نشر النص الأصلي لهذه المادة في كتاب المسبار الشهري: الإسلاميون في الصومال، يونيو(حزيران) 2010
تعج الساحة الصومالية بعدد من التنظيمات والجماعات المختلفة المشارب والتوجهات. وفي هذا البحث سنلقي الضوء على بعض الشخصيات المؤثرة في الجماعات الإسلامية في الصومال، والتي لها حضور لافت في صناعة الأحداث الجارية في هذا البلد في السنوات الأخيرة.
تجدر الإشارة إلى أن الشخصيات محل البحث هنا ليست وحدها المؤثرة، لكنها الأكثر حضوراً في المشهد الإعلامي والسياسي، كما أن حالة الفرقة السائدة في المشهد الصومالي هي السمة الغالبة في الحركات الإسلامية، مما يجعل حصر قادتها ومنظريها من الصعوبة بمكان. لذا سنكتفي ببعض القادة الأكثر حضوراً دون أن يعني ذلك عدم وجود آخرين قد يكونون أكثر تأثيرا لكنهم بعيدون عن الأضواء الإعلامية، وسنحاول تتبع أحداث الصعود المفاجئ لبعض هؤلاء الأشخاص على المسرح السياسي الصومالي، والتغيرات التي طرأت في حياتهم بعد دخولهم في دهاليز هذا المعترك، حتى نتمكن من فهم الأسباب التي أدت إلى أن تصل الحركة الإسلامية في الصومال إلى الاقتتال الداخلي والتشرذم، رغم ادعائها المعلن بأنها تسعى إلى إنقاذ الوطن وإعادة بنائه.
شيخ شريف شيخ أحمد
منذ 2005 أصبح شريف شيخ أحمد فجأة من أكثر الشخصيات حضورا في الساحة الصومالية، على الرغم من حداثة عهده في عالم الحركات الإسلامية، حتى لقب برجل المرحلة، وتقلد أهم منصبين في المعارضة والحكومة خلال سنة واحدة. فمن هي هذه الشخصية؟
ولد شيخ شريف شيخ أحمد في 25يوليو/تموز 1964 في إحدى قرى منطقة مهداي على بعد 120 كلم إلى الشمال الشرقي من العاصمة مقديشو، في أسرة غلب عليها التصوف(1)[2]، والتحق بالمدرسة الابتدائية والإعدادية في جوهر (90 كلم) شمال مقديشو، ودرس الثانوية العامة بمدرسة (الشيخ الصوفي) في العاصمة مقديشو التابعة لجامعة الأزهر الشريف، والتي كانت تدرس باللغة العربية.
بعد أن أكمل الثانوية العامة غادر إلى السودان، والتحق بجامعة كردفان في مدينة الدلنج ودرس هناك سنتين، وسافر بعدها إلى ليبيا، حيث تابع دراسته الجامعية في طرابلس، وتخرج في كلية الشريعة والقانون بالجامعة المفتوحة عام 1998.
وبعد عودته عُين رئيساً للمحكمة الإقليمية في جوهر، وواجهته تحديات محلية في عمله، إذ عارض أكثر من مرة توجهات محمد ديري الذي كان العضو الرئيسي في التحالف ضد الإرهاب، ونتيجة لهذا الخلاف ترك شريف شيخ أحمد مدينة جوهر إلى مقديشو، حيث بدأ التدريس في مدرسة جبة الثانوية، ومارس إلى جانب ذلك مهنة التجارة، وأسس مع شركاء محلاً لصناعة وبيع الحلوى لينفق منه على معيشته.
ترأس شريف اتحاد المحاكم والتي كانت بداية سطوع نجمه في عالم السياسة والإعلام(2)[3]، وبعد هزيمة المحاكم على أيدي القوات الإثيوبية هرب شريف من العاصمة وشارك في سبتمبر/أيلول 2007 في تشكيل ما عرف فيما بعد بـ” تحالف إعادة تحرير الصومال”، الذي انتخب رئيسا له.
ثم انشق من هذا التحالف بعد خلافات معهم حول التفاوض مع الحكومة الانتقالية قبل انسحاب القوات الإثيوبية من الأراضي الصومالية، وختم مشواره السريع دخول العملية السياسية مع الحكومة، وقبل تقاسم السلطة معها، مما فتح الباب على مصراعيه ليصبح رئيساً للصومال بعد دخوله الانتخابات في 31 يناير/كانون الثاني 2009.
ما قبل المحاكم
لم يكن الشيخ شريف شيخ أحمد معروفاً في الأوساط الإسلامية -السياسية منها والدعوية- قبل بروز ظاهرة المحاكم الإسلامية، التي لفتت أنظار العالم إلى الصومال، ثم اختفت بسرعة ليتحول أصحابها إلى نسخ مكررة من الزعماء القبليين.
كان مجرد مدرس لكن نقطة تحول شريف كما يرويها أهل الصومال كانت عندما اختطفت عصابات مسلحة أحد تلاميذه وطالبوا فدية مقابل إطلاق سراحه فقرر شريف مواجهة هذه الظاهرة عن طريق تأسيس محكمة شرعية. لكن تلك المحاكم لم تكن جديدة في الصومال حيث كان الشيخ علي طيري أحد السباقين إلى تأسيس المحاكم في عهد الرئيس الأسبق علي مهدي محمد الذي حارب محاكم علي طيري مما أدى إلى اختفائها.
انتسب شريف أحمد إلى جماعة “آل الشيخ”، وهي تعتنق فكر الإخوان المسلمين لكنها ليست جزءاً من تنظيم الإخوان الدولي باعتبار أن حركة الإصلاح هي التي تمثل تنظيم الإخوان الدولي في الصومال، و”آل الشيخ” هي جماعة مقربة من فكر الإخوان السودانيين وأسسها أحد أبرز مؤسسي الصحوة الإسلامية في الصومال الشيخ محمد معلم.
في عهد المحاكم
بزغ نجم شيخ شريف بعد سيطرة المحاكم الإسلامية على العاصمة مقديشو إثر معارك ضارية بينها وبين زعماء ما سمي بـ”مجلس السلم ومكافحة الإرهاب”، الذي كانت تدعمه الولايات المتحدة(3)[4]. في حينها جلب شريف انتباه المتابعين والعالم ببساطته وتواضعه وكشف عن كاريزمية غير مسبوقة في الساحة الصومالية. وفي أول تصريحاته دافع شريف عن المحاكم قائلا “من الغريب أن توجه هذه التهمة لنا بلا أساس موضوعي، لقد تحركنا لحل مشكلة الأوضاع الأمنية المتعسرة للغاية والتي جعلت الشعب الصومالي صيدا لعصابات النهب والسرقة والقتل، فهل لهذا نتهم بأننا إرهابيون وبأننا حركة طالبان جديدة في المنطقة؟ الصومال بيئة مختلفة عن أفغانستان، ونحن لا نعرف شيئا عن تجربة طالبان التي نشأت في بيئة مغايرة لبيئتنا، وبالتالي فإن هذا الربط لا يقوم على أي واقع صحيح”(4)[5].
ومنذ ذلك الحين أصبح شريف أحد أبرز الشخصيات في الساحة الصومالية بشكل عام والإسلاميين بشكل خاص. وقاد المحاكم الإسلامية التي كانت خليطاً من الإسلاميين المتنافرين فكراً و تبعية(5)[6]، ولم يكن العامل القبلي بعيداً عنها باعتبار أن تأسيس المحاكم بدأ من العشائر في مقديشو(6)[7]، وكانت كل محكمة تمثل عشيرة من هذه العشائر.
