أطلقت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين هجمات عنيفة غرب مالي في يوليو (تموز) المنصرم، استهدفت كايس و(6) بلدان أخرى على الحدود مع موريتانيا والسنغال[1]، وتكثف الجماعة جهودها في الشهور الأخيرة نحو غرب مالي باعتباره بوابة جغرافية وخط مواجهة سياسيًّا واقتصاديًّا، مما يفسح المجال نحو الانتقال إلى موريتانيا والسنغال والاقتراب من السواحل الأطلسية، كما يأتي ذلك في إطار استراتيجية أكبر تستهدف توسيع أركان تنظيم القاعدة في الساحل وغرب إفريقيا، وتتحرك جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بخطوات تكتيكية تستهدف السيطرة على مفاصل الدولة في مالي إداريًّا واقتصاديًّا، مستغلة الظروف السياسية المضطربة وضعف نظام الحكم العسكري الذي تعرض لمحاولة انقلاب أخيرًا.
ماذا وراء التوجه غربًا؟
يعكس تركيز جماعة نصرة الإسلام والمسلمين نحو نشر أذرعها بعيدًا عن مواقعها التقليدية في شمال ووسط مالي أهدافًا جديدة، إذ قامت بهجوم كبير استهدف مواقع للجيش في غرب مالي، وامتدت الهجمات على مساحة (700) كيلومتر، شملت مدينة كايس، التي تعد مركزًا تجاريًّا مع السنغال، كما استهدفت نيونو ونيورو الساحل وجوجوي قرب الحدود الموريتانية، وديبولي، وهي بلدة حدودية تبعد أقل من (500) متر عن مدينة كيديرا في السنغال، ومولودو، وسانداري، واستولى المسلحون في طريقهم على ثكنات عسكرية ومراكز أمنية ومواقع إدارية، كما نفذت الجماعة (3) ضربات أخرى على مواقع صناعية وتعدينية في بافولابي بكايس، وهددت بحصار بلدتي كايس ونيورو، وبالتوازي ضربت موقعين للقوات المالية في سيغو جنوب وسط مالي، التي تشهد اشتباكات متكررة بين الجماعة والقوات الحكومية منذ سنوات، وتشير هذه الحملة إلى عدة مقاصد:
اختراق موريتانيا والسنغال
خلاف جيرانها في الساحل، لم تسجل موريتانيا أي هجوم إرهابي منذ عام 2011، كما ظلت السنغال آمنة -إلى حد كبير- من الإرهاب، إلا أن هجمات جماعة نصرة الإسلام والمسلمين على حدود غرب مالي، تنذر باحتمالية تقدم الجماعة نحو شن ضربات في موريتانيا والسنغال، وزادت الجماعة نشاطها بشكل ملحوظ في منطقة كايس على مدار السنوات الثلاث الماضية، وأصبح محور الطريق بين باماكو وكايس منطقةَ مرور للجماعة. وحدد معهد تمبكتو نقاط إمداد للإرهابيين في كايس؛ حول بلدية ديومارا، وشرق ديما: نانكومانا (جنوب شرق ديومارا)، وكالاديانغو (جنوب غرب ديومارا)، وموسافا (شمال غرب ديومارا)، وغابة باولي (جنوب غرب ديومارا)، كما تستضيف هذه البؤر عناصر من كتيبة ماسينا إحدى فصائل الجماعة، مما يخلق ظروفًا مواتية لإنشاء قاعدة لوجستية على الأراضي السنغالية، وتتمتع جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بوضع يسمح لها باستخدام شبكاتها الاقتصادية المتنامية لتعزيز الروابط عبر الحدود وتجنيد الأشخاص ونقل الأسلحة. ونوه المعهد إلى أن كتيبة ماسينا تحاول عقد لقاءات أخيرًا مع مجتمعات سنغالية محددة، وسبق أن شكلت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين خلية على الجانب السنغالي، قبل أن تفككها قوات السنغال عام ٢٠٢١[2].
