نشر النص الأصلي لهذه المادة في كتاب المسبار الشهري(124): “إيران والإخوان (3) الشيعة القطبيون” أبريل -نيسان 2017.
تبدو هذه الدراسة وكأنها تشتغل في فضاءات متعددة، خصوصاً وهي تبحث عن أهم حركات الإسلام الثوري التي أحدثت تحولات كبيرة في عمق العقل السياسي العربي والإسلامي؛ ولهذا فإنه من المنطقي أن نعيد صوغ عنوان هذه الدراسة هنا، إذ يبدو موضوعها واسعاً نوعاً ما، وذلك لفهم جوهر الإشكال المعرفي وضبط محدداته، والذي يمكننا الاشتغال عليه بدقة.
لا يمكننا منهجياً أن نغفل عن المؤلفات الضخمة التي كتبت عن الإخوان المسلمين وولاية الفقيه، ولهذا فإننا لن نتمكن من الاشتغال بالجذور التاريخية، أي تاريخ تكون هاتين الحركتين، ولا تلك الاشتغالات المعرفية الواسعة لرموزهما، وإنما سنكتفي بتحليل سياقات التحول لدى الإخوان في مصر فقط، وذلك لصعوبة الحديث عن الإطار الجغرافي الواسع للإخوان المسلمين في تركيا وتونس وغيرهما من البلدان الإسلامية.
سنحاول إيجاد مقاربات معرفية بين الحركتين في صناعة الإسلام الثوري، تُعنى بطبيعة الخطاب وسياقات التشكل التي فرضتها الإيقاعات السياسية والاجتماعية على كلتيهما، ونحن ندرك أننا نمارس مقاربات متباينة نوعاً ما من حيث اختلاف الشروط السياسية؛ أي صيرورة التحول التي صنعت الإسلام الثوري عند الإخوان، أو تلك السياقات التي أسهمت في تضخم البناء الداخلي لنظرية ولاية الفقيه.
سنحاول هنا بشيء من الدقة –قدر الإمكان– مناقشة ثلاث أطروحات مهمة، تتمحور حول طبيعة صناعة الإسلام الثوري وسياقاته؛ حيث تعنى أولاها بطبيعة الخطاب الثوري لكلا الحركتين، مركزين –بشكل كبير– على شبكة المفاهيم التي وظفها الإسلام الثوري، في سبيل استقطاب الجماهير المتعطشة للخروج من وحل الفقر كظاهرة اجتماعية، والديكتاتورية كظاهرة سياسية، وهو إشكال يهتم بتفكيك البنى اللغوية لخطاب الإسلام الثوري. سنقوم لاحقاً برصد سياقات التحول السياسية والاجتماعية وتحليلها، التي مرت بها هاتان الحركتان، وعلاقتهما بالحركات الثورية الأخرى، وبالمركزية السياسية، وبالقضايا العالمية، وقدرة رموز هاتين الحركتين على استيعاب الأطراف الأخرى في دوائر الصراع السياسي. وأخيراً سنحاول فهم مآلات صناعة الإسلام الثوري لدى هاتين الحركتين؛ لماذا نجحت في إيران وأخفقت في مصر؟
عشرات المؤلفات التي كتبت عن هاتين الحركتين، لما تمثلانه من أهمية كبيرة في صناعة تحولات العقل السياسي العربي والإسلامي، ولما تمثلانه أيضاً من إسلام ثوري يتحرك في فضاءات جغرافية مهمة، ولديه القدرة على تغيير الخريطة الجيوبوليتيكية في منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص. كما أن ظهور هاتين الحركتين جاء في مرحلة يشهد فيها العالم العربي إمبريالية قوى الاستعمار في كل مكان، فضلاً عن الصراعات العربية– العربية من جهة، والصراع العربي– الإيراني من جهة أخرى (الحرب العراقية– الإيرانية). لأجل ذلك ظهرت مؤلفات عديدة، تُعنى بتحليل سياقات الفكر الثوري لدى هاتين الحركتين؛ غير أن معظم تلك المؤلفات كتبت بلغة ثنائية (مع/ ضد)، وهي لغة كانت سائدة في تلك المرحلة نظراً لأيديولوجيا التفكير بين كلٍ من السياسي والديني، أو ذلك التأثير السلبي الذي أحدثته جدليات التوتر المذهبي بين السنة والشيعة بشكل عام. ولهذا سنحاول تفهم طبيعة هذه المؤلفات، وتوجهاتها الأيديولوجية وتأثيراتها في تحليل الخطاب لدى هذين التيارين، كالكتاب المعنون بـ«الثورة البائسة» للكاتب العراقي موسى الموسوي، والذي كُتب تحت ضغط الحرب العراقية– الإيرانية، وهو كتاب انتشر –بشكل كبير– في العالم العربي، لكنه يفتقد إلى أبسط مناهج تحليل الخطاب، فضلاً عن مدى موثوقية المصادر الشفهية التي يرتكز عليها الكاتب. وكذلك بالنسبة لتلك المؤلفات التي تحدثت عن الإخوان المسلمين، وهي مؤلفات انتشرت في بعض مراحل الصراع السياسي، بين السلطة السياسية في مصر والتنظيم الإخواني.
بإمكانكم الاطلاع على الدراسة الكاملة من خلال الملف أدناه
الدراسة