لكن شريف الذي وصف “بالمعتدل” كما يعرفه المتابعون لم تكن له الكلمة الفصل في “دولة المحاكم”، بل كان مسيطرا عليها من قبل من يوصفون “بالمتشددين” الذين أصبحوا فيما بعد تنظيم “الشباب المجاهدين”.
فهم الذين كانوا يملكون زمام الأمور، خاصة العسكرية منها، وبالتالي سياساته لم تكن تعبر عن قناعة أثناء قيادته للمحاكم بقدر ما كانت ترجمة للضغوط التي كان يمارسها القادة العسكريون.
وقد مثلت مفاوضات الخرطوم بين حكومة عبد الله يوسف واتحاد المحاكم أبرز القضايا التي لم يستطع شريف والمحيطون به من المعتدلين اتخاذ أي موقف تجاهها، سوى تنفيذ رغبات القوى الفعلية التي كانت تُسير شريف، وقد كان الفريق المسيطر في الأمور يستخدم الفيتو في كل ما يتعلق بالمفاوضات، ولذلك كان يسمى الوفد المفاوض من قبل المحاكم في مقديشو بـ”الذين يبيعون ما لا يملكون”، مما يدل على السيطرة الكاملة للفريق المتشدد داخل المحاكم على الأمور كلها، وفي وقت لاحق أبدى شريف ندمه على إضاعته الفرصة التي سنحت له في مفاوضات الخرطوم.
استفادت المحاكم كثيراً من شخصية شريف الفريدة الهادئة والتي ساهم الإعلام في إبرازها حيث قام بعدد من الجولات المهمة في الخارج وسوَّق المحاكم لدى العديد من الجهات التي أبدت تعاطفها مع قضيتهم باعتبارهم مظلومين من قبل زعماء الحرب.
كما بدد مخاوف البعض الذين وصفوا ثورة المحاكم بأنها “طالبان الصومال” من خلال تأكيده بأن أولوياته هي الأمن والاستقرار في بلده.
الزعيم
أثناء قيادته للمحاكم طرح شريف نفسه كزعيم بإمكانه إنقاذ الصومال من ويلات الحروب الطاحنة، وكسب شعبية عارمة لدى الإسلاميين وغيرهم، خاصة لدى سكان مقديشو، التي لم تنعم بالاستقرار منذ سقوط حكومة محمد سياد بري عام 1991. ساعده في ذلك شخصية غريمه الحالي الذي كان يهيمن على مجلس شورى المحاكم الشيخ حسن طاهر أويس، حيث كان العالم يتخوف من مواقف أويس الذي كان يصنف بأنه الأب الروحي للجماعات الجهادية في الصومال.
وعلى الرغم من الخلافات العميقة التي كانت موجودة بين قيادات المحاكم نفسها –الذين أجبرتهم الظروف على التوحد لصد هجمات زعماء الحرب- فإن شريف استطاع أن يحافظ على قدر من التماسك بين أجنحة المحاكم المختلفة، وكان يجامل بعض الشخصيات التي كانت تغرد خارج السياسات التي رسمها شريف وشركاؤه، ويمكن أن يقال إنه استطاع استخدام سياسة شعرة معاوية بجدارة ونجح.
حظي شريف بقبول عام من الإسلاميين رغم الخلافات المتجذرة بينهم حيث اجتمعت أطياف مختلفة من الإخوان والمستقلين والسلفيين في المحاكم رغم هيمنة الأخيرة عليها، ومع ذلك لم يكن يمثل قوة حقيقية داخل المحاكم كما سبق أن ذكرنا.
سقوط المحاكم
بعد إسقاط المحاكم من قبل القوات الإثيوبية، وبإيعاز من الولايات المتحدة الأميركية(7)[8] هرب شريف إلى جنوب الصومال ومعه معظم قادة المحاكم، بعد أن تبخرت قوة المحاكم التي صورها الإعلام الغربي وكأنها “غول قادم” لابتلاع الشرق الإفريقي. وقد شاركت القوات الأمريكية في إسقاط قوات المحاكم في جنوب الصومال(8)[9].
لكن المفاجأة التي شهدتها مسيرة قائد المحاكم الإسلامية كانت التقاط إحدى المروحيات الأميركية له ليحل ضيفاً على السفارة الأميركية في نيروبي، مما أثار تساؤلات حول مغزى الخطوة وتوقيتها، خاصة وأن الطائرات العسكرية كانت تلاحق ما تبقى من مقاتلي المحاكم وتلقي حممها عليهم في أدغال محافظة جوبا السفلى، التي كانت آخر معاقلهم(9)[10].
لكن الرجل خرج من هذه الشبهة بأقل الخسائر، بعد أن أعلن عدم تنازله عن مبادئه في مقارعة “الاحتلال الإثيوبي”، ورفضه للترويض الأميركي، حيث عرض عليه السفير الأميركي بأن يتحول إلى النضال السياسي كشخصية معتدلة بعيدا عن المحاكم، وبقي شريف زعيما للمحاكم “اسميا” بعد انفراط عقدها، ولكن ما فتئت بعض القيادات الميدانية أن أعادت تشكيل مجموعات مقاومة تحت اسم المحاكم، وكانت علاقتها مع الشريف المتواجد في الخارج ظلت كما كانت، ولاسيما الفريق الذي كان يقوده وزير الداخلية الحالي عبد القادر علي عمر والذي كان مرتبطا بشريف من الناحية التنظيمية حيث إن عبد القادر عمر وأغلب قادته الميدانيين كانوا من جماعة (آل الشيخ) التجمع الإسلامي التي ينتمي إليها شريف ومرجعيتها الإخوان رغم إنها ليست جزء من الإخوان الدولي(10)[11].
غير أن منتقدي الرجل لم يكفوا عن فتح هذه الصفحة، خاصة بعد أن وصل الخلاف إلى الاحتكام إلى السلاح بين شريف وغرمائه الحاليين، رغم أنهم قبلوه بعد تلك الحادثة رئيساً لهم في تحالفهم الذي تم تشكيله في أسمرا (التحالف من أجل تحرير الصومال)، مما يدل على نوع من تشخيص الخلافات السياسية واستخدامها كقميص عثمان.
شريف وتحالف التحرير
بعد انهيار المحاكم واصل شريف نضاله ضد إثيوبيا باعتباره رئيس المحاكم، وحشد لها الدعم المالي والسياسي لإجبار إثيوبيا على مغادرة الصومال، مما أدى إلى نشوب معارك دامية بين الحكومة والإثيوبيين من جهة، والمحاكم من جهة أخرى، وتمكن شريف في سبتمبر/أيلول من عام 2007(11)[12] من المشاركة في تشكيل ما عرف لاحقا بـ” التحالف من أجل تحرير الصومال” في العاصمة الإريترية، الذي ضم إلى جانب المحاكم الإسلامية منشقين برلمانيين وشخصيات من المجتمع المدني ومغتربين، وانتخب شريف رئيساً للتحالف الجديد، ليكرس نفسه الزعيم الوحيد القادر على القيادة في المرحلة، لكن تحت سمع وبصر رفيق دربه السابق وغريمه الحالي الشيخ أويس.
