دبي
أصدر مركز المسبار للدراسات والبحوث ثلاثة كتب جديدة: “الخلافة التركية والولاية الإيرانية” للباحث العراقي في التراث الإسلامي رشيد الخيُّون؛ “الإخوان المسلمون وإيران: الخميني الخامنئي” للباحث السوري محمد سيد رصاص؛ و”مسارات التسامح في الإسلام والمسيحية” (مجموعة من الباحثين).
جاء كتاب “الخلافة التركية والولاية الإيرانية” في فصلين أساسيين، تناول فيهما الخيُّون “الحاكميِّة الإلهيِّة” في مجال الإسلام السياسي، التركي والإيراني؛ فعلى هذه العقيدة شيدت الأحزاب الدِّينيِّة وجودها، مع اختلاف الشَّكل والتَّطبيق، أمَّا الجوهر فواحد. يلاحظ صاحب “معتزلة البصرة وبغداد” أن الحاكميَّة التي تحدث بها المودودي، تعني أن الحاكم الفعلي على الحقيقة هو الله، وكلّ هذا ورد في كتابه «الحكومة الإسلاميَّة». أما حاكميَّة الخميني ففيها الله هو الحاكم أيضاً، حسب الدُّستور لـ«تفرده بالحاكمية والتَّشريع، ولزوم التَّسليم لأمره». أثبت الخميني تلك الحاكميَّة في كتاب حمل العنوان نفسه «الحكومة الإسلاميَّة». لكن أين الاختلاف؟! الحاكم في الفكر السُّني السِّياسي مَن ينوب عن الله مباشرة، فالحاكم على الحقيقة هو الله، أي «الحاكم المطلق، وله وحده السُّلطة المطلقة». أما في الفكر الشِّيعي السِّياسي، فالحاكم نائباً للإمام المهدي المنتظر، الحيّ الغائب حسب العقيدة الإماميَّة، فهو نائب الله، والولي الفقيه يقوم مقامه في فترة الغياب. فالنَّتيجة واحدة في الخلافة التُّركيَّة، التي يُراد لأردوغان توليها، والولاية الإيرانيَّة القائمة، مع اختلاف الشّكل والوسيلة.
في كتاب “الإخوان المسلمون وإيران: الخميني الخامنئي” (الطبعة الثانية) يحاول محمد سيد رصاص تحديد المسار الأيديولوجي والسياسي لأكبر كتلتين إسلامويتين، أي حركة الإخوان في مصر، والخمينية في إيران. يصل المؤلف بعد تفكير ومراجعة طويلة استغرقت سنوات عديدة، إلى أن فكرة (الإسلاموي العام)، العابرة لمذهبي السنة والشيعة، هي أبعد من جسرٍ واصل بين البنا والخميني، وأنتجت تلاقيات فكرية ترجمت في السياسة، لتصل هذه الفكرة إلى أن تكون رحماً مولداً لمنظومة فكرية واحدة عندهما، أنتجت رؤية فكرية واحدة للإسلام، ولماضي المسلمين وحاضرهم، وللغرب الأوروبي- الأميركي، وللشيوعية، وبرنامجاً إسلامياً للحل و«الصحوة». هذه المنظومة الفكرية الواحدة عند جماعة الإخوان المسلمين وإيران الخميني- الخامنئي، هي التي قادت إلى هذه الديمومة المديدة زمنياً من التلاقي السياسي بينهما.
يقدم الكتاب الثالث “مسارات التسامح في الإسلام والمسيحية” (مجموعة من الباحثين) سيرة تاريخية وفكرية حول التسامح، متخذًا من العلاقات المسيحية- الإسلامية مثالاً لدراسة التطورات التاريخية والأطر الدينية والنظرية والاجتماعية المرتبطة في هذا المجال الحيوي. يؤسس الحوار الإيجابي بين الأديان، لوعي متصالح مع الآخر، يعزز دراسة فرص التلاقي ويرسخ الوعي بقيمة التعددية الدينية.
ركزت الدراسات على قضايا رئيسة في تاريخ التسامح، فقدمت قراءة جديدة لتمثلات «المسيحية في المصادر الإسلامية»، والخطابات والسياسات المتسامحة في تاريخ الإسلام، بدءاً من الاعتزال وصولاً للفلسفة والتصوّف. ودونت للحضور المسيحي في العصرين الأموي والعباسي وتجربة الحضارة الإسلامية في الأندلس التي يُنظر إليها، تجربة فريدة في مجال العيش والتلاقي، كما اهتمت بـــ «ميلاد السيد المسيح في الأناجيل وسورة مريم» وانعكاس صورته في التصوف الإسلامي، دون أن تغفل عن أهمية المشتركات الاجتماعية والدينية بين المسلمين والمسيحيين في الواقع المعيوش، فركزت على الحالة المصرية.
يأتي هذا الكتاب في سياق الاحتفاء بالإنجازات الراهنة في طريق التعايش، التي توجتها «وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك» التي احتضنتها أبوظبي عام 2019، فانبثقت عنها مجموعة مبادرات تخدم التسامح وتروج لقيمه، أبرزها اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة، 4 فبراير (شباط)، تاريخ توقيع الوثيقة، يوماً دولياً للأخوة الإنسانية.
تتوفر الإصدارات الثلاث الجديدة بمعرض أبوظبي الدولي للكتاب في القاعة (9)، جناح (F35)، ويبدأ المعرض في دورته الثلاثين في 23 مايو (أيار) الجاري حتى 29 منه.