جوزيف براودي* تلقى الرئيس الأميركي باراك أوباما درسا مهماً الأسبوع الماضي، كان المعلم فيه هو الرئيس المصري حسني مبارك. ففي الوقت الذي تعاظمت فيه الاحتجاجات والمظاهرات في ميدان التحرير في القاهرة وعدد من المدن المصرية، أخذت تقارير وسائل الاعلام الغربية، مدعومة بضغوط صانعي القرار والمحللين السياسيين بالدفع نحو احتمالية سقوط مبارك بسرعة، وبروز قيادة انتقالية يمثلها محمد البرادعي، إضافة إلى حزمة من الاحتمالات الأخرى.
بطريقة تدل على هذا الشعور المتصاعد ، ظهرالرئيس الأمريكي باراك أوباما على شاشة التلفزيون الوطني، ودعا إلى ضرورة انتقال سلمي في مصر ينبغي أن يبدأ على الفور. وعلى الرغم من كلماته الغامضة والمبهمة ، فقد فسرت على نطاق واسع في واشنطن والقاهرة، على أنها دعوة للرئيس مبارك إلى التنحي وتقديم تنازله. وقد ألقى الريئس المصري خطابه الثاني الذي أكد فيه على أنه لم يكن ينوي الترشح لولاية أخرى، وأن من الضروري لاستقرار مصر أن يستكمل فترة ولايته الحالية مع وعد منه بعدم الترشح في الانتخابات القادمة ، وقد نظر الساسة الغربيون إلى هذا الاقتراح على أنه عجرفة وتكبر من قبل الرئيس المصري.لكن وكما قال مبارك في مقابلته مع كريستيان أمامبور فإن الأميركيين لا يفهمون الثقافة المصرية. وقد تصاعدت مطالب المحتجين في القاهرة حداً وصفها بعض المراقبين بأنها خارج نطاق العقل. وكانت هناك مطالبات بمحاكمة حسني مبارك بتهمة ارتكاب جرائم حرب، على الرغم من أن مبارك لم يحارب منذ أكتوبر في 1973. إضافة إلى دعوات لاعدام مبارك على الفور. وفي الوقت نفسه اتسمت تحركات ومطالب مئات الألوف من المتظاهرين الشباب بعدم القدرة على توحيد الجهود واختيار قيادة سياسية يقع التوافق حولها. لم يتقبل المتظاهرون الحائز على جائزة نوبل محمد البرادعي كزعيم انتقالي. وبعبارة أخرى كشف المتظاهرون عن حقيقة خطورة تخلي مبارك عن السلطة في مثل هذه الظروف. الرئيس مبارك على النقيض من أوباما أثبت لنفسه أنه أكثر من مجرد زعيم متغطرس، فقد أظهر النضج السياسي مقترحاً حلولا للأزمة من شأنها أن تحافظ على استقرار مصر، التي خدمها لأكثر من ستة عقود قبل أن يولد معظم المتظاهرين بفترة بسنوات طويلة. ويبدو أن الرئيس أوباما بعد أسبوع واحد من تصريحاته قد تراجع عن مواقفه الأولية، ووافق على التعاون مع مبارك حول انتقال سياسي تدريجي. * صحفي أمريكي