تشارك أكثر من (٢٤٠) مثقفًا ومفكرًا عربيًا القلق لما تحمله السياسة القطرية من تحديات لمنطقة الشرق الأوسط، معتبرين الدوحة “عرابًا” للفوضى في المنطقة. جاء ذلك خلال ندوة “قطر عراب الفوضى بالمنطقة والأزمات في الشرق الأوسط”، والتي نظمها مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة “دراسات”، بمملكة البحرين، والتي عقدت لتسلط الضوء على تاريخ النظام القطري في دعم الإرهاب منذ عام 1995، الذي دشّن فترة حكم جديدة في تاريخ الدوحة.
الندوة خصصت لنقاش أمن الخليج والسيناريوهات المستقبلية للسياسة العدائية لدولة قطر. كما استعرضت نماذج عربية للتورط القطري في زعزعة الاستقرار. محاولة أن توجد تفسيرات لهذه الظاهرة السياسية، لدولةٍ صغيرة تحاول لعب دورٍ يتجاوز حجمها الجغرافي وثقلها السياسي، ولتعويض الفارق تقوم باستخدام كل أدوات “التضخيم” الإعلامية، والتجارية والإسلاموية، عبر قنواتها واستثماراتها والأحزاب التابعة لها.
مجموعة شخصيات مهمة كانت ضمن المشاركين في الندوة، من ضمنهم وزير الخارجية المصري الأسبق محمد العرابي، ووزير الإعلام اليمني الأسبق محمد القباطي، ورئيس منتدى الأئمة في فرنسا حسن شلغومي، ورئيس المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية الدكتور العجيلي بريني.. والعديد من الشخصيات السياسية والإعلامية.
البحرين: عرض تسجيلات توثق دعم قطر للإرهاب
المنتدى الذي انعقد في يوم واحد، توزع على ثلاث جلسات، تناول في جلسته الأولى التهديدات القطرية لمملكة البحرين، مستحضرًا شواهد الماضي وممارسات الحاضر.
واستهدفت الجلسة إلقاء الضوء على تاريخ الممارسات القطرية ضد مملكة البحرين؛ من خلال الاستيلاء على أراض بحرينية ورفض التفاهمات الخليجية والدولية حولها، وتعطيل حل إشكاليتها رغبة في كسب أوراق ضغط أو لعب على الصعيد الخليجي، وكان لهذا السلوك ثمن كبير.
كما تناولت الجلسة دعم قطر للإرهاب في البحرين، والذي أثبتته التسجيلات الصوتية الموثقة بين مسؤولين قطريين وجماعات الإرهاب بشقيه السني والشيعي.
وكانت بعض الأصوات القطرية قد حاولت تسبيب هذا الدعم وتسميته على أنه كان في إطار الوساطة وبعلم من السلطات البحرينية. ولكن التسجيلات والاعترافات المتبادلة، أثبتت تلاعباً قطريًا خطيرًا، واستغلالاً للمساعي الخيرية، وتحركات لبذر الفتنة في النسيج البحريني وتأجيج النيران.
وكذلك تناول النقاش ملف تجنيس مواطنين بحرينيين من مكون واحد، تعزيزًا للتفرقة، وتأليبًا لأبناء الوطن الواحد ضد بعضهم البعض.
يوسف البنخليل، رئيس تحرير جريدة “الوطن” البحرينية؛ قال: إن حكومة البحرين دافعت عن نفسها تجاه تجاوزات وأجندة قطر تجاهها. أما الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، فقد اعتبر أن قطر “تحاول إحداث أكبر قدر من الخسائر والأضرار في إطار حدود الدور المرسوم لها”، مؤكدًا أن البحرين “أزاحت الستار عن أدلة جديدة تدين دعم السياسة القطرية لخلايا وجماعات الإرهاب”.
من جهته، قال محمد مبارك جمعة، مدير مركز دراسات البحرين: إن النظام القطري يحاول تشويه السجل الحقوقي والسياسي لمملكة البحرين، وإن النظام القطري يسعى لإثارة الفوضى وتقديم السلاح والمال للمتطرفين، وتسخير وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام لخدمة أجنداتها.
كيف ساهمت قطر في زعزعة الاستقرار؟
الدور القطري في أحداث 2011، كان ذروةً لأعمال ومشاريع قطر، ولم يكن ضربة حظ استغلتها الإمارة، لذلك استعرضت الجلسة الثانية، نماذج وتجارب عربية للتورط القطري في زعزعة الاستقرار بهدف إسقاط النظم السياسية الشرعية والمؤسسات الوطنية، بما يؤكد أن قطر تتبنى مشروعًا تخريبيًا ضد الأمة ككل، له هدف وتمويل وآليات غير مشروعة. وهنا جاءت شهادات المسؤولين ونواب برلمانات ومفكرين ومحللين من دول عربية، ليقدموا شهادات حية على هذا التورط.
في ليبيا التي أصرت قطر على زعيمها الراحل معمر القذافي إدماج الإسلاميين في سلطتها، وبعد سقوط القذافي تجنّد أتباع قطر للحفاظ على الفوضى وتقاسم غنائم غياب السلطة، وتفرّق الشعب.
أما في اليمن فقد دعمت قطر المتمردين منذ عهد الرئيس علي صالح، وتصالحت مع الإصلاح وبذرت أجندتها. وصولا إلى مصر التي تعمل قنوات قطر الإعلامية على منع أيّ بادرة للاستقرار فيها، وتتحول إلى آلة دعائية مكشوفة للإخوان المسلمين، وللجماعات المتطرفة في سيناء. إلى تونس التي لا تزال قطر تحاول سرقة ثورتها عبر تكتلات معروفة وشخصيات مهزوزة.
في هذا الصدد يقول السفير محمد العرابي: إن أيادي قطر متورطة في العديد من التدخلات في المنطقة، سواء عن طريق تمويل الإرهابيين أو بتزويدهم بالمعدات والسلاح.
أما رئيس المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، العجيلي بريني؛ فبين أن أكثر من (40) ألف قتيل في ليبيا، و(30) ألف أسير، وذلك بسبب التدخل القطري السافر. معتبرًا أن الدوحة “تسعى لزعزعة المنطقة العربية للسيطرة على مواردها النفطية”، حيث تم “استخدام المال القطري الفاسد لتدمير استقرار الدول العربية”.
سيناريوهات أمن الخليج
الجلسة الثالثة، خصصت للحديث عن أمن الخليج والسيناريوهات المستقبلية للسياسة القطرية العدائية. ساعية إلى الإجابة عن المسارات التي يتوقع أن تؤول إليها السياسة القطرية خلال الفترة المقبلة، وكذلك خيارات الدول الداعية لمكافحة الإرهاب تجاه تلك السياسة، وأساليب مواجهتها.
خلاصة
تأتي هذه المؤتمرات بغرض التفاكر ومحاولة رسم صورة تمهد للخروج بالمنطقة من أزمة التهديد الأمني الذي تمثله الدوحة، بتصرفاتها المتهورة، ورعايتها للإرهاب، وطموحاتها الكبيرة.
من المهم استمرار تدفق المؤتمرات التي تحاول تفسير ظاهرة “التشوه” الذي أحدثه نظام قطر. وتحديد مستوى التهديد الذي يجلبه، والآثار الاجتماعية المستقبلية له.