدون القادة المصريين.
وتناول ناثان فكرة رغبة جماعة الإخوان المسلمين في تأسيس خلافة إسلامية تساعد على توحيد العالم الإسلامي وتوصلَ إلى أن ذلك من الصعب أن يحدث نظراً لعدم التنسيق الفعال بين الجماعات والحركات تحت رعاية المؤسسة الدولية للإخوان المسلمين، إضافة إلى أن النموذج العام للجماعة يمكن فقط تطبيقه تحت ظروف معينة وفي بيئة تتناسب معه، واختلاف البيئات يحول دون ذلك.
كيف يمكن لسياسة أمريكا أن تكون تجاه الإخوان المسلمين؟
في نهاية شهادته ، يتوصل ناثان إلى أنه لا يوجد حالياً سياسية أمريكية تجاه الإخوان المسلمين في مصر كما في المغرب، ويضيف أنه لا حاجة لوجود سياسة أمريكية تجاه الإخوان المسلمين، وأن أمريكا بحاجة إلى سياسية تجاه الدول التي تعمل بها جماعة الإخوان المسلمين، من خلال الأحزاب السياسية والمجتمعية والقومية في بلدان مثل مصر والكويت والأردن عن طريق بناء علاقات ثنائية تقوم على أسس اقتصادية ودبلوماسية وأمنية.
يجب على أمريكا أن تعطي لجماعة الإخوان المسلمين اعتبارها كعضو فعال في المجتمع في إطار نظام سياسي سليم، وأن على أمريكا أن تخاطب السلطة الشرعية في مصر وأن لا تتدخل في الشؤون الداخلية لبلدان المنطقة في ظل المناخ الديمقراطي الذي سوف يتم عن طريقه انتخاب جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الأحزاب السياسية.
ينهي د. ناثان براون شهادته بالقول إن بروز الإخوان المسلمين في الساحة قد يسبب الصداع ولكنه لن يسبب السرطان ، بعبارة أخرى إنه يمثل تحديا سياسيا ولا يمثل تحديا أمنيا للولايات المتحدة الأمريكية.
جماعة منقسمة ولقمة سائغة للسلفية
أحمد صبحي منصور[4]
بدأت شهادة أحمد صبحي منصور بالحديث عن الإسلام ومبادئه وسماته المتمثلة في السلام والحرية والعدالة والتسامح، وتطرق إلى انتصارات العرب المسلمين في الماضي والتي شهدت تغلبهم على مسيحيي أوروبا، وما قاموا به من تقسيم للعالم في ذلك الوقت إلى معسكرين: معسكر الإسلام ومعسكر الحرب.وهذا التقسيم يتعارض حسب منصور مع مبدأ الإسلام الذي يؤكد على التسامح والحرية و الشريعة في يد الإنسان. بعد عدة عصور، تغلبت أوروبا على المسلمين واحتلت معظم دولهم ولإحياء مجدهم وقوتهم كان للمسلمين فقط خياران : السلفية أو الحداثة.
تاريخ السلفية في السعودية
يذكر أحمد منصور أن اختيار السلفية يعني إعادة انتصارات الماضي في الإمبراطوريات الإسلامية في العصور الوسطى وتطبيق الشريعة الأصولية المتشددة في عصرنا الحاضر، هذا هو طريق الوهابية وتعتبر أول دولة سعودية تأسست في عام 1745 .
وعلى الصعيد الآخر، جاءت عصرنة المسلمين واحتذاء الحضارة الأوروبية عن طريق حاكم مصر محمد علي باشا، الذي تولى إبادة أول دولة وهابية في عام 1818، وتم بعد ذلك تأسيس دولة أخرى على تعاليم ابن عبدالوهاب ولكنها سرعان ما انهارت في القرن التاسع عشر.
بدأ الملك عبدالعزيز مؤسس الدولة السعودية الحالية بتأسيس الدولة خطوة خطوة عبر جنوده الأقوياء والذين يطلق عليهم اسم الإخوان، وأسس ما يعرف الآن بالمملكة السعودية في عام 1932.
تأثيرالسعوديين في اتجاهاتٍ سلفية وفي نشأة الإخوان المسلمين في مصر
يذكر منصور أن الملك عبدالعزيز قام بضم مكة والمسجد الحرام إلى مملكته، وبذلك تمكن من التحكم بالحج ، وقد ثار عليه الإخوان ولكنه تغلب عليهم.
ويذكر منصور أن الملك عبدالعزيز كان لديه رغبة بتوسيع المد السلفي وتعاليم ابن عبدالوهاب إلى مصر بعد تغلبه على ثورة الإخوان في السعودية، وذلك للإبقاء على مملكته بمساعدة مصر التي كانت تمر بإصلاحات دينية بقيادة الإمام محمد عبده، الذي كان مناصراً للطابع العلماني المدني للإسلام. وكان أغلب المصريين وقتها من الصوفيين الكارهين للوهابية.
