جاسم محمد[1]*
فتحت الحرب الروسية- الأوكرانية الباب على مصراعيه لانخراط الأجانب والمرتزقة في القتال إلى جانب طرفي الصراع، لا سيما أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رحب بهم، وأنشأت أوكرانيا “فيلقًا دوليًا” للأشخاص القادمين من الخارج. كما لم يتردد الجانب الروسي في استنفارهم أيضًا. فقد بدأ وسطاء في العاصمة السورية دمشق، ومناطق أخرى، بالنشاط لتوقيع عقود مع شباب سوريين للقتال إلى جانب الجيش الروسي في أوكرانيا. في المقابل يعمل وسطاء من المعارضة السورية في تركيا لتجنيد سوريين للقتال إلى جانب الجيش الأوكراني.
أشهر كتائب اليمين المتطرف في أوكرانيا
“القطاع الأيمن”: نشأت حركة “القطاع الأيمن” عام 2013، وتحمل الحركة أفكارًا مُحافظة مُتطرّفة، وشاركت في الاحتجاجات والاشتباكات ضد شرطة مكافحة الشغب، وانخرط بعضها في العملية السياسية ضمت عددًا من المتطرفين القوميين وأنصار اليمين المتطرف، وحسب التقديرات بلغ عدد أنصارها في عام 2014 نحو (10) آلاف مقاتل. وأصبحت دعامة أساسية في القتال ضد الانفصاليين المدعومين من روسيا. قدمت الحكومة الأوكرانية الدعم والاعتراف علنًا ورسميًا بالحركة كمقاتلين. ساهمت “كتيبة المتطوعين” التابعة للقطاع الأيمن، بدور في غاية الأهمية ضد الانفصاليين المدعومين من روسيا بالشرق.
“كتيبة آزوف”: يبلغ قوامها حوالي (2000) إلى (3000) عضو بحسب “France24” في 25 مارس (آذار) 2022، وسميت على اسم بحر “آزوف”. تسمى الآن “فوج آزوف” ويتمركز الفوج في مدينة “ماريوبول” الساحلية الجنوبية. أنشأها نشطاء من اليمين المتطرف عام 2014، لأول مرة ضد الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا ومنذ ذلك الحين تم دمجها في الحرس الوطني تحت قيادة وزارة الداخلية. من بين مؤسسيها “أندريه بيلتسكي”، وهو عضو سابق في منظمة باتريوت أوكرانيا شبه العسكرية. نظرًا لأن معظمهم من المتطوعين في البداية، كان أعضاء الكتيبة يرتدون شارات، مثل ما يسمى “Wolfsangel” (خطاف الذئب)، والتي تذكرنا بالرموز التي تستخدمها وحدات “SS” في ألمانيا النازية. ساهمت “آزوف” باستعادة “ماريوبول” من الانفصاليين المدعومين من روسيا عام 2014[2].
المقاتلون الشيشان، الأدوار والمخاوف
منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، بدأ الحديث عن الزج بالمقاتلين الأجانب في الصفوف الأمامية لجبهة القتال، سواء في صفوف القوات الروسية أو الأوكرانية. وكانت أوكرانيا السباقة للإعلان عن تجنيد مقاتلين أجانب في صفوف الجيش. وقام الرئيس فولوديمير زيلينسكي بتوجيه دعوة عابرة للحدود والقارات للدفاع على أوكرانيا والوقوف في وجه “الغازي” الروسي.
تركز الحديث الإعلامي والبحث الاستخباراتي منذ البداية عن مقاتلين ملتحقين من اليمين المتطرف. فيما تم إيلاء قدر أقل من الاهتمام لمشاركة الجهات الفاعلة التي تعتبر غريبة مسبقاً عن النزاع. من بينهم مقاتلون من الشيشان يتم تجنيدهم الآن على كلا الجانبين. تحاول هذه الدراسة التطرق لهم من حيث الأدوار المزدوجة والمخاوف من توظيفهم[3].
مع من يقاتل المسلمون الشيشان والتتار في أوكرانيا؟
المقاتلون الشيشان إلى جانب روسيا
بمجرد إعلان روسيا عن انطلاق عمليتها العسكرية في أوكرانيا، سارع القائد الشيشاني “رمضان قديروف”، حليف بوتين الأساسي في المنطقة، إلى إرسال قوات خاصة إلى أوكرانيا، ولم يكف الرئيس الشيشاني عن الحديث عن إنجازات رجاله كما حدث حينما أعلن في 3 مارس (آذار) 2022 عن احتلال قواته قاعدة عسكرية كبرى كانت تابعة لـ”قوميين متطرفين أوكرانيين”. وفي 13 مارس (آذار) 2022، أعلن قديروف أنه على بعد كيلومترات قليلة من كييف، وفي اليوم التالي نشر فيديو عبر حسابه بالعربية على تويتر يزعم أنه في قبو داخل كييف حيث يخطط مع قواته للسيطرة على العاصمة[4].[4]
من هم “النازيون الجدد”؟
مصطلح أُطلق على الأشخاص التابعين للاشتراكية الوطنية التي تأسست بعد الحرب العالمية الأولى في ألمانيا، ويمكن تعريفها بأنها حزب أو حركة أو جماعة متطرفة تملك الكثير من الأفكار المستبدّة والمماثلة، والمرتبطة بشكل مباشر بأفكار وممارسات وأفعال الحزب النازي -الذي يُعرف باسم الحزب القومي الاشتراكي العمالي الألماني- وهي من الجماعات اليمينية المتطرفة، التي تحمل أفكارًا معادية للسامية، وتعادي أيضًا الديمقراطية وتعادي الشيوعية. وجدير بالقول: إنَّ الحزب النازي بشكل عام تمّ تأسيسه بعد الحرب العالمية الأولى، وتحديدًا بعد هزيمة ألمانيا في الحرب، وبدأت شعبيته بالانتشار في عشرينيات القرن العشرين[5].
تدفق النازيين الجدد على أوكرانيا
تواجه الحركات اليمينية المتطرفة في ألمانيا انقسامًا وتحدّيًا كبيرًا في الخروج بموقف موحد حيال الغزو الروسي لأوكرانيا، وبينما اختارت بعض الحركات اليمينية المتطرفة الاصطفاف إلى جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أعلنت حركات أخرى تضامنها مع “كتيبة آزوف” اليمينية المتطرفة في أوكرانيا.
وأعلنت وزارة الداخلية الألمانية في 3 مارس (آذار) 2022، أن لديها معلومات عن بعض النازيين الجدد الألمان الذين يقاتلون في أوكرانيا. وبحسب يوهانس كيس، المتخصص في الحركات اليمينية المتطرفة في معهد Else Frenkel-Brunswick بجامعة لايبزيغ، فإن الدافع الحقيقي وراء دعم النازيين الجدد في ألمانيا لأوكرانيا يرجع إلى الروابط بينهم وبين جماعات يمينية متطرفة في أوكرانيا… وفيما يتعلق بالمشهد الخاص بالنازيين الجدد، تضم هذه الدوائر شبكات أوروبية لها صلات بحركات في بولندا، فالأمر -إذن- لا ينحصر في كونه يرتبط بألمانيا أم أوكرانيا[6].
مواقف أوروبية من المشاركة بالحرب في “أوكرانيا-النازيين” الجدد
دعت سبع دول -مجموعة “فاندوم”- في الاتحاد الأوروبي، وهم: فرنسا وهولندا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا ولوكسمبورغ وبلجيكا، وفقًا لـ”يورونيوز” في 29 مارس (آذار) 2022، مواطنيها إلى الامتناع عن الانخراط كمتطوّعين لمساندة الأوكرانيين في القتال ضد الروس، وفي إعلان صدر عن وزراء العدل في هذه الدول أكدت وزارة العدل البلجيكية أن وزراء الدول السبع “ثبّطوا بالإجماع عزيمة الأوروبيين على الانضمام” إلى صفوف المقاتلين المتطوّعين. وصرّح وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان إثر اجتماع مع نظرائه الأوروبيين في بروكسل بالقول: “بالطبع نثبط عزيمة الأشخاص على التوجه إلى ساحة الحرب”.
