جوزيف براودي
ترجمة: مركز المسبار للدراسات والبحوث
لقد كان السجال حول إعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر، حاداً في العالم العربي وكذلك في الغرب: أثنت البلدان الخليجية السنّية على الموقف باعتباره خطوة في الاتجاه الصحيح في محاربة الإرهاب، بينما أدانت إيران والشيعة العرب عملية الإعدام واعتبرتها جزءاً من الحرب على الطائفة الشيعية. أمّا في الغرب فإنّ النمر صوّر كقائد معارض سلمي تمّ اعتقاله وإعدامه ظلماً.
لأغراض التوضيح، هذه بعض البيانات من المصادر السعودية التي أعتبرها ذات مصداقية، بما فيها أشخاص احتفظوا بصداقة بصداقة مع نمر النمر، وهذه البيانات تحاكي السياق الذي تمّ فيه اتخاذ قرار الإعدام بحقه.
في ثمانينيات وبداية تسعينيات القرن الماضي، كان نمر النمر شخصاً قيادياً في حركة “حزب الله الحجاز”، جماعة خمينية مسلحة تأسست في المحافظة الشرقية للسعودية، ونشطت في المملكة والكويت والبحرين. أعلن نمر في خطبه الدينية وفي تصريحات رسمية عدّة بأنّ الأسر السعودية الثلاث الحاكمة هي غير شرعية، وطالب بالمواجهة المسلحة ضد حكوماتها. كانت هناك فترة من المواجهة المسلحة غير المتكافئة بين نشطاء الحركة وقوات الأمن السعودية أوقعت قتلى من الجانبين. هرب العديد من أعضاء حزب الله الحجاز إلى إيران، ومن بينهم نمر النمر.
أعلنت الرياض عام 1992 عن هدنة من حزب الله الحجاز ومنحت عفواً لأعضاء الحركة الذين تخلوا عن الحركة، وأقسموا على قطع العلاقات مع إيران، وأعلنوا الولاء للسعودية. من بين العائدين من إيران كان نمر النمر: رفض شروط العفو، ولكنه خفف من حدّة خطابه.
مع حلول عام 2009، عاد لدعم “الخيار العسكري”، مطالباً بالانفصال عن السعودية في إحدى خطبه. وقد تبع خطبته مواجهة بين متظاهرين شيعة والشرطة السعودية في مقبرة البقيع في المدينة المنورة . وقد توارى نمر النمر عن الأنظار بعد إلقائه للخطبة.
عاد للظهور في عام 2011 في المحافظة الشرقية خلال مظاهرات الربيع العربي. وفي الوقت الذي دعا فيه العديد من قادة الشيعة في المنطقة إلى المظاهرات السلمية، دعا معسكر آخر بحمل السلاح ضد الحكومة، واختار نمر النمر المعسكر الأخير. شوهِد النمر برفقة شباب كانوا يرمون الزجاجات الحارقة على قوات الأمن. الحدث الأخير الذي جذب الانتباه أثناء المواجهة المسلحة التي استمرت، هو أنّه شوهد في سيارة برفقة شباب أثناء استهدافهم للشرطة السعودية بالنيران.
تؤكد الحكومة السعودية بأنّ نمر النمر عمل خلال سنواته كناشط على التحريض للقيام بأعمال عنف ولعِبِ دور في تنظيم ذلك. من وجهة نظر وزارة الداخلية، إنّ نمر النمر هو المكافئ الشيعي للسنّة المنتمين إلى تنظيم القاعدة أو داعش ممّن تلوّثت أيديهم بالدماء، وعدد منهم لقوا مصير الإعدام بالأمس أيضاً.
مهما كانت القضية، فإنّ وزارة الداخلية طبّقت تجاه عائلة النمر نفس السياسية المتبعة مع أقارب الجهاديين السنّة: الاعتناء باحتياجات أسرهم خلال فترة الاعتقال. فقد قامت الحكومة السعودية بإرسال زوجة النمر، المصابة بالسرطان، إلى مستشفى نيو يورك والذي تلقّت فيه العلاج لمدة تسعة أشهر على نفقة الحكومة. في سياق الثقافة السياسية السعودية، يمكن تفسير هذا الإجراء على أنّه مسعى لإيقاف دائرة الانتقام، وتطمين المعتقل بأنّ لا أحد ينوي إلحاق الأذى بأحبائه، وإعادة اكتساب أفراد الأسرة كمواطنين أوفياء. رفض أبناء نمر زيارة والدهم أثناء فترة اعتقاله.
نشر في 2 يناير2016
المصدر: FPRI مؤسسة السياسة الخارجية للأبحاث: مدونة الشؤون الجيوسياسية