ومن هنا بدأ التمرد على قيادة شيخ شريف، حيث اعتبرت حركة الشباب تحالف المحاكم مع من وصفتهم “بالعلمانيين” خطاً أحمر، وأعلنت أنها في حِل من المحاكم الإسلامية، كما برزت إلى العلن الخلافات التي كان شريف يتفادى التحدث عنها.
شريف وأميركا مجددا
بعد عدد من الجولات التي قام بها مبعوث الأمم المتحدة إلى العاصمة الإريترية أسمرا اقتنع الشيخ شريف –كما يقول مناصروه- بضرورة ترجمة الانتصارات العسكرية إلى إنجازات سياسية ملموسة، والدخول في مفاوضات مع المجتمع الدولي تؤدي بالنهاية إلى انسحاب إثيوبي من الصومال.
وشد شريف رحاله في أبريل/نيسان عام 2008 إلى نيروبي –مطبخ القرارات في القرن الإفريقي- ليلتقي مجددا مع طاقم السفارة الأميركية، ويوقع معهم “وثيقة تفاهمات” أثارت الكثير من اللغط حوله، لكنها شكلت منعطفاً حاسماً في مسيرة الرجل منذ بروز نجمه في الساحة الصومالية عام 2006.
وكان من بين أهم بنود الوثيقة خوض شريف مفاوضات مع الحكومة الانتقالية حول الانسحاب الإثيوبي وتقاسم السلطة والكف عن المواجهة العسكرية والاعتماد على النضال السياسي كسبيل لتحقيق مطالب الحزب.
وشكلت خطوة شريف قطيعة لإريتريا التي دعمته وآوته، وبالتالي لرفيقه الشيخ أويس وعدد غير قليل من زعماء تحالف التحرير. بدأ الشيخ شريف منذ ذاك يحشد الدعم لفكرته الجديدة، وهي حل الأمور العالقة بالطرق السلمية، وضرورة إخراج الإثيوبيين بالتفاوض.
لكن شريف فشل في تحقيق مكاسب حقيقية في المفاوضات بسبب المعارضة التي قادها أويس وغيره، والتي قللت من أوراق قوته، مما ألقى بظلال قاتمة على قدرة شريف في الاحتفاظ بشعبيته لدى المواطن الصومالي بشكل عام، والإسلاميين بشكل خاص.
تعرض شريف لموجة من الانتقادات، واتهم بأنه تخلى عن مبادئه بعد التغيرات الدراماتيكية التي طرأت على سياساته رغم وصفه لها بالضرورات المرحلية، مما جعله يفقد الكثير من التأييد الشعبي، وبدأت العديد من الجماعات الإسلامية في الداخل تصدر بيانات وفتاوى تصفه بالخائن وتتبرأ منه منه كما صرح الناطق باسم حركة الشباب حسن يعقوب(12)[13]، وأكده الحزب الإسلامي في بيان وزعه على الصحافة المحلية في مقديشو العام الماضي(13)[14]. وقد شكلت سلسلة الفتاوى التي أصدرها الدكتور عملا ايمان علامة بارزة في علاقات الجماعات المعارضة للحكومة الصومالية(14)[15].
شريف السياسي
يمكن تقييم الدور السياسي لشريف بأنه غير ثابت، وعرف الكثير من التقلب والانتقال غير المدروس. فشريف أيام المحاكم اتصف بالكثير من المجاملة في سبيل الحفاظ على وحدة أطياف المحاكم، ولم يستطع اتخاذ مواقف حاسمة في أمور مصيرية للشعب الصومالي برمته، كما أنه خطا خطوات مفاجئة عندما قرر التنصل من رفقائه السابقين، وفرط في الكثير من أوراقه عندما لاحت له الفرصة للوصول إلى كرسي الرئاسة، غير أنه لم يستخدم ميزان الربح والخسارة، مما جعله ورقة رابحة في أيدي أعداء الأمس.
وبعد أن أصبح شيخ شريف رئيساً للصومال في الواحد والثلاثين من شهر يناير/كانون الثاني 2009 فقد الكثير من شعبيته لسببين رئيسين:
الأول: أن السلطة لها ثمنها، وتحتاج إلى التنازل عن كثير من الأمور التي ينادي بها. والمعضلة الرئيسة في شريف أنه دخل حقل ألغام السياسة دون أن تكون له خبرة في هذا المجال، كما أنه سقط ضحية الوعود الغربية التي أوقعت بينه وبين حلفائه السابقين، ولم تقدم له دعماً يذكر.
الثاني: أن الشعارات التي كان يتغنى بها عندما كان في المعارضة كان مبالغا فيها، ولم تكن قابلة للتطبيق على أرض الواقع، والنتيجة أن الرجل الذي كان الجميع يتغنى بحكمته ويصغي إلى كل كلمة تخرج من فمه، أصبح غير مرغوب فيه، بل مطلوب رأسه لدى فريق من رفقائه السابقين.
لقد كان الرجل في فترة المحاكم أهم شخصية عرفتها الصومال قبل سنوات، لكن يبدو أنه أصبح الآن ورقة مستهلكة، لينتهي به المطاف إلى نسخة مكررة من الزعماء الفاشلين الذين تعاقبوا على الصومال.
صحيح أن الرئيس شريف حاول أن يظهر بمظهر الحريص على الشعب الصومالي من إسلاميين وغير إسلاميين، لكنه في مغامراته لم يستطع أن يحافظ على ثقة الإسلاميين، ولا أن يكسب شعبية لدى عامة الناس. فهو راهن على المجتمع الدولي، وسلم كل أوراقه حتى أصبح أسير كرسيه الذي لم يفلح في الدفاع عنه، ولا تحقيق إنجاز على الأرض، وفي رأيي فإن أهم ما نال من شعبية شريف أنه خاض حروبا دامية ضد إثيوبيا، ثم ما لبث أن قام بعد يومين من انتخابه بزيارة “العدو”، ليصافح بحرارة من كان يصفه أمس القريب “بالعدو المحتل”.
واليوم بدأ يتنصل من كل ماضيه وما يتصل بالإسلاميين غير المرغوبين أميركياً، حتى إنه حل آخر عناصر المحاكم التي انضمت إلى الحكومة، ويتوقع أن يطرد الوزراء المحسوبين على الإسلاميين بموجب اتفاقه الأخير مع تنظيم أهل السنة(15)[16].
ويمكن القول في نهاية هذه الكلمات بأن شريف كان ظاهرة نادرة حظيت باحترام الكثير لكنه تبخر بسرعة لقلة خبرته وضعف شخصيته في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب وارتهانه للآخرين. ولن يكون مستقبله في رأيي أفضل من الزعماء السابقين الذين تعاقبوا على الصومال، ثم اختفوا من الساحة ولم يسجل لهم التاريخ إنجازات تذكر.
بدايات الدور السياسي لأويس
يُعد الشيخ حسن طاهر أويس أحد أبرز القيادات الإسلامية الصومالية في العقود الأربعة الأخيرة، وأحد مؤسسي الحركة الإسلامية في السبعينيات، والتي واجهت خطر التمدد الشيوعي في ظل نظام سياد بري.