حذّرت وزارة العدل الألمانية -بحسب “الشرق الأوسط” في 17 مارس (آذار) 2022- من المشاركة في الحرب بأوكرانيا على مسؤوليتهم الخاصة، وأن من يسافر إلى أوكرانيا على مسؤوليته الخاصة ويشارك في أعمال قتال هناك؛ فإنه يتصرف حينئذ بشكل غير شرعي. ومن ينضم لقوات أجنبية بصفته مواطنًا ألمانيًا ويكون مرتبطًا بسلسلة أوامر، فإنه في وضع قتال بموجب القانون الدولي، وإن ذلك يعد شرعيًا فيما يتعلق بالمشاركة في حرب “بشرط ألا يرتكبوا جرائم حرب هناك”.
منعت وزارة الدفاع البريطانية -وفقا لـ”الحرة” في 11 مارس (آذار) 2022- جميع أفراد الخدمة من السفر إلى أوكرانيا “حتى إشعار آخر”، وحذّرت من أنهم سيواجهون المحاكمة إذا فعلوا ذلك. كما أعلن رئيس الوزراء البريطاني آنذاك “بوريس جونسون” أن الجنود البريطانيين الذين يسافرون إلى أوكرانيا للقتال، يجب أن “يتوقعوا محاكمة عسكرية” لدى عودتهم، مضيفًا أنه يجب على المدنيين أيضًا تجنب الذّهاب إلى هناك للقتال. بينما تتناقض تلك التصريحات بشكل ملحوظ مع تصريحات “ليز تراس” وزيرة الخارجية، “إنها ستدعم ذهاب البريطانيين إلى أوكرانيا للمشاركة في القتال ضد الروس”.[7]
هل يتناقض ذلك مع قوانين مكافحة الإرهاب الأوروبية؟
دعمت دول مختلفة مقاتلين أجانب متنوعين وفاعلين غير حكوميين وجماعات جهادية لأسباب جيوسياسية، لا سيما في سنوات الحرب الباردة، التي اعتبر خلالها العنف بدوافع أيديولوجية وسيلة لتحقيق غاية. ومن الأمثلة على ذلك، الدعم الأميركي “للمجاهدين” ضد السوفيت في أفغانستان بعد عام 1979، أو اليوم، موقف روسيا من طالبان بعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان في أغسطس (آب) 2021. وفي سياق تعريف الإرهاب، يجادل الباحثان كريس ميسيرول ودان بيمان بأنه “حتى القوائم التي جمعتها الحكومات الديمقراطية من المرجح أن تتضمن بعض الجماعات الإرهابية دون غيرها”.
ومع ذلك، ما مكانة هؤلاء المقاتلين الأجانب بموجب القانون الدولي؟ هل سيعتبرون مقاتلين أم مقاتلين غير شرعيين؟ وما العمليات، وبموجب أي اتفاقيات سيتم استخدامها إذا ارتكبوا جرائم حرب؟ ماذا يحدث إذا تم الاستيلاء عليهم من قبل الجيش الروسي؟ هل سيعتبرون أسرى حرب شرعيين بموجب اتفاقيات جنيف؟ والأهم من ذلك، ما هو نوع الفرد الذي ينضم للقتال اليوم؟
قالت مجموعة، SITE Intelligence، التي تراقب الجماعات المتطرفة: إنها لاحظت زيادة في دعم الأوكرانيين الذين يقاتلون ضد روسيا في العديد من مساحات اليمين المتطرف على الإنترنت. احتشد الأفراد المتباينون وغير المتصلين عبر غرف الصدى الأيديولوجي حول القضية الأوكرانية. في بلدان مثل فنلندا وفرنسا، تغرق الدعاية التجنيدية قنوات Telegram التي تديرها الميليشيات اليمينية المتطرفة.
في مشهد أمني عالمي معقد، مع دعوات التطرف اليميني، الذي اعتبر تطرّفه تهديدًا إرهابيًا متناميًا عابرًا للحدود الوطنية، فإن سلالة جديدة من المقاتلين الأجانب يتم إنشاؤها من أجل قضية ما، قد تجد نفسها متطرفة، وتنتقل إلى قضية أخرى. تتمثل إحدى النقاط الرئيسة المستقاة من الحرب العالمية على الإرهاب في أن أولئك الذين يحملون السلاح لا يحكمهم الأيديولوجيا والمال فحسب، بل يحكمهم أيضًا حس القبلية الذي يتجاوز أي هوية مدنية أو اجتماعية.
في حين أن القضية الأوكرانية قد تكون معركة عادلة، فمن الضروري أن يتم توضيح التعريفات والحدود التي يجب أن تحكم هؤلاء المقاتلين الأجانب المتطوعين في البداية. بقدر ما يُنظر إلى الدفاع عن سيادة أوكرانيا على أنه مسؤولية عالمية، يجب على المجتمع الدولي أن يضمن بنفس القدر ألا ينتهي الإعجاب بجيش من المقاتلين الأجانب المتطوعين بتأييد أو تعزيز ثقافة عسكرية يمينية متطرفة غامضة من شأنها أن تنتج تيارًا آخر، من الفاعلين المتطرفين من غير الدول الذين يسعون إلى العنف والمغامرة باسم قضية “عادلة”[8].
الاتجاهات الحالية للحكومات الأوروبية والاتحاد الأوروبي
الحكومات الأوروبية والاتحاد الأوروبي لديها مواجهات مع الجماعات الإرهابية المحلية والأجنبية لعقود، ولكن جددت الهجمات العديدة منذ عام 2014 مخاوف بشأن الإرهاب والتطرف العنيف في أوروبا. على الرغم من الاختلافات في كيفية تعريف الأحداث الإرهابية، تشير الدراسات إلى أن الإرهاب يهدد الأمن في العديد من البلدان الأوروبية.
في أعقاب توسع تنظيم داعش في سوريا عام 2013، نمت المخاوف بشأن علاقات المجموعة بأوروبا. من 2011 حتى عام 2017، سافر ما يقرب من (5000) مواطن أوروبي إلى سوريا. العديد من منفذي هجمات نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 الإرهابية في باريس، (التي قتل فيها “130” شخصًا) وتفجيرات مارس (آذار) 2016 في بروكسل (التي قتل فيها “32” شخصاً) كانوا في الغالب يعيشون في أوروبا أو يحملون وثائق أوروبية. إن غالبية الهجمات المرتبطة بداعش في أوروبا تم ارتكابها من قبل أفراد ومتطرفين في مجموعات صغيرة متشابهة التفكير، عبر الإنترنت، أو في سجون أوروبية.
أبرز الجماعات المتطرفة في بريطانيا
“تنظيم المهاجرين”: أسسه “عمر بكري” -سوري الأصل- في أوائل التسعينيات ودعا إلى تطبيق “الشريعة الإسلامية” في بريطانيا. عقد اجتماعات منتظمة في شرق لندن وكان ينظم المظاهرات من حين لآخر لمطالبة الحكومة بتطبيق تفسير متشدد للشريعة الإسلامية، ونفي بكري إلى خارج بريطانيا عام 2005.
وكان هذا التنظيم أكبر بوابة للإرهاب في تاريخ بريطانيا الحديث، حيث بدأ نشاطه ببريطانيا في الثمانينيات من القرن الماضي، وظل الداعية المتطرف “أنجم شودري” في بريطانيا هو وجه التنظيم الذي أعاد تقديم نفسه في صورة جماعات أخرى، مثل “الإسلام للمملكة المتحدة” و”الحاجة للخلافة”، وانبثق من “تنظيم المهاجرين” جماعتا: “الغرباء” و”الفئة الناجية”.
وفي السياق نفس هناك العديد من الجماعات المرتبطة بهذا التنظيم ضمن القطاع الأكاديمي مثل كلية لندن للشريعة، وفي القطاع الاجتماعي مثل السجناء المسلمين الذي يديره المسمى عبدالموحد ومنظمات دفاعية مثل الطوارئ الإسلامية، ولكل وحدة محلية أميرها الخاص، في حين هناك أكثر من زعيم في المناطق الكبيرة مثل بيرمنغهام ومنطقة مانشستر الكبرى، يقوم كل أمير بإفادة القيادة التي تعلوه بكل النشاطات والتطورات، وهم دائمًا مسؤولون عن تنظيم الحلقات الدراسية الخاصة التي تشدد على العقيدة الراسخة[9].