يضيف أحمد منصور في شهادته أن الملك عبدالعزيز تمكن من استمالة رشيد رضا خليفة الإمام محمد عبده، وأصبح رضا أحد الأسماء الكبيرة التي تعول عليها السعودية في مصر، وبجهود منه قام رضا بتحويل أكبر منظمة صوفية في مصر ” الجمعية الشرعية” لتصبح سلفية وفق تعاليم ابن عبدالوهاب، وفي نفس العام 1926 تكونت جماعة أنصار السنة المحمدية تحت مظلة السلفية وعنوانها .
في عام 1927 ، تأسست جماعة الشباب المسلم وبرزت الحاجة لتأسيس مؤسسة سياسية ذات مذهب سلفي. قام رشيد رضا باختيار اللامع من جماعة الشباب المسلم حسن البنا لتأسيس هذه المؤسسة السياسية وأطلق عليها ” جماعة الإخوان المسلمين” في عام 1928. هكذا تتضح الصورة ، التعاليم السلفية للوعظ والتأثير الشعبي، وجماعة الإخوان المسلمين للأجندة السياسية.
الإخوان المسلمون في مصر
يكمل أحمد منصور شهادته بالحديث عن الإخوان المسلمين في مصر وتاريخهم. يتطرق لفترة غطت عشرين عاماً من 1928 إلى 1948، قام خلالها حسن البنا بتكون 50,000 فرع لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، وشكل فروعاً دولية لجماعة الإخوان المسلمين، إضافة إلى قيام قواته السرية باغتيالات وإشرافه على الثورة في اليمن بقتل حاكمها.
بعد حسن البنا في عام 1949، جاء الرئيس جمال عبدالناصر وقام بثورة الجيش المصري بمساعدة الإخوان المسلمين، وكما كانت التوقعات فقد رغبوا في السيطرة على جمال عبدالناصر ولكنه تغلب عليهم، وقبض على كثيرٍ منهم وهرب البعض منهم إلى ملاذهم الروحي، المملكة العربية السعودية.
اضطهاد الإخوان المسلمين والسيطرة على الاتجاهات السلفية
يتطرق أحمد منصور في شهادته إلى التطورات والإجراءات التي شهدتها مصر في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، حيث أدت إلى كسر شوكة الإخوان المسلمين وإضعافهم في الجانب السياسي، ولكنها في نفس الوقت أدت إلى تقوية السلفيين، لأن ناصر تعاطى معهم وقام بملاحقة الإخوان.
في السبعينيات من القرن العشرين، قام السادات بتقوية كل من السلفيين والأخوان المسلمين على حدٍ سواء، وزادت الجماعات التي تفرعت من الانشقاقات والخلافات داخل جماعة الإخوان المسلمين ، مثل الجماعة الإسلامية والتكفير والجهاد والهجرة والناجون من النار والشوقيون.
في الوقت نفسه، تضاعفت منظمات السلفية بالآلاف، وترك لهم السادات السيطرة على المساجد والإعلام والتعليم. حدث كما حدث سابقاً في عهد جمال عبدالناصر، سيطر السلفيون ووقعت جماعة الإخوان المسلمين في إشكالات مع السادات.
وفي عهد مبارك استمر إضطهاد جماعة الإخوان المسلمين من خلال حملاتٍ مختلفة، كانت أيضاً تتضمن جماعة الإخوان المسلمين ومنظماتها العامة والسرية، وكان هناك تشجيع للاتجاهات السلفية واستخدام عدد منهم ضد البهائيين والشيعة والعلمانيين.
الاتجاهات السلفية كانت بعيدة عن المضمار السياسي، ولكنها كانت تدعم مبارك في سيطرتها على المساجد والإعلام والتعليم.
بعد مبارك
يكمل شهادته بالحديث عن فترة ما بعد مبارك حيث أصبحت الاتجاهات السلفية دون قيود تهدد مصر وتظهر أجندتها السرية المبنية على تعاليم الوهابية والإخوان المسلمين. أما جماعة الإخوان المسلمين فإنها تعاني العديد من الإشكالات والمتمثلة في أن الاتجاهات السلفية هي التي تتحكم وتسيطرعلى الوضع وليس هم، وذلك يساعد الاتجاهات السلفية في بث الأخبار السيئة التي تتعلق بتولي جماعة الإخوان المسلمين للسلطة في مصر.
تعاني جماعة الإخوان المسلمين أيضاً من الانقسامات في داخل صفوفها وخصوصاً في جانبها القيادي المتمثل في كل من محمد حبيب وعبدالمنعم أبوالفتوح والزعفراني وشباب الجماعة المتفتح .
وهو يرى أن المشكلة سوف تزداد بعد نجاح الثورات في كل من ليبيا واليمن وسوريا والأردن ، حيث ستظهر على السطح الاتجاهات السلفية، مستغلة الفراغ الموجود وسوف تهدد الشرق الأوسط والمصالح الأمريكية في هذه المنطقة.