ولد في بادية “طوس مريب” في الأقاليم الوسطى من الصومال عام 1945(16)[17]، حفظ القرآن وتلقى تعليمه الديني داخل نظام التعليم الأهلي في المساجد بمسقط رأسه، ثم ما لبث أن انتقل إلى العاصمة مقديشو ليكمل تعليمه في حلقات المساجد التي تعلم فيها الفقه والنحو وغيرها من العلوم، تابع تعليمه في المعهد الديني الأزهري في مقديشو عام 1965 تخرج في مدرسة جمال عبد الناصر الثانوية في مقديشو عام 1971، وفي عام 1973 وبعد إنهائه تعليمه الثانوي –التحق بالجيش الوطني الصومالي كضابط، وترقى فيه حتى بلغ رتبة عقيد.
نال وسام الشرف في الشجاعة من الرئيس السابق محمد سياد بري بعد حرب 1977 بين الصومال وإثيوبيا، اعتقل في عام 1986 مع مجموعة من قادة حركة الاتحاد الإسلامي -التي تأسست عام 1983 وكانت تمارس العمل السري- لنشاطه الإسلامي في أوساط الجيش والمجتمع، وحكم عليه بالإعدام عام 1987م، بتهمة الدعوة إلى “أسلمة” المجتمع، ثم خفف الحكم عنه إلى السجن المؤبد بتدخل من ولي العهد السعودي آنذاك الأمير عبد الله بن عبد العزيز إثر مناشدة من الشيخ عبد العزيز بن باز المفتي السابق للمملكة العربية السعودية(17)[18]، وأفرج عنه عام 1988 بعد ثلاث سنوات من الاعتقال إثر ضغوط دولية على سياد بري لإطلاق سراح السجناء السياسيين.
بعد انهيار نظام سياد بري عام 1991 مارس نشاطه الإسلامي علناً عبر حركة الاتحاد الإسلامي، التي خاضت قتالاً مع بعض الفصائل الصومالية الأخرى وأمراء الحرب. انتخب الشيخ أويس رئيساً لمجلس شورى اتحاد المحاكم الإسلامية على رأس 88 عضواً، كما شكل تحالف تحرير أسمرا بعد خلافه مع شريف، ثم تولى زعامة الحزب الإسلامي لمنازلة غريمه الرئيس الحالي.
سياسات أويس
يعد الشيخ أويس من أوائل الشخصيات التي نشطت في حقل الإسلام السياسي والدعوي في الصومال، حيث كان المنهج الصوفي التقليدي هو المهيمن على الساحة قبل أن تظهر الحركات المعاصرة، التي وفدت من الدول العربية، خاصة من مصر والسعودية.
أثناء انتساب أويس إلى القوات المسلحة بدأ نشاطه الدعوي والسياسي في ظل الدولة المركزية، التي كانت تميل إلى اعتناق الفكر الشيوعي. وقد تم طرده من الجيش بسبب نشاطه الدعوي في أوساط الجنود.
وكان من المعارضين الأوائل لحكومة محمد سياد بري، الذي كان يضيق على الإسلام السياسي الصاعد، والذي تمثل بإعدام عشرة من العلماء اعترضوا على قرار الرئيس حول مساواة الجنسين فيما يتعلق بالميراث، خلافا للنصوص القرآنية(18)[19].
ومن أهم منعطفات أويس، عندما حكمت الدولة عليه بالإعدام إلى جانب العديد من الشخصيات الإسلامية، من بينهم الشيخ نور بارودي جرحن أحد مؤسسي حركة الإصلاح (الإخوان المسلمين) كما ذكرنا آنفا.
ولم يبرز الكثير من تطلعات أويس في تلك المرحلة، بسبب الصرامة التي واجهت بها الحكومة كل من يتهم بالانتساب إلى الحركات الإسلامية المعاصرة دون استثناء.
ونشأ أويس الذي عرف بجرأته في هذه البيئة المتوترة، مما جعله يلجأ إلى العمل السري، حيث انتسب إلى حركة الاتحاد الإسلامي ذات الاتجاه السلفي، والتي لم تقم بأي نشاط علني قبل سقوط محمد سياد بري عام 1991، وبالتالي دخول الصومال بأكمله في دوامة من العنف، سرعان ما أصبح الإسلاميون جزء منها.
معارك أويس
بعد سقوط الحكومة المركزية، ظهر إلى العلن نشاط الحركات الإسلامية التي كانت تنهج العمل السري، وعندها وجد الشيخ أويس فرصة لتطبيق ما يؤمن به من أفكار، لكن هذه المرة في ظل حركة الاتحاد الإسلامي، وفي عام 1994 انتظم الشيخ أويس في معسكرات حركة الاتحاد الإسلامي في شمال شرق الصومال، والتي انتهت باندلاع معارك عنيفة بين الحركة وجبهة الإنقاذ الوطني بزعامة الرئيس السابق عبد الله يوسف أحمد.
وقد اعتقل يوسف وعدد من القادة في غارة خاطفة شنتها جماعة الاتحاد على معقل يوسف في مدينة جروي عاصمة ولاية بونتلاند الحالية، ثم أطلق سراحهم بعد تدخل بعض العلماء الذين رفضوا استخدام النهج المسلح للإصلاح، وكان من أبرزهم الشيخ عبد القادر نور فارح.
وشكلت هذه المعركة التي قيل أن أويس كان من أبرز داعميها أولى خطوات في سلسلة من المعارك خاضها فيما بعد ضد أعدائه وأصدقائه على حد سواء.
وبعد هزيمة حركة الاتحاد قرر معظم زعماء الاتحاد حل عناصرهم وإلقاء السلاح، كما اعترف معظمهم بخطأ المواجهات التي أملتها حماسة شباب لا يقدرون مآلات الأمور، واعتقاد بعض قادتهم إمكانية الاستيلاء على المنطقة بثورة بيضاء، غير متوقعين المقاومة الشعبية التي واجهتهم فيما بعد.
لكن الشيخ أويس رغم هذا كان من المعارضين لفكرة حل قوات الاتحاد، وظل يؤمن بفكرة الجهاد كوسيلة وحيدة لحل مشكلة الصومال، إلى أن اجتاحت القوات الإثيوبية جنوب غرب الصومال عام 1996، التي كانت حركة الاتحاد تسيطر عليها، فشارك أويس في القتال ضد إثيوبيا والمليشيات القبلية المتحالفة معها.
ولم يكتف بالقتال، لكنه كان الوجه الإعلامي للاتحاد الذي يواجه الإعلام، على الرغم من الانتقادات التي واجهها في داخل الحركة بسبب تصريحاته التي اعتبرها البعض “مورطة للحركة”.
ودافع أويس في حينها بشدة عن قتاله ضد إثيوبيا والمليشيات المتحالفة معها، في وقت كانت الخلافات العشائرية في أوجها، كما انتقد أويس بعض الاتجاهات التي كانت تعتبر تلك الحرب “غير جائزة شرعا”.
نفي أويس الطوعي
بعد انتخاب الرئيس الأسبق عبد القاسم صلاد حسن في جيبوتي عام 2000، اعتبر الشيخ أويس بأنه عقبة في تمكين صلاد وكسب ود العالم الغربي. فطالب زعماء العشائر –التي ينتمي إليها قاسم و أويس– طالبوا الأخير بإفساح المجال لقاسم من خلال اختيار المنفى الطوعي.
