يقدم الباحث السوداني، عضو هيئة التحرير في مركز المسبار للدراسات والبحوث عمر البشير الترابي قراءة لكتاب “سبعة دراويش: جغرافيّة الصوفيّة الأناضوليّة” للروائي والكاتب التركي نديم غورسيل – نشرت ضمن كتاب (الإسلام الموازي في تركيا: البكتاشية وجدل التأسيس، الكتاب الثالث عشر بعد المئة، مايو/ أيار 2016(- الذي قام بزيارة لمقامات سبعة دراويش، واهتم باكتشاف عالمها الصوفي والشعري، ونشرها في هذا الكتب الذي صار بعد ترجمته على يد أحمد عثمان، مشتملًا على مقدمة خاصة للطبعة العربية بقلم المؤلف، ومقدمة بقلم غرهاردت شفايستر، وسبعة مقالات: “على هدى حاج بكتاش”، “تكية على جبال بيداغ”، “مغامرات قايغوسوز عبدالله”، “طرزان مركز أفنديا صاروخان بابا مانيسيا بلد الأمراء العثمانيين الورثة”، “في اقتفاء أثر جيكلي بابا”، “ليلة في بورصة”، و”رؤية قونية”.
يشير الترابي إلى أن شجرة الإيمان في الدولة العثمانية تغذت من ثلاثية (الجامع والتكِيّة والمدرسة الدينية)، واستثمرَتْ هذا الإيمان، وتقوّتْ به، وأضافت له “رجال دين، وعلماء” ورموز، وقد كان للأولياء الذين جاءوا من خراسان من أمثال صدر الدين القونوي، ومولانا جلال الدين الرومي، وطورسون فقيه والشيخ آده بالي، وآخي أوران، والشيخ بابا إلياس، الدّورُ الكبير، في تفاصيل قصّة التشكّل ولحم النسيج. وقد عرف عثمان بك ذلك، وأدرك بعده السلاطين الآخرين، وبعد أن أتم الغازي أورخان فتح مدينة بورصة توجه إلى أوروبا، وكان للعلماء والمشايخ من أمثال الملا داوود القيصري وجانرلي قره خليل وقراجه أحمد وكيكلي بابا نصيبٌ كبير، وفي معركة قوصوة كان معه أورانس وقوطلو بيك وحاجي إل بك، وشيخ حاجي بكتاش ولي، وكان مع السلطان بايزيد في معركة نيغلولو شيخ حامد بن موسى القيصري والملقب بأمير سلطان(الشيخ محمد بخاري)، وعبدالرحمن الأرزنجاني وطابطوق أمره ويونس إمره وحاجي بيرام (بيرم) ولي وملا شمس الدين فناري.
ويرى الترابي بعد عرضه لتفاصيل الرحلة أن هذه سياحة في أرض الأناضول شهِدَت ولادة الأساطير والكرامات، وحكايات مُفعمة بالرمزية، تُؤدي في كل ضُروبها إلى سلام وتعايش وتراحم، ووداعة، تُربّي أجيالاً من الرجال، وتحمل في جوفها رسالةً للسلام، أشبه ما تكون بالحمامة التي تُحلّق فوق الجبال، وتَمدّ يدها للآخر الذي يزاحمها، لتقول له، فلنعش بسلام.