“جماعة أنصار الشريعة”: تزعمها مصطفى كمال مصطفى الشهير بـ”أبي حمزة المصري”، الذي قدم من مصر إلى بريطانيا عام 1979، واتخذ “أبو حمزة” مسجد “فينسبري بارك” منطلقًا لخطبه قبل طرده منه واعتقاله. تم عزل “أبي حمزة المصري” من منصبه كإمامٍ للمسجد في 4 فبراير (شباط) عام 2003 ثم تم ترحيله إلى الولايات المتحدة لأسباب تتعلق بتحقيقات تورّطه بالتّطرف والإرهاب.
“الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة”: مقرها الرئيس جنوب مدينة “مانشستر” وهي فرع من فروع الحركة الإسلامية المتطرفة العالمية التي تستقي أفكارها من تنظيم القاعدة، وتضم “عبدالحكيم بلحاج” و”خالد الشريف” (حاربا مع القاعدة في أفغانستان) وغيرهما. اعتمدت “الجماعة الليبية المقاتلة” على جمعية “سنابل” الخيرية التي تم إنشاؤها عام 1991 في مدينة مانشستر بشكل أساسي لجمع التمويل في بريطانيا.
“حزب التحرير الإسلامي” – بريطانيا: أنشئت جماعة “حزب التحرير” عام 1953، ويُعد عمر بكري محمد أحد أهم الشخصيات الست المؤثرين، وهو قائد الفيصل البريطاني لهذه الجماعة في الفترة ما بين 1987 إلى 1996، ويمثله في بريطانيا حاليًا “قاسم خوجه”، وينشط حزب التحرير في أكثر من (40) دولة من بينهم بريطانيا.
لجنة “النصح والإصلاح”: تزعمها خالد الفواز، وتصفه أجهزة الأمن الأوروبية بأحد أهم ممثلي بن لادن في أوروبا، وكان يعاونه عادل عبدالمجيد وإبراهيم عبدالهادي المحكوم عليهما في قضايا عنف إسلاموي.
مجموعة “مسلمون ضد الحملات الصليبية”: تدعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية داخل المجتمع البريطاني، وهدفها البعيد المدى هو إقامة إمارة إسلامية في قلب أوروبا.
“خلية ليستر”: تجند وتدعم إرهابيين في بريطانيا ودول أخرى، وتمول جهاديين في أنحاء العالم، وهي العقل المدبر لعملية “شارلي إبيدو”، تدعم تنظيم القاعدة، وهناك بعض الجماعات الأخرى، معظمها من شمال أفريقيا، وفي مقدمتها جزائريون مثل: “أبي دوحة أو د. حيدر” الذي كان عضوًا في الجماعة السلفية للدعوة والقتال، وعبدالله أنس وقمر الدين خربانة من الجبهة الإسلامية للإنقاذ[10].
الجماعات المتطرفة في ألمانيا
“الدين الحق”:
حركة سلفية تأسست في 2005 من قبل رجل الأعمال الفلسطيني إبراهيم أبو ناجي الذي كان يعيش في كولونيا. وهدفه المعلن هو نشر الإسلام وتوزيع ملايين النسخ من القرآن. والمقر الرئيس لمنظمته كان عبارة عن مستودع كبير في ضاحية كولونيا. من هناك كان الأعضاء يحملون خطابات ومقاطع فيديو وينشرونها عبر يوتيوب أو عبر قنوات أخرى في مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال أبو ناجي في مقابلة عام 2014 مع DW: إن حلمه هو أن يتحول كل ألماني إلى الإسلام. وفي يوم من الأيام بشكل طبيعي ستنشأ في ألمانيا دولة دينية، حسب اعتقاده.
وطوال فترة بدت استراتيجيته ناجحة: فالحركة السلفية جلبت إليها أعدادًا كبيرة من الشباب، وذلك ليس فقط بفضل حضورها في الإنترنت واللغة البسيطة المستخدمة الموجهة للشباب، إضافة إلى أنه تم فجأة إلقاء الخطب بالألمانية، وكان ذلك تطورًا جديدًا في ألمانيا حيث الخطابات عادة بالعربية والتركية.
“المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا”:
أسقط المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا عضوية التجمع الإسلامي الألماني بسبب صلاته بالمتطرفين، في خطوة جاءت غداة تصنيف جهاز حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) لهذا التجمع شبكةً تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، مما يشي بأن حملة تلوح في الأفق لتحجيم نفوذ الجمعيات المتطرفة وخاصة تلك القريبة من الإخوان. وتستغل تلك الجمعيات الحريات الممنوحة في أوروبا للتغلغل هناك حيث وجدت نفسها خالية من أي قيود، مما مكنها من تكوين شبكات لم تتردد فرنسا في مكافحتها في أعقاب هجمات إرهابية دامية شهدتها، قبل أن تبدأ ألمانيا السير على خطاها.
وقالت المنظمة الجامعة: إن المجلس المركزي قرر خلال الجمعية العامة لممثليه، والتي انعقدت افتراضيًا في الثالث والعشرين من يناير (كانون الثاني) 2022، استبعاد جمعية التجمع الإسلامي الألماني “دي إم جي” وأعضائها، مشيرة إلى أن طلبًا بهذا الخصوص حصل على تأييد أغلبية الثلثين التي تشترطها اللائحة التأسيسية. وجاء في تقرير هيئة حماية الدستور عن عام 2020 أن جمعية “دي إم جي” التي كانت تسمى سابقا “التجمع الإسلامي في ألمانيا” يمكن اعتبارها جزءًا من الشبكة العالمية للإخوان المسلمين ومنظمتها المركزية في ألمانيا، وذلك بناءً على التشابكات الوثيقة في الهياكل والمناصب مع الإخوان المسلمين[11].
جماعة “مللي غوروش“:
يشير تقرير نشره معهد Hudson Institute إلى أن الجماعة الإسلامية مللي غوروش (ICMG) هي اليوم المنظمة الإسلامية الأكثر نفوذًا في ألمانيا، وواحدة من أهم الحركات الإسلامية العاملة داخل الشتات التركي في أوروبا. وتزعم الحركة أنها تدير أكثر من (514) مسجداً ومركزاً ثقافياً في أحد عشر بلداً أوروبياً؛ (323) من هذه المؤسسات تقع في ألمانيا. يبلغ مجموع عضوية مللي غوروش الأوروبية حوالي (87,000)، مع ما يقدر بـ(30,000) عضو في ألمانيا. وتقدر المنظمة أن حوالي (300) ألف شخص في أوروبا يحضرون شعائرها الدينية أسبوعيًا.
تنامي تأثير جماعة مللي غوروش في أوروبا وألمانيا
ذكر الباحث التركي البروفيسور إسماعيل خالد أوغلو في كتابه “تجربة وقف مللي غوروش في أوروبا” أن: “مللي غوروش أصبح أكبر المنظمات غير الحكومية في أوروبا، ويقدم خدماته لجميع الناس كبيرهم وصغيرهم، ويضم تحت مظلته عددًا من الجمعيات كالجمعية النسائية، والجمعية الشبابية، والجامعيين”. وأضاف: “بفضل هذه الجمعيات والمنظمات وصل عدد فروعه إلى (620) فرعًا/ “مسجدًا” في (12) بلدًا أوروبيًا، منها (320) فرعًا في ألمانيا، بالإضافة إلى تقديم خدماته في كل من أستراليا وكندا والبلقان، ووصلت عدد تنظيماته إلى (2330) تنظيمًا، و(21) ألف إداري، و(20) ألف عضو بالمركز، و(15) ألف عضو بالفروع، ويبلغ عدد المصلين في الجمع والأعياد حوالي (400) ألف شخص، ويقدم خدماته المباشرة لملايين الأفراد”.
شبكة “أبو ولاء”:
يتحدث أبو ولاء العراقي، الذي وصل إلى ألمانيا كطالب لجوء في 2001، اللغة الألمانية بطلاقة. وأشارت مجلة “شبيغل” الألمانية إلى أنه متزوج من امرأتين وأب لسبعة أطفال، وسافر وأقام بطريقة غامضة مرات عدة في العراق.