ومن ثم ذهب الرجل إلى عدد من البلدان من بينها أفغانستان، وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر أصدرت الولايات المتحدة قائمة تضم 64 شخصا لتجميد أرصدتهم من بينهم أويس وشركة بركات الصومالية ورئيسها أحمد علي جمعة، إضافة إلى بنك التقوى(19)[20].
ومنذ هذا الوقت أصبح الشيخ أويس حاضراً في الإعلام كأحد الوجوه الجهادية المؤثرة في خريطة الإسلاميين في الصومال. وكان أويس يصب جل اهتماماته على الجانب الجهادي أكثر من الجانب الدعوي الشرعي. وبعد إدخال أميركا اسمه في القائمة عاد أويس إلى مقديشو وانتخبته عشيرته ليرأس إحدى المحاكم الشرعية.
وظل على هذه الحالة حتى قامت المحاكم الإسلامية، التي تشكلت من اتحاد المحاكم العشائرية، حيث انتخب أويس رئيسا لمجلس شورى المحاكم، إرضاء للأطراف الجهادية من الإسلاميين الذين كانوا بحاجة إلى شخصية تتمتع بحضور علمي أو حركي في داخل الحركة الإسلامية الصومالية.
ظل أويس أحد ملهمي الجهاديين في الصومال، وكان هو وحسن تركي الوسيط الذي يربط الجانب الجهادي من الشبابيين بالجانب السياسي البراغماتي مثل شريف وغيره.
وعلى الرغم من كون أويس في القائمة الأميركية، إلا أنه اضطلع بعدد من المهام، وزار بعض الدول العربية مثل مصر الحليفة لأميركا، لشرح رؤية المحاكم، كما قابل مبعوث الاتحاد الأوروبي للشؤون الإنسانية لويس ميشل في العاصمة مقديشو(20)[21]. وكان للشيخ أويس دور محوري في المحاكم الإسلامية التي كان “الشباب” يشكلون الذراع العسكري الأبرز، بسبب مركزه باعتباره الأب الروحي للجهاديين في الصومال.
وفضل أويس أن يكون شريف –الموصوف في الأوساط الغربية بالمعتدل- الواجهة السياسية لتحركاته، لكن الأخير قفز مما كان يراه “السفينة الموشكة على الغرق” ليتفق مع الغرب. وقد شعر أويس بمرارة كبيرة من تصرفات شريكه شريف، وأثرت على مواقفه السياسية التي أعلنها أويس أكثر من مرة باستحالة التوافق “مع شريف المرتمي في حضن العدو الغاشم”.
سياسات أويس
يعد أويس أكثر الشخصيات تشبثاً بمواقفه، لكن الرجل واجه في مسير حياته –كما هو الحال في معظم السياسيين- فشلاً ذريعاً في تحقيق أهدافه السياسية، وهذا ما دفع أخيراً لأن يعلن بأنه لن يسقط حتى لو لم يحقق أهدافه، وقال “أنا مسلم وصومالي، وإذا لم يتكلل سعيي بالنجاح، فيكفيني أنني أسجل تاريخا للصوماليين كما فعله المناضلون أمثال السيد محمد عبد الله حسن”(21)[22].
من أهم نقاط ضعف أويس السياسية أنه لا يجامل ولا يلين، فاختلف مع معظم رموز حركة الاتحاد الإسلامي، كما تناثرت المحاكم وبعدها تحالف إعادة التحرير، دون أن يتمكن أويس من الاقتراب من تحقيق أهدافه، ما عدا شعارات براقة.
وحتى في الحزب الإسلامي الذي شكله مؤخراً لمنازلة غريمه شريف شهدَ تصدعات بانضمام أحد أصدقاء أويس الشيح حسن تركي إلى حركة شباب المجاهدين. كما عجز أويس عن كسب ود تنظيم الشباب رغم حديثه المتكرر عن قرب توحيد الحركتين(22)[23].
وعلى الرغم من حديث الإعلام الغربي عن علاقة أويس بالقاعدة وزعمائها، فإنه من الواضح أن الشيخ يسعى لتحقيق مكاسب سياسية، وهو ما دفع القاعدة إلى إعطاء الوكالة لحركة الشباب الأكثر ولاء من الشيخ أويس. كما أن تحالفه مع أريتريا يجعله غير مرغوب لدى القاعدة، بالإضافة إلى أن الرجل الذي اختلف مع جميع رفقائه في الصومال من غير المعقول أن يرضى بأن يكون مجرد وكيل لأحد آخر.
ويمكن القول بأن نهاية أويس لن تكون أفضل مما توقعنا لشريف، خاصة بعد ما تبين للجميع أن الصراع بين الإسلاميين ليس على المبادئ بقدر ما هو على النفوذ والسلطة.
بشير صلاد
بشير صلاد (من مواليد 1957) أستاذ جامعي وفقيه صومالي، وأمير جماعة الاعتصام بالكتاب والسنة (الإتحاد الإسلامي سابقاً)، وأحد أبرز الدعاة السلفيين في الصومال، تخرج من الجامعة الوطنية الصومالية، بعد دراسته اللغة العربية، وعمل مدرساً في مختلف المراحل الدراسية في الصومال، ثم حصل على درجة الماجستير في التاريخ الإسلامي من معهد الدراسات العربية في بغداد سنة 1987م، وحصل على ماجستير العلوم الشرعية من (وفاق الدارس السلفية) فيصل آباد– باكستان، ونال الدكتوراه في السياسة الشرعية من جامعة كراتشي بباكستان.
نشط شير صلاد في حقل الدعوة الإسلامية(23)[24]، إبّان “الحكم الشيوعي” في الصومال، ولاسيما بين شريحة المثقفين وطلبة المدارس والجامعات، كما قام بالدور نفسه في أوساط الجالية الصومالية بباكستان أثناء عمله ودراسته هناك، وعمل أستاذاً في جامعة أبي بكر الإسلامية بكراتشي، حيث تولّى هناك منصب عميد كلية الحديث والدراسات الإسلامية، ثم شدّ رحاله إلى ماليزيا وعمل أستاذاً في المعهد العالي للدراسات الإسلامية في ولاية برليس.
وبعد عودته إلى الصومال انتخب في عام 2008 رئيسا لحركة الاعتصام، وعبر عن سياسة حركته في عدد من المواقف التي كانت تشهدها الصومال، ثم انتخب لرئاسة لجنة المصالحة والتصحيح للوساطة بين الفرقاء الإسلاميين في الصومال. كما تولى رئاسة هيئة العلماء الصومال التي ضمت في صفوفها أبرز العلماء الصوماليين.
وقبيل انتخاب الرئيس شريف شيخ أحمد في جيبوتي اتّحدت جماعة الاعتصام والتجمع الإسلامي الذي كان ينتسب إليه الرئيس شريف، وانتخب الشيخ صلاد رئيساً لها.
مواقفه السياسية
على الرغم من أن الدكتور صلاد كان يعبر عن سياسات الحركة التي يرأسها، إلا أنه كانت له مواقف سياسية خارج إطار حركته، حيث تفاعل مع الظروف التي كان يمر بها الصومال، فقد أعلن صراحة عن معارضته للاجتياح الإثيوبي في الصومال واعتبره احتلالا يجب مواجهته بكافة الوسائل(24)[25]. كما قام بعدد من الأدوار في التوفيق بين أطراف الصراع.