وتعرضت منطقتا كيدوغو وتامباكوندا السنغاليتان الواقعتان على حدود منطقة كايس لضغوط أمنية متزايدة في الآونة الماضية، وردًا على الهجوم الأخير على كايس، عززت السلطات السنغالية إجراءاتها الأمنية، ونشرت وحدات من قوات الأمن الخاصة (GARSI) على طول المناطق الحدودية، وأجرت دوريات إضافية وفرضت ضوابط مشددة على الطرق الرئيسة، كما أوقفت شركات النقل البري رحلاتها المتجهة إلى مالي، بسبب وجود مخاطر أمنية جسيمة على طول الطريق، وفي فبراير (شباط) المنصرم، وقعت السنغال ومالي اتفاقية للتعاون العسكري في مجالات مثل تشكيل وتنفيذ أنشطة عملياتية لمكافحة التهديدات عبر الحدود، وتبادل المعلومات الأمنية تحسبًا لأي ضربات محتملة[3].
الوصول إلى الساحل الأطلسي
يمثل غرب مالي محطة رئيسة للوصول إلى الساحل الأطلسي بالنسبة لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، إذ إن الوصول إلى سواحل غرب إفريقيا أصبح أحد الأهداف الجديدة للإرهابيين، كما أكدت تصريحات قائد أفريكوم الجنرال مايكل لانجلي، ويضمن هذا الهدف للجماعة حصة من إيرادات أنشطة التهريب والاتجار بالبشر وتجارة الأسلحة والفدية.
وبدأت رحلات المهاجرين على طول الطريق الأطلسي انطلاقًا من شواطئ السنغال وموريتانيا منذ ثمانينيات القرن المنصرم، يأتي معظمهم من غينيا ومالي وساحل العاج وجامبيا متجهين إلى جزر الكناري الإسبانية، وفي ظل التضييق على طريق الجزائر وتونس والمغرب إلى البحر المتوسط، حظيت سواحل موريتانيا والسنغال بشعبية كبيرة بين المهاجرين مدعومة بعنصر القرب الجغرافي، وارتفع عدد الوافدين إلى أوروبا عبر مسار موريتانيا بشكل مطرد سنويًّا ليصل إلى (46,841) وافدًا مسجلًا عام 2024، وحاول (7270) شخصًا من غرب إفريقيا الوصول إلى جزر الكناري في يناير (كانون الثاني) 2024 وحده، بزيادة قدرها (1000%) عن مثيله العام السابق.
وفي ظل تراجع فرص كسب العيش وسوء الإدارة تحت حكم المجلس العسكري في مالي، أصبحت الدولةَ الأولى في تصدير الهجرة غير النظامية إلى أوروبا عام ٢٠٢٤، بإجمالي نحو (١٦,٥٠٠) شخص، كما بلغ عدد النازحين داخليًّا (٣٦٠) ألف شخص بحلول نهاية عام ٢٠٢٤، وتعد كايس، وسيغو، وسيكاسو المجاورة لها، مصادر رئيسة للهجرة[4].
ويمثل طريق المحيط الأطلسي أخطر رحلة هجرة في العالم، حيث سجل أكثر من (10) آلاف حالة وفاة عام 2024 وحده بزيادة تقدر بـ(6007) عن العام السابق، وتزداد مافيا الاتجار بالبشر شراسة على طول الطريق، وتشير تقديرات مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، إلى أن شبكات الجريمة المنظمة تحقق مكاسب بقيمة نحو (150) مليون دولار سنويًّا من طريق المحيط الأطلسي[5].
الاتجار غير المشروع
وفقًا للمنظمة السويسرية للتنمية الدولية (SWISSAID)، أنتج التعدين الحرفي وغير القانوني في مالي أكثر من (300) طن من الذهب بين عامي 2012 و2022، حيث تعد ثاني أكبر منتج للذهب في إفريقيا بحصة سنوية تصل إلى (65) طنًا متريًّا[6]، وتتمتع كايس بقيمة استراتيجية كمركز اقتصادي رئيس، باعتبارها تمثل (80%) من إنتاج الذهب في مالي، وتشير التقديرات إلى أن منجم فيكولا في كايس يحتوي على احتياطيات معدنية محتملة تبلغ (43.8) مليون طن بمعدل (2.37) جرام لكل طن من الذهب تحتوي على (3.34) ملايين أونصة من الذهب، كما أن منجم لولو-غونكوتو من بين أكبر عشرة مناجم ذهب في العالم، وأصبح التعدين أحد أنشطة الجماعات الإرهابية للحصول على التمويل، إذ توفر الحماية للعاملين في المناجم في مقابل حصة من الإيرادات، وفي 2024، ضربت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين العديد من المراكز الاقتصادية الرئيسة، بما في ذلك عمليات التعدين التي تديرها شركتا Allied Gold وResolute Mining، وفي الأول من يوليو (تموز)، اختُطف أربعة أجانب عقب هجوم على Carrières et Chaux du Mali، وهو موقع رئيس لإنتاج الأسمنت والجير في كاراغا، وقامت بتدمير (3) مواقع صناعية في منطقة بافولابي في هجوم يوليو (تموز) الأخير.