وحسب تقارير إعلامية، فقد ساهمت اعترافات أحد العائدين من القتال في صفوف “داعش” -بشكل جزئي- في إلقاء القبض على “أبي ولاء العراقي”. وحسب ما قاله العائد، البالغ من العمر (22) عاماً، فقد انضم لصفوف “داعش” في سوريا لعدة أشهر ثم هرب إلى تركيا، وهناك أعطى مقابلة إعلامية. ثم عاد نهاية سبتمبر (أيلول) ]2016[ إلى ألمانيا. وفي المقابلة وصف الشاب “أبا ولاء العراقي” بأنه “رجل داعش الأول في ألمانيا”.
يخطب “أبو ولاء العراقي” ويعطي دروسًا دينية في مسجد يسمى Deutschsprachiger Islamkreis بمدينة هيلدسهايم / Hildesheim في ولاية سكسونيا السفلى. ويلقب “أبو ولاء العراقي” نفسه بـ”شيخ هيلدسهايم”. وقال وزير داخلية الولاية، بوريس بيستيروس: إن “المسجد تحول لـ”بؤرة لالتقاء السلفيين والمتطرفين، ليس فقط من ولاية سكسونيا السفلى، بل من خارجها أيضًا”[12].
“جماعة الشريعة الإسلامية”:
تنامت هذه الجماعة خصوصا في “برلين”، ومناطق أخرى في ألمانيا، وهي جماعة مسلحة لديهم خبرة قتالية اكتسبوها من الحرب “الشيشانية – الروسية”، وهي مرتبطة ومنتشرة في المساجد السلفية الموجودة بـ”برلين”، بما فيها مسجد مقاطعة “فوسيلت 33” التي كان يطلق عليها “خلافة برلين”، قوامها (100) شيشاني مسلح.
وتحاول فرض مجتمع إسلاموي متشدد داخل المجتمع الألماني باستخدام التهديد الجبري لحث مواطني الشيشان بعدم الاندماج في المجتمع الألماني، ويجبر الفتيات الشيشانيات في ألمانيا على إعطاء معلومات هواتفهم؛ حتى يتم ملاحقتهن في حال قمن بالخروج على أي قاعدة أو عرف إسلامي.
نشرت جماعة الشريعة الإسلامية في مايو (أيار) 2017، فيديو –صادر باللغة الروسية– تحذر فيه أبناء الجالية الشيشانية من الانخراط أو الاندماج داخل المجتمع الألماني، وعدم الامتثال لقوانين الشريعة الإسلامية، وإلا سيكون القتل هو جزاؤهم، الفيديو الذي تم نشره عبر خدمة “الواتس آب”، لأبناء الجالية الشيشانية، قامت إحدى المنظمات الروسية بالإبلاغ عنه.
“حركة دولة الخلافة”:
تأسست عام 1986 ويرأسها التركي “ميتين قابلان”. تتخذ من مدينة “كولون” الألمانية مقرًّا لها، وتهدف إلى نشر الفكر المتشدد وترفض مبادئ الفكر الديمقراطي وتكوين الأحزاب السياسية، وكان القضاء الألماني حكم على “ميتين قابلان” في نوفمبر (تشرين الثاني) 2000 بالسجن لمدة (4) سنوات بتهمة التحريض على قتل أحد منافسيه على قيادة “دولة الخلافة”.
وسلمت ألمانيا “قابلان” إلى تركيا بعد أشهر من خروجه من السجن، وأصدرت وزارة الداخلية الألمانية قرارًا بحظر نشاط المنظمة مطلع عام 2002 في إطار حملة مكافحة الإرهاب.
منظمة “الإسلامي النشط” السلفية:
تنشط هذه المنظمة في مدينتي “مونستر” و”منشنغلادباخ” في ولاية الراين الشمالي. أسسها “سفين لاو” عام 2010، وتنشط كبديل لمنظمة “الدعوة إلى الجنة” المحظورة، في سبتمبر (أيلول) 2014 أثار “لاو” بعض الانتباه في ألمانيا عندما قام مع بعض السلفيين بمدينة “فوبرتال” بتأسيس ما سمي بـ”شرطة الشريعة”، التي حاولت إبعاد الشباب المسلمين عن التردد على قاعات القمار والحانات.
“توحيد ألمانيا“:
ينشط التنظيم خاصة على المواقع الاجتماعية مثل “فيسبوك ويوتيوب”، ويعتبر تنظيمًا منبثقًا عن منظمة “ملة إبراهيم- توحيد جيرماني”، وكلاهما محظور في ألمانيا، إلا أنهما يقومان بدعاية سلفية جهادية وخطابات دعائية عبر الإنترنت، ومن أبرز أعضائها الجهادي الألماني “دنيس كوسبيرت”، الذي قتل في 2015 في سوريا.
وذكرت السلطات الألمانية في يناير (كانون الثاني) 2017 أن هناك الكثير من الجماعات السلفية التي تتشكل وتتواصل مع بعضها البعض عن طريق الشبكات الافتراضية بالدرجة الأولى، مثل الإنترنت أو مجموعات الواتساب ومثل هذا الأمر لم نعرفه أبدا قبل بضع سنوات.
كتيبة “لوربيرغر”:
التحق من خلالها نحو (20) شابًا من بلدة “دنسلاكن” الألمانية بـ”الجهاد في سوريا”، وغالبيتهم تنحدر من حي “لوربيرغر”، وهذه المجموعة من الشباب التفّت حول أحد الوعاظ الذين لم تتحدد هويتهم بعد في هذا الحي. حيث لقي (24) على الأقل من جهاديي “لوربيرغر” مصرعهم في سوريا.
خلية “فولفسبورغ”:
والتي مكنت نحو (20) جهاديًا ألمانيًا من السفر بين عامي 2013 و2014 من “فولفسبورغ” إلى العراق وسوريا للقتال في صفوف تنظيم “داعش”.
منظمة الدعوة إلى الجنة السرية
يقودها “بيير فوجل” في “فريشن” بضواحي “كولون”، وحظرت النيابة العامة الألمانية نشاط “الدعوة إلى الجنة”، بدعوى التحريض على الكراهية.
الجماعات المتطرفة في فرنسا
“فرسان العزة”:
تأسست في أغسطس (آب) 2010، علي يد الفرنسي من أصل مغربي “محمد الشملان”، وعدد من النشطاء الإسلامويين، في منطقة نانت فرانكو الفرنسية، وتعرف نفسها على أنها مجموعة جهادية، واشتهرت بدعواتها الاستفزازية أكثر من أنشطتها العينية. قام التنظيم بتدشين منتدى إلكتروني على شبكة الإنْترنت يعلنون خلاله “مكافحة الإسلاموفوبيا” و”الدفاع عن المسلمين والحجاب” في فرنسا، تؤيد أفكار تنظيم القاعدة وجماعة الإخوان المسلمين، وتدعو لنصرة المجاهدين في مناطق الصراعات، وإقامة دولة الخلافة في أوروبا وفي باقي دول العالم، وترى أن أنظمة الحكومات الغربية، كافرة لا تطبق شرع الله، ويجب محاربتها لذلك.
نشرت صحيفةُ “le parisien” الفرنسية من خريطةٍ سريّةٍ تكشفُ أن أعدادَ المقاتلين الفَرَنْسيين حوالي (2000) مقاتل، وسَمَحَتْ هذه البيانات السِّرِّيّة بإنشاءِ خريطةٍ دقيقةٍ للتَّطَرُّفِ في فرنسا، كما تمّ إحصاءُ هذه البيانات من خلالِ سِجِلّاتِ مَلَفِّ البلاغاتِ الخاصةِ بالوقايةِ من التَّطَرُّفِ ذي الطابع الإرهابي (FSPRT)، والذي يَضُمُّ الإسلاميين الراديكاليين الفرنسيين أو المقيمين على الأراضي الفَرَنْسية، وأحصت الدائرة التي ترصد حالات التطرف في فرنسا، أن حوالي (17) ألفًا و(400) شخص ترد أسماؤهم في إطار المتطرفين، كما جاء في تقرير لمجلس الشيوخ خلال عام 2017[13]. ومن أبرز قيادات فرسان العزة “محمد الشملان”، الذي ولد في مدينة “نانت” غربي فرنسا من أب مغربي وأم فرنسية، في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) 1977، وهو مؤسس فرسان العزة، ويرى الشملان أن جمعيته لم تتورط مطلقًا في العنف، لكنه شدّد على حقها في “الدفاع عن النفس” إذا “تفاقمت الاعتداءات على المسلمين خاصة النساء المحجبات أو المنتقبات، وإصرار الحكومة والقضاء على عدم معاقبة المعتدين”، وحكم على محمد الشملان بالسجن مدة (4) أشهر مع وقف التنفيذ بتهمة التحريض على التمييز العنصري، عقب تنظيم مظاهرات في ساحة “لاموت”.