وعلى الرغم من أن الشيخ قضى وقتا من الزمن خارج البلاد إلا أنه لعب دورا كبيرا في الساحة السياسية الصومالية بعدما تم انتخابه رئيسا لحركة الاعتصام التي تشكل عمود التيار السلفي في الصومال.
استشعر بخطورة الوضع المعقد في الصومال خاصة بعد أن كثرت الحركات الإسلامية وظهرت بوادر الاختلاف والتناقض بين رفقاء السلاح، فكتب صلاد عددا من المقالات محذرا من حرفِ بوصلة العمل الإسلامي، فقال بعد أن ذكر عدداً من الشروط لإصلاح الواقع: “ولعل هذه الجولة الممتعة مع هذه الشروط، تنير لنا الطريق، وتمنحنا فرصة أفضل للتعامل مع الواقع بفقه وإدراك، فلا يُكتفَى في تبرير أعمال تستهلك النفس والنفيس، بوجود ضرر ما في صورة ما، وإنما ينبغي البحث عن هذه الشروط، فقد يكون الضرر متوهما أو مبالغا فيه ويجب أن يتم البحث بكل شفافية ووضوح وإخلاص، بعيدا عن العاطفة الجوفاء والحماسة الهوجاء، ولا يسمح لفرد أو لفئة أن تستأثر بتفسير الواقع المحلي والإقليمي والعالمي وتقديم الصورة التي تريدها وتحديد سبل المواجهة واختيار وسائل التغيير، وأنه يتعين أن تطرح كافة مسائل هذا الموضوع من ألفها إلى يائها، على بساط النقاش وأن ينتهي عهد العصمة المبطنة والدكتاتورية المقنعة؛ لأننا تلقينا دروسا مريرة تكفي لأن نقطع دابر الارتجال والإهمال”(25)[26].
تحركات صلاد لحل الأزمة
ومن أهم نشاطات صلاد تشكيله هيئة للمصالحة والتصحيح التي اضطلعت بمهمة الوساطة بين الفرقاء الصوماليين، خاصة بعد دخول الشيخ شريف مفاوضات مباشرة مع الحكومة الصومالية، وإطلاق معارضيه عدداً من التصريحات التي تكفر كل من يتحالف مع الحكومة “المرتدة ” حسب قولهم.
لكن لجنة المصالحة فشلت في تحقيق أهدافها بسبب الخلافات العميقة التي نشبت بين الشيخ شريف والشيخ أويس.
وقد رفض صلاد انتشار الفتاوى التكفيرية ولاسيما بعد أن أصبح التخوين سلاحا يستخدمه البعض للتخلص من خصومهم السياسيين، ويقول: “مذهب السلف الذي تتبناه الجماعة، هو عدم المبادرة إلى تكفير الناس الذين ينتمون إلى الإسلام، وأنه ينبغي التريث في إطلاق مثل هذه الأحكام، وترك ذلك لأهل العلم والفتوى، الذين يدرسون الوقائع ويصدرون الأحكام المناسبة لها، والجماعة لها دورها في تصحيح المفاهيم العقدية، وذلك بنشر مذهب السلف وتدريس أصول أهل السنة والجماعة في هذه الأبواب”(26)[27].
هيئة العلماء
تشكلت هيئة علماء الصومال التي تأسست في شهر شباط/فبراير 2010 من قبل عدد من أهم العلماء الصوماليين، الذين استشعروا بخطورة الموقف بعد انتخاب شريف رئيسا للصومال وإعلان بعض حلفائه الحرب عليه بذريعة التعاون مع “العدو”.
وانتخب الشيخ صلاد رئيساً للهيئة، وأصبح أحد الوجوه الحاضرة في الإعلام للتحدث عن الشأن الصومالي. وقام بالوساطة بين الفرقاء الإسلاميين أكثر من مرة، وأعلن حرمة دم المسلم من الحكومة والمعارضة. كما أدان دعوة ابن لادن إلى إسقاط حكومة شريف. وقال إن أهل مكة أدرى بشعابها، كما أبدى اندهاشه مما أسماه “تطاول” ابن لادن على 50 عالما دينياً صومالياً وعلى قيادات البلاد، معتبراً مادعى إليه ابن لادن “دعوة إلى إراقة دماء جديدة في هذا البلد الذي عانى طويلاً وأنهكته الحروب طوال ما يقارب 20 عاما”(27)[28].
وقام صلاد بزيارات إلى خارج البلاد لمتابعة وساطته، وكان من أهم مواقف صلاد أثناء قيادته لهيئة علماء الصومال مبادرته لإيجاد مخرج للأزمة المستفحلة في الصومال واقتراح الهيئة التي يقودها حلاً وسطاً يقضي بإخراج القوات الإفريقية خلال أربعة أشهر، على أن تكف المعارضة الإسلامية عن الهجوم عليها.
لكن جهود صلاد باءت بالفشل، بعد أن اتهمه الحزب الإسلامي وحركة شباب المجاهدين بالانحياز إلى حكومة شريف، مما عرقل عمل الهيئة التي علق عليها الكثير من الصوماليين آمالا عريضة لوضع حد لتجاذبات الإسلاميين التي عرقلت المصالحة الصومالية.
ويُنتقدُ الشيخ صلاد الذي رأس الهيئة بأنه لم يستطع أن يتخذ موقفاً واضحاً حول المخطئ والمصيب بالنسبة للمعارضة والحكومة، اللتين يتغنى كل واحدة منهما بالشريعة الإسلامية. وبرر الشيخ وأصدقاؤه في الهيئة مواقفهم بأن وساطتهم لن تكون لها معنى إذا اصطفوا إلى جانب أحد الخصوم، وبالتالي كان عليهم الوقوف في مسافة واحدة من طرفي الصراع، على الرغم من اتهام المعارضة بانحياز الهيئة للحكومة.
شخصية مقبولة
اتصف الدكتور بشير أحمد صلاد بكونه شخصية مقبولة من قبل العديد من الإسلاميين، على الرغم من تحفظات الشباب والحزب الإسلامي عليه، إلا أن ترؤسه للجنة المصالحة وهيئة علماء الصومال التي تضم في صفوفها العديد من التيارات يدل على كونه الشخصية الأكثر قبولاً في مشهد صومالي يتصف بالتناقض والتنافر.
فرغم أن الشيخ حسن طاهر هو من الاتجاه السلفي نفسه، وكان أحد زعماء حركة الاتحاد، إلا أن الفرق بين الرجلين واضح جداً إلى حد التناقض. وقد فشل صلاد في لقاءاته مع أويس في دفعه إلى وقف القتال ضد حكومة شريف، وإن كان البعض يجادل أن أويس قد قبل وساطة العلماء، وأفشلته الحكومة الانتقالية ببدء حرب على مراكز الحزب، مما جعل أويس وأتباعه يتوجسون من هيئة العلماء ويتهمونها بالانحياز.
أصبح الشيخ صلاد بحكم كونه رئيس هيئة علماء الصومال شخصية محورية وحاضرة في المشهد الصومالي، ويعبر في الغالب عن الهيئة التي هي حصيلة اجتماع تيارات عديدة، أكثر مما يعبر عن سياسة حركته التي تتسم بالكثير من الغموض والارتباك.