وإلى جانب أنشطة التعدين غير المشروع، استهدفت غارات جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في المناطق الجنوبية محميات باولي الواقعة بين كايس وكوليكورو منذ ٢٠٢١، وتسمح الجماعة لمستغلي الغابات بالعمل في قطع الأخشاب مقابل الحصول على جزء من الإيرادات، وقامت الجماعة بتوسيع عملياتها في كينيبا، وحققت ما يقرب من (13.8) مليار دولار من مبيعات الأخشاب غير القانونية بين عامي 2019 و2021، بالإضافة إلى عملها في سرقة الماشية وتهريبها لشبكات عابرة للحدود مع موريتانيا والسنغال[7].
تهديد التجارة الإقليمية
يمثل جنوب غرب مالي العصب الاقتصادي للدولة، وتعد منطقة كايس طريق الإمداد الرئيس لمالي ونقطة وصولها إلى الدوائر الاقتصادية في موريتانيا والسنغال، وفي ٢٠٢٤، استحوذت مالي على (٢٠.٥٤٪) من صادرات السنغال، بقيمة (٨٠٢.٧٥) مليار فرنك إفريقي (١.٤٢ مليار دولار)، ويسهل ممر نواكشوط -باماكو حركة البضائع عبر ميناء نواكشوط، ويهدد الحصار على كايس ونيورو ممرات التجارة داكار- باماكو، ونواكشوط- باماكو، كما يعطل المرافق الحيوية لهذه البلدان، إذ تضم المنطقة سدود مانانتالي وفلو وغوينة الكهرومائية، التي تزود مالي وموريتانيا والسنغال وغينيا بالكهرباء. أيضًا يتيح تمركز جماعة نصرة الإسلام والمسلمين المتنامي في تمبكتو الوصول إلى نهر السنغال.
وتعرضت البنية التحتية في كايس لأضرار جسيمة جراء الهجمات الأخيرة، وتهدف جماعة نصرة الإسلام والمسلمين الضغط على اقتصاد مالي، وعزل باماكو عن طريق إمدادها الرئيس، وكذا إلحاق الضرر باقتصاد السنغال، حيث يعتمد ميناء داكار على الطرق التي تربطه بباماكو[8].
السيطرة على الإقليم
أصبحت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين الأكثر عنفًا وخطورة في الساحل، وبينما تتمركز معاقلها في بوركينا فاسو ومالي والنيجر، نفذت أيضًا هجمات في بنين وتوجو وغانا، وقتلت ما يقرب من ألف شخص في جميع أنحاء منطقة الساحل والغرب منذ أبريل (نيسان) المنصرم، معظمهم من أفراد قوات الأمن أو الميليشيات التي تقاتل إلى جانب القوات الحكومية، وسجل ما يقرب من (800) من هذه الوفيات في بوركينا فاسو وحدها، وثانيها مالي (117) ثم بنين (74)، وتتحرك الجماعة في تصاعد خلال السنوات الأخيرة، وطبقًا لبيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة (ACLED)، بلغ إجمالي الوفيات في بوركينا فاسو ومالي والنيجر في النصف الأول من عام 2024 نحو (7620) حالة وفاة، بزيادة قدرها (9%) عن نفس الفترة في عام 2023، ويمثل هذا ارتفاعًا بنسبة (37%) مقارنة بعام 2022، وزيادة بنسبة (190%) مقارنة بعام 2021[9].