فرنسا: المجلس الإسلامي الفرنسي (CFCM):
بدأ نشاطه في فرنسا منذ 1980، على أيدي نشطاء إسلاميين (منتمين للإخوان)، ونجح في فرض نفسه على الحكومات المتعاقبة. ويهدف إلى دفع عموم المسلمين في فرنسا إلى الانغلاق في هوية طائفية، ساعيًا إلى جرّهم نحو إسلام أصولي لبسط هيمنته على الهيئات الممثلة للمسلمين، وليصبح حلقة الوصل الأبرز بينهم، قيادات الإخوان المعاصرة في فرنسا وخاصة: طارق رمضان.
ويعد أكبر مؤسسة رسمية إسلامية في فرنسا، ويتكون هذا المجلس من المنظمات والجمعيات الإسلامية والمساجد المعترَف بها قانونيًا في فرنسا، ومن بين هذه الجمعيات اتحاد المنظمات الإسلامية (uoif) المحسوب على تيار الإخوان المسلمين، والاتحادية الفرنسية للجمعيات الإسلامية الأفريقية، المحسوبة على المسلمين الأفارقة، ومسجد باريس، وتجمُّع مسلمي فرنسا rmf، وجمعيات تركية محسوبة على الإسلام السياسي.
وكان زعيم “CFCM”، المنتهية ولايته، أنور كبيش، شخصية رئيسة في جماعة الإخوان المسلمين، قبل أن يتولّى دوره في المنظمة الإسلامية الفرنسية. بعد انشقاقه عن جماعة الإخوان. تحدّث المساعد السابق لجمعية مسلمي فرنسا (MDF، محمد لويزي، عن أنّ منظّمة مسلمي فرنسا، التي أنكرت علاقتها بجماعة الإخوان المسلمين، شاركت بنشاط في الترويج لجدول أعمال الجماعة الإرهابية.
“جمعية بركة سيتي”: التي يترأسها إدريس يمو، هي واحدة من المؤسسات الدينية التي حظرتها فرنسا، في إطار محاربتها للتنظيمات المتشددة في البلاد[14].
الجماعات الإسلامية المتطرفة في النمسا
“منظمة الشباب النمساوي المسلم”.
تعد التركية “دودو كوتشكجول” إحدى أهم كوادرها، وقادت حملة إعلامية قوية ضد “تعديل قانون الإسلام في النمسا”، وهي على صلة قوية بشخصيات إخوانية وتحت تأثير جماعة الإخوان المسلمين، وخاصة أحد المستشارين السابقين للرئيس المعزول محمد مرسي، والذي كان يقيم منذ زمن طويل في مدينة “جراتس”.
جمعية مللي غوروش
وهي هيئة إسلامية تركية، وتعني بالتركية “الرؤية الوطنية” لها عدة فروع في أوروبا يتواجد مقرها الرئيسي في “كولون” الألمانية، تعمل بثلاثة ثوابت أولها “أمرهم شورى” و”ادع إلى سبيل ربك بالحكمة”، “وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا”.
المجمع الإسلامي للحضارات
يتعاون مع الاتحاد الاسلامي التركي “مللي غوروش” ولهم مساجد يعترف بها رسميًا لدى الهيئة الإسلامية الرسمية، وتوزع منشورات السلفي الألماني المتطرف “بيير فوجل”، ولديه عشرة أئمة يقف على مقربة من أفكار الإخوان المسلمين، وساهم الأئمة الأتراك بتنفيذ أجندة تركية في “النمسا” وهو ما أدخل الكثير من الأفكار المتشددة إلى المجتمع النمساوي، ونمو تيارات الغلو والتطرف.
“رابطة الثقافة الإسلامية في النمسا”:
منظّمة لعبت دورًا رئيسًا في النّهوض بتنامي نفوذ الجماعات المتطرفة وتنظيم الإخوان في المجتمع النمساوي.
“جماعة الإخوان المسلمين في النمسا”:
بدأت مع هجرة العديد من كوادرهم إلى النمسا خلال ستينيات القرن الماضي، وتم التأسيس لوجودهم على يد بعض المهاجرين منهم، أمثال يوسف ندا وسعيد رمضان، ومع مرور الوقت نمت شبكاتهم وتطورت. ويصنعون شبكة من العلاقات القوية مع النُّخب، ويقيمون الأكاديميات التعليمية، والأعمال، والكيانات والشركات والجمعيات الخيرية والإنسانية، ويتمتعون بدرجة كبيرة من العلاقات والسلطة، بالنظر إلى العدد القليل من أعضاء الإخوان المسلمين والمرتبطين بهم. ومن أبرز قياداتهم أيمن علي، الذي عمل لعدة أعوام كبير أئمة في غراتس[15].
الجماعات المتطرفة في هولندا
“حزب نداء الإسلامي”: أسسه نور الدين الوالي، وهو مرتبط بجماعة الإخوان المسلمين، خاض الحزب انتخابات 20 مارس (آذار) 2019، ولأول مرة عن شمال هولندا في انتخابات مجالس المحافظات الهولندية ومجالس المياه عن منطقة شمال هولندا، وذلك بهدف التوسع والانتشار تدريجيا بكافة المحافظات الهولندية، ومن أبرز قياداته “عزة عزوزي” التي تعمل مستشارة للسياسة في بلدية روتردام. تكفل الحزب بدفع الغرامة المالية، وقدرها (150) يورو، في إطار قانون حظر النقاب الذي يحظر تغطية الوجه بالكامل في الأماكن العامة وفقا لـ”وكالة الأناضول” في 19 يوليو (تمّوز) 2019.
“مجموعة مدينة آرنم (Arnhem)“: قاد المجموعة شخص عراقي الأصل يبلغ من العمر (34) عامًا من مدينة آرنم شرق البلاد سبقت إدانته في 2018 بسبب محاولة سفره إلى مناطق الصراعات التي يوجد بها تنظيم داعش. مهّدت المجموعة لتنفيذ هجوم إرهابي باستخدام أحزمة ناسفة وكلاشينكوف إلى جانب هجوم آخر في التوقيت نفسه وباستخدام سيارة مفخخة، ويسكن الـ(7) في مدن آرنم وروتردام وهاوسن وفقًا لـ”الشرق الأوسط” في 19 مارس (آذار) 2019.
“هوفتادكروب”: هي شبكة من المتطرفين الشباب يديرها “محمد بويري”، الشاب الهولندي من أصول مغربية الذي اغتال المنتج السينمائي ثيو فان غوخ عام 2004. هي خلية جهادية سلفية، معظم أعضائها من الشباب الهولندي ذي الأصول الشمالية الأفريقية، وتقع في مدينة لاهاي.
مسجد “التوحيد” في أمستردام: أكد تقرير لصحيفة “دي تيليغراف” الهولندية، أن مسجد “التوحيد” في العاصمة أمستردام، احتضن إرهابيين ينشطون في تجنيد الشباب للانضمام إلى الحركات المتطرفة. بالإضافة لبعض المساجد التي تنتمي للتيارات السلفية المتطرفة كمساجد “السنّة” في لاهاي والشبكة التي تتمحور حول عائلة “سلام” في تيلبيرغ، ومسجد “الأوقاف/ الفرقان” في إيندهوفن.