صلاد وقتال الفرقاء
بعد أن نشبت المعارك العنيفة بين الفرقاء، اكتفت الهيئة برئاسة صلاد بالمناشدات دون أن تستطيع تحقيق أي إنجاز ملموس على الأرض، كما ضرب بمطالباتهم السابقة -فيما يتعلق بوقف القتال وجدولة الانسحاب القوات الأفريقية- عرض الحائط.
ولم يجد زعماء الهيئة، وعلى رأسهم الشيخ بشير، إلا الهروب عن الواقع السياسي المضطرب، رغم أنهم لم يعلنوا بشكل رسمي. غير أن رحيل الشيخ من العاصمة ليقيم في أقصى الشمال الصومالي، وابتعاده عن المسرح السياسي طوال الفترة الأخيرة، يدل على يأس الهيئة من حل القضية بطريقة المبادرات والتنديد.
كما يوضح فشل الهيئة بقيادة صلاد في تحقيق أهدافها المعلنة، لأنه ببساطة الفرقاء ليسوا مختلفين على مبادئ شرعية، بل كانوا متنافسين على مناصب ومراكز القيادة في البلد المنهار، والشريعة لم تكن لدى الفرقاء إلا وسيلة لتحقيق أهدافهم وسيفا مسلطا للنيل من الخصم.
وهناك مسألة أخرى في غاية الأهمية، وهي أن مبادرات الهيئة جاءت كما يقال “بعد خراب البصرة “ولم يكن للعلماء أي دور يذكر في توجيه شباب المحاكم الذين كانوا خليطا من جماعات وأشخاص لم يجمعهم سوى كره زعماء الحرب ومن يقفون وراءهم، وكان هؤلاء متحررين من سلطة العلماء وقادة الحركات الإسلامية، ولاسيما من حركة الاعتصام التي خرج الشباب من عباءتها، بسبب رفضها الانخراط في النهج الجهادي على حد زعمهم.
نور بارودي جرحن
يعد من أهم الشخصيات الرائدة في الصحوة الإسلامية منذ كان في ريعان شبابه، ولد 1950 وتلقى تعليمه من مدارس تحفيظ القرآن “الدكسي” والمساجد، كما درس في مدرسة الشيخ صوفي في مقديشو ثم الجامعة الوطنية الصومالية، وعمل واعظاً في وزارة الأوقاف 1974–1979 وكان ناشطاً في بداية الصحوة الإسلامية في الصومال، وانتسب إلى جماعة “الأهلي” التي تعتبر من أقدم الحركات في الصومال بقيادة عبد القادر شيخ محمود.
وتم سجنه من قبل الحكومة في مايو/أيار 1976 إلى أكتوبر/تشرين الأول 1978. سافر إلى السعودية بعد المطاردات الأمنية من حكومة سياد بري بسبب دوره في الدعوة. وانتسب إلى حركة الإصلاح فرع الإخوان المسلمين في الصومال عام 1979. عاد إلى الصومال، وكان مؤسس حركة الإصلاح في القرن الأفريقي، حيث كان وجود الحركة مقتصراً على الخارج، وكان الشيخ بارود من أوائل الشخصيات التي بدأت مدارس الصحوة وانتشار الحجاب.
اعتقلته الحكومة وحكمت عليه بالإعدام مع تسعة أشخاص بينهم الشيخ حسن طاهر أويس، إلا أنه تم تخفيف الحكم إلى السجن المؤبد بسبب ضغوط سعودية على نظام سياد بري بعد مناشدة الشيخ ابن باز رحمه الله كما ذكرنا سابقا. ثم أطلق سراحه بعد ثلاث سنوات وعاد إلى العمل الدعوي، وبعد انهيار الحكومة المركزية ذهب الشيخ نور بارود إلى إثيوبيا، وأسس حزب “التضامن الإسلامي”، ثم تم سجنه في إثيوبيا، وقضى أشهراً في سجن مكراي.
داعية وسياسي
منذ سقوط الحكومة المركزية في الصومال كان لبارودي حضور قوي في الساحة الصومالية، فإلى جانب عمله كأحد زعماء حركة الإصلاح ومؤسسيها، ترأس رابطة علماء الصومال، التي جمعت أطياف الإسلاميين خاصة في مقديشو، كما تفاعل مع المجتمع المدني.
لعب دوراً بارزاً في مناهضة زعماء الحرب الذين طردتهم المحاكم في مقديشو، كما عين عضواً في شورى الحاكم لكنه لم يحضر جلساتها، وعارض بارودي بشدة الاجتياح الإثيوبي وتم قصف مقر رابطة العلماء التي كان يرأسها.
ويقول بارود في تقييمه للمحاكم الإسلامية: “والمحاكم كتنظيم لم تخطط أصلا لقيادة الدولة الصومالية وإنما صادفتها السلطة وهى في خط الدفاع، مما جعل قادتها يرتبكون عند توسع هذه السلطة”(28)[29].
ولكن أهم ما في مواقف نور بارود كانت معارضته القوية للاجتياح الإثيوبي، الذي أسقط المحاكم، في وقت اتسمت العلاقة بين الإصلاح والمحاكم بالتوتر، وكانت مواقف الشيخ بارودي أحد الأسباب التي أدت لاحقا إلى حدوث انقسامات داخل حركة الإصلاح.
وكان بارود نائب رئيس لجنة المصالحة والتصحيح بشير صلاد، والناطق الرسمي باسم اللجنة، وكان أحد أبرز الوجوه الإعلامية في فترة ما بعد سقوط نظام المحاكم الإسلامية، كما كان عضواً في تنفيذية هيئة علماء الصومال التي يعرفها الشيخ قائلاً: “هي هيئة دينية مدنية تنطلق من ضرورة الإصلاح بين الناس واحتواء الخلافات بالنصيحة والأساليب الحكيمة والعمل من أجل مصلحة البلاد والعباد، وقد تم إنشاؤها في مدينة برعوا أيام الحرب وبعد أن بلغت الخلافات ذروتها بين الأشقاء في بلدنا الصومال أول ما قامت به هو أن أصدرت فتوى تجرم التطرف المؤدى إلى قتل الناس ثم أنجزت بعد ذلك مجموعة من المهام الصعبة كمبادرة الوساطة بين الحكومة والمعارضة، وتتكون من تيارات إسلامية عديدة”(29)[30].
وبعد أن فشلت لجنة المصالحة وهيئة علماء الصومال في منع نشوب صراع دموي بين الإسلاميين، اتجه ابارود إلى العاصمة الكينية التي يقيم فيها حالياً.
ويرى الشيخ أن الإسلاميين في الصومال لا يملكون خبرة لإدارة شؤون البلاد في الصومال: “الإسلاميون عموما تنقصهم الخبرة لاسيما في إدارة الدولة الحديثة، والإسلاميون في الصومال ليسوا بمعزل عن واقع نظرائهم في العالم الإسلامي، وتجربة المحاكم على الرغم أنها كانت في مشوارها الأول مجرد تنظيمات محلية تخدم فقط في مجال الأمن إلا أنها حينما تطورت إلى تنظيم سياسي فشلت فشلا ذريعا في تقديم نموذج مثالي لإدارة الإسلاميين في شؤون الدولة”(30)[31].