وتقع مالي في قلب الأجندة التوسعية لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وتمكنت الجماعة من الهيمنة على مساحات كبيرة من الأراضي في موبتي وسيغو وتمبكتو بوسط مالي والجنوب متوغلة إلى غرب البلاد، حيث سبق الهجوم على كايس وسيغو في يوليو (تموز) هجمات كبرى في أوائل يونيو (حزيران)، من بينها هجوم على قاعدة عسكرية في بولكيسي، مما أسفر عن مقتل نحو (60) عنصرًا أمنيًا، واستولت الجماعة على (174) بندقية كلاشينكوف، واضطر الجيش المالي إلى الانسحاب[10]، وفي اليوم التالي، هاجمت الجماعة مواقع عسكرية متعددة في تمبكتو، بما في ذلك قاعدة تستضيف عسكريين روس، وأخيرًا في 19 أغسطس (آب)[11]، هاجمت الجماعة مواقع للجيش في فارابوكو وبيريكي ووير، مما أسفر عن مقتل (21) جنديًّا، وأسرت جنديين واستولت على (15) مركبة عسكرية وأكثر من (50) قطعة سلاح خلال العملية، وسقطت القاعدة للعسكرية في فارابوكو في يد الجماعة، وهاجمت أيضًا منشأة عسكرية في بلدة كاسيلا جنوب غرب البلاد على بعد عشرات الكيلومترات من العاصمة باماكو، وفي سبتمبر (أيلول) 2024، هاجمت الجماعة العاصمة باماكو لأول مرة بعد هدوء منذ عام 2016، ويعد استهداف كايس جزءًا من استراتيجية التضييق على باماكو.
وتنطبق ذات النوايا التوسعية على نشاط الجماعة في توجو وبنين وغانا، وزادت هجماتها في هذه البلدان بأكثر من (250%)، مع ارتفاع كبير من (21) هجومًا عام 2022 إلى (53) هجومًا في 2024، وتوسع نشاطها في منطقة الحدود الثلاثية ليبتاكو جورما بين دول الساحل الوسطى، وسجلت بين 1 أبريل (نيسان) و31 يوليو (تموز) أكثر من (400) هجوم في بوركينا فاسو ومالي والنيجر، بحصيلة (2870) قتيلاً، وأطلقت أكثر من (280) هجومًا في بوركينا فاسو في النصف الأول من عام 2025، وهو ضعف العدد لنفس الفترة عام 2024[12].
محفزات توسع الجماعة
اكتسبت عمليات جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في السنوات الأخيرة قدرًا كبيرًا من الجرأة، مدعومة بقوة بشرية تصل إلى (6) آلاف مقاتل، وتطور عملياتي قادر على شن هجمات معقدة باستخدام الطائرات بدون طيار، وسجلت أكثر من (30) هجومًا بطائرات بدون طيار منذ سبتمبر (أيلول) 2023، تركز (82٪) منها (24 هجومًا) بين مارس (آذار) ويونيو (حزيران) 2025، ونفذت أول هجوم بطائرة مسيرة مسلحة على مواقع دان نا أمباساغو في باندياغارا، بمنطقة موبتي وسط مالي في سبتمبر (أيلول) 2023[13].
وعلى الرغم من أن ضربات الجماعة كانت تقتصر على المناطق الريفية والرعوية، فإن التحول نحو شن هجمات على المناطق الحضرية وفقًا لتصريحات محمود باري، القيادي في جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في نوفمبر (كانون الثاني) 2024[14]، يعكس استراتيجية أوسع نطاقًا لتقويض ثقة الجمهور في القوات الحكومية، ونزع شرعية النظام الذي قام بالأساس تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، سواء في مالي أو النيجر أو بوركينا فاسو، كما يرجع توسع جماعة نصرة الإسلام والمسلمين نحو أراض جديدة إلى عدة أسباب:
- ضعف الجهود الوطنية: كانت مالي أولى دول الساحل التي طردت القوات الفرنسية، ومنذ عام 2022، تدهور مركزها على مؤشر الإرهاب العالمي، ويرجع ذلك إلى فشل الجهود الوطنية في صياغة تجربة فعالة في مكافحة الإرهاب، وتتقوض البيئة الأمنية بشكل أكبر؛ بسبب العنف العشوائي ضد المدنيين الذي ترتكبه قوات الدولة والشركات العسكرية الخاصة مثل مجموعة فاغنر وميليشيات الدفاع عن النفس، وخلال الفترة ما بين يناير (كانون الثاني) 2024 ومارس (آذار) 2025، وقع (1486) قتيلاً مدنيًّا في مالي على يد قوات الحكومة وفاغنر، أيضًا دفع الاضطهاد العرقي الذي تمارسه الحكومة ضد الفولانيين والمتمردين الطوارق إلى سهولة استقطابهم من قبل الإرهابيين، وخلال مايو المنصرم، أُعدم ما لا يقل عن (20) مدنيًّا من الفولاني ودُفنوا في مقابر جماعية، بالإضافة إلى المشاكل الهيكلية بالأجهزة الأمنية[15]، إذ قتل ما لا يقل عن (400) جندي على أيدي مسلحين في بوركينا فاسو والنيجر ومالي منذ بداية مايو (أيار)[16].