جماعة “الإخوان المسلمين”: ترتبط جماعة الإخوان بعدة مراكز إسلامية ومساجد خاضعة لسيطرتهم المباشرة. وتشمل في روتردام مركز السلام الإسلامي الثقافي (EIIC)؛ ومركز الوسطية، ومبنى مدرسة سابقة اشترته مؤسسة المركز الثقافي الاجتماعي في هولندا، وهي الذراع الاجتماعية والثقافية للجماعة.
مخاطر جماعة الإخوان المسلمين على أمن هولندا
سلط موقع “ذا إنڤيستيجيتيڤ چورنال” البريطاني في 1 سبتمبر (أيلول) 2019. الضوء على التمويل الذي تلقته جماعة الإخوان في هولندا من سلطات الدوحة؛ الأمر الذي مكّنها خلال وقت قصير من شراء (4) عقارات في أمستردام وروتردام ولاهاي، بقيمة (5) ملايين يورو على الأقل. وذكر الموقع خلال تحقيق أجراه “رونالد ساندي” المحلل السابق لدى الاستخبارات العسكرية الهولندية، أن الحكومة الهولندية لم يكن لديهم أي رد فعل على دخول جماعة الإخوان والجماعات المتطرفة الأخرى الممولة خارجيًاً. وأشار الموقع البريطاني إلى تحقيق أجرته المخابرات الهولندية (AIVD) عام 2010 خلص إلى أن أنشطتهم، على المدى الطويل، تشكل خطرًا على النظام القانوني الديمقراطي في البلاد. وذكر أنه خلال الأعوام التالية لـ2008، بات واضحًا تركيز استراتيجية الإخوان على المدن الكبيرة، وخاصة أمستردام وروتردام. وأوضحت الاستخبارات الهولندية أن أعضاء جماعة الإخوان في البلاد يعملون بسريّة ويناهضون الاندماج، وسمحت لهم بالاضطلاع بمناصب مهمة.
مخاطر السّلفية الجهادوية على أمن هولندا
صرح المنسق الوطني الهولندي لمكافحة الأمن والإرهاب في 26 فبراير (شباط) 2019 بأن السلفية تشكل تهديدًا للأمن القومي الهولندي، حيث اعتبر أن السلفية في هولندا ما زالت تعد قاعدة جذابة لاستقطاب الجهاديين، وأن الخطر يكمن في السلفيين السياسيين الذين يتعاملون مع الآخر بكثير من الكراهية وعدم التسامح. ولم تستطع الدولة الهولندية إلى الآن تحديد عدد السلفيين في هولندا. ويقول المنسق الوطني الهولندي لمكافحة الإرهاب: إن الماكينة السلفية ما زالت تشتغل بنشاط كبير وتحصد معها الكثير من الشباب المسلم في هولندا.
الجماعات المتطرفة في بلجيكا
تم حل منظمة “التجمع المناهض للإسلاموفوبيا في فرنسا” بسبب أمور تتعلق بنشر الكراهية ومعاداة قيم الجمهورية، وبعد الحل عادت المنظمة مرة أخرى للظهور من بروكسل في فبراير (شباط) 2021 تحت اسم جديد هو “التجمع المناهض للإسلاموفوبيا في أوروبا”. ويعتبر “التجمع المناهض للإسلاموفوبيا” أحد أذرع تنظيم الإخوان المسلمين. وغالبًا ما تصف المنظمة سياسات الحكومات الأوروبية بالمعادية للإسلام لمحاولة إنشاء مجتمع موازٍ للمجتمعات الأوروبية، والذي يعتبر من عوائق الاندماج والتعايش المجتمعي.
الجماعات المتطرفة في سويسرا
1 ـ “الجماعة الإسلامية”: تقع في مدينة “كانتون”، وأسست عام 1992، وتعتمد في تمويلها على التبرعات، والهدف الأساسي لها هو توفير المساعدات للأعضاء للوفاء بواجباتهم تجاه أنفسهم وأسرهم والتعاون مع الجمعيات الإسلامية والهيئات الأخرى.
2 ـ “مجلس الشورى الإسلامي السويسري”: تأسس مجلس الشورى الإسلامي السويسري عام 2009 على يد عدد من المثقفین السويسريین الذين اعتنقوا الإسلام، وعمل المجلس على التصدي لما أسماه مضايقات تعرض لها المسلمون في سويسرا.
3 ـ “مركز الثقافة الاجتماعية للمسلمين”: ويقع المركز في مدينة “لوزان”، وتأسس عام 2002، والغرض الأساسي لإنشاء ذلك المركز هو الترويج الثقافي والاجتماعي والديني والتعاون مع مؤسسات أخرى لها نفس الغرض.
4 ـ “مؤسسة التأثير الاجتماعي والثقافي”: أنشئت مطلع 2010، هي إحدى المؤسسات الإخوانية تروج لدعاية الدعوة والإخوان.
5 ـ “رابطة المنظمات الإسلامية”: تأسست عام 1996، في مدينة “زيورخ”، وكان الهدف الأساسي منها هو بناء مركز إسلامي ومقبرة إسلامية وقت التأسيس، ولكنها تغيرت إلى التنسيق بين المنظمات الإسلامية.
6 ـ “مؤسسة الجماعة الإسلامية”: تأسست عام 1994، في مدينة “زيورخ”، تمويلها الرسمي يعتمد على رسوم الاشتراك السنوية بخلاف دعم الجمهور والتبرعات وإيرادات الأنشطة المختلفة التي تقوم بها الجمعية.[16]
- استراتيجيات مكافحة الإرهاب والتطرف الأوروبية
قال الاتحاد الأوروبي: إن الإرهاب يهدد أمننا، ويهدد قيم مجتمعاتنا الديمقراطية وحقوق وحريات المواطنين الأوروبيين. وتعتبر مكافحة الإرهاب أولوية قصوى بالنسبة للاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، وكذلك لشركائه الدوليين. وتقوم استراتيجية مكافحة الإرهاب والتطرف على القواعد التالية: منع التطرف، وتبادل المعلومات، وقطع تمويل الإرهاب، وتشديد ضوابط الأسلحة النارية والأمن الرقمي، ووقف المقاتلين الأجانب، والتعاون مع دول خارج الاتحاد الأوروبي.
لماذا تعتبر مكافحة الإرهاب أولوية بالنسبة للاتحاد الأوروبي؟
اتخذ الاتحاد الأوروبي إجراءات مختلفة لوقف الإرهاب بعد سلسلة من الهجمات منذ عام 2015. على الرغم من أن مسؤولية مكافحة الجريمة وحماية الأمن تقع في المقام الأول على عاتق الدول الأعضاء، فقد أظهرت الهجمات الإرهابية في السنوات الأخيرة أن هذه أيضًا مسؤولية مشتركة يجب أن يتحملوها معًا. يساهم الاتحاد الأوروبي في حماية مواطنيه من خلال العمل كمنتدى رئيس للتعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء. أصدر قادة الاتحاد الأوروبي عام 2015، بيانًا مشتركًا لتوجيه عمل الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، ودعت إلى اتخاذ تدابير محددة تركز على ثلاثة مجالات[17]: منع التطرف، وحماية المواطنين، والتعاون مع الشركاء الدوليين.
ـ تبادل المعلومات بين أجهزة الشرطة والاستخبارات
تظل استراتيجية مكافحة الإرهاب جزءًا من “هيكل أمني للاتحاد الأوروبي” أوسع من عام 2018، لكن صنع السياسات في هذا المجال تأثر أيضًا بالاستراتيجيات العامة الأخرى. وتتضمن الاستراتيجية تبادل المعلومات بين أجهزة الشرطة والاستخبارات وتطوير العمل الخارجي؛ إدارة التهديدات المعقدة والكوارث الطبيعية؛ مراقبة الحدود الأوروبية؛ محاربة تجنيد الإرهابيين وتمويلهم؛ وإصدار تشريعات مكافحة الإرهاب.
ـ الوقاية والمنع: هي إحدى الركائز الأربع لاستراتيجية الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب، فإن منع التطرف يعتبر جانبًا مهمًا من النهج العام للاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب ومكافحة التطرف والتطرف العنيف. وهذا ما دفع الاتحاد إلى تطوير العديد من الاستراتيجيات والبرامج، التي تشمل استراتيجية الاتحاد الأوروبي الخاصة لمكافحة التطرف والتجنيد للإرهاب، واستراتيجية الاتصال الإعلامي.
