محافظ حضرموت: نعكف على مشروع كبير لمناصحة المتورطين في قضايا الإرهاب
تسعى الكثير من الأجهزة الأمنية المعنية بمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف حول العالم إلى الفوز بمعركتها ضد الجماعات الإرهابية عبر اجتثاثها من الجذور ومكافحة أسباب تكونها من الأصل، ولذلك تم استحداث الكثير من برامج الوقاية الفكرية في عدد من الدول المتأثرة بمثل هذا النهج الراديكالي. كما لم تفقد الحكومات الأمل في الذين انحرفوا عن الفهم السليم للحياة وتأثروا بالخطابات العنيفة، في أن يعودوا أفراداً طبيعيين في المجتمع، وكان محرض الجهات الأمنية في ذلك، قصص النجاح التي تمخضت عن برامج إعادة تأهيل المساجين في قضايا الانحراف الفكري، والتي بلغ نجاح بعضها أن أصبح أعضاء سابقين في الجماعات المتطرفة ضمن فريق التأهيل للمنحرفين فكرياً.
سجناء القضايا الإرهابية في اليمن
الجمهورية اليمنية هي أحدى أكثر الدول التي عانت من وجود الجماعات المتطرفة ونتائجها الكارثية على أي مجتمع تتواجد فيه، حيث أدت الاضطرابات التي تسببت فيها جماعة الحوثي وصالح، إلى إيجاد بيئة مناسبة لتخلق الجماعات العنيفة وتكاثرها. اليمن، وتحديداً في الأماكن التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، تخطو خطوات حثيثة نحو خلق أجواء أكثر إنسانية للموقوفين في سجونها، ولم تفقد القيادات الأمنية الأمل في أبنائها الذين انحرفوا عن الجادة وانخرطوا في الجماعات المتطرفة، سواء منهم أولئك الذين قاموا بتسليم أنفسهم أو الذين قبضت عليهم الأجهزة الأمنية. “مركز المسبار للدراسات والبحوث” تواصل مع بعض القيادات في محافظة حضرموت للوقوف على برامج تأهيل الموقوفين في قضايا الإرهاب، إذ تحدث اللواء ركن فرج سالمين، محافظ محافظة حضرموت، عن إيمان القيادات هناك بالأهمية القصوى التي تضطلع بها برامج إعادة التأهيل، وقال اللواء سالمين “نحن نضع على أولوياتنا إعادة تأهيل الأفراد الذين نشعر بأن لديهم نزعة للتطرف بسبب أنه تم التغرير بهم أو أولئك الذين ارتكبوا أعمالا خارجة عن القانون بسبب توجهاتهم الأيدولوجية، ونحن نؤمن بأن كثيرا منهم قابلون بأن يعودوا لطبيعتهم المسالمة المندمجة في المجتمع، ولعلكم سمعتم عن إعادة افتتاح سجن المكلا الذي تم تدميره على يد العناصر الإرهابية، لكن تم ترميمه وإعادته بشكل أفضل مما كان عليه بكثير بفضل الحكومة الإماراتية التي قدمت الدعم لإعادة إعماره ونعول عليه كثيرا في أن يكون مؤسسة إصلاحية للمساجين”.
وفي سؤال حول ما إذا كان يتم وضع سجناء الإرهاب مع سجناء القضايا الجنائية الأخرى مما يؤدي إلى إمكانية تأثير الإرهابي على غيره وتجنيده داخل السجن، قال اللواء سالمين بأنهم يستوعبون تماما خطورة مثل هذا النوع من التجنيد ولذلك تم عزل الموقوفين في قضايا الإرهاب في عنبر خاص لا يلتقون فيه بغيرهم، وهو الحال أيضا في القضايا الأخرى، فهناك عنبر خاص بالمتورطين في القضايا الجنائية الكبيرة وآخر للجنايات البسيطة.
برنامج مناصحة للموقوفين في قضايا الإرهاب
وحول البرنامج الذي يتم اتباعه في عملية إعادة تأهيل المحكومين في القضايا الإرهابية يشير المحافظ أن العملية تتم أولا باستيعاب أن السجن هو فرصة إصلاح بالدرجة الأولى. وبالتالي تم إشراك جهات كثيرة في تلك العملية يكون فيها حضور لنخبة من الأوقاف وأئمة المساجد والقضاة، وتقوم هذه الجهات بالالتقاء بالسجين والاستماع له وإجراء عدة حوارات فكرية معه تهدف إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة لديه.
أشار محافظ حضرموت أيضا إلى أن عملية التأهيل الفكري لن تقف عند البرامج التي تقدم في السجون ولكن القيادة تعمل على توسيع العمل في هذا الإطار إذ يتم العمل حاليا على مشروع كبير بالتعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة يتمثل في مركز متخصص لإعادة تأهيل الموقوفين في قضايا الإرهاب، وسيشارك في هذا المشروع كبار علماء الدين وشخصيات اجتماعية فاعلة وسيتضمن محاضرات وندوات وورش عمل تستهدف مكافحة التطرف وإعادة المنحرفين إلى جادة الصواب، كما سيتم الاستفادة بشكل كبير من برنامج “المناصحة” الشهير في المملكة العربية السعودية واستلهام خبراتهم في هذا المجال خصوصاً وأن هذا البرنامج معروف بنجاحاته الكبيرة في مجال مناصحة المتورطين في قضايا إرهابية.
وحول التجارب الناجحة التي حققها الفريق الذي يعمل على المناصحة في السجون هناك، قال اللواء فرج سالمين بأنه وقف على حالات كثيرة لأشخاص انخرطوا في برامج التأهيل وخرجوا من السجن وعادوا للمجتمع كأشخاص طبيعيين، كما أن عددا منهم قدم الكثير من المساعدة لرجال الأمن وبعضهم أصبح ضمن فريق إعادة التأهيل وساهم في مناصحة موقوفين آخرين.