الأنشطة في الولايات المتحدة الأمريكية
يذكر أحمد منصور أنه لا وجود لجماعة الإخوان المسلمين كمنظمة سياسية في الغرب أو الولايات المتحدة الأمريكية، وأن كل الناشطين والقادة لهم أجندة سلفية لغسل أدمغة المجتمعات الإسلامية في الغرب ولتقسيم العالم لمعسكرين: معسكر الإسلام ومعسكر الحرب.
الأجندة السلفية حسب شهادة أحمد منصور يهدف جهادها في أمريكا إلى إبعاد المجتمعات الإسلامية من الاندماج مع الأمريكيين، وجعلهم أعداء لهم وأيضاُ إلى توظيف عدد من الأمريكيين وإدخالهم في الإسلام غير الحقيقي، ولكن الإسلام السلفي الذي يهدف لإعداد الانتحاريين وتكوين ما يمكن تسميته ب “طالبان الأمريكية”.
أجندة السلفية الجهادية حسب منصور تضم أيضاً سيطرتها على المساجد والمدارس الإسلامية والعديد من الدراسات الإسلامية في الجامعات الغربية والأمريكية حيث إن لديهم دعما لا محدوداً من قبل السعودية والخليج على الصعيدين العام والسري.
يضرب أحمد منصور تجربته مثالاً، حيث يذكر أنه عانى من التأثير السعودي في مصر وعند توجهه للولايات المتحدة الأمريكية كلاجىء سياسي، وجد التأثير السعودي في عمله في المساجد السنية والمراكز والمدارس حيث إن معظمها يقع تحت سيطرة متعصبين يتخذون من السلفية الوهابية ثقافة يمكن توظيفها في العنف.
كيف يمكن التصدي؟
ينهي أحمد منصور شهادته بتقديم حلول وخيارات يفيد الأخذ بها في الحد من هذا التوسع السلفي. قام بتقسيم الخيارات إلى : الأفضل والجيد والمتوفر.
وجد أن الأفضل يتمثل في إنشاء منظمة أمريكية تجعل من أمريكا ذات قوة في حرب الأفكار وذلك عن طريق:
– ترقية صورة أمريكا في العالم الإسلامي.
– الفوز في حرب الأفكار ضد السلفيين الراديكاليين المسلمين.
– إصلاح العالم الإسلامي وإعادة تشكيله بحيث يتقبل الديمقراطية السلمية.
– إصلاح المسلمين الأمريكيين للدفاع عن أمريكا باسم الإسلام.
– توظيف أصحاب الفكر المتفتح لخدمة أمريكا في هذه المهمة.
وأوضح أن هذا يمكن أن يتم عن طريق:
– المواقع الإلكترونية العربية.
– المؤتمرات التي تهدف إلى إصلاح العالم الإسلامي .
– الإصلاحات الدستورية والتشريعية في العالم العربي.
– الإصلاحات في قطاع التعليم مثل الأزهر ومؤسسات التعليم العالي.
– إنشاء قناة تلفزيونية مستقلة ومؤسسة تنتح برامج ودراما للوصول لأكبر عدد من المسلمين.
والجيد يتمثل في:
– إستخدام هوليود في إنتاج دراما مترجمة لجميع المسلمين وتوزع في جميع أنحاء العالم الإسلامي .
– تأسيس مؤسسة قوية في مصر لها قناة تلفزيونية مستقلة، ومؤسسة تنتج برامج ودراما تصل للعالم الإسلامي الصامت في الشرق الأوسط.
أما المتوفر فيتمثل في:
– مساعدة مركز القرآن الدولي للقيام بهذه المهام بإشراف أمريكي.
– جعل هذا البرنامج تحت إدارة مركز ودورد ولسن.
وأوضح أنه للقيام بهذه المهمة، فإن ذلك يستوجب مجموعات مختلفة من الخبراء الذين سوف ينقسمون إلى:
– مجموعة استطلاع
مهمتها تتمثل باستطلاع المواقع الإلكترونية العربية وتقسيمها إلى فئات مختلفة.
– مجموعة تحقيق
مهمتها التحقق من المواقع الإلكترونية.
– مجموعات الفتوى
متخصصة في نوع جديد من حرب الأفكار عبر الحوار وكتابة المقالات وإعادة صياغة ما تم الإفتاء به سابقاً ومناظرة أفكار الشيوخ المتعصبين.
– مجموعات المراقبين اليوميين
يقومون بالبحث اليومي عن المواقع الإلكترونية العربية للدفاع عن الولايات المتحدة الأمريكية.
[1] المدير التنفيذي لمعهد واشنطن
[2] بروفسور بجامعة هارفارد الأمريكية
[3] بروفيسور في مجال العلوم السياسية والشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن ومساعد غير مقيم في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي
[4] رئيس المركز العالمي للقرآن الكريم وأستاذ سابق في جامعة الأزهر.