الشيخ عثمان حدك
أحد أقطاب الحركة الصوفية العلمية، وصاحب العديد من المؤلفات التي تراوحت بين القضايا العامة، كما هو الحال في كتابه “المنح الوهبية في ذم القبيلة والعصبية”، ومؤلفات أخرى دافع فيها عن الأفكار الصوفية في صراعها مع التيارات الإسلامية الحديثة، مثل “إقناع المؤمنين بالتبرك بالصالحين”. تصفه منتديات الحركة الصوفية بأنه “العالم الصومالي البارز والداعية الكبير، ورئيس لجنة الإفتاء والبحوث العلمية في المجلس الأعلى لعلماء أهل السنة والجماعة”(31)[32].
شغل منصب رئيس قسم البحوث لمحاكم تطبيق الشريعة الإسلامية في أيام القاضي علي محمود (علي طيري) الذي أسس محكمة في شمال مقديشو أيام النزاع بين الجنرال عيديد والرئيس علي مهدي محمد وكان عضوا مؤسسا للمجمع الصوفي عام 2001م تقريباً(32)[33].
ويعتبر الشيخ حدك أحد المدافعين عن صوفية الصومال، على الرغم من الانكماش الذي عرفته الحركة الصوفية إبان الانتشار الواسع لحركات الصحوة الإسلامية المعاصرة، وخاصة السلفية منها، التي أزاحت الكثير من سلطة الصوفية المعنوية بعد سقوط الدولة المركزية.
يقول حدك: “انتشر الإسلام في معظم إفريقيا وخاصة الأجزاء الشرقية والجنوبية منها بفضل رجال التصوف، عندما نتحدث عن الصوفية والتصوف في إفريقيا فإننا نتحدث عن أصحاب دعوة متكاملة، كانت تعتمد على جهودها الذاتية، ولم يكن أهلها يتلقون أي دعم من أي نوع، من أي جهة رسمية، سواء في الدولة الإسلامية أو في الممالك التي كانت قائمة في هذه المناطق، واستطاع علماء الصوفية بإمكاناتهم المتواضعة أن ينشروا الإسلام في ربوع إفريقيا، أما البرنامج الذي اتبعوه فإنه يبدأ من “الخلوة القرآنية”، أي ما يعرف في العالم العربي بـ ” الكتاتيب”؛ حيث أقنعوا الأهالي بإرسال أولادهم من الجنسين إلى هذه المدارس الصغيرة، التي تبنى من العيدان والأخشاب، ثم بعد أن يكمل الطفل القرآن يبدأ في تلقي الدروس العلمية المبسطة في العلوم الشرعية واللغة العربية، وبعدها يكون داعية يرشد الناس إلى أمور دينهم.
وكما هو شأن الكثير من علماء الصوفية لم يعرف للشيخ حدك أي نشاط سياسي في الصومال واقتصر دوره في الجانب العلمي وهو الذي له العديد من المؤلفات، لكنه بعد ظهور القوى الصوفية لاعباً أساسياً في المعادلة الصومالية بدعم من بعض القوى الإقليمية بدأ الشيخ يظهر على الساحة السياسية ببعض التصريحات حيث انتقد حركة الشباب في مقابلة مع إذاعة مقديشو، وقال: “إنه يعارض فكر حركة الشباب فيما يخص بتكفير المجتمع، مشيراً إلى أنه يؤمن أن المجتمع الصومالي مسلم مئة بالمائة”(33)[34].
وقد عرف حدك بانتقاده لممارسات بعض المتصوفة، وقال عن هؤلاء: “يزعمون أنهم ينتمون إلى الصوفية وما صدقوا في ذلك بل هم باسمهم مرتزقون”. كما أنه ذكر أن أصحابه أغروه بمحاربة “الوهابية” لكنه قال لهم: نحارب الخلفاء من أهل الطريقة أولاً (يعني رؤساء الطرق الصوفية المغالين في ممارسة الشطحات) فهم الذين أضعفوا الصوفية بأخطائهم، وأطمعوا خصومها فيها”(34)[35].
ويمكن القول بشكل عام أن الصومال الذي مزقته النزاعات القبلية والحزبية في كل المستويات، من المستبعد أن يكون التوجيه والتأثير فيه لأشخاص معدودين، وليست ساحة الإسلام السياسي مستثناة من هذه القاعدة، حيث تتوزع الولاءات بين عشرات المنظرين الذين يتوالدون كل يوم، ومثالاً على ذلك فإن الشخصية الأقوى عسكرياً اليوم في الساحة الصومالية –وهو زعيم حركة شباب المجاهدين- لم يكن أحد يسمع عنه قبل سنتين.
[1]* كاتب وصحفي صومالي. مدير ومؤسس موقع الصومال اليوم باللغة العربية
[2] ويكيبديا http://ar.wikipedia.org/wiki/, الجزيرة نت
://www.aljazeera.net/news/archive/archive?ArchiveId=330146
[3] د. عمر ايمان أبو بكر، تجربة المحاكم الإسلامية في الصومال، دار الفكر العربي، القاهرة، ص117.
[4] المرجع السابق، ص121.
[5] العربية نت، فراج اسماعيل http://www.alarabiya.net/articles/2006/06/14/24707.html
[6] اتحاد المحاكم الإسلامية بحث د. محمد احمدhttp://www.mubarak-inst.org/stud_reas/research_view.php?id=14
[7] د. عمر إيمان أبو بكر، مرجع سابق، ص99.
[8] د. عمر إيمان أبو بكر، مرجع سابق، ص157، 174.
[9] د. عمر ايمان أبو بكر، تجربة المحاكم الإسلامية في الصومال، دار الفكر العربي، ص165.
[10] الشرق الأوسط، الجمعة 14 محرم 1428 هـ 2/2/2007 العدد 10293.
[11] اسلام اونلاين، عبد القادر عثمان- سر شيخ شريف.. الصوفية والإخوان والمحاكم
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1232976603718&pagename=Zone-Arabic-News/NWALayout
[12] د. عمر إيمان أبو بكر، مرجع سابق، ص172
[14] السياسات الحزب الإسلامي ، http://www.somalimirror.com/2008/06/24/fatwo-loogu-magac-daray-
[15] فتاوى الدكتور عمر ايمان أبو بكر masalada-5aad-dr-cumar-iimaan
[19] د. عمر إيمان أبو بكر، مرجع سابق، ص29.
[21] موقع صومال توك، http://www.somalitalk.com/2006/dec/21dec026.html
[22] الصومال اليوم، حوار مع إذاعة صوت أميركا القسم الصومالي:
[24] علي عبد العال، موقع إسلام أونلاين:
[25] حوار عبد الرحمن السهل، موقع الإسلام اليوم: http://www.islamtoday.net/nawafeth/artshow-89-11138.htm
[26] الصومال اليوم: مقال للشيخ بشير بتاريخ: 21/10/2008،
http://somaliatodaynet.com/news/index.php?option=com_content&task=view&id=2157&Itemid=59
[27] حوار عبد الرحمن سهل، موقع الإسلام اليوم: http://www.islamtoday.net/nawafeth/artshow-89-11138.htm
[29] الصومال اليوم، حوار آدم الأزهري وعمر الفاروق، http://www.somaliatoday.net/port/
[30] المرجع السابق نفسه.
[31] المرجع السابق نفسه.
[33]حوار غير منشور أجراه الزميل محمد عمر أحمد مع الشيخ حدك.
[35] حوار غير منشور أجراه محمد عمر مع الشيخ حدك.