- تراجع الاستقرار السياسي: عقب مذبحة بارسالوغو في أغسطس (آب)، والتي راح ضحيتها ما يصل إلى (200) جندي ومواطن في بوركينا فاسو على يد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، أعلنت الجماعة أن هدفها زعزعة استقرار الأنظمة الحاكمة في المنطقة. وتواجه الأنظمة العسكرية في دول الساحل الوسطى خطر السقوط، آخرها محاولة الانقلاب في مالي في 10 أغسطس (آب) المنصرم، وذلك بعد أن منح البرلمان القائد عاصمي جويتا فترة ولاية رئاسية قابلة للتجديد لمدة (5) سنوات دون الحاجة إلى انتخابات، مما يسمح له بالحكم حتى عام 2030 على الأقل، وفي بوركينا فاسو حلت الحكومة العسكرية اللجنة الانتخابية في البلاد في 17 يوليو (تموز) المنصرم، وأخضعت مهامها لوزارة الداخلية، أما في النيجر، في 26 مارس (آذار)، فقد أدى الزعيم العسكري في النيجر عبدالرحمن تشياني اليمين الدستورية رئيسًا للبلاد بموجب ميثاق جديد يمدد الحكم العسكري لخمس سنوات، دون تحديد جدول زمني للانتخابات.
- التنافس مع داعش: تتنافس الجماعتان على النفوذ في الساحل وغرب إفريقيا، وتوسع تنظيم داعش في منطقة تيلابيري في النيجر، وهي المنطقة الحدودية الثلاثية التي تربط بين مالي وبوركينا فاسو وبنين، كما يتمركز بصورة أكبر في ولاية بورنو في النيجر، ويمتد نشاطه نحو الحدود الشمالية الغربية لنيجيريا، وفي حوض بحيرة تشاد، ويمتلك قاعدة بشرية بقوة (8) آلاف إلى –(12) ألف عضو. كما أجرى هجمات باستخدام المسيرات المسلحة ضد منشآت عسكرية في ولايتي بورنو ويوبي منذ عام 2024. وفي المقابل يوسع تنظيم القاعدة (جماعة نصرة الإسلام والمسلمين) نفوذه في دول الساحل خارقًا الحدود نحو غانا وتوجو وبنين.
السيناريوهات المستقبلية
تخطو جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بشكل منسق في غرب مالي، وبدأت بتوطين عناصرها في منطقة كوليكورو، وخاصة في كالومبا وكوالا ومنتزه باولي منذ عام 2018، ثم شن هجمات على بعض المناطق كان أخطرها الهجوم على كايس في يوليو (تموز) المنصرم، ويحمل هذا التطور عدة سيناريوهات:
- استمرار التصعيد: تضع الهجمات الأخيرة على حدود مالي مع موريتانيا والسنغال المنطقة في بؤرة خطر، كما تنذر بتوسيع التصعيد من قبل الجماعة، مستغلة الحدود المسامية مع السنغال وانتشار الغابات، وكذلك الحدود الصحراوية مع موريتانيا، وضعف التنسيق الأمني بين البلدان الثلاثة، لا سيما بعد أن انسحبت مالي من مجموعة الإيكواس، وعدم ظهور أي فاعلية حقيقية لاتحاد دول الساحل (AES) في تحقيق أي استقرار ملموس.
- تطويق الخطر: تتمتع السنغال وموريتانيا بخبرة أمنية قوية ساعدت في ردع الإرهاب لسنوات طويلة، ومن الممكن أن يعمل الهجوم الأخير على رفع حالة الاستنفار الأمني في كلا البلدين، ويدفعهما نحو التعاون المشترك، بالإضافة إلى احتمالية الاستعانة بقوى دولية، لا سيما وأن تصريحات قائد أفريكوم لانجلي بشأن اقتراب الإرهابيين من الساحل، حملت مخاوف على مصالح أميركا في المنطقة.
