ملخص عن دراسة عبدالغني سلامة. نشرت في كتاب المسبار الشهري “ما بعد قطر: السياسات القطرية وحافة الهاوية”، (الكتاب الثاني والثلاثون بعد المئة، ديسمبر/ كانون الأول 2017).
يتساءل الباحث والصحافي الفلسطيني عبدالغني سلامة في دراسته التي حملت عنوان “قطر والقضية الفلسطينية: اختزال القضية بـ(حماس) والعلاقات مع إسرائيل” عن دوافع قطر للتعامل مع القضية الفلسطينية؟ وما محدداتها وأهدافها السياسية؟ وكيف كان أثر ونتيجة تدخلها في الشأن الفلسطيني؟ ما الذي يجعل دولة صغيرة بحجم قطر، تأخذ هذا الدور غير المسبوق في الصراع الدولي على منطقة الشرق الأوسط؟ وما الذي يجعلها جزءاً أساسياً ومهماً من الأحداث والوقائع كافة التي تجري في المنطقة؟
يقول سلامة: إنه معروف لدى أي مراقب، أن قطر، ومنذ تولّي الأمير حمد الحكم، وهي تُولي القضية الفلسطينية اهتماماً زائداً، وتضعها في صلب سياستها الخارجية، حتى صارت طرفاً فاعلاً ومهماً في المعادلة السياسية القائمة، ونجحت بإقامة علاقات مع الأطراف كافة: مع إسرائيل، مع السلطة الوطنية، مع حماس.. الأمر الذي يدعوه لطرح تلك التساؤلات.
ولأن القضية الفلسطينية شائكة ومعقدة ومتعددة الجوانب، فإن أي حل لها لا يكون حلاً شاملاً، ولا يضمن الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، لن يُكتب له النجاح، أو بمعنى آخر، أي طرفٍ يتعامل مع القضية بجزئية وانتقائية إما أنه قاصر سياسياً، أو أنه يعمل لمآربه الخاصة، والتي لا علاقة لها بحل القضية حلاً عادلاً شاملاً.
وما جرى في العقود والسنوات الماضية أن أطرافاً إقليمية معينة، دأبت على التعامل مع القضية الفلسطينية بوصفها ورقة رابحة، تقوّي من يمسك بها، وتحسّن موقعه التفاوضي لأخذ المكانة التي يطمح إليها في المعادلة السياسية والنظام الإقليمي. فتعاطت معها بانتقائية مصلحية، ومثال على ذلك إيران، ومن قبلها سوريا، وغيرها من الدول التي دعمت أطرافاً فلسطينية معينة، أو ركزت على جانب محدد واختزلت القضية به، بقصد الإمساك بالورقة الفلسطينية وتوظيفها سياسياً، لا بهدف إيجاد حل شامل.
يجيب سلامة أن ذلك يكمن في طموح حكامها الجدد، ورغبتهم بلعب أدوار إقليمية، وحتى دولية كبيرة، وحاجتهم الماسة للحماية الأمريكية، وللخروج ما يرونه [العباءة السعودية]، حتى لو تطلب ذلك اتباع سياسات تشذ عن السياسات العربية والخليجية المعهودة. وقد تمكنت من ذلك بفضل حُسن استخدامها في عهد حاكمها الجديد، أهم عناصر القوة في زمن العولمة (الإعلام)؛ حيث استخدمت «قناة الجزيرة» كقوة إعلامية فعّالة، عوضت النقص الفادح في إمكاناتها البشرية والعسكرية والسياسية، حيث منحها توظيفها للإعلام القدرة على لعب أدوار سياسية أكبر بكثير من حجمها الطبيعي، وحققت عبر قناتها أهدافاً استراتيجية لم تكن لتقدر على تحقيقها بالسياسة؛ بل إنها أدخلت للمنطقة ما يمكن تسميته بسطوة الجيوميديا، على غرار ديكتاتورية الجيوبولوتيك.
كما ظهر طموحها السياسي بمحاولتها استخدام «الإخوان المسلمين» ودعمهم لقطف ثمار ثورات الربيع العربي، والوصول للحكم، كما حصل في مصر مثلاً، وتحقيق حلمها بأن ترث الدورين المصري والسعودي في الإقليم، والذي راودها قبل ذلك، مستغلة ضعف وتراجع مصر في الفترة السابقة، ومستقوية بالحماية الأمريكية.
يقول سلامة: إن قطر اختصرت القضية الفلسطينية بحماس، كما لو أنها كل الشعب الفلسطيني، أو ممثله الشرعي والوحيد. ودعمت ومولت الانقسام، وكانت كلما أوشكت فتح وحماس على الاقتراب من حل ينهي الانقسام، تأتي قطر وتقدم مزيدا من الإغراءات لحماس بمشاريع إسكانية ودعم مادي ووعود بحلول لمشاكل الكهرباء والموظفين، حتى إنها الوحيدة التي لها سفارة في غزة، وما زالت ترفض تقديم أي دعم لغزة من خلال السلطة، ولم تكتف بتوريط حماس بالانقسام، فقد ضغطت عليها وأغرتها لمغادرة دمشق.