على مستوى الاتحاد الأوروبي، تم إنشاء العديد من الأدوات والاستراتيجيات والبرامج والشبكات والمنصات لإلهام وتشجيع الدول الأعضاء على تطوير السياسات والأدوات على المستويين المحلي والوطني. يمكن اعتبار منصة RAN الفاعل الرئيس لمتابعة أهداف الاتحاد الأوروبي وتعمل كشبكة لتبادل الخبرات.
أجندة مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي
نشرت المفوضية الأوروبية في 9 ديسمبر (كانون الأول) 2020، تقريرًا بشأن أجندة مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي. ويضع استراتيجية من أربع ركائز لتوقع التهديدات الإرهابية ومنعها وحمايتها والاستجابة لها:
1 ـ توقع التهديدات: تؤكد الاستراتيجية أهمية ما يلي: الاستخبارات الاستراتيجية، تقييم التهديد؛ تقييمات المخاطر المستهدفة؛ قدرات الكشف المبكر؛ التكامل الهيكلي في تطوير سياسات مكافحة الإرهاب.
2 ـ الوقاية: هناك حاجة ماسة للعمل على مواجهة الأيديولوجيات المتطرفة على الإنترنت؛ ودعم الجهات الفاعلة المحلية لبناء مجتمعات أكثر قدرة على الصمود؛ ومحاربة التطرف في السجون؛ وتعزيز المعرفة والدعم فيما يتعلق بالتطرف، وضحايا الإرهاب.
3 ـ الحماية: حماية الموطنين في الأماكن العامة؛ ودعم المدن في جهودها لتوفير الأمن الحضري؛ وتحسين مرونة البنية التحتية الحيوية؛ ووضع تدابير لتعزيز أمن الحدود؛ وحرمان الإرهابيين من وسائل الهجوم.
4 ـ الرد على الهجمات الإرهابية: ترى المفوضية دورًا رئيسًا لليوروبول والمركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب (ECTC)؛ لذلك، كان الاتصال مصحوبًا باقتراح بشأن مراجعة تفويض يوروبول وتشدد اللجنة كذلك على الحاجة إلى تعزيز التعاون في مجال إنفاذ القانون وتبادل المعلومات. يجب تحسين الدعم للتحقيقات والمحاكمات وكذلك لضحايا الإرهاب[18].
تقر الاستراتيجية العالمية للاتحاد الأوروبي منذ عام 2016 بأن “الاتحاد تحت التهديد”، و”يعيش في أوقات الأزمات الوجودية، داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه”. خلال السنولت الأخيرة، تدهور المشهد الأمني في الاتحاد الأوروبي، مما يعكس أيضًا الاتجاه العالمي. لقد أثرت الصراعات في الشرق الأوسط وفي مناطق أخرى على الاتحاد الأوروبي بشكل مباشر وغير مباشر، من خلال الجماعات المتطرفة وتدفق موجات الهجرة غير الشرعية والهجمات الإرهابية والتقلبات الاقتصادية.
شهدت أجندة الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب تراجعًا خلال عام 2016، حيث تم تقسيمها بين “الرؤية المشتركة والعمل المشترك” واليوم، لا يزال التهديد المعقد والمتطور الذي يمثله الإرهاب بحاجة إلى استراتيجية موحدة ومتماسكة وشاملة وفعالة من الاتحاد الأوروبي، بدعم كامل من الدول الأعضاء فيه.
كما وفرت “استراتيجية الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب” التي تم تبنيها في 2005 الأساس لتعاون الاتحاد الأوروبي في المستقبل في مكافحة الإرهاب مع الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والمؤسسات الدولية. اليوم، يتعاون الاتحاد الأوروبي مع المنظمات والهيئات الدولية بما في ذلك الأمم المتحدة (UN)، والمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، والتحالف الدولي ضد داعش، ومجموعة العمل الماليو (FATF) تم تطوير استراتيجية الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب داخل وخارج حدود الاتحاد الأوروبي.
يعتمد مستقبل الاتحاد الأوروبي على ما إذا كان سيتمكن من تحقيق استراتيجية دقيقة لمكافحة الإرهاب داخل أراضيها وخارجها، في شراكاته وتحالفاته المختلفة وكيفية إدارتها. علاوة على ذلك، فإن المدى الذي سيؤثر فيه خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الحالي على جهود الاتحاد الأوروبي في هذا المجال لا يزال غير معروف. قد يجادل البعض بأن الاتفاقات الثنائية بين الدول الأعضاء ستستمر دون أن تتأثر بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكن لا يمكنهم أبدًا ضمان الوحدة والتماسك في استراتيجية الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب. بدلاً من العمل من أجل إنشاء هوية مختلفة موجهة نحو “القوة الصلبة”، يجب على الاتحاد الأوروبي التركيز على قدرات “القوة الناعمة” والفرص في تطوير أجندة موحدة وشاملة وفعالة لمكافحة الإرهاب.
تبدو أجندة مكافحة الإرهاب الأخيرة للاتحاد الأوروبي أكثر نضجًا نسبيًا. على سبيل المثال، تناولت المفوضية الأوروبية قضايا سلطت عليها لجنة خاصة من البرلمان الأوروبي الضوء في تقييم شامل لسياسة الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب خلال الفترة التشريعية الماضية. من بين أمور أخرى، يحق لضحايا الإرهاب الحصول على مزيد من الحقوق والتعويضات، بينما ينبغي تحسين حماية الأماكن العامة.
وهنا يجب النظر إلى دعوة المجلس الأوروبي المتجددة للاحتفاظ الإلزامي بالبيانات باعتبارها أولوية إشكالية -إلى حد ما- بالنسبة للمرحلة التالية من حرب الاتحاد الأوروبي ضد الإرهاب. وينطبق هذا أيضًا على الإصلاح الشامل لتفويض اليوروبول قيد التفاوض حاليًا، والذي يهدف إلى تعزيز القدرات الفنية لسلطات الشرطة الأوروبية، وصياغة تعاون أوثق مع القطاع الخاص. بعض جوانب هذه المقترحات التشريعية مناسبة للمساعدة في منع الجرائم الخطيرة وملاحقة مرتكبيها. ومع ذلك، إذا تم التركيز في المناقشة السياسية على مكافحة الإرهاب، فهناك خطر متجدد من تشويه الأحكام القانونية، مما قد يؤدي إلى مزيد من الإجراءات للإلغاء أمام محكمة العدل الأوروبية. في الآونة الأخيرة، صاغت المحكمة مرة أخرى شروطًا صارمة لتناسب الاحتفاظ الإلزامي بالبيانات.
مواجهة خطر المقاتلين الأجانب العائدين الى أوطانهم
عاد عدد متزايد من المقاتلين الأجانب من سوريا والعراق إلى بلدانهم الأصلية، حيث قد يشكلون تهديدًا أمنيًا خطيرًا. لذلك، من الضروري أن تتمكن السلطات الوطنية ذات الصلة من فهم أدوار الأفراد في الخارج بشكل أفضل لضمان إمكانية الشروع في التحقيقات والإجراءات الجنائية ضد المشتبه في ضلوعهم في نشاط إرهابي. في حين أن الجهات الفاعلة في العدالة الجنائية المدنية عادة ما تكون مسؤولة عن جمع الأدلة في بلدانهم، فإن الوصول إلى مسرح الجريمة المحتملة في مناطق النزاع محدود للغاية، وقدرة التحقيق للجهات الفاعلة المدنية تكاد تكون معدومة. وبالتالي، فإن المعلومات التي يتم جمعها من قبل الأفراد العسكريين، وأجهزة الاستخبارات، وعند الضرورة، المصادر الأخرى (مثل المنظمات غير الحكومية أو وسائل الإعلام أو الشركات الخاصة) التي لا تعمل في مجال إنفاذ القانون قد تكون ذات قيمة كبيرة كأدلة محتملة أمام المحاكم الوطنية. في الوقت نفسه، تقر التوصية بأن جمع المعلومات للأدلة في الإجراءات الجنائية ليس المهمة الأساسية لمثل هؤلاء الفاعلين.