وبناء على ما تقدم، يمكن رصد أن الخطوات الأمنية التي اتخذتها الأنظمة العسكرية في دول الساحل، جلبت مزيد من المخاطر لأمنها الداخلي وأمن الإقليم، كما أن تجربة استبدال القوات الغربية عن طريق الاستعانة بفاغنر لم تؤت ثمارها، وكذلك الانسحاب من الأطر الإقليمية أضر بأمن دول الجوار. وتحتاج دول الساحل إلى مراجعة استراتيجيتها في مكافحة الإرهاب وإلا فإنها تخاطر بإفساح المجال أمام تنظيمي القاعدة وداعش لتحقيق مزيد من الانتصارات والتوسعات.
-
– Roger, Benjamin, Mali : attaques djihadistes d’envergure dans l’ouest du pays, Le Monde, July 1, 2025, available on https://tinyurl.com/4etv5z4z ↑
-
– Timbuktu Institute, Menace du JNIM dans la zone des trois frontières du Mali, de la Mauritanie et du Sénégal, May 2025, P4. ↑
-
– TRT Global, Senegal strengthens security along border with Mali, August 3, 2025, available on https://trt.global/afrika-english/article/c0a848c4c520 ↑
-
– Williams, Wendy, African Migration Trends to Watch in 2025, Africa center, February 3, 2025, available on https://africacenter.org/spotlight/migration-trends-2025/ ↑
-
– Munoz, Blanca, an others, Chris Alcock & Mame Cheikh Mbaye ‘Try or die’ – one man’s determination to get to the Canary Islands, BBC, October 14, 2024, available on
https://www.bbc.com/news/articles/c4g957x3g49o ↑ -
– Ecofin Agency, Mali to Heighten Fight Against Illegal Gold Mining, January 24, 2025, available on https://www.ecofinagency.com/mining/2401-46365-mali-to-heighten-fight-against-illegal-gold-mining ↑
-
– The Soufan center, JNIM Expands Frontlines with a Coordinated Offensive Across Western Mali, JULY 15, 2025, available on https://thesoufancenter.org/intelbrief-2025-july-15/ ↑
-
– Mali Actu, Mali : La Région Économique de Kayes Sous la Menace d’Attaques, Quel Avenir pour l’Économie Nationale ?, july 9, 2025, available on https://tinyurl.com/433jrcap ↑
-
– Getachew, Jalale, Newly restructured, the Islamic State in the Sahel aims for regional expansion, Alced, September 30, 2024, available on https://acleddata.com/report/newly-restructured-islamic-state-sahel-aims-regional-expansion ↑
-
– Security Council, August 2025 Monthly Forecast, July 30, 2025, available on https://tinyurl.com/2zk8k6ap ↑
-
– Reuters, Al Qaeda-linked group says 21 soldiers killed in widescale attacks in Mali, August 20, 2025, available on https://www.reuters.com/world/africa/al-qaeda-linked-group-says-21-soldiers-killed-widescale-attacks-mali-2025-08-20/ ↑
-
– Sippy, Priya & Boswall, Jacob, How an al-Qaeda offshoot became one of Africa’s deadliest militant groups, BBC, July 7, 2025, available on https://www.bbc.com/news/articles/cg4r5wylwq6o ↑
-
– Nomoko, Seydou, Jihadists are intensifying drone attacks in the Sahel, Le Monde, July 24, 2025, available on https://tinyurl.com/4n4723b8 ↑
-
– AFD, JNIM Focuses Attacks on Malian Urban, Military Sites, July 22, 2025, available on https://adf-magazine.com/2025/07/jnim-focuses-attacks-on-malian-urban-military-sites/ ↑
-
– The Soufan center, JNIM Expanding Geographic Reach and Staging Coordinated Attacks in the Sahel, JUNE 5, 2025, available on https://thesoufancenter.org/intelbrief-2025-june-5/ ↑
-
– Global Centre for the Responsibility to Protect, Central Sahel (Burkina Faso, Mali and Niger), July 15, 2025, available on https://www.globalr2p.org/countries/mali/ ↑