أصدر مركز “المزماة للدراسات والبحوث” في دبي، “الموسوعة الدولية للإخوان المسلمين”، في نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، بمشاركة نخبة من الباحثين والأكاديميين العرب. ويعد هذا العمل المرجعي مشروعا توثيقياً كبيرا، حيث تجاوز عدد صفحاته (1500) صفحة.
في مقدمة الموسوعة، أوضح مُؤسس ورئيس مركز “المزماة”: د. سالم حميد، أن الهدف منها هو تكوين مرجع أساسي لتاريخ جماعة “الإخوان” على المستوى العالمي، بامتداداتها وفروعها الدولية، من خلال تقديم أرضية معرفية وتاريخية شاملة حول أبرز حركات الإسلام السياسي المعاصر؛ وهذا ما تطلب الإحاطة بمنطلقات حركة “الإخوان” ورموزها، وأساليبها. حيث ركزت الموسوعة في هذا السياق على تجربة “الإخوان المسلمين” في منطقة الخليج والشام وأفريقيا وآسيا الوسطى.
د. حميد أوضح أنَ الاهتمام بهذا العمل جاء نظراً لصعود التطرف والتطرف المضاد؛ وتصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا في العالم، التي صارت جزءًا من الحملات الانتخابية والاستقطابات الحادة، خاصةً في الأحزاب والمجتمعات الغربية. إذ أصبح العالم العربي والإسلامي تبعاً لهذه التحديات في موقع المتهم والضحية في الآن ذاته؛ حيث بات متهماً باعتباره منبع الإسلاموية العنيفة بكل جماعاتها ومنظماتها. وفي الوقت نفسه هناك الغالبية العظمى في العالم العربي والإسلامي التي لا تؤيد هذه الجماعات المتطرفة؛ وهو ما جعل الموسوعة تهتم بدراسة تجربة “الإخوان المسلمين” في أوروبا.
الموسوعة تناولت أيضا أبرز المحطات في التاريخ السياسي للجماعة، دون أن تهمل مُجمل الحركات السياسية العربية، سواء كانت قومية أو دينية أو يسارية، حتى لا يكون تيار الإسلام السياسي مسؤولاً بمفرده عن شيوع الراديكالية والشعبوية السائدة في العالم العربي، وذلك بحسب ما أشارت إليه المقدمة.
تناولت الموسوعة أيضا تاريخ تأسيس جماعة الإخوان المسلمين، إذ أشارت إلى أنَ مشروع “الإخوان”، انطلق منذ انهيار الدولة العثمانية وخلافتها عام 1924، حيث سعى الحالمون لإحياء الخلافة الإسلامية؛ وبناءً على هذا الأساس ظهرت جماعة “الإخوان المسلمين” عام 1928، وحاولت بناء خطابها بالتركيز على فكرة استعادة الخلافة.
ولكي يكون العمل شاملا وأكثر دقة، امتدت فترة الرصد لحقبة زمنية تقترب من تسعة عقود من تاريخ الإسلام الحركي، ممثلاً بجماعة “الإخوان المسلمين”، كأبرز وأقدم حركات الإسلام السياسي المعاصر. كما ركزت الموسوعة على موضوع تأثير “الإخوان” على الجماعات والتنظيمات الأخرى، التي توزعت ما بين جهادية ودعوية، فيما تناولت أيضا العمل السري للجماعة، وتنظيمها الدولي العابر للحدود، وما يحدثه من اختراقات للمجتمعات العربية والإسلامية.. بالإضافة إلى اقتصاديات الجماعة ومصادر التمويل، والاستثمارات الاقتصادية المغذية لعصب “الجماعة”، سواء من خلال الاستثمار في العقارات، أو الأراضي الزراعية، أو أسواق المال، وجميعها موضوعات كانت محل اهتمام باحثي الموسوعة.
تناولت الموسوعة أيضا تأثيرات “السلفية” على “الإخوان المسلمين”، واستغلال الآخرين لـ”الجماعة” في الصراعات السياسية والعقدية، بدءا من عهد الملكية، ومرورا بمرحلتي الرئيسين جمال عبدالناصر وأنور السادات، وصولا للوقت الحاضر، وعلاقة الولايات المتحدة بـ”الإخوان”، واستخدامها لهم في مراحل مختلفة.