الخلاصة:
سيبقى الإرهاب مصدر تهديد قائماً في أوروبا ولسنوات طويلة مع وجود مصادر جديدة لنشر التطرف وتطوير العمليات والمخططات الإرهابية. بات من المتوقع أن تشهد دول أوروبا تشريعات وقوانين جديدة لسد الثغرات بين قوانين جرائم الكراهية والإرهاب فيما يتعلق بأنشطة الجماعات الإسلاموية المتطرفة، وتدابير وإجراءات إضافية فيما يتعلق بأنشطة تيار الإسلام السياسي، بالتزامن مع الاستراتيجية الأوروبية الشاملة لمكافحة الإرهاب والتطرف.
بذلت دول أوروبا -بضمنها دول الاتحاد الأوروبي- جهوداً حثيثة في محاربة تنظيم داعش على مستوى وطني وعلى مستوى دولي، من خلال التحالف الدولي والقضاء على معاقل تنظيم داعش في سوريا والعراق خلال نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 وآخر معاقل تنظيم داعش في الباغوز مطلع عام 2019.
إن القضاء على معاقل التنظيم ووضع حد لـ”خلافته” المكانية، لا يعني نهاية التنظيم ولا نهاية الأيديولوجية المتطرفة أبدًا، وهنا الحديث تحديدًا عن واقع التطرف والإرهاب داخل أوروبا.
بعد موجة الإرهاب التي ضربت أوروبا من الداخل في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015، كهجمات باريس وهجمات مطار بروكسل في مارس (آذار) 2016، أدركت دول أوروبا حجم التحديات التي تواجهها من الداخل في محاربة التطرف والإرهاب. وكان موضوع المراجعات للسياسات والإجراءات التي تتخذها أجهزة الشرطة والاستخبارات، واحدة من أهم الخطوات التي اعتمدتها دول أوروبا.
سد الثغرات، كان واحدة من المهام داخل أوروبا، استطاعت دول أوروبا معالجتها من خلال تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي على مستوى وطني بين الوكالات وعلى مستوى أوروبا إلى جانب تعزيز تبادل المعلومات في موضوعات الإرهاب والتطرف مع دول منطقة الشرق الأوسط.
استعانت دول أوروبا بخبرات بعض دول المنطقة لتفكيك خلايا إرهابية من داخل أوروبا، خاصة تلك الدول التي تمتلك جاليات من أصول عربية في أوروبا.
يبقى التطرف يمثل تهديدًا من داخل أوروبا، وهو يعتبر أكثر صعوبة، كـ”معضلة” في معالجات الإرهاب عسكريًا، لما يحتاجه من تطبيقات وبرامج في الوقاية من التطرف وتطبيقات أخرى لنزع التطرف، من العائدين ومحاربة التطرف العنيف من الداخل.
ولتعزيز التعاون الأمني من داخل أوروبا، شكلت أوروبا -الاتحاد الأوروبي- منصات داخلية لتبادل المعلومات وتعزيز التعاون الأمني، بعيدًا عن الإجراءات الروتينية، وهي بالفعل نجحت في ذلك.
بالرغم من هذه الجهود، فإن تقييم أجهزة الاستخبارات الأوروبية لواقع التطرف والإرهاب في أوروبا يبقى قائمًا ويمثل تهديدًا لدول أوروبا من الداخل، وتحتاج أوروبا لسنوات طويلة لتجاوز هذه التحديات.
[1]* باحث في الأمن الدولي والإرهاب ـ بون.
[2]– النازيون الجدد والأزمة الأوكرانية ـ تنامي عمليات التجنيد والاستقطاب – المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، 4 أبريل (نيسان) 2022:
https://www.europarabct.com/النازيون-الجدد-والأزمة-الأوكرانية-ـ-ت/
انظر أيضًا:
ملف “النازيون الجدد والمقاتلون الأجانب في أوكرانيا”، من هم ؟ – أمن دولي
https://www.europarabct.com/ملف-النازيون-الجدد-و-المقاتلون-الأجا/
[3]– فارس جازورلي، حياتهم تتراوح من (200) إلى (2000) دولار… مقاتلون من سوريا وأفريقيا “وقود” للحرب بين روسيا وأوكرانيا، يورونيوز، 8 مارس (آذار) 2022:
https://arabic.euronews.com/2022/03/08/their-lives-are-estimated-at-200-and-2000-usd-fighters-from-syria-and-africa-are-fuel-fo
[4]– الكرملين: بإمكان السوريين التطوّع للقتال إلى جانب روسيا في أوكرانيا ، سويس إنفو، 11 مارس (آذار) 2022:
https://www.swissinfo.ch/ara/الكرملين–بإمكان-السوريين-التطو-ع-للقتال-إلى-جانب-روسيا-في-أوكرانيا/47423448
[5]– النازيون الجدد: خريطة الانتشار في ألمانيا – المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، 14 أبريل (نيسان) 2022:
https://www.europarabct.com/النازيون-الجدد-خريطة-الإنتشار-في-ألم/
[6]– الغزو الروسي لأوكرانيا.. ارتباك اليمين المتطرف في ألمانيا، دويتشه فيله، 4 أبريل (نيسان) 2022:
https://www.dw.com/ar/الغزو-الروسي-لأوكرانيا-ارتباك-اليمين-المتطرف-في-ألمانيا/a-61305352
[7] – دول أوروبية تطالب مواطنيها بالامتناع عن القتال في أوكرانيا، (24) بوست، 29 مارس (آذار) 2022:
https://24-post.com/ › news270887 دول أوروبية تطالب مواطنيها بالامتناع عن القتال في أوكرانيا
[8] – MAYA MIRCHANDANI, Foreign fighters in Ukraine – A definitional dilemma , Observer Research Foundation, MAR 12 2022:
https://www.orfonline.org/expert-speak/foreign-fighters-in-ukraine/
[9] – تنظيم المهاجرين.. بوابة مرور الجماعات المتطرفة إلى بريطانيا، 12 يونيو (حزيران) 2019:
https://www.europarabct.com/تنظيم-المهاجرين-بوابة-للإرهاب-في-ت/
[10] – جاسم محمد، الاستخبارات البريطانية ـ ترسانة قوانين وإجراءات لمكافحة الإرهاب، المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 2021:
https://www.europarabct.com/الاستخبارات-البريطانية-ـ-ترسانة-قوا/
[11]– تعرف على وجوه السلفية في ألمانيا، المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2018:
https://www.europarabct.com/تعرف-على-وجوه-السلفية-في-المانيا/
[12] – محاربة التطرف في ألمانيا ـ مخاطر جماعة “مللي غوروش” التركية، المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، 22 يناير (كانون الثاني) 2021:
https://www.europarabct.com/محاربة-التطرف-في-ألمانيا-مخاطر-جماعة-م/
[13]14- تعرف على مراكز الجماعات المتطرفة في ألمانيا وأنشطتها، المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، 10 يونيو (حزيران) 2019:
https://www.europarabct.com/الجماعات-المتطرفة-في-ألمانيا-وانشطته/
[14] – سهام عبدالرحمن، الإسلام السياسي في فرنسا.. استغلال الجمعيات الخيرية واجهات عمل، المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2021:
https://www.europarabct.com/الإسلام-السياسي-في-فرنسا-استغلال-الجم/
[15] – محاربة التطرف في ألمانيا ـ مخاطر جماعة “مللي غوروش” التركية، مرجع سابق.
[16]– من هو أبو ولاء العراقي “رجل داعش الأول في ألمانيا”؟ دويتشه فيله، 26 سبتمبر (أيلول) 2017:
https://learngerman.dw.com/ar/من-هو-أبو-ولاء-العراقي-رجل-داعش-الأول-في-ألمانيا/a-40691545
[17]– The EU’s response to terrorism, European Council- Council Of the European Union, see:
https://www.consilium.europa.eu/en/policies/fight-against-terrorism/
[18]– Santina Musolino, EU policies for preventing violent extremism: a new paradigm for action? CIDOB, Sep,2021:
https://www.cidob.org/en/articulos/revista_cidob_d_afers_internacionals/128/eu_policies_for_preventing_violent_extremism_a_new_